د. حامد العطية
10-16-2011, 09:38 PM
نزوة إمام المسجد النبوي الحذيفي
د. حامد العطية
منبر المسجد هو الأعلى، بين كل المنابر في مجتمعاتنا، وفي يوم الجمعة بالذات، ويتحمل خطيب المنبر مسؤولية ما يتفوه به من على المنبر، سواء كان من عنده أم من رؤوساءه في المؤسسة الدينية الرسمية، وهي مسؤولية جسيمة، فما بالك عندما يكون المنبر لرسول الله الأعظم وفي مسجده.
قبل أسابيع قلائل صعد إمام المسجد النبوي علي عبد الرحمن الحذيفي المنبر ليقول عجباً، وفيما يلي رابط للخطبة مسجلة بالصوت والصورة:
ttp://www.shabir.tv/?p=7042h
أول كلامه الغث أن آل بيت النبي "برءاء" من عقيدة الروافض كما برأ منها الصحابة، وفي كتاب لسان العرب لا يجوز جمع كلمة براء لأنها مصدر: (العَرَبُ تقول: نحنُ مِنكَ البراء والخَلاءُ والواحِد والاثنان والجمْعُ مِنَ المذكَّر والمؤَنث يُقال: براء لأَنهُ مصْدَر. ولو قال: بَرِيء، لقِيلَ في الاثنينِ: بَريئانِ، وفي الجمع: بَرِيئونَ وبَراءٌ)، والأهم من هذا أن الكلام باطل تماماً، فلا صحة لادعاءه بأن آل البيت تبرؤوا من الروافض، ويقصد بهم الشيعة، لأن الشيعة هم أتباع أئمة آل البيت، كما لم يتبلور المذهب الشيعي إلا بعد انقضاء زمن الصحابة، فكيف تسنى للصحابة وهم في قبورهم البراءة من مذهب الشيعة، ولو افترضنا حدوث ذلك فهل يحق للصحابة اصدار شهادات بصحة أو بطلان اسلام الناس؟
ذكر الحذيفي الشيعة بالمنافع الكثيرة التي جنوها من حكم آل سعود، وخاطبهم بقوله: "فلينظروا إلى حالهم قبل هذه الدولة." وكلامه مغاير للمنطق والحقيقة، فالمنافع التي يتحدث عنها هي حقوق لجميع المواطنين، والواجب على الحكام توفيرها، وهي دون الحد الأدنى لو أخذنا بالاعتبار موارد الدولة ، ومن المؤكد بأن نصيب الشيعة من هذه المنافع العامة أقل بكثير من حصة السنة، وخلافاً للشق الثاني من ادعاءه فقد كان شيعة المنطقة الشرقية قبل نشوء مملكة آل سعود أفضل حالاً من سنة نجد حينئذ بفضل ما حبا الله منطقتهم من أراضي خصبة وموارد مائية عذبة للزراعة وسواحل خليجية لصيد السمك والتجارة واقبالهم على العمل والانتاج، وبعد اغتصاب آل سعود الحكم انقلب الحال فغدا أهل نجد السنة أكثر ثراءً وأنعم عيشاً واكثر اطمئناناً من شيعة الإحساء والقطيف، وبفضل النفط المستخرج من مناطق الشيعة، وتصوروا رغد عيش الشيعة من دون حكم آل سعود الوهابي، لذا نقول للحذيفي لم تصدق.
لم يكتفي الحذيفي بترديد الأكاذيب فتمادى وتطاول على الدين، فذكر تعرض المملكة لتدخلات خارجية، ويقصد بذلك ادعاء الحكومة السعودية بوجود أيادي أجنبية (أي إيران الإسلامية) وراء أحداث العنف في القطيف، ثم استشهد بالآية القرآنية الكريمة التالية: إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ فِي الأَذَلِّينَ (المجادلة 20)، ونستنتج من التتابع أن الحذيفي يرى انطباق الآية على الحدث المزعوم، وأن حكومة آل سعود هي في مقام الله سبحانه وتعالى أو رسوله المعصوم، أوتنيب عنهما، وبالنتيجة كل من يحاد هذه الحكومة يحاد الله ورسوله، وهذه منزلة لم يدعيها حاكم إسلامي من قبل لنفسه ولا أظن أن رجل دين غير الحذيفي تجرأ على اضفاءها على خليفة أو حاكم، فهل كان هذا سهواً من الحذيفي أم تسابقاً مع بقية رجال الدين الوهابية على رئاسة وعاظ السلطان لدى آل سعود؟ إن كان سهواً فعليه اعتزال إمامة الحرم النبوي والعودة إلى صفوف الدراسة لتعلم الفقه واللغة العربية، وإن كان تعبيراً عن ولاءه المطلق لسادته من آل سعود فالواضح بأنه يضعهم في مصاف المعبود ونبيه المعصوم، وهو وأمثاله يكفرون الشيعة لمجرد اقتداءهم بالأئمة من آل البيت فما حكم من يساوي في المنزلة في الدين بين حكام فاسقين والخالق ونبيه؟
كان الأجدر بالحذيفي أن يجعل تقوى الله لا رضا آل سعود نصب عينيه وهو يخطب بجموع المصلين في المسجد النبوي وأن يتذكر أن الرسول الأعظم وصف اعتلاء بني العاص أو بني أمية لمنبره بـ "نزو القردة"، وهذا الوصف يسري على كل من اعتلى هذا المنبر وتفوه بالباطل فهل يتعظ الحذيفي؟
16 تشرين الأول 2011م
د. حامد العطية
منبر المسجد هو الأعلى، بين كل المنابر في مجتمعاتنا، وفي يوم الجمعة بالذات، ويتحمل خطيب المنبر مسؤولية ما يتفوه به من على المنبر، سواء كان من عنده أم من رؤوساءه في المؤسسة الدينية الرسمية، وهي مسؤولية جسيمة، فما بالك عندما يكون المنبر لرسول الله الأعظم وفي مسجده.
قبل أسابيع قلائل صعد إمام المسجد النبوي علي عبد الرحمن الحذيفي المنبر ليقول عجباً، وفيما يلي رابط للخطبة مسجلة بالصوت والصورة:
ttp://www.shabir.tv/?p=7042h
أول كلامه الغث أن آل بيت النبي "برءاء" من عقيدة الروافض كما برأ منها الصحابة، وفي كتاب لسان العرب لا يجوز جمع كلمة براء لأنها مصدر: (العَرَبُ تقول: نحنُ مِنكَ البراء والخَلاءُ والواحِد والاثنان والجمْعُ مِنَ المذكَّر والمؤَنث يُقال: براء لأَنهُ مصْدَر. ولو قال: بَرِيء، لقِيلَ في الاثنينِ: بَريئانِ، وفي الجمع: بَرِيئونَ وبَراءٌ)، والأهم من هذا أن الكلام باطل تماماً، فلا صحة لادعاءه بأن آل البيت تبرؤوا من الروافض، ويقصد بهم الشيعة، لأن الشيعة هم أتباع أئمة آل البيت، كما لم يتبلور المذهب الشيعي إلا بعد انقضاء زمن الصحابة، فكيف تسنى للصحابة وهم في قبورهم البراءة من مذهب الشيعة، ولو افترضنا حدوث ذلك فهل يحق للصحابة اصدار شهادات بصحة أو بطلان اسلام الناس؟
ذكر الحذيفي الشيعة بالمنافع الكثيرة التي جنوها من حكم آل سعود، وخاطبهم بقوله: "فلينظروا إلى حالهم قبل هذه الدولة." وكلامه مغاير للمنطق والحقيقة، فالمنافع التي يتحدث عنها هي حقوق لجميع المواطنين، والواجب على الحكام توفيرها، وهي دون الحد الأدنى لو أخذنا بالاعتبار موارد الدولة ، ومن المؤكد بأن نصيب الشيعة من هذه المنافع العامة أقل بكثير من حصة السنة، وخلافاً للشق الثاني من ادعاءه فقد كان شيعة المنطقة الشرقية قبل نشوء مملكة آل سعود أفضل حالاً من سنة نجد حينئذ بفضل ما حبا الله منطقتهم من أراضي خصبة وموارد مائية عذبة للزراعة وسواحل خليجية لصيد السمك والتجارة واقبالهم على العمل والانتاج، وبعد اغتصاب آل سعود الحكم انقلب الحال فغدا أهل نجد السنة أكثر ثراءً وأنعم عيشاً واكثر اطمئناناً من شيعة الإحساء والقطيف، وبفضل النفط المستخرج من مناطق الشيعة، وتصوروا رغد عيش الشيعة من دون حكم آل سعود الوهابي، لذا نقول للحذيفي لم تصدق.
لم يكتفي الحذيفي بترديد الأكاذيب فتمادى وتطاول على الدين، فذكر تعرض المملكة لتدخلات خارجية، ويقصد بذلك ادعاء الحكومة السعودية بوجود أيادي أجنبية (أي إيران الإسلامية) وراء أحداث العنف في القطيف، ثم استشهد بالآية القرآنية الكريمة التالية: إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ فِي الأَذَلِّينَ (المجادلة 20)، ونستنتج من التتابع أن الحذيفي يرى انطباق الآية على الحدث المزعوم، وأن حكومة آل سعود هي في مقام الله سبحانه وتعالى أو رسوله المعصوم، أوتنيب عنهما، وبالنتيجة كل من يحاد هذه الحكومة يحاد الله ورسوله، وهذه منزلة لم يدعيها حاكم إسلامي من قبل لنفسه ولا أظن أن رجل دين غير الحذيفي تجرأ على اضفاءها على خليفة أو حاكم، فهل كان هذا سهواً من الحذيفي أم تسابقاً مع بقية رجال الدين الوهابية على رئاسة وعاظ السلطان لدى آل سعود؟ إن كان سهواً فعليه اعتزال إمامة الحرم النبوي والعودة إلى صفوف الدراسة لتعلم الفقه واللغة العربية، وإن كان تعبيراً عن ولاءه المطلق لسادته من آل سعود فالواضح بأنه يضعهم في مصاف المعبود ونبيه المعصوم، وهو وأمثاله يكفرون الشيعة لمجرد اقتداءهم بالأئمة من آل البيت فما حكم من يساوي في المنزلة في الدين بين حكام فاسقين والخالق ونبيه؟
كان الأجدر بالحذيفي أن يجعل تقوى الله لا رضا آل سعود نصب عينيه وهو يخطب بجموع المصلين في المسجد النبوي وأن يتذكر أن الرسول الأعظم وصف اعتلاء بني العاص أو بني أمية لمنبره بـ "نزو القردة"، وهذا الوصف يسري على كل من اعتلى هذا المنبر وتفوه بالباطل فهل يتعظ الحذيفي؟
16 تشرين الأول 2011م