المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : غطاء رأس العراقيات ليس حجابا دينيا بل «حجاب أمني»



المهدى
12-20-2004, 04:21 PM
غطاء لـ«الظروف والأحوال»

بغداد: رعد كامل


ظاهرة غطاء الرأس للنساء العراقيات بدت ظاهرة عامة بين النساء في بغداد نظرا للظروف غير الطبيعية التي يمر بها العراق حاليا، ولكنه ليس بالضرورة حجابا دينيا بل «حجاب أمني» وغطاء لـ«الظروف والاحوال» المعيشية. فأوراق الماضي تشير الى انه كانت هناك عدة اغطية ترتديها المرأة العراقية في السابق حيث كان قسم منهن يرتدين الـ «آطفي» وهي عبارة عن قطعة من القماش مستطيلة الشكل ومنسوجة من القطن او الحرير تغطي بها المرأة رأسها ممن تجاوزت سن الاربعين وهي معصوبة بالجتاية او البويمة وتترك نهايتيها على كتفيها.

اما البويمة فهي قطعة سوداء من قماش «الستن» التي تقوم المرأة بعصب جبينها والتي توضع فوق الجتاية عن طريق لف البويمة حول الرأس وتثبت نهايتها بدبوس صغير، في حين تكون الجتاية عبارة عن قطعة مربعة من نسيج القطن المنقوش برسوم مختلفة الالون تحاك حاشيتها باشكال الورد او تطرز بـ«النمنم» الملون وتطلق على تلك النقشات اسماء مثل رأس الطير ولسان العصفور واصبع العروس، تعصب الفتاة بها شعرها داخل البيت.

كما ان اختيار الالوان يكون كل حسب عمر الفتاة او الشابة التي يناسبها. وكانت الجتاية تستورد من اسطنبول وبلاد الشام وبعد ذلك تمت صناعتها في العراق واشتهرت الجتاية المصنوعة في العراق بالتي تصنع في الموصل. والغريب في الامر ان الطربوش او ما كان يطلق عليه في السابق بـ «الفينة» يعد شعارا لرؤوس النساء البغداديات على اختلاف اديانهن، ولكن النساء المسلمات كن يضعن على قمة الطربوش حريرا منسوجا محلى بالذهب ويلففن عليه منديلا من الحرير او شالا ذا قيمة.

والفينة النسائية اقصر من الفينة الرجالية، كما ان «البسكولة» التي تتدلى عادة من قمة الطربوش على احد جانبيه او الى الخلف تختلف ايضا عما يوجد بطرابيش الرجال، حيث يكون لون البسكولة الخاصة بالنساء باللونين الاخضر او الازرق، وقد غادرن النساء لبس الطربوش منذ اكثر من خمسين عاما. غطاء آخر كان النساء وما زال كبيرات السن منهن الى وقتنا هذا يرتدين «الفوطة». وتقسم الى خمسة انواع هي فوطة البريسم البيضاء اللون والفوطة الكظماوية وفوطة الجز وتحاك في بغداد وديالى وفوطة سانيتم وفوطة خراطة الجز. اما الغطاء الاخر فهو «الجرغد الكلاغي» حيث ان استخدامه في بغداد كان قليلا، وهو اكبر من الجرغد الاعتيادي بقليل اضافة الى ان هناك نوعا اخر من غطاء الرأس وهو «اللكجة» وتستخدمه النساء لكي لا يظهر شيء من شعرهن. اما العباءة العراقية الشهيرة التي تمتاز بلونها الاسود، فقد كانت المرأة البغدادية ترتديها وما زال البعض من النساء يرتديها لحد الان.

استطلعت «الشرق الأوسط» اراء نسوة في بغداد للوقوف على اسباب انتشار هذه الظاهرة في الوقت الحاضر. فقالت حياة عبد الله التي التقيناها وكانت ترتدي ايشاربا غطت به جزءا من رأسها «ان الحياة قد تطورت كثيرا وانا غير محجبة (بالمعنى الديني) ولكنني مضطرة لان اضع هذا الغطاء على رأسي خوفا من تعرضي لأي شخص قد يتعرض لي بالاساءة او التعرض للخطف او القتل او ما الى شابه ذلك». وتمضي بالقول «ان الوضع الأمني مترد للغاية ولولا حاجتي الماسة للعمل لما خرجت من الدار حيث انني اعمل موظفة في مكتب للطباعة والاستنساخ».

المواطنة «ام علي» قالت «انني محجبة منذ زمن ليس بالقريب، فانا مقتنعة بان الحجاب هو ستر للمرأة وخصوصا نحن شعب مسلم وعلينا ان نلتزم بما امرنا به الله سبحانه وتعالى». اما عن الوضع الأمني فتقول ام علي «ان الوضع الأمني سيئ للغاية ولا علاقة بالحجاب او غيره، فالتفجيرات لا يعلم بها الا الله ونحن لا نعرف كيف ومتى سنموت ولكن يبقى ايماننا بالله وبالقدر هو الذي يدفعنا لان نمضي في حياتنا الطبيعية».

المواطنة الشابة لمياء سليم غير محجبة ولم تضع على رأسها اي غطاء وترتدي ملابس «مودرن» قالت لنا «انا لا ابالي فانا مع تطورات الحياة واذا لم استمتع بحياتي الان كشابة مع الحفاظ على عاداتنا وتقاليدنا الاخلاقية فمتى نستمتع بهذه الحياة؟ الحرية التي منحتنا التعبير عن ارائنا هي الكفيلة في ان يقتنع الاخرون بما يجول في بالنا وافكارنا، فنحن شعب يحب ان يظهر بالمظهر المتطور والذي يتناسب وحجم تطورنا وتفكيرنا، وانني اتمنى ان يستتب الأمن والاستقرار ليأخذ كل عراقي حريته في الملبس وفي المأكل وفي كل شيء يحلو له على الا يتجاوز الخط الاحمر في الاساءة الى اهله او شعبه».

سالي جوزيف تقول «اضع الايشارب على رأسي مرغمة خوفا من ان يستهدفني احد ولكنني سأرفعه حال ان يستتب الأمن في العراق على الرغم من انني ارى الشابات الكثيرات يتجولن من دون وضع اي غطاء على رؤوسهن الا انني اخشى كثيرا، فبالرغم من كوني مسيحية الا انني ومن دافع الخوف اضع هذا الايشارب على رأسي». المواطنة «ام طه» قالت جوابا على سؤالنا حول ارتدائها العباءة وتحتها الفوطة «انا حاجة وقبل ذلك كنت ارتدي نفس الزي لاننا تعودنا منذ ان وعينا ان هذا اللباس فيه من الحشمة والستر للمرأة ما يجنبها الكثير مما قد تتعرض له».

وعن رؤيتها للمرأة في الماضي والحاضر، انتقدت الحاجة ام طه الزي الذي تظهر فيه المرأة مفاتنها بالقول «الاسلام والشرع والاعراف الدنيوية والسماوية والعادات والتقاليد كلها تحرم هذا التقليد للغرب، وعلى النساء ان يحتشمن والا يقلدن ما يظهر من تفاهات على شاشات التلفزيون وان يعدن الى طاعة الله»، لان ما حل بالعراق كما تقول الحاجة سببه ما وصفته بـ«الانفلات لدى البعض القليل وليس الكثير».

وتضيف «ان ظاهرة الحجاب باتت من الظواهر الايجابية لنساء مجتمعنا العراقي». ويمكن للمراقب ان يلاحظ التناقض بين افكار تنوعت ما بين مؤيدة ومعارضة مع حرص الكثيرات على الرغبة في الحفاظ على تراث العراق، ولكن قسما منهن يريد مواكبة الموضة خصوصا بعد ان دخلت صحون الفضائيات الى كل بيت واصبح من السهل على المرأة العراقية الاطلاع على اخر صيحات الموضة في كافة انحاء العالم.

المهدى
12-20-2004, 04:26 PM
ضغوط الإسلاميين في العراق تجبر النساء المسيحيات على ارتداء الحجاب


رئيس أساقفة كركوك: لسنا عملاء لأي كان ولا نقبل أن نربط بالمحتلين بسبب ديننا

بغداد: ادموند ساوندرز*

يوفر محل «مزارع بغداد» الواقع في شارع صاخب وسط بغداد كل مواد الزينة الضرورية لأعياد الميلاد. فهناك تجد سلالا مملوءة بكل ما يحتاج إليه المرء للزينة، لكن الشيء الوحيد غير المتوفر هو الزبائن.
قال سيف سعدي مدير المخزن «كل المسيحيين غادروا البلد»، مضيفا أن مبيعات هذا الموسم انخفضت بمقدار 75%.

فبعد التفجيرات التي لحقت بعدد من الكنائس خلال هذا العام القاسي وما رافقتها من تهديدات بالاغتيال، قرر جميع المسيحيين العراقيين البالغ عددهم 800 ألف شخص إلغاء الاحتفال بأعياد الميلاد. وقال الأب بيتر حداد المكلف بكنيسة «مريم العذراء» في بغداد «رسميا نحن لن نحتفل هذا العام».

فتحت الخوف من هجمات المتمردين أعلن الأساقفة في الفترة الأخيرة أنهم سيلغون احتفالات أعياد الميلاد لهذه السنة. وستمتنع بعض الكنائس عن إقامة قداس أمسية أعياد الميلاد، وهي خطوة لم تقع خلال حكم صدام حسين.
وانخفض عدد الزائرين للكنائس بشكل كبير. فخلال العطل الموسمية كانت كنيسة حداد تستقبل أكثر من 700 مصلّ بينما كان هناك 27 شخصا فقط يوم الأحد قبل الماضي فيها.
وظل المسيحيون في العراق يتمتعون ولمئات السنوات بعلاقات ودية مع المسلمين. لكن بعد الهجوم الذي شنته الولايات المتحدة على العراق عام 2003 راح المتمردون يستهدفون الجالية المسيحية متهمين أفرادها بالتعاون مع «الكفرة» الأميركيين عن طريق العمل معهم كمترجمين أو منظفين أو تجارا. وأصبح ضغط الإسلاميين سيئا جدا مما دفع الكثير من النساء المسيحيات إلى ارتداء الحجاب للامتزاج مع بقية النساء.

وقال رئيس أساقفة كركوك لويس ساكو أخيرا أمام الأساقفة حينما أعلن إلغاء احتفالات أعياد الميلاد في المدينة الشمالية «نحن لسنا عملاء لأي كان ولا نقبل أن نربط بالمحتلين بسبب ديننا. وتفجير كنائسنا يخيف أبناءنا ولن يحل مشاكل العراق».
ويقدر الزعماء المسيحيون عدد المسيحيين الذين هربوا من العراق بحوالي 50 ألف شخص منذ العام الماضي وأغلبهم يقيمون حاليا في الأردن وسورية.

وقال المسيحيون إن الهجمات على الكنائس وإطلاق النار على محلات بيع المشروبات الروحية أفسدت ما يعتبر دائما بأبهج فترة من السنة بالنسبة لهذه الجالية.
وفي الماضي كان جورج كوريال، 50 سنة، والأب لأربعة أطفال يحتفل بأعياد الميلاد عن طريق أخذ أسرته لقضاء اليوم في المتنزهات، لكن بالنسبة لهذه السنة سيبقى كوريال وأفراد أسرته في بيتهم. وقال «سنذهب إلى الكنيسة اثنين في كل مرة وحينما يعود أول الاثنين يستطيع الاثنان الآخران أن يذهبا. إنه أكثر سلامة بهذه الطريقة».

وفضلت بعض الكنائس تشغيل عدد من الحرس المسلحين لحمايتها. ففي الكنيسة السورية الكاثوليكية لـ «سيدة الإنقاذ» كان هناك شبان مسلحون برشاشات كلاشنيكوف مع مسدسات من عيار 9 مللميتر يقومون بالحراسة أثناء جنازة لأحد أبناء هذه الأبرشية الذي قتل عند عودته إلى بيته من مكان عمله في ناد اجتماعي ببغداد.

لكن بعض وجهاء الكنائس الأخرى قالوا إنهم يفضلون إلغاء الاحتفالات عن القبول بإجراء التفتيش عن الأجسام المعدنية التي يحملها المقبلون إلى الكنائس أو طلب مساعدة الوحدات الأميركية خلال عطلة أعياد الميلاد.
وقال سمير خوري نائب رئيس ناد الهندية الاجتماعي الخاص بالمسيحيين «ستكتفي العائلات المسيحية بالاحتفال مع الأصدقاء والأقارب في بيوتها».
وكانت أعياد الميلاد في العراق، التي هي بداية عطلة رسمية، ترافقها احتفالات مسرفة في المطاعم والخروج إلى الحدائق العامة مع تجمعات واسعة للعوائل. كذلك يقوم الناس بتزيين البيوت بالمصابيح الملونة وأكاليل شجر الصنوبر.

وعلى الرغم من كل المشاكل فإن الكثير من العراقيين قالوا إنهم سيحتفظون بروح أعياد الميلاد التي كانت تتميز بالبهجة. وقال سائق التاكسي حازم جميل، 47 سنة، الذي اشترى شجرة أعياد الميلاد في يوم عطلته الأسبوعية «إيماننا لن يتلاشى أبدا. إنه لأمر أساسي أن يعيش الناس حياتهم بشكل طبيعي».

وقالت زوجته فاديا عيسى، 31 سنة، إن الأسرة ستظل تعد عشاء أعياد الميلاد التقليدي وتعطي هدايا لأطفالها الثلاثة. وقالت «إنه مهم بالنسبة للأطفال». وتنوي أسرة جورج أن تشتري شجرة لأعياد الميلاد لكنها لن تذهب للصلاة في الكنيسة هذه السنة. وبدلا من أخذ الأطفال لمشاهدة «بابا نويل» في ناد اجتماعي محلي سيقوم الأخ الأكبر بلعب دوره داخل البيت حسبما قال التاجر فاروق جورج من بغداد.

وقال إن العمل التجاري قد هبطت معدلاته هذه السنة لكنه لا يشعر بالقلق. وأضاف «المبيعات تبدأ دائما بالارتفاع بعد 20 ديسمبر. وذلك حينما تبدأ فترة التنزيلات».

وقال حداد الذي سيبقي كنيسته مفتوحة لقداس أعياد الميلاد، إن الأوقات الصعبة التي يعيشها العراق الآن ستشجع المسيحيين على التفكير في المغزى الديني للعطلة بدلا من التركيز على الهدايا والحفلات. وسيقارن خطابه أثناء القداس الذي يجري عشية أعياد الميلاد بين احتلال الولايات المتحدة للعراق واحتلال روما للقدس خلال حياة السيد المسيح، وهي رسالة يأمل أن تلهم المتعبدين. وأضاف «هناك أيام سيئة لكنها ستمر».

* خدمة «لوس أنجليس تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»