المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لو شارك المالكي في القمة الثلاثية بالباكستان



د. حامد العطية
02-24-2012, 10:23 PM
لو شارك المالكي في القمة الثلاثية بالباكستان
د. حامد العطية

قبل أيام انعقدت قمة ثلاثية في الباكستان، جمعت رؤوساء دول الباكستان وأفغانستان وإيران، تباحثوا فيها حول أمور المنطقة، وبالأخص المخاطر الأمنية، ومعالجة الإرهاب، وخرج الرئيس الإيراني احمدي نجاد بتصريح على هامش القمة اتهم فيه القوى الأجنبية بالتدخل في شؤون الدول الثلاث الداخلية والتآمر لزعزعة استقرارها، وفي ختام القمة حرص الرؤوساء الثلاثة على الظهور أما الملأ وقد تشابكت ايديهم وانفرجت أساريرهم بإبتسامات عريضة للدلالة على مدى التفاهم والتضامن بينهم.
حقق المؤتمر منافع لكل المشاركين فيه، منها معالجة أزمة الثقة المفقودة بين أفغانستان والباكستان، فقد دابت أفغانستان على اتهام الباكستان برعاية جماعة طالبان وتقديم الدعم اللوجستي لها، وتعاون البلدان في حل مشاكلهما المشتركة سيحرم أمريكا والحلف الأطلسي من الذريعة لتكرار غاراتهما على الباكستان والتسبب بقتل سكانه المدنيين وبالتالي احراج الحكومة الباكستانية أمام شعبها، وإيران أيضاً خرجت من الاجتماع بفوائد جمة، منها التذكير بأهمية دورها الإقليمي في حل الأزمات، وبأنها حريصة على استقرار ومصالح الدول الإسلامية وتحظى بتضامن دولتين إسلاميتين هامتين هما الباكستان وأفغانستان معها ازاء الضغوط والحصار الاقتصادي الغربي.
لو شارك العراق في تلك القمة لأرسل رسالة قوية للدول التي اشتكى المالكي مؤخراً من ضغوطها على حكومته بأن لحكومة العراق صلات تتعدى دول الجوار ويمكن للعراق الاستفادة منها في ايجاد توازن جديد في المنطقة لصالحه، كما ان مشاركة العراق في ذلك المؤتمر تحذير بليغ للدول العربية المجاورة ذات النوايا الخبيثة العلنية أو المبيتة تجاه العراق بأن هويتنا إسلامية أيضاً وإن اساءاتهم العراق سيدفعه للإبتعاد عنهم والاصطفاف مع الدول الإسلامية القريبة، ومنها الباكستان وأفغانستان وإيران وغيرها من دول أواسط أسيا، واردوغان التركي أيضاً سيقرأ في مشاركة العراق بالمؤتمر لو تمت تنبيهاً قوياً بأن تهديداته واملاءاته مرفوضة فالعراق دولة ذات سيادة تختار أصدقاءها وحلفاءها على أساس المصالح المشتركة وحسن الجوار واحترام السيادة والاستقلال، ولا شك بأن للعراق مصلحة حيوية في القضاء على الإرهاب في أفغانستان والباكستان وضمان عدم سيطرة الحركات الإرهابية على هاتين الدولتين، ولا أظن أن عراقياً مخلصاً لوطنه ويقدم مصالحه العليا على انتماءاته الطائفية والعرقية سيستاء من تمتين روابط العراق مع محيطه الإسلامي غير العربي الممتد إلى الشرق من حدوده.
من غرائب الأطباع أن يدير المرء ظهره لمن يريد به خيراً أو على الأقل لا يضمر له الشر ويلهث وراء من يجافيه أو يجاهر له بالعداء متوسلاً رضاه، وهي البرهان على انقياده للأهواء وضعف تدبيره، وهذا ما نشهده اليوم في علاقات الحكومة العراقية الخارجية.
23 شباط 2012م