مقاتل
04-23-2012, 01:18 AM
ظاهرة خطيرة تجتاح عالم المحاماة.. وتلغي مبدأ الإنسانية والحق والرحمة والعدالة
http://168.187.3.44:82//sites/default/files/imagecache/original_image/article/original/2012/04/22/46953.jpg (http://168.187.3.44/sites/default/files/article/original/2012/04/22/46953.jpg)
جمعية المحامين الكويتية
مبارك العبدالله - القبس
حين يقع المواطن ضحية نصب غيره من المواطنين، يلجأ مباشرة الى محام ليرفع له قضية لاسترداد حقه.. ولكن ماذا يفعل المواطن اذا كان الذي نصب عليه هو المحامي الذي وكّله ليرد له حقه بعدما وثق به؟!
فقد برزت على السطح اخيرا ظاهرة خطرة راحت تجتاح عالم المحاماة في البلاد، وتلغي مبدأ الانسانية فيه، تتمثل في قيام بعض المحامين ببيع موكليهم لخصومهم، عبر اتفاق محامي طرف مع دفاع خصمه وهو الطرف الآخر في القضية، على بيع احدهما للآخر، ثم اقناع المواطن بأن قضيته «خسرانة»، وهو في الحقيقة اتفق مع دفاع خصمه على انهاء القضية لمصلحته بمقابل مادي طبعا.
المواطنون الذين وقعوا ضحايا لدفاعهم يشتكون من ان جمعية المحامين دائما ما تحفظ شكاواهم التي يصعب اثباتها، وبالتالي فهم لا يعرفون الى اي جهة يشتكون.
تقوم مهنة المحاماة على مبدأة الإنسانية بالدرجة الأولى، وبعد ذلك تأتي مسألة الأتعاب التي يتم التحصل عليها مقابل الدفاع عن المتهمين، وهو الأمر المدرج ضمن ميثاق مهنة المحاماة.
إلا أن الوضع الذي تجده من قبل بعض الموكلين يختلف تماما، ويجعلك تشعر وكأن المعادلات انقلبت، فهم يشتكون ظلم وجور بعض محاميهم، ابتداءا من التقصير والإهمال في حضور جلسات المحاكمة، وتكليف محامين متدربين للقيام بتلك الأعمال، إضافة إلى الأتعاب الباهظة التي لا تسترد حتى لو انتهت القضية بالصلح إلا نادرا، انتهاء بالظاهرة الجديدة التي كشفها عدد من الموكلين والتي تكون من خلال الاتفاق مع دفاع الخصم على إنهاء القضية لمصلحة طرف معين وإيهام الطرف الآخر بأن القضية غير مجدية في حال وصولها للمحاكم.
ويؤكد بعض الموكلين «المهمومين» الذين تجدهم في المحاكم في حال بؤس، لا يعلمون الجادة التي تدل على طريق شكواهم من التقصير في أعمالهم، أن المؤسف هو عدم إيجادهم حلا أو إجابة لشكواهم، فهم لم يثقوا حتى بجمعية «المحامين» لأنهم لم يسمعوا أن هناك محاميا تم فصله بسبب شكوى تقدمت ضده!
قد تكون هناك مشاكل وهموم يبوح بها بعض المتخاصمين من بعض المحامين.. إلا أن مصادر قانونية أكدت أن للمحامين أيضا هموما، لكن لا أحد يسمعها، مؤكدة في الوقت نفسه أن هناك عددا كبيرا من الموكلين لا يقوم بسداد ما يتبقى عليه من مستحقات مالية للمحامي في حال حصل على حكم نهائي بالبراءة، أو في حال أنه خسر القضية، لذلك يلجأ المحامي إلى ترك أعماله ويطارد هذا الموكل في المحاكم، حتى يحصل على حقه، مشيرة إلى أن المماطلة تعتبر مرهقة ومكلفة للمحامين.
وأرجع الموكلون الغاضبون من بعض المحامين الى أنهم يعرفون تماما أن مهنة المحاماة إنسانية وهدفها النجدة والمساعدة، وشعارها الحق والرحمة والعدالة، ومبادئها سيادة القانون والمحافظة على كرامة الإنسان وحريته، مشيرين إلى أنهم عندما لجأوا إلى المحامين في بادئ توكيلهم للقضايا وجدوا تعهدات بالحضور للجلسات والاهتمام بالقضية، لكنه بعد مرور قضاياهم بدرجات تقاض معينة، وجدوا أمرا مغايرا عن تلك التعهدات.
أحد المتقاضين يشرح قصته قائلا «تم قتل شقيقي من قبل مجموعة أشخاص، وحتى الآن لم أوكل محاميا للدفاع عنه، بالرغم من أن القضية تعتبر سهلة نوعا ما وكل الشواهد تدل على القاتل وتثبت ما قام به بالأدلة القاطعة.
ويضيف قائلا «سبب هذا التأخر في توكيل محام، نظرا لما أسمع به من أن هناك اتفاقات تتم بين المحامين في قضايا الخصوم، وأنا خائف جدا من أن يحاك أمر ضد قضيتنا الواضحة بالجرم، ولهذا فأنا أتريث لتوكيل محام حتى أسأل عنه وعن سجله التاريخي في القضايا، وأنا أعرف تماما أن هذا الأمر صعب، لكن شواهد القصص التي اطلعت عليها أوصلتني لهذه الحال.
حساسية الموضوع
اعتبر بعض المحامين الذين طرحنا عليهم هذا الموضوع أنه موضوع حساس ويسبب لهم إحراجا، لذلك فهم يمتنعون عن التصريح بأسمائهم، لأنه سيخلق نوعا من الاحتقان مع بعض زملائهم، وأكدوا لـ القبس : نعم هناك ظاهرة جديدة، وكنا نسمع عنها نحن «المحامين» لكن لم نكن نصدقها، إلا أن الحديث عنها زاد بشكل كبير، وأصبحنا نعرف أسماء المحامين الذين يقومون ببيع موكليهم.
وشرح أحد المحامين ظاهرة بيع الموكلين قائلا «على سبيل المثال قام أحد المحامين الذي اشتهر بهذه الظاهرة الخطيرة على خصم في قضية موكله، وأبلغه أنه لا يعرفه، ولكنه يعرض عليه حل القضية وديا مع خصمه وذلك لمصلحته، وبعد ذلك يحضر الخصم إلى مكتب هذا المحامي ليتفق معه على مبلغ معين ليتم التنازل عنه أو القيام بالصلح دون علم موكله بما يقوم به».
واضاف المحامي قائلا «المشكلة أن هذا المحامي يقوم بهذه الإجراءات دون علم الموكل بما يقوم به، فبعض الموكلين يكتشفون ذلك من خلال إبلاغهم من الغير، لكنهم أيضا لا يجدون حلا لهذه المشكلة، ولا يعرفون إلى أين يلجأون، فهم ليس لديهم الوثائق التي تثبت جريمة الغدر بهم من محاميهم».
محاكمة محام
وقال محام آخر يروي قصة لزميل له بالمهنة سمع بقضيته من خلال مرورها بأروقة المحاكم، والتي تتلخص في أن أحد الموكلين قام برفع قضية من خلال هذا المحامي للمطالبة بمبلغ 10 ملايين دينار من شركة أخرى، إلا أن المحامي وبلا علم هذا الموكل قام بالتعامل مع الشركة، وأبلغهم بأنه المخول بالتوقيع وبعمل عقد صلح وتنازل بالقضية، بشرط أن يتم إعطاؤه مبلغ مليون واحد فقط ليعطيها إلى الموكل، وبذلك الشرط تم الاتفاق وإنهاء القضية.
وتابع قائلا « إلا أن الموكل فوجئ بإنهاء القضية، وبأن المحامي لم يبلغه ولم يعطه حتى مبلغ المليون الذي تم الإتفاق عليه والصلح من خلاله، مما حدا به لرفع قضية ضده، وتمت إدانته من قبل المحكمة، إلا أن المحامي في نهاية الأمر خضع للحق وقام بدفع مبلغ المليون لموكله، وتم رفع قضية أخرى من جديد من قبل هذا الموكل للمطالبة بحقوقه من الشركة، أما المحامي فتم تسجيل قضية «خيانة أمانة» بحقه وتم تحويله للمجلس التأديبي الذي أصدر عليه حكم إدانة، ولم يتم التنازل إلا بعدما دفع المبالغ المستحقة.
وفي السياق نفسه يروي محام آخر قصة لإحدى الموكلات التي لجأت إلى محام للدفاع عنها وأخذ حقوقها وميراثها من باقي أشقائها، مضيفا: بعد هذه القضية تم بناء علاقة عاطفية ومن ثم تمخضت هذه العلاقة عن الزواج الشريف، إلا أن هذه الموكلة التي أصبحت زوجة أقامت دعوى قضائية ضد زوجها بعدما اكتشفت أنه قام بالتلاعب في قضاياها، وذهب للمطالبة بميراثها دون علمها، وحتى الآن لا تزال قضيتها منظورة أمام المحاكم.
عناء المتقاضين
واشارت مصادر قانونية إلى أن مشاكل الموكلين مع المحامين كثيرة ومتنوعة، لكنه في الوقت نفسه صعبة التعامل، لأنه في حال قيام موكل برفع قضية ضد محام، فإنه سيبذل جهدا كبيرا حتى يتم الحصول على محام آخر يقبل برفع قضية ضد زميل له، ومن المحتمل ألا يجد له محاميا حتى للترافع عنه.
واضافت المصادر «قد لا نلوم المحامين الذين يرفضون قبول مثل هذه الدعاوى وإن كان فيها مظلومية، وأن عملهم يختص بنصرة المظلوم، إلا أن النظرة التي ستتبع قبوله لهذه الدعوى ستكون سلبية جدا، وربما ستصدر بحقه إشاعات كثيرة، لذلك فهو يستغني عن كل ذلك ليريح نفسه من عناء رفع سقف الانتقاد وفضحه بما ليس فيه.
وتابعت المصادر «نحن نعلم أن مهنة المحاماة تقدم عطاءها إلى كل من يطلبه بغض النظر عن لونه أو جنسه أو جنسيته أو دينه، و لا يجوز للمحامي أن يمتنع عن أداء واجبه مهما كانت الظروف إلا ظروف تبرر ذلك القانون، لكن المسألة أصبحت مختلفة في هذه الأيام، وغير صحيح ما يشاع من أن أدعياء مهنة المحاماة أو مخالفي أخلاقها هم أعداد قليلة ويتم رصدهم من قبل جمعية المحامين، لأن بعضهم لاتستطيع أن تمسك عليهم ممسكا.
شكاوى لـ «الحفظ»
وانتقلت القبس بما سمعته من معلومات تفيد عن حفظ %90 من الشكاوى المقدمة إلى جمعية المحامين من قبل الموكلين بسبب الواسطة والمحسوبية إلى رئيس لجنة شكاوى المحامين في جمعية المحامين سابقا المحامي بدر باقر.
وقد أشار باقر إلى أن هذه المعلومة صحيحة %100، لكن في الوقت نفسه يجب أن نوضح أن الذين تم حفظ قضاياهم جاءوا إلى جمعية المحامين ولم يفرقوا بين الخطأ المهني الجسيم، وبين دور جمعية المحامين في التحقيق في هذه الشكاوى.
وأوضح أن دور جمعية المحامين ليس محاكمة المحامين، وإنما التحقق من وجود الأخطاء الجسيمة من عدمها، كذلك فالجمعية ليس لها صلاحية بالقانون في محاكمة المخالفين بالمهنة، فدورها يقتصر على سبيل المثال بإحالة المحامين المخالفين إذا قاموا بتفويت ميعاد للقضية أو عدم عمل إجراء لإستئناف القضية.
واستطرد قائلا «هنا تتم إحالة المحامي لمحكمة التأديب، مشيرا إلى أن قرار إحالته للمحكمة يتم من خلال إحالة لجنة التحقيق بجمعية المحامين قراره إلى مجلس الإدارة بالجمعية، ومن ثم تتم إحالته للنيابة العامة، وبعد ذلك تقرر النيابة إحالته لمحكمة التأديب، مضيفا «نحن مجرد «فلتره» لمعرفة هل هناك خطأ مهني من عدمه، وبالقانون ليس لدينا صلاحية لعمل أي إجراء تأديبي ضد المحامين».
من جهة أخرى أوضحت مصادر قانونية أن هناك تقصيرا من قبل جمعية المحامين في محاربة مخالفات أدعياء المهنة، فعلى سبيل المثال نحن نعلم تماما أن التزام المحامي المهني هو التزام ببذل الجهد اللازم في عمله، ولا يلتزم بتحقيق نتيجة معينة للموكل، لكنه في الوقت نفسه إذا قصر المحامي في بذل الجهد فإنه يجب محاسبته فورا.
واضافت المصادر « يبدو أن جمعية المحامين تتردد في اتخاذ بعض قراراتها تخوفا من أن تأتيها هجمة مضادة من قبل الذين يتم فصلهم من المهنة، بدليل أنه لم نسمع يوما أن هناك محاميا تم فصله من المهنة بقرار جريء حتى يتعض باقي المحامين المخالفين للمهنة.
وتساءلت المصادر: أين دور الجمعية في توعية الجماهير قانونيا وتعريفهم بحقوقهم وواجباتهم، ولماذا لم نسمع بندوة قانونية أقامتها الجمعية، تحذر الجماهير من مخالفات المحامين؟ مضيفة «هنا الجرأة والشجاعة التي يجب أن تقودها جمعية المحامين حتى تنأى بنفسها عن جميع المخالفات».
أسرار مقدسة
واضافت المصادر «للأسف الشديد فبينما تعتبر مهنة المحاماة وعمل المحامي وما يقوم به مع موكله –سرا مقدسا- أصبحنا نسمع عن ظاهرة بيع الموكلين للخصوم، وهنا نحن لم نفضح موكلين، بل أصبحنا سيفا مسلطا ضدهم»، مستدركة في الوقت نفسه: وإن كانت هذه الظاهرة لعدد من المحامين، ولا نستطيع أن نجعلهم الأغلبية، إلا أنها في الوقت نفسه يجب أن تجد من يردعها، وقبل ذلك يجب أن تجد من يعترف بها، ولا يكابر حتى لا تهوي هذه المهنة إلى الأسفل.
وخلصت المصادر قائلة: إن ميثاق مهنة المحاماة نص على «أنه يمنع على المحامي العمل على جلب الموكلين لمكتبه بأي وسيلة بالاتفاق مع وسطاء وسماسرة، وسواء تم ذلك مقابل عمولة أو بغيرها، ويمنع عليه أيضا استعمال ألقاب أو مناصب أو مراكز فخرية أو سابقة تؤدي إلى جلب الموكلين أو تؤثر في حرية اختيارهم وكذلك يمنع على المحامي الإعلان عن نفسه في الصحف أو في غيرها من المطبوعات أو المرئيات أو السمعيات».
وختمت المصادر قائلة «كما أنه يجب أن تسود علاقات المحامين ببعضهم البعض روح الزمالة والاحترام والتوقير والتعامل والثقة والتضامن، ويتحتم عليهم أن يتعاونوا على توفير الوفاق الأخوي بينهم، ويسعوا جميعهم إلى تحقيق أهداف المهنة ومثلها العليا، كما أنه لا يجوز للمحامي أن يرفض الحضور نيابة عن زميل آخر له إلا إذا كان هناك مانع قانوني يمنع ذلك، كما أنه يجب على المحامي عدم تحريض معاوني محام آخر على فسخ عقد العمل المعقود بينهم وبينه، وفي حالة ترك أي من هؤلاء المعاونين العمل لدى أي محامي يتعين على من يريد استخدامه إعلام زميله المحامي الذي كان يعمل لديه، حتى إذا له اعتراض مشروع امتنع عن توظيفه إلى أن تنتهي أسباب الاعتراض.
http://168.187.3.44:82//sites/default/files/imagecache/original_image/article/original/2012/04/22/46953.jpg (http://168.187.3.44/sites/default/files/article/original/2012/04/22/46953.jpg)
جمعية المحامين الكويتية
مبارك العبدالله - القبس
حين يقع المواطن ضحية نصب غيره من المواطنين، يلجأ مباشرة الى محام ليرفع له قضية لاسترداد حقه.. ولكن ماذا يفعل المواطن اذا كان الذي نصب عليه هو المحامي الذي وكّله ليرد له حقه بعدما وثق به؟!
فقد برزت على السطح اخيرا ظاهرة خطرة راحت تجتاح عالم المحاماة في البلاد، وتلغي مبدأ الانسانية فيه، تتمثل في قيام بعض المحامين ببيع موكليهم لخصومهم، عبر اتفاق محامي طرف مع دفاع خصمه وهو الطرف الآخر في القضية، على بيع احدهما للآخر، ثم اقناع المواطن بأن قضيته «خسرانة»، وهو في الحقيقة اتفق مع دفاع خصمه على انهاء القضية لمصلحته بمقابل مادي طبعا.
المواطنون الذين وقعوا ضحايا لدفاعهم يشتكون من ان جمعية المحامين دائما ما تحفظ شكاواهم التي يصعب اثباتها، وبالتالي فهم لا يعرفون الى اي جهة يشتكون.
تقوم مهنة المحاماة على مبدأة الإنسانية بالدرجة الأولى، وبعد ذلك تأتي مسألة الأتعاب التي يتم التحصل عليها مقابل الدفاع عن المتهمين، وهو الأمر المدرج ضمن ميثاق مهنة المحاماة.
إلا أن الوضع الذي تجده من قبل بعض الموكلين يختلف تماما، ويجعلك تشعر وكأن المعادلات انقلبت، فهم يشتكون ظلم وجور بعض محاميهم، ابتداءا من التقصير والإهمال في حضور جلسات المحاكمة، وتكليف محامين متدربين للقيام بتلك الأعمال، إضافة إلى الأتعاب الباهظة التي لا تسترد حتى لو انتهت القضية بالصلح إلا نادرا، انتهاء بالظاهرة الجديدة التي كشفها عدد من الموكلين والتي تكون من خلال الاتفاق مع دفاع الخصم على إنهاء القضية لمصلحة طرف معين وإيهام الطرف الآخر بأن القضية غير مجدية في حال وصولها للمحاكم.
ويؤكد بعض الموكلين «المهمومين» الذين تجدهم في المحاكم في حال بؤس، لا يعلمون الجادة التي تدل على طريق شكواهم من التقصير في أعمالهم، أن المؤسف هو عدم إيجادهم حلا أو إجابة لشكواهم، فهم لم يثقوا حتى بجمعية «المحامين» لأنهم لم يسمعوا أن هناك محاميا تم فصله بسبب شكوى تقدمت ضده!
قد تكون هناك مشاكل وهموم يبوح بها بعض المتخاصمين من بعض المحامين.. إلا أن مصادر قانونية أكدت أن للمحامين أيضا هموما، لكن لا أحد يسمعها، مؤكدة في الوقت نفسه أن هناك عددا كبيرا من الموكلين لا يقوم بسداد ما يتبقى عليه من مستحقات مالية للمحامي في حال حصل على حكم نهائي بالبراءة، أو في حال أنه خسر القضية، لذلك يلجأ المحامي إلى ترك أعماله ويطارد هذا الموكل في المحاكم، حتى يحصل على حقه، مشيرة إلى أن المماطلة تعتبر مرهقة ومكلفة للمحامين.
وأرجع الموكلون الغاضبون من بعض المحامين الى أنهم يعرفون تماما أن مهنة المحاماة إنسانية وهدفها النجدة والمساعدة، وشعارها الحق والرحمة والعدالة، ومبادئها سيادة القانون والمحافظة على كرامة الإنسان وحريته، مشيرين إلى أنهم عندما لجأوا إلى المحامين في بادئ توكيلهم للقضايا وجدوا تعهدات بالحضور للجلسات والاهتمام بالقضية، لكنه بعد مرور قضاياهم بدرجات تقاض معينة، وجدوا أمرا مغايرا عن تلك التعهدات.
أحد المتقاضين يشرح قصته قائلا «تم قتل شقيقي من قبل مجموعة أشخاص، وحتى الآن لم أوكل محاميا للدفاع عنه، بالرغم من أن القضية تعتبر سهلة نوعا ما وكل الشواهد تدل على القاتل وتثبت ما قام به بالأدلة القاطعة.
ويضيف قائلا «سبب هذا التأخر في توكيل محام، نظرا لما أسمع به من أن هناك اتفاقات تتم بين المحامين في قضايا الخصوم، وأنا خائف جدا من أن يحاك أمر ضد قضيتنا الواضحة بالجرم، ولهذا فأنا أتريث لتوكيل محام حتى أسأل عنه وعن سجله التاريخي في القضايا، وأنا أعرف تماما أن هذا الأمر صعب، لكن شواهد القصص التي اطلعت عليها أوصلتني لهذه الحال.
حساسية الموضوع
اعتبر بعض المحامين الذين طرحنا عليهم هذا الموضوع أنه موضوع حساس ويسبب لهم إحراجا، لذلك فهم يمتنعون عن التصريح بأسمائهم، لأنه سيخلق نوعا من الاحتقان مع بعض زملائهم، وأكدوا لـ القبس : نعم هناك ظاهرة جديدة، وكنا نسمع عنها نحن «المحامين» لكن لم نكن نصدقها، إلا أن الحديث عنها زاد بشكل كبير، وأصبحنا نعرف أسماء المحامين الذين يقومون ببيع موكليهم.
وشرح أحد المحامين ظاهرة بيع الموكلين قائلا «على سبيل المثال قام أحد المحامين الذي اشتهر بهذه الظاهرة الخطيرة على خصم في قضية موكله، وأبلغه أنه لا يعرفه، ولكنه يعرض عليه حل القضية وديا مع خصمه وذلك لمصلحته، وبعد ذلك يحضر الخصم إلى مكتب هذا المحامي ليتفق معه على مبلغ معين ليتم التنازل عنه أو القيام بالصلح دون علم موكله بما يقوم به».
واضاف المحامي قائلا «المشكلة أن هذا المحامي يقوم بهذه الإجراءات دون علم الموكل بما يقوم به، فبعض الموكلين يكتشفون ذلك من خلال إبلاغهم من الغير، لكنهم أيضا لا يجدون حلا لهذه المشكلة، ولا يعرفون إلى أين يلجأون، فهم ليس لديهم الوثائق التي تثبت جريمة الغدر بهم من محاميهم».
محاكمة محام
وقال محام آخر يروي قصة لزميل له بالمهنة سمع بقضيته من خلال مرورها بأروقة المحاكم، والتي تتلخص في أن أحد الموكلين قام برفع قضية من خلال هذا المحامي للمطالبة بمبلغ 10 ملايين دينار من شركة أخرى، إلا أن المحامي وبلا علم هذا الموكل قام بالتعامل مع الشركة، وأبلغهم بأنه المخول بالتوقيع وبعمل عقد صلح وتنازل بالقضية، بشرط أن يتم إعطاؤه مبلغ مليون واحد فقط ليعطيها إلى الموكل، وبذلك الشرط تم الاتفاق وإنهاء القضية.
وتابع قائلا « إلا أن الموكل فوجئ بإنهاء القضية، وبأن المحامي لم يبلغه ولم يعطه حتى مبلغ المليون الذي تم الإتفاق عليه والصلح من خلاله، مما حدا به لرفع قضية ضده، وتمت إدانته من قبل المحكمة، إلا أن المحامي في نهاية الأمر خضع للحق وقام بدفع مبلغ المليون لموكله، وتم رفع قضية أخرى من جديد من قبل هذا الموكل للمطالبة بحقوقه من الشركة، أما المحامي فتم تسجيل قضية «خيانة أمانة» بحقه وتم تحويله للمجلس التأديبي الذي أصدر عليه حكم إدانة، ولم يتم التنازل إلا بعدما دفع المبالغ المستحقة.
وفي السياق نفسه يروي محام آخر قصة لإحدى الموكلات التي لجأت إلى محام للدفاع عنها وأخذ حقوقها وميراثها من باقي أشقائها، مضيفا: بعد هذه القضية تم بناء علاقة عاطفية ومن ثم تمخضت هذه العلاقة عن الزواج الشريف، إلا أن هذه الموكلة التي أصبحت زوجة أقامت دعوى قضائية ضد زوجها بعدما اكتشفت أنه قام بالتلاعب في قضاياها، وذهب للمطالبة بميراثها دون علمها، وحتى الآن لا تزال قضيتها منظورة أمام المحاكم.
عناء المتقاضين
واشارت مصادر قانونية إلى أن مشاكل الموكلين مع المحامين كثيرة ومتنوعة، لكنه في الوقت نفسه صعبة التعامل، لأنه في حال قيام موكل برفع قضية ضد محام، فإنه سيبذل جهدا كبيرا حتى يتم الحصول على محام آخر يقبل برفع قضية ضد زميل له، ومن المحتمل ألا يجد له محاميا حتى للترافع عنه.
واضافت المصادر «قد لا نلوم المحامين الذين يرفضون قبول مثل هذه الدعاوى وإن كان فيها مظلومية، وأن عملهم يختص بنصرة المظلوم، إلا أن النظرة التي ستتبع قبوله لهذه الدعوى ستكون سلبية جدا، وربما ستصدر بحقه إشاعات كثيرة، لذلك فهو يستغني عن كل ذلك ليريح نفسه من عناء رفع سقف الانتقاد وفضحه بما ليس فيه.
وتابعت المصادر «نحن نعلم أن مهنة المحاماة تقدم عطاءها إلى كل من يطلبه بغض النظر عن لونه أو جنسه أو جنسيته أو دينه، و لا يجوز للمحامي أن يمتنع عن أداء واجبه مهما كانت الظروف إلا ظروف تبرر ذلك القانون، لكن المسألة أصبحت مختلفة في هذه الأيام، وغير صحيح ما يشاع من أن أدعياء مهنة المحاماة أو مخالفي أخلاقها هم أعداد قليلة ويتم رصدهم من قبل جمعية المحامين، لأن بعضهم لاتستطيع أن تمسك عليهم ممسكا.
شكاوى لـ «الحفظ»
وانتقلت القبس بما سمعته من معلومات تفيد عن حفظ %90 من الشكاوى المقدمة إلى جمعية المحامين من قبل الموكلين بسبب الواسطة والمحسوبية إلى رئيس لجنة شكاوى المحامين في جمعية المحامين سابقا المحامي بدر باقر.
وقد أشار باقر إلى أن هذه المعلومة صحيحة %100، لكن في الوقت نفسه يجب أن نوضح أن الذين تم حفظ قضاياهم جاءوا إلى جمعية المحامين ولم يفرقوا بين الخطأ المهني الجسيم، وبين دور جمعية المحامين في التحقيق في هذه الشكاوى.
وأوضح أن دور جمعية المحامين ليس محاكمة المحامين، وإنما التحقق من وجود الأخطاء الجسيمة من عدمها، كذلك فالجمعية ليس لها صلاحية بالقانون في محاكمة المخالفين بالمهنة، فدورها يقتصر على سبيل المثال بإحالة المحامين المخالفين إذا قاموا بتفويت ميعاد للقضية أو عدم عمل إجراء لإستئناف القضية.
واستطرد قائلا «هنا تتم إحالة المحامي لمحكمة التأديب، مشيرا إلى أن قرار إحالته للمحكمة يتم من خلال إحالة لجنة التحقيق بجمعية المحامين قراره إلى مجلس الإدارة بالجمعية، ومن ثم تتم إحالته للنيابة العامة، وبعد ذلك تقرر النيابة إحالته لمحكمة التأديب، مضيفا «نحن مجرد «فلتره» لمعرفة هل هناك خطأ مهني من عدمه، وبالقانون ليس لدينا صلاحية لعمل أي إجراء تأديبي ضد المحامين».
من جهة أخرى أوضحت مصادر قانونية أن هناك تقصيرا من قبل جمعية المحامين في محاربة مخالفات أدعياء المهنة، فعلى سبيل المثال نحن نعلم تماما أن التزام المحامي المهني هو التزام ببذل الجهد اللازم في عمله، ولا يلتزم بتحقيق نتيجة معينة للموكل، لكنه في الوقت نفسه إذا قصر المحامي في بذل الجهد فإنه يجب محاسبته فورا.
واضافت المصادر « يبدو أن جمعية المحامين تتردد في اتخاذ بعض قراراتها تخوفا من أن تأتيها هجمة مضادة من قبل الذين يتم فصلهم من المهنة، بدليل أنه لم نسمع يوما أن هناك محاميا تم فصله من المهنة بقرار جريء حتى يتعض باقي المحامين المخالفين للمهنة.
وتساءلت المصادر: أين دور الجمعية في توعية الجماهير قانونيا وتعريفهم بحقوقهم وواجباتهم، ولماذا لم نسمع بندوة قانونية أقامتها الجمعية، تحذر الجماهير من مخالفات المحامين؟ مضيفة «هنا الجرأة والشجاعة التي يجب أن تقودها جمعية المحامين حتى تنأى بنفسها عن جميع المخالفات».
أسرار مقدسة
واضافت المصادر «للأسف الشديد فبينما تعتبر مهنة المحاماة وعمل المحامي وما يقوم به مع موكله –سرا مقدسا- أصبحنا نسمع عن ظاهرة بيع الموكلين للخصوم، وهنا نحن لم نفضح موكلين، بل أصبحنا سيفا مسلطا ضدهم»، مستدركة في الوقت نفسه: وإن كانت هذه الظاهرة لعدد من المحامين، ولا نستطيع أن نجعلهم الأغلبية، إلا أنها في الوقت نفسه يجب أن تجد من يردعها، وقبل ذلك يجب أن تجد من يعترف بها، ولا يكابر حتى لا تهوي هذه المهنة إلى الأسفل.
وخلصت المصادر قائلة: إن ميثاق مهنة المحاماة نص على «أنه يمنع على المحامي العمل على جلب الموكلين لمكتبه بأي وسيلة بالاتفاق مع وسطاء وسماسرة، وسواء تم ذلك مقابل عمولة أو بغيرها، ويمنع عليه أيضا استعمال ألقاب أو مناصب أو مراكز فخرية أو سابقة تؤدي إلى جلب الموكلين أو تؤثر في حرية اختيارهم وكذلك يمنع على المحامي الإعلان عن نفسه في الصحف أو في غيرها من المطبوعات أو المرئيات أو السمعيات».
وختمت المصادر قائلة «كما أنه يجب أن تسود علاقات المحامين ببعضهم البعض روح الزمالة والاحترام والتوقير والتعامل والثقة والتضامن، ويتحتم عليهم أن يتعاونوا على توفير الوفاق الأخوي بينهم، ويسعوا جميعهم إلى تحقيق أهداف المهنة ومثلها العليا، كما أنه لا يجوز للمحامي أن يرفض الحضور نيابة عن زميل آخر له إلا إذا كان هناك مانع قانوني يمنع ذلك، كما أنه يجب على المحامي عدم تحريض معاوني محام آخر على فسخ عقد العمل المعقود بينهم وبينه، وفي حالة ترك أي من هؤلاء المعاونين العمل لدى أي محامي يتعين على من يريد استخدامه إعلام زميله المحامي الذي كان يعمل لديه، حتى إذا له اعتراض مشروع امتنع عن توظيفه إلى أن تنتهي أسباب الاعتراض.