المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مسلسل إخفاق التحالف الغربي ـ الخليجي مستمر: هل بدأ العد العكسي لنهاية الأزمة السورية؟



تشكرات
03-07-2012, 05:17 PM
مصطفى الحاج علي – موقع الانتقاد


كتب في: مارس 07, 2012




http://cdn.elwazir.org/wp-content/uploads/2012/03/mo2tamar-300x168.jpg?84cd58 (http://cdn.elwazir.org/wp-content/uploads/2012/03/mo2tamar.jpg?84cd58)



تطوران يستحقان القراءة والتقويم في ما يعني الأزمة السورية، نظراً لإشارتهما الى النقطة التي بلغتها هذه الأزمة، الأول، هو ما أطلق عليه “مؤتمر أصدقاء سوريا”، والثاني، هو الاستفتاء الذي أجري على الدستور.

بالنسبة لـ “مؤتمر اصدقاء سوريا” يمكن القول إن الاخفاق كان سمته العامة لا سيما بالنظر الى السقوف العالية التي وضعت له، وبالقياس الى تمنيات العديد من الأطراف الخليجيين وفي طليعتهم النظامان السعودي والقطري.
قبيل المؤتمر صدرت مجموعة من المواقف الغربية والعربية والتركية المحددة لأهداف هذا المؤتمر، والتي كان أبرزها التالي:

أولاً: التعويض عن الاخفاق في مجلس الأمن الدولي في عملية التفاف تبقى دون مستوى النجاح في الحصول على تفويض دولي كما حصل بالنسبة الى ليبيا مثلاً.

لقد بدا واضحاً للتحالف الغربي ـ الخليجي أن الحاجة ماسة لعدم التسليم بالخسارة، والدوران في حلقة مفرغة دولياً، وبالتالي لا بد من البحث عن وسائل وأطر تملأ الفراغ الديبلوماسي الدولي الذي نشأ بفعل الفيتو الصيني ـ الروسي، والتغلب قدر الإمكان على واقع التخبط الدولي هذا.

ثانياً: اظهار الاصرار والتصميم على الضغط على النظام في سوريا، وعلى حلفائه الاقليميين والدوليين، للحفاظ من جهة على معنويات المعارضة ولحثها على التمسك بالأجندة الموضوعة لها، وللتأكيد ـ من جهة أخرى على عدم التسليم بالهزيمة الدولية، وعلى مواصلة المواجهة للوصول الى الأهداف المرسومة، وللقول للنظام بأن لا تراجع على هذا الصعيد.

ثالثاً: الاستفادة من مناسبة عقد المؤتمر للدفع باتجاه توحيد المعارضة، كشرط لا غنى عنه لاستدعاء الاعتراف بها كممثل شرعي ووحيد للشعب السوري، في مقابل العمل المستمر على نزع هذه الشرعية من فوق رأس النظام.
رابعاً: تسييل القضية الانسانية الافتراضية التي عُمل على نسجها اعلامياً، وحياكة عناصرها سياسياً وديبلوماسياً وحقوقياً، الى اجراءات أمنية وعسكرية تحت غطاء ضرورة ايجاد ممرات انسانية لايصال المساعدات الى المناطق التي تشهد مواجهات عسكرية، وبالتالي اتخاذ قرار يقضي بتشكيل قوة عسكرية عربية وأممية لانجاز هذا الهدف.

خامساً: عقد اجتماعات أمنية على هامش المؤتمر من أجل تكييف خطط أمنية من شأنها أن تشجع على حدوث انقلاب عسكري داخلي، أو تنفيذ اغتيالات من النوع الأول، تؤدي الى فتح ممرات واسعة لإحداث التغيير المطلوب.
سادساً: توفير كل اشكال الدعم المادي الضروري لحماية المعارضة، وتحقيق الأهداف المطلوبة، إلا أن انجاز هذه الأهداف اصطدم في جملة معوقات أدت في النهاية الى تخبط المؤتمر والمؤتمرين، أبرزها:

أولاً: ثبات الموقف الدولي ـ الاقليمي (الروسي ـ الصيني ـ الايراني .. الخ) الرافض على نحوٍ حاسمٍ وقاطع لأي تدخل عسكري في سوريا، ومهما كلف الأمر.

ثانياً: اضطراب الحسابات الاميركية ـ الخليجية (السعودية والقطرية تحديداً)، حيث وجدت واشنطن نفسها معنية مباشرة بضرورة أن تأخذ في الاعتبار الدور المتنامي لتنظيم القاعدة في المعارضة المسلحة، وبالتالي أن تأخذ موقفاً حذراً من مسألة التسليح، يضاف اليها أن واشنطن قالت بوضوح إنها لن تستطيع القفز عن الاعتبارات الجيوبوليتيكية والاستراتيجية للأزمة السورية في ما يعني دور كل من روسيا والصين وايران. أما الرياض والدوحة فلم يكن في حسابهما إلا انجاز هدف اسقاط النظام بمعزل عن كل هذه الاعتبارات، لأن المعركة بالنسبة اليهما معركة مصيرية بامتياز.


يضاف اليها عدم توافق الحسابات الغربية ـ الخليجية في ما يعني مستقبل سوريا بعد اسقاط النظام، أو في ما يعني دفع الأمور نهائياً نحو شفير حرب أهلية داخلية تتوخى تقسيم سوريا الى دويلات متناحرة.


ثالثاً: استمرار وضع المعارضة على حاله من التشرذم والانقسام والترهل، والعجز ـ بالتالي ـ عن دفعها الى التوحد بالرغم من كل الاغراءات والدعم اللازم الذي قدم لها.


رابعاً: عجز هذا التحالف عن تحقيق أي انجاز ميداني يمكن البناء عليه، خصوصاً على صعيد حجز بؤر عسكرية، قابلة للتسييل السياسي.
في المقابل حافظ النظام على مجمل عناصر قوته العسكرية والأمنية والسياسية والديبلوماسية، يضاف اليها دعم المؤسسة الدينية السورية التي عملت المؤسسة الدينية السعودية للتصويب عليها في محاولة لأخذها الى جانبها، ولإعطاء الصراع طابعاً مذهبياً.


إلا أن الانجاز السياسي الأبرز للنظام تمثل في طرح الدستور الجديد على التصويت الشعبي، وحصوله على الشرعية المطلوبة. إن اقرار الدستور هو خطوة اصلاحية كبيرة من شأنها أن تضع سوريا في مسار سياسي جديد ومختلف، كما إن هذا الاقرار في هذا التوقيت له جملة دلالات بارزة، أهمها التالي:


أولاً: هو صفعة في وجه كل المشككين بصدقية النظام في ما يتعلق بنيته القيام باصلاحات فعلية.
وهو رد أيضاً على كل أولئك المدعين بأن النظام لم يكن يرى في الأزمة السورية الا بعدها الأمني، في محاولة منهم للقول بأن النظام يريد ابقاء الأمور على حالها من دون أي تغيير ذي مضمون.


ثانياً: هو احراج وامتحان عملي قوي لحقيقة نوايا التحالف الغربي ـ الخليجي، حيث إن رفض هؤلاء لهذه الخطوة، أو التبخيس بها، يؤكد أن نواياهم ليست الاصلاح، وانما هدفها الاطاحة بالنظام لمصلحة المشروع الاميركي ـ الصهيوني في المنطقة، وهو امتحان في الواقع للمعارضة السورية، حيث من شأن هذه الخطوة أن تحسم الفرز الحاصل سلفاً بين خطوطها، فلا أحد يشك بأن هناك معارضة وطنية، الا أنه بات محسوماً أن هناك معارضة هي بمثابة واجهة للمؤامرة الخارجية على سوريا موقعاً ودوراً، هذه المعارضة التي لم تتورع عن تسليف الكيان الاسرائيلي مواقف مسبقة مؤيدة له، ومبدية لكامل استعدادها للتعاون معه.


ثالثاً: هو عامل اسناد قوي لكل الأطراف الدولية والاقليمية المؤيدة للنظام السوري، والساعية بجد لوضع حدّ للأزمة السورية، وإلحاحه بقوة على أن يكون الحوار بين المعارضة الوطنية والنظام هو السبيل الوحيد لإيجاد حل لهذه الأزمة.


رابعاً: ان تكامل الحل السياسي مع النجاح في انهاء البؤر العسكرية والأمنية من شأنه أن يؤسس لمناخ مختلف داخل سوريا وخارجها بما يمهد الطريق بقوة للخروج من الأزمة.


خامساً: لا شك، إن اقرار الدستور من قبل النظام يؤكد أيضاً قدرته على الاحتفاظ بالمبادرة السياسية، وفي تحديد سقوف الحل، بما يقطع الطريق على كل سبل التحايل الاميركية وغيرها لفرض صيغ حلول مرفوضة سلفاً، بل وغير ممكنة أيضاً.


سادساً: ما تقدم لا يعني أن الأزمة السورية قد بلغت نهايتها المرجوة، وإنما يعني أنها شرعت في خطوات نوعية باتجاه هذه النهاية، ذلك ان حجم المؤامرة على سوريا، وحجم الأهداف، يستلزم من المتآمرين أن لا يلقوا أسلحتهم بسرعة، وإنما البحث عن وسائل أخرى، لعل أخطرها هو الوسائل الأمنية.