JABER
12-14-2011, 01:32 AM
12/12/2011
{العمل}.. منهج يدلنا على أقصر الطرق لمعالجة مكامن الأحزان والإجهاد تغيير حياتنا يبدأ من أفكارنا
http://www.alqabas.com.kw/Temp/Pictures/2011/12/12/5585d0af-d5ec-4bf5-9a9a-363a465d8a74_main.jpg
بايرون كاثلين
منى فرح
«الاختناقات المرورية ليست مشكلة، بل هي مجرد ظاهرة امتداد مئات السيارات على طريق واحد في وقت واحد..». قد يثير مثل هذا التفسير استفزاز الكثيرين، خصوصا الذين يضطرون الى تحمل زحمة السير بشكل يومي. لكن التفسير، أو «النصيحة»، التي تقدمها الأميركية بايرون كاثلين، في برنامجها التدريبي «العمل»، تقوم على أن الفكرة المضرة لا تصبح كذلك إلا إذا آمنا بها.
بالطبع، لا أحد يريد أن يتواجد وسط حادث سير، ولا يريد - أيضا - أن
يصاب أحد أطفاله بمرض، أو أن يكون مديره في العمل متسلطا وغير متفهم.. ولكن عندما تحدث مثل هذه الأمور، فما الفائدة من الجدال الفكري معها؟ نحن نعلم ألا فائدة من ذلك، ولكننا نواصل الجدال، لأننا لا نعرف كيف نتوقف.
كاثلين - أو كيتي، كما يسميها أصدقاؤها - اكتشفت كيف يمكن أن نتوقف عندما تهاجمنا الأفكار السلبية، التي تستنزف جهدنا وتقودنا من حيث لا ندري الى الإحباط والكآبة واليأس.
لقد طورت كيتي منهجا بسيطا وعظيم القوة للبحث «في داخلنا» عن الأسباب التي تجعل بعض الأشياء تزعجنا، وبالتالي إيجاد «السبيل» للتخلص منها، وسمَّت هذا المنهج «العمل»، لأنها ركزت على أن يكون التغيير الذي ينشده أي شخص «عمليا» بالدرجة الأولى. وكانت النتيجة أن امرأة انتحارية ملتزمة الفراش تحولت إلى إنسانة ممتلئة بالحب لكل ما في الحياة.
كانت كيتي - وهي اليوم سيدة أعمال وأم لثلاثة أولاد - تعيش في الصحراء المرتفعة في جنوب كاليفورنيا، وعندما كانت في الثلاثين من عمرها غرقت في يأس عميق لازمها لنحو 10 سنوات. وطوال تلك الفترة أخذت كآبتها تسوء، فكانت بالكاد تغادر سريرها لمدة تقارب السنتين، وقد استحوذ الانتحار على ذهنها. وفي ذات صباح، ومن أعماق اليأس، مرت بإدراك غيّـر مجرى حياتها.
لاحظت كيتي أنها حين تتوقع من أمر أن يكون مختلفا عما هو - مثل قولنا «يجب على زوجي أن يحبني أكثر»، «يجب على أولادي أن يقدروني».. - كانت تعاني. ولكن عندما لم تكن تفكر بتلك الطريقة كانت تشعر بالهدوء والسلام الداخلي والانسجام مع الذات والمحيط. وهكذا، أدركت أن سبب يأسها ليس العالم من حولها، بل الأفكار والاعتقادات التي تحملها في ذهنها حول العالم. وبوميض من الوعي، اكتشفت كيتي أن محاولاتنا في البحث عن السعادة مقلوبة رأسا على عقب، وأنه بدل أن نحاول - بيأس - تغيير العالم ليلائم أفكارنا، تجب علينا مواجهة العالم وتقبله، كما هو «فنشعر بحرية وسعادة تفوق الخيال».
هذا لا يعني - أبدا - الاستسلام للواقع، أو التوقف عن الطموح أو تقبل أي شيء، مثل الغلط والظلم والمهانة. ولا يعني أيضا أن تتجمد عواطفنا ونتوقف عن الحزن والتفاعل مع التأثيرات الإيجابية والسلبية. بل المقصود من اتباع منهج «العمل» التدرب على تقبل الأشياء والواقع والأحداث، التي تعترض حياتنا «من دون أن نترك لها مجالا لتجهد أذهاننا وتستنزف عواطفنا وأعصابنا».
هذا ما قالته كاثي وايت، وهي واحدة من مئات الأشخاص الذين خضعوا لورشة «العمل»، التي تنظمها كيتي بشكل دوري، وصارت هي بدورها معالجة متخصصة في شؤون العائلة والأطفال.
وكانت كاثي وايت زارت الكويت والمنطقة مؤخرا في جولة للترويج للكتاب الجديد، الذي أصدرته بايرون كاثلين بلغات عدة، من بينها العربية.
وخلال لقاء خاص شرحت كاثي لـ القبس تجربتها الخاصة مع «العمل» والظروف التي قادتها للتعرف على كيتي وكيف انتشلها {العمل} من الكآبة التي غاصت فيها بعد وفاة أول أبنائها (وحيدها في ذلك الوقت).
تقول كاثي: «كان طفلي الأول والوحيد.. والتغلب على ذلك الحزن كان بالنسبة الي عملا شاقّا ومرهقا، واستهلك مني الكثير من الطاقة والوقت. بالطبع، خضعت لأنواع كثيرة من العلاجات - الطبية منها والنفسية - وتناولت العقاقير المهدئة، وخضعت لأكثر من برنامج استشفائي.. ولكن التطور كان بطيئا جدا. لم أستطع التخلص من تلك الأفكار التي كانت تستحوذ على تفكيري وذهني، مثل «لماذا أنا»، «العالم ليس آمنا»، «الاشياء السيئة تحدث للأشخاص الطيبين»، و«يجب ألا أكون طيبة القلب» و«إن البريء يتعرض للعقاب (مثل ابني)» و«الله لا يحبني».. و«قد لا أصبح أما مرة ثانية..».
وتتابع كاثي: «اليوم، لدي إحساس بأن ما قمت به من «عمل» في موضوع وفاة ابني قد انتهى حين تمكنت من إحداث تحول في تفكيري، والاقتناع بأن ابني كان قدره أن يموت، وتوقفت عن التعلق بالنقيض والإصرار على القول إن ابني ما كان يجب أن يموت».
الموجود هو ما نريد
«تجنب الدخول في جدال مع الموجود». من هذه النصيحة انطلقت بايرون كيتي، عندما باشرت بوضع أسس تعليم منهج «العمل». فقد استنتجت (من التجربة الشخصية التي مرت بها) اننا نعاني فقط عندما نؤمن بفكرة تتجادل مع الموجود، «أما عندما يكون الذهن صافيا، فان الموجود هو ما نريد، إن أردتم أن تغيروا الواقع، فكأنكم تحاولون أن تعلّموا قطاً العواء. يمكنكم أن تحاولوا وتحاولوا، وفي نهاية المطاف سينظر إليكم القط، ليقول «مياو». إن الرغبة بتغيير الواقع لا أمل منها.
وتعليقا تقول كيتي «إنها تمر في أذهان كل شخص.. عشرات المرات في اليوم الواحد.. فإذا ما ظل المرء يقول (يجب على البشر أن يكونوا أكثر لطفا)، (يجب على الأطفال أن يكونوا مهذبين)، (يجب على زوجي/زوجتي أن يوافقني/توافقني الرأي)، (يجب علي أن أكون أنحف أو أجمل أو أكثر نجاحا).. كل هذه أفكار تدل على رغبتنا في أن يكون الواقع مختلفا عما هو عليه. وهذا ما يؤدي إلى الإحباط واليأس والكآبة، لأننا بهذه الأفكار نرفض الواقع ونصبح في اللامكان.. كل توتر نشعر به هو نتيجة للجدال مع الواقع».
قد يأتي من يقول إنه إذا توقف المرء عن الجدال مع الواقع سيفقد قوّته! وان تقبل الواقع فحسب، يعني التحول إلى إنسان غير فعّال. لكن كيت تجيب على هؤلاء بسؤال «هل بإمكانكم أن تعلموا فعلاً أن أفكاركم هذه هي الحقيقة؟ أي ما الذي يعطي قوّة أكثر: القول (ليتني لم أفقد وظيفتي)، أم (فقدت وظيفتي، والآن ماذا بإمكاني أن أفعل الآن؟)».
فعندما تجرأت كاثي وقالت «كان قدر ابني أن يموت»، تقبلت الواقع واستطاعت أن تستمر في حياتها، وبدأت التركيز على أن تكون «أماً مثالية» لطفليها الجديدين (بنت وصبي). وتقول «رأيت كيف أن عدم وجود أطفال لدي في ذلك الوقت الذي كنت أعاني فيه منحني فرصة مذهلة للقيام بأمور أخرى.. انني أفهم اليوم أكثر من أي وقت مضى ماذا يعني أن تفقد أم ولدها، وأفهم ماذا تعني الخسارة والحزن بطريقة مختلفة تماما عن قبل».
الموجود موجود
يعلمنا «العمل» أن الأمور التي سبق اعتقدنا أنها كان من المفروض ألاّ تحدث، فإنها من المفروض أن تحدث. إنها من المفروض أن تحدث لأنها حدثت، ولن يغير ذلك أيّ تفكير.
تقول كيتي: «لا يعني الأمر أن عليكم أن تتغاضوا عن ذلك أو تتقبلوه. كل ما يعنيه أنه بإمكانكم أن تروا الأمور من دون مقاومة، ومن دون الإصابة بالارتباك الذي يسببه صراعكم الداخلي. لا يريد أحد أن يحدث له شيء سيئ، ولكن عندما تحدث فما الفائدة من الجدال الفكري مع الأمر؟ الجدال مع الواقع مؤلم ويشعرنا بالتوتر والإحباط. أما عندما نتوقف عن رفض الحقائق تصبح أفعالنا بسيطة، متدفقة، لطيفة وخالية من الخوف».
شأني.. شأنك وشأن الله
فمن خلال بحثها عن مواطن الهدوء والطمأنينة، وجدت كيتي أن شؤون العالم ثلاثة «خاصتي، خاصتك وشأن الله»، وأن جزءا كبيرا من توترنا يصدر من انشغالنا بأمور لا تخصنا.
فإذا ما بقينا نشغل بالنا بأن الآخر يجب أن يكون سعيدا، على سبيل المثال، أو يجب أن يتأخر دائما، وعليه أن يصل إلى عمله باكرا، أو على فلان أن يهتم بنفسه أكثر.. فإننا ننشغل بشؤون غيرنا. وعندما نقلق بسبب هزات أرضية، فيضانات، حرب، أو متى سنموت، فإننا ننشغل بشؤون الله، وعندما ننشغل فكريا بشؤون الآخر أو شؤون الله، فإن النتيجة هي التفريق.
وتوضح كيتي كيف عندما كانت تشغل بالها دائما بشؤون أمي، وتكرار فكرة أنه «يجب على أمي أن تتفهمني»، كانت تشعر بالوحدة والألم. ومن ثم أدركت أن المرات التي شعرت فيها بالوحدة أو بالألم في حياتها، هي المرات التي كانت منشغلة فيها بشؤون الآخرين، مهملة شؤونها الخاصة.
«إذا كنتم تعيشون حياتكم الخاصة، وأنا أيضا أعيش حياتكم بتفكيري، فمن سيعيش حياتي؟»، تقول كيتي. وتضيف: «انشغالي الفكري بشؤونكم الخاصة يمنعني من إثبات حضوري الشخصي لأنني أهمل شؤوني الخاصة. فأكون منفصلة عن نفسي، وأتعجب لعدم الاستقرار في حياتي».
وتضيف «الاعتقاد أنني أعلم ما هو الأفضل لإنسان آخر يعني الخروج من نطاق شؤوني الخاصة، هذا تعجرف، ويسبب التوتر للطرفين. هل أعلم ما هو الصحيح بالنسبة لنفسي حتى أدعي أنني خبيرة بما هو أفضل للآخرين؟! اهتمامي بنفسي أصدق تعبير بأنني أهتم بالآخرين».
«إذا فهمتم ثلاثة أصناف من الشؤون بما يكفيكم للانشغال بشؤونكم الخاصّة لا غير، فستشعرون على الأرجح بتحرر يفوق خيالكم. أما عندما تشعرون بالتوتر أو الانزعاج، اسألوا أنفسكم: بشؤون من أنتم منشغلون؟
وقد تنفجرون ضاحكين عندما تكتشفون الإجابة! من الممكن أن يعيدكم السؤال إلى أنفسكم. وقد تكتشفون أنكم لم تكونوا فعلاً حاضرين أو موجودين، وأنكم كنتم تعيشون ذهنيا بشؤون أشخاص آخرين طوال حياتكم. مجرد الملاحظة أنكم منشغلون بأمور الآخرين قد تعيدكم إلى نفوسكم الرائعة».
«والمفاجأة الأكثر روعة هي عندما تستمرون على هذا النهج ستكتشفون أن ليس لديكم شؤونا خاصة، وأنّ حياتكم تسير لوحدها وبشكل متكامل، بحكم الوجود والطبيعة»!
مواجهة أفكارنا
كيف هذا؟
تشرح كيتي في ملخص منهجها الذي تتبعه في ورشات التدريب الفني وتقول «إن الفكرة غير مضرّة ألاّ إذا آمنا بها. فليست الأفكار هي سبب معاناتنا بل التعلق بها (لسنوات وربما للعمر كله) والإيمان بها دون البحث فيها».
وتضيف: «معظم البشر يعتقدون أنفسهم ما توحي لهم أفكارهم. في أحد الأيام لاحظت أني لا أتنفس، بل أن الحياة تتنفسني. في ما بعد، أدركت، لدهشتي، أنني أيضا لا أفكر، بل إنني مفتكرة، وأن التفكير ليس أمرا شخصيا. هل تستيقظون في الصباح لتقولوا لأنفسكم +أظن إنني لن أفكر اليوم؟+. فات الأوان، فقد بدأتم بالتفكير. الأفكار تظهر فحسب، إنها تأتي من الفراغ وتعود إلى الفراغ، كالغيوم التي تمر بالسماء الفارغة. إنها تأتي لتمر، لا لتبقى. ليس من ضرر بالأفكار إذا لم نرتبط بها وجعلها الحقيقة. أنا لا أترك أفكاري لشأنها، بل أواجهها بتفهم. حينئذ هي تتركني لشأني.. الأفكار كالنسيم أو الأوراق على الأشجار أو قطرات المطر. هل تتجادلون مع قطرات المطر؟".
«حين تقابلون فكرة مؤلمة بتفهم، ستجدونها مشوقة عندما تراودكم في المرة الثانية. وما كنتم تعتقدون أنه كابوس، ستجدونه مضحكا. وبعد ذلك، من المحتمل ألا تلاحظونه بتاتا. هذه هي القوة في محبة الموجود».
العقل مصدر الإجهاد
خلال اللقاء سألت كاثي وايت ما إذا كان اتباع منهج «العمل» أفضل من الحديث إلى اختصاصي في الطب النفسي بالنسبة لمن يشعر بالحاجة إلى ذلك؟ وما إذا كان الأمر ينجح دائما؟ أو يفيد كل الأشخاص؟، فقالت: « لن أقول ان أي شي أفضل من أي شيء. ولكن ما رأيته في حياتي أن ما فعلته كان دائما العلاج الصحيح الذي كنت بحاجة إليه في الحالة التي كنت فيها. وحين أتيت إلى +العمل+ وجدت أن الأسلوبين مفيدان. لذلك إذا ما كان شخص ما يعاني من حالة اكتئاب مزمن أو يمر بفترة احباط أو يأس وما إلى ذلك، فان تمارين +العمل+ تعزز العلاج. وهناك من لم يشعر بحاجة لأي مساعدة من أي اختصاصي فني»، مضيفة «العمل يعتمد على أن مبدأ واحد ألا وهو أن العقل مصدر كل الإجهاد. وباستجواب ذواتنا وبواطن أفكارنا سنعرف كيف نضع أصبعنا على مكمن حزننا وسبب شعورنا بالإجهاد».
وبحسب وايت، لا يمكن تحديد وقت للشخص كي يتعافى من محنة ألمت به. فهي شخصيا، ورغم أنها أصبحت عضوا في برنامج «العمل» وتدرب آخرين، لكنها لا تزال تشتاق لابنها وتبكي فراقه بين الحين والآخر، بحسب ما اعترفت لـ القبس.
التغيير في عقولنا
هذا ما يتعلق بالأفكار التي تسبب لنا الإجهاد، ولكن ماذا عن الوقائع والحقائق التي تسبب لنا الإجهاد النفسي والجسدي والعصبي والمعنوي أحيا؟ ماذا عن مشكلة الازدحام اليومية؟ أو العيش مع زوج/ زوجة- لا يستمع/ تستمع- عندما نتحدث؟ ومدير متسلط لا يتفهمنا؟ وجار مزعج؟ تجيب وايت: «مجرد استخدام مصطلح +مشكلة+ والبدء بمجادلة الواقع مثل القول +يجب أن تسير السيارات بشكل أسرع+، +سوف أتأخر+، .. هو بحد ذاته مصدر للإجهاد. فإذا كنت تعتقدين أنه ما كان عليك أن تكوني وسط هذا الازدحام فأنت تتجادلين مع الواقع، لأنك وسط الازدحام ولا تستطيعين تغيير الحقيقة..
والإجهاد الذي تشعرين به في مثل هذه اللحظات ليس سببه السيارات بل أفكارك. حاولي أن تصفي الأمر على أنه امتداد مئات السيارات على الطريق في وقت واحد، وستجدين كيف تتأقلمين مع ما أنت فيه، وكيف أن الطريق ستسلك في النهاية وكيف أن إجهاد ذهنك لم يغير من الواقع شيئا، بل أن صفاء الذهن سيجعلك تستفيدين من وقت الانتظار للتفكير بأشياء أخرى، وستصلين في النهاية، ربما متأخرة ولكن غير مجهدة.. وبعدها ستعالجين موضوع التأخير على حدة».
«هناك من يترك مسألة الطقس تجهد تفكيره. فإذا كنت تعيشين في بلد صحراوي مثل الكويت حيث الحرارة شديدة معظم أيام السنة وكذلك الغبار فما الفائدة من المجادلة مع الموضوع. الأفضل أن تكيفي حياتك حسب الجو أو تختارين بلدا آخر تعيشين فيه، لأنه ببساطة أمور الطبيعة ليست من شأنك».
قلم وورقة وعقل منفتح
تتلاءم نظرة بايرون كاثلين ريد إلى داخل الذهن مع مبادئ علم النفس الإدراكي. لكن مع اتباع منهج «العمل» قد لا نحتاج إلا لذواتنا إذا ما أردنا وضع أصبعنا على مكامن العذاب والإجهاد اللذين نشعر بهما، وبالتالي إنهاؤهما. «وجل ما يتطلب الأمر لحظة صراحة مطلقة مع الذات قبل أي شيء، لنستنتج أن كل ما يزعجنا ما هو إلا فكرة سلبية أخطأ ذهننا في تبنيها
وتركها تسيطر علينا، بينما هناك أفكار إيجابية يمكن أن تحل مكانها وتوفر علينا العناء والإجهاد»، وهذا كان تجربة مباشرة اختبرتها كيتي بنفسها.
المنهج مبني بأكمله على تجربة مباشرة لامرأة واحدة حول تكوين العذاب وإنهائه، انه بسيط لدرجة مدهشة، سهل المنال لكل الأجيال والخلفيات، وكل ما يتطلب هو قلم وورقة وعقل منفتح. رأت كيتي في الحال أن تقديم ما فهمته لن يفيد الناس. لذلك، هي تقدم مسارا يمكن الناس من إيجاد فهمهم وأجوبتهم الخاصة بأنفسهم.
تحرير الأفكار على الورق
أول خطوة في «العمل» هي كتابة حكمكم على أي موقف مثير للتوتر بحياتكم، في الماضي، في الحاضر، أو في المستقبل، بالنسبة لشخص تنفرون منه أو موقف مع شخص يغضبكم، يخيفكم أو يحزنكم. قد نكتشف أن حتى أكره الأفكار من الممكن أن تواجَه بمحبة من دون شروط.
أنا أنصحكم أن تكتبوا عن شخص لم تسامحوه كليا بعد، فإن هذه أقوى نقطة بداية. حتى ولو سامحتم ذلك الشخص %99، لن تتحرروا إلى أن يكمل سماحكم. فإن نسبة %1 المتبقية هي نفسها المكان الذي تواجهون فيه المشاكل بجميع علاقاتكم الأخرى، ومن ضمنها علاقتكم مع أنفسكم.
إذا بدأتم بتصويب إصبعكم لتلوموا الآخر، فلستم أنتم مركز الاهتمام، ولذلك من الممكن أن تكونوا طليقين من دون رقابة. نحن عادة واثقون جدا مما على الآخرين أن يفعلوا، كيف عليهم أن يعيشوا، ومن عليهم أن يرافقوا. لدينا رؤية ممتازة بالنسبة للآخرين، ولكن ليس بالنسبة لانفسنا. عندما تمارسون «العمل»، بإمكانكم أن تروا من أنتم بواسطة رؤية ما تفكرون بالآخرين. في النهاية ستدركون أن كل الموجود من خارجكم هو انعكاس لتفكيركم الخاص. أنتم تقصون القصة، أنتم آلة البث لكل القصص، والعالم هو الصورة المنبعثة من أفكاركم.
تغيير الواقع يعني أننا نقبل على المشكلة رأسا على عقب، ما يمنحنا «العمل» هو وسيلة لتغيير آلة البث ــ الذهن ــ وما لا يبث. يشبه الأمر قطعة نسيج على عدسة آلة البث، نعتقد أن هنالك عيبا في الشاشة، ونحاول تغيير هذا الشخص أو ذلك الشخص، أو من يبدو العيب فيه. عندما نكتشف مكان قطعة النسيج، يمكننا أن ننظف العدسة نفسها، هذه نهاية المعاناة، وبداية القليل من سرور الجنة.
30 دولة
منذ عام 1986، قدمت كيتي «العمل» إلى مئات آلاف الناس في ثلاثين دولة حول العالم. بالإضافة إلى أحداث عامة، قدمت كيتي «العمل» إلى مؤسسات، جوامع، مدارس، كنائس، سجون ومستشفيات. مرح كيتي وفكاهتها يسران الناس، والإدراك العميق والاكتشافات الخارقة التي يخوضها المشتركون بسرعة تجعل الأحداث فاتنة. ومنذ 1998، تدير كيتي «مدرسة العمل»، هي ورشة تتضمن دراسة وتدريب لمدة تسعة أيام، تقدم بضع مرات في السنة، وفي أماكن مختلفة. في المدرسة تعليم متقدم معترف به، والعديد من علماء النفس: المستشارون والمعالجون النفسيون أصبح «العمل» جزءا مهما من مهنتهم.
ترشد كيتي العديد من ورشات العمل في الولايات المتحدة وحول العالم. تفاصيل عن ورشات العمل هذه موجودة على موقع الإنترنت.
www.thework.com (http://www.thework.com)
هل تنصت للآخر؟!
إذا تبين لكم أن شخصا ما أناني أو مزاجي ولا يقدر الآخرين أو سلطوي، خذوا ورقة وقلم، وسجلوا أكثر ما يسبب لكم الإجهاد. ثم اقلبوا الموضوع رأسا على عقب، واسألوا أنفسكم: هل يجب أن ينصت لي صديقي/ صديقتي؟ هل مديري حقا لا يقدرني؟ هل حقا زوجي/ زوجتي أناني/ أنانية؟. في النتيجة ستجدون أنكم لا تحتاجون لأن يكون الآخر مختلفا حتى تكونوا سعداء. فليس المطلوب تغيير الآخرين بل أن تقبلهم إذا ما أردنا أن يتقبلوننا كما نحن.
http://www.alqabas.com.kw/Temp/Pictures/2011/12/12/0eaea912-19c8-48b3-8bca-bfc1e099618b_maincategory.jpg (http://javascript<b></b>:void(0);)
كاثي وايت
http://www.alqabas.com.kw/Temp/Pictures/2011/12/12/38cd86bf-0d84-4703-8e55-14f685c0960a_maincategory.jpg (http://javascript<b></b>:void(0);)
معهد {العمل} في كاليفورنيا
{العمل}.. منهج يدلنا على أقصر الطرق لمعالجة مكامن الأحزان والإجهاد تغيير حياتنا يبدأ من أفكارنا
http://www.alqabas.com.kw/Temp/Pictures/2011/12/12/5585d0af-d5ec-4bf5-9a9a-363a465d8a74_main.jpg
بايرون كاثلين
منى فرح
«الاختناقات المرورية ليست مشكلة، بل هي مجرد ظاهرة امتداد مئات السيارات على طريق واحد في وقت واحد..». قد يثير مثل هذا التفسير استفزاز الكثيرين، خصوصا الذين يضطرون الى تحمل زحمة السير بشكل يومي. لكن التفسير، أو «النصيحة»، التي تقدمها الأميركية بايرون كاثلين، في برنامجها التدريبي «العمل»، تقوم على أن الفكرة المضرة لا تصبح كذلك إلا إذا آمنا بها.
بالطبع، لا أحد يريد أن يتواجد وسط حادث سير، ولا يريد - أيضا - أن
يصاب أحد أطفاله بمرض، أو أن يكون مديره في العمل متسلطا وغير متفهم.. ولكن عندما تحدث مثل هذه الأمور، فما الفائدة من الجدال الفكري معها؟ نحن نعلم ألا فائدة من ذلك، ولكننا نواصل الجدال، لأننا لا نعرف كيف نتوقف.
كاثلين - أو كيتي، كما يسميها أصدقاؤها - اكتشفت كيف يمكن أن نتوقف عندما تهاجمنا الأفكار السلبية، التي تستنزف جهدنا وتقودنا من حيث لا ندري الى الإحباط والكآبة واليأس.
لقد طورت كيتي منهجا بسيطا وعظيم القوة للبحث «في داخلنا» عن الأسباب التي تجعل بعض الأشياء تزعجنا، وبالتالي إيجاد «السبيل» للتخلص منها، وسمَّت هذا المنهج «العمل»، لأنها ركزت على أن يكون التغيير الذي ينشده أي شخص «عمليا» بالدرجة الأولى. وكانت النتيجة أن امرأة انتحارية ملتزمة الفراش تحولت إلى إنسانة ممتلئة بالحب لكل ما في الحياة.
كانت كيتي - وهي اليوم سيدة أعمال وأم لثلاثة أولاد - تعيش في الصحراء المرتفعة في جنوب كاليفورنيا، وعندما كانت في الثلاثين من عمرها غرقت في يأس عميق لازمها لنحو 10 سنوات. وطوال تلك الفترة أخذت كآبتها تسوء، فكانت بالكاد تغادر سريرها لمدة تقارب السنتين، وقد استحوذ الانتحار على ذهنها. وفي ذات صباح، ومن أعماق اليأس، مرت بإدراك غيّـر مجرى حياتها.
لاحظت كيتي أنها حين تتوقع من أمر أن يكون مختلفا عما هو - مثل قولنا «يجب على زوجي أن يحبني أكثر»، «يجب على أولادي أن يقدروني».. - كانت تعاني. ولكن عندما لم تكن تفكر بتلك الطريقة كانت تشعر بالهدوء والسلام الداخلي والانسجام مع الذات والمحيط. وهكذا، أدركت أن سبب يأسها ليس العالم من حولها، بل الأفكار والاعتقادات التي تحملها في ذهنها حول العالم. وبوميض من الوعي، اكتشفت كيتي أن محاولاتنا في البحث عن السعادة مقلوبة رأسا على عقب، وأنه بدل أن نحاول - بيأس - تغيير العالم ليلائم أفكارنا، تجب علينا مواجهة العالم وتقبله، كما هو «فنشعر بحرية وسعادة تفوق الخيال».
هذا لا يعني - أبدا - الاستسلام للواقع، أو التوقف عن الطموح أو تقبل أي شيء، مثل الغلط والظلم والمهانة. ولا يعني أيضا أن تتجمد عواطفنا ونتوقف عن الحزن والتفاعل مع التأثيرات الإيجابية والسلبية. بل المقصود من اتباع منهج «العمل» التدرب على تقبل الأشياء والواقع والأحداث، التي تعترض حياتنا «من دون أن نترك لها مجالا لتجهد أذهاننا وتستنزف عواطفنا وأعصابنا».
هذا ما قالته كاثي وايت، وهي واحدة من مئات الأشخاص الذين خضعوا لورشة «العمل»، التي تنظمها كيتي بشكل دوري، وصارت هي بدورها معالجة متخصصة في شؤون العائلة والأطفال.
وكانت كاثي وايت زارت الكويت والمنطقة مؤخرا في جولة للترويج للكتاب الجديد، الذي أصدرته بايرون كاثلين بلغات عدة، من بينها العربية.
وخلال لقاء خاص شرحت كاثي لـ القبس تجربتها الخاصة مع «العمل» والظروف التي قادتها للتعرف على كيتي وكيف انتشلها {العمل} من الكآبة التي غاصت فيها بعد وفاة أول أبنائها (وحيدها في ذلك الوقت).
تقول كاثي: «كان طفلي الأول والوحيد.. والتغلب على ذلك الحزن كان بالنسبة الي عملا شاقّا ومرهقا، واستهلك مني الكثير من الطاقة والوقت. بالطبع، خضعت لأنواع كثيرة من العلاجات - الطبية منها والنفسية - وتناولت العقاقير المهدئة، وخضعت لأكثر من برنامج استشفائي.. ولكن التطور كان بطيئا جدا. لم أستطع التخلص من تلك الأفكار التي كانت تستحوذ على تفكيري وذهني، مثل «لماذا أنا»، «العالم ليس آمنا»، «الاشياء السيئة تحدث للأشخاص الطيبين»، و«يجب ألا أكون طيبة القلب» و«إن البريء يتعرض للعقاب (مثل ابني)» و«الله لا يحبني».. و«قد لا أصبح أما مرة ثانية..».
وتتابع كاثي: «اليوم، لدي إحساس بأن ما قمت به من «عمل» في موضوع وفاة ابني قد انتهى حين تمكنت من إحداث تحول في تفكيري، والاقتناع بأن ابني كان قدره أن يموت، وتوقفت عن التعلق بالنقيض والإصرار على القول إن ابني ما كان يجب أن يموت».
الموجود هو ما نريد
«تجنب الدخول في جدال مع الموجود». من هذه النصيحة انطلقت بايرون كيتي، عندما باشرت بوضع أسس تعليم منهج «العمل». فقد استنتجت (من التجربة الشخصية التي مرت بها) اننا نعاني فقط عندما نؤمن بفكرة تتجادل مع الموجود، «أما عندما يكون الذهن صافيا، فان الموجود هو ما نريد، إن أردتم أن تغيروا الواقع، فكأنكم تحاولون أن تعلّموا قطاً العواء. يمكنكم أن تحاولوا وتحاولوا، وفي نهاية المطاف سينظر إليكم القط، ليقول «مياو». إن الرغبة بتغيير الواقع لا أمل منها.
وتعليقا تقول كيتي «إنها تمر في أذهان كل شخص.. عشرات المرات في اليوم الواحد.. فإذا ما ظل المرء يقول (يجب على البشر أن يكونوا أكثر لطفا)، (يجب على الأطفال أن يكونوا مهذبين)، (يجب على زوجي/زوجتي أن يوافقني/توافقني الرأي)، (يجب علي أن أكون أنحف أو أجمل أو أكثر نجاحا).. كل هذه أفكار تدل على رغبتنا في أن يكون الواقع مختلفا عما هو عليه. وهذا ما يؤدي إلى الإحباط واليأس والكآبة، لأننا بهذه الأفكار نرفض الواقع ونصبح في اللامكان.. كل توتر نشعر به هو نتيجة للجدال مع الواقع».
قد يأتي من يقول إنه إذا توقف المرء عن الجدال مع الواقع سيفقد قوّته! وان تقبل الواقع فحسب، يعني التحول إلى إنسان غير فعّال. لكن كيت تجيب على هؤلاء بسؤال «هل بإمكانكم أن تعلموا فعلاً أن أفكاركم هذه هي الحقيقة؟ أي ما الذي يعطي قوّة أكثر: القول (ليتني لم أفقد وظيفتي)، أم (فقدت وظيفتي، والآن ماذا بإمكاني أن أفعل الآن؟)».
فعندما تجرأت كاثي وقالت «كان قدر ابني أن يموت»، تقبلت الواقع واستطاعت أن تستمر في حياتها، وبدأت التركيز على أن تكون «أماً مثالية» لطفليها الجديدين (بنت وصبي). وتقول «رأيت كيف أن عدم وجود أطفال لدي في ذلك الوقت الذي كنت أعاني فيه منحني فرصة مذهلة للقيام بأمور أخرى.. انني أفهم اليوم أكثر من أي وقت مضى ماذا يعني أن تفقد أم ولدها، وأفهم ماذا تعني الخسارة والحزن بطريقة مختلفة تماما عن قبل».
الموجود موجود
يعلمنا «العمل» أن الأمور التي سبق اعتقدنا أنها كان من المفروض ألاّ تحدث، فإنها من المفروض أن تحدث. إنها من المفروض أن تحدث لأنها حدثت، ولن يغير ذلك أيّ تفكير.
تقول كيتي: «لا يعني الأمر أن عليكم أن تتغاضوا عن ذلك أو تتقبلوه. كل ما يعنيه أنه بإمكانكم أن تروا الأمور من دون مقاومة، ومن دون الإصابة بالارتباك الذي يسببه صراعكم الداخلي. لا يريد أحد أن يحدث له شيء سيئ، ولكن عندما تحدث فما الفائدة من الجدال الفكري مع الأمر؟ الجدال مع الواقع مؤلم ويشعرنا بالتوتر والإحباط. أما عندما نتوقف عن رفض الحقائق تصبح أفعالنا بسيطة، متدفقة، لطيفة وخالية من الخوف».
شأني.. شأنك وشأن الله
فمن خلال بحثها عن مواطن الهدوء والطمأنينة، وجدت كيتي أن شؤون العالم ثلاثة «خاصتي، خاصتك وشأن الله»، وأن جزءا كبيرا من توترنا يصدر من انشغالنا بأمور لا تخصنا.
فإذا ما بقينا نشغل بالنا بأن الآخر يجب أن يكون سعيدا، على سبيل المثال، أو يجب أن يتأخر دائما، وعليه أن يصل إلى عمله باكرا، أو على فلان أن يهتم بنفسه أكثر.. فإننا ننشغل بشؤون غيرنا. وعندما نقلق بسبب هزات أرضية، فيضانات، حرب، أو متى سنموت، فإننا ننشغل بشؤون الله، وعندما ننشغل فكريا بشؤون الآخر أو شؤون الله، فإن النتيجة هي التفريق.
وتوضح كيتي كيف عندما كانت تشغل بالها دائما بشؤون أمي، وتكرار فكرة أنه «يجب على أمي أن تتفهمني»، كانت تشعر بالوحدة والألم. ومن ثم أدركت أن المرات التي شعرت فيها بالوحدة أو بالألم في حياتها، هي المرات التي كانت منشغلة فيها بشؤون الآخرين، مهملة شؤونها الخاصة.
«إذا كنتم تعيشون حياتكم الخاصة، وأنا أيضا أعيش حياتكم بتفكيري، فمن سيعيش حياتي؟»، تقول كيتي. وتضيف: «انشغالي الفكري بشؤونكم الخاصة يمنعني من إثبات حضوري الشخصي لأنني أهمل شؤوني الخاصة. فأكون منفصلة عن نفسي، وأتعجب لعدم الاستقرار في حياتي».
وتضيف «الاعتقاد أنني أعلم ما هو الأفضل لإنسان آخر يعني الخروج من نطاق شؤوني الخاصة، هذا تعجرف، ويسبب التوتر للطرفين. هل أعلم ما هو الصحيح بالنسبة لنفسي حتى أدعي أنني خبيرة بما هو أفضل للآخرين؟! اهتمامي بنفسي أصدق تعبير بأنني أهتم بالآخرين».
«إذا فهمتم ثلاثة أصناف من الشؤون بما يكفيكم للانشغال بشؤونكم الخاصّة لا غير، فستشعرون على الأرجح بتحرر يفوق خيالكم. أما عندما تشعرون بالتوتر أو الانزعاج، اسألوا أنفسكم: بشؤون من أنتم منشغلون؟
وقد تنفجرون ضاحكين عندما تكتشفون الإجابة! من الممكن أن يعيدكم السؤال إلى أنفسكم. وقد تكتشفون أنكم لم تكونوا فعلاً حاضرين أو موجودين، وأنكم كنتم تعيشون ذهنيا بشؤون أشخاص آخرين طوال حياتكم. مجرد الملاحظة أنكم منشغلون بأمور الآخرين قد تعيدكم إلى نفوسكم الرائعة».
«والمفاجأة الأكثر روعة هي عندما تستمرون على هذا النهج ستكتشفون أن ليس لديكم شؤونا خاصة، وأنّ حياتكم تسير لوحدها وبشكل متكامل، بحكم الوجود والطبيعة»!
مواجهة أفكارنا
كيف هذا؟
تشرح كيتي في ملخص منهجها الذي تتبعه في ورشات التدريب الفني وتقول «إن الفكرة غير مضرّة ألاّ إذا آمنا بها. فليست الأفكار هي سبب معاناتنا بل التعلق بها (لسنوات وربما للعمر كله) والإيمان بها دون البحث فيها».
وتضيف: «معظم البشر يعتقدون أنفسهم ما توحي لهم أفكارهم. في أحد الأيام لاحظت أني لا أتنفس، بل أن الحياة تتنفسني. في ما بعد، أدركت، لدهشتي، أنني أيضا لا أفكر، بل إنني مفتكرة، وأن التفكير ليس أمرا شخصيا. هل تستيقظون في الصباح لتقولوا لأنفسكم +أظن إنني لن أفكر اليوم؟+. فات الأوان، فقد بدأتم بالتفكير. الأفكار تظهر فحسب، إنها تأتي من الفراغ وتعود إلى الفراغ، كالغيوم التي تمر بالسماء الفارغة. إنها تأتي لتمر، لا لتبقى. ليس من ضرر بالأفكار إذا لم نرتبط بها وجعلها الحقيقة. أنا لا أترك أفكاري لشأنها، بل أواجهها بتفهم. حينئذ هي تتركني لشأني.. الأفكار كالنسيم أو الأوراق على الأشجار أو قطرات المطر. هل تتجادلون مع قطرات المطر؟".
«حين تقابلون فكرة مؤلمة بتفهم، ستجدونها مشوقة عندما تراودكم في المرة الثانية. وما كنتم تعتقدون أنه كابوس، ستجدونه مضحكا. وبعد ذلك، من المحتمل ألا تلاحظونه بتاتا. هذه هي القوة في محبة الموجود».
العقل مصدر الإجهاد
خلال اللقاء سألت كاثي وايت ما إذا كان اتباع منهج «العمل» أفضل من الحديث إلى اختصاصي في الطب النفسي بالنسبة لمن يشعر بالحاجة إلى ذلك؟ وما إذا كان الأمر ينجح دائما؟ أو يفيد كل الأشخاص؟، فقالت: « لن أقول ان أي شي أفضل من أي شيء. ولكن ما رأيته في حياتي أن ما فعلته كان دائما العلاج الصحيح الذي كنت بحاجة إليه في الحالة التي كنت فيها. وحين أتيت إلى +العمل+ وجدت أن الأسلوبين مفيدان. لذلك إذا ما كان شخص ما يعاني من حالة اكتئاب مزمن أو يمر بفترة احباط أو يأس وما إلى ذلك، فان تمارين +العمل+ تعزز العلاج. وهناك من لم يشعر بحاجة لأي مساعدة من أي اختصاصي فني»، مضيفة «العمل يعتمد على أن مبدأ واحد ألا وهو أن العقل مصدر كل الإجهاد. وباستجواب ذواتنا وبواطن أفكارنا سنعرف كيف نضع أصبعنا على مكمن حزننا وسبب شعورنا بالإجهاد».
وبحسب وايت، لا يمكن تحديد وقت للشخص كي يتعافى من محنة ألمت به. فهي شخصيا، ورغم أنها أصبحت عضوا في برنامج «العمل» وتدرب آخرين، لكنها لا تزال تشتاق لابنها وتبكي فراقه بين الحين والآخر، بحسب ما اعترفت لـ القبس.
التغيير في عقولنا
هذا ما يتعلق بالأفكار التي تسبب لنا الإجهاد، ولكن ماذا عن الوقائع والحقائق التي تسبب لنا الإجهاد النفسي والجسدي والعصبي والمعنوي أحيا؟ ماذا عن مشكلة الازدحام اليومية؟ أو العيش مع زوج/ زوجة- لا يستمع/ تستمع- عندما نتحدث؟ ومدير متسلط لا يتفهمنا؟ وجار مزعج؟ تجيب وايت: «مجرد استخدام مصطلح +مشكلة+ والبدء بمجادلة الواقع مثل القول +يجب أن تسير السيارات بشكل أسرع+، +سوف أتأخر+، .. هو بحد ذاته مصدر للإجهاد. فإذا كنت تعتقدين أنه ما كان عليك أن تكوني وسط هذا الازدحام فأنت تتجادلين مع الواقع، لأنك وسط الازدحام ولا تستطيعين تغيير الحقيقة..
والإجهاد الذي تشعرين به في مثل هذه اللحظات ليس سببه السيارات بل أفكارك. حاولي أن تصفي الأمر على أنه امتداد مئات السيارات على الطريق في وقت واحد، وستجدين كيف تتأقلمين مع ما أنت فيه، وكيف أن الطريق ستسلك في النهاية وكيف أن إجهاد ذهنك لم يغير من الواقع شيئا، بل أن صفاء الذهن سيجعلك تستفيدين من وقت الانتظار للتفكير بأشياء أخرى، وستصلين في النهاية، ربما متأخرة ولكن غير مجهدة.. وبعدها ستعالجين موضوع التأخير على حدة».
«هناك من يترك مسألة الطقس تجهد تفكيره. فإذا كنت تعيشين في بلد صحراوي مثل الكويت حيث الحرارة شديدة معظم أيام السنة وكذلك الغبار فما الفائدة من المجادلة مع الموضوع. الأفضل أن تكيفي حياتك حسب الجو أو تختارين بلدا آخر تعيشين فيه، لأنه ببساطة أمور الطبيعة ليست من شأنك».
قلم وورقة وعقل منفتح
تتلاءم نظرة بايرون كاثلين ريد إلى داخل الذهن مع مبادئ علم النفس الإدراكي. لكن مع اتباع منهج «العمل» قد لا نحتاج إلا لذواتنا إذا ما أردنا وضع أصبعنا على مكامن العذاب والإجهاد اللذين نشعر بهما، وبالتالي إنهاؤهما. «وجل ما يتطلب الأمر لحظة صراحة مطلقة مع الذات قبل أي شيء، لنستنتج أن كل ما يزعجنا ما هو إلا فكرة سلبية أخطأ ذهننا في تبنيها
وتركها تسيطر علينا، بينما هناك أفكار إيجابية يمكن أن تحل مكانها وتوفر علينا العناء والإجهاد»، وهذا كان تجربة مباشرة اختبرتها كيتي بنفسها.
المنهج مبني بأكمله على تجربة مباشرة لامرأة واحدة حول تكوين العذاب وإنهائه، انه بسيط لدرجة مدهشة، سهل المنال لكل الأجيال والخلفيات، وكل ما يتطلب هو قلم وورقة وعقل منفتح. رأت كيتي في الحال أن تقديم ما فهمته لن يفيد الناس. لذلك، هي تقدم مسارا يمكن الناس من إيجاد فهمهم وأجوبتهم الخاصة بأنفسهم.
تحرير الأفكار على الورق
أول خطوة في «العمل» هي كتابة حكمكم على أي موقف مثير للتوتر بحياتكم، في الماضي، في الحاضر، أو في المستقبل، بالنسبة لشخص تنفرون منه أو موقف مع شخص يغضبكم، يخيفكم أو يحزنكم. قد نكتشف أن حتى أكره الأفكار من الممكن أن تواجَه بمحبة من دون شروط.
أنا أنصحكم أن تكتبوا عن شخص لم تسامحوه كليا بعد، فإن هذه أقوى نقطة بداية. حتى ولو سامحتم ذلك الشخص %99، لن تتحرروا إلى أن يكمل سماحكم. فإن نسبة %1 المتبقية هي نفسها المكان الذي تواجهون فيه المشاكل بجميع علاقاتكم الأخرى، ومن ضمنها علاقتكم مع أنفسكم.
إذا بدأتم بتصويب إصبعكم لتلوموا الآخر، فلستم أنتم مركز الاهتمام، ولذلك من الممكن أن تكونوا طليقين من دون رقابة. نحن عادة واثقون جدا مما على الآخرين أن يفعلوا، كيف عليهم أن يعيشوا، ومن عليهم أن يرافقوا. لدينا رؤية ممتازة بالنسبة للآخرين، ولكن ليس بالنسبة لانفسنا. عندما تمارسون «العمل»، بإمكانكم أن تروا من أنتم بواسطة رؤية ما تفكرون بالآخرين. في النهاية ستدركون أن كل الموجود من خارجكم هو انعكاس لتفكيركم الخاص. أنتم تقصون القصة، أنتم آلة البث لكل القصص، والعالم هو الصورة المنبعثة من أفكاركم.
تغيير الواقع يعني أننا نقبل على المشكلة رأسا على عقب، ما يمنحنا «العمل» هو وسيلة لتغيير آلة البث ــ الذهن ــ وما لا يبث. يشبه الأمر قطعة نسيج على عدسة آلة البث، نعتقد أن هنالك عيبا في الشاشة، ونحاول تغيير هذا الشخص أو ذلك الشخص، أو من يبدو العيب فيه. عندما نكتشف مكان قطعة النسيج، يمكننا أن ننظف العدسة نفسها، هذه نهاية المعاناة، وبداية القليل من سرور الجنة.
30 دولة
منذ عام 1986، قدمت كيتي «العمل» إلى مئات آلاف الناس في ثلاثين دولة حول العالم. بالإضافة إلى أحداث عامة، قدمت كيتي «العمل» إلى مؤسسات، جوامع، مدارس، كنائس، سجون ومستشفيات. مرح كيتي وفكاهتها يسران الناس، والإدراك العميق والاكتشافات الخارقة التي يخوضها المشتركون بسرعة تجعل الأحداث فاتنة. ومنذ 1998، تدير كيتي «مدرسة العمل»، هي ورشة تتضمن دراسة وتدريب لمدة تسعة أيام، تقدم بضع مرات في السنة، وفي أماكن مختلفة. في المدرسة تعليم متقدم معترف به، والعديد من علماء النفس: المستشارون والمعالجون النفسيون أصبح «العمل» جزءا مهما من مهنتهم.
ترشد كيتي العديد من ورشات العمل في الولايات المتحدة وحول العالم. تفاصيل عن ورشات العمل هذه موجودة على موقع الإنترنت.
www.thework.com (http://www.thework.com)
هل تنصت للآخر؟!
إذا تبين لكم أن شخصا ما أناني أو مزاجي ولا يقدر الآخرين أو سلطوي، خذوا ورقة وقلم، وسجلوا أكثر ما يسبب لكم الإجهاد. ثم اقلبوا الموضوع رأسا على عقب، واسألوا أنفسكم: هل يجب أن ينصت لي صديقي/ صديقتي؟ هل مديري حقا لا يقدرني؟ هل حقا زوجي/ زوجتي أناني/ أنانية؟. في النتيجة ستجدون أنكم لا تحتاجون لأن يكون الآخر مختلفا حتى تكونوا سعداء. فليس المطلوب تغيير الآخرين بل أن تقبلهم إذا ما أردنا أن يتقبلوننا كما نحن.
http://www.alqabas.com.kw/Temp/Pictures/2011/12/12/0eaea912-19c8-48b3-8bca-bfc1e099618b_maincategory.jpg (http://javascript<b></b>:void(0);)
كاثي وايت
http://www.alqabas.com.kw/Temp/Pictures/2011/12/12/38cd86bf-0d84-4703-8e55-14f685c0960a_maincategory.jpg (http://javascript<b></b>:void(0);)
معهد {العمل} في كاليفورنيا