سيد مرحوم
12-20-2004, 02:20 PM
الثقافة الجنسية
http://www.alriyadh.com/Contents/04-10-2003/Mainpage/images/P24.jpg
محمد حسين فضل الله
إن الاسلام فتح للمسلمين جميعاً أبواب الثقافة الجنسية من خلال المفردات القرآنية التي تتحدث عن العلاقة الجنسية بما يشبه الصراحة|، حتى أن التعبير القرآني الذي هو تعبير لغوي عن الزواج يوحي بالمعنى الجنسي أكثر من ايحائه بمعنى العقد وهو كلمة (النكاح).
وإذا أردنا أن ندرس السنّة الشريفة فإننا نجد أن هناك أحاديث عن المسائل الجنسية سواء ما يتعلق بعلاقة الرجل بأمرأته في مستحباتها وأحكامها والأجواء المحيطة بها. حتى أن هناك تصريحاً في أكثر من حديث بالأعضاء الجنسية بشكل طبيعي لا يشعر فيه الانسان أن مجتمع الرسالة كان يرى في ذلك شيئاً منافياً للأخلاق.
وربما نجد بعض الاحاديث النبوية الشريفة التي يدور فيها حوار بين النبي (صلى الله عليه وآله) وبين من جاء يقرّ بالزنا على نفسه، فنلاحظ أن السؤال الأخير الذي وجّه للزاني يتمحور حول العملية الجنسية بلفظ قد يخجل الناس الآن من التصريح به.
وهكذا نجد الحديث عن ذلك في المسائل التي تتصل بالمرأة من حيث الحيض والاستحاضة والنفاس، والمسائل التي تتصل بالرجل من حيث الجنابة وغيرها.
وعندما ندرس كتب الفقهاء والأبواب الفقهية التي لها علاقة بالجنس، نجد أن هناك حديثاً صريحاً واضحاً في خصوصيات المسألة الجنسية سواء في الأعضاء الجنسية أو العمل الجنسي، أو في بعض الاوضاع المتصلة بهذا العمل.
وهكذا نجد أن العلماء السابقين يتحدثون في كتبهم عن الجنس فيما ينقل من نوادر ونكت ومِلح وما إلى ذلك حديثاً قد يعتبره المجتمع الآن حديثاً غير أخلاقي، كما نجد في بعض الكتب القديمة التي ألفها علماء أطهار زهّاد تشتمل على بعض الأبواب التي تتحدث عن الكيفيات غير العادية وغير المألوفة في العملية الجنسية، على أساس أنهم يفكّرون أن كتابة مثل هذه قد تجعل الأزواج يتثقفون ثقافة جنسية يستطيعون من خلالها تلبية رغباتهم ورغبات زوجاتهم الطبيعية بحيث لا يحتاجون إلى تلبية تلك الرغبات خارج نطاق الحياة الزوجية.
ومن هنا نستطيع أن نؤكد بأن الاسلام يتبنى الثقافة الجنسية من خلال ارتباطها بالأحكام الشرعية المستحبة أو الواجبة أو المحرّمة التي تتصل بهذا الجانب من حياة الانسان، لكننا عندما ندرس هذه القضية فإننا نركز عليها من ناحية المبدأ لنؤكد بأنها ليست في دائرة التحريم بل في دائرة التحليل.
ولكن تطور الاوضاع الثقافية والاجتماعية قد يخلق بعض السلبيات في الثقافة الجنسية أو في لون معيّن من ألوانها، لا سيما إذا كانت الأجواء المحيطة بحركة الثقافة في وعي الشاب أو الطفل تؤدي إلى نتائج سلبية على اعتبار أنها تثير التجربة غير الواعية لدى الطفل أو الشاب بالدرجة التي ينحرف فيها عن الخط الاسلامي.
وعلى هذا الأساس، فلابد من دراسة المسألة بالكثير من الدقة والحذر لمعرفة الاجواء التي تحيط بهذه الدراسة من حيث دراسة شخصية الانسان التي تستهدفها، أو الأجواء التي تتحرك في حياته. أنّ التطور المعاصر ليس هو الذي بدأ الثقافة الجنسية، بل ان الاسلام سبق العصر بكل المفردات التي تحدثنا عنها.
أما مسألة تثقيف الجيل الطالع في هذا الاتجاه، فلابد من التخطيط لذلك، من حيث طبيعة الأساليب والمفردات والأجواء بحيث يغلب الطابع العلمي على المنهج الثقافي بعيداً عن كل عناصر الإثارة، وذلك من خلال التأكيد للطفل أو الشاب بأن أعضاءه الجنسية ليست شيئاً غريباً عن حياته، بل هي شيء طبيعي جداً لا يبعث على الغرابة أو العار أو العيب أو ما شاكل ذلك، ولكنّ هناك أحكاماً شرعية اقتضت سترها وتحريكها في دائرة معينة وكما يريد الله أن يحركها فيها، تماماً كما تحدثه عن أعضاءه الاخرى التي تحدثه ايضاً عن المحرمات فيها بأن لا يأكل هذا ولا ينظر إلى هذا..
إلاّ أن المسألة تحتاج قبل هذا إلى جو ملائم، وعلينا أن نخطط لايجاد هذا الجو لأن كثيراً من الاوضاع الاجتماعية قد تعتبر هذا عملاً أو ثقافة غير أخلاقية، فإذا استطعنا أن نخطط لذلك فإننا نتمكن من توجيه الجيل الناشىء إلى الثقافة الجنسية بطريقة علمية موضوعية حتى في مسألة الولادة، ومن أين يأتي الجنين، فلا بد لنا أن نصارحهم بذلك ولكن بطريقة تخطط لمراحل التوعية في هذا المجال.
إنّ طبيعة هذه الامور قد تغري بعض الاطفال بالتجربة، كما لاحظنا أن بعض الاطفال عندما يشاهدون بعض الافلام في التلفزيون فإنهم يبادرون إلى تطبيقها عملياً وقد يسيئون ذلك، وهكذا نجد أن البعض ممن يقرأ القصص الجنسية أو يشاهد الأفلام الجنسية فقد ينطلق بفعل الإثارة لكي يعيش هذه التجربة بشكل منحرف، في الوقت الذي تكون الأجواء الداخلية في نفسه والخارجية فيما حوله مثيرة بحيث تدفعه إلى الانفتاح على التجربة عندما يتثقف بها، ان الاوضاع الإعلامية التي يتحرك فيها الواقع، والتي دخلت كل بيت من خلال التلفزيون أو الصحافة، أو الأوضاع الواقعية والأجواء التي يشاهدها الشاب أو الطفل على البحر أو غيره، أصبحت تعطي الانسان ثقافة جنسية بحيث يتفوق فيها على أبيه وأُمه من حيث كثرة المفردات التي يمتلكها.
وهناك طرفة عن بعض النساء اللواتي كنّ يحاورن بعضهن، فقد قالت امرأة لاُخرى: إن ابنتي قد وصلت الى سن البلوغ، فكيف أتحدث معها في هذه المسائل التي تتصل بالبلوغ والجنس، فأجابت الاخرى بأن توحي اليها بأنك تعرفين ما تعرف هي، لأنها قد تعرف أكثر مما تعرفين.
فمسألة الثقافة الجنسية قد تكون حاجة ملحّة في الواقع المعاصر لأنها تقدم للشباب والشابات بطريقة الأفلام والكتب الرخيصة من دون أية ضوابط أو حدود، فقد يكون من الضروري للعاملين في خط التوعية الاسلامية ضمن تخطيط معين حتى ينقذوا الجيل من الثقافة الجنسية المنحرفة.
----------------------------------
المصدر : دنيا الشباب
http://www.alriyadh.com/Contents/04-10-2003/Mainpage/images/P24.jpg
محمد حسين فضل الله
إن الاسلام فتح للمسلمين جميعاً أبواب الثقافة الجنسية من خلال المفردات القرآنية التي تتحدث عن العلاقة الجنسية بما يشبه الصراحة|، حتى أن التعبير القرآني الذي هو تعبير لغوي عن الزواج يوحي بالمعنى الجنسي أكثر من ايحائه بمعنى العقد وهو كلمة (النكاح).
وإذا أردنا أن ندرس السنّة الشريفة فإننا نجد أن هناك أحاديث عن المسائل الجنسية سواء ما يتعلق بعلاقة الرجل بأمرأته في مستحباتها وأحكامها والأجواء المحيطة بها. حتى أن هناك تصريحاً في أكثر من حديث بالأعضاء الجنسية بشكل طبيعي لا يشعر فيه الانسان أن مجتمع الرسالة كان يرى في ذلك شيئاً منافياً للأخلاق.
وربما نجد بعض الاحاديث النبوية الشريفة التي يدور فيها حوار بين النبي (صلى الله عليه وآله) وبين من جاء يقرّ بالزنا على نفسه، فنلاحظ أن السؤال الأخير الذي وجّه للزاني يتمحور حول العملية الجنسية بلفظ قد يخجل الناس الآن من التصريح به.
وهكذا نجد الحديث عن ذلك في المسائل التي تتصل بالمرأة من حيث الحيض والاستحاضة والنفاس، والمسائل التي تتصل بالرجل من حيث الجنابة وغيرها.
وعندما ندرس كتب الفقهاء والأبواب الفقهية التي لها علاقة بالجنس، نجد أن هناك حديثاً صريحاً واضحاً في خصوصيات المسألة الجنسية سواء في الأعضاء الجنسية أو العمل الجنسي، أو في بعض الاوضاع المتصلة بهذا العمل.
وهكذا نجد أن العلماء السابقين يتحدثون في كتبهم عن الجنس فيما ينقل من نوادر ونكت ومِلح وما إلى ذلك حديثاً قد يعتبره المجتمع الآن حديثاً غير أخلاقي، كما نجد في بعض الكتب القديمة التي ألفها علماء أطهار زهّاد تشتمل على بعض الأبواب التي تتحدث عن الكيفيات غير العادية وغير المألوفة في العملية الجنسية، على أساس أنهم يفكّرون أن كتابة مثل هذه قد تجعل الأزواج يتثقفون ثقافة جنسية يستطيعون من خلالها تلبية رغباتهم ورغبات زوجاتهم الطبيعية بحيث لا يحتاجون إلى تلبية تلك الرغبات خارج نطاق الحياة الزوجية.
ومن هنا نستطيع أن نؤكد بأن الاسلام يتبنى الثقافة الجنسية من خلال ارتباطها بالأحكام الشرعية المستحبة أو الواجبة أو المحرّمة التي تتصل بهذا الجانب من حياة الانسان، لكننا عندما ندرس هذه القضية فإننا نركز عليها من ناحية المبدأ لنؤكد بأنها ليست في دائرة التحريم بل في دائرة التحليل.
ولكن تطور الاوضاع الثقافية والاجتماعية قد يخلق بعض السلبيات في الثقافة الجنسية أو في لون معيّن من ألوانها، لا سيما إذا كانت الأجواء المحيطة بحركة الثقافة في وعي الشاب أو الطفل تؤدي إلى نتائج سلبية على اعتبار أنها تثير التجربة غير الواعية لدى الطفل أو الشاب بالدرجة التي ينحرف فيها عن الخط الاسلامي.
وعلى هذا الأساس، فلابد من دراسة المسألة بالكثير من الدقة والحذر لمعرفة الاجواء التي تحيط بهذه الدراسة من حيث دراسة شخصية الانسان التي تستهدفها، أو الأجواء التي تتحرك في حياته. أنّ التطور المعاصر ليس هو الذي بدأ الثقافة الجنسية، بل ان الاسلام سبق العصر بكل المفردات التي تحدثنا عنها.
أما مسألة تثقيف الجيل الطالع في هذا الاتجاه، فلابد من التخطيط لذلك، من حيث طبيعة الأساليب والمفردات والأجواء بحيث يغلب الطابع العلمي على المنهج الثقافي بعيداً عن كل عناصر الإثارة، وذلك من خلال التأكيد للطفل أو الشاب بأن أعضاءه الجنسية ليست شيئاً غريباً عن حياته، بل هي شيء طبيعي جداً لا يبعث على الغرابة أو العار أو العيب أو ما شاكل ذلك، ولكنّ هناك أحكاماً شرعية اقتضت سترها وتحريكها في دائرة معينة وكما يريد الله أن يحركها فيها، تماماً كما تحدثه عن أعضاءه الاخرى التي تحدثه ايضاً عن المحرمات فيها بأن لا يأكل هذا ولا ينظر إلى هذا..
إلاّ أن المسألة تحتاج قبل هذا إلى جو ملائم، وعلينا أن نخطط لايجاد هذا الجو لأن كثيراً من الاوضاع الاجتماعية قد تعتبر هذا عملاً أو ثقافة غير أخلاقية، فإذا استطعنا أن نخطط لذلك فإننا نتمكن من توجيه الجيل الناشىء إلى الثقافة الجنسية بطريقة علمية موضوعية حتى في مسألة الولادة، ومن أين يأتي الجنين، فلا بد لنا أن نصارحهم بذلك ولكن بطريقة تخطط لمراحل التوعية في هذا المجال.
إنّ طبيعة هذه الامور قد تغري بعض الاطفال بالتجربة، كما لاحظنا أن بعض الاطفال عندما يشاهدون بعض الافلام في التلفزيون فإنهم يبادرون إلى تطبيقها عملياً وقد يسيئون ذلك، وهكذا نجد أن البعض ممن يقرأ القصص الجنسية أو يشاهد الأفلام الجنسية فقد ينطلق بفعل الإثارة لكي يعيش هذه التجربة بشكل منحرف، في الوقت الذي تكون الأجواء الداخلية في نفسه والخارجية فيما حوله مثيرة بحيث تدفعه إلى الانفتاح على التجربة عندما يتثقف بها، ان الاوضاع الإعلامية التي يتحرك فيها الواقع، والتي دخلت كل بيت من خلال التلفزيون أو الصحافة، أو الأوضاع الواقعية والأجواء التي يشاهدها الشاب أو الطفل على البحر أو غيره، أصبحت تعطي الانسان ثقافة جنسية بحيث يتفوق فيها على أبيه وأُمه من حيث كثرة المفردات التي يمتلكها.
وهناك طرفة عن بعض النساء اللواتي كنّ يحاورن بعضهن، فقد قالت امرأة لاُخرى: إن ابنتي قد وصلت الى سن البلوغ، فكيف أتحدث معها في هذه المسائل التي تتصل بالبلوغ والجنس، فأجابت الاخرى بأن توحي اليها بأنك تعرفين ما تعرف هي، لأنها قد تعرف أكثر مما تعرفين.
فمسألة الثقافة الجنسية قد تكون حاجة ملحّة في الواقع المعاصر لأنها تقدم للشباب والشابات بطريقة الأفلام والكتب الرخيصة من دون أية ضوابط أو حدود، فقد يكون من الضروري للعاملين في خط التوعية الاسلامية ضمن تخطيط معين حتى ينقذوا الجيل من الثقافة الجنسية المنحرفة.
----------------------------------
المصدر : دنيا الشباب