زوربا
04-29-2012, 12:15 AM
محمد قستي - الحجاز
إسقاط المالكي مهمة سعودية ـ قطرية ملحّة، لا تستهدف شخصاً بل تغيير النظام الديمقراطي التوافقي <li السعودية بدون استراتيجية، وتتبنى سياسات ردود افعال تتسم بالإنتقال السريع من تكتيك لآخر
التحليل العقدي طاغ لدى صانع القرار السعودي فصار يدور حول أوهام يعتقد أنها يقينيّات
لازال العراق يسبب صداعاً للرياض.
لازالت الأخيرة تعتقد أنه بالإمكان تغيير النظام السياسي القائم على الديمقراطية التوافقية/ المحاصصة السياسية.
كان أملها أن يأتي علاّوي، فجاءها المالكي، الخشن مع معارضيه شيعة وسنّة وكرداً، حيث يتعالى اليوم صراخ الجميع، والحجة هي: الخوف من عودة الديكتاتورية؛ فيما يستعد المالكي لدورة انتخابية معتمداً على شعبية متصاعدة، وعلى مفهوم بناء الدولة. وكأنّ الدولة العراقية بدأت تغرس نفسها بالقوّة، لتزعج اللاعبين السياسيين المحليين وكذلك الإقليميين وتتوسع على حسابهم، ولتفكّر فيما حولها:
في النفط وزيادة انتاجه، فمخزون العراق يقارب او يزيد عن احتياطي النفط السعودي، بما يثبت ويقوي النظام السياسي القائم، ويتيح له هامشاً للعب دور سياسي في محيطه بعد طول غياب وتغييب. والسعودية تريد أن تكون اللاعب الأبرز في المجال النفطي، ولا تريد من العراق الإستقرار لينافسها في زيادة انتاجه النفطي، إذ تهبط قيمة السعودية غربياً، وهي أيضاً لا تريد أن يبقى النظام السياسي العراقي قوياً. إنها ليست ضد طرف معيّن أو أطرافاً سياسيين محددين، بل هي ضدّ النظام السياسي العراقي برمّته. لهذا، أغرت شركات النفط الغربية تارة، وهددتها تارة أخرى، بأن لا تستثمر في العراق!
والعراق الذي سيستضيف مباحثات 5+1 مع ايران بشأن التفاوض حول ملف الأخيرة النووي، يظهر وكأنه بدأ بالتعافي سياسياً، بما يضيف له بعداً آخر في طور التطور ليأخذ موقعه في الساحة العربية والإقليمية على حساب الدور السعودي المهلهل منذ نحو ثلاثة عقود. وكان العراق قد أبدى استعداده للعب دور في سوريا، واستضاف القمة العربية الشهر الماضي، ما أكسبه بعداً سياسياً لأول مرة منذ غزو صدام للكويت عام 1990.
أما السعودية فترى استمرار تغييب العراق سياسياً، وإشغاله بمشاكله الداخلية، ومحاصرته سياسياً بالعزف على الوتر الطائفي، وإثارة الفتنة بين مكوناته، وتأجيج الخلاف بين قياداته السياسية الكردية والسنيّة والشيعية. لهذا لم تقبل الرياض نصيحة الحليف الأميركي باجتذاب العراق اليها، حتى لا يذهب في علاقاته بعيداً باتجاه إيران، ولم تقبل بإعادة العلاقات الدبلوماسية التي يتوق لها العراق، فهي والدوحة آخر الدول التي لم تتمثل في بغداد. ما يجعل البعض يقول: من يحاصر من؟ ويدفع بالعراقيين الى السؤال: ما حاجتنا للسعودية، ونحن بلد نفطي، ولدينا من القوى البشرية ما يجعلنا في غنى عن الآخرين؟
الرياض لم ترد أن تنعقد القمة العربية في بغداد، استمراراً لنهجها السياسي، وشنّ إعلامها هجوماً عليها، بل ان كتاب السعودية طالبوا بنقل التمثيل الى عاصمة عربية أخرى. الدول العربية الأخرى لها مصالح في بغداد، خاصة مصر والأردن وغيرهما، وبالتالي لم يكن بإمكان السعودية فتح معركة سياسية جديدة تكون فيها خاسرة. اضطرت السعودية على مضض وقبل شهر من انعقاد القمة الى تعيين (ربع سفير) لها في بغداد، بحيث يقوم سفيرها في الأردن بمتابعة شؤون سفارة السعودية في بغداد دون ان يقيم فيها؛ وكأن الأخيرة مجرد بلد تافه ملحق بالأردن!
لم يبد العراقيون تأففهم، رغم ضرب السعودية على وتر الكرامة العراقية، فعينهم كانت على إنجاح القمة العربية (المقصود النجاح المعتاد: بيان مشترك لا يغني ولا يسمن من جوع)! وقد مارست السعودية دورها في الهبوط بمستوى القمة الى حدّ غير مسبوق في تاريخ القمم العربية. إنها أدنى من اجتماع وزراء خارجية العرب، والسعودية ارسلت ممثلها في الجامعة ليمثلها، أي موظف من المستوى الرابع او الخامس! لا الملك جاء، ولا ولي عهده، ولا وزير الدفاع، ولا وزير الخارجية، ولا سفير له قيمة! الرياض أرادت القول للعراقيين: هذا مستواكم! وهذا هو قدركم لدينا! مع أن الحديث عن (قمّة) أي عن رؤساء وملوك دول!
الفوقية والإستعلاء يظهران في السياسة الخارجية السعودية سواء في الموضوع العراقي أو غيره؛ وهذا واحد من مقاتل السياسة السعودية. إنها تتعامل مع الاخرين وكأنها إلهاً للعرب! وهي في حقيقتها مجرد أداة في السياسة الأميركية في توجهاتها الكبرى! وتجد نفسها وحيدة بين الدول الكبيرة خاصة بعد خسارتها مصر، وعدائها للعراق، وحربها لسوريا، وبرودة علاقتها مع الجزائر، وسوء علاقتها مع السودان؟ ما يطرح التساؤل: ماذا بقي للسعودية في المحيط العربي؟!
السعودية لم تقبل الجعفري حتى تقبل المالكي؛ ولم تقبل علاّوي يوم كان رئيساً للوزراء حتى تدافع عنه اليوم؛ ولم تدافع عن الأكراد وقادتهم حين كانوا بحاجة الى السعودية بعد مجزرة حلبجة وغيرها، لتتودد اليهم اليوم مجاناً؛ ولا كانت السعودية تحترم الهاشمي والمكون السنّي بالأمس حتى تدافع عنه اليوم، وإنما هي تحاول استخدامه لإسقاط التجربة العراقية برمّتها، لا إصلاحها ولا مساعدة مكونات شعبها، وهي التي ساهمت في حصار العراق لسنوات طويلة، وفتحت قواعدها لشنّ حرب الإحتلال الأميركي عليه.
(قضي الأمر الذي فيه تستفيان)!
لا تريد السعودية أن تصدّق أن الزمن تغيّر ورهاناتها فشلت، بما فيها رهان الحرب الأهلية على قاعدة مذهبية سنيّة شيعية. استضافة الهاشمي مؤخراً، وإخراج نائب الرئيس العراقي السابق عزّة الدوري، من مكان تحنيطه في الرياض ليدلي ببيان لا ينتمي الى الواقع من على شاشات التلفاز، يؤكد أن السعودية المتوترة جداً جداً، كما هو واضح في تصرفات سعود الفيصل، قد بلغت قعر التدنّي في سياستها الخارجية، وهو قعرٌ لم تصل اليه دولة أخرى من قبل، كانت ترى نفسها في الثريا، وإذا بها تحطّ من علّ!
ماذا تريد السعودية اليوم من العراق؟
يتلخص جهد السعودية في: إسقاط رئيس الوزراء نوري المالكي! ولا يهمها البديل. الرياض لا تبحث عن بديل لشخص، بل لنظام حكم ترى من حقها إزالته من الوجود!
في 5 ابريل كتبت صحيفة لبنانية (الأخبار) في مقال حمل عنوان: (تحالف عراقي إقليمي لإسقاط المالكي) التالي: (يستعيد العراق هذه الأيام أجواء ما بعد انتخابات عام 2010، من حيث تكتل أطراف عراقية وإقليمية، تتقدمها السعودية وقطر، لإسقاط نوري المالكي، لغايات متعددة، بينها استنتاج خليجي بأن الطريق إلى دمشق تمر ببغداد، في ظل معلومات عن اعتماد تكتيك: الضغط بالأمن لانتزاع مكاسب بالسياسة، مع ما يعنيه ذلك من مخاوف من حمامات دم في بلاد الرافدين).
ونقلت الصحيفة معلومات أمنية عن أوساط المالكي تفيد بأن (جهات سعودية وقطرية، وبدعم من أطراف داخلية، تستعد لشن موجة من الهجمات والتفجيرات، في محاولة للضغط أمنياً على رئيس الوزراء لانتزاع تنازلات سياسية منه، عبر تعزيز وضع الأطراف المناوئة له في الحكم). وأضافت بأن (جهاز أمن رئاسة الوزراء اعتقل قبل القمة العربية، مجموعة من الخلايا وصادر كميات كبيرة من الأسلحة المتطورة، بينها صواريخ حديثة، كانت تستعد لاستهداف القمة وتنفيذ ما يطلب منها بعدها) و(الغاية كلها مما يجري هي العمل على إعادة العراق إلى حظيرة السعودية، وهو ما لن يحصل. يراهنون على إسقاط المالكي، معتقدين أن خليفته سيدفع البلد شيئاً فشيئاً نحن المحور السعودي القطري).
وكما رهانات سعودية ـ قطرية عديدة، فإن رهان إسقاط المالكي الذي يجري الحديث عنه بشكل علني، الى حد أن يظهر غير متوارٍ في بيان رسمي سعودي أثناء استقبال الهاشمي، سيساعد المالكي كثيراً في الحصول على أصوات تمكنه من ولاية ثالثة! فالشعور العام المعادي للسعودية وقطر في العراق كبير جداً وبين مختلف الأطياف السياسية السنيّة والشيعية. والسبب أن الرأي العام يعتقد جازماً ـ وهو صحيح ـ أن الفتنة الطائفية والحرب الداخلية كانت السعودية وقطر وراء صناعة معظمها، عبر التحريض الإعلامي (قناة الجزيرة بالذات)، وعبر السياسة، وعبر دعم القاعدة، وعبر تخريب التوافقات السياسية.
عبثاً ثني السعودية أو حتى إلفات نظرها الى خيارات أخرى أكثر عقلانية وفي صالحها. فالذي يسيطر على العقل السعودي، هو التصنيف الأيديولوجي، والتحليل للأوضاع قائم على المعتقدات، لا على الممارسات السياسية. هذا ما يجعل السعودية بدون استراتيجية في العراق، ويدفع بها الى تبني سياسات ردود افعال تتسم بالنشاط اليومي، والإنتقال من تكتيك لآخر، وهي في حالة دوران حول أوهام، يعتقد صانعو السياسة في الرياض أنها حقائق تصل الى حدّ اليقين!
إسقاط المالكي مهمة سعودية ـ قطرية ملحّة، لا تستهدف شخصاً بل تغيير النظام الديمقراطي التوافقي <li السعودية بدون استراتيجية، وتتبنى سياسات ردود افعال تتسم بالإنتقال السريع من تكتيك لآخر
التحليل العقدي طاغ لدى صانع القرار السعودي فصار يدور حول أوهام يعتقد أنها يقينيّات
لازال العراق يسبب صداعاً للرياض.
لازالت الأخيرة تعتقد أنه بالإمكان تغيير النظام السياسي القائم على الديمقراطية التوافقية/ المحاصصة السياسية.
كان أملها أن يأتي علاّوي، فجاءها المالكي، الخشن مع معارضيه شيعة وسنّة وكرداً، حيث يتعالى اليوم صراخ الجميع، والحجة هي: الخوف من عودة الديكتاتورية؛ فيما يستعد المالكي لدورة انتخابية معتمداً على شعبية متصاعدة، وعلى مفهوم بناء الدولة. وكأنّ الدولة العراقية بدأت تغرس نفسها بالقوّة، لتزعج اللاعبين السياسيين المحليين وكذلك الإقليميين وتتوسع على حسابهم، ولتفكّر فيما حولها:
في النفط وزيادة انتاجه، فمخزون العراق يقارب او يزيد عن احتياطي النفط السعودي، بما يثبت ويقوي النظام السياسي القائم، ويتيح له هامشاً للعب دور سياسي في محيطه بعد طول غياب وتغييب. والسعودية تريد أن تكون اللاعب الأبرز في المجال النفطي، ولا تريد من العراق الإستقرار لينافسها في زيادة انتاجه النفطي، إذ تهبط قيمة السعودية غربياً، وهي أيضاً لا تريد أن يبقى النظام السياسي العراقي قوياً. إنها ليست ضد طرف معيّن أو أطرافاً سياسيين محددين، بل هي ضدّ النظام السياسي العراقي برمّته. لهذا، أغرت شركات النفط الغربية تارة، وهددتها تارة أخرى، بأن لا تستثمر في العراق!
والعراق الذي سيستضيف مباحثات 5+1 مع ايران بشأن التفاوض حول ملف الأخيرة النووي، يظهر وكأنه بدأ بالتعافي سياسياً، بما يضيف له بعداً آخر في طور التطور ليأخذ موقعه في الساحة العربية والإقليمية على حساب الدور السعودي المهلهل منذ نحو ثلاثة عقود. وكان العراق قد أبدى استعداده للعب دور في سوريا، واستضاف القمة العربية الشهر الماضي، ما أكسبه بعداً سياسياً لأول مرة منذ غزو صدام للكويت عام 1990.
أما السعودية فترى استمرار تغييب العراق سياسياً، وإشغاله بمشاكله الداخلية، ومحاصرته سياسياً بالعزف على الوتر الطائفي، وإثارة الفتنة بين مكوناته، وتأجيج الخلاف بين قياداته السياسية الكردية والسنيّة والشيعية. لهذا لم تقبل الرياض نصيحة الحليف الأميركي باجتذاب العراق اليها، حتى لا يذهب في علاقاته بعيداً باتجاه إيران، ولم تقبل بإعادة العلاقات الدبلوماسية التي يتوق لها العراق، فهي والدوحة آخر الدول التي لم تتمثل في بغداد. ما يجعل البعض يقول: من يحاصر من؟ ويدفع بالعراقيين الى السؤال: ما حاجتنا للسعودية، ونحن بلد نفطي، ولدينا من القوى البشرية ما يجعلنا في غنى عن الآخرين؟
الرياض لم ترد أن تنعقد القمة العربية في بغداد، استمراراً لنهجها السياسي، وشنّ إعلامها هجوماً عليها، بل ان كتاب السعودية طالبوا بنقل التمثيل الى عاصمة عربية أخرى. الدول العربية الأخرى لها مصالح في بغداد، خاصة مصر والأردن وغيرهما، وبالتالي لم يكن بإمكان السعودية فتح معركة سياسية جديدة تكون فيها خاسرة. اضطرت السعودية على مضض وقبل شهر من انعقاد القمة الى تعيين (ربع سفير) لها في بغداد، بحيث يقوم سفيرها في الأردن بمتابعة شؤون سفارة السعودية في بغداد دون ان يقيم فيها؛ وكأن الأخيرة مجرد بلد تافه ملحق بالأردن!
لم يبد العراقيون تأففهم، رغم ضرب السعودية على وتر الكرامة العراقية، فعينهم كانت على إنجاح القمة العربية (المقصود النجاح المعتاد: بيان مشترك لا يغني ولا يسمن من جوع)! وقد مارست السعودية دورها في الهبوط بمستوى القمة الى حدّ غير مسبوق في تاريخ القمم العربية. إنها أدنى من اجتماع وزراء خارجية العرب، والسعودية ارسلت ممثلها في الجامعة ليمثلها، أي موظف من المستوى الرابع او الخامس! لا الملك جاء، ولا ولي عهده، ولا وزير الدفاع، ولا وزير الخارجية، ولا سفير له قيمة! الرياض أرادت القول للعراقيين: هذا مستواكم! وهذا هو قدركم لدينا! مع أن الحديث عن (قمّة) أي عن رؤساء وملوك دول!
الفوقية والإستعلاء يظهران في السياسة الخارجية السعودية سواء في الموضوع العراقي أو غيره؛ وهذا واحد من مقاتل السياسة السعودية. إنها تتعامل مع الاخرين وكأنها إلهاً للعرب! وهي في حقيقتها مجرد أداة في السياسة الأميركية في توجهاتها الكبرى! وتجد نفسها وحيدة بين الدول الكبيرة خاصة بعد خسارتها مصر، وعدائها للعراق، وحربها لسوريا، وبرودة علاقتها مع الجزائر، وسوء علاقتها مع السودان؟ ما يطرح التساؤل: ماذا بقي للسعودية في المحيط العربي؟!
السعودية لم تقبل الجعفري حتى تقبل المالكي؛ ولم تقبل علاّوي يوم كان رئيساً للوزراء حتى تدافع عنه اليوم؛ ولم تدافع عن الأكراد وقادتهم حين كانوا بحاجة الى السعودية بعد مجزرة حلبجة وغيرها، لتتودد اليهم اليوم مجاناً؛ ولا كانت السعودية تحترم الهاشمي والمكون السنّي بالأمس حتى تدافع عنه اليوم، وإنما هي تحاول استخدامه لإسقاط التجربة العراقية برمّتها، لا إصلاحها ولا مساعدة مكونات شعبها، وهي التي ساهمت في حصار العراق لسنوات طويلة، وفتحت قواعدها لشنّ حرب الإحتلال الأميركي عليه.
(قضي الأمر الذي فيه تستفيان)!
لا تريد السعودية أن تصدّق أن الزمن تغيّر ورهاناتها فشلت، بما فيها رهان الحرب الأهلية على قاعدة مذهبية سنيّة شيعية. استضافة الهاشمي مؤخراً، وإخراج نائب الرئيس العراقي السابق عزّة الدوري، من مكان تحنيطه في الرياض ليدلي ببيان لا ينتمي الى الواقع من على شاشات التلفاز، يؤكد أن السعودية المتوترة جداً جداً، كما هو واضح في تصرفات سعود الفيصل، قد بلغت قعر التدنّي في سياستها الخارجية، وهو قعرٌ لم تصل اليه دولة أخرى من قبل، كانت ترى نفسها في الثريا، وإذا بها تحطّ من علّ!
ماذا تريد السعودية اليوم من العراق؟
يتلخص جهد السعودية في: إسقاط رئيس الوزراء نوري المالكي! ولا يهمها البديل. الرياض لا تبحث عن بديل لشخص، بل لنظام حكم ترى من حقها إزالته من الوجود!
في 5 ابريل كتبت صحيفة لبنانية (الأخبار) في مقال حمل عنوان: (تحالف عراقي إقليمي لإسقاط المالكي) التالي: (يستعيد العراق هذه الأيام أجواء ما بعد انتخابات عام 2010، من حيث تكتل أطراف عراقية وإقليمية، تتقدمها السعودية وقطر، لإسقاط نوري المالكي، لغايات متعددة، بينها استنتاج خليجي بأن الطريق إلى دمشق تمر ببغداد، في ظل معلومات عن اعتماد تكتيك: الضغط بالأمن لانتزاع مكاسب بالسياسة، مع ما يعنيه ذلك من مخاوف من حمامات دم في بلاد الرافدين).
ونقلت الصحيفة معلومات أمنية عن أوساط المالكي تفيد بأن (جهات سعودية وقطرية، وبدعم من أطراف داخلية، تستعد لشن موجة من الهجمات والتفجيرات، في محاولة للضغط أمنياً على رئيس الوزراء لانتزاع تنازلات سياسية منه، عبر تعزيز وضع الأطراف المناوئة له في الحكم). وأضافت بأن (جهاز أمن رئاسة الوزراء اعتقل قبل القمة العربية، مجموعة من الخلايا وصادر كميات كبيرة من الأسلحة المتطورة، بينها صواريخ حديثة، كانت تستعد لاستهداف القمة وتنفيذ ما يطلب منها بعدها) و(الغاية كلها مما يجري هي العمل على إعادة العراق إلى حظيرة السعودية، وهو ما لن يحصل. يراهنون على إسقاط المالكي، معتقدين أن خليفته سيدفع البلد شيئاً فشيئاً نحن المحور السعودي القطري).
وكما رهانات سعودية ـ قطرية عديدة، فإن رهان إسقاط المالكي الذي يجري الحديث عنه بشكل علني، الى حد أن يظهر غير متوارٍ في بيان رسمي سعودي أثناء استقبال الهاشمي، سيساعد المالكي كثيراً في الحصول على أصوات تمكنه من ولاية ثالثة! فالشعور العام المعادي للسعودية وقطر في العراق كبير جداً وبين مختلف الأطياف السياسية السنيّة والشيعية. والسبب أن الرأي العام يعتقد جازماً ـ وهو صحيح ـ أن الفتنة الطائفية والحرب الداخلية كانت السعودية وقطر وراء صناعة معظمها، عبر التحريض الإعلامي (قناة الجزيرة بالذات)، وعبر السياسة، وعبر دعم القاعدة، وعبر تخريب التوافقات السياسية.
عبثاً ثني السعودية أو حتى إلفات نظرها الى خيارات أخرى أكثر عقلانية وفي صالحها. فالذي يسيطر على العقل السعودي، هو التصنيف الأيديولوجي، والتحليل للأوضاع قائم على المعتقدات، لا على الممارسات السياسية. هذا ما يجعل السعودية بدون استراتيجية في العراق، ويدفع بها الى تبني سياسات ردود افعال تتسم بالنشاط اليومي، والإنتقال من تكتيك لآخر، وهي في حالة دوران حول أوهام، يعتقد صانعو السياسة في الرياض أنها حقائق تصل الى حدّ اليقين!