سيد مرحوم
12-02-2004, 06:09 AM
حزب الله" يقود جهود لملمة الساحة اللبنانية
بيروت "الخليج":
تربط الرئيس السوري بشار الأسد بالأمين العام ل”حزب الله” السيد حسن نصر الله علاقة من نوع خاص، والرجلان يثقان ببعضهما البعض جيداً، الاسد معجب كثيراً بقائد المقاومة، والاخير يراهن عليه للايام الصعبة ويثق به، ويؤكد انه ابن ابيه، ولطالما عقدت اللقاءات بينهما، وبعد التحرير في العام ،2000 حصل نقاش داخل دمشق حول ما اذا كان يجب ان يستقبل
الاسد الرئيس السيد نصر الله علناً وما هي آثار ذلك على موقع سوريا في العالم، فرد الاسد بأنه ربما العكس هو الصحيح. ولكن ما عادت الاجتماعات بين الرجلين تتم بصورة علنية، وعلى رغم انها كثيرة ومتنوعة العناوين ونقاط البحث، الا انها اخذت شكلاً خاصاً من التنسيق الذي يقود في لحظة معينة الى تطابق ربما هو الأوثق بين الرجلين.
قبل إقرار التمديد للرئيس اميل لحود بفترة قصيرة، التقى الاسد ونصر الله في دمشق، وحصل نقاش حول المرحلة المقبلة، وأطلع الاسد نصر الله يومها على معلومات “حساسة حول سيناريو عملت قوى لبنانية نافذة على الاعداد لتنفيذه واختيار شخصية لبنانية مميزة لقيادته وذلك بهدف الانقلاب على دمشق”.
وأبلغ الاسد نصر الله يومها ان دمشق اتخذت قرارها النهائي بدعم بقاء الرئيس اميل لحود في السلطة وتوفير ما يلزم لذلك، معلنا اطلاق معركة التمديد له.
كان الموقف يومها حاسماً لناحية الفرز الذي قامت به دمشق وحتى لا تكون هناك مضيعة للوقت كما يقول المعنيون، سارع الاسد الى اطلاع آخرين من قيادته ومن حلفاء له في لبنان على حيثيات اخرى منها تقرير كان قد ارسل على عجل ومن بيروت هذه المرة، يتحدث عن المشروع الامريكي الفرنسي الخاص بالذهاب الى مجلس الامن الدولي لانجاز ما انتهت اليه المداولات اي القرار 1559.
الاسد رفض لاحقاً التحدث عن تفاصيل هذه المؤامرة ونصر الله معروف بقلة كلامه وخصوصاً في مسائل حساسة كهذه. لكن مرجعاً رسمياً قال انه سعى لمعرفة التفاصيل، بعدما ورده ان هناك من يتهمه بالمشاركة في هذه المؤامرة وكشف لاحقاً ان العناوين الرئيسية تقول إن هناك اتفاقاً بين نواب المعارضة المسيحية ونواب التحالف الثنائي الحريري الجنبلاطي وبعض الشخصيات المستقلة، ومنهم من هو في كتلة الرئيس نبيه بري، سوف يعمدون الى اختيار شخصية (جان عبيد أو كارلوس اده او غطاس خوري) كرئيس للجمهورية ومن ثم يصار الى وضع برنامج عمل متنوع يخص البرامج الاشكالية، ويرسم حدوداً جديدة للعلاقة مع سوريا ومسألة الوجود العسكري السوري في لبنان، ويعلن عن عدم الحاجة الى المقاومة كما يعلن عن صيغة جديدة لعلاقة لبنان بالملفات الخلافية في المنطقة.
وحسب السيناريو المنسوب الى معلومات مصدرها دمشق، فإن لبنان وسوريا سوف يدخلان في مرحلة حافلة بالضغوط والاحداث، وان هناك قوى محلية سوف تلعب دوراً سيئاً في هذا المجال وهو ما تحول مع الوقت الى عنوان للخلافات اليومية والتي احتدمت حتى لحظت اتخاذ القرار بالتمديد للحود، وقبل ذلك التاريخ كان الاسد قد حرص على استقبال عدد من الشخصيات اللبنانية البارزة وأبلغ إليها ان الموضوع لا يحتاج الى كثير من الشرح وان المعادلة بسيطة: هناك مؤامرة على سوريا فإما ان تقفوا الى جانبها او تختاروا ما ترونه مناسباً لمصلحتكم.
لم يكن احد يتوقع ان تكون المعركة محتدمة على هذا النحو، لكن الذي حصل هو ان السيد نصر الله بعث الى عدد من القيادات الحليفة ولا سيما الى جنبلاط، يشير الى خطورة الموقف والى ضرورة الاقدام على تحولات من شأنها منع حصول المواجهة، لكن حصلت عدة أمور دفعة واحدة، اختلف الاسد مع وليد جنبلاط وقطعت العلاقة بين الجانبين، تراجع الرئيس رفيق الحريري عن موقفه الرافض للتمديد وسار في القرار السوري واحتدمت المواجهة.
في تلك اللحظة السياسية انطلقت ورشة من النقاش حول مواقف القوى الابرز، المعارضون تحدثوا عن ضرورة كسر الجدار القائم مع “حزب الله” وكثيرون سعوا الى التواصل معه على قاعدة تفهم موقفه من التمديد، لكن مع دعوته الى عدم الذهاب بعيداً في معركة موجبات التمديد وما بعده وظل المعارضون يحرصون على ما يعتبرونه الاسباب الموجبة التي مهدت عملياً للقرار الدولي 1559.
منذ صدور هذا القرار تغير سلوك “حزب الله” إزاء أمور كثيرة من جانب علاقته بالسلطة كان هو حاسماً في ان على الدولة القيام بكل ما يلزم لأجل عدم التعامل مع القرار وكأنه امر عادي، بل التصرف على أساس انه جدي، ولكن دون تقديم اي تنازل بما خص بنوده. قصد نصر الله دمشق من جديد وأثار مع الاسد الموضوع من زاوية العمل على تحصين الساحة الداخلية، وابلغه يومها انه غير موافق على عزل وليد جنبلاط وانه في هذه الحالة يفضل العمل على تعزيز جبهة الحلفاء وليس على تفريقها، وان هناك معركة قاسية مع الغرب على كسب ود بعض القوى المحلية، ومن هذه الزاوية يمكن مراجعة الوقائع الاخرى التي تخص علاقة الحزب ببقية القوى اللبنانية، وهو ما جعله عمليا خارج مرمى التصويب من جانب كل قوى المعارضة، بما في ذلك التيار العوني الذي حاول الاتصال ب”حزب الله” والتحاور معه في امور كثيرة، ولكن يبدو ان هناك مشكلة في التواصل بين الطرفين لا يعرف الى اي مدى سوف تظل قائمة.
وضمن هذه الاجواء، صار تحرك “حزب الله” ينحصر ضمن مناخات سياسية تأخذ بعين الاعتبار الامور الداخلية ربطاً بالواقع الاقليمي، ويمكن ملاحظة جملة الخطوات التي قام بها الحزب أخيراً منها:
أولاً: كان “حزب الله” حاسماً في تأييده التمديد للرئيس لحود، ربطاً بأشياء كثيرة أبرزها ان هناك تطابقاً بين الحزب وبين رئيس الجمهورية بما خص ملف المقاومة والملف الاقليمي، وقد مرت ست سنوات من ولاية لحود دون ان يصدر لا عن الحزب ولا عن لحود ما يشير الى مشكلة في العلاقة بين الطرفين، ويعرف الحزب ان لحود له موقفه الاصلي وليس السياسي من ملف المقاومة وانه قد لا يأتي رئيس غيره له نفس الطريقة في مقاربة الملف الخاص بالمقاومة وبالتالي لم يكن “حزب الله” في وارد اي مساومة حول هذا الامر وهو ابلغ موقفه هذا الى الجميع ولم يكن مستغرباً من قبل الجميع.
ثانياً: لم يكن “حزب الله” يوافق على اي محاولة لمحاصرة سوريا في لبنان، وهو سعى منذ اللحظة الاولى الى تأكيد موقفه هذا وانه مستعد حتى للذهاب ابعد من اي طرف لبناني آخر في معركة الدفاع عن سوريا. ويلفت مرجع قيادي في الحزب الى انه وفي خضم النقاش حول هذه المسائل حصل ان نفّذت حماس عمليات جديدة في بئر السبع وحصلت تهديدات “إسرائيلية” بالرد على العمليات بقصف مقرات للحركة في دمشق، وذلك قبل اللجوء الى اغتيال احد قيادي حماس هناك الشيخ عز الدين خليل ويومها قرر “حزب الله” انه في حال اقدام “اسرائيل” على قصف اهداف مدنية او عسكرية في سوريا فإن قواته سوف تقوم بضرب اهداف مماثلة في فلسطين المحتلة.
ثالثاً: اظهر “حزب الله” حرصاً على استعادة الحوار الداخلي الذي انقطع في الفترة الاخيرة وانه ابدى الرغبة في القيام بكل ما يلزم وبادر باتجاه كل من البطريرك الماروني نصر الله صفير والحزب التقدمي وبعض قوى المعارضة المسيحية، ولكن هذا الحوار ظل يصطدم في المرحلة الاولى بقرار هذه القوى التي تقول إن على “حزب الله” المبادرة الى خطوات عملية لاجل طمأنة القوى الاخرى وان ذلك يتم من خلال الابتعاد عن الخارطة التحالفية لقوى مؤيدة للسلطة، وظنت قوى كثيرة من المعارضة ان “حزب الله” يواجه ازمة كبيرة وانه يحتاج الى تغطية من جانب قوى على صلة بالغرب، وهو ما ادى الى فهم خاطئ من جانب هذه القوى لحقيقة المعركة القائمة مع الغرب من جهة ولحقيقة موقف الحزب من الملفات الداخلية والخارجية.
رابعاً: تقديم الحزب ما يراه من تسهيلات لقيام حكومة الرئيس عمر كرامي خلفاً لحكومة الرئيس رفيق الحريري، لكن من دون وضع كل الاوراق بين يدي لاعبين ليسوا من الصنف الممتاز، وهو ما ترجم لاحقاً بالامتناع عن التصويت على الثقة بالحكومة في فترة لاحقة، وبرغم استمرار العلاقة الجيدة بين الجانبين، ويبدو ان الرئيس عمر كرامي الذي يكن كل تقدير لقيادة المقاومة يسعى أيضاً الى توفير ما تحتاجه من دعم حتى من خلال توفير مساعدات للأوساط القريبة من “حزب الله”.
خامساً: عدم ابتعاد الحزب عن خططه الخاصة بالمواجهة مع “الاسرائيليين” في الجنوب، وهو بادر في ذروة النقاش الداخلي حول الموقف من القرار 1559 وبعيد اعادة انتخاب الرئيس الامريكي جورج بوش لولاية جديدة، الى الاعلان عن مرحلة جديدة من التعامل العسكري والامني بينه وبين “اسرائيل”، وتمثل ذلك في قيام طائرة “مرصاد 1” بأول طلعة لها فوق الاراضي المحتلة.
سادساً: ابداء الحزب استعداده للقيام بكل ما يلزم لاجل اظهار الموقف الشعبي الرافض للقرار الدولي وذلك من خلال ابراز الجانب السلبي من القرار 1559 والذي يتصل بالفتنة المطلوبة داخلياً ثم ألم يخرج سيلفان شالوم ليقول :ان القرار 1559 هو ثمرة الدبلوماسية “الاسرائيلية”؟
وفي هذ ا المجال، قرر “حزب الله” المشاركة في تظاهرة الاعتراض على القرار والدعم لسوريا والمقاومة بقوة توازي مشاركة في مناسبات تخصه بصورة اكبر، ويبدو ان هذه المشاركة تعكس ما هو مطلوب على مستوى ردة فعل الشارع الرافض لان تقوم فئة من اللبنانيين لا تمثل نصف الشعب بالادعاء بأنها تمثل الأغلبية وانها تنطق باسمه وهي ترفض استمرار الواقع السياسي على ما هو عليه الآن وترى ان المصلحة اللبنانية تقضي اولاً اخراج سوريا من لبنان نهائياً عسكرياً وأمنياً وسياسياً وان ذلك ممكن من خلال تنفيذ القرار 1559.
لكن حزب الله الذي يعرف اهمية ما يقوم به على مستوى ابلاغ القوى الخارجية بموقفه هذا، لم يكن في وارد تحويل خطوته هذه الى محل تجاذب داخلي، وهو تلقى بإيجاب بعض المواقف التي دعته الى عدم تغطية بعض الفرقاء المحليين والذين يريدون تحويل تظاهرة الرفض للقرار الدولي الى تظاهرة للانتقام الداخلي، وهو ما دفع بحزب الله إلى ارسال وفد كبير الى بكركي لاجل القول إن ما يقوم به لا يتصل ابداً بالمشكلات الداخلية القائمة، ويحق لكل طرف إبداء رأيه بما يحصل، ولا يحق لأحد تخوين احد وان مشاركته الكثيفة في التظاهرة لا تتصل ابداً بالجانب الداخلي من المشكلة، وان المقاومة لا تقوم بدور الفزاعة كما يعتقد كثيرون بل هي جزء عادي من المجتمع اللبناني. كما بعث “حزب الله” بهذا الكلام الى قيادة الحزب التقدمي الاشتراكي وقياديين من المعارضة وهو الامر الذي لاقى ردود فعل مرحبة ما عدا الفريق الذي يعتقد عن وهم أو عن جهل بأنه يمكن الطلب الى حزب الله حل نفسه وان الامر يتم خلال ساعات وليس أكثر.
ومع ان الامور لا تشير الى حلحلة كبيرة على المستوى الداخلي إلا ان “حزب الله” يعتقد انه معني بترتيب بعض الملفات وان ان ابرز ما في الامر يتعلق بالموقف من الحوارات الداخلية من جهة، وبين اللبنانيين والسوريين من جهة ثانية وفي هذا الاطار يستأنف نصر الله وساطته بين جنبلاط وبين القيادة السورية، على ان يتبع ذلك وساطة من نوع آخر بين دمشق وبين قوى محلية معارضة._
بيروت "الخليج":
تربط الرئيس السوري بشار الأسد بالأمين العام ل”حزب الله” السيد حسن نصر الله علاقة من نوع خاص، والرجلان يثقان ببعضهما البعض جيداً، الاسد معجب كثيراً بقائد المقاومة، والاخير يراهن عليه للايام الصعبة ويثق به، ويؤكد انه ابن ابيه، ولطالما عقدت اللقاءات بينهما، وبعد التحرير في العام ،2000 حصل نقاش داخل دمشق حول ما اذا كان يجب ان يستقبل
الاسد الرئيس السيد نصر الله علناً وما هي آثار ذلك على موقع سوريا في العالم، فرد الاسد بأنه ربما العكس هو الصحيح. ولكن ما عادت الاجتماعات بين الرجلين تتم بصورة علنية، وعلى رغم انها كثيرة ومتنوعة العناوين ونقاط البحث، الا انها اخذت شكلاً خاصاً من التنسيق الذي يقود في لحظة معينة الى تطابق ربما هو الأوثق بين الرجلين.
قبل إقرار التمديد للرئيس اميل لحود بفترة قصيرة، التقى الاسد ونصر الله في دمشق، وحصل نقاش حول المرحلة المقبلة، وأطلع الاسد نصر الله يومها على معلومات “حساسة حول سيناريو عملت قوى لبنانية نافذة على الاعداد لتنفيذه واختيار شخصية لبنانية مميزة لقيادته وذلك بهدف الانقلاب على دمشق”.
وأبلغ الاسد نصر الله يومها ان دمشق اتخذت قرارها النهائي بدعم بقاء الرئيس اميل لحود في السلطة وتوفير ما يلزم لذلك، معلنا اطلاق معركة التمديد له.
كان الموقف يومها حاسماً لناحية الفرز الذي قامت به دمشق وحتى لا تكون هناك مضيعة للوقت كما يقول المعنيون، سارع الاسد الى اطلاع آخرين من قيادته ومن حلفاء له في لبنان على حيثيات اخرى منها تقرير كان قد ارسل على عجل ومن بيروت هذه المرة، يتحدث عن المشروع الامريكي الفرنسي الخاص بالذهاب الى مجلس الامن الدولي لانجاز ما انتهت اليه المداولات اي القرار 1559.
الاسد رفض لاحقاً التحدث عن تفاصيل هذه المؤامرة ونصر الله معروف بقلة كلامه وخصوصاً في مسائل حساسة كهذه. لكن مرجعاً رسمياً قال انه سعى لمعرفة التفاصيل، بعدما ورده ان هناك من يتهمه بالمشاركة في هذه المؤامرة وكشف لاحقاً ان العناوين الرئيسية تقول إن هناك اتفاقاً بين نواب المعارضة المسيحية ونواب التحالف الثنائي الحريري الجنبلاطي وبعض الشخصيات المستقلة، ومنهم من هو في كتلة الرئيس نبيه بري، سوف يعمدون الى اختيار شخصية (جان عبيد أو كارلوس اده او غطاس خوري) كرئيس للجمهورية ومن ثم يصار الى وضع برنامج عمل متنوع يخص البرامج الاشكالية، ويرسم حدوداً جديدة للعلاقة مع سوريا ومسألة الوجود العسكري السوري في لبنان، ويعلن عن عدم الحاجة الى المقاومة كما يعلن عن صيغة جديدة لعلاقة لبنان بالملفات الخلافية في المنطقة.
وحسب السيناريو المنسوب الى معلومات مصدرها دمشق، فإن لبنان وسوريا سوف يدخلان في مرحلة حافلة بالضغوط والاحداث، وان هناك قوى محلية سوف تلعب دوراً سيئاً في هذا المجال وهو ما تحول مع الوقت الى عنوان للخلافات اليومية والتي احتدمت حتى لحظت اتخاذ القرار بالتمديد للحود، وقبل ذلك التاريخ كان الاسد قد حرص على استقبال عدد من الشخصيات اللبنانية البارزة وأبلغ إليها ان الموضوع لا يحتاج الى كثير من الشرح وان المعادلة بسيطة: هناك مؤامرة على سوريا فإما ان تقفوا الى جانبها او تختاروا ما ترونه مناسباً لمصلحتكم.
لم يكن احد يتوقع ان تكون المعركة محتدمة على هذا النحو، لكن الذي حصل هو ان السيد نصر الله بعث الى عدد من القيادات الحليفة ولا سيما الى جنبلاط، يشير الى خطورة الموقف والى ضرورة الاقدام على تحولات من شأنها منع حصول المواجهة، لكن حصلت عدة أمور دفعة واحدة، اختلف الاسد مع وليد جنبلاط وقطعت العلاقة بين الجانبين، تراجع الرئيس رفيق الحريري عن موقفه الرافض للتمديد وسار في القرار السوري واحتدمت المواجهة.
في تلك اللحظة السياسية انطلقت ورشة من النقاش حول مواقف القوى الابرز، المعارضون تحدثوا عن ضرورة كسر الجدار القائم مع “حزب الله” وكثيرون سعوا الى التواصل معه على قاعدة تفهم موقفه من التمديد، لكن مع دعوته الى عدم الذهاب بعيداً في معركة موجبات التمديد وما بعده وظل المعارضون يحرصون على ما يعتبرونه الاسباب الموجبة التي مهدت عملياً للقرار الدولي 1559.
منذ صدور هذا القرار تغير سلوك “حزب الله” إزاء أمور كثيرة من جانب علاقته بالسلطة كان هو حاسماً في ان على الدولة القيام بكل ما يلزم لأجل عدم التعامل مع القرار وكأنه امر عادي، بل التصرف على أساس انه جدي، ولكن دون تقديم اي تنازل بما خص بنوده. قصد نصر الله دمشق من جديد وأثار مع الاسد الموضوع من زاوية العمل على تحصين الساحة الداخلية، وابلغه يومها انه غير موافق على عزل وليد جنبلاط وانه في هذه الحالة يفضل العمل على تعزيز جبهة الحلفاء وليس على تفريقها، وان هناك معركة قاسية مع الغرب على كسب ود بعض القوى المحلية، ومن هذه الزاوية يمكن مراجعة الوقائع الاخرى التي تخص علاقة الحزب ببقية القوى اللبنانية، وهو ما جعله عمليا خارج مرمى التصويب من جانب كل قوى المعارضة، بما في ذلك التيار العوني الذي حاول الاتصال ب”حزب الله” والتحاور معه في امور كثيرة، ولكن يبدو ان هناك مشكلة في التواصل بين الطرفين لا يعرف الى اي مدى سوف تظل قائمة.
وضمن هذه الاجواء، صار تحرك “حزب الله” ينحصر ضمن مناخات سياسية تأخذ بعين الاعتبار الامور الداخلية ربطاً بالواقع الاقليمي، ويمكن ملاحظة جملة الخطوات التي قام بها الحزب أخيراً منها:
أولاً: كان “حزب الله” حاسماً في تأييده التمديد للرئيس لحود، ربطاً بأشياء كثيرة أبرزها ان هناك تطابقاً بين الحزب وبين رئيس الجمهورية بما خص ملف المقاومة والملف الاقليمي، وقد مرت ست سنوات من ولاية لحود دون ان يصدر لا عن الحزب ولا عن لحود ما يشير الى مشكلة في العلاقة بين الطرفين، ويعرف الحزب ان لحود له موقفه الاصلي وليس السياسي من ملف المقاومة وانه قد لا يأتي رئيس غيره له نفس الطريقة في مقاربة الملف الخاص بالمقاومة وبالتالي لم يكن “حزب الله” في وارد اي مساومة حول هذا الامر وهو ابلغ موقفه هذا الى الجميع ولم يكن مستغرباً من قبل الجميع.
ثانياً: لم يكن “حزب الله” يوافق على اي محاولة لمحاصرة سوريا في لبنان، وهو سعى منذ اللحظة الاولى الى تأكيد موقفه هذا وانه مستعد حتى للذهاب ابعد من اي طرف لبناني آخر في معركة الدفاع عن سوريا. ويلفت مرجع قيادي في الحزب الى انه وفي خضم النقاش حول هذه المسائل حصل ان نفّذت حماس عمليات جديدة في بئر السبع وحصلت تهديدات “إسرائيلية” بالرد على العمليات بقصف مقرات للحركة في دمشق، وذلك قبل اللجوء الى اغتيال احد قيادي حماس هناك الشيخ عز الدين خليل ويومها قرر “حزب الله” انه في حال اقدام “اسرائيل” على قصف اهداف مدنية او عسكرية في سوريا فإن قواته سوف تقوم بضرب اهداف مماثلة في فلسطين المحتلة.
ثالثاً: اظهر “حزب الله” حرصاً على استعادة الحوار الداخلي الذي انقطع في الفترة الاخيرة وانه ابدى الرغبة في القيام بكل ما يلزم وبادر باتجاه كل من البطريرك الماروني نصر الله صفير والحزب التقدمي وبعض قوى المعارضة المسيحية، ولكن هذا الحوار ظل يصطدم في المرحلة الاولى بقرار هذه القوى التي تقول إن على “حزب الله” المبادرة الى خطوات عملية لاجل طمأنة القوى الاخرى وان ذلك يتم من خلال الابتعاد عن الخارطة التحالفية لقوى مؤيدة للسلطة، وظنت قوى كثيرة من المعارضة ان “حزب الله” يواجه ازمة كبيرة وانه يحتاج الى تغطية من جانب قوى على صلة بالغرب، وهو ما ادى الى فهم خاطئ من جانب هذه القوى لحقيقة المعركة القائمة مع الغرب من جهة ولحقيقة موقف الحزب من الملفات الداخلية والخارجية.
رابعاً: تقديم الحزب ما يراه من تسهيلات لقيام حكومة الرئيس عمر كرامي خلفاً لحكومة الرئيس رفيق الحريري، لكن من دون وضع كل الاوراق بين يدي لاعبين ليسوا من الصنف الممتاز، وهو ما ترجم لاحقاً بالامتناع عن التصويت على الثقة بالحكومة في فترة لاحقة، وبرغم استمرار العلاقة الجيدة بين الجانبين، ويبدو ان الرئيس عمر كرامي الذي يكن كل تقدير لقيادة المقاومة يسعى أيضاً الى توفير ما تحتاجه من دعم حتى من خلال توفير مساعدات للأوساط القريبة من “حزب الله”.
خامساً: عدم ابتعاد الحزب عن خططه الخاصة بالمواجهة مع “الاسرائيليين” في الجنوب، وهو بادر في ذروة النقاش الداخلي حول الموقف من القرار 1559 وبعيد اعادة انتخاب الرئيس الامريكي جورج بوش لولاية جديدة، الى الاعلان عن مرحلة جديدة من التعامل العسكري والامني بينه وبين “اسرائيل”، وتمثل ذلك في قيام طائرة “مرصاد 1” بأول طلعة لها فوق الاراضي المحتلة.
سادساً: ابداء الحزب استعداده للقيام بكل ما يلزم لاجل اظهار الموقف الشعبي الرافض للقرار الدولي وذلك من خلال ابراز الجانب السلبي من القرار 1559 والذي يتصل بالفتنة المطلوبة داخلياً ثم ألم يخرج سيلفان شالوم ليقول :ان القرار 1559 هو ثمرة الدبلوماسية “الاسرائيلية”؟
وفي هذ ا المجال، قرر “حزب الله” المشاركة في تظاهرة الاعتراض على القرار والدعم لسوريا والمقاومة بقوة توازي مشاركة في مناسبات تخصه بصورة اكبر، ويبدو ان هذه المشاركة تعكس ما هو مطلوب على مستوى ردة فعل الشارع الرافض لان تقوم فئة من اللبنانيين لا تمثل نصف الشعب بالادعاء بأنها تمثل الأغلبية وانها تنطق باسمه وهي ترفض استمرار الواقع السياسي على ما هو عليه الآن وترى ان المصلحة اللبنانية تقضي اولاً اخراج سوريا من لبنان نهائياً عسكرياً وأمنياً وسياسياً وان ذلك ممكن من خلال تنفيذ القرار 1559.
لكن حزب الله الذي يعرف اهمية ما يقوم به على مستوى ابلاغ القوى الخارجية بموقفه هذا، لم يكن في وارد تحويل خطوته هذه الى محل تجاذب داخلي، وهو تلقى بإيجاب بعض المواقف التي دعته الى عدم تغطية بعض الفرقاء المحليين والذين يريدون تحويل تظاهرة الرفض للقرار الدولي الى تظاهرة للانتقام الداخلي، وهو ما دفع بحزب الله إلى ارسال وفد كبير الى بكركي لاجل القول إن ما يقوم به لا يتصل ابداً بالمشكلات الداخلية القائمة، ويحق لكل طرف إبداء رأيه بما يحصل، ولا يحق لأحد تخوين احد وان مشاركته الكثيفة في التظاهرة لا تتصل ابداً بالجانب الداخلي من المشكلة، وان المقاومة لا تقوم بدور الفزاعة كما يعتقد كثيرون بل هي جزء عادي من المجتمع اللبناني. كما بعث “حزب الله” بهذا الكلام الى قيادة الحزب التقدمي الاشتراكي وقياديين من المعارضة وهو الامر الذي لاقى ردود فعل مرحبة ما عدا الفريق الذي يعتقد عن وهم أو عن جهل بأنه يمكن الطلب الى حزب الله حل نفسه وان الامر يتم خلال ساعات وليس أكثر.
ومع ان الامور لا تشير الى حلحلة كبيرة على المستوى الداخلي إلا ان “حزب الله” يعتقد انه معني بترتيب بعض الملفات وان ان ابرز ما في الامر يتعلق بالموقف من الحوارات الداخلية من جهة، وبين اللبنانيين والسوريين من جهة ثانية وفي هذا الاطار يستأنف نصر الله وساطته بين جنبلاط وبين القيادة السورية، على ان يتبع ذلك وساطة من نوع آخر بين دمشق وبين قوى محلية معارضة._