د. حامد العطية
11-16-2011, 02:56 AM
للمتشائمين فقط: هل سيتكرر السيناريو السوري في العراق؟
د. حامد العطية
ما يبدأ في سورية ينتهي في العراق، فرضية تستحق الاهتمام، نكتفي بشواهد دالة عليها من التاريخ الحديث، في سورية أراد فيصل الأول بناء مملكة، فطرده الفرنسيون ليكون ملكاً على العراق، وفي سورية مقاومة جيش العظمة للاحتلال الفرنسي عشرينية وتموزية وكذلك ثورة العشرين في جنوب العراق، وعدوى الحماس للنازية بدأها أمين الحسيني وأنصاره في سورية ثم انتشرت إلى العراق بقيادة رشيد عالي الكيلاني وزمرته، وكذلك القوميون وأخيراً البعثيون، هذه حالات متكررة تكاد توحي بقاعدة في السياسة، واليوم يستعر في سورية صراع بين قوى السلطة ومعارضة سلمية وأخرى مسلحة شرسة، يتخوف البعض منه، ويأمل آخرون بتحوله إلى حرب أهلية وربما التقسيم والدويلات، فهل ستنتقل عدواه إلى العراق؟
كتبت قبل أيام مقالاً حول احتمال اجتثاث شيعة العراق، وكل يوم يمر على أزمة سورية يزداد هذا الاحتمال لذا أكتب من جديد.
لو نجح أعداء النظام السوري في الداخل في اسقاطه أو حتى لو فشلوا في مهمتهم فسيكون في سورية أو على حدودها الشمالية والغربية الألاف من المقاتلين السلفيين والمرتزقة المجندين من دول عربية وإسلامية الفائضين عن الحاجة، مع احتياطي كبير من أمثالهم في دول أخرى، مثل ليبيا وتونس واليمن، ولعل البعض منهم حارب في العراق من قبل ضمن تنظيم القاعدة أو غيره من التنظيمات السنية القتالية، وتمرس في فنون قتل الشيعة بالذات، وسيكون من السهل جداً تجنيدهم لمهمة كبرى في العراق، هدفها اقصاء الشيعة من الحكم وحتى اجتثاثهم من مناطق عديدة من العراق.
اختفاء الشيعة من المسرح السياسي بل ومن على سطح الأرض أمنية معظم الحكومات العربية ، وأولهم حكومات الخليج، وبالأمس القريب اتهمت الحكومة العراقية دولاً اقليمية بالتخطيط والتمويل لمؤامرة تستهدف اعادة البعثيين للسلطة.
ستشارك أمريكا ودول الغرب في هذا المخطط، فهي متفقة على منع نشوء جبهة شيعية قوية ترفض الخضوع للغرب، ونظام سياسي عراقي من دون الشيعة سيعيد التوازن الأقليمي المفقود بين دول الخليج وغيرها من حلفاء أو أتباع أمريكا من جهة وإيران من جهة أخرى، كما سيمكنهم من محاصرتها وربما الهجوم عليها في المستقبل غير البعيد.
لأول مرة سيسخر العرب كل طاقاتهم المالية والبشرية والعسكرية والإعلامية لا من أجل تحرير فلسطين كما كانوا يدعون وإنما للحرب المقدسة على الشيعة الروافض.
تطبيق السيناريو السوري في العراق سيبدأ على الأغلب بعد جلاء معظم القوات الأمريكية، شرارته الأولى صدام طائفي، تليه مظاهرات واحتجاجات "سلمية"، ستقمعها الحكومة المركزية مضطرة، مما سيؤدي إلى موجة من الاحتجاجات والاستنكارات، واجتماع للجامعة العربية بدعوة من قطر، وتعليق لعضوية العراق، وستكون تغطية القنوات الإعلامية الخليجية للأحداث العراقية أشبه بشريط مصور معاد، وسيسارع بعض أعضاء الحكومة العراقية من السنة والأكراد للاستقالة من مناصبهم لا زهداً بالسلطة وإنما لينفرد الشيعة بالحكم ويتحملوا المسؤولية وحدهم عن تدهور أوضاع البلاد، في حين ستتكفل أمريكا وحلفاؤها بابقاء الجيش العراقي في ثكناته، لكي يسهل على القوات الطائفية المستوردة والمحلية اسقاط الحكومة وطرد الشيعة من العاصمة والاستيلاء على حقول النفط الجنوبية.
هل الحكومة العراقية والأحزاب والجماعات الشيعية والقيادة الدينية وجماهير الشيعة مهيئة للتعامل مع هذا السيناريو والخروج منه منتصرين أو بأقل الخسائر سؤال يستحق الإجابة؟ ولنتذكر بأن النظام السوري ظن نفسه بمنأى من التغيرات في مصر وتونس وليبيا فلم يستبق الأمور، لذا يتهدده اليوم خطر الزوال، فما عذر قادة الشيعة وأتباعهم لو وصلت النار إلى عقر ديارهم في الغد، خاصة وأن ما يبدأ في سورية ينتهي إلى العراق غالباً؟
15 تشرين الثاني 2011م
د. حامد العطية
ما يبدأ في سورية ينتهي في العراق، فرضية تستحق الاهتمام، نكتفي بشواهد دالة عليها من التاريخ الحديث، في سورية أراد فيصل الأول بناء مملكة، فطرده الفرنسيون ليكون ملكاً على العراق، وفي سورية مقاومة جيش العظمة للاحتلال الفرنسي عشرينية وتموزية وكذلك ثورة العشرين في جنوب العراق، وعدوى الحماس للنازية بدأها أمين الحسيني وأنصاره في سورية ثم انتشرت إلى العراق بقيادة رشيد عالي الكيلاني وزمرته، وكذلك القوميون وأخيراً البعثيون، هذه حالات متكررة تكاد توحي بقاعدة في السياسة، واليوم يستعر في سورية صراع بين قوى السلطة ومعارضة سلمية وأخرى مسلحة شرسة، يتخوف البعض منه، ويأمل آخرون بتحوله إلى حرب أهلية وربما التقسيم والدويلات، فهل ستنتقل عدواه إلى العراق؟
كتبت قبل أيام مقالاً حول احتمال اجتثاث شيعة العراق، وكل يوم يمر على أزمة سورية يزداد هذا الاحتمال لذا أكتب من جديد.
لو نجح أعداء النظام السوري في الداخل في اسقاطه أو حتى لو فشلوا في مهمتهم فسيكون في سورية أو على حدودها الشمالية والغربية الألاف من المقاتلين السلفيين والمرتزقة المجندين من دول عربية وإسلامية الفائضين عن الحاجة، مع احتياطي كبير من أمثالهم في دول أخرى، مثل ليبيا وتونس واليمن، ولعل البعض منهم حارب في العراق من قبل ضمن تنظيم القاعدة أو غيره من التنظيمات السنية القتالية، وتمرس في فنون قتل الشيعة بالذات، وسيكون من السهل جداً تجنيدهم لمهمة كبرى في العراق، هدفها اقصاء الشيعة من الحكم وحتى اجتثاثهم من مناطق عديدة من العراق.
اختفاء الشيعة من المسرح السياسي بل ومن على سطح الأرض أمنية معظم الحكومات العربية ، وأولهم حكومات الخليج، وبالأمس القريب اتهمت الحكومة العراقية دولاً اقليمية بالتخطيط والتمويل لمؤامرة تستهدف اعادة البعثيين للسلطة.
ستشارك أمريكا ودول الغرب في هذا المخطط، فهي متفقة على منع نشوء جبهة شيعية قوية ترفض الخضوع للغرب، ونظام سياسي عراقي من دون الشيعة سيعيد التوازن الأقليمي المفقود بين دول الخليج وغيرها من حلفاء أو أتباع أمريكا من جهة وإيران من جهة أخرى، كما سيمكنهم من محاصرتها وربما الهجوم عليها في المستقبل غير البعيد.
لأول مرة سيسخر العرب كل طاقاتهم المالية والبشرية والعسكرية والإعلامية لا من أجل تحرير فلسطين كما كانوا يدعون وإنما للحرب المقدسة على الشيعة الروافض.
تطبيق السيناريو السوري في العراق سيبدأ على الأغلب بعد جلاء معظم القوات الأمريكية، شرارته الأولى صدام طائفي، تليه مظاهرات واحتجاجات "سلمية"، ستقمعها الحكومة المركزية مضطرة، مما سيؤدي إلى موجة من الاحتجاجات والاستنكارات، واجتماع للجامعة العربية بدعوة من قطر، وتعليق لعضوية العراق، وستكون تغطية القنوات الإعلامية الخليجية للأحداث العراقية أشبه بشريط مصور معاد، وسيسارع بعض أعضاء الحكومة العراقية من السنة والأكراد للاستقالة من مناصبهم لا زهداً بالسلطة وإنما لينفرد الشيعة بالحكم ويتحملوا المسؤولية وحدهم عن تدهور أوضاع البلاد، في حين ستتكفل أمريكا وحلفاؤها بابقاء الجيش العراقي في ثكناته، لكي يسهل على القوات الطائفية المستوردة والمحلية اسقاط الحكومة وطرد الشيعة من العاصمة والاستيلاء على حقول النفط الجنوبية.
هل الحكومة العراقية والأحزاب والجماعات الشيعية والقيادة الدينية وجماهير الشيعة مهيئة للتعامل مع هذا السيناريو والخروج منه منتصرين أو بأقل الخسائر سؤال يستحق الإجابة؟ ولنتذكر بأن النظام السوري ظن نفسه بمنأى من التغيرات في مصر وتونس وليبيا فلم يستبق الأمور، لذا يتهدده اليوم خطر الزوال، فما عذر قادة الشيعة وأتباعهم لو وصلت النار إلى عقر ديارهم في الغد، خاصة وأن ما يبدأ في سورية ينتهي إلى العراق غالباً؟
15 تشرين الثاني 2011م