ناصح
03-27-2012, 08:15 AM
طهران تبدي استعدادها لتقديم 1200 ميغاوات مع تسهيلات بالدفع والصيانة وبكفالة شركة «سيمنس» الالمانية
جريدة السفير اللبنانية
أخرجت «الطريقة اللبنانية» الملف الكهربائي من حدوده التقنية وأهدافه.
لم يعد الأمر يتعلق لا بالوسيلة التي تؤدي إلى توفير الطاقة للبنانيين على مدى 24 ساعة، مثلهم مثل معظم شعوب الكرة الأرضية، ولا بالكلفة التي تؤدي إلى حفظ المال وتخفيف فاتورة المديونية المفتوحة على مصراعيها.
كنا أمام بوارج كهربائية على طريقة «الأفلام التركية»، وفجأة «اكتشفنا» عرضاً أميركياً مفتوحاً لإنشاء محطات كهربائية. وبين هذا وذاك تأزمت العلاقات الحكومية والرئاسية والسياسية.. وصرنا أمام سؤال أي «موال» في رأس هذا أو ذاك، وهل آن أوان حكومة تصريف الأعمال؟
لا يمكن إقناع لبناني عاقل بجدوى البواخر... واللبنانيون الذين تحملوا طويلا ظلامة العتمة، بمقدورهم أن يتحملوا ظلامة مدروسة، إذا انبرى بين أهل سلطتهم من يقول لهم «هذه خطتي لتوفير الكهرباء لكم بعد فترة زمنية محددة لمدة 24 ساعة، ولو تحملنا مرحلة انتقالية صعبة، يمكن التخفيف منها عبر استجرار الطاقة أو غيرها».
كشفت «السفير» في عددها يوم السبت الماضي، تفاصيل العرض الذي حصل عليه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من شركة «جنرال الكتريك» لبناء محطة كهربائية، لكن الحقيقة، أن هذا العرض وُلد من رحم العرض الإيراني، بل يكاد يكون نسخة «طبق الأصل» ولو أن العرض الإيراني يحمل في طياته تسهيلات وحوافز لم تتوافر في أي عرض آخر.
عندما تولى سعد الحريري رئاسة الحكومة وجبران باسيل وزارة الطاقة، في العام 2010، طرح الإيرانيون على الحكومة اللبنانية، عرضاً لا يمكن مقاومته. «نحن مستعدون لتأمين نحو ألف ميغاوات لسد كل احتياجات لبنان البالغة حوالي 2500 ميغاوات» (يؤمن منها حاليا حوالي 1500 ميغاوات)، فكان ترحيب لبناني تم التعبير عنه خلال زيارات مسؤولين لبنانيين إلى طهران وأبرزهم الحريري وباسيل. فما هي تفاصيل العرض الإيراني؟
يقول مصدر لبناني واسع الاطلاع واكب الملف من ألفه إلى يائه إن الإيرانيين عرضوا عبر شركة «مبنا» الإيرانية الخاصة المشهورة ببناء محطات توليد الطاقة الكهربائية وذات الصيت العالمي، بناء محطتي إنتاج في دير عمار (في الشمال) والزهراني (في الجنوب)، بناء على دراسات جاهزة قدمها الجانب اللبناني، تنتج كل واحدة منهما 484 ميغاوات (الإجمالي يكون 968 ميغاوات)، على أن يبدأ التنفيذ من لحظة التوقيع، وخلال 12 شهراً يسلم الإيرانيون المحطة الأولى، و24 شهراً المحطة الثانية، مع فترة سماح لا تتجاوز أربعة أشهر، تحسباً لأي أمر طارئ عند أي من الجانبين، ونترك للحكومة اللبنانية أن تختار الأماكن، وأن تحدد طريقة الدفع، سواء عبر قرض ميسّر (فائدة بسيطة جدا)، يتضمن فترة سماح أو بطريقة الـ (b o t)، أي أن يستثمر القطاع الخاص بعد الترخيص له من الجهة الحكومية المختصة، وهو يتولى الدفع والتحصيل، وعندما يسدد السعر، تصبح المحطات ملك الدولة.
تضمن العرض الإيراني أسعاراً قيل للجانب اللبناني حينذاك «إنها الأرخص عالمياً ولا تتجاوز سعر الكلفة بقرش واحد». وفيما يتحفظ المصدر اللبناني على السعر، يقول وسيط لبناني شارك في الصياغة التفصيلية للعرض إن الإيرانيين طلبوا 450 مليون دولار أميركي لقاء تركيب كل محطة، وهم أضافوا إلى ذلك، التعهد بصيانة المحطتين لمدة خمس سنوات (كلفة الصيانة تصل عادة إلى مئات الملايين من الدولارات.. والدليل هو العرض الذي وافقت عليه وزارة الطاقة لصيانة معملي البداوي والزهراني)!
وقدم الايرانيون تعهدا بأن تكون معدات المحطتين ألمانية (شركة «سيمنس» مع كفالة زمنية طويلة)، وقدموا تسهيلات لا تعرّض لبنان لأي مساءلة أو إحراج في ضوء العقوبات الدولية المفروضة على ايران (منها اعتماد الدفع بالليرة اللبنانية).
لم يكتف الإيرانيون بذلك، بل أضافوا أنهم على استعداد لتقديم عرض لبناء معمل ثالث تحسباً للاحتياجات اللبنانية المستقبلية، وفي الوقت نفسه، قدموا عرضاً لاستجرار الطاقة من إيران عبر الخط الذي سيصل إلى العراق وسوريا، وأبلغوا الجانب اللبناني أن واقع شبكات التوزيع اللبنانية الحالية، لا يمكنه أن يستوعب أكثر من 50 ميغاوات (يستطيع الايرانيون توفيرها خلال شهر أو شهرين حداً أقصى من لحظة التوقيع) وهم مستعدون لتكليف شركة إيرانية بأن تتولى عملية إصلاح الشبكات وتأهيلها وتحسينها حتى تصبح قادرة في المرحلة الأولى على تحمل حوالي 200 ميغاوات عبر خطوط الجر، وهذا يعني تقديم حوالي 1200 ميغاوات (تفيض بذلك احتياجات لبنان ويصبح بمقدوره أن يوفر الكهرباء لمدة أربع وعشرين ساعة لكل مواطنيه).
وقبل يومين من زيارة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد إلى لبنان في منتصف تشرين الأول 2010، زار وزير الطاقة الايرانية بيروت واجتمع بالحريري وباسيل وكبار المسؤولين اللبنانيين، وأطلعهم على تفاصيل العرض الايراني وتم توقيع اتفاق بين البلدين، يشمل إقامة محطتين واستجرار الطاقة الكهربائية والتنقيب عن النفط في البحر وإقامة سدود ومشاريع تتعلق بالمياه الخ. واشترط الجانب اللبناني إقراره في مجلس الوزراء (وفي مرحلة ثانية في مجلس النواب).
لم يكتف الايرانيون بذلك، بل أبدوا عند التوقيع استعدادهم لتجاوز الروتين الاداري والقانوني في لبنان، عبر الايعاز للشركة الايرانية بأن تباشر العمل فوراً من أجل كسب عامل الوقت، لكن الجانب اللبناني رد طالباً التريث حتى إنجاز الصيغة القانونية، «ولو أن اللبنانيين قبلوا العرض الايراني لكنا قد انتهينا اليوم من تركيب أول محطة ولما كان أحد يتحدث في موضوع البواخر وغيرها» كما تقول المصادر اللبنانية.
وأشارت المصادر الى أن إقامة نوع كهذا من المعامل يحتاج عادة الى حوالي أربعة أعوام، لكن الايرانيين تعهدوا بالعمل 24 ساعة يوميا لإنجازه ضمن المهلة المحددة (سنة)، خاصة أن شركة «مبنا»، صاحبة تجربة عريقة، وهناك نماذج ناجحة، سواء في ايران أو أفغانستان أو العراق أو سوريا (بنت الشركة محطات وصل إنتاجها الى عتبة الثلاثين ألف ميغاوات).
لماذا قدم الايرانيون هذا العرض؟
تجيب المصادر أن وفوداً لبنانية عدة زارت طهران وسألت عن الهدف من التسهيلات الايرانية وكان الجواب مقتضباً «هذه تعليمات القيادة والرئيس نجاد».
وتقول المصادر ان الايرانيين فاتحوا بعض اللبنانيين في بعض المراحل أننا مستعدون ليس للقبول بسعر الكلفة، بل أكثر من ذلك، وصولا الى تقديم نوع من الهبة، «لكن المهم في الأمر، هل هناك قرار سياسي بقبول مشروع كهذا تقدمه الحكومة الايرانية أم لا»؟
واذا كان سعد الحريري قد أعطى الضوء الأخضر لهذا المشروع، فإن كل المشاورات التي جرت بين طهران وبيروت، وآخرها مع رئيسي الجمهورية ميشال سليمان (مع أحد مستشاريه المعنيين بالملف) والحكومة نجيب ميقاتي، أظهرت أن الجانب اللبناني كان مرحّباً به «ولكن عندما كنا نصل الى آليات الترجمة، تعود الأمور الى نقطة الصفر»، على حد تعبير المصادر اللبنانية.
http://www.assafir.com/Article.aspx?EditionId=2110&articleId=2738&ChannelId=50323
جريدة السفير اللبنانية
أخرجت «الطريقة اللبنانية» الملف الكهربائي من حدوده التقنية وأهدافه.
لم يعد الأمر يتعلق لا بالوسيلة التي تؤدي إلى توفير الطاقة للبنانيين على مدى 24 ساعة، مثلهم مثل معظم شعوب الكرة الأرضية، ولا بالكلفة التي تؤدي إلى حفظ المال وتخفيف فاتورة المديونية المفتوحة على مصراعيها.
كنا أمام بوارج كهربائية على طريقة «الأفلام التركية»، وفجأة «اكتشفنا» عرضاً أميركياً مفتوحاً لإنشاء محطات كهربائية. وبين هذا وذاك تأزمت العلاقات الحكومية والرئاسية والسياسية.. وصرنا أمام سؤال أي «موال» في رأس هذا أو ذاك، وهل آن أوان حكومة تصريف الأعمال؟
لا يمكن إقناع لبناني عاقل بجدوى البواخر... واللبنانيون الذين تحملوا طويلا ظلامة العتمة، بمقدورهم أن يتحملوا ظلامة مدروسة، إذا انبرى بين أهل سلطتهم من يقول لهم «هذه خطتي لتوفير الكهرباء لكم بعد فترة زمنية محددة لمدة 24 ساعة، ولو تحملنا مرحلة انتقالية صعبة، يمكن التخفيف منها عبر استجرار الطاقة أو غيرها».
كشفت «السفير» في عددها يوم السبت الماضي، تفاصيل العرض الذي حصل عليه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من شركة «جنرال الكتريك» لبناء محطة كهربائية، لكن الحقيقة، أن هذا العرض وُلد من رحم العرض الإيراني، بل يكاد يكون نسخة «طبق الأصل» ولو أن العرض الإيراني يحمل في طياته تسهيلات وحوافز لم تتوافر في أي عرض آخر.
عندما تولى سعد الحريري رئاسة الحكومة وجبران باسيل وزارة الطاقة، في العام 2010، طرح الإيرانيون على الحكومة اللبنانية، عرضاً لا يمكن مقاومته. «نحن مستعدون لتأمين نحو ألف ميغاوات لسد كل احتياجات لبنان البالغة حوالي 2500 ميغاوات» (يؤمن منها حاليا حوالي 1500 ميغاوات)، فكان ترحيب لبناني تم التعبير عنه خلال زيارات مسؤولين لبنانيين إلى طهران وأبرزهم الحريري وباسيل. فما هي تفاصيل العرض الإيراني؟
يقول مصدر لبناني واسع الاطلاع واكب الملف من ألفه إلى يائه إن الإيرانيين عرضوا عبر شركة «مبنا» الإيرانية الخاصة المشهورة ببناء محطات توليد الطاقة الكهربائية وذات الصيت العالمي، بناء محطتي إنتاج في دير عمار (في الشمال) والزهراني (في الجنوب)، بناء على دراسات جاهزة قدمها الجانب اللبناني، تنتج كل واحدة منهما 484 ميغاوات (الإجمالي يكون 968 ميغاوات)، على أن يبدأ التنفيذ من لحظة التوقيع، وخلال 12 شهراً يسلم الإيرانيون المحطة الأولى، و24 شهراً المحطة الثانية، مع فترة سماح لا تتجاوز أربعة أشهر، تحسباً لأي أمر طارئ عند أي من الجانبين، ونترك للحكومة اللبنانية أن تختار الأماكن، وأن تحدد طريقة الدفع، سواء عبر قرض ميسّر (فائدة بسيطة جدا)، يتضمن فترة سماح أو بطريقة الـ (b o t)، أي أن يستثمر القطاع الخاص بعد الترخيص له من الجهة الحكومية المختصة، وهو يتولى الدفع والتحصيل، وعندما يسدد السعر، تصبح المحطات ملك الدولة.
تضمن العرض الإيراني أسعاراً قيل للجانب اللبناني حينذاك «إنها الأرخص عالمياً ولا تتجاوز سعر الكلفة بقرش واحد». وفيما يتحفظ المصدر اللبناني على السعر، يقول وسيط لبناني شارك في الصياغة التفصيلية للعرض إن الإيرانيين طلبوا 450 مليون دولار أميركي لقاء تركيب كل محطة، وهم أضافوا إلى ذلك، التعهد بصيانة المحطتين لمدة خمس سنوات (كلفة الصيانة تصل عادة إلى مئات الملايين من الدولارات.. والدليل هو العرض الذي وافقت عليه وزارة الطاقة لصيانة معملي البداوي والزهراني)!
وقدم الايرانيون تعهدا بأن تكون معدات المحطتين ألمانية (شركة «سيمنس» مع كفالة زمنية طويلة)، وقدموا تسهيلات لا تعرّض لبنان لأي مساءلة أو إحراج في ضوء العقوبات الدولية المفروضة على ايران (منها اعتماد الدفع بالليرة اللبنانية).
لم يكتف الإيرانيون بذلك، بل أضافوا أنهم على استعداد لتقديم عرض لبناء معمل ثالث تحسباً للاحتياجات اللبنانية المستقبلية، وفي الوقت نفسه، قدموا عرضاً لاستجرار الطاقة من إيران عبر الخط الذي سيصل إلى العراق وسوريا، وأبلغوا الجانب اللبناني أن واقع شبكات التوزيع اللبنانية الحالية، لا يمكنه أن يستوعب أكثر من 50 ميغاوات (يستطيع الايرانيون توفيرها خلال شهر أو شهرين حداً أقصى من لحظة التوقيع) وهم مستعدون لتكليف شركة إيرانية بأن تتولى عملية إصلاح الشبكات وتأهيلها وتحسينها حتى تصبح قادرة في المرحلة الأولى على تحمل حوالي 200 ميغاوات عبر خطوط الجر، وهذا يعني تقديم حوالي 1200 ميغاوات (تفيض بذلك احتياجات لبنان ويصبح بمقدوره أن يوفر الكهرباء لمدة أربع وعشرين ساعة لكل مواطنيه).
وقبل يومين من زيارة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد إلى لبنان في منتصف تشرين الأول 2010، زار وزير الطاقة الايرانية بيروت واجتمع بالحريري وباسيل وكبار المسؤولين اللبنانيين، وأطلعهم على تفاصيل العرض الايراني وتم توقيع اتفاق بين البلدين، يشمل إقامة محطتين واستجرار الطاقة الكهربائية والتنقيب عن النفط في البحر وإقامة سدود ومشاريع تتعلق بالمياه الخ. واشترط الجانب اللبناني إقراره في مجلس الوزراء (وفي مرحلة ثانية في مجلس النواب).
لم يكتف الايرانيون بذلك، بل أبدوا عند التوقيع استعدادهم لتجاوز الروتين الاداري والقانوني في لبنان، عبر الايعاز للشركة الايرانية بأن تباشر العمل فوراً من أجل كسب عامل الوقت، لكن الجانب اللبناني رد طالباً التريث حتى إنجاز الصيغة القانونية، «ولو أن اللبنانيين قبلوا العرض الايراني لكنا قد انتهينا اليوم من تركيب أول محطة ولما كان أحد يتحدث في موضوع البواخر وغيرها» كما تقول المصادر اللبنانية.
وأشارت المصادر الى أن إقامة نوع كهذا من المعامل يحتاج عادة الى حوالي أربعة أعوام، لكن الايرانيين تعهدوا بالعمل 24 ساعة يوميا لإنجازه ضمن المهلة المحددة (سنة)، خاصة أن شركة «مبنا»، صاحبة تجربة عريقة، وهناك نماذج ناجحة، سواء في ايران أو أفغانستان أو العراق أو سوريا (بنت الشركة محطات وصل إنتاجها الى عتبة الثلاثين ألف ميغاوات).
لماذا قدم الايرانيون هذا العرض؟
تجيب المصادر أن وفوداً لبنانية عدة زارت طهران وسألت عن الهدف من التسهيلات الايرانية وكان الجواب مقتضباً «هذه تعليمات القيادة والرئيس نجاد».
وتقول المصادر ان الايرانيين فاتحوا بعض اللبنانيين في بعض المراحل أننا مستعدون ليس للقبول بسعر الكلفة، بل أكثر من ذلك، وصولا الى تقديم نوع من الهبة، «لكن المهم في الأمر، هل هناك قرار سياسي بقبول مشروع كهذا تقدمه الحكومة الايرانية أم لا»؟
واذا كان سعد الحريري قد أعطى الضوء الأخضر لهذا المشروع، فإن كل المشاورات التي جرت بين طهران وبيروت، وآخرها مع رئيسي الجمهورية ميشال سليمان (مع أحد مستشاريه المعنيين بالملف) والحكومة نجيب ميقاتي، أظهرت أن الجانب اللبناني كان مرحّباً به «ولكن عندما كنا نصل الى آليات الترجمة، تعود الأمور الى نقطة الصفر»، على حد تعبير المصادر اللبنانية.
http://www.assafir.com/Article.aspx?EditionId=2110&articleId=2738&ChannelId=50323