المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : صخرة «أمديرة»



مرجان
03-03-2012, 12:18 AM
02/03/2012 المواقع والأمكنة في تاريخ الكويت



http://www.alqabas.com.kw/Temp/Pictures/2012/03/02/e1910211-8ce9-4416-b6d0-1c2306bbfc2a.jpg


صخرة «أمديرة»



إعداد فرحان عبدالله الفرحان

في ربيع سنة 1955، كان لي الحظ أن ألقي نظرة فاحصة على صخرة «أمديرة»، وكنت وقتها قد رجعت لتوي من أرض الكنانة مصر، وذكرت للأخ محمد الحيدر مختار الروضة اليوم كاظمة والماء الذي ينبع أو «يبزبز» من ساحل كاظمة، فما كان من الأخ الفاضل إلا أن أعد العدة وخرجنا في رحلة وخيمنا في كاظمة في الصباح الباكر، وبعد الظهيرة توجهنا إلى «أمديرة» وصخرتها، فتأملت وأمعنت النظر في هذه الصخرة التي عرضها متر ونصف المتر، وطولها ستة أمتار، وارتفاعها أربعة أمتار، وكانت بها صور لحيوانات وكتابات لا نعرفها، تعجبت من وجود هذه الصخرة في تلك الأرض الرملية والوحيدة، المهم أنها كانت إطلالة تاريخية ومنذ ذلك اليوم، وأنا أنتظر الوقت المناسب لأسجل شيئاً في هذه الصخرة العتيدة، وقد شاء الحظ أن التقي الأستاذ العالم التاريخي شهاب عبدالحميد مدير الآثار في الكويت، وعندما سألته عن هذه الصخرة، كانت إجابته بأن المنطقة في التاريخ القديم كان فيها صخور وأحجار كثيرة، ومع وسائل التعرية في المنطقة وانحدار الأرض وانخفاضها برزت هذه الصخرة فوق الأرض، إذ الأصل كان التعرية على مدى آلاف السنين التي أظهرت هذه الصخرة بحالتها هذه، وأصبحت الوحيدة هناك.

البعثة الأميركية

في سنة 1973 - 1974 زارت الكويت البعثة الأميركية للتنقيب عن الآثار وكانت ترأس البعثة دريزا هوارد كارتر من جامعة جون هوبنكر الأميركية بولاية بنلسفانيا، وكانت هذه العالمة درست منطقة أمديرة وصخرتها، وكتبت تقريراً في ذلك قالت فيه: إن منطقة أمديرة منطقة غنية بالآثار، وقد أثبت حدسها ودراستها في ذلك أن البعثات التي جاءت بعدها أخذت تنقب في هذه المنطقة التي وجدتها غنية بالآثار والوجود العمراني منذ آلاف السنين، والتي تقوم البعثات اليوم بالتنقيب في هذه المنطقة

كان الأستاذ شهاب الشهاب مدير الآثار قد أعد بحثاً عن هذه الصخرة، وقد آثر الا أن انقل منه هذه الفقرات ليطلع عليها القراء فيقول:
تقع صخرة أم ديرة على بعد 16 كيلو متراً تقريباً شمال منطقة كاظمة من الطريق الرئيسي، وتبعد الصخرة مسافة 1 كلم تقريباً من هذا الطريق في الجهة اليمنى من الطريق.

صخرة أم ديرة عبارة عن لوح كبير من الحجر الرملي، وتشير المصادر التاريخية الى وجود رسومات على سطح هذه الصخرة، وتصفها بأنها مرتكزة على صخرة أصغر منها، ودرجة ميل هذه الصخرة 45 درجة، وارتفاع الطرف الأعلى للصخرة المرتكزة 4 امتار عن سطح الأرض تقريباً، وتوجد على هذه الصخرة رسومات لحيوانات باللون الأحمر المائل الى الاصفرار، وفصلت هذه الرسومات - في الجزء الأعلى منها - رسماً لزرافة ذات قرون سميكة لها نتوء تشبه الذيل، ويوجد زوجان من طبعة الأقدام أو الأرقام، وواجهة خلفية لمنظر، أما الجزء السفلي فيوجد به شجرة نخيل مع مجموعتين من النقاط التي تتكون اثنتين أو ثلاث، كما يوجد خطان أفقيان وحيوان ذو أربع أرجل يشبه الحمار له ذنب طويل وحيوان ذو أربع أرجل غير متناسق في الأطوال ذو قرون منحنية وذنب طويل.

يشير تقرير آخر الى أن الرسومات التي نفذت باللون الأحمر يوجد في الجزء العلوي منها زرافتان أو رسم لظبي من النوع الذي يعيش في منطقة جنوب أفريقيا، وقد أرخت صخرة أم ديرة بالعصر الحجري الحديث. اختفت الرسومات عن سطح صخرة أم ديرة - التي ورد ذكرها في التقارير المشار اليها أعلاه، نتيجة لما تعرضت له من عوامل التعرية، من أمطار ورياح واختلاف في درجات الحرارة، وكذلك ما قام به بعض المترددين على الموقع من الكتابة على سطح الصخرة الأمر الذي أدى الى ضياع معالمها.

هذه الصخرة التي تقبع في أمديرة، لما زرتها في المرة الأولى وجدتها كالطود رافعة رأسها شامخة متعالية في منطقة خالية، ولكن للأسف لما زرتها قبل أسابيع كانت قد انفلقت كالبطيخة من كثرة النهش فيها، إنها حقاً قطعة أثرية لكن الذي لا يعرف الصقر يشويه.

اليوم، والحمد لله، أصبحت من ضمن المحميات التي فرضتها الدولة، وهذا جزء من المحافظة على تراثنا التليد.

وأخيراً، فقد كتبت منذ أمد بعيد عن «المدرة والمديرة»، وهذا البحث موجود في كتابي «تاريخ المواقع والأمكنة في الكويت»، لكنني أحب أن أضيف إلى ما ذكره في هذا الصدد العالم الكبير الإمام الزبيدي في كتابه «تاج العروس»، حيث في الجزء السادس عشر، صفحة 95 و96 التالي:

{طينة مثل العلك}

ويعطينا استدلالاً إلى ما ذكره الزبيدي بأن طينتها مثل العلك، إنك تأخذ ما يقابلها من البحر، حيث يطلق عليه الكويتيون الطينة، وهي محاذية إلى منطقة كاظمة، حيث أرض البحر كلها طين، والذي يدخل إلى البحر قد يتعرض إلى الخطر، لأن رجله تغوص في الطين، والطوينة هذه المحاذية لكاظمة غير الطوينة التي تقف بها السفن بعد رجوعها من الهند، حيث إن الطوينة هي الماء غير العميق، وهي تصغير لكلمة الطونة، وهو الماء العميق والغزير.

وهنا، أكون قد وفيت صخرة أمديرة حقها، حيث في مكانها المحمي اليوم كأن الحظ كتب أن تكون في حماية هذه المحمية.

واخيرا في هذه قصة الصخرة القابعة في منطقة امديرة، ومديرة اللفظة التي كنا لا نعرف معناها، ولكن الله قيض لنا الامام الزبيدي، حيث فسرها في كتابه «تاج العروس».





http://www.alqabas.com.kw/Temp/Pictures/2012/03/02/1ee22838-2e2c-4699-a628-235fc36b1730.jpg

موقع الصخرة داخل المربع على الخريطة