بهلول
04-07-2012, 07:50 AM
http://www.assafir.com/Photos/Photos07-04-2012/73866796.jpg
صورة التقطت للخواجة على سرير المستشفى قبل يومين (عن «تويتر»)
مازن السيد - السفير
تملي اعتبارات الانتماء على العرب أن يتجنبوا مقارنة أنظمتهم على ممارستها القمعية بالكيان الصهيوني وانتهاكه الكامل للحقوق الفلسطينية والعربية تحت غطاء التواطؤ الدولي. لكن تشابه الوقائع يفرض نفسه أحياناً. فمشهد الأسير المضرب عن الطعام، طبع الأشهر الأخيرة في دولتين تمعنان في الظلم فتنعمان بالصمت المتواطئ: اسرائيل والبحرين. حتى ان الأخيرة فاقت الأولى في إحكامها الحصار الإعلامي وتضييقها منافذ الصوت.
الناشط الحقوقي الأسير عبد الهادي الخواجة الذي قدّم لسنين طويلة التضحية تلو الأخرى في سبيل كشف مظالم السلطة البحرينية، يدخل في اليوم الـ60 لإضرابه عن الطعام وهو في حالة صحية بالغة الخطورة. لكن الصمت العربي والدولي المطبق عن مأساة الخواجة، والذي يأتي في استمرارية التجاهل للمطالب الديموقراطية الشعبية، يمنح السلطات البحرينية، الى اليوم، الضوء الأخضر كي تتفرج بين الشماتة والرضا على جسد الخواجة وهو يجف من الحياة.
ويقول الناشط الحقوقي وزوج ابنة الخواجة محمد المسقطي لـ«السفير» إنه «قبل 3 أيام نُقل الخواجة إلى مستشفى القلعة داخل مقر وزارة الداخلية، لأن حالته وصلت لدرجة من السوء لا تستطيع إمكانيات سجن جو الطبية التعامل معها». ويوضح أن حالة الخواجة الصحية شهدت صباح امس تدهوراً شديداً، فنُقل إلى المستشفى العسكري حيث يبقى في العناية المركزة.
الخواجة معتقل باسم تهمة أصدرتها المحاكم العسكرية بحقه وبحق رموز آخرين من المعارضة البحرينية، بالسجن المؤبد. وقد أشارت منظمات حقوقية عديدة إلى ضرورة إعادة محاكمة الخواجة في محكمة مدنية، مطالبة بالإفراج عنه. لكن الرسالة الأبلغ في هذا الشأن أتت من لجنة تقصي الحقائق نفسها التي تشكلت بأمر ملكي، والتي أوصت بإعادة المحاكمات العسكرية التي جرت في ظل حالة الطوارئ.
والمفارقة أن استهزاء السلطات البحرينية بالحالة الصحية للخواجة لم تبدأ مع تجاهلها إضرابه عن الطعام مطالبا بحريته، بل يوضح المسقطي أن الخواجة «يعاني من مشكلة صحية سابقة، نتيجة كسر فكه خلال اعتقاله وتعذيبه من قبل السلطات. وقد أجريت له عملية نقل عظام من الرأس لترميم الفك، وبقي مدة طويلة في وضع صحي سيئ».
الاستفزاز الحكومي وصل إلى درجة دعا فيها وزير الخارجية على حسابه في موقع «تويتر» للتواصل الاجتماعي إلى إصدار الحكم الشرعي «في من يجوّع نفسه حتى الموت»، بل أقدمت السلطات مساء أمس الاول، على اعتقال ابنة الأسير عبد الهادي زينب، «لمجرد أنها كانت أمام مبنى وزارة الداخلية تصرخ مطالبة بالحرية لأبيها، فاعتقلتها السلطات واتهمتها بالتعرض لعنصر أمني خلال تأدية واجبه».
زينب الخواجة بدأت أيضا مع ناشطين حقوقيين آخرين معتقلين في السجون البحرينية، إضراباً عن الطعام تضامناً مع عبد الهادي. لكن الصدى المدوّي لهذه القضية، بدأ يصعّد هديره في شوارع البلاد.
ويقول رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان نبيل رجب لـ«السفير»، إن «التظاهرات مستمرة في كل القرى، وشهدت البلاد تظاهرتين كبيرتين في اليومين الأخيرين ضمت كل واحدة منهما عشرات آلاف المتظاهرين تضامناً مع الخواجة وقُمعت إحداهما بالعنف الامني»، وأشار رجب إلى «تصعيد شعبي غير مسبوق واحتقان بلغ مستويات عالية نتيجة تدهور الاوضاع في البلاد وتجاهل قضية الخواجة»، كما لفت إلى ممارسات أمنية متصاعدة العنف من قبل قوى الامن التي باتت تستخدم قنابل المولوتوف والرصاص الانشطاري والمطاطي، حسبما يؤكد رجب.
المسقطي يؤكد أن «الشارع أعلن منذ يوم أمس (الاول) التصعيد إلى أقصى درجاته، إضافة إلى الاعتصام المفتوح أمام مقر الامم المتحدة ومستشفى القلعة»، واصفا حالة الشارع بـ«الملتهبة»، مع تزايد الدعوات «للتصعيد إلى أقصى الحدود».
وإذ يحمل الخواجة الجنسية الدنماركية، أوضح المسقطي أن وزير الخارجية الدنماركي أعرب عن استعداده لمقابلة الملك البحريني للمطالبة بالإفراج عن الخواجة وإخراجه إلى الدنمارك لتلقي العلاج، من دون أن يسفر ذلك عن أي تقدم.
السلطة لا يرفّ لها جفن على ما يبدو، مستقوية بصمت عربي ودولي، يصعب وصفه بغير التواطؤ، فهي «ترغب في موت الخواجة» كما يقول المسقطي. ويوضح رجب «السلطة تراهن على السعودية الجارة عسكرياً واقتصادياً وسياسياً. الموقف العربي والدولي متخاذل ضمن ازدواجية واضحة للمعايير. فالدول الغربية التي تعلن دعمها للديموقراطية، تعتبرها حقيقة خطراً على نفوذها الإقليمي، وتبيع الأسلحة للنظام البحريني وتسكت عن ممارساته، في نفاق جليّ»، مضيفا «نحن في البحرين ضحايا الصراعات الإقليمية والخلاف بين السعودية وايران، فيما قضيتنا مسألة داخلية للمطالبة بالعدالة والديموقراطية وحقوق الإنسان».
ولكن إلى أي مدى تستطيع السلطة تحمل ضغط الشارع وتكاليف الازمة؟ يؤكد رجب أن السلطة لا تكترث للناس، ولا للاقتصاد، «فحتى المليارات التي حصلت عليها دعماً من مجلس التعاون الخليجي، لم تصرف على التعويض عن خسائر الناس، بل سيطر عليها عناصر النظام لمصلحتهم» الشخصية، موضحاً في الوقت نفسه أن مرافق تجارية واقتصادية عديدة تتعرض للتضييق بكثافة من قبل السلطات بسبب قربها من جهات معارضة، بل حتى لمجرد انتماء أصحابها للطائفة الشيعية.
في أي لحظة من الأيام المقبلة، قد «تسعد» السلطات البحرينية برؤية الخواجة جثة هامدة. حينها لن يكون من السهل احتواء بركان من الغضب الشعبي ينفجر فوق البركان المشتعل أصلاً منذ 14 شباط 2011، وستكون الولايات المتحدة مع حلفائها أمام ضحية جديدة لنفاقها «الديموقراطي». ضحية لا تناضل إلا من أجل الديموقراطية وحقوق الإنسان البحريني والعربي.
صورة التقطت للخواجة على سرير المستشفى قبل يومين (عن «تويتر»)
مازن السيد - السفير
تملي اعتبارات الانتماء على العرب أن يتجنبوا مقارنة أنظمتهم على ممارستها القمعية بالكيان الصهيوني وانتهاكه الكامل للحقوق الفلسطينية والعربية تحت غطاء التواطؤ الدولي. لكن تشابه الوقائع يفرض نفسه أحياناً. فمشهد الأسير المضرب عن الطعام، طبع الأشهر الأخيرة في دولتين تمعنان في الظلم فتنعمان بالصمت المتواطئ: اسرائيل والبحرين. حتى ان الأخيرة فاقت الأولى في إحكامها الحصار الإعلامي وتضييقها منافذ الصوت.
الناشط الحقوقي الأسير عبد الهادي الخواجة الذي قدّم لسنين طويلة التضحية تلو الأخرى في سبيل كشف مظالم السلطة البحرينية، يدخل في اليوم الـ60 لإضرابه عن الطعام وهو في حالة صحية بالغة الخطورة. لكن الصمت العربي والدولي المطبق عن مأساة الخواجة، والذي يأتي في استمرارية التجاهل للمطالب الديموقراطية الشعبية، يمنح السلطات البحرينية، الى اليوم، الضوء الأخضر كي تتفرج بين الشماتة والرضا على جسد الخواجة وهو يجف من الحياة.
ويقول الناشط الحقوقي وزوج ابنة الخواجة محمد المسقطي لـ«السفير» إنه «قبل 3 أيام نُقل الخواجة إلى مستشفى القلعة داخل مقر وزارة الداخلية، لأن حالته وصلت لدرجة من السوء لا تستطيع إمكانيات سجن جو الطبية التعامل معها». ويوضح أن حالة الخواجة الصحية شهدت صباح امس تدهوراً شديداً، فنُقل إلى المستشفى العسكري حيث يبقى في العناية المركزة.
الخواجة معتقل باسم تهمة أصدرتها المحاكم العسكرية بحقه وبحق رموز آخرين من المعارضة البحرينية، بالسجن المؤبد. وقد أشارت منظمات حقوقية عديدة إلى ضرورة إعادة محاكمة الخواجة في محكمة مدنية، مطالبة بالإفراج عنه. لكن الرسالة الأبلغ في هذا الشأن أتت من لجنة تقصي الحقائق نفسها التي تشكلت بأمر ملكي، والتي أوصت بإعادة المحاكمات العسكرية التي جرت في ظل حالة الطوارئ.
والمفارقة أن استهزاء السلطات البحرينية بالحالة الصحية للخواجة لم تبدأ مع تجاهلها إضرابه عن الطعام مطالبا بحريته، بل يوضح المسقطي أن الخواجة «يعاني من مشكلة صحية سابقة، نتيجة كسر فكه خلال اعتقاله وتعذيبه من قبل السلطات. وقد أجريت له عملية نقل عظام من الرأس لترميم الفك، وبقي مدة طويلة في وضع صحي سيئ».
الاستفزاز الحكومي وصل إلى درجة دعا فيها وزير الخارجية على حسابه في موقع «تويتر» للتواصل الاجتماعي إلى إصدار الحكم الشرعي «في من يجوّع نفسه حتى الموت»، بل أقدمت السلطات مساء أمس الاول، على اعتقال ابنة الأسير عبد الهادي زينب، «لمجرد أنها كانت أمام مبنى وزارة الداخلية تصرخ مطالبة بالحرية لأبيها، فاعتقلتها السلطات واتهمتها بالتعرض لعنصر أمني خلال تأدية واجبه».
زينب الخواجة بدأت أيضا مع ناشطين حقوقيين آخرين معتقلين في السجون البحرينية، إضراباً عن الطعام تضامناً مع عبد الهادي. لكن الصدى المدوّي لهذه القضية، بدأ يصعّد هديره في شوارع البلاد.
ويقول رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان نبيل رجب لـ«السفير»، إن «التظاهرات مستمرة في كل القرى، وشهدت البلاد تظاهرتين كبيرتين في اليومين الأخيرين ضمت كل واحدة منهما عشرات آلاف المتظاهرين تضامناً مع الخواجة وقُمعت إحداهما بالعنف الامني»، وأشار رجب إلى «تصعيد شعبي غير مسبوق واحتقان بلغ مستويات عالية نتيجة تدهور الاوضاع في البلاد وتجاهل قضية الخواجة»، كما لفت إلى ممارسات أمنية متصاعدة العنف من قبل قوى الامن التي باتت تستخدم قنابل المولوتوف والرصاص الانشطاري والمطاطي، حسبما يؤكد رجب.
المسقطي يؤكد أن «الشارع أعلن منذ يوم أمس (الاول) التصعيد إلى أقصى درجاته، إضافة إلى الاعتصام المفتوح أمام مقر الامم المتحدة ومستشفى القلعة»، واصفا حالة الشارع بـ«الملتهبة»، مع تزايد الدعوات «للتصعيد إلى أقصى الحدود».
وإذ يحمل الخواجة الجنسية الدنماركية، أوضح المسقطي أن وزير الخارجية الدنماركي أعرب عن استعداده لمقابلة الملك البحريني للمطالبة بالإفراج عن الخواجة وإخراجه إلى الدنمارك لتلقي العلاج، من دون أن يسفر ذلك عن أي تقدم.
السلطة لا يرفّ لها جفن على ما يبدو، مستقوية بصمت عربي ودولي، يصعب وصفه بغير التواطؤ، فهي «ترغب في موت الخواجة» كما يقول المسقطي. ويوضح رجب «السلطة تراهن على السعودية الجارة عسكرياً واقتصادياً وسياسياً. الموقف العربي والدولي متخاذل ضمن ازدواجية واضحة للمعايير. فالدول الغربية التي تعلن دعمها للديموقراطية، تعتبرها حقيقة خطراً على نفوذها الإقليمي، وتبيع الأسلحة للنظام البحريني وتسكت عن ممارساته، في نفاق جليّ»، مضيفا «نحن في البحرين ضحايا الصراعات الإقليمية والخلاف بين السعودية وايران، فيما قضيتنا مسألة داخلية للمطالبة بالعدالة والديموقراطية وحقوق الإنسان».
ولكن إلى أي مدى تستطيع السلطة تحمل ضغط الشارع وتكاليف الازمة؟ يؤكد رجب أن السلطة لا تكترث للناس، ولا للاقتصاد، «فحتى المليارات التي حصلت عليها دعماً من مجلس التعاون الخليجي، لم تصرف على التعويض عن خسائر الناس، بل سيطر عليها عناصر النظام لمصلحتهم» الشخصية، موضحاً في الوقت نفسه أن مرافق تجارية واقتصادية عديدة تتعرض للتضييق بكثافة من قبل السلطات بسبب قربها من جهات معارضة، بل حتى لمجرد انتماء أصحابها للطائفة الشيعية.
في أي لحظة من الأيام المقبلة، قد «تسعد» السلطات البحرينية برؤية الخواجة جثة هامدة. حينها لن يكون من السهل احتواء بركان من الغضب الشعبي ينفجر فوق البركان المشتعل أصلاً منذ 14 شباط 2011، وستكون الولايات المتحدة مع حلفائها أمام ضحية جديدة لنفاقها «الديموقراطي». ضحية لا تناضل إلا من أجل الديموقراطية وحقوق الإنسان البحريني والعربي.