المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الخبير الامني حسين حموده:الثورة ُسرقت ولم تحقق اهدافها وجمال كان المدير الفعلي لأمن الدوله والداخليه



سلسبيل
01-28-2012, 07:19 AM
الخبير الأمني أكد أن جمال مبارك كان المدير الفعلي للداخلية وأمن الدولة

حسين حمودة لـ«النهار»: الثورة سُرقت ولم تحقق أهدافها


http://www.annaharkw.com/annahar/Resources/ArticlesPictures/2012/01/28/aa576bd8-90d9-4443-a3d4-70f0956f15d6_mainNew.jpg

الخبير الأمني المصري حسين حمودة أثناء ثورة 25 يناير

مصطفى إبراهيم


أكد الخبير الأمني العميد حسين حمودة أن الثورة سرقت من أصحابها الحقيقيين وتغيرت مساراتها وقفزت أطراف عدة عليها ،مستدلاً بعدم تحقيق العديد من أهداف الثورة حتى الآن.

ونفى حمودة في حوار مع «النهار» اتهامات العقيد عمر عفيفي له بالمشاركة في تنظيم يهدف إلى حرق مصر مستدلاً بحواراته ولقاءاته الصحافية والتلفزيونية أثناء الثورة وبعدها التي كان يطالب فيها دائماً بالحفاظ على سلمية الثورة وعدم شيطنة ميدان التحرير مؤكداً أن عفيفي كان على النقيض من ذلك يدعو الثوار لمهاجمة مبنى ماسبيرو ومديريات الأمن وسرقة السلاح الموجود به.

وأكد ضابط أمن الدولة السابق أن جمال مبارك كان هو الذي يدير وزارة الداخلية فيما كان حبيب العادلي مجرد مدير تنفيذي لتوجيهاته ومنفذ لأوامره، موضحاً أن التعذيب كان المنهج المتبع لدى الجهاز الذي تم حله ،مؤكداً في الوقت ذاته أنه لا غنى عن جهاز يتولى رقابة ومتابعة الأمن الداخلي لأي وطن، بشرط أن يخضع لرقابة القضاء وأن يكون عمله طبقاً للقانون.

وطالب بأن يصبح ميدان التحرير مزاراً اثرياً وأن يضم للمقاصد التي يقصدها السياح الذين يفدون إلى مصر، داعياً إلى الإبقاء على المسارات المرورية الحالية بالميدان وعدم تغييرأي شيء منها، مؤكداً أن الميدان والمناطق المحيطة به شهدت أحداثاً فاصلة في تاريخ مصر وارتوت أرضه بدماء الشهداء والمصابين معتبراً أي تغيير في هذه المعالم خيانة أو إهداراً لدماء الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم في سبيل الحرية.

كما دعا العميد حسين لإنشاء متحف شمع يروي ذكريات الثورة مكان مقر الحزب الوطني الملاصق للمتحف المصري، مطالباً بتخصيص غرف مستقلة يحكي كل منها مراحل الثورة وفعالياتها الشهيرة مثل موقعة الجمل وغيرها من الأحداث المهمة.وأوضح الخبير الأمني أن إصلاح العلاقة بين الشرطة والشعب سيستغرق وقتاً ، ولن يتم بين يوم وليلة، داعياً إلى الاستفادة من تجارب الدول الأخرى التي مرت بظروف مصر في الماضي،مشيراً إلى عدة محاور يمكن من خلالها إصلاح المنظومة الأمنية في أرض الكنانة.. وفيما يلي نص الحوار:



كيف ترى الأوضاع في مصر بعد مرور عام على ثورة يناير؟

للأسف الكثير من مطالب الثورة لم يتحقق ولازالت أركان النظام القديم قائمة ، وفي أماكن مؤثرة، كما أنه لم يتم القصاص الكامل للشهداء، وأرى أن الثورة سرقت وتمت المتاجرة بها من قبل أطراف عدة.

كيف ذلك وقد أجريت انتخابات شهد الجميع بنزاهتها ؟

الانتخابات مشهد سعيد في سيناريو حزين ولا يجب أن تنسينا فرحة الانتخابات ونتائجها عن باقي مشاهد ووقائع القصة الكاملة ويجب أن تتحقق كل مطالب الثورة كالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية ،والأهم منها القصاص من كل من أراق دماء شباب الثورة وشعب مصر.

ثار تساؤل عن استطاعة الجيش والشرطة تأمين الانتخابات بينما ظلت الأوضاع الأمنية لمدة تسعة أشهر من بعد الثورة حتى الانتخابات.. فبماذا تجيبون عن هذا السؤال؟

الانتخابات تجمعت كل الأطراف أو معظمها على إنجاحها سواء الشرطة أو الجيش أو القوى السياسية بمختلف أطيافها سواء الإسلامية والليبرالية والقومية والمواطن العادي الذي ضجر من عدم استتباب الأوضاع منذ قيام الثورة بل وأيضاً كثير من القوى الثورية أيدت إجراء الانتخابات كمعبر أوطريق وحيد للخروج من الفترة الانتقالية وهذا كان من أبرز وأهم أسباب نجاحها.

التحرير مزار أثري

ما تفاصيل الدعوى التي أطلقتها لإدخال ميدان التحرير ميدان التحرير والمناطق المحيطة به ضمن المزارات السياحية؟

الذي دفعني للتفكير في هذه الدعوى هي أن هذا الميدان شهد أحداثاً في غاية الأهمية من تاريخ مصر ويجب الإبقاء على طابعه المعماري وكذلك الحفاظ على تصميمه الحالي بمساراته المرورية والتخطيط والشوارع ووجود الصينية أوالحديقة الوسطى في المنتصف وأيضاً المثلث الموجود أمام مجمع التحرير وكذلك رصيف الجامعة الأميركية ووضع المحلات التجارية الشهيرة وأبرزها كنتاكي، لما شهدته من فعاليات أثناء اعتصام الثوار ومبيتهم فيها ليالي الثورة حتى إعلان تنحي مبارك. و كل شبر في الميدان سالت عليه دماء الشهداء ونزفت فوقه جراح المصابين ويجب على كل مواطن أو مسؤول الحفاظ على هذه البقعة التي شهدت فترة من أهم مراحل تاريخ مصر، والإبقاء على كل معالمها دون زيادة أو إنقاص. وأطالب أيضاً بإقامة متحف للشمع مكان المقر المحترق للحزب الوطني الذي تم حرقه أثناء الثورة ،على أن يكون بنفس التصميم القديم ،ويتضمن ماكيتات لقيادات الحزب الفاسدة والغرف التي شهدت اجتماعات قياداته وأشهرها الغرفة المسماة «بغرفة جهنم» التي كان يجتمع فيها مبارك مع احمد عز وزكريا عزمي وباقي قيادات الحزب الفاسدة التي نهبت مصر وزورت إرادة أبنائها لعقود طويلة حتى انتفض الشعب وخلعهم جميعاً، على أن توضع إلى جانب الماكيت لوحة توضيحية يذكر فيها تفاصيل ما دار في هذه الاجتماعات ،وما صدر عنها من قرارات،ويمكن تخصيص جزء في المقر يروي يوميات الثورة وفعالياتها الكبرى مثل موقعة الجمل، وتحليق الطائرة العمودية فوق الميدان التي استمرت في التحليق طوال الأيام الثمانية عشر وكذلك الطائرة المقاتلة إف 16 التي حلقت ليوم واحد فقط فوق المنطقة وكسرت حاجز الصوت واقتربت لفترات من رؤوس الثوار في الميدان،وكذلك انسحاب الشرطة بعد إطلاقها الغازات المسيلة للدموع والرصاص المطاطي والطلقات الحية على المتظاهرين وماتبع ذلك من نزول الجيش لميادين وشوارع مصر وفتح السجون وإطلاق المسجلين خطرعلى الشعب . وأؤكد أن إدراج هذه المعالم ضمن المزارات السياحية سيدر مليارات الدولارات لخزينة الدولة، والدليل على ذلك أن العديد من الزعماء الذين يفدون إلى مصر الذهاب يطلبون زيارة ميدان التحرير والتقاط الصور التذكارية به،كما أنه ظهر في الأدبيات السياسية تقاليد وبروتوكول ميدان التحرير.كما إنني على المستوى الشخصي لي علاقة خاصة بالميدان أقرب ما تكون إلى العشق أو التعلق، فوالله في كثير من الليالي التي لا يكون فيها فعاليات أو أحداث أو اعتصامات أذهب لشراء الصحف وقراءتها في الصينية الوسطى وأتذكر أيام وليالي الثورة وما شهدناه فيها من أحداث .

لماذا دعوت لتقليل الفترة الانتقالية وطالبت بسرعة تسليم الجيش السلطة للمدنيين؟

بالفعل طالبت كثيراً بتبني أي قرار أو اقتراح يصب في اتجاه بسرعة إنهاء الفترة الانتقالية وتسلم جهة أو مؤسسة مدنية لمقاليد الحكم لخطورة تبعات حالات الاحتكاك أو الصدام التي حدثت بين المتظاهرين وبين قوات الأمن كانت تمثل خطراً على سمعة ومكانة الجيش لدى العامة، مؤكداً أن الإسراع بنقل السلطة سيحفظ للجيش مكانته في قلوب ووجدان الشعب كافة،كما أن نهاية الفترة الانتقالية كان يحوطها علامات الاستفهام وكانت مثاراً للاتهامات بتعمد المجلس العسكري إطالة الفترة الانتقالية أو التأبيد في الحكم، ثم جاء قرار إجراء اتنخابات مجلس الشورى على مرحلتين فأبطل تلك الاتهامات وقضى على هذه المخاوف.

إشعال الأحداث

بماذا تفسر أحداث الاحتكاك المتكررة مثل ماسبيرو وشارع محمد محمود ومجلس الوزراء؟

لكل حدث ظروفه ولكن كان دائماً هناك مستفيدون ومندسون وبلطجية استغلوا الظروف وتسببوا في إشعال الأحداث وتم تأجير هؤلاء البلطجية مثلما حدث أمام السفارة الإسرائيلية ،كما شهدت أحداث محمد محمود ظروفاً ملتبسة ولكن التعامل العنيف من قبل الأجهزة الأمن مع المصابين وأسرهم هو الذي أشعل شرارة الغضب عند الناس، وبالنسبة لاعتصام المحتجين على تولي د.كمال الجنزوري للحكومة أمام مجلس الوزراء مخالف للقانون ولا يدخل ضمن إطار الاعتصام السلمي حرية التعبير عن الرأي،لأن هذا التعبير يجب ألا يؤدي إلى تعطيل المصالح العامة أو الخاصة، وذلك لأن تعطيل المنشآت الحكومية ومنع المسؤولين أو من دخول المؤسسات الحكومية مثل مبنى الطرق والكباري الملاصق للمبنيين مخالف للقانون ويضع من يقوم به أمام المساءلة القانونية ووقد طالبت المعتصمين قبل تطورالأحداث بأن يكون هذا الاعتصام أقرب إلى المظاهرة السلمية المتحركة على أن يكون مقر الاعتصام الرئيسي في ميدان التحرير بحيث لا تتمركز تلك التظاهرات أمام مداخل تلك المباني الحيوية ، وأن تكون تلك المظاهرات سلمية ومتحركة بحيث يسير من فيها على رصيف الشوارع المحيطة بتلك المباني ،فهذا هوالمسموح به قانوناً ولا يعطل مصالح عامة أو خاصة.لكن المعتصمين رفضوا الاستجابة لرأيي وأصروا على الاعتصام في مكانهم، وهو ما دى إلى تفاقم الأحداث وحدوث الصدام بين الأجهزة الأمنية وبين المحتجين.

لكن العقيد عمر عفيفي صرح بأنك مشارك في تنظيم يهدف إلى حرق مصر وأن لك دوراً في حرائق مجلس الوزراء وأنك مازلت مرتبطاً بأمن الدولة وعلى اتصال بوزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي؟

هذه اتهامات باطلة وقد تركت مباحث أمن الدولة قبل الثورة بسنوات بعد أن اضطهدوني وحاربوني قبل قيام ثورة يناير بسنوات،وكنت مشاركاً في الثورة من يومها الأول وكنت دائماً أدعو إلى سلمية الثورة وعدم مهاجمة الشرطة ولا التعدي على أي منشأة للدولة أو تلويث الثورة بينما كان عمر عفيفي يدعو إلى مهاجمة مبنى ماسبيرو وسرقة السلاح من وزارة الداخلية، وللعلم هناك علاقة أو حادثة جمعتني بعفيفي حيث كنت في دورة لحقوق الإنسان حصلت فيها على المركز الأول بينما خرج فيها عفيفي الأخير وقال لي وقتها: رغم أنك فزت بالمركز الأول فإنك ستبقى هنا ولن تستطيع أن تدرس ما أخذته في مدرسة ابتدائية بينما سأسافر أنا لأميركا وسأكون مشهوراً عنك.

إصلاح المنظومة الأمنية

كيف يمكن إصلاح المنظومة الأمنية كلها في مصر حاليا بعد الجهود الطيبة لوزير الداخلية الحالي اللواء محمد إبراهيم يوسف؟

من البديهي القول بأن الأمر في غاية الصعوبة وليس سهلاً أن توضع خطط سريعة وأن تؤتي ثمارها بين يوم وليلة لأن العهد البائد كما قلت أفسد الكثير من مناحي الحياة وخلف ميراثاً ثقيلاً يصعب إصلاحه في فترة قصيرة، ولا يستطيع احد إصلاح إفساد ثلاثين عاماً وبعد الثورة انقلبت الأوضاع وحدث رد فعل سيئ حيث استهان العديد من المواطنين برجال الشرطة وأصبحوا يتجرأون عليهم وفي عديد من الحالات يعتدون عليهم وهناك آليات لعودة العلاقة بين الشرطة والشعب منها المحاكمات والتحقيق ولجان الحقيقة ،والإصلاح المؤسسي وإحياء الذاكرة الجماعية لضمان عدم تكرار مثل هذه التجاوزات وأحب أن أوضح أننا ما زلنا في مرحلة المحاكمات ولن تعود العلاقة بين الشرطة والشعب إلا بعد عودة الحق إلى أهالي الضحايا من القتلة،.وهناك خطوط عريضة وقواعد عامة يجب وضعها والعمل بها لكي نعيد بناء المنظومة الأمنية من جديد وبفكر مختلف ومغاير لما كان يطبق في الزمن الماضي ويرتكز هذا النظام في المقام الأول على توسيع الرؤية الأمنية بحيث لاتكون مركزة أو منصبة على كبار المسؤولين في الدولة مثل الرئيس ورئيس الحكومة والوزراء والمحافظين وكبار المسؤولين الأمنيين، بل يجب أن تكون الرؤية الجديدة معنية بأمن المواطن والوطن بالمفهوم الواسع، أي الاهتمام والعمل على تأمين كل مواطن أو زائر لمصر بدءاً من الشخص البسيط والمواطن العادي وانتهاء بكبار المسؤولين، وأمن المواطن تعني توفير الآمن والأمان له كفرد وللشعب كافة، ولتراب الوطن بأكمله، بشرط أن يكون ذلك في إطار القانون والدستور، واحترام الحريات وحقوق الإنسان ولا يجور النظام الأمني على حريات الناس وحقوقهم أو أن تهدر كرامتهم وتنتهك حياتهم وحرياتهم الشخصية.

ألا ترى أن ذلك أمر يصعب تطبيقه؟

بالفعل ليس سهلاً لكنه أيضاً ليس مستحيلاً وهو مطبق في دول العالم المتحضرة،ونحن لسنا اقل منهم ولكن يجب علينا البدء وترسيخ هذه الثقافة وهذه المفاهيم، ويلزم لتطبيق هذا المنهج الجديد أيضاً توفير أو تهيئة حياة كريمة لضباط وأفراد الشرطة بدءاً من رفع الرواتب والأجور ولا أقول أن يتم ذلك لهم وحدهم ولكن في إطار منظومة جديدة للأجور تعالج الخلل الرهيب والتفاوت غير المعقول في مستوى الدخول، وأيضاً بناء استراحات للضباط عندما يعملون في محافظات بعيدة عن سكنهم، وألا يتم نقلهم لمحافظات نائية بصورة مفاجئة مثلما يحدث الآن مما يؤثر على نفسية الضباط ويكون عامل ضغط نفسي شديد يجعلهم عصبيين ومنفعلين عند التعامل مع الجمهور،وأيضاً حل مشكلة الزي الذي يمثل عبئاً مادياً كبيراً على الضباط ويكون ذلك إما بصرفه أو صرف بدل مناسب له ، وحله بصورة جذرية وليس حلاً جزئياً كما حدث في أواخر عهد حبيب العادلي، حيث تقرر صرف زي واحد شتوي وآخر صيفي لكل ضابط، وأيضاً تعويض الضباط وأمناء الشرطة لأنهم لا يستطيعون العمل الإضافي في القطاع الخاص أو تأسيس مشاريع خاصة بعد أوقات العمل الرسمية.

مزايا الضباط

لكن هناك مساكن للضباط ؟ومزايا كثيرة لا تتوافر لدى كثير من العاملين في باقي أجهزة الدولة؟

أولاً مساكن الضباط يكون سعرها أغلى من نظيرتها في سوق العقارات والميزة الوحيدة التي فيها هي التقسيط ولكن شركات الاستثمار والتمويل العقاري الحرة تقدم أسعارا أقل من التي يحصل عليها الضباط، وبالنسبة لمزايا الضباط فهي ليست كافية لتعويضهم عن عدم العمل الإضافي أونفقات المظهر الذي يكلف كثيرا ولا الوضع الاجتماعي الذي يتطلبه عمل ووضع الضباط، ولا أطالب بذلك لتفضيل الضباط على باقي أفراد المجتمع ولكن يجب أن تقاس كل حالة بظروفها وطبيعة عملها، وكذلك توفير المخصصات المالية اللازمة لكي يؤدي كل قطاع ما عليه وإذا طبق ذلك فحينها نطالب الضباط الأمناء وباقي والجهاز الأمني بأكمله بتأدية ما عليهم دون تجاوزات لأننا نغفل حقائق كثيرة تغيب عن كثيرمن الناس ومنها مثلاً أن الضباط المصريين من أكثر الضباط الذين يتلقون تعليما عالياً وتدريبات ودراسات وقلما يوجد ذلك النظام في باقي دول العالم ،حيث يدرس مواد قانونية بكل أقسامها وفروعها مدني، جنائي، وغير ذلك، وكذلك علم نفس واجتماع، وأدلة جنائية ولكن للأسف عند التطبيق على أرض الواقع يقف نقص الإمكانيات المادية حائلاً دون تطبيق المواد العلمية التي درسها وتدرب عليها، مثل حالة السيارات التي يطاردون بها المجرمين أو مواقيت رفع البصمات من مسرح الجريمة أو غير ذلك ولا أقول ذلك دفاعاً عن أحد، ولا أسعى لمجاملة مسؤول ، ومعلوم أنني ظلمت كضابط وقررت الاستقالة للظلم المتكرر ولكن الحقيقة التي يجهلها أو يغفلها الكثير من الناس وبالتالي يحدث خلل عند معالجة الأوضاع القائمة حيث نعالج جوانب ونترك أخرى وهو مايعرف بالحلول الجزئية التي لا تقضي على المشكلة برمتها.

كيف ترى أداء جهاز الأمن الوطني الذي حل محل جهاز أمن الدولة ؟

بداية لا يمكن الاستغناء عن جهاز يتولى أمن الدولة بأي مسمى، لكن يجب أن يكون عمل هذا الجهاز مثل باقي أجهزة المباحث مثل جمع المعلومات وتتبع الأدلة وتقديمها للنيابة،لأخذ الإذن بالقبض على المتهمين ويجب إعطاء الصلاحيات الكافية لهذا الجهاز وتوفير الموارد والإمكانيات اللازمة لتتبع المجرمين الذين يهددون أمن الوطن واكتشافهم، وفي الوقت ذاته احترام القانون ووضع الضمانات التي تكفل حقوق المواطن وحقوق الإنسان وتمنع تلفيق القضايا أو انتهاك الحرمات أو التعذيب أو أي انتهاك للقانون.

لماذا تركت عملك بوزارة الداخلية؟

ببساطة لأننى كنت أفضل اتباع الأسلوب العلمي وهذا لم يكن يعجب الوزير.

ماذا تعني بالأسلوب العلمي في هذا السياق؟

كنت أقدم أفكارا جديدة هدفها تحقيق الإصلاح المؤسسي لجهاز أمن الدولة والمنظومة الشرطية بوجه عام على هيئة أبحاث ودراسات، وكان العادلي يعتبر ذلك خروجا على سياسته العامة، وسبب نقلي من أمن الدولة هو تقديم بحث علمي عن مشروع دعم قدرات ضباط الشرطة في مجال حقوق الإنسان، وهذا البحث كان محل تقدير اللجنة الدولية للصليب الأحمر بجنيف وتم اعتمادي بموجبه كخبير بوزارة الداخلية المصرية، وكانت المفاجأة بالنسبة لي هي اعتباري خطرا على الأمن القومي، وعليه تم استبعادي من الجهاز.

وماذا كانت الأسباب المعلنة لاستبعادك؟

اعتبروا أنني تأثرت واعتنقت أفكار أعداء النظام.

من هم؟

نشطاء حقوق الإنسان وجماعة الإخوان المسلمين التي كانت تسمى «المحظورة».

إلى أين نُقلت؟

إلى إحدى إدارات وزارة الداخلية لأكون مكلفا بمحو أمية جنود الشرطة وقد قبلت بتلك المهمة وأخلصت في عملي، لكنني فوجئت بعد ذلك بعدة أشهر بحصول أحد ضباط أمن الدولة على الجائزة الأولى على مستوى إدارات وزارة الداخلية تقديرا لجهوده في محو أمية الجنود، هل تصدقي هذا؟! حتى محو الأمية يجب أن يحصل عليها أمن الدولة، آثرت الاستقالة احتراما لمؤهلاتي العلمية وخبراتي في العمل طوال أكثر من ربع قرن.

دعنا نتحدث عن جهاز أمن الدولة.. كيف كان يعمل؟

اللواء حسن أبوباشا وزير الداخلية الأسبق وأحد مؤسسي جهاز مباحث أمن الدولة نصحني ذات مرة قائلا:إن حسن الظن والقناعة فضيلتان عند كل البشر ورذيلتان عند ضابط أمن الدولة، وهو مبدأ كان يعمل به كل الجهاز.

ماذا يعنى ذلك؟

مبدأ أن الإنسان بريء حتى تثبت إدانته غير معترف به داخل أمن الدولة، فالأصل أنه مدان حتى تثبت براءته وبالتالى فإن حسن الظن لا محل له أما القناعة فهي متعلقة بالمعلومات التي نحصل عليها خلال العمل فالقناعة بالمعلومات المتاحة خطأ جسيم.

وماذا كان يترتب على ذلك؟

توسيع دائرة الاشتباه، يعني تحصل حادثة في منطقة نروح نلم نص المنطقة ونقعد نضرب ونغربل فيهم حتى يظهر الجاني.

وإلى أي مدى كان يصل مبدأ عدم القناعة بالمعلومات؟

إلى حد اختراع القصص، كما قيل عن تفجيرات شرم الشيخ وعن حادث كنيسة القديسين.

كيف كان يتم اختيار ضباط الجهاز؟

أولا غير صحيح ما ردده البعض أن أسوأ الضباط هم من يوضعون في أمن الدولة بالعكس أنا أقول لك هم من أنظف الضباط من حيث مستواهم الاجتماعي والتعليمي والتدريبي، ويتم عمل كشف هيئة ثانٍ لهم قبل التحاقهم بالجهاز كما يتم اختيارهم عن طريق تقارير الكفاءة السرية التي لم يكن يقبل فيها بأقل من تقدير ممتاز، وكان يفضل أن يكون الضابط المقترح اسمه قد خدم في قطاع الأمن العام أي المباحث الجنائية كي يكون مدربا على وسائل التعذيب المختلفة من ضرب وتعليق وخبيراً في الاستجوابات بالإضافة إلى معرفته بالمصادر والشوارع وهناك عدد من اختبارات الذكاء والقدرات العقلية يتم إجراؤها للضباط، وطبعا لا يمكن أن ننسى عنصر الواسطة الذي كان يتحكم بشكل كبير في إلحاق الضباط بهذا الجهاز.

التعذيب المنهجي

إذن كان التدريب على عمليات التعذيب أحد مميزات ضابط أمن الدولة؟

للأسف كانت معظم العناصر التي تأتي لمباحث أمن الدولة قد عملت في إطار منظومة التعذيب، والمشكلة الكبرى في رأيي أنه كان يتم إغفال الفرق الكبير بين طبيعة المجرم الذي يتعامل معه ضابط المباحث الجنائية ومجرم أمن الدولة، فالأول «صايع» وجاهل ومتخلف والعنف قد يجدي معه أما الثاني فهو مجرم سياسي صاحب عقيدة ويعلن عن هدفه الذى تبناه عن اقتناع، فماذا سيفيد الضرب والتعذيب يجب أن يكون الاستجواب على مستوى الفكر.

هل وسائل التعذيب في كلا الجهازين واحدة؟

التعذيب في وزارة الداخلية منهجي يستخدم الفلقة والكهرباء والوسائل الأخرى التي تهدر الكرامة وتسبب الآلام الجسدية الشديدة .

لماذا كان الإقبال إذن على جهاز أمن الدولة؟

ماديا العمل في أمن الدولة ليس مجزيا بالشكل الذي يتصوره الناس باستثناء الصفوة المقربة من الإدارة العليا، لكن العمل في الجهاز بشكل عام كان له برستيج وحصانة قوية فلا أحد يستطيع التفتيش عليه، بالإضافة إلى أن الضابط الصغير في أمن الدولة كان يجلس مع الوزير ويراه وهو يرتعش أمامه وهذه سلطة ونفوذ لاحدود لهما كما كان يتحكم في التعيينات من العمدة للوزير الناس كلها كانت تخاف من أمن الدولة.

الأجهزة الاستخباراتية في كل دول العالم مزودة بأجهزة وتقنيات تسمح لها بالاستجواب الفعال دون اللجوء للعنف.. أين كان أمن الدولة من ذلك؟

هناك اعتقاد عند الأمن بأن المصري لا يتكلم إلا بالضرب، وهناك جهاز كشف الكذب عند أمن الدولة لكنه ربما يكون جهازا واحدا، ولا يتم استخدامه.

لماذا؟

لأن بعض الضباط كان عندهم قناعة بأن المصرى «البرم» يستطيع الضحك على الجهاز ولذلك فإن الفلقة أحسن.

معنى ذلك أن التعذيب كان الطريقة الوحيدة للاستجواب داخل أمن الدولة؟

التعذيب كان المنظومة الحاكمة في كل وزارة الداخلية وليس أمن الدولة فقط، وكان هناك مبدأ عام يقول «ضرب الحكومة شرف» يعنى يدخل راجل عنده 70 سنة للقسم ويضربه الضابط على قفاه ولو اعترض يقوله ضرب الحكومة شرف أخوك الكبير وضربك، وهذا إهدار لكل قيم الكرامة والإنسانية.

وهل كان الضباط مقتنعين بذلك المبدأ حقا أم أنه مجرد إطار عام يعملون وفقا له؟

الضابط والمواطن اقتنعا بهذا المبدأ وتآلفا معه كالتآلف مع المعصية، والمواطن بضعفه وتخاذله كان يعطي شرعية لهذا المبدأ كل يوم، لكن هذا كان قبل نقطة التحول التي حدثت بين المواطن والمنظومة الشرطية وهي قضية عماد الكبير وعصر كليبات التعذيب.

كيف؟

قضية عماد الكبير وكليبات «القفا» كسرت حاجز الخوف لأنها فضحت الضابط وأعطت المواطن جرأة في التعامل معه لكن الخطر كان في التحول العكسي الذي جاء كرد فعل لمفهوم سلبي فاقتبس المواطن مقولة أحمد السقا من النهارده مفيش حكومة.. أنا الحكومة.

لكن تلك المقولة لم تطبق بشكل فعلى والدليل على ذلك تجاوزات أمن الدولة التي احتفظت بهيبتها حتى اقتحام مقارها أخيرا؟

طبيعة أمن الدولة مختلفة عن باقي أجهزة الشرطة لأنه لم تكن هناك رقابة عليه من أي نوع، بالإضافة إلى سيطرة جمال مبارك على الجهاز.

جمال مبارك

وما علاقة جمال مبارك بأمن الدولة؟

هو من تولى الملف الأمني في مصر خصوصا بعد حادثة بورسعيد التي هاجم فيها رجل بسيط رئيس الجمهورية مستخدما سكين الموز عندها ظهر الفشل الأمني وصرخ جمال في العادلي «هتضيعوا الراجل يا ولاد الـ.....»، ومن يومها تولى بنفسه ذلك الملف لحماية مشروع التوريث.

وحبيب العادلي؟

كان المدير التنفيذي ويطلق عليه لقب(C E O).

وما دور رئيس الجهاز؟

لم يكن إلا سكرتيرا شخصيا للعادلي.

ما تقوله يطرح تساؤلا مهما عن حقيقة الدور المنوط به جهاز أمن الدولة؟

هو جهاز استخباراتي مقسم لقطاعات لكل منها دور محدد مثل إدارة التحليل والتنبؤ وإدارة الأزمات وإدارة مكافحة الإرهاب الدولي وغيرها وكانت هناك قطاعات لكل المواطنين وكل الأعمال وكل المؤسسات، ودوره أن يجمع معلومات يقدمها للجهات المسؤولة عن التحقيق.

ماذا تعنى بأن هناك قطاعات لكل المواطنين؟

يعني كل مواطن مصري كان عليه ضابط أمن دولة يراقبه حتى ضابط أمن الدولة نفسه كان عليه مراقبة ونحن مدربون على حركات كشف المراقبة و«كنا لما نمشى في الشارع نقوم بتلك الحركات لنعرف إن كنا مراقبين أم لا».

ماذا عن مراقبة التلفونات؟

الجهاز كان لديه أجهزة وتقنيات حديثة جدا تسمح له بالتنصت على مكالمات أي مواطن بمجرد إدخال رقم تلفونه فما المانع إذن من المراقبة؟، خصوصا أنه ليس هناك حسيب ولا رقيب عليه.

لكننا لم نسمع عن تلك الأجهزة بعد اقتحام المقار؟

لأنها محفوظة في أماكن سرية للغاية.

البعض نادى بنزع سلطة التحقيق من الجهاز الجديد حتى لاتتكرر التجاوزات. ما رأيك؟

مستحيل لأن عمل ضابط أمن الدولة يتطلب الاستجواب وهناك فرق بين التحقيق والاستجواب فالمحضر الذي يقوم به ضابط الشرطة ليس تحقيقا ولكنه يسمى محضر جمع استدلالات والتحقيق بالمعنى الفني من سلطة النيابة ضابط أمن الدولة لايحقق مع المواطن.

ما الذي كان يدفع ضباطه إذن للتجاوز؟

طالما لاتوجد رقابة والضابط يمتلك أجهزة وتقنيات حديثة تسمح له بالتلصص والتجسس على أي مواطن يريده فما الذي يمنعه؟

ماذا عن تأثير حالة الطوارئ؟

هناك مقولة للرئيس الأميركي السابق بنجامين فرانكلين تقول: «أولئك الذين يستبدلون الأمن بالحرية لا يستحقون أيا منهما»، وممارسات جهاز أمن الدولة كانت تستند إلى العمل بحالة الطوارئ فتعتمد على الحلول الأمنية واستخدام القوة وانتهاك حقوق الإنسان وتقويض الحياة السياسية والحزبية، وهذا يعنى أن أول خطوة على طريق الإصلاح هى إنهاء حالة الطوارئ، كما أن تغيير المفاهيم أمر ضروري.

بأي معنى؟

التحول من المفهوم الضيق للأمن القومي إلى المفهوم الأعم والأشمل وهو الأمن الإنساني الذي يكمل أمن الدولة ولايهدده كما كانت تتوهم السلطات الأمنية السابقة، ولهذا كانت ترفض إشهار الجمعيات الأهلية التي تنتقد السياسات الحكومية أو تتطرق إلى قضية التعذيب في أقسام الشرطة وهذا يتطلب أيضا استيعاب دور المجتمع المدنى عن طريق تشجيع وتنشيط العناصر الوطنية للمشاركة في أنشطة المجتمع المدنى.

ماذا عن الرقابة على أعمال الجهاز؟

لابد من وجود رقابة من 3 أنواع: قضائية وشعبية وبرلمانية، وتلك هى الضمانة الأساسية لنزاهة الجهاز الجديد.

غياب الرقابة

لكن تلك الرقابة كانت موجودة في الماضى ولو نظريا؟

هذا حقيقي لكن الواقع كان مختلفا لم تكن هناك رقابة برلمانية على الجهاز إطلاقا، وهذا يرجع لأن أغلب أعضاء لجنة الأمن القومي بالمجلس كانت مكونة من ضباط أمن دولة سابقين والدليل على ذلك أن طوال 14 عاما لم يستطع أحد أن يستدعي حبيب العادلي للحضور إلى المجلس أو استجوابه أو سحب الثقة منه.

وماذا عن النيابة العامة؟

لابد من إلغاء نيابة أمن الدولة العليا واستبدالها بلجنة قضائية خاصة تابعة للمجلس الأعلى للقضاء للإشراف على القطاع (قطاع الأمن الوطني) والتجربة الأميركية الخاصة بالأمن الداخلي مفيدة في هذا المجال فجهاز الأمن الداخلي هناك هو الـ«إف. بى. آى» يتبع وزارة العدل الأميركية.

وهل تلك ضمانات كافية لعدم عودة الممارسات والتجاوزات؟

هذه ضمانات أولية لكن هناك عوامل مكملة مثل إعادة تقييم كل القضايا التي تم ضبطها خلال العهد السابق مع التركيز على الفترة من عام 2004 إلى 2011 والاستعانة بشهود من الضباط والمتهمين سواء المحبوسون أو المفرج عنهم لمعرفة حقيقة تلك القضايا وأهدافها، وبالأخص تلك القضايا التي قيدت ضد مجهول أو شاب تحقيقاتها الغموض مثل قضية الاشتباه في اغتيال العالم المصرى الدكتور جمال حمدان وقضية اختفاء الكاتب رضا هلال، أيضا إغلاق السجون السرية، وضم تبعية كل السجون لوزارة العدل وأن يتم تحديد سجون داخل مقار الأمن الوطنى بشكل مقنن على غرار السجون التابعة لجهاز المخابرات العامة لاعتبارات أمنية بشرط خضوعها لرقابة النيابة العامة.

وماذا عن المسؤوليات والصلاحيات التي ستكون ممنوحة لقطاع الأمن الوطني؟

لابد من استصدار ترخيص لممارسة المسؤوليات والصلاحيات الأساسية التي تساعد في إنفاذ القانون لقوات الشرطة التي تعمل في مجالات الضبط والتفتيش والاحتجاز وجمع الاستدلالات واستعمال القوة والأسلحة النارية، ومن بينهم ضباط وأفراد قطاع الأمن الوطنى، مع ضرورة الاستعانة بأفراد شرطة نسائية للتعامل مع السيدات، كما أن وضع اسم الضابط الحركى أعلى الجيب الأيسر يتيح لأى مواطن يتعرض لتجاوز أو ممارسة خاطئة أو انتهاك لحقوقه أن يقدم شكوى ضده مع تحديد الجهة التي يمكن للمواطنين التوجه لها.

ومن يضمن طريقة عمل الضباط الذين تعودوا على السلطة المطلقة والنفوذ والبرستيج؟

هناك ائتلاف جديد يسمى الائتلاف العام لضباط الشرطة ويضم عددا من الحركات التي كونها ضباط شرفاء مثل ضباط ضد الفساد، والشرطة والشعب وضباط لكن شرفاء، أعتقد أنهم لن يسمحوا بتكرار التجاوزات مرة أخرى، واقترح أيضا تكوين لجنة حكماء من ضباط القطاع السابقين المشهود لهم بالكفاءة وتكون من رتب مختلفة واستطلاع رأيهم في القطاع الجديد، وتكون تلك اللجنة في حالة انعقاد دائم وفي جمهوريات أميركا اللاتينية والاتحاد السوفييتى السابق كانت هناك لجان مشابهة تشكلت عقب تفكيك أجهزة استخباراتها عقب الثورات أو التغييرات السياسية الراديكالية.