المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نعم .. إبليس من المتدينين ...



هبة الله
12-15-2004, 11:59 PM
نعم .. إبليس من المتدينين …

كلنا يعلم .. أن إبليس المتدين عليه اللعنة .. عبد الله آلاف السنين .. ثم بعدها إستكبر وأخذته الكبرياء .. فأبى أن يسجد لآدم .. بسبب الحس العنصري الذي كان يتغلل في أعماق نفسه …

لقد تغلغل الحس العنصري في أعماق إبليس .. لأنه كان يعبد الله آلاف السنين .. ليس إرضاء لله .. بل في حقيقته إرضاء لغروره ...

فكان يشعر بعظمة نفسه كلما عبد الله .. فبدأ يشعر بالحس الأناني والكبريائي .. وبدأ يزداد تكبره شيئا فشيئا .. حتى وصل إلى مرحلة العصيان …

إن إبليس شأنه شأن المتدينين .. الذين يتمسكون بالدين لكي يرضوا كبرياءهم البغيض .. فليس لله مكان في قلوبهم .. بل هم يستغلون الدين للوصول إلى أطماعهم الغرورية والأنانية ...

لعل السمة الأساسية للمتدينين .. هي التعالي على غيرهم .. بسبب الحس العنصري الذي يشعرونه .. فيقومون بمحاربة كل من إختلف معهم في الأفكار والآراء ...

والمتدينين ماهرون في إساءة الظن بالناس .. ويقومون بتخبيث نفوس الناس .. والتدخل في خصوصياتهم .. وتتبع عوراتهم .. وذلك كله ليعظموا أنفسهم .. وينسوا عيوبهم ...

المتدينين بسبب غرورهم .. وشعورهم بالكبرياء والعنصرية .. يريدون أن يتتبعوا عيوب الآخرين .. والغور في أعماق نفوسهم لتخبيثها .. حتى يشعروا بعظمة أنفسهم .. ويرضوا غرورهم ...

ولكي يشعروا أنهم مثل أعلى .. لا يوجد لهم أي عيب ...

إن التكلم ضد الآخرين .. والإساءة إليهم .. والخوض في عيوبهم .. وسيلة مهمة لتعظيم الأنا في نفس الإنسان .. ولنسيان أن يكون له عيبا ...

إن الحس العنصري موجود في نفوس البشر .. منذ بداية الخليقة وحتى الآن .. ونحن موجودون في هذا الكون .. لكي يختبرنا الله تعالى .. ليعلم من له الحس العنصري الكبريائي الذي كان لإبليس .. ومن يملك الحس العبودي لله تعالى ...

ولهذا .. نلاحظ جليا أن الله تعالى خلقنا مختلفون في الأشكال .. فمنا الأسود .. والأبيض .. والحنطي .. والأحمر ...

فلم يجعلنا على شكل واحد .. وذلك ليمتحن قلوبنا ...

( وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ .. إِلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ) ...

(وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ .. فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ .. إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) ...

(وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) ...

وأيضا .. خلقنا مختلفون في الأفكار والآراء .. والديانات .. وقد كان بإمكانه أن يجعل جميع البشر تحت دين واحد .. وشكل واحد .. وطبقة إجتماعية واحدة من الناحية المادية .. ولكنه جعلنا على هذه الحالة ليمتحن قلوبنا .. ليعرف من له صفة العنصرية والكبرياء التي كانت لإبليس .. ومن له صفة العبودية لله الواحد القهار ...

إن بطبيعة المخلوق أن يخضع لله .. أن يخضع للخالق .. وطبيعة المصنوع أن يخضع للصانع .. فهذه سنة إلهية .. وفكرة منطقية ...

والمخلوق بطبيعته .. يحب أن يمتلك صفة العبودية لخالقه .. فهذه فطرة موجودة في أعماقه ...

والخالق بطبيعته يمتلك صفة الكبرياء على مخلوقاته .. كيف لا وهو الخالق والموجد ...

فلا يجوز للمخلوق أن يمتلك صفة الكبرياء .. وهو مخلوق .. ولا يجوز أن يتعالى على مخلوق غيره .. لأنهم كلهم مخلوقين ...

وإذا تعالى مخلوق على مخلوق آخر .. مهما كان السبب .. فهذا نوع من العنصرية والكبرياء ...

ليس لأي مخلوق الحق أن يتعالى على مخلوق آخر مثله .. فالله وحده من له الحق في ذلك .. إلا إذا كان المخلوق قد أخذ تفويض من الله بذلك .. أو تلقى أمر من الله بأن يفعل ذلك .. بحيث يكون مخالفة ذلك معصية ...

نحن إن كنا قد حاربنا المشركين في بداية مطلع الإسلام .. فهو بسبب الأمر الإلهي الذي تلقيناه .. يجيزنا في عمل ذلك .. بل يأمرنا لعمل ذلك ...

فالأصل أن لا يتعالى المسلم على أي مخلوق .. حتى ولو كان مشرك أو كافر أو نجس .. ولا يعاديه من أجل إرضاء نفسه وغروره .. بل يجب أن يأخذ تفويض من الله لعمل ذلك .. وإلا فهو عنصري وذوكبرياء ...

والله تعالى يقول .. " الكبرياء ردائي والعظمة إزاري .. من نازعني في واحد منهما أدخلته النار ولا أبالي " ...

لقد أمرنا الله بمحاربة المشركين ومعاداتهم لا لأننا أحسن منهم .. بل لأن الله أمرنا في عمل ذلك .. ويجب أن تكون معاداتنا لهم تبعا لذلك الأمر الإلهي .. لا تبعا لغرورنا وكبريائنا المشؤوم ...

لقد ذكرت سابقا أن الله خلقنا مختلفين في الأشكال والأديان والأفكار ومستوى المعيشة .. ليمتحننا ويعلم من يمتلك عنصرية إبليس .. ومن له العبودية الخالصة ...

فالأديان وسيلة وليست هدف .. فنحن لا نقدس الدين أو المذهب بحد ذاته لأنه مجرد وسيلة .. بل نحن من المفترض أن نقدس الهدف .. وهو العبودية لله ...

فنحترم أي دين يؤدي إلى ذلك الهدف .. بغض النظر ما لقدرة ذلك الدين على تزكية النفوس وتقوى الله ...

لكن مشكلة البعض أنهم يقدسون الوسيلة لدرجة أنهم ينسون الهدف .. التي كانت الوسيلة من أجله ...

مشكلة البعض أنهم يصير همهم الوسيلة .. لدرجة أن الهدف يزول من قلوبهم .. وذلك مصداق للآية الكريمة " قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً .. الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا " ...

وكما قلت سابقا فالمخلوق بطبيعته يخضع لخالقه .. فهذه سنة إلهية وفكرة منطقية ...

ولهذا نجد الله تعالى قد قرن عبادته ببر الوالدين .. برين كانا أم فاجرين .. لماذا حدث ذلك ؟؟؟

لأن الوالدين هم من أوجدوني إلى الحياة ولولاهم لما كنت موجود .. وبطبيعة المخلوق أن يخضع ولا يتعالى على من أوجده إلى الحياة ...

لقد خلق الله الوالدين .. لكي يمتحن الإنسان .. ويعرف هل له حس عنصري ذوكبرياء .. أم يمتلك حس عبودي ...

إن التعدي على الوالدين وعقوقهم .. هم بمثابة التعدي على الله .. فإن كان الإنسان لايحترم ويقدر من كان سبب في وجوده .. على الرغم من أن الفطرة السليمة والسنة الإلهية .. والفكرة المنطقية .. أن المخلوق يخضع للخالق .. فما بالك ممن هو سبب في وجود الموجدين ...

نعم .. لقد خلق الله الوادين لكل إنسان .. ليمتحن الحس العنصري الموجود في داخله .. فإن كان عابدا حقيقيا .. فإن فطرته تجعله يخضع أو يخفض جناح الذل لمن كان سببا في وجوده في الحياة ...

وإن كان يمتلك حس عنصري .. ذو كبرياء .. فإنه لن يحترم والديه بل سيطغى عليهم .. كما طغى إبليس على الله .. والتعدي على الوالدين هو بمثابة التعدي على الله ...

فإن كان لا يحترم أو يقدر من كان سبب في وجوده في الحياة .. فهل سيحترم لمن هو أعلى من ذلك ...

(وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا .. إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا .. وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنْ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا) ...

إن الحس العنصري الموجود في المتدينين أعلى بكثير ويفوق كل البشر ...

ولو نراجع التاريخ .. فإننا سنعي جيدا .. أن البشر منذ بداية الخليقة كان يدب بينهم صراعات وعداءات .. إما بسبب دين أو عقيدة أو مستوى إجتماعي .. أو بسبب شكل أو لون أو جنس ...

هؤلاء كلهم أغبياء .. فقد نسوا أن إلههم واحد .. ونسوا أنهم يعبدون إلها واحد .. ونسوا أن الهدف من هذا الكون هو عبادة الله .. وليس عبادة الدين أو المذهب ...

إن تقديس دين معين أومذهب معين .. هو ناتج من تقديس الإنسان لنفسه .. وبسبب غروره وكبربائه وعنصريته .. فيتعالى على الآخرين .. على الرغم من أنهم مخلوقون مثله .. ولا يحق أن يتعالى مخلوق على مخلوق آخر مثله أبدا ...

وليس هذا فقط .. بل إنه شيئا فشيئا .. تزداد النجاسة ورجس الشيطان في قلبه .. حتى يمتلأ قلبه ظلمة وكبرياء والأنا .. فيصل إلى مرحلة إساءة الظن بالعباد وتخبيث نواياهم وتتبع مساوءهم والتدخل في خصوصياتهم .. بسبب الحس العنصري والكبريائي الذي في جوفه .. وكل ذلك يحدث حتى يشعر المتدين بعظمة نفسه .. ليرضي غروره وليشعر أنه منزه عن الخطأ ...

إن المتدينين لا يمكنهم العيش من دون التكلم في مساوئ الآخرين .. فهو غذاء الروح الذي يعيشون به .. ومن دونه يشعرون بالهلاك .. فلا تجد يوما واحدا يمر إلا ويتكلم ضد فلان أو فلان من الناس ...

ويا للكارثة لو دب صراع بين متدين وآخر .. فحدّث ولا حرج ...

لو دب صراع بين متدين وآخر .. فما أكبر مساوئ الظن التي تتناثر في الهواء بينهم .. وكأني أشعر بالرائحة النتنة التي تنبعث منهم .. وكأني أحس بمدى قبح ونجاسة الصراع الذي بينهم .. فكله إساءة ظن وتخبيث نوايا ...

إن أجواء المتدينين أجواء مريضة .. يملؤها الحسد والغل والرياء والكبرياء ...

وإذا وضعت تفاحة سليمة مع تفاحات عفنة .. فلا بد أن يصيبها العفن ...

ولهذا فأنا أدعو كل إنسان قلبه سليم .. أن يبتعد عن المتدينين .. حتى لا يمرض قلبه منهم ...

والصفة الأخرى من صفات المتدينين .. أنهم يتحسسون كثيرا من الأمور الجنسية ومن العلاقة بين الرجل والمرأة .. وما أكثر إساءة الظن التي يتبع من ذلك .. بسبب العقدة التي في قلوبهم .. فأقل كلمة ممكن أن تخرج من الفرد .. تأخذ على أنها شيطانية ...

بسبب الكبت التي يعاني منه المتدين من الأمور الجنسية .. يجعلهم يتحسسون من هذا الأمر كثيرا ...

بسبب الكبت التي يعاني منه المتدين .. تثار شهوتهم بسهولة .. بل وحتى ولو تحجبت المرأة وقامت بتغطية جسدها كاملا .. فإن شهوة المتدين تثار بسرعة .. وزغللة الشيطان موجودة في عينيه .. لمجرد كلمة عادية تخرج من لسان المرأة ...

بسبب الكبت التي يعاني منه المتدين والعقد .. يجعله يسيء الظن بأقل حركة تبدر من الرجل والمرأة ويقوم بتحليلها على أساس شيطاني .. وهو في حقيقته يقيس الأمور على نفسه .. فلأن نفسه قذرة .. فيعتقد أن الآخرين قذرون مثله ...

إن المتدينين .. أناس أبالسة .. يجب الابتعاد عنهم وتجنبهم .. حتى لا تصيبك رائحة نتنة منهم .. فليس لله مكان في قلوبهم .. بل فقط الغرور وهوى النفس والأنانية والكبرياء ...

هم يستغلون الدين لتعظيم أنفسهم .. كما فعل إبليس عندما عبد الله ليعظم نفسه ويتعالى على الآخرين ...

فلا يوجد فرق بينه وبينهم ...

اللهم إني أعوذ بك من المتدينين .. ومن كل شيطان رجيم ...

والسلام ...
____________________
محمد عادل الكاظمي ...

* مواضيع مرتبطة ...

صفات المتدينين .. وصفات المتقين ...
http://www.manaar.com/vb/showthread.php?t=259

صفات النساء المتدينات .. وصفات النساء ذات التقوى ...
http://www.manaar.com/vb/showthread.php?t=261

سيد مرحوم
12-17-2004, 03:40 AM
حديث ممتاز ودقيق.. اخي هبة الله..

وهو بالفعل يجسد الفرق الحقيقي بين المتدين (كما هو من الناحية الواقعية ) والمتدين (كما ينبغي ان يكون من الناحية النموذجية) فالأول يكتفي بالحالة التطبيقية في ممارساته الفعلية للاحكام الدينية كطقوس خالية من الأثر الروحي والسلوكي الذي وضعت لأجله فتتجه به الى نتائج معاكسة تماما تجعله يعيش الانحراف كمفهوم في مصاديق اخرى ولاسيما اذا مثلت منهجا وخطا ولم تكن مجرد زلات واخطاء...اما الاخر فيعيش الدين برنامجا مفاهيميا وسلوكيا يقوم السلوك ويرتقي بالروح لتنقل اثار الاتصال بالكمال المطلق وتعيشه حيا في الواقع بين الناس على اختلاف اديانهم والوانهم واعراقهم ومستويات الصلاح فيهم.

تحية لهذه النوعية من المواضيع النقدية الواعظة التي نحتاجها دائما ...والى الامام...