المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لا يعرفه السواد الاعظم من العراقيين عن الانتخابات .. المحاصصة المفروضة !



سيد مرحوم
12-05-2004, 02:40 AM
ما لا يعرفه السواد الاعظم من العراقيين عن الانتخابات .. المحاصصة المفروضة !



أرض السواد - طاهر الخزاعي

kza_tahir@yahoo.com

من خلال متابعة لما يُكتب عن الانتخابات وما يجري من مقابلات وحوارات مع الشارع العراقي بكافة شرائحه حول الانتخابات المقبلة تبرز حقيقة أن السواد الاعظم من العراقيين لا يدركون ماهية الانتخابات المقبلة والى ماذا ستؤول , وعموم الفكرة عند الناس مستنبطة من أي انتخابات عامة تقوم في أي بلد من البلدان وبالتالي فالمرشحون أو القوائم التي تحرز أكثرية أصوات الناخبين ستكون هي الجمعية الوطنية المقبلة !! , ومن ثم يكون الرئيس الحاكم للسنة المقبلة هو من يحصل على اكثر الاصوات أيضا .

هذا في الحقيقة خطأ ووهم يعيشه العراقيون ولا يتحملون هذا الخلل بقدر ما يتحمل المسؤولية على هذه الضبابية اللجنة المشرفة على التحضير واجراء الانتخابات اضافة الى الحركات والقوى السياسية والمدنية التي تشارك في هذه العملية السياسية وعلى رأسها الحكومة المؤقتة الحالية .. بسبب هذه الضبابية , يتصور السنة - مثلاً - انهم الأخسرون في هذه الانتخابات لأنهم أقلية أولاً ولأن هناك شخصيات وأطياف منهم لن تشارك في الانتخابات ! .. وكذا يتصور عامة الناس من الشيعة انهم الاغلبية وبالتالي فقائمتهم إن فازت ستكون الجمعية الوطنية المقبلة شيعية بامتياز ! .. وهكذا يمكن أن تُقاس الأمثلة على بقية أقليات وأطياف الشعب العراقي .. والحال أن هذا الأمر لم ولن يكون , فلا السنة سوف يخسرون مقاعدهم ولا الشيعة سيتبوءون كل أو أغلبية مقاعد البرلمان القادم .

أمريكا أيها السادة حبكتها بكل اتقان ووضعت لكل طرف حده , وجعلت من هذه الحدود سواء تداخلت أو تصادمت بكل الطرق فلم تخرج عن المخطط العام المرسوم وفي أحسن الأحوال لن يفلت العراق من أمريكا مهما كانت نتائج الانتخابات المقبلة . وهذه الحبكة ببساطة هي المحاصصة المفروضة على المرشح والناخب وعلى كل العملية الانتخابية المقبلة , فللشيعة نسبة 55% لا يتعدونها بواحد حتى لو صوت 25 مليون لقائمة شيعية مغلقة !! .. وللسنة العرب والاكراد نسبهم على هذا المنوال وكذا التركمان وبقية الأديان والطوائف .. تلك هي الحقيقة التي تقول ان نسبة الشيعة - على سبيل المثال - لا تتعدى الرقم المشار اليه كما أنها محفوظة فيه ولا يتجاوز عليها الآخرون .. من هنا المسألة محسوبة ومنتهية من الآن وسوف لن تغير نتائج الانتخابات شيئاً يُذكر سوى اختلاف بعض الاسماء والوجوه , فلا حكومة شيعية تجلبها لنا الانتخابات ولا تهميش سني سينتج عن ذلك لأن السنة نسبتهم محفوظة تماماً .. أعتقد ان هذه المعلومة يجب أن يكون قد تعرَّف عليها الشعب العراقي قبل أشهر من أجل أن لا تحصل أي حساسية أو صراع خفي بسبب الانتخابات على أساس تفرد طرف على حساب طرف آخر .

وبعد هذا يقفز سؤال حول هذا التدافع الواضح بين القوى العراقية على الرغم من معرفة هذه القوى بحقيقة النسب المفروضة ؟!.

الجواب هو أن جميع القوى تُدرك ذلك ولكن التدافع والتنافس الذي يبدو على أشده من حيث تأجيل الانتخابات أو ما يُسمى بالمصالحات , الخ . إنما على هذه النسب والحصص ذاتها ! أي أن التنافس خارج عن كونه شيعيا سنيا أو عربيا كرديا , لأن هذا لا يجدي نفعا مع الحصص المفروضة , بل التنافس على التوجه والفكر السياسي بين أصحاب الحصة الواحدة .. وللتوضيح نأخذ الطرف الشيعي , فهؤلاء نسبتهم 55% لا تزيد ولا تنقص ولكنها تختلف من حيث البُنى الفكرية والسياسية وحسب نتائج الانتخابات , وبالتالي التنافس سيكون علمانيا اسلاميا بطابعه العام , فكما يعلم الجميع ان حركة الوفاق نسبتها على الشيعة وحتى الحزب الشيوعي نستبه على الشيعة والمؤتمر الوطني وشخصيات مستقلة أيضا , كما أن الشق الثاني من النسبة الشيعية يتمثل في الاسلاميين حركيين ومستقلين وأحزاب وشخصيات , بين هذين الشقين يجري التنافس على الفوز وهذا التنافس لا قيمة له في نظر الذين ينظرون الى الأمور من منظار طائفي فالشيعي عنده شيعي سواء كان من الحزب الشيوعي أو الوفاق أو كردي فيلي أو تركماني أو من المجلس الاعلى أو التيار الصدري أو حزب الدعوة وهكذا .. ولهؤلاء نقول ان المسألة محسومة لان حقوق النسب محفوظة في العراق الجديد !! .. أما المسألة التي أعدها في غاية الاهمية , ومنها تنطلق كل القوى السياسية العراقية (كلٌ حسب طيفه) تلك هي الخطوة اللاحقة بعد الانتخابات المتمثلة بصياغة الدستور العراقي الدائم .. فلو كانت نسبة الـ 55% من الشيعة من صالح العلمانيين ستكون ماهية البصمات على الدستور واضحة , كما أن الاسلاميين الشيعة يجهدون أنفسهم من أجل الخروج بقائمة تكاد تكون موحدة لتحظى بأكثرية الاصوات هو من أجل أن تكون تلك البصمات على الدستور , وبالرغم من ان تدخلات شتى ستطفح على مسألة الدستور لكن من يمثل أكثرية الاصوات سيكون له الدور المؤثر والبصمات الواضحة على الدستور العراقي الذي من المفترض سيكون دائما بعد تصويت شعبي عام .. من هنا لا أرى أية قيمة تُذكر للانتخابات سوى مسألة الدستور الدائم وهي مسألة تستحق بالفعل المنافسة والتخطيط الجيد لها لأنها التي ستُقرر مصير الشعب العراقي وبوصلته السياسية وحتى الاجتماعية . اضافة الى اضفاء شرعية شعبية للحكومة القادمة باعتبارها جاءت عن طريق صناديق الاقتراع وإن لم تكن شرعية كاملة بسبب النسب المفروضة آنفة الذكر .

أما على صعيد خروج المحتل أو تحرير العراق من الاحتلال نتيجة الانتخابات القادمة فهذا أمر لن يحصل له أي تطور بسبب النتائج المقبلة , وقد صرح المسؤولون الأمريكان أنهم لم يخرجوا من العراق لسنوات عدة بل ورفضوا رفضا قاطعا وضع أي جدول زمني للانسحاب من العراق !!! الأمر الذي بات واضحا وضوح الشمس ومن يرى خلاف ذلك فإنما يُسلي نفسه ويخدعها في آن واحد ! .. نعم الايجابية الثانية على صعيد الانتخابات وعلاقتها بوضع الاحتلال هي الاحراج الظاهري الذي ستشكله الانتخابات فيما اذا أفرزت نتائج الانتخابات قوى وحركات تطالب أمريكا بالانسحاب وجدولته ! على أن الاحراج الأهم سيكون على المستوى الشعبي حيث سيعلو صوت الشعب العراقي وقتها مردداً ان لا حاجة لنا بعشرات الألوف من القوات المحتلة التي تجوب الشوارع , وعندها فقط سيكون الحديث مختلف عما عليه اليوم .. وهنا أيضا ستكون الورقة الأمريكية جاهزة وهي الورقة الجديدة القديمة المتمثلة بالأمن وعدم الاستقرار !! ..

واذا ما فازت الأطراف التي تريدها أمريكا فستكون الانتخابات هي القشة التي ستقصم ظهر المستقبل العراقي وعلى كافة الاصعدة ! .

في كل الأحوال وعلى كل الحسابات سوف لن يخسر الاحتلال من نتائج الانتخابات التي تجري وفق هذه الآلية الحالية . الشيء الوحيد الذي يُعد هزيمة لأمريكا كنتيجة للانتخابات هو التحالفات الفكرية الواحدة أو المتقاربة بعيدا عن الانتماء العرقي أو المذهبي , فلو فرضنا ترشيح قائمة واحدة تشمل كل الاسلاميين من الشيعة والسنة والاكراد والتركمان عندها فقط يحصل الخلل في الخريطة التي أعدتها أمريكا للانتخابات لأن النسب ستكمل بعضها البعض هنا وقد تصل الى 80 % مما يعني أغلبية ساحقة مؤثرة جدا .. وكلنا يعلم ان هذا الاحتمال تم وأده في المهد من خلال العزف على الوتر الطائفي , هذا العزف الذي شاركت فيه كل الأطياف العراقية دون استثناء فخسروا وربحت أمريكا مقدماً .. والهزيمة الكبرى التي ستلحق بالعراق من جراء الانتخابات اذا ما نجحت مساعي ما يُسمى بالمصالحة مع المعارضة ( لا أدري أي معارضة في الاردن وسوريا !!!؟ ) وبالتالي تشكيل ائتلاف كبير من كل الطوائف والاعراق يتصدره الحزب الحاكم وهو متوقف على انضمام الجانب الكردي له .. وكل ما يجري من محاولات للتأجيل إنما يقع في هذا الاطار ليس إلا .

http://www.iraqsawad.net/a3545.htm