مجاهدون
12-15-2004, 01:19 PM
كتابات - باسم السعيدي
في مقالة كتبها السيد الأسدي على صفحات – كتابات – وصف المشروع السياسي الذي ينتهجه التيار الصدري بأنه مشروع الله ، وهو يحدد ما ينطق به التيار على أنه صادر عن الله تعالى ، مما يشير الى انطباق الآية الكريمة ( وما ينطق عن الهوى ، ان هو الا وحي يوحى) على مشروعهم السياسي.
لأنني لست في صدد المشاطرة والمباراة الكلامية معه أجد أنه يتوجب علي – كعراقي ليبرالي – أن ادرس خطورة هذا التصدير للمنطق السياسي الذي يتحاور ، بل لا يتحاور به البعض ، ومدى انسجام هذا المنطوق في العمل السياسي مع عراق نريد أن نبنيه وكافحنا وناضلنا – كعراقيين أحرار – الديكتاتورية والفردية الشمولية التي حرمت الحوار فضلاً عن الرد على مشروعهم السياسي ، مما أدى الى النتائج التي وصلنا اليها ، من بؤس ، وفقر وتخلف وشقاء وفوق كل هذا .. إحتلال .
بدءاً ، الله تعالى المطلق .. واجب الوجود – على اصطلاح الكلاميين- الذي لايحده شيء ، ولا يعرف ما هو الا هو ، والذي هو مصدر الوجود لكل الممكنات ... هذا الخالق الباريء لا يمكن لأحد أن يمتلكه ، وأن يضعه في جيبه ، ليضمن بأنه يتحدث باسمه ، ومشروعه مشروعه ، حتى الأنبياء ما كانوا ليسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون ، وما أمره تعالى الا عبر الوحي الألهي ، لذلك صار المصطفي (ص) لا ينطق عن الهوى ، لأنه يبين القرآن بقوله تعالى ( علمه شديد القوى).
هذا بالنسبة للأنبياء ، أما الأئمة فتورد الأحاديث الصحيحة ، أن علمهم عليهم السلام في إرث عنه (ص) في كتب لا تغادر من أحكام الله تعالى ، حتى أن فيهاارش الخدش – كما ورد في الروايات ، لذلك لا يتحدث الإمام من نفسه، ان هو الا ناقل لما ورد عن نبي الرحمة ، عن رب العزة جل ذكره .
واذا ما تنزلنا أكثر – في مقام الكلام - للعلماء ورثة الأنبياء ، فلا يدعي أحد منهم أن قوله وعلمه ومشروعه هو مشروع الله تعالى ، واذا ما تصفحنا الرسائل العملية للفقهاء وجدنا فيها عبارات كالتي هي : الأولى ، الأقوى ، الأحوط وجوبا، الأحوط استحباباً ، الخ من التعابير الفقهية التي تنبيء عن أن ما ورد ليست فتوى ، ولا هو حكم شرعي ، بقدر ما أمر ظني ، لا يرتقي الى مرتبة الفتوى لأنه لا يستند الى مدارك فقهية تامّة ، وعلى حد علمي لم يقل أحد من الفقهاء بأن كلامه وقوله ومشروعه كلام الله تعالى وقوله قوله ومشروعه مشروعه ، عد السيد الشهيد محمد الصدر وضيق العبارة بالشكل التالي ( أوامر الله تعالى تصدر من الحوزة الشريفة) ، وهو يختلف تماماً عما هو مدار البحث كما لا يخفى على القاريء اللبيب ، باعتبار أن الحوزة على عمومها – اختلاف مراجعها – تصون الدين الحنيف عن الانحراف ، وترد الحائر الى قطب الرحى ، وتدفع الشبهات ، كما وأن الحوزة الشريفة هي في مقام التبليغ عن الأوامر والنواهي الدينية .
واذا عدنا عن الكلام في الفقه ، وعلم الكلام ، الى المشاريع السياسية والاجتماعية والدينية ، وجدنا عدة حركات تصدت الى مرتبة الحديث باسم الله تعالى ، وأخذت يمينا وشمالاً ولا من راد لها ، لأن الراد عليها كالراد على الله _ وهذا وان صحّ في بعض المقامات كالضرورات الدينية – فانه لا يصح في الأمور السياسية والاجتماعية ، وكمثال أسوق طغيان الكنيسة في العصور الوسطى ، وتجربة محاكم التفتيش التي وصل بها الأمر الى محاكمة غاليلو ، وأمرته بالرجوع عن قوله بأن الكرة الأرضية تدور حول الشمس ، واعدام جان دارك ، والعديد من المفكرين والشعراء والأدباء بتهمة الهرطقة ، مما أثار النفور من الكنيسة ، وانعكس سلبا لا على المسيحية فحسب بل على الدين برمته .
هذه واحدة ، واليك عندنا في الدين الاسلامي معضلة الخوارج ، والقرامطة ، وطغيان المعتزلة في مسألة خلق القرآن ، ومروراً بالسلفية ، والهجرة والتكفير ، والوهابية ، واليوم لن يتجادل أحد حول ( السلفية الجهادية ) ولولا العجالة لأتيت بأمثلة كثيرة على قسوة ودموية الحركات التي أعلنت أن مشروعها مشروع الله ، والراد عليها راد على الله .
طبعاً سيعترض القاريء – الشيعي – والـ - صدري تحديداً – على المقارنة مع تلك الحركات الدينية التي مرت عبر التاريخ ، وله الحق في ذلك ، لكنني أملك كل الحق – كديمقراطي – في المقارنة ، لسبب بسيط وهو :- أنك لو نقلت صورة المقارنة تلك الى أية جهة من تلك الجهات أو الحركات الدينية لرفضها بقوة ، والسبب هو أن كل الناطقين باسم الله يرفضون أن يشاركهم أحد فيه ، أنهم ببساطة يعتبرون أنفسهم ( يمتلكونه ) ويحتكرون التحدث باسمه ، واعطاء الصيغة المشروعية عنه ، وهذا هو سبب رفضنا لمرتبة التحدث باسم الله من أي أحد على الاطلاق في مقام التعايش السلمي بين القوميات ، والاديان والطوائف والفرق ، والحركات السياسية والاجتماعية .
وكل فئة من هؤلاء تظن انها هي الفرقة الناجية من الثلاث وسبعين فرقة ، وغيرها ضالاً ، ولا بأس في اعتبار الآخرين ضالين ، لكن ليس في مقام مسح وجود الآخر ، وانكار علاقته بالله تعالى ، لأن هذا الأمر متعلق به تعالى وحده ، وهو الذي يفصل بين عباده يوم القيامة ، بينما قال عنهم تعالى ذكره ( كل قوم بما لديهم فرحون) ، ولا يصح أيضاً في مقام التعامل الاجتماعي فضلاً عن الوضع الفقهي كما ورد في استفتاء للسيد الصدر(قد) حين سئل عن صلاتهم فأجاب ( اذا كانت صحيحة وفق القواعد الي ثبتت عندهم صحَّت) .
وفي عقيدتي أن الله تعالى الذي يملك الأرض ومن عليها هو الذي يملك أن يتقبل أو لايتقبل من عباده على اختلاف عقائدهم الدينية ، ومنه يقول فقهاؤنا أن صلاة المؤمن الذي لايعرف القراءة والكتابة ولا يحفظ من القرآن شيئاً ، لكنه يؤديها بصدق بينه وبين الله تعالى ، هي أفضل من صلاة الذي يجيدها لكنه يشرد بذهنه عنها ، والله تعالى هو العالم بالأمور ، وبالمناسبة لن تجد أية فتوى لعالم من علمائنا في اجاباتهم دون أن يلحقها بعبار – والله لعالم – وهو تأييد لما ذكرنا .
بغداد
Basim_alsaeedi@yahoo.com
في مقالة كتبها السيد الأسدي على صفحات – كتابات – وصف المشروع السياسي الذي ينتهجه التيار الصدري بأنه مشروع الله ، وهو يحدد ما ينطق به التيار على أنه صادر عن الله تعالى ، مما يشير الى انطباق الآية الكريمة ( وما ينطق عن الهوى ، ان هو الا وحي يوحى) على مشروعهم السياسي.
لأنني لست في صدد المشاطرة والمباراة الكلامية معه أجد أنه يتوجب علي – كعراقي ليبرالي – أن ادرس خطورة هذا التصدير للمنطق السياسي الذي يتحاور ، بل لا يتحاور به البعض ، ومدى انسجام هذا المنطوق في العمل السياسي مع عراق نريد أن نبنيه وكافحنا وناضلنا – كعراقيين أحرار – الديكتاتورية والفردية الشمولية التي حرمت الحوار فضلاً عن الرد على مشروعهم السياسي ، مما أدى الى النتائج التي وصلنا اليها ، من بؤس ، وفقر وتخلف وشقاء وفوق كل هذا .. إحتلال .
بدءاً ، الله تعالى المطلق .. واجب الوجود – على اصطلاح الكلاميين- الذي لايحده شيء ، ولا يعرف ما هو الا هو ، والذي هو مصدر الوجود لكل الممكنات ... هذا الخالق الباريء لا يمكن لأحد أن يمتلكه ، وأن يضعه في جيبه ، ليضمن بأنه يتحدث باسمه ، ومشروعه مشروعه ، حتى الأنبياء ما كانوا ليسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون ، وما أمره تعالى الا عبر الوحي الألهي ، لذلك صار المصطفي (ص) لا ينطق عن الهوى ، لأنه يبين القرآن بقوله تعالى ( علمه شديد القوى).
هذا بالنسبة للأنبياء ، أما الأئمة فتورد الأحاديث الصحيحة ، أن علمهم عليهم السلام في إرث عنه (ص) في كتب لا تغادر من أحكام الله تعالى ، حتى أن فيهاارش الخدش – كما ورد في الروايات ، لذلك لا يتحدث الإمام من نفسه، ان هو الا ناقل لما ورد عن نبي الرحمة ، عن رب العزة جل ذكره .
واذا ما تنزلنا أكثر – في مقام الكلام - للعلماء ورثة الأنبياء ، فلا يدعي أحد منهم أن قوله وعلمه ومشروعه هو مشروع الله تعالى ، واذا ما تصفحنا الرسائل العملية للفقهاء وجدنا فيها عبارات كالتي هي : الأولى ، الأقوى ، الأحوط وجوبا، الأحوط استحباباً ، الخ من التعابير الفقهية التي تنبيء عن أن ما ورد ليست فتوى ، ولا هو حكم شرعي ، بقدر ما أمر ظني ، لا يرتقي الى مرتبة الفتوى لأنه لا يستند الى مدارك فقهية تامّة ، وعلى حد علمي لم يقل أحد من الفقهاء بأن كلامه وقوله ومشروعه كلام الله تعالى وقوله قوله ومشروعه مشروعه ، عد السيد الشهيد محمد الصدر وضيق العبارة بالشكل التالي ( أوامر الله تعالى تصدر من الحوزة الشريفة) ، وهو يختلف تماماً عما هو مدار البحث كما لا يخفى على القاريء اللبيب ، باعتبار أن الحوزة على عمومها – اختلاف مراجعها – تصون الدين الحنيف عن الانحراف ، وترد الحائر الى قطب الرحى ، وتدفع الشبهات ، كما وأن الحوزة الشريفة هي في مقام التبليغ عن الأوامر والنواهي الدينية .
واذا عدنا عن الكلام في الفقه ، وعلم الكلام ، الى المشاريع السياسية والاجتماعية والدينية ، وجدنا عدة حركات تصدت الى مرتبة الحديث باسم الله تعالى ، وأخذت يمينا وشمالاً ولا من راد لها ، لأن الراد عليها كالراد على الله _ وهذا وان صحّ في بعض المقامات كالضرورات الدينية – فانه لا يصح في الأمور السياسية والاجتماعية ، وكمثال أسوق طغيان الكنيسة في العصور الوسطى ، وتجربة محاكم التفتيش التي وصل بها الأمر الى محاكمة غاليلو ، وأمرته بالرجوع عن قوله بأن الكرة الأرضية تدور حول الشمس ، واعدام جان دارك ، والعديد من المفكرين والشعراء والأدباء بتهمة الهرطقة ، مما أثار النفور من الكنيسة ، وانعكس سلبا لا على المسيحية فحسب بل على الدين برمته .
هذه واحدة ، واليك عندنا في الدين الاسلامي معضلة الخوارج ، والقرامطة ، وطغيان المعتزلة في مسألة خلق القرآن ، ومروراً بالسلفية ، والهجرة والتكفير ، والوهابية ، واليوم لن يتجادل أحد حول ( السلفية الجهادية ) ولولا العجالة لأتيت بأمثلة كثيرة على قسوة ودموية الحركات التي أعلنت أن مشروعها مشروع الله ، والراد عليها راد على الله .
طبعاً سيعترض القاريء – الشيعي – والـ - صدري تحديداً – على المقارنة مع تلك الحركات الدينية التي مرت عبر التاريخ ، وله الحق في ذلك ، لكنني أملك كل الحق – كديمقراطي – في المقارنة ، لسبب بسيط وهو :- أنك لو نقلت صورة المقارنة تلك الى أية جهة من تلك الجهات أو الحركات الدينية لرفضها بقوة ، والسبب هو أن كل الناطقين باسم الله يرفضون أن يشاركهم أحد فيه ، أنهم ببساطة يعتبرون أنفسهم ( يمتلكونه ) ويحتكرون التحدث باسمه ، واعطاء الصيغة المشروعية عنه ، وهذا هو سبب رفضنا لمرتبة التحدث باسم الله من أي أحد على الاطلاق في مقام التعايش السلمي بين القوميات ، والاديان والطوائف والفرق ، والحركات السياسية والاجتماعية .
وكل فئة من هؤلاء تظن انها هي الفرقة الناجية من الثلاث وسبعين فرقة ، وغيرها ضالاً ، ولا بأس في اعتبار الآخرين ضالين ، لكن ليس في مقام مسح وجود الآخر ، وانكار علاقته بالله تعالى ، لأن هذا الأمر متعلق به تعالى وحده ، وهو الذي يفصل بين عباده يوم القيامة ، بينما قال عنهم تعالى ذكره ( كل قوم بما لديهم فرحون) ، ولا يصح أيضاً في مقام التعامل الاجتماعي فضلاً عن الوضع الفقهي كما ورد في استفتاء للسيد الصدر(قد) حين سئل عن صلاتهم فأجاب ( اذا كانت صحيحة وفق القواعد الي ثبتت عندهم صحَّت) .
وفي عقيدتي أن الله تعالى الذي يملك الأرض ومن عليها هو الذي يملك أن يتقبل أو لايتقبل من عباده على اختلاف عقائدهم الدينية ، ومنه يقول فقهاؤنا أن صلاة المؤمن الذي لايعرف القراءة والكتابة ولا يحفظ من القرآن شيئاً ، لكنه يؤديها بصدق بينه وبين الله تعالى ، هي أفضل من صلاة الذي يجيدها لكنه يشرد بذهنه عنها ، والله تعالى هو العالم بالأمور ، وبالمناسبة لن تجد أية فتوى لعالم من علمائنا في اجاباتهم دون أن يلحقها بعبار – والله لعالم – وهو تأييد لما ذكرنا .
بغداد
Basim_alsaeedi@yahoo.com