سيد مرحوم
12-08-2004, 02:12 AM
مراجعات .. أخطاء المشروع السياسي الشيعي العراقي
(1)
أرض السواد - علي الشلاه*
لعل اخطاء المشروع السياسي الشيعي العراقي ليست وليدة اليوم فقد تآمر بعض الشيعة على انفسهم دون ان يدركوا ذلك ومكنوا الآخرين من تسور جدرانهم وسرقة كرومهم منذ زمن بعيد ، ولعل الخطأ الاول الذي وقع به الشيعة هو ترددهم في افراز زعامات غير دينية تقود مشروعهم السياسي وظلت الحالة الرمزية التي تمثلها الجامعة الاهم في العالم الاسلامي الشيعي ( حوزة النجف ) تظلل كل المشاريع التي توافر عليها الشيعة منذ السلطنة العثمانية وحتى اليوم ، وكأن الأمر مقصود او يشوبه تطابق مصالح غير منظور ، فمع الدور المهم والرائد للحوزة الا انها بقيت تتصرف ضمن سياقات حذرة لاترقى الى اخذ زمام المبادرة وكانت تهب لنصرة القضايا الاسلامية العامة لكنها سرعان ماتتراجع عندما يجري الحديث حول حقوق المواطنين العراقيين ويبدو ان تأخر الحوزة عن الخروج من الحالة الاسلامية العامة الى الواقع الجديد الذي فرضته الحربان العالميتان وماتلاهما من اتفاقات قسمت العالم الاسلامي دول ودويلات ،جعلها تواصل العيش في حلم الدولة الاسلامية الواحدة رغم ان تلك الدولة بطبعتها العثمانية كانت كابوساً للشيعة ترك ترهلاته على وجه الاخوة الاسلامية في العراق من خلال تسليط طائفة واحدة والنظر الى الشيعة على انهم وقود ( السفر بر) والحروب الدونكوشوتية التي تجر خيرة الشباب الى بلدان لم يسمعوا بها ولم تسمع بهم فاذا انتصروا فخير واذا قتلوا فخيران ، ومع ذلك وقفت الحوزة مع العثمانيين في الحرب الاولى بدعوى الوقوف مع المسلم ضد الكافر رغم ان هذا المسلم المتضامن معه لايعترف بهم مسلمين ورغم ان ابناء طائفته قد قفزوا سريعاً الى المركب البريطاني الجديد تاركين المركب القديم ليغرق براكبيه والمدافعين عنه ، وحين رسى المركب الجديد فقد عرف ربانه اصدقاءه من اعدائه وسلم الجمل بما حمل لمن اسرع للوقوف تحت ظله .
ورغم ان اعادة التذكير بهذا الموضوع قد تبدو غير ضرورية في هذه الايام الا انها من وجهة نظري اكثر من ضرورية ، فمع ان خطأ عزوف الشيعة عن التعامل - مع الواقع الجديد الذي رافق نشوء الدولة - بايجابية قد جلب عليهم مآس لاتحصى ، الا انه قد جاء اليوم الذي بوسع الشيعة ان يقلبوا فيه ذلك الخطأ الى صواب كبير ، فقد راكمت السنون الولادات ( رغم الحروب والمقابر والاعدامات ) وازدادت نسبة الشيعة بشكل كبير دون ريب ولم يعد بالامكان تجاهل هذه الكثرة العددية التي عبرت حاجز الثلثين باضافة الشيعة الأكراد والتركمان وصار على الساسة العراقيين ان يقيموا احصاءً في فترة قريبة مهما ماطل بعضهم في ارجائها واخذ نتائج هذا الاحصاء بنظر الاعتبار في تقرير الحالة السياسية القادمة وهي دون شك افضل من الحالة التي سادت عام 1921 خصوصاً مع الكثرة الهائلة للكفاءات الشيعية اليوم.
لقد تقبل الشيعة بدرجة غريبة منذ الستينات الحالة الطائفية باتجاه واحد ، فصار الجهر بتفضيل السنة وآرائهم الفكرية والتاريخية في الاعلام والحياة الاجتماعية أمراً طبيعياً في حين صار مجرد ذكر الشيعة حتى ولو من سبيل ذكر الحقائق التاريخية يعد طائفيةً يجب التبرؤ منها ، وسكت بعض الشيعة عن حالات تسنين واضحة في هرم الدولة ومؤسساتها ، بل وصل الآمر بأن يسنن التعليم وصار اطفال الشيعة يعيشون حالة فصام واضحة المعالم بين مايتعلمونه في المدرسة وما يتعلمونه في المنزل وقد برره كثيرون بالتقية حتى عندما كانت الدولة العراقية قابلة للتغيير دون مهلكة في سنوات العهد الملكي واول سنوات القوميين والبعثيين عندما كان ساقهم هشاً قابلاً للكسر، بل ان هذاالامر قد تسرب الى بعض الشيعة انفسهم وصاروا يهونون منه ويعدونه أمراً سلفياً رجعياً لاينبغي الوقوف عنده ، ولن انسى ماحييت ان اكثر من لامني على تسجيل رسالتي للماجستير ( كربلاء في الشعر العربي الحديث ) في جامعة اليرموك الاردنية عام 1992 هم المثقفون الشيعة بعـدّه موضوعاً سيشيع صبغة التشيع علي في المشهد الثقافي العربي دون ان يدركوا ان المثقفين العرب قد صنفونا منذ زمن بعيد حتى لو كتبنا عن أعتداء الحسين على يزيد عندما أخره عن السكر ليلتين بسبب ثورته ، وهاهي الأحداث تثبت ذلك كل يوم ومع كل مقالة يكتبها هذا الشاعر او ذلك المفكر ممن كنا نراهن على تقدميته المزعومة.
لقد تصرف الشيعة كمسلمين متسامحين عبر حوزتهم وهو أمر منطقي سليم يتطابق مع دور علماء الدين في المجتمع ،الا انه لم يترك المجال لسياسييهم العلمانيين في أن يتصرفوا كساسة كاملي النصاب في ثبت الدولة السني المهيمن فصاروا وهم الأكثرية أقلية في كل مفازات الدولة وحجراتها وأشق من ذلك انهم نفذوا كل القررات التي تهدف الى تهميشهم بأيديهم في أحايين كثيرة .
لقد كان لاتباع منطق علمي راق في ثبت المرجعية الشيعية ( وهو مبدأ الأعلمية ) اثاراً جانبية سلبية على مكانة الشيعة في وطنهم ففي حين تؤدي مرجعية العلماء العراقيين الى دفعة كبيرة للحظور الشيعي في المشهدين العراقي والعربي ( كما في مرجعية الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء ) فانها سرعان ماتقتصر على الجانب الفقهي عند تولي مرجع ذي اصول غير عربية ، وظلت هذه المعادلة الصعبة بين العلمية والعراقية تؤرق المشهد السياسي الشيعي حتى انها فرضت نفسها على تحديث انماط العلاقة الدراسية والمالية في الحوزة ، بل حجمت حضور المرجع وربما دور المرجعية لدى عامة الشيعة الذين تربوا على سماع خلاصات ثقافية رائعة من البيان العربي عبر خطب الائمة ومراثي الشعراء في عاشوراء ، في حين كان عليهم ان يقتنعوا بكلام مبتسر بعربية ركيكة من بعض المراجع على اهميتهم العلمية الاستثنائية ، وهذا مايفسر الالتفاتة الكبيرة التي حضي بها المرجعان الشهيدان السيد محمد باقر الصدر وتلميذه محمد محمد صادق الصدر عندما صار المرجع يتحدث الى الناس فيذكرهم من خلال بلاغته بأرثهم الثقافي واللغوي العربي ولا يحتاجون معه الى مترجم بل صاروا يشاهدونه يخطب بالأماكن العامة ولا يكتفي بالحديث مع زواره القليلين فخرجت الآلاف وراءه ولعل مقارنة بسيطة بين الأثر الذي خلفه استشهاد السيد محمد الصدر واستشهاد عالمين غير عراقيين قبله بأشهر يعطي الباحث دلالات واضحة على ماسبق ، ولعل من المهم ان نذكر ان فكرة المرجع العراقي التي كان ينادي بها صدام قد اثبتت عكس هدفها المرجو منها من لدن الدكتاتور، فقد التف الناس حول المراجع العراقيين بطريقة مذهلة مما جعل صدام يسارع الى قتلهم في حين كان المراجع من ذوي الاصول غير العربية يبقون ضمن حدود الضيف الفقيه في كثير من الأحيان باستثناء السيد الخميني الذي كان استثناءً في كل شيء.
ورغم مأساة الحرب العراقية الايرانية فلم يدرك الساسة الشيعة حقيقة ماحصل عندما غزا صدام الكويت واجتمع الاصدقاء والاعداء لأخراجه منها ، وبدل ان يبادروا الى اقامة حوار مع القوى الفاعلة في الأمر قبيل الحرب فقد بقوا يعيشون في وهم امكانية السيطرة على العراق عبر الانتفاضة الشعبية وارادوا ان يحصدوا ثمراً لم يزرعوه عندما اوهن الحلفاء نظام صدام وتقدمت الجماهير على القيادات في انتفاضة عارمة سادت اغلب مدن العراق الوسطى والجنوبية ، ومرة اخرى تردد القادة في الحديث مع الأمريكان وحلفائهم العرب المتخوفين من الشيعة، وبدل ان يطمئنوهم فقد راحوا يبالغون في اثارة مواقفهم عبر تبني ثوابت الثورة الايرانية التي تختلف زماناً ومكاناً وأهدافاً عن الواقع العراقي بل انها كانت تعيش مشكلات غير قليلة في داخلها مما يجعل استنساخها ضرباً من الجنون ، وهكذا ضربت الانتفاضة من الاطراف كلها واشترك الجميع في وأدها ليتحول العراق الى حقل مقابر جماعية ولتدخل الدبابات المدن العراقية الثائرة وقد خط عليها لاشيعة بعد اليوم .
* شاعر واكاديمي عراقي ، مدير عام المركز الثقافي العربي السويسري
(1)
أرض السواد - علي الشلاه*
لعل اخطاء المشروع السياسي الشيعي العراقي ليست وليدة اليوم فقد تآمر بعض الشيعة على انفسهم دون ان يدركوا ذلك ومكنوا الآخرين من تسور جدرانهم وسرقة كرومهم منذ زمن بعيد ، ولعل الخطأ الاول الذي وقع به الشيعة هو ترددهم في افراز زعامات غير دينية تقود مشروعهم السياسي وظلت الحالة الرمزية التي تمثلها الجامعة الاهم في العالم الاسلامي الشيعي ( حوزة النجف ) تظلل كل المشاريع التي توافر عليها الشيعة منذ السلطنة العثمانية وحتى اليوم ، وكأن الأمر مقصود او يشوبه تطابق مصالح غير منظور ، فمع الدور المهم والرائد للحوزة الا انها بقيت تتصرف ضمن سياقات حذرة لاترقى الى اخذ زمام المبادرة وكانت تهب لنصرة القضايا الاسلامية العامة لكنها سرعان ماتتراجع عندما يجري الحديث حول حقوق المواطنين العراقيين ويبدو ان تأخر الحوزة عن الخروج من الحالة الاسلامية العامة الى الواقع الجديد الذي فرضته الحربان العالميتان وماتلاهما من اتفاقات قسمت العالم الاسلامي دول ودويلات ،جعلها تواصل العيش في حلم الدولة الاسلامية الواحدة رغم ان تلك الدولة بطبعتها العثمانية كانت كابوساً للشيعة ترك ترهلاته على وجه الاخوة الاسلامية في العراق من خلال تسليط طائفة واحدة والنظر الى الشيعة على انهم وقود ( السفر بر) والحروب الدونكوشوتية التي تجر خيرة الشباب الى بلدان لم يسمعوا بها ولم تسمع بهم فاذا انتصروا فخير واذا قتلوا فخيران ، ومع ذلك وقفت الحوزة مع العثمانيين في الحرب الاولى بدعوى الوقوف مع المسلم ضد الكافر رغم ان هذا المسلم المتضامن معه لايعترف بهم مسلمين ورغم ان ابناء طائفته قد قفزوا سريعاً الى المركب البريطاني الجديد تاركين المركب القديم ليغرق براكبيه والمدافعين عنه ، وحين رسى المركب الجديد فقد عرف ربانه اصدقاءه من اعدائه وسلم الجمل بما حمل لمن اسرع للوقوف تحت ظله .
ورغم ان اعادة التذكير بهذا الموضوع قد تبدو غير ضرورية في هذه الايام الا انها من وجهة نظري اكثر من ضرورية ، فمع ان خطأ عزوف الشيعة عن التعامل - مع الواقع الجديد الذي رافق نشوء الدولة - بايجابية قد جلب عليهم مآس لاتحصى ، الا انه قد جاء اليوم الذي بوسع الشيعة ان يقلبوا فيه ذلك الخطأ الى صواب كبير ، فقد راكمت السنون الولادات ( رغم الحروب والمقابر والاعدامات ) وازدادت نسبة الشيعة بشكل كبير دون ريب ولم يعد بالامكان تجاهل هذه الكثرة العددية التي عبرت حاجز الثلثين باضافة الشيعة الأكراد والتركمان وصار على الساسة العراقيين ان يقيموا احصاءً في فترة قريبة مهما ماطل بعضهم في ارجائها واخذ نتائج هذا الاحصاء بنظر الاعتبار في تقرير الحالة السياسية القادمة وهي دون شك افضل من الحالة التي سادت عام 1921 خصوصاً مع الكثرة الهائلة للكفاءات الشيعية اليوم.
لقد تقبل الشيعة بدرجة غريبة منذ الستينات الحالة الطائفية باتجاه واحد ، فصار الجهر بتفضيل السنة وآرائهم الفكرية والتاريخية في الاعلام والحياة الاجتماعية أمراً طبيعياً في حين صار مجرد ذكر الشيعة حتى ولو من سبيل ذكر الحقائق التاريخية يعد طائفيةً يجب التبرؤ منها ، وسكت بعض الشيعة عن حالات تسنين واضحة في هرم الدولة ومؤسساتها ، بل وصل الآمر بأن يسنن التعليم وصار اطفال الشيعة يعيشون حالة فصام واضحة المعالم بين مايتعلمونه في المدرسة وما يتعلمونه في المنزل وقد برره كثيرون بالتقية حتى عندما كانت الدولة العراقية قابلة للتغيير دون مهلكة في سنوات العهد الملكي واول سنوات القوميين والبعثيين عندما كان ساقهم هشاً قابلاً للكسر، بل ان هذاالامر قد تسرب الى بعض الشيعة انفسهم وصاروا يهونون منه ويعدونه أمراً سلفياً رجعياً لاينبغي الوقوف عنده ، ولن انسى ماحييت ان اكثر من لامني على تسجيل رسالتي للماجستير ( كربلاء في الشعر العربي الحديث ) في جامعة اليرموك الاردنية عام 1992 هم المثقفون الشيعة بعـدّه موضوعاً سيشيع صبغة التشيع علي في المشهد الثقافي العربي دون ان يدركوا ان المثقفين العرب قد صنفونا منذ زمن بعيد حتى لو كتبنا عن أعتداء الحسين على يزيد عندما أخره عن السكر ليلتين بسبب ثورته ، وهاهي الأحداث تثبت ذلك كل يوم ومع كل مقالة يكتبها هذا الشاعر او ذلك المفكر ممن كنا نراهن على تقدميته المزعومة.
لقد تصرف الشيعة كمسلمين متسامحين عبر حوزتهم وهو أمر منطقي سليم يتطابق مع دور علماء الدين في المجتمع ،الا انه لم يترك المجال لسياسييهم العلمانيين في أن يتصرفوا كساسة كاملي النصاب في ثبت الدولة السني المهيمن فصاروا وهم الأكثرية أقلية في كل مفازات الدولة وحجراتها وأشق من ذلك انهم نفذوا كل القررات التي تهدف الى تهميشهم بأيديهم في أحايين كثيرة .
لقد كان لاتباع منطق علمي راق في ثبت المرجعية الشيعية ( وهو مبدأ الأعلمية ) اثاراً جانبية سلبية على مكانة الشيعة في وطنهم ففي حين تؤدي مرجعية العلماء العراقيين الى دفعة كبيرة للحظور الشيعي في المشهدين العراقي والعربي ( كما في مرجعية الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء ) فانها سرعان ماتقتصر على الجانب الفقهي عند تولي مرجع ذي اصول غير عربية ، وظلت هذه المعادلة الصعبة بين العلمية والعراقية تؤرق المشهد السياسي الشيعي حتى انها فرضت نفسها على تحديث انماط العلاقة الدراسية والمالية في الحوزة ، بل حجمت حضور المرجع وربما دور المرجعية لدى عامة الشيعة الذين تربوا على سماع خلاصات ثقافية رائعة من البيان العربي عبر خطب الائمة ومراثي الشعراء في عاشوراء ، في حين كان عليهم ان يقتنعوا بكلام مبتسر بعربية ركيكة من بعض المراجع على اهميتهم العلمية الاستثنائية ، وهذا مايفسر الالتفاتة الكبيرة التي حضي بها المرجعان الشهيدان السيد محمد باقر الصدر وتلميذه محمد محمد صادق الصدر عندما صار المرجع يتحدث الى الناس فيذكرهم من خلال بلاغته بأرثهم الثقافي واللغوي العربي ولا يحتاجون معه الى مترجم بل صاروا يشاهدونه يخطب بالأماكن العامة ولا يكتفي بالحديث مع زواره القليلين فخرجت الآلاف وراءه ولعل مقارنة بسيطة بين الأثر الذي خلفه استشهاد السيد محمد الصدر واستشهاد عالمين غير عراقيين قبله بأشهر يعطي الباحث دلالات واضحة على ماسبق ، ولعل من المهم ان نذكر ان فكرة المرجع العراقي التي كان ينادي بها صدام قد اثبتت عكس هدفها المرجو منها من لدن الدكتاتور، فقد التف الناس حول المراجع العراقيين بطريقة مذهلة مما جعل صدام يسارع الى قتلهم في حين كان المراجع من ذوي الاصول غير العربية يبقون ضمن حدود الضيف الفقيه في كثير من الأحيان باستثناء السيد الخميني الذي كان استثناءً في كل شيء.
ورغم مأساة الحرب العراقية الايرانية فلم يدرك الساسة الشيعة حقيقة ماحصل عندما غزا صدام الكويت واجتمع الاصدقاء والاعداء لأخراجه منها ، وبدل ان يبادروا الى اقامة حوار مع القوى الفاعلة في الأمر قبيل الحرب فقد بقوا يعيشون في وهم امكانية السيطرة على العراق عبر الانتفاضة الشعبية وارادوا ان يحصدوا ثمراً لم يزرعوه عندما اوهن الحلفاء نظام صدام وتقدمت الجماهير على القيادات في انتفاضة عارمة سادت اغلب مدن العراق الوسطى والجنوبية ، ومرة اخرى تردد القادة في الحديث مع الأمريكان وحلفائهم العرب المتخوفين من الشيعة، وبدل ان يطمئنوهم فقد راحوا يبالغون في اثارة مواقفهم عبر تبني ثوابت الثورة الايرانية التي تختلف زماناً ومكاناً وأهدافاً عن الواقع العراقي بل انها كانت تعيش مشكلات غير قليلة في داخلها مما يجعل استنساخها ضرباً من الجنون ، وهكذا ضربت الانتفاضة من الاطراف كلها واشترك الجميع في وأدها ليتحول العراق الى حقل مقابر جماعية ولتدخل الدبابات المدن العراقية الثائرة وقد خط عليها لاشيعة بعد اليوم .
* شاعر واكاديمي عراقي ، مدير عام المركز الثقافي العربي السويسري