المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : السعودية على إيقاع شبابها ... المملكة السعودية تصخب بالجديد الثوري من الأفكار والأفعال



قمبيز
04-21-2012, 02:16 PM
فؤاد ابراهيم - السفير

لأجل الإنصاف، يقتضي القول إن الشباب أوّل من سجّل الحضور الأقوى في الميدان وبالدم أيضاً، وبجرأة تستحق التبجيل، حيث قدّم ثمانية شباب أعمارهم ثمناً للحرية، وصبغت مسيرة احتجاجات شعبية لا تزال متواصلة في المنطقة الشرقية، فيما تمظهر الحراك الشبابي لاحقاً في صور شتى (اعتصام الطالبات في جامعة الملك خالد وتظاهرات الطلاّب في جامعة الملك سعود، واحتجاجات في شوارع مدينة عرعر).. في حقيقة الأمر، إن الأفكار الجريئة التي شهدتها الساحة المحلية عبر مقالات في صحف عربية في الخارج أو مواقع التواصل الاجتماعي كانت بصورة رئيسية من صنع الشباب، الذين يرثون وبكفاءة عالية دور الجيل القديم من الإصلاحيين الذي نقل الأمانة بطواعية وطمأنينة الى جيل الشباب كيما يدير لعبة التغيير من موقع متقدّم وبأعداد كبيرة غير مسبوقة.

نبّه الشباب من خلال «بيان الشباب السعودي بخصوص ضمان الحريات وأدب الاختلاف» والذي تجاوز عدد الموقّعين عليه ألفي شابٍ، الى وجود معاناة من واقع لم يعد محتملاً، وإن تغييره يبدأ من رفع «الوصاية الأبوية» في شكليها السياسي والفكري، لأنها مفتاح الحل. بدا البيان كما لو أنه مكاشفة مع مصادر الوصاية، بأن الشباب على وعي تام بما يضمره الأوصياء القدامى، كما يدركون أيضاً سبل المجابهة. يودّ البيان أن يوصل رسالة مفادها ألا ضرورة لفعل الوصاية، فالرشد السياسي والفكري ليس امتيازاً حصرياً بطبقة ولا فئة، وإن بمقدور الشباب إدارة اختلافاتهم، حين يفكرون بحرية تامة مع الالتزام بالمعايير بعيداً عن «الصراعات التصفوية المتناحرة» بحسب بيانهم.

لا ريب ان الموقّعين على البيان يستدعون وصمة «الشباب الطائش» التي يروّج له دعاة الوصاية. فقد عكست حالة التوازن النفسي والثقة بالذات في البيان متانة أفكارهم ومقارباتهم، ما ينبئ عن رؤية رصينة لواقع مأزوم ينبذه الموقّعون لجهة صوغ واقع آخر يريدون الانتقال إليه.. ولأن روح الشباب تغمر نشاطهم، فإنهم لا يرون بأن وقتاً طويلاً يفصلهم عن ذلك الواقع. بيان يلخّص أزمة الدولة والمجتمع معاً، ويلحّ على تجاوزها، ورفض الانجرار إليها عبر ما أسموه «ثقافة التحريض».

الكاتبة الشابة منال الزهراني، قدّمت في مقالة «السلفيون/الليبراليون السعوديون» المنشور في موقع «المقال» بتاريخ 2 نيسان «إبريل» الجاري، نقداً لواحدة من صور التجاذبات الإيديولوجية المعلولة في هذا البلد، حيث وصفت الصراع بينهما بمصارعة الثيران في إسبانيا، ولكن هنا تدور المصارعة حول «الدين والحرية»، والذي اعتبرته «الأكثر سخرية في الصراعات السعودية»، على أساس أن المؤسسات الدينية ليست مستقلة عن الحكومة «حتى يتجلى دين يمكن التصارع حوله»، ولا الحرية بادية في سلوك وأذهان الليببراليين «كي تكون لدينا حرية يمكن التنازع حولها..». وتخلص في هذا العرض للقول «الصراع بين الدين والحرية في السعودية هي الطرفة الباردة التي يصعب حتى الضحك عليها». واعتبرت الزهراني بيان الشباب بأنه أزاح القناع عن صورية الصراع حول الدين المسيّس والحرية الموشومة، دون أن يتخلى الشباب عن دينهم وعن توقهم للحرية.

بإمكان المرء أن يرقب سيل الأفكار الثورية المتدفقة على مواقع التواصل الاجتماعي، يطلقها شباب من مختلف أرجاء المملكة وتدور جميعها حول التغيير. مقالات، تغريدات، «حملات تويترية» «هاشتاغ#»، صفحات على «الفيس بوك»، بيانات، هي مفردات في النشاط الشبابي شبه اليومي، وترسم مجتمعة صورة الدولة المنشودة.

لنلخّص ما تقدم: إن المملكة السعودية تصخب بالجديد الثوري من الأفكار والأفعال، وإن وتيرة المتغيّرات المتسارعة تجعل من الصعوبة بمكان مواكبتها، ولكن ما يمكن الجزم به أن فراقاً حاداً يقع بين الدولة والمجتمع، ولا بد أن يؤول الى متغيرات قد تكون درامية..


باحث في الفكر السياسي من السعودية


http://www.assafir.com/Article.aspx?EditionID=2129&ChannelID=50850&ArticleID=1630