د. حامد العطية
03-04-2012, 11:05 PM
السلفية والديمقراطية والرافضة
د. حامد العطية
في غياب عصا موسى التي تلقف ما يأفكون لا بد من الاحتكام للعقل، وأول احكام العقل تعريف المصطلحات، السلفية هم الفرقة المعروفة بالاقتداء بالسلف الصالح أي الصحابة والتابعين بإحسان، والرافضة بالحد الأدنى هم منكرو أحقية وأفضلية الصحابيين أبي بكر وعمر بن الخطاب بالخلافة، والحريات أساس النظام الديمقراطي ومن أهمها حرية اختيار القادة السياسيين.
السلفية يكفرون الرافضة، ويرون تطابق المعتقد بين الرافضة والشيعة المعاصرين، وبالذات فرقة الإماميين أو الإثنى عشريين، والسلفية يقبلون بالديمقراطية، والدليل مشاركتهم في الانتخابات المصرية الأخيرة وفوزهم بالمركز الثاني بين الأحزاب المتنافسة فيها.
جميع الخلفاء الراشدين في نظر السلفية أحق من غيرهم بالخلافة، وعلى الترتيب الزمني لولايتهم، ويكفي تصفح كتب التاريخ للتأكد بأن رفض واحد أو اكثر من هؤلاء الخلفاء ظاهرة شائعة، ولم تقتصر على الرافضة وفقاً للمفهوم السلفي، وأول الرافضين هم صحابة، فقد شهد اجتماع السقيفة تبايناً حاداً في اختيارات الصحابة، قبل الاتفاق على أبي بكر، واعترض بعض الصحابة الذين لم يحضروا الاجتماع على نتيجته، وهنالك الرافضون لدفع الزكاة للخليفة أبي بكر، وينطوي على انكار لشرعية منصب الخلافة أو لمن شغله حينئذ أو الإثنين، وفي عهد عمر بن الخطاب انشغل الصحابة بالفتوحات ومع ذلك فقد سارع الخليفة لعزل خالد بن الوليد عن قيادة جيش المسلمين لئلا يفتتن الناس به، وما بعد الافتتان غير الاختلاف بين مؤيد لهذا ومعارض أو رافض له، وفي خلافة عثمان تطورت واتسعت حركة رفض الخليفة بين السلف، وارتفعت أصوات الرافضين لخلافة عثمان بالانتقادات العلنية لتصرفاته وقراراته، وطالبه البعض بالتنحي، وانتهت خلافته بمقتله على أيدي الرافضين، وواجه الإمام علي عليه السلام ثلاث جبهات رافضة لخلافته، هم أصحاب الجمل ومعاوية بن ابي سفيان واتباعه والخوارج، وكلهم استخدموا السلاح للتعبير عن رفضهم لخلافته.
إن تكفير السلفية للرافضة على أساس رفضهم لخلافة أبي بكر وعمر يسري بالضرورة على كل الرافضين لأي من الخلفاء الراشدين، وبالتالي فإن كل المشاركين في قتل عثمان والمتخلفين عن نصرته وكذلك الخوارج ومعاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص واتباعهما وطلحة والزبير وكل من سار وراء الجمل بالنتيجة كفار وفقاً لحكم السلفية بتكفير الرافضة.
أربعة عشر قرنأ تفصل بين تلك الحقبة المضطربة من تاريخ المسلمين والحاضر، والخلاف ما زال مستمراً، الشيعة يرفضون والسلفية يكفرون، والجديد هومشاركة السلفية في العملية الانتخابية الديمقراطية، وفي الانتخابات المصرية فاز السلفية بالعشرات من الدوائر الانتخابية وخسروا في المئات منها، وكان للناخبين المصريين موقفان من مرشحي السلفية: القبول أو الرفض، وكل المصوتين لمرشحي الأخوان المسلمين والأحزاب الأخرى المتنافسة هم رافضون للسلفية وفكرها ومن يمثلها اليوم من المصريين، فهل هؤلاء كفار أيضاً؟
هنالك تناقضان صارخان في موقف السلفية من الروافض، الأول ناجم عن استثناءهم للرافضين لخلافة عثمان وعلي عليه السلام، والامتناع عن شمولهم بصفة الروافض وعن تكفيرهم أسوة برافضي خلافة الشيخين، والتناقض الثاني ناتج عن قبولهم بشرعية العملية الديمقراطية وهو اعتراف بحق الآخرين في الرفض، فلا يجوز لهم بالتالي تكفير الرافضة.
4 اذار 2012م
د. حامد العطية
في غياب عصا موسى التي تلقف ما يأفكون لا بد من الاحتكام للعقل، وأول احكام العقل تعريف المصطلحات، السلفية هم الفرقة المعروفة بالاقتداء بالسلف الصالح أي الصحابة والتابعين بإحسان، والرافضة بالحد الأدنى هم منكرو أحقية وأفضلية الصحابيين أبي بكر وعمر بن الخطاب بالخلافة، والحريات أساس النظام الديمقراطي ومن أهمها حرية اختيار القادة السياسيين.
السلفية يكفرون الرافضة، ويرون تطابق المعتقد بين الرافضة والشيعة المعاصرين، وبالذات فرقة الإماميين أو الإثنى عشريين، والسلفية يقبلون بالديمقراطية، والدليل مشاركتهم في الانتخابات المصرية الأخيرة وفوزهم بالمركز الثاني بين الأحزاب المتنافسة فيها.
جميع الخلفاء الراشدين في نظر السلفية أحق من غيرهم بالخلافة، وعلى الترتيب الزمني لولايتهم، ويكفي تصفح كتب التاريخ للتأكد بأن رفض واحد أو اكثر من هؤلاء الخلفاء ظاهرة شائعة، ولم تقتصر على الرافضة وفقاً للمفهوم السلفي، وأول الرافضين هم صحابة، فقد شهد اجتماع السقيفة تبايناً حاداً في اختيارات الصحابة، قبل الاتفاق على أبي بكر، واعترض بعض الصحابة الذين لم يحضروا الاجتماع على نتيجته، وهنالك الرافضون لدفع الزكاة للخليفة أبي بكر، وينطوي على انكار لشرعية منصب الخلافة أو لمن شغله حينئذ أو الإثنين، وفي عهد عمر بن الخطاب انشغل الصحابة بالفتوحات ومع ذلك فقد سارع الخليفة لعزل خالد بن الوليد عن قيادة جيش المسلمين لئلا يفتتن الناس به، وما بعد الافتتان غير الاختلاف بين مؤيد لهذا ومعارض أو رافض له، وفي خلافة عثمان تطورت واتسعت حركة رفض الخليفة بين السلف، وارتفعت أصوات الرافضين لخلافة عثمان بالانتقادات العلنية لتصرفاته وقراراته، وطالبه البعض بالتنحي، وانتهت خلافته بمقتله على أيدي الرافضين، وواجه الإمام علي عليه السلام ثلاث جبهات رافضة لخلافته، هم أصحاب الجمل ومعاوية بن ابي سفيان واتباعه والخوارج، وكلهم استخدموا السلاح للتعبير عن رفضهم لخلافته.
إن تكفير السلفية للرافضة على أساس رفضهم لخلافة أبي بكر وعمر يسري بالضرورة على كل الرافضين لأي من الخلفاء الراشدين، وبالتالي فإن كل المشاركين في قتل عثمان والمتخلفين عن نصرته وكذلك الخوارج ومعاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص واتباعهما وطلحة والزبير وكل من سار وراء الجمل بالنتيجة كفار وفقاً لحكم السلفية بتكفير الرافضة.
أربعة عشر قرنأ تفصل بين تلك الحقبة المضطربة من تاريخ المسلمين والحاضر، والخلاف ما زال مستمراً، الشيعة يرفضون والسلفية يكفرون، والجديد هومشاركة السلفية في العملية الانتخابية الديمقراطية، وفي الانتخابات المصرية فاز السلفية بالعشرات من الدوائر الانتخابية وخسروا في المئات منها، وكان للناخبين المصريين موقفان من مرشحي السلفية: القبول أو الرفض، وكل المصوتين لمرشحي الأخوان المسلمين والأحزاب الأخرى المتنافسة هم رافضون للسلفية وفكرها ومن يمثلها اليوم من المصريين، فهل هؤلاء كفار أيضاً؟
هنالك تناقضان صارخان في موقف السلفية من الروافض، الأول ناجم عن استثناءهم للرافضين لخلافة عثمان وعلي عليه السلام، والامتناع عن شمولهم بصفة الروافض وعن تكفيرهم أسوة برافضي خلافة الشيخين، والتناقض الثاني ناتج عن قبولهم بشرعية العملية الديمقراطية وهو اعتراف بحق الآخرين في الرفض، فلا يجوز لهم بالتالي تكفير الرافضة.
4 اذار 2012م