الكلب مان
12-19-2004, 09:44 PM
تحدث العرب كثيراً، عن وفاء الكلب ولم يتحدثوا، بذات القدر، عن وفاء الإنسان.
وهذا مؤشر على قلة وفائنا نحن البشر بالمقارنة مع وفاء الكلاب.
والدليل القاطع على قلة الوفاء هذه أننا لم نول الكلاب اهتماماً يوازي ما نكيل لها من مديح، وهي تستحقه بالفعل.
وقد أخذت عنا شعوب أوروبا هذه المهمة، بكل شهامة وطيبة خاطر.
فالكلاب عندهم مدللة لا يفرقونها عن البشر، إن لم تكن مرفهة ومحترمة أكثر من كثيرين منا... أقصد منهم.
فهي تحظى بالعناية والتغذية الجيدة، ولها طعامها الخاص، المالح والماسخ والحامض والحلو والحريف، وكل ما لذ وطاب وسال له اللعاب.
وهي تعالج من قبل أطباء بيطريين وحتى نفسانيين، إذا ما تعكر مزاج الواحد منهم، ولها مستوصفات خاصة للتداوي من أي مرض أو وعكة عارضة.
بل أصبح للكلاب محلات للملابس والإكسسوارات الخاصة بها، ومن آخر التقليعات، على هذا الصعيد، هو صناعة نظارات شمسية خاصة بالكلاب، خشية على عيونها العسلية من أشعة الشمس الساطعة.
هذا عدا عن جمعيات الرفق بالحيوان، وللكلاب طبعاً، حصة الأسد، بين هذه الجمعيات، التي تتابع أخبارها في كل مكان، وتدافع عن حقوقها، وتفضح من يضطهدها أو يسيء معاملتها.
كل هذه الخدمات المقدمة للكلاب.
والتي كان يجب أن ننهض بها نحن، قبل غيرنا، باعتبارنا أصحاب تراث، طالما كال المديح لها وكتب القصائد العمودية عن وفائها، هي خدمات مجانية لا تتطلب من الكلاب شيئاً، أو خدمة، في مقابلها، غير الرفقة الودية وحسن الوفادة.
لكن مع ذلك، هناك قطاعات ونُخب، من هذه الكلاب، لم تقبل بالجلوس عاطلة عن العمل، ولهذا فقد اشتغلت في وظائف وأعمال وجُندت ضمن سلك الشرطة. ومن بين أهم هذه الوظائف الحراسة.
وهي وظيفة قديمة قدم الكلب نفسه، كان يقوم بها، عندنا طبعاً، مقابل فتات الطعام والعظام، التي ترمى له بعد أن تنتهي العائلة من وجبتها.
لكن الآن، وفي أوروبا بالذات، ليست هناك أية مظالم من هذا القبيل، فوظيفة الحراسة لها مرتب محدد يصرف على حاجات الكلب الغذائية والصحية والترفيهية.
ومن الوظائف أو المهن الأخرى، التي تصدت لها الكلاب، مطاردة المجرمين واكتشاف الممنوعات والمحرمات مثل المخدرات أو المتفجرات، وسوى ذلك من الأعمال التي تصب في خدمة الإنسان.
المهم لم أكن أقصد هذا الاسترسال في الحديث عن حياة الكلاب عندنا وعند الشعوب الأخرى، فقد كانت لدي فكرة واضعتها في هذا الاسترسال.
وما أتذكره منها هنا هو أن الكلب، وطوال مسيرته " التاريخية " ظل محافظاً على ميزة الوفاء، وظل حارساً أمنياً يقدم خدماته للإنسان مقابل أبسط الأثمان، لكن هذا الإنسان، قليل الوفاء، لم يعجبه، كما يبدو، أن يتقدم عليه الكلب بميزة هي بالأصل ذات طبيعة إنسانية، لذلك قرر أن يورط الكلاب بأعماله الخسيسة، بهدف الإساءة لسمعتها.
ولا شك أن الكلب الأسود، الذي ظهرت صورته مؤخراً، ضمن صور فضيحة تعذيب السجناء في أبو غريب، هو كلب شاذ عن سلالته، ورطه جنود وضباط الاحتلال في هذه المهمة القذرة. وبتصوري لو أن سلالة الكلاب الحميدة كانت قد شاهدت تلك الصورة المشينة، لعاقبت صاحبها ونزعت عنه صفة الكلب، قبل أن يعاقب البيت الأبيض جنوده!
جمعة الحلفي
gmr@scs-net.org
وهذا مؤشر على قلة وفائنا نحن البشر بالمقارنة مع وفاء الكلاب.
والدليل القاطع على قلة الوفاء هذه أننا لم نول الكلاب اهتماماً يوازي ما نكيل لها من مديح، وهي تستحقه بالفعل.
وقد أخذت عنا شعوب أوروبا هذه المهمة، بكل شهامة وطيبة خاطر.
فالكلاب عندهم مدللة لا يفرقونها عن البشر، إن لم تكن مرفهة ومحترمة أكثر من كثيرين منا... أقصد منهم.
فهي تحظى بالعناية والتغذية الجيدة، ولها طعامها الخاص، المالح والماسخ والحامض والحلو والحريف، وكل ما لذ وطاب وسال له اللعاب.
وهي تعالج من قبل أطباء بيطريين وحتى نفسانيين، إذا ما تعكر مزاج الواحد منهم، ولها مستوصفات خاصة للتداوي من أي مرض أو وعكة عارضة.
بل أصبح للكلاب محلات للملابس والإكسسوارات الخاصة بها، ومن آخر التقليعات، على هذا الصعيد، هو صناعة نظارات شمسية خاصة بالكلاب، خشية على عيونها العسلية من أشعة الشمس الساطعة.
هذا عدا عن جمعيات الرفق بالحيوان، وللكلاب طبعاً، حصة الأسد، بين هذه الجمعيات، التي تتابع أخبارها في كل مكان، وتدافع عن حقوقها، وتفضح من يضطهدها أو يسيء معاملتها.
كل هذه الخدمات المقدمة للكلاب.
والتي كان يجب أن ننهض بها نحن، قبل غيرنا، باعتبارنا أصحاب تراث، طالما كال المديح لها وكتب القصائد العمودية عن وفائها، هي خدمات مجانية لا تتطلب من الكلاب شيئاً، أو خدمة، في مقابلها، غير الرفقة الودية وحسن الوفادة.
لكن مع ذلك، هناك قطاعات ونُخب، من هذه الكلاب، لم تقبل بالجلوس عاطلة عن العمل، ولهذا فقد اشتغلت في وظائف وأعمال وجُندت ضمن سلك الشرطة. ومن بين أهم هذه الوظائف الحراسة.
وهي وظيفة قديمة قدم الكلب نفسه، كان يقوم بها، عندنا طبعاً، مقابل فتات الطعام والعظام، التي ترمى له بعد أن تنتهي العائلة من وجبتها.
لكن الآن، وفي أوروبا بالذات، ليست هناك أية مظالم من هذا القبيل، فوظيفة الحراسة لها مرتب محدد يصرف على حاجات الكلب الغذائية والصحية والترفيهية.
ومن الوظائف أو المهن الأخرى، التي تصدت لها الكلاب، مطاردة المجرمين واكتشاف الممنوعات والمحرمات مثل المخدرات أو المتفجرات، وسوى ذلك من الأعمال التي تصب في خدمة الإنسان.
المهم لم أكن أقصد هذا الاسترسال في الحديث عن حياة الكلاب عندنا وعند الشعوب الأخرى، فقد كانت لدي فكرة واضعتها في هذا الاسترسال.
وما أتذكره منها هنا هو أن الكلب، وطوال مسيرته " التاريخية " ظل محافظاً على ميزة الوفاء، وظل حارساً أمنياً يقدم خدماته للإنسان مقابل أبسط الأثمان، لكن هذا الإنسان، قليل الوفاء، لم يعجبه، كما يبدو، أن يتقدم عليه الكلب بميزة هي بالأصل ذات طبيعة إنسانية، لذلك قرر أن يورط الكلاب بأعماله الخسيسة، بهدف الإساءة لسمعتها.
ولا شك أن الكلب الأسود، الذي ظهرت صورته مؤخراً، ضمن صور فضيحة تعذيب السجناء في أبو غريب، هو كلب شاذ عن سلالته، ورطه جنود وضباط الاحتلال في هذه المهمة القذرة. وبتصوري لو أن سلالة الكلاب الحميدة كانت قد شاهدت تلك الصورة المشينة، لعاقبت صاحبها ونزعت عنه صفة الكلب، قبل أن يعاقب البيت الأبيض جنوده!
جمعة الحلفي
gmr@scs-net.org