على
12-01-2004, 07:29 AM
سوسن الشاعر
(1 من 2)
استمعت الى العديد من العراقيين عبر احدى الفضائيات العراقية الجديدة وهم يشنون هجوما واسعا على الفتاوى الدينية التي يصدرها مشايخ الدين عربا كانوا او خليجيين بخصوص الوضع في العراق، احد المشاركين قال باللهجة العراقية (العراق هاي مالت ابوك؟ ايش وارثها عن جدك؟ انت شكو بينا).
ذكرني هذا الغضب بدرس تاريخي مهم عن الظروف والملابسات التي سبقت ما سمي بحقبة الاصلاح الديني في اوروبا والتي قادت الى فصل الدين عن الدولة، حين كان تمرد النزعات القومية على السلطة البابوية واحدة من مظاهر هذا الاصلاح الذي قاده جون كلفن البريطاني ومارتن لوثر الالماني ابان النهضة الاوروبية في القرن الخامس عشر.
مارتن لوثر الالماني ثار على البابا الجالس في روما والذي كان يتدخل في شؤون المانيا السياسية والاقتصادية من منطلقات زعامته الدينية ووفق تفسيره للكتاب المقدس، لوثر لم يحتج على البابا فحسب بل احتج على مندوبيه الكاثوليك الالمان الذين يأتمرون بأمره ويخضعون لسلطته لا لسلطات الحكم الالماني.
اطلق لوثر حملته الاصلاحية الدينية السياسية والتي لاقت صدى كبيرا في جميع انحاء اوروبا حيث كانت القوميات الاوروبية في تعطش لها للتخلص من السلطة البابوية الرومانية، ساعده وحماه من بطش البابا بقرار الحرمان حكام واباطرة اوروبا، تماما مثلما تشجع الحكومة العراقية الحالية شعبها اليوم على الاعتراض على تدخل الاخرين رجال دين او غيرهم في شؤونها من منطلقات اممية اسلامية كانت ام عروبية، فتبرز مثل هذه الاعتراضات حتى على رجال دين لهم وزنهم وثقلهم العربي والعالمي. فمقدار الضرر هو الذي يحدد قدر المجاملات المسموح به!
الجدير بالذكر ان مبادىء لوثر الاصلاحية ارتكزت على:
اولا: اخضاع رجال الدين للسلطة المدنية.
ثانيا: ليس للبابا الحق في احتكار تفسير الانجيل.
ثالثا: عدم انشاء اديرة جديدة والغاء عدد من الاديرة القائمة، وتحويل نزلائها الى الحياة المدنية، ثم اعلن الغاء الديرية والرهبنة وكان زواجه تطبيقا عمليا لهذا الالغاء.
هذه المبادىء حررت الشعوب الاوروبية من السلطة الدينية المركزية لكن ذلك تم عبر سلسلة صراعات خاضتها اوروبا ودفعت ثمنها غاليا دماء وارواحا ازهقت في حروب استمرت لثلاثين عاما صراعات في الكنيسة واتباعها صراعا مستميا من اجل الحفاظ على هيبتها ومكانتها متخذة الخلاف على التفسير الفقهي ذريعة لها حتى هزمت الكنيسة في نهاية المطاف وقبلت بالامر الذي فرض عليها وحوصرت في مدينة صغيرة تدعى الفاتيكان.
لقد كان صراعا سياسيا وصراع مصالح اكثر من كونه صراعا على اراء فقهية ودينية فأباطرة اوروبا ضاقوا ذرعا بسلطة البابا المكبلة لهم، والنبلاء والطبقة الوسطى لحقوا بهم في ضيقهم.
الجدير بالذكر بان الحركات الاصلاحية خرجت من رحم الكنيسة من لاهوتيين (كالفن ولوثر) في محاولة لتدارك ازمة متوقعة ستفصل الدين عن السياسية ان استمر تمسك البابا بسلطاته السياسية التي يفرضها على شعوب اوروبا على اختلاف مشاربهم ومصالحهم، لقد قرأ دعاة الاصلاح المعطيات قراءة جيدة ونصحوا ولكن الاوان كان قد فات! ومن يدري! لو كان البابا اتسع صدره لتلك النصائح وتلك الدعوات ربما لاختلف تاريخ اوروبا !!!
وللحديث بقية.
(1 من 2)
استمعت الى العديد من العراقيين عبر احدى الفضائيات العراقية الجديدة وهم يشنون هجوما واسعا على الفتاوى الدينية التي يصدرها مشايخ الدين عربا كانوا او خليجيين بخصوص الوضع في العراق، احد المشاركين قال باللهجة العراقية (العراق هاي مالت ابوك؟ ايش وارثها عن جدك؟ انت شكو بينا).
ذكرني هذا الغضب بدرس تاريخي مهم عن الظروف والملابسات التي سبقت ما سمي بحقبة الاصلاح الديني في اوروبا والتي قادت الى فصل الدين عن الدولة، حين كان تمرد النزعات القومية على السلطة البابوية واحدة من مظاهر هذا الاصلاح الذي قاده جون كلفن البريطاني ومارتن لوثر الالماني ابان النهضة الاوروبية في القرن الخامس عشر.
مارتن لوثر الالماني ثار على البابا الجالس في روما والذي كان يتدخل في شؤون المانيا السياسية والاقتصادية من منطلقات زعامته الدينية ووفق تفسيره للكتاب المقدس، لوثر لم يحتج على البابا فحسب بل احتج على مندوبيه الكاثوليك الالمان الذين يأتمرون بأمره ويخضعون لسلطته لا لسلطات الحكم الالماني.
اطلق لوثر حملته الاصلاحية الدينية السياسية والتي لاقت صدى كبيرا في جميع انحاء اوروبا حيث كانت القوميات الاوروبية في تعطش لها للتخلص من السلطة البابوية الرومانية، ساعده وحماه من بطش البابا بقرار الحرمان حكام واباطرة اوروبا، تماما مثلما تشجع الحكومة العراقية الحالية شعبها اليوم على الاعتراض على تدخل الاخرين رجال دين او غيرهم في شؤونها من منطلقات اممية اسلامية كانت ام عروبية، فتبرز مثل هذه الاعتراضات حتى على رجال دين لهم وزنهم وثقلهم العربي والعالمي. فمقدار الضرر هو الذي يحدد قدر المجاملات المسموح به!
الجدير بالذكر ان مبادىء لوثر الاصلاحية ارتكزت على:
اولا: اخضاع رجال الدين للسلطة المدنية.
ثانيا: ليس للبابا الحق في احتكار تفسير الانجيل.
ثالثا: عدم انشاء اديرة جديدة والغاء عدد من الاديرة القائمة، وتحويل نزلائها الى الحياة المدنية، ثم اعلن الغاء الديرية والرهبنة وكان زواجه تطبيقا عمليا لهذا الالغاء.
هذه المبادىء حررت الشعوب الاوروبية من السلطة الدينية المركزية لكن ذلك تم عبر سلسلة صراعات خاضتها اوروبا ودفعت ثمنها غاليا دماء وارواحا ازهقت في حروب استمرت لثلاثين عاما صراعات في الكنيسة واتباعها صراعا مستميا من اجل الحفاظ على هيبتها ومكانتها متخذة الخلاف على التفسير الفقهي ذريعة لها حتى هزمت الكنيسة في نهاية المطاف وقبلت بالامر الذي فرض عليها وحوصرت في مدينة صغيرة تدعى الفاتيكان.
لقد كان صراعا سياسيا وصراع مصالح اكثر من كونه صراعا على اراء فقهية ودينية فأباطرة اوروبا ضاقوا ذرعا بسلطة البابا المكبلة لهم، والنبلاء والطبقة الوسطى لحقوا بهم في ضيقهم.
الجدير بالذكر بان الحركات الاصلاحية خرجت من رحم الكنيسة من لاهوتيين (كالفن ولوثر) في محاولة لتدارك ازمة متوقعة ستفصل الدين عن السياسية ان استمر تمسك البابا بسلطاته السياسية التي يفرضها على شعوب اوروبا على اختلاف مشاربهم ومصالحهم، لقد قرأ دعاة الاصلاح المعطيات قراءة جيدة ونصحوا ولكن الاوان كان قد فات! ومن يدري! لو كان البابا اتسع صدره لتلك النصائح وتلك الدعوات ربما لاختلف تاريخ اوروبا !!!
وللحديث بقية.