المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : وزارة التعليم العالي العراقية وجامعة بابل ترٌوجان لكتاب طبي مخالف للمعايير العلمية الرصينة



د. حامد العطية
03-02-2012, 08:06 PM
وزارة التعليم العالي العراقية وجامعة بابل ترٌوجان لكتاب طبي مخالف للمعايير العلمية الرصينة
د. حامد العطية

نشر كتاب علمي حدث عادي، يتكرر كل يوم، وفي كافة حقول المعرفة، لذا استوقفني خبر نشر كتاب طبي، لثلاثة من أساتذة جامعة بابل، منشور في موقع الجامعة، ومواقع خبرية أخرى، بما فيها وزارة التعليم العالي، وفيما يلي رابط الخبر على موقع الجامعة:
http://www.uobabylon.edu.iq/uobcoleges/action_news.aspx?fid=2&nwid=2350
عنوان الخبر:دار نشر عالمية (ألمانية) تصدر كتابا لباحثين عراقيين من جامعة بابل / كلية الطب حول البروبولس ( العكبر ) العراقي .
ونقتطف من الخبر المقطع التالي:[ أصدرت دار النشر الالمانية (لامبرت ) كتابا للتدريسيين من كلية الطب /جامعة بابل الاستاذ الدكتور حبيب صاحب نهر والاستاذ المساعد علاء هاني الجراخ والمدرس ندى هندي بعنوان( البروبولس العراقي : التركيب الكيميائي والفعالية المضادة للمكروبات المرضية ) واوضح الدكتور حبيب ان الكتاب يتضمن تحديد المركبات الكيميائية للبروبولس وفصلها عن بعضها ثم اختبار فعاليتها المضادة للمكروبات المرضية والتي شملت بكتريا مرضية وفطريات تم عزلها من اصابات سريرية مختلفة وذلك بهدف امكانية توظيف هذه المركبات لاغراض علاجية ضد الامراض المعدية التي تسببها الاحياء المجهرية .
واضاف الدكتور حبيب قائلا ولتعم الفائدة قمنا بمفاتحة دار النشر العالمية الالمانية (لامبرت ) لطباعة الكتاب واصداره كمصدر علمي عالمي حيث ابدت دار النشر موافقتها على ذلك الطلب حيث قامت بطباعته واعتماده كمصدر علمي عالمي للاستفادة منه في مجالات التدريس والمجالات العلاجية وتوزيعه على( 80 الف) مكتبة علمية في عموم دول العالم.]
دفعني الفضول العلمي لزيارة موقع الناشر الألماني، فرابني ما وجدته، فقصدت مواقع الجامعات والتقييمات بحثاً عن تقييم موضوعي ومنصف لهذا الناشر فتأكدت بعض أسوء ظنوني.
تبين من المعلومات التي حصلت عليها من الناشر نفسه وغيره من المصادر بأن الناشر الألماني يقوم غالباً بالاتصال بالخريجين الجدد من حملة شهادتي الدكتوراة والماجستير، عارضاً عليهم نشر اطروحاتهم ورسائلهم الجامعية من دون مقابل، وهو عرض لا يقبله إلا اليائسون من نشرها من قبل ناشرين معروفين، ويعرف بالنشر بغرض التباهي أو التفاخر أو ارضاءً للغرورvanity publishing سوى إن الباحث أو الاستاذ الجامعي لا يدفع ثمن طباعة مخطوطته، والسر وراء ذلك هو أن دار لامبرت الألمانية لا تضمن للكاتب سوى طباعة نسخة واحدة فقط من كتابه، وهي النسخة الوحيدة التي تزوده بها، ولا تقدم على طباعة نسخ منها إلا إذا استلمت طلباً بذلك من مشترين وهو ما يعرف بالطباعة عند الطلب Print to order كما أنها لا تسوق الكتب التي تقوم بنشرها، وتضع أسعاراً باهضة لها، وهي سياسة عقيمة لبيع اطروحات ورسائل جامعية يمكن الاطلاع عليها مجاناً في مواقع الجامعات أو المواقع المتخصصة، والظاهر أنهم يتوقعون جني أرباحهم من النسخ التي يطلبها الكاتب من كتابه لتوزيعها على الأقارب والأصدقاء وغيرهم للتفاخر والأبهة، ولو اشترى غيره نسخاً من الكتاب فعلى الأغلب سيتلقى المؤلف العوائد عيناً لا نقداً، وبشكل قسائم لشراء كتب أخرى من اصدار الناشر، ولكنهم يطلبون من المؤلف تزويدهم برقم حسابه المصرفي هو ما يتخوف ويحذر منه البعض.
الطامة الكبرى في النشر لدى شركة لامبرت هو أنها تنشر من دون مراجعة رصينة وتقييم علمي، إذ تنشر المخطوطة كما تستلمها من مؤلفها، وبذلك تنتفي الصفة العلمية عن مطبوعاتها، ولا يجوز قبولها في التقييم العلمي والترقية لأساتذة الجامعة، بل إن هذا النوع من النشر يسيء إلى سمعة الاكاديمي والباحث، ورداً على استفسارات حول النشر مع لامبرت نصح موقع موجه لباحثي جامعة سوينبورن للتكنولوجيا في استراليا بتجنب النشر من دون تقييم علمي:
Publishing in sources that are not peer-reviewed can adversely affect your academic career
في ضوء هذه المعلومات يتأكد لنا بأن الكتاب الذي بشرتنا به جامعة بابل ووزارة التعليم العالي العراقية وغيرها من المواقع منشور من غير تقييم علمي رصين، كما أن دار النشر الألمانية لا تعد بتوزيعه على 80 ألف مكتبة علمية كما يشير الخبر لأنها لا تطبع سوى نسخة واحدة ترسلها للكاتب، ولن تطبع غيرها إلا إذا تلقت طلباً بذلك، وبعدد النسخ المطلوبة، فلا يجوز القول بأنها اعتمدته ( كمصدر علمي عالمي للاستفادة منه في مجالات التدريس والمجالات العلاجية) كما ورد في الخبر المنشور في موقع جامعة بابل.
أحد المعلقين على الخبر المنشور في موقع عراق القانون ذكر بأنه هو الأخر صدر له كتاب عن دار النشر الألمانية، فعدت مجدداً للبحث في موقع الناشر الألماني، وبالتحديد بين قوائم الكتب فكانت المفاجأة المفجعة، كتب أخرى من تأليف اكاديميين من جامعات عراقية، أصدرتها دار لامبرت الألمانية، وكلها من غير مراجعة أو تقييم، والهدف منها وكما هو معروف حصولهم على الترقية العلمية.
قد تكون هذ الحالات غير كافية للحكم على المستوى العلمي لأساتذة الجامعات العراقية، لكنها كافية للبرهان على غياب الرقابة العلمية في جامعة طب بابل وجامعة بابل ووزارة التعليم العالي وهو أمر مثير للذعر، إذ يثير الشكوك حول نوعية الأطباء وغيرهم من خريجي الجامعات العراقية.
ينبغي على وزير التعليم العالي ومن دون تأخير تشكيل لجنة علمية لدراسة هذه الظاهرة واصدار القواعد والضوابط للنشر العلمي واعتبار ما ينشره اساتذة الجامعات العراقية في دار النشر لامبرت وأمثالها غير مقبول لأغراض الترقية الأكاديمية وبأثر رجعي، وأي تقاعس أو تساهل من الوزير في معالجة هذه الظاهرة سيكون له أسوء العواقب على السمعة العلمية للجامعات العراقية وأساتذتها وطلابها وعلى مستقبل التعليم العالي في العراق برمته.
1 اذار 2012م