المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عمر حاذق يكتب: انقذوا مكتبة الإسكندرية من السلفيين



القمر الاول
11-01-2011, 11:44 PM
Sat, 29-10-2011


عمر حاذق - الدستور

http://www.dostor.org/sites/default/files/imagecache/article_image/sites/default/files/11/Oct/43/mainimage/08_1.jpg

الدكتور سراج الدين

كان ينبغي أن أبدأ كتابة هذا المقال منذ الأربعاء الماضي، لكنني لم أتمالك نفسي حتى الآن. ما حدث ويحدث في مكتبة الإسكندرية ثورة تحتاج للكثير من المقالات. دعني أبدأ القضية بإيجاز: منذ مارس الماضي بدأنا وقفات احتجاجية للمطالبة بإصلاح المكتبة، وقام الفنان بلال حسني بعمل صفحة باسم ملف مكتبة الإسكندرية، وبعد عدة وقفات استطاع الدكتور سراج الدين كسب المعركة بذكاء شديد. فبعد أن أرسلتُ إليه رسالة مفصلة تتعلق باعتراضاتي وما تكتبه الصحف من فضائح مالية وإدارية تسكت المكتبة عنها كأنها لا تعنيها، وبعد أن أصررنا على وقفاتنا بادر إلى تكوين رابطة منتخبة من العاملين بالمكتبة لتمثل العاملين أمام إدارة المكتبة، لاغيا بذلك فكرة طرحها بعضنا لعمل نقابة لنا، مع سلسلة من الوعود بتحقيق العدالة و....

تم انتخابي لعضوية الرابطة، ثم تم انتخابي نائبا أول لرئيسة الرابطة ومؤسستها الزميلة وجدان حسين. بعد ذلك ظل الدكتور سراج الدين يتفنن في الحفاظ على القوانين الجوهرية التي تسيّر العمل بالمكتبة، مع تقديم وعود لا تنتهي بالإصلاح، كما شكّل عدة لجان منذ مارس الماضي لبحث وعلاج المشكلات الأساسية للموظفين، مع ابتعاد كامل عن أي إجراء إصلاحي جوهري، من مثل: تقليل سلطات المديرين أو تقليم أظافر الشخصيات التي يكرهها الجميع بالمكتبة ويعاني منها الكثيرون.

مع الوقت بدأ يتضح للجميع أن اللجان والاجتماعات عبارة عن حوارات تستغرق الوقت والجهد بلا طائل حقيقي، فتقدمتُ باستقالة مسببة من رابطة العاملين بالمكتبة قلتُ فيها إنني لا أرى أي بادرة حقيقية لتحقيق مطالبنا، وإن طريقة إدارة المكتبة ثابتة لأن الدكتور سراج الدين لا يمكنه أن يغير شخصيته وتفكيره فجأة. بعض أصدقائي في الرابطة اختلفوا معي وقرروا مواصلة العمل على تحقيق مطالبنا من خلال الرابطة بالتدريج وفقا لسياسة النفس طويل. بالطبع أقدر إخلاصهم واختلافهم معي.

كنتُ قد بدأتُ سلسلة من المقالات على ملف مكتبة الإسكندرية لنقد إدارة المكتبة، وتلقيتُ عليها شتائم وتهديدات مقززة من أكاونتات وهمية على الفيس بوكعاشقة لإدارة المكتبة، كما تلقيتُ عليها تأييدا وترحيبا من جملة الزملاء الثوريين بالمكتبة. مع مرور الأيام نشرتُ بعض المقالات على موقع جريدة الدستور الأصلي منتقدا إدارة المكتبة. ثم جاء اليوم الأخير من شهر رمضان، ليتم إخطاري رسميا بعدم تجديد عقدي مع المكتبة الذي ينتهي يوم 15 أكتوبر، بعد أن وعد الدكتور سراج الدين بأن تكون مدة العقود 4 سنوات إذا كان العقد السابق 3 سنوات. كان الأمر مفاجأة لأنها السنة الخامسة لي بالمكتبة، ولأنني قرأتُ في مذكرة مديرتي المقدمة لشئون العاملين أسبابا واتهامات مشينة لعدم تجديد عقدي فقمت ُبالرد عليها ودحضها، وهذا موضوع آخر. في تلك الأثناء بدأ كثير من الزملاء يعلنون تضامنهم معي وأسس الزميل الشجاع خالد سعودي صفحة باسم "كلنا عمر حاذق" بعد أن كانت الصفحة عامة للزملاء المثبتين المظلومين بالمكتبة. وقامت مجموعة من الزملاء الشجعان بتنظيم وقفات احتجاجية تضامنا معي ومع كل زميل مظلوم بالمكتبة.

بعدها بأيام تم إخطار الزميل الفاضل محمد منصور بعدم تجديد عقده بعد أن أمضى أكثر من سبع سنوات من العمل بالمكتبة لأن أحد قيادات المكتبة يرفض استمراره بسبب مواقفه الشريفة ضد الفساد المالي تحديدا، وبدا الأمر مستفزا، كأن الإدارة تتعمد إقصاء العاملين المعروفين بالنزاهة ومعارضة الفساد؛ خاصة أن الأستاذ محمد كان دائم المساعدة للفنيين والعاملين البسطاء الذين يحاولون حماية حقوقهم. بعد سلسلة اجتماعات لقيادة الرابطة مع الدكتور سراج الدين، ومحاولاتهم التفاوضية المخلصة، أصر الدكتور سراج الدين على موقفه، وردّ على تظلمي بتحويله للجنة تحقيق رفضت أدلتي على التعسف دون حتى أن تلتقي بي أو تستمع لأقوالي أو تقدمدليلا على رأيها (!!). وبعد ضغط مستمر من معظم المديرين قلّ عدد الواقفين في الوقفات التضامنية معنا حتى تم تأجيلها، بالتزامن مع أحداث مضحكة بدأتْ تحدث في مكتبة الإسكندرية التي اسمها الحركي: منارة حرية التعبير، فقد اشتكتْ مجموعة من الزميلات من تعرضهن لضغوط شديدة وعدائية من مديريهم بسبب بوستات وتعليقات كتبنها بعد وقت العمل على جروب كلنا عمر حاذق ومن أجهزة الكمبيوتر الخاصة بهن، في الوقت الذي قامت مجموعة من كبار الموظفات والمَرْضي عنهن بتزعم حملة لإخراج الزملاء من جروب كلنا عمر حاذق.

حين انتهى عملي بالمكتبة، وبدأت أقضي يومي في البيت أو برفقة شيشة الكريز أمام البحر، كنت أحن كثيرا لأصدقائي. كتبتُ في مقالي السابق (20 أكتوبر) على موقع الدستور الأصلي: "كانت الأيام الماضية هي أيامي الأخيرة بالمكتبة، وأنا أحزن كثيرا حين أنشر مقالا أو ينشر غيري مقالا ينقد فيه أداء إدارة المكتبة، لكنني أعلم يقينا أن السكوت عن هذه المشكلات تخاذل وخيانة لآلاف المصريين الذين فقدوا حياتهم أو عيونهم أو...، بل خيانة لهذه المكتبة التي أحببتُها وعشتُ فيها سنوات جميلة من حياتي، لأنني بسكوتي أساهم في أن يظل الخطأ قائما مطمئنا. أعلم أن الثمن فادح بالطبع، لكن الثمن الأفدح دفعه الشهداء والمصابون أيام الثورة.

اليوم كنت أفكر في أصدقائي بمكتبة الإسكندرية الذين افتقدتُهم كثيرا، وأشعر بالقلق من التنكيل بالشجعان منهم، أودّعهم الآن رغم أن أخوّة العدالة والإصلاح ستجمعنا دائما؛ أقول لهم أنتم إخوتي الذين لم تلدهم أمي. وأقول لهم أيضا إنني مازلت أحلم لمكتبتي بالكثير من النجاح والازدهار بعد إصلاح حقيقي سندفع ثمنه جميعا."

بعد ذلك بأيام، أعلن الدكتور سراج الدين في اجتماعه مع أعضاء الرابطة قراره التاريخي الذي قصم ظهر البعير، حين أعلن أنه سيجدد عقود 14 زميلا بإدارة الأمن لمدة 6 شهور فقط لحين قدوم مدير جديد لإدارة الأمن. كنا نعلم أن هؤلاء الزملاء من الثوار الذين قادوا حملة الإطاحة بمدير إدارة الأمن السابق الذي رقّاه الدكتور سراج الدين ليصبح نائبا لرئيس القطاع المالي والإداري. هنا طفح الكيل ووقف زملاؤنا بإدارة الأمن في صباح اليوم التالي (الأربعاء) بساحة المكتبة في وقفة احتجاجية عارمة، وبمجرد التنسيق الهاتفي بيننا في الليلة السابقة، امتلأت ساحة المكتبة بالزملاء المحتجين. شعرتُ أن الموقف يشبه كثيرا يوم 28 يناير. فبعد صبر طويل من المصريين، انتفضوا يوم 25 يناير، ثم قاموا كالعاصفة يوم 28 يناير حين اكتشف الشعب قوتَه وأصرّ على ألا يصدق رئيسه الكذاب الفاسد. حين تأجلت الوقفات التضامنية معي ومع زملائي المظلومين توقعتُ أن الزملاء قد خافوا، فإذا بما يقترب من الألف زميل ينتفضون في ساحة المكتبة (البلازا)، وإذا بالدكتور سراج الدين يحاول دخول المكتبة فيقفون في وجهه هاتفين: امشي امشي امشي. حقيقة لا أتصور كيف لا يتقدم الدكتور باستقالته، وكيف لا يصاب بذبحة صدرية مثلا (عافاه الله من كل سوء) بعد هذا الفيديو:

http://www.youtube.com/watch?v=ETCp8fAnvp4&feature=related

ألم أقل لك صديقي القارئ؟ إن التاريخ يعيد نفسه! حين دخل الدكتور سراج الدين إلى القاعة الكبرى وبدأ يتحدث مع العاملين قاطعوه هاتفين مرة أخرى: بره بره بره، فخرج الدكتور في حماية بعض أفراد الجيش من باب خلفي ليجلس في مكتبه، ويستمع أخيرا لمطالبنا التي هي بوضوح: إقالة الدكتور سراج الدين فورا مع مجموعة المديرين الفاسدين والمستشارين، وتثبيت العاملين بالمكتبة على كادر خاص لحمايتهم من بطش الإدارة، وإعادتي وإعادة أستاذنا محمد منصور وسائر الزملاء المفصولين ظلما، ومطالبة النائب العام بالتحقيق في قضايا وبلاغات الفساد المقدمة له من شهور طويلة، والمطالبة بتغيير اللائحة الفاسدة التي صيغت لخدمة أهواء المديرين.

هنا قرر الدكتور سراج الدين إعادتنا مقهورا. لكن سقف المطالب كان قد ارتفع إلى الإقالة الفورية، وباتت مجموعة منا ليلة الأربعاء ليتواصل الاعتصام حتى عصر الخميس 27 أكتوبر، بعد أن قرر الدكتور سراج الدين منح العاملين إجازة إجبارية من الخميس إلى الأحد ظنا منه أن عدم توجه العاملين للعمل سيصرفهم عن الاعتصام، فكان ردنا واضحا: ما يزيد عن 700 موظف في ساحة المكتبة يوم الخميس، ثم قررنا مواصلة الاعتصام اليوم السبت من الثامنة صباحا.

إنني أحكي الموقف بإيجاز لتستوعب يا صديقي القارئ تطور الأحداث ولتتعرف على مطالبنا وأحلامنا لمكتبتنا الجميلة، لكن التاريخ يعيد نفسه مرة أخرى. ففي صباح يوم الجمعة، اجتمع مجموعة من قيادات المكتبة والمستفيدات الكبيرات من وجود الدكتور سراج الدين في كافيه معروف بكارفور، وأصدروا بيانا لتأييده والتوسل للمجلس العسكري للإبقاء عليه، الطريف أن المديرات بدأن في إبلاغ النائبات ورؤساء الأقسام ليبلغوا العاملين بأن يوقعوا على البيان، لكن التوقيعات الهزيلة أحرجتهم جميعا وكشفتْهم. أنا أتفهم موقفهم طبعا، لأنني أتصور كم هو صعب عليهم أن يخسروا كل هذه المكاسب التي لا يستحقون منها شيئا. بالطبع هم أحرار في إبداء آرائهم، لكن الزمن تغير الآن.

في نفس الوقت أصدرت إدارة المكتبة بيانا مضحكا لا يستحق عناء الرد، لأنه يتحدث عن شفافية ومصداقية إدارة المكتبة في تحقيق مطالب العاملين، ولا أدري حقيقة كيف يمكن أن يكتب أحد هذا الكلام رغم وجود الفيديو السابق وغيره مما يكشف عن رأي العاملين في إدارتهم. الذين يكتبون هذه البيانات يشبهون كثيرا رجال المخلوع. من الطريف أنني كتبتُ هذا الكلام في أحد مقالاتي محذّرا الدكتور سراج الدين من هؤلاء المديرين المحيطين به الذين يشبهون تماما وزراء مبارك، وكان تاريخ نشر المقال هو 4 إبريل الماضي

https://www.facebook.com/pages/%D9%85%D9%84%D9%81-%D9%85%D9%83%D8%AA%D8%A8%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B3%D9%83%D9%86%D8%AF%D8%B1%D 9%8A%D8%A9/202794606397346#!/note.php?note_id=212046188805521



لكن رجال الدكتور سراج الدين لا يتوقفون عن الإبداع وإمتاعنا بثمرات خيالهم الخصيب. ما رأيك في هذا الجروب: انقذوا مكتبة الإسكندرية من السلفيين

https://www.facebook.com/groups/218642814867921/

تذكرتُ المخلوع مرة أخرى، حين كان يشعر بأي أزمة، فيجري لأسياده بأمريكا وإسرائيل ويقول إنه الضامن الوحيد لحماية مصر من احتلال الإخوان لها. وكلما اشتدت الثورة حذّر العالم من خطر الإخوان على مصر والبشرية. هذا الجروب ينقسم أعضاؤه لقسمين: موظفين مقربين من الإدارة أو خائفين من مديريهم، أو أكاونتات وهمية تم إنشاؤها في نفس يوم عمل الجروب (الجمعة). حتى أدمن الجروب "محمد السيد" قام بإنشاء أكاونته الوهمي يوم الجمعة أيضا!! حين ستتفرج على مقطع طرد الدكتور سراج الدين لن ترى بيننا سلفيين إلا كما تراهم بين المصريين في شارعك. وفي الحقيقة يعتبر وجودهم إضافة مهمة لأن "بعض" ذوي التوجه الديني يتصورون أن التدين العميق يتعارض مع الإيجابية السياسية ومقاومة الظلم، وما يفعله إخواننا من التيار الإسلامي الذين يناضلون معنا ينفي هذه الصورة تماما، ويجعلهم شركاء لنا بكل معنى الكلمة في مقاومة الفساد أيا كان المدير الفاسد أو السلطة الفاسدة.

وتأكيدا لظنون زملائنا في جروب إنقاذ المكتبة من السلفيين، أهديهم هذا الاستاتوس الذي كتبته على صفحتي يوم 15 سبتمبر: "النهاردة اللقطة كانت مؤثرة جدا: لما خرجت من المكتبة لقيت الزملا اللي وقفوا في ساحة المكتبة رافعين لافتات التضامن معايا منتمين للتيار الاسلامي بأطيافه المختلفة، ماكنش فيه لحظتها ليبرالي ولا وفدي ولا حتى ماركسي. فيه منهم بيقفوا دايما لكن اللحظة دي صادفت كده. كل الواقفين قروا بعض مقالاتي اللي انتقدت التيار الاسلامي، ولان عددهم النهاردة قليل خفت ونصحتهم يبطلوا فرفضوا. لقطة مؤثرة فعلا، كان ناقص المخرج يشغل لنا لحن كمنجه هادي كده مع وقفتهم الصامتة الجليلة :):) شكرا اصدقائي. وكلنا ايد واحده كلنا مع بعض". يومها كنت قد لاحظت قلة عدد المتضامنين بعد الإصرار على قمعهم، وكنت بالتالي قد يئست من عودتي للمكتبة. وفي الأيام الماضية التي قضيتها عاطلا، لم أكن أتصور أن مشهدا كهذا سيحدث: زملائي يواصلون الهتاف في ساحة المكتبة باسمي واسم الزميل العزيز محمد منصور مطالبين بإعادتنا، فيجبرون الدكتور سراج الدين على ذلك. الثورة مستمرة والحديث عن ثورتنا أيضا مستمر.