المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حرق الكتب مقدمة لحرق الناس



فاطمي
03-30-2012, 11:18 AM
30/03/2012

في ذكرى الحرب البوسنية: حرق الكتب مقدمة لحرق الناس



http://www.alqabas.com.kw/Temp/Pictures/2012/03/30/c4d32022-97a1-4f4c-bbe7-6e32c7ad21b7.jpg


صورة التقطت أثناء الحرب البوسنية في سراييفو عام 1922 وتبدو فيها المكتبة الوطنية حطاما

بويد تونكين - الانديبندنت


قال هيزيش هايني بوضوح «حيثما يجري حرق الكتب، سوف يلجأون في نهاية الامر الى حرق الناس ايضا».

يعرف العديد من القراء هذا القول، ولكن هنالك القليل منهم ربما يدركون انه يشير الى حرق القرآن على يد محاكم التفتيش في اسبانيا، وقد ظهر هذا القول في تراجيدته «المنصور» الصادرة في عام 1821.

في العاشر من مايو عام 1933، عندما اشعل النازيون اول دفعة لهم من المؤلفات اليهودية والاعمال التي اعتبرات «متفسخة او منحلة»، وكان من بين الكتب التي احرقت رواية «المنصور» لهايني وبقية اعماله.


تدمير الثقافة


ونحن نمر بالذكرى العشرين لاكثر ممارسات حرق الكتب منهجية في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية، التي تم تنفيذها كمحاولة واعية لتدمير ثقافة وتاريخ وذاكرة شعب من الشعوب.

وقد وقعت اولى المناوشات الحربية في حصار سراييفو، الذي دام لثلاثة اعوام، في مارس 1992.

وبحلول الخامس من ابريل بدأت القوات الصربية المتمركزة فوق التلال التي تحيط بالعاصمة البوسنية في اخضاع مدينة اوروبية حديثة لنكبة مستوحاة من العصور الوسطى تقوم على العقاب الجماعي، واعمال القتل شبه العشوائي، ولكنه لم يكن شبه عشوائي تماما، وذلك لان بعض الاهداف كان قد تم اختيارها بعناية وتدبر.

في اغسطس من ذلك العام اضرم القصف المستمر بالقنابل النيران في المكتبة الوطنية ومكتب الجامعة اللذين كانا يضمان مليونا ونصف مليون مجلة، ومائة وخمسين الف كتاب ووثيقة نادرة كانت مودعة في قاعة المجلس البلدي القديمة المبنية على الطراز المغربي.
إنقاذ مائة ألف كتاب

وقد تمكن المواطنون من انقاذ مائة الف منها، بيد ان كل المجموعات ابيدت، كما تم ايضا حرق مكتبات اخرى، حيث فقد المعهد الشرقي الوثائق الاسلامية واليهودية التي لا تقدر بثمن المحفوظة في مكتبة المعهد، فقد كان ذلك هو هدف تلك الحملة وهو ازالة كل آثار التسامح، والتعدد الديني الذي ساد في الماضي الذي جلب تلك الكنوز الى البوسنة.\

قصة سراييفو

وبعد مضي عقدين من تلك الحادثة نتساءل اذا ما كان حارقو الكتب في يوغسلافيا السابقة قد وعوا الدرس.

وعلىالرغم من انها تكتب دائما باسلوب ذكي ولماح وباحساس بالغ بعبثية الأوضاع، الا ان دوبرافكا أوغريستش الكاتبة، التي تعد أحد أهم الاقلام في المنطقة وتقبل أعداد كبيرة من الناس على متابعة أعمالها، تشك في أن الأمور قد تغيّرت. فالكاتبة اختلفت مع القوميين في بلدها كرواتيا عند اندلاع الحرب في عام 1991.

وقد وصمت بالخيانة وبأنها «ساحرة»، كما تعرضّت لحملة قاسية في وسائل الإعلام، وللتحرش بسبب رفضها الالتزام بالمقدسات «الوطنية». وشرعت بعدها في رحلة بعيدة عن وطنها كمكان وكفكرة.

وجة نظر

مقالتها «مسألة وجهة نظر»، التي جاءت في خمسين صفحة من السخرية التي تصل الى حد الحزن وتروي حكاية هرطقاتها، واضطهادها، والهروب من جنون القومية الكرواتية وهي تعد شهادة كلاسيكية على عصرنا.

جاء فيها «هنا وهناك تضرم النيران»، وشهدت على عمليات «اغتيال الكتب» التي «غالبا ما تبدأ بمبادرة من أمناء المكتبات والمدرسين والتلاميذ المحليين». وتقدم من خلال ذلك استقراء لــ«لعبة الحرية» الزائفةوالخادعة في الثقافة الشعبية وتحليلا أوسع لأمراض عصرنا من خلال السخرية من الذات.

أشجع العقول


ويعود الفضل الى غريستش في انه بات بمقدورنا الآن معرفة إن افضل العقول وأشجع القلوب في يوغسلافيا السابقة لم تخضع وتستسلم لــ«النشوة الجماعية» التي اطلقتها الحركة القومية المجرمة. كما أنها تبلغنا في الوقت ذاته بالأسباب الحقيقية لعدم التحاق العديدين بتلك الحركة. ويعد الكتاب سلاحا حقيقيا يمكن أن يشهر في وجه حارقي الكتب.