د. حامد العطية
03-28-2012, 06:02 PM
القمة العربية بين قانوني انعدام الوزن وحزمة العصي
د. حامد العطية
في الطبيعة ظواهر وقوانين ثابتة، منها انعدام الوزن، إذا انتفت الجاذبية.
في قصص التراث حكمة، تتوارثها الأجيال، هي الأخرى مستمدة من الطبيعة، ومنها قصة حزمة العصي، البرهان الأبوي للأبناء على ضرورة التكاتف فيما بينهم.
تعقد في العراق قمة عربية، أشبه بحزمة العصي، فهل ينطبق عليها القانون الطبيعي الخاص بذلك؟ أي هل أن القوة أو المنعة الناتجة عن اجتماع دول العرب أكثر من قوة كل واحدة منها؟
اجتمع الرؤوساء العرب من قبل، مرات عدة، عبر عقود من السنين، واتفقوا على أمور كثيرة، كان من أهمها قضية فلسطين وتحرير أراضيهم المحتلة والدفاع المشترك والوحدة الاقتصادية وغيرها من الأمور الحيوية، وهي ثوابت في مقررات كل القمم تقريباً.
انعقدت القمم وأبرمت المقررات لكن شيئاً لم يحدث، لم تتحرر فلسطين، ولم تسترد الدول العربية أراضيها المحتلة بجهد جماعي وإنما بإتفاقات ثنائية مذلة، ولم يدافع العرب عن الكويت بل هرعت أمريكا لحماية مصالحها وتحرير أبار نفطها، ثم احتلت العراق، من دون أن يتذكر أحدهم الدفاع المشترك، وسواءً كان الاقتصاد يتبع السياسة أو العكس فالعرب أبعد ما يكون من الوحدة أو حتى التعاون الفعال في مجال الاقتصاد.
اجتمع قادة العرب واتفقوا وتضامنوا لكن عصيهم تكسرت، تخلوا عن تحرير فلسطين بل حتى الدويلة الفلسطينية تبدوا بعيدة المنال، وما زالت الجولان وبعض أراضي لبنان محتلة، وتقسمت السودان، والعراق على وشك ذلك.
تتناقض انكسارات العرب مع حكمة حزمة العصي، فما هو السبب؟ الحكمة صحيحة، لكن تجمع العرب في حزمة خرافة من نتاج قمم العرب، في العلن يتبادلون الابتسامات والقبل، وفي الخفاء يتقاذفون الشتائم وأحياناً الصحون وغيرها، وكذلك مقرراتهم، هي مجرد كلام يستخفون به شعوبهم ليطيعونهم، والحقيقة هي أن عصي العرب أوهى من عصا سليمان بعد أن نخرتها دابة الأرض.
ستكون قمة بغداد تكرار ممل، لكل القمم السابقة، ستستنسخ مقررات قمم سابقة، فيما عدا القضية السورية، وتفاصيلها معروفة سلفاً.
لا ينطبق قانون قوة العصي على القمم العربية لكنها خاضعة لقانون انعدام الوزن، والدول العربية - سواءً منفردة أو مجتمعة في قمة - عديمة الوزن، في حسابات السياسة والاقتصاد، تتحكم أمريكا برقاب غالبيتهم العظمى، وتملي عليهم المواقف والقرارات، ولا تكافئهم على هذه الطاعة العمياء، بل أهون في نظر أمريكا فناء كل العرب من موت صهيوني واحد. في الاقتصاد أيضاً العرب من دون وزن على الرغم من غزارة نفطهم وموقعهم الاستراتيجي.
لو كان رؤوساء العرب منجذبين لشعوبهم ومصالحها لما كانت دولهم عديمة الوزن.
في قمة بغداد ستجتمع العصي المهترئة مرة أخرى، لتسبح في فضاء انعدام الوزن، ولن ينخدع بسحرها سوى السفهاء.
27 اذار 2012م
د. حامد العطية
في الطبيعة ظواهر وقوانين ثابتة، منها انعدام الوزن، إذا انتفت الجاذبية.
في قصص التراث حكمة، تتوارثها الأجيال، هي الأخرى مستمدة من الطبيعة، ومنها قصة حزمة العصي، البرهان الأبوي للأبناء على ضرورة التكاتف فيما بينهم.
تعقد في العراق قمة عربية، أشبه بحزمة العصي، فهل ينطبق عليها القانون الطبيعي الخاص بذلك؟ أي هل أن القوة أو المنعة الناتجة عن اجتماع دول العرب أكثر من قوة كل واحدة منها؟
اجتمع الرؤوساء العرب من قبل، مرات عدة، عبر عقود من السنين، واتفقوا على أمور كثيرة، كان من أهمها قضية فلسطين وتحرير أراضيهم المحتلة والدفاع المشترك والوحدة الاقتصادية وغيرها من الأمور الحيوية، وهي ثوابت في مقررات كل القمم تقريباً.
انعقدت القمم وأبرمت المقررات لكن شيئاً لم يحدث، لم تتحرر فلسطين، ولم تسترد الدول العربية أراضيها المحتلة بجهد جماعي وإنما بإتفاقات ثنائية مذلة، ولم يدافع العرب عن الكويت بل هرعت أمريكا لحماية مصالحها وتحرير أبار نفطها، ثم احتلت العراق، من دون أن يتذكر أحدهم الدفاع المشترك، وسواءً كان الاقتصاد يتبع السياسة أو العكس فالعرب أبعد ما يكون من الوحدة أو حتى التعاون الفعال في مجال الاقتصاد.
اجتمع قادة العرب واتفقوا وتضامنوا لكن عصيهم تكسرت، تخلوا عن تحرير فلسطين بل حتى الدويلة الفلسطينية تبدوا بعيدة المنال، وما زالت الجولان وبعض أراضي لبنان محتلة، وتقسمت السودان، والعراق على وشك ذلك.
تتناقض انكسارات العرب مع حكمة حزمة العصي، فما هو السبب؟ الحكمة صحيحة، لكن تجمع العرب في حزمة خرافة من نتاج قمم العرب، في العلن يتبادلون الابتسامات والقبل، وفي الخفاء يتقاذفون الشتائم وأحياناً الصحون وغيرها، وكذلك مقرراتهم، هي مجرد كلام يستخفون به شعوبهم ليطيعونهم، والحقيقة هي أن عصي العرب أوهى من عصا سليمان بعد أن نخرتها دابة الأرض.
ستكون قمة بغداد تكرار ممل، لكل القمم السابقة، ستستنسخ مقررات قمم سابقة، فيما عدا القضية السورية، وتفاصيلها معروفة سلفاً.
لا ينطبق قانون قوة العصي على القمم العربية لكنها خاضعة لقانون انعدام الوزن، والدول العربية - سواءً منفردة أو مجتمعة في قمة - عديمة الوزن، في حسابات السياسة والاقتصاد، تتحكم أمريكا برقاب غالبيتهم العظمى، وتملي عليهم المواقف والقرارات، ولا تكافئهم على هذه الطاعة العمياء، بل أهون في نظر أمريكا فناء كل العرب من موت صهيوني واحد. في الاقتصاد أيضاً العرب من دون وزن على الرغم من غزارة نفطهم وموقعهم الاستراتيجي.
لو كان رؤوساء العرب منجذبين لشعوبهم ومصالحها لما كانت دولهم عديمة الوزن.
في قمة بغداد ستجتمع العصي المهترئة مرة أخرى، لتسبح في فضاء انعدام الوزن، ولن ينخدع بسحرها سوى السفهاء.
27 اذار 2012م