القمر الاول
04-02-2012, 12:10 AM
أسعار الخس والدجاج ترتفع... ومن يرد نقل أثاث منزله فعليه إبلاغ الشرطة
| طهران - من أحمد أمين |
لا نووي ولا عقوبات دولية ولا ازمات اقتصادية وظروف معيشية صعبة، تحول دون ترك معظم المواطنين الايرانيين لبيوتهم هذا اليوم، وافتراش الطبيعة احتفاء بآخر ايام عيد النوروز القومي وتخلصا من «النحس» الذي قد يلازمهم في عامهم الجديد (1391 هجري شمسي) ان لم يغادروا منازلهم.
وجرت العادة في ايران منذ قديم الايام، بان يحتفي شعب هذا البلد، وفق طقوس ومعتقدات خاصة، باليوم الثالث عشر من عيد النوروز والذي يعرف باسم «يوم الطبيعة» لكن الاسم الاكثر تداولا بين المواطنين هو «سينزده به در» (1 ابريل)، وسينزده تعني بالفارسية العدد 13، اما «به در» فهي تعني الطرد او الابعاد، في اشارة الى طرد النحس.
ومن تقاليد هذا اليوم، أن يتناول الناس طعامهم بين أحضان الطبيعة، وترتفع اسعار الخس لكون الايرانيين يحرصون بشكل خاص على تناوله في هذا اليوم ضمن تشكيلة المقبلات والسلاطة الفصلية، كما ترتفع اسعار الدجاج لانه يشكل الوجبة الرئيسة في هذه المناسبة ويقدم في اطار الاكلة الايرانية التقليدية اللذيذة «جوجه كباب» أي «الدجاج المشوي» أو «تكة دجاج»، لذلك فمن الطبيعي ان يشاهد المرء ألسنة الدخان تتصاعد في الجبال والسهول والوديان والبساتين والمتنزهات.
ويعتقد الايرانيون ان هذا اليوم يعد رمزا لرباط المرأة والرجل واستمرار النسل، ويرون ان البقاء في المنزل يجلب النحس للعائلة، ويشعرون بالتشاؤم غير المحدود ازاء فكرة ملازمة منازلهم لذلك يغادرونها الى احضان الطبيعة لابعاد الشر عن انفسهم وبيوتهم والحؤول دون حلول المصائب والكوارث عليهم في سنتهم الجديدة.
وتذكر احدى الاساطير القديمة أن الأيام الاثني عشر الأولى من شهر «فروردين» (اول الشهور في السنة الايرانية وبدأ في 20 مارس) تمثل مرحلة ولادة الانسان، وأن اليوم الثالث عشر هو يوم انعتاق الروح الانسانية من العالم المادي وعودتها الى السماء، لذلك يعد هذا اليوم مصدر فرح وسعادة الانسان.
وتزامنا مع هذه المناسبة وخلو المنازل من ساكنيها، تتخذ قوى الامن تدابير احترازية قصوى وتوضع في حال الانذار خشية استغلال اللصوص غياب المواطنين عن مساكنهم والقيام بسرقتها، كما ان شرطة المرور تستنفر كل امكاناتها لفك الاختناقات المرورية في الطرق السريعة والشوارع التي تغص بملايين السيارات، كما تصدر الاجهزة الامنية تعليمات للعامة تحظر فيها مرور أي شاحنة تنقل أثاثا منزليا، ومن ينوي الانتقال الى منزل آخر خلال هذا اليوم يتوجب عليه اعلام الشرطة بذلك والحصول من مخفر الحي الذي يقيم فيه على ترخيص كي لا يتعرض لتهمة السرقة.
وفي هذه المناسبة التي تعرف في مصر باسم «شم النسيم» تقام الاجتماعات العائلية وتفرش موائد الطعام في المتنزهات والغابات والحدائق العامة ويلعب البعض ويرقص ويغني آخرون في جو ملؤه الفرح والبهجة والسرور، ومن تقاليد «سينزده به در» قيام الصبايا اللائي يرغبن بالزواج خلال العام الجديد بالحضور الى أحضان الطبيعة ومبادرتهن بعقد الحشائش الطازجة وقراءة أمنياتهن للحصول على فتى أحلامهن والدخول في عش الزوجية.
اما كذبة «سينزده به در» (إبريل) فهي حديثة العهد ولم تكن معروفة في التاريخ الايراني القديم، ويمارسها عدد قليل من الايرانيين الذين تأثروا بالتقاليد والعادات الغربية، ويفسر علماء الاجتماع عدم انتشار هذه الكذبة بشكل واسع في ايران، لكون الكذب حتى وان كان من باب المزاح «يعد عملا مذموما بين قدامى الايرانيين»، ويستدلون على ذلك بدعاء الملك الاخميني الثالث داريوش الاول الذي حكم من العام 521 ق.م الى 486 ق.م، والمكتوب على عمود حجري ضخم، ونصه «ايها الرب، احفظ هذه البلاد من شر الاعداء والجفاف والكذب»، هذا الى جانب تحريم الدين الاسلامي الحنيف للكذب واعتباره من كبائر الذنوب.
وانطلت كذبة نشرتها صحيفة «شرق» الطهرانية عام 2004 لمناسبة «سينزده به در»، ومضمونها «ان برج ميلاد في طهران بدأ بالميلان ويخشى الخبراء انهياره» على الصحف الايرانية المعارضة في الخارج حيث تعاملت مع الخبر بجدية وكتبت عنه تقارير ودراسات معمقة انحت فيها باللائمة على النظام الحاكم لانه اعتمد على الكفاءات الوطنية في تشييد البرج، في حين رأت بعض تلك الصحف ان اختبارات نووية سرية كانت السبب وراء ميلان البرج، وقبل ان تكشف صحيفة «شرق» ان خبرها لم يكن سوى كذبة «سينزده به در» انخفضت اسعار العقارات في الاحياء المحيطة ببرج ميلاد لفترة وجيزة.
| طهران - من أحمد أمين |
لا نووي ولا عقوبات دولية ولا ازمات اقتصادية وظروف معيشية صعبة، تحول دون ترك معظم المواطنين الايرانيين لبيوتهم هذا اليوم، وافتراش الطبيعة احتفاء بآخر ايام عيد النوروز القومي وتخلصا من «النحس» الذي قد يلازمهم في عامهم الجديد (1391 هجري شمسي) ان لم يغادروا منازلهم.
وجرت العادة في ايران منذ قديم الايام، بان يحتفي شعب هذا البلد، وفق طقوس ومعتقدات خاصة، باليوم الثالث عشر من عيد النوروز والذي يعرف باسم «يوم الطبيعة» لكن الاسم الاكثر تداولا بين المواطنين هو «سينزده به در» (1 ابريل)، وسينزده تعني بالفارسية العدد 13، اما «به در» فهي تعني الطرد او الابعاد، في اشارة الى طرد النحس.
ومن تقاليد هذا اليوم، أن يتناول الناس طعامهم بين أحضان الطبيعة، وترتفع اسعار الخس لكون الايرانيين يحرصون بشكل خاص على تناوله في هذا اليوم ضمن تشكيلة المقبلات والسلاطة الفصلية، كما ترتفع اسعار الدجاج لانه يشكل الوجبة الرئيسة في هذه المناسبة ويقدم في اطار الاكلة الايرانية التقليدية اللذيذة «جوجه كباب» أي «الدجاج المشوي» أو «تكة دجاج»، لذلك فمن الطبيعي ان يشاهد المرء ألسنة الدخان تتصاعد في الجبال والسهول والوديان والبساتين والمتنزهات.
ويعتقد الايرانيون ان هذا اليوم يعد رمزا لرباط المرأة والرجل واستمرار النسل، ويرون ان البقاء في المنزل يجلب النحس للعائلة، ويشعرون بالتشاؤم غير المحدود ازاء فكرة ملازمة منازلهم لذلك يغادرونها الى احضان الطبيعة لابعاد الشر عن انفسهم وبيوتهم والحؤول دون حلول المصائب والكوارث عليهم في سنتهم الجديدة.
وتذكر احدى الاساطير القديمة أن الأيام الاثني عشر الأولى من شهر «فروردين» (اول الشهور في السنة الايرانية وبدأ في 20 مارس) تمثل مرحلة ولادة الانسان، وأن اليوم الثالث عشر هو يوم انعتاق الروح الانسانية من العالم المادي وعودتها الى السماء، لذلك يعد هذا اليوم مصدر فرح وسعادة الانسان.
وتزامنا مع هذه المناسبة وخلو المنازل من ساكنيها، تتخذ قوى الامن تدابير احترازية قصوى وتوضع في حال الانذار خشية استغلال اللصوص غياب المواطنين عن مساكنهم والقيام بسرقتها، كما ان شرطة المرور تستنفر كل امكاناتها لفك الاختناقات المرورية في الطرق السريعة والشوارع التي تغص بملايين السيارات، كما تصدر الاجهزة الامنية تعليمات للعامة تحظر فيها مرور أي شاحنة تنقل أثاثا منزليا، ومن ينوي الانتقال الى منزل آخر خلال هذا اليوم يتوجب عليه اعلام الشرطة بذلك والحصول من مخفر الحي الذي يقيم فيه على ترخيص كي لا يتعرض لتهمة السرقة.
وفي هذه المناسبة التي تعرف في مصر باسم «شم النسيم» تقام الاجتماعات العائلية وتفرش موائد الطعام في المتنزهات والغابات والحدائق العامة ويلعب البعض ويرقص ويغني آخرون في جو ملؤه الفرح والبهجة والسرور، ومن تقاليد «سينزده به در» قيام الصبايا اللائي يرغبن بالزواج خلال العام الجديد بالحضور الى أحضان الطبيعة ومبادرتهن بعقد الحشائش الطازجة وقراءة أمنياتهن للحصول على فتى أحلامهن والدخول في عش الزوجية.
اما كذبة «سينزده به در» (إبريل) فهي حديثة العهد ولم تكن معروفة في التاريخ الايراني القديم، ويمارسها عدد قليل من الايرانيين الذين تأثروا بالتقاليد والعادات الغربية، ويفسر علماء الاجتماع عدم انتشار هذه الكذبة بشكل واسع في ايران، لكون الكذب حتى وان كان من باب المزاح «يعد عملا مذموما بين قدامى الايرانيين»، ويستدلون على ذلك بدعاء الملك الاخميني الثالث داريوش الاول الذي حكم من العام 521 ق.م الى 486 ق.م، والمكتوب على عمود حجري ضخم، ونصه «ايها الرب، احفظ هذه البلاد من شر الاعداء والجفاف والكذب»، هذا الى جانب تحريم الدين الاسلامي الحنيف للكذب واعتباره من كبائر الذنوب.
وانطلت كذبة نشرتها صحيفة «شرق» الطهرانية عام 2004 لمناسبة «سينزده به در»، ومضمونها «ان برج ميلاد في طهران بدأ بالميلان ويخشى الخبراء انهياره» على الصحف الايرانية المعارضة في الخارج حيث تعاملت مع الخبر بجدية وكتبت عنه تقارير ودراسات معمقة انحت فيها باللائمة على النظام الحاكم لانه اعتمد على الكفاءات الوطنية في تشييد البرج، في حين رأت بعض تلك الصحف ان اختبارات نووية سرية كانت السبب وراء ميلان البرج، وقبل ان تكشف صحيفة «شرق» ان خبرها لم يكن سوى كذبة «سينزده به در» انخفضت اسعار العقارات في الاحياء المحيطة ببرج ميلاد لفترة وجيزة.