المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الوسواس القهري... مرض نفسي أم مس شيطاني?



yasmeen
11-20-2011, 12:34 AM
ستة ملايين عربي منهم مليون مصري يعانون منه

19/11/2011



القاهرة- سهى عبد السيد:

القلق والتوتر والتردد سمات سائدة فيهم كما يعانون من كثرة الشك, والافتقار إلى الثقة سواء في النفس أو في الآخرين, ويمكن لأى شخص أن يلمح تلك الأعراض بمراقبة بعض تصرفاتهم, فلا تمر عليهم خمس دقائق دون أن يقوموا ببعض الأفعال التي تؤكد إصابتهم, كأن يغسلوا أيديهم كل خمس دقائق, أو يغادروا المنزل ثم سرعان ما يعودوا إليه أكثر من مرة ليتأكدوا من غلق الشبابيك أو الأبواب أو إطفاء الأنوار, ودائمًا ما تنتابهم الشكوك في الكثير من الأمور والأشخاص المحيطين بهم على غير العادة, ويأتون أفعالا مستهجنة من الآخرين... إنهم مرضى "الوسواس القهري".. والذين يتناولهم التحقيق التالي:

في البداية يوضح عمرو أحمد - خبير التنمية البشرية- أن الوسواس القهري أحد أنواع الاضطرابات النفسية التي يتعرض لها بعض الأشخاص, حيث تكون الثقة في النفس لديهم منعدمة, وقد تتمثل تلك الاضطرابات في أمور أبسط من ذلك بكثير, فهناك بعض الناس يعانون من وسواس النظافة. فيقومون بغسل أيديهم كل خمس دقائق, وهناك أشخاص طيبون بطبعهم, ولكنهم لا يستطيعون التعامل مع الناس بنفس أسلوبهم, وخاصة من يعتقدون أن جميع البشر ملائكة, ولكن مع التعامل واكتشاف حقيقة البعض منهم, وما يضمرونه من مكر يتسرب إليهم الشك لتنقلب الآية فيصبح جميع البشر عندهم أشرار. وقد ينتج الوسواس عن صدمة نفسية, أو خيانة من أحد المقربين, ومن هنا ينشأ الشك ويكبر حتى يسيطر على صاحبه وبصورة تجعله يشعر بأن الجميع حوله خائنون, ومن هنا تبدأ معاناته من الوسواس القهري.

علاج بالفيديو

ويضيف: كيفية التعامل مع هذا المرض يبدأ من مرحلة تحديد أسباب ظهور ذلك النوع من الاضطرابات, ومن ثم نبدأ في علاجها.. وفي كل الأحوال يحتاج الوسواس القهري إلى مجاهدة النفس, والابتعاد عن التفكير الكثير في أمور لم تثبت صحتها يقينًا, حتى يتغلب على شكوكه. وفي بعض الحالات مثلا يعتقد الشخص أنه لم يغسل يديه أثناء الوضوء, ويعيد وضوءه أكثر من مرة حتى يتثبت, رغم أنه أحسن الوضوء من المرة الأولى, وفي مثل هذه الحالات ننصح المريض أن يلجأ لمساعدة شخص آخر يتابعه أثناء وضوئه, حتى يتثبت أنه أتم الوضوء بشكل كامل وصحيح, ويمكن أن يصوره بالفيديو ليتثبت بنفسه, ويبتعد عن تلك الشكوك, وعلى الأهل الاقتراب أكثر من المريض ليعيدوا إليه الثقة في نفسه مرة أخرى, لينتهي من مرضه سريعًا.

ألاعيب الشيطان

يكشف د. عادل عبد القادر - استشاري الصحة النفسية- عن أن العديد من الدراسات والأبحاث الحديثة قد أكدت على أن هناك أكثر من مليون مصري, وستة ملايين عربي, مصابون بالوسواس القهري, وترجع بعض تلك الدراسات الوسواس القهري إلى حدوث مشاكل في الاتصال بين بعض الأجزاء والمناطق المسؤولة عن الإحساس بالخوف أو بالخطر, أو القلق في المخ, ليصبح العقل مقتنعًا ببعض الأفكار ولا يستطيع الفكاك منها, لذلك فالشخص مرغم على القيام بها. فمن يخاف مثلا من الحرائق تجده باستمرار يسعى للتأكد من أن البوتاجاز مغلق, بشكل مبالغ فيه, ويبتعد عن ألسنة اللهب أينما كانت, ولا يحب أن يراها. وغالبًا لا يعترف من يعانون الوسواس القهري بمرضهم, فهم يرون أن شكوكهم ومخاوفهم في محلها, لذلك لا يشعرون أنهم بحاجة للعلاج, والبعض الآخر منهم يعتقد أن الشيطان هو الذي يوسوس لهم, ويعمل على تشتيتهم, ومن هنا نلجأ لبعض الحيل لعلاج هذه الحالات إلا أنه قد يستغرق عدة أشهر حتى يعود المريض لحالته الطبيعية.

ويشير سيد جمال - خبير التنمية البشرية- إلى أن هناك نوعين من الوسواس القهري الأول ذاتي, وينتج عن افتقاد الثقة في النفس, والمصاب بهذا النوع لا يؤمن بمواهبه ولا بقدراته على الإنجاز أو التأثير, وتعتبر التربية والتنشئة هي السبب الرئيسي في ظهور هذا النوع من الشكوك. أما النوع الثاني فهو مرتبط بالآخرين, وينتج عن انعدام ثقة الشخص فيمن حوله وغالبًا ما يكون السبب في هذا النوع هو الصدمات, والأفعال غير المتوقعة من الناس خاصة المقربين, فكلما زادت درجة قرابة الشخص كلما كانت الصدمة وتأثيرها أشد.

أساليب العلاج

ويؤكد "جمال" أن علاج الوسواس القهري أصبح أسهل كثيرًا في ظل التطور, وتقدم العلم, فمن الأساليب الحديثة التي تستخدم في علاجه التنويم الإيحائي, وخط الزمن, ومن خلال البرمجة اللغوية العصبية, ولا تستغرق جلسة العلاج أكثر من ربع ساعة, ليبتعد الإنسان عن تلك الوساوس, ولابد أيضًا من علاج عدم الثقة بالنفس, والناتجة عن الاعتقاد الذاتي, وأخطاء التربية سواء من قبل الأسرة أو المدرسة أو الأصدقاء, أو حتى من وسائل الإعلام, التي تعاظم تأثيرها بشكل كبير في التنشئة. كما أن هناك الكثير من الأشخاص يتخذون لهم قدوة ومثلاً أعلى يسيرون على خطاه, لاعتقادهم بأنه إنسان مثالي, إلا أن ارتكاب تلك القدوة للأخطاء أو النزوات يجعلهم يفقدون الثقة في أنفسهم وفيمن حولهم أيضًا, كما يفقدون معها الطاقة الذاتية التي تكونت خلال سعيهم للوصول لما حققته تلك القدوة, وكانت تدفعهم نحو النجاح.

أفعال مستغربة

تقول د. مشيرة عبد الحميد - استشاري الصحة النفسية هناك بعض الأشخاص يكون لديهم الاستعداد للإصابة بالوسواس القهري, والذي يخترقهم إما من خلال وساوس النفس, أو وساوس الشيطان; والأخير ينتهي بمجرد الاستعاذة بالله من الشيطان, أما وسواس النفس أو الذاتي فهو مرض نفسي, تتسلط فيه بعض الأفكار على عقل الشخص, وتجعله يشك في أفعاله, فيضطر إلى تكرار بعض الأفعال مرات عديدة, حتى يتثبت, وهو لا يستطيع منع نفسه من تكرار الشيء مرات عدة, لذلك فإنه يبدو لمن يتابعه وكأن هناك شيئًا ما مسلط عليه ويشعره بالشك والقلق, فعندما يغادر المصاب بهذا العرض مثلاً أحد الأماكن ويغلق الباب, فإنه يعود مرة أخرى ليتأكد انه أغلق الباب, ويعود مرة ثالثة ليتأكد انه أطفأ الإضاءة, وقد يعود رابعاً وخامسا, ليتأكد أن اعتقاده غير صحيح.. وغالبًا ما تكون أعراض الوسواس مصاحبة للمريض منذ الطفولة أو فترة شبابه, وهو لا يحب الحديث عن تلك الشكوك التي كثيرًا ما يعانيها خوفًا من أن يعلم المحيطون به أنه مريض نفسي.

ويوضح المعالج النفسي عبد القادر إبراهيم بأن الإنسان قد يشعر بالوسواس لدقائق وينتهي الأمر دون أن يتسبب له في أي مشكلة, ولكن أحيانًا ما تصبح تلك الوساوس قهرية وتتغير معها سلوكيات الأشخاص, لتصدر منهم أفعال مستغربة أو مستهجنة, لا يجد الآخرين ما يبررها, وأحيانًا ما يعتقدون في أمور لا يمكن حدوثها, كأن يتخيل الواحد منهم أن حادثًا ما قد وقع في إحدى المناطق وبالتأكد يتضح أنه لا شيء حدث, ورغم ذلك يتردد على هذا المكان ويتجول فيه كثيرًا إلى أن يقتنع أنه لم يقع أي حادث; وغالبًا ما يبدو عليه القلق والتوتر, حتى أنه ينقل هذا القلق لمن حوله. ويرجع البعض تلك الوساوس إلى فكرة القرين, أو المس والجن, ليؤكدون أن هناك من يجبرهم ويضطرهم إلى تلك الأفكار والتصرفات. وهو أمر بعيد تمامًا عن الصحة, فالوسواس القهري حالة مرضية يحتاج علاجها إلى متابعة الطبيب النفسي.