المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : السرطان ينتشر في الجزائر، وأساليب العلاج هزيلة



مطيري شيعي
01-12-2012, 04:55 PM
11.01.2012


http://www.dw-world.de/image/0,,15651514_1,00.jpg (http://www.dw-world.de/popups/popup_lupe/0,,15636591,00.html)

مدخل المركز الوطني لمكافحة السرطان في الجزائر

ارتفعت في السنوات الأخيرة معدلات الإصابة بالسرطان بمختلف أنواعه بشكل كبير في الجزائر. ورغم خطورة الداء، وتوفر الجزائر على مختلف الإمكانيات المادية، إلا أن المرضى والأطباء على حد سواء يشكون من سوء التدبير والاهتمام.






تعتبر سعيدة مقراني نفسها من المحظوظات باعتبار أنها تعافت بشكل تام من سرطان الثدي الذي أصابها في عام 2004 واضطرت بعد قرار طبي لبتره أولا، ثم اللجوء لاحقا إلى العلاج الكيميائي لمدة عام كامل. وقد عالجت سعيدة مقراني مرضها في مستشفى البليدة لمكافحة السرطان، و تضيف مقراني في تصريح خاص لدويتشه فيله: " أحمد الله تعالى على شفائي، كما أشكر الطاقم الطبي الذي عالجني، لقد كافحوا من أجلنا جميعا، ورغم أني شفيت من مرضي، إلا أنني لن أنسى السيدات اللواتي توفين في غرفتي أو بعد إجراء عملية كالتي أجريت لي بعد وقت قصير". أما عن بعض أسباب وفيات مرضى السرطان بعد إجراء العمليات الجراحية، فتقول سعيدة مقراني: " أعتقد أن الجهل بالمرض وعدم وجود ثقافة طبية لدى المجتمع هي التي تسبب كثرة الوفيات، فالكثير من النساء لا يعرفن بمرضهن إلا في وقت متأخر، والكثير من الرجال يعيشون نفس حالة النساء فُيتشف المرض متأخرا، وترتفع حالات الوفيات".


لا تشبه حالة سعيدة مقراني، حالة سيدة أخرى عايشت دويتشه فيله وفاتها في حي راق غرب العاصمة، حيث توفيت هذه السيدة في الستين من عمرها بعد بتر أحد ثدييها بوقت قصير، والسبب هو تأخر الكشف عن خطورة مرضها، رغم لجوءها إلى مركز بيار وماري كوري لمعالجة مرضى السرطان في مستشفى مصطفى باشا وسط العاصمة الجزائر. وقالت طبيبتها المعالجة، التي طلبت عدم الكشف عن هويتها لدويتشه فيله: "تأخر الكشف عن جدية المرض ليس سببه تهاون الأطباء، بل بسبب العدد الهائل من المرضى الذين يأتوننا من ثمان وأربعين ولاية، وعليك أن تعرف أن مواعيد الكشف الطبي أو العلاج النووي أو الكيميائي قد تطول ما بين ستة و ثمانية شهور، وهذه فترة كافية لهلاك كل مريض بالسرطان".


إجراءات بيروقراطية سلبية


http://www.dw-world.de/image/0,,15651506_1,00.jpg (http://www.dw-world.de/popups/popup_lupe/0,,15636591_ind_1,00.html)


سعيدة المقراني (http://www.dw-world.de/popups/popup_lupe/0,,15636591_ind_1,00.html)


و في نفس السياق يشتكي الأطباء الأخصائيون في كامل مستشفيات الجزائر من نقص معدات العلاج النووي، وانعدام حقن وحبوب العلاج الكيميائي في مستشفيات خاصة عديدة في مختلف أنحاء البلاد، والسبب حسب همام عبد الخالق، وهو صيدلي في العاصمة الجزائرية: " الإجراءات البيروقراطية التي تنهجها وزارة الصحة، فقد فضلت الوزارة سياسة خفض النفقات على حساب صحة المرضى، بل ووصل الأمر إلى تأخر في وصول الأدوية المستوردة لفترات تزيد في بعض الأحيان عن ثلاثة أشهر".

ولم تتمكن دويتشه فيله من سماع رأي وزارة الصحة، إلا أن وزير الصحة الجزائري قد أعلن مؤخرا عن افتتاح ثلاثة عشر مركزا جديدا لمكافحة السرطان، بعد أن أضرب الأطباء والأخصائيون في كامل البلاد احتجاجا على نقص الإمكانات وما وصفوه بتماطل الإدارة في تسوية إجراءات جلب الآلات والأدوية بشكل كاف يسمح بمعالجة المرضى ورعايتهم.


أسباب بشرية في المقام الأول

و قد أدى الإضراب الذي نظم قبل بضعة أسابيع إلى إثارة اهتمام الرأي العام بخطورة هذا المرض، و مدى تدهور أساليب مكافحته في الجزائر، وفي هذا السياق يقول محمد العزوني، وهو مختص في مسائل البيئة وصاحب مكتب دراسات شرق العاصمة:

" لقد زادت حالات التلوث البيئي من عدد حالات الإصابة بالسرطان بمختلف أشكاله، وارتفع عدد حالات سرطان الغدة الدرقية في الولايات الشرقية بعد أن انتشر الملح غير المعالج باليود، كما زادت حالات سرطان الجلد في المناطق الجنوبية الغربية بعد التوسع العمراني الفوضوي قرب مناطق التجارب النووية الفرنسية، ووقوع هذا النسيج العمراني في خط الرياح الناقلة لغبار المواقع النووية".

و تعتبر ولاية الأغواط التي تبعد ب 600 كلم جنوب العاصمة، في الرتبة الأولى من حيث الإصابات بالسرطان، ولاسيما الغدة الدرقية وسرطان الدم وسرطان الثدي، وقد أمر وزير الصحة الجزائري بفتح تحقيق خاص يكشف عن سبب ارتفاع عدد المرضى في هذه الولاية. كما اشتكى الأطباء و الصيادلة من نقص لقاح سرطان الرحم وعنق الرحم، الذي يعود سبب الإصابة به إلى فيروسات، وطالب الأطباء والصيادلة وزارة الصحة الجزائرية، بتسجيله كلقاح إلزامي على نفقة الدولة، ما دام مرضا فيروسيا، وهو من شأنه إنقاذ حياة ثلاثة آلاف امرأة في الجزائر. ولا زالت الجزائر حسب الإحصاءات الأخيرة، متأخرة في رعاية السيدات المصابات بسرطان الثدي، إذ يموت أكثر من نصفهن رغم أن النسبة أقل من هذا بكثير في أوروبا وفرنسا بشكل خاص حيث تقلد الإدارة الجزائرية والأطقم الطبية كل الأساليب والتقاليد الفرنسية في التعامل مع مرض السرطان.


حيث لا تنفع النظريات وتبادل الاتهامات



http://www.dw-world.de/image/0,,15651510_1,00.jpg (http://www.dw-world.de/popups/popup_lupe/0,,15636591_ind_2,00.html)



طبيبة تخرج مريضة مصابة بسرطان العين


أما من الناحية السياسية، فقد نشب خلاف كبير بين رئيس الحكومة أحمد أويحي ووزير الصحة، حول موضوع تسيير قطاع الصحة، واتهم الوزير الأول وزير الصحة بالبطئ الإداري، مشيرا إلى الأثر السيئ لهذه السياسة على المرضى والمستشفيات بشكل خاص. ورد وزير الصحة بأنه يتباطأ قليلا، ولكنه يحارب ما أسماه مافيا الدواء بشكل أفضل. ويعلق المحلل السياسي غمراسة عبد الحميد على هذا الوضع قائلا: "هذه مواجهة سياسية عقيمة، لأنها لا تعالج المرضى ولا تجد لهم حلا عاجلا، والدولة تصرف الملايير في قطاع الصحة، لكن نقص المرونة وعدم تقديم آراء المختصين نجم عنه معاناة عشرات الآلاف من المرضى دون سبب منطقي، لأن الكوادر متاحة والمال موجود ولا حاجة للشكوى من هذا الأمر".


من ناحيتها، ترى السيدة سعيدة مقراني أن عام 2004 يختلف اختلافا كبيرا عن عام 2012 ، إذ تضاعف عدد المرضى، ولم يعد بمقدور مستشفى البليدة الذي نالت فيه نعمة الشفاء أن يواجه ضغط المرضى المتزايد دون دعم إضافي من وزارة الصحة.


ومن المؤكد أن شفاء سعيدة مقراني بعد جهود كبيرة بذلها أطباؤها في مستشفى البليدة قد يكون خلاصة مفيدة للبيروقراطيين الذين قد لا يفهمون أن سلامة علبة دواء لا تعني أبدا أنه لا يجوز لأحد فتحها، لأنها صنعت لتفتح وفي الوقت المناسب للعلاج، لا في وقت من أجل ضبط النفقات.



هيثم رباني ـ الجزائر
مراجعة: محمد المزياني