بركان
10-14-2011, 01:11 AM
صالح الغنام - "شصلك يا ولد?"
http://www.redlinekw.com/ArticleImages/OTMYDVINIPXCXIREXCJGFOEU.jpg
في بعض ناس, "الحمد لله والشكر", تقول فيهم بيضة, فهم لا يهنأون ولا يستريحون, إلا بمعرفة أصل الشخص وفصله! وكأن تقييمهم, وتقديرهم للآخرين, لا يعتمد إلا على نوعية النطف التي جاءت بجدودهم الأوائل إلى الدنيا. "بلاغة شف" و"حشرية" وفضول ليس له حل. المشكلة, أنهم يبادرونك بجرأة:
"شصلك يا ولد?" هكذا, من دون مقدمات, أو سابق معرفة, "شصلك يا ولد?
يعني, عفوا, أنا خابر الناس لما يحبون يتعرفون إلى بعض, تكون أسئلتهم على شاكلة: "شسمك?"
"وين تشتغل?", "شنو أكلتك المفضلة?", "شرايك بالحب قبل الزواج?", "مسجلة سيارتك أشرطة كاسيت, والا CD?" وهكذا من أسئلة تحسسك إن الشخص اللي أمامك وده يتعرف عليك, "بس مو عارف شلون", لكن أن يدخل عليك أحدهم "دعوم" ليسألك: "شصلك?" فهذا سؤال يدل على سائله, وهو لا يُطرح إلا وقت التقدم للخطبة والزواج.
طبعا هذه العينة مهما ارتقت في تعليمها, فهي تظل أسيرة الماضي, حين كان سؤال: "شصلك يا ولد?"
مبررا ومطلوبا لدواع احترازية, أما وقد صرنا في دولة يعيش فيها زهاء 100 جنسية, من أعراق وملل مختلفة, فقد اندثر هذا السؤال الأمني, باندثار أسبابه, ولم يعد مقبولا إلا عند المصاهرة, كما أسلفت أعلاه. فاليوم, يكفي الحكم على الناس ظاهريا, ومن خلال ملبسهم ونظافتهم وأخلاقهم وعلمهم وثقافتهم ومنطقهم, فهذه هي الأساسيات, أو الحد الأدنى المطلوب للتعرف إلى الآخرين, أما ما عدا ذلك, فلا معنى له إطلاقا, فما الذي سينفعك أو يضرك, إن عرفت إن أصل هذا أو ذاك مطابقا أو مخالفا لأصلك?
في ألمانيا, وحينما كنت اجول في مستشفى "إيني" لجراحة وطب الأعصاب, لفتت نظري صور كثيرة لشاب صغير في السن, عمره نحو 30 عاما, بدا لي وكأنه صيني أو فيليبيني, وقد التف حوله جمع كبير من أطباء المستشفى, فسألت المترجمة, وقد كانت من الجنسية العراقية واسمها حنان: من هذا? فقالت:
إنه شاب مجهول الأبوين, نشأ وترعرع في ملجأ للأيتام, ثم واصل تعليمه, فدخل كلية الطب, وتفوق فيها, وقدم أبحاثا مميزة, فتم تعيينه وزيرا للصحة في ألمانيا. ولأن العراقي لا يستلف النكتة, فقد التفتت حنان نحوي وهي تقول: "هذا لو عدنا جان قالوا عنه نغل!"
قبل أيام, توفي المخترع العظيم ستيف جوبز, الذي أحدث ثورة في عالم الكمبيوتر والاتصالات, وقدم ¯ كفرد - للبشرية ما لم تقدمه أمم بجلالة قدرها. المفارقة أن جوبز, هو ابن غير شرعي, يعني على قولة المترجمة حنان "نغل".
فتخيلوا لو أنه عاش بيننا مشغولا بالبحث عن الأنساب وبسؤال الناس عن أصولهم, فهل كان سيجد وقتا ليخترع لنا "الآيبود", و"الآي باد", و"الآيفون"?
الشاهد, أن جوبز لما اكتشف إصابته بالسرطان وبأنه قد يموت في أي لحظة, قال كلمته البليغة التالية: "إن حياتك محدودة, فلا تهدرها في أن تعيش حياة شخص آخر".
وترجمتها بالكويتي: "يعني لما تشوف واحد ما تعرفه, لا تقعد تحوس وتدور لين تعرف "شصله", خلك بحالك أحسن"!
"إلا ما قلتولي, انتو شصلكم?"
salehpen@hotmail.com
http://www.redlinekw.com/ArticleImages/OTMYDVINIPXCXIREXCJGFOEU.jpg
في بعض ناس, "الحمد لله والشكر", تقول فيهم بيضة, فهم لا يهنأون ولا يستريحون, إلا بمعرفة أصل الشخص وفصله! وكأن تقييمهم, وتقديرهم للآخرين, لا يعتمد إلا على نوعية النطف التي جاءت بجدودهم الأوائل إلى الدنيا. "بلاغة شف" و"حشرية" وفضول ليس له حل. المشكلة, أنهم يبادرونك بجرأة:
"شصلك يا ولد?" هكذا, من دون مقدمات, أو سابق معرفة, "شصلك يا ولد?
يعني, عفوا, أنا خابر الناس لما يحبون يتعرفون إلى بعض, تكون أسئلتهم على شاكلة: "شسمك?"
"وين تشتغل?", "شنو أكلتك المفضلة?", "شرايك بالحب قبل الزواج?", "مسجلة سيارتك أشرطة كاسيت, والا CD?" وهكذا من أسئلة تحسسك إن الشخص اللي أمامك وده يتعرف عليك, "بس مو عارف شلون", لكن أن يدخل عليك أحدهم "دعوم" ليسألك: "شصلك?" فهذا سؤال يدل على سائله, وهو لا يُطرح إلا وقت التقدم للخطبة والزواج.
طبعا هذه العينة مهما ارتقت في تعليمها, فهي تظل أسيرة الماضي, حين كان سؤال: "شصلك يا ولد?"
مبررا ومطلوبا لدواع احترازية, أما وقد صرنا في دولة يعيش فيها زهاء 100 جنسية, من أعراق وملل مختلفة, فقد اندثر هذا السؤال الأمني, باندثار أسبابه, ولم يعد مقبولا إلا عند المصاهرة, كما أسلفت أعلاه. فاليوم, يكفي الحكم على الناس ظاهريا, ومن خلال ملبسهم ونظافتهم وأخلاقهم وعلمهم وثقافتهم ومنطقهم, فهذه هي الأساسيات, أو الحد الأدنى المطلوب للتعرف إلى الآخرين, أما ما عدا ذلك, فلا معنى له إطلاقا, فما الذي سينفعك أو يضرك, إن عرفت إن أصل هذا أو ذاك مطابقا أو مخالفا لأصلك?
في ألمانيا, وحينما كنت اجول في مستشفى "إيني" لجراحة وطب الأعصاب, لفتت نظري صور كثيرة لشاب صغير في السن, عمره نحو 30 عاما, بدا لي وكأنه صيني أو فيليبيني, وقد التف حوله جمع كبير من أطباء المستشفى, فسألت المترجمة, وقد كانت من الجنسية العراقية واسمها حنان: من هذا? فقالت:
إنه شاب مجهول الأبوين, نشأ وترعرع في ملجأ للأيتام, ثم واصل تعليمه, فدخل كلية الطب, وتفوق فيها, وقدم أبحاثا مميزة, فتم تعيينه وزيرا للصحة في ألمانيا. ولأن العراقي لا يستلف النكتة, فقد التفتت حنان نحوي وهي تقول: "هذا لو عدنا جان قالوا عنه نغل!"
قبل أيام, توفي المخترع العظيم ستيف جوبز, الذي أحدث ثورة في عالم الكمبيوتر والاتصالات, وقدم ¯ كفرد - للبشرية ما لم تقدمه أمم بجلالة قدرها. المفارقة أن جوبز, هو ابن غير شرعي, يعني على قولة المترجمة حنان "نغل".
فتخيلوا لو أنه عاش بيننا مشغولا بالبحث عن الأنساب وبسؤال الناس عن أصولهم, فهل كان سيجد وقتا ليخترع لنا "الآيبود", و"الآي باد", و"الآيفون"?
الشاهد, أن جوبز لما اكتشف إصابته بالسرطان وبأنه قد يموت في أي لحظة, قال كلمته البليغة التالية: "إن حياتك محدودة, فلا تهدرها في أن تعيش حياة شخص آخر".
وترجمتها بالكويتي: "يعني لما تشوف واحد ما تعرفه, لا تقعد تحوس وتدور لين تعرف "شصله", خلك بحالك أحسن"!
"إلا ما قلتولي, انتو شصلكم?"
salehpen@hotmail.com