موالى
11-24-2004, 12:47 AM
http://www.14masom.com/menbar/15/images/22.jpg
أجرى الحوار: صلاح عباس
من لا يعرف باسم الكربلائي؟ إنه غني عن التعريف فهو من أشهر رواديد المنبر الحسيني بما يمتلك من صوت شجي محبوب وأداء مميز يتفوق بهما على سائر الرواديد، فكان محط أنظار كل الجماهير والمحبين الشيعة من كل بقعة في العالم يتواجد فيها عزاء أبي الأحرار الإمام الحسين عليه الصلاة والسلام.
والمحب المنصف ينتظر بشغف قصائده في العشرة الأولى من محرم في كل سنة هجرية لتفانيه في أداء العقيدة وبما يقدم من جديد.
وبقصائده ومراثيه ملأ مساحة كبيرة من الإعلام الحسيني، كما أنه أعد جيلا جديدا صاعدا من رواديد المنبر الحسيني حتى يدعم نهضة الإمام الحسين عليه الصلاة والسلام، وهو الآن يعكف على تأليف كتاب من جزئين لقصائده وإعداد أشرطة أخلاقية للأطفال.
ولذلك كان (للشباب فقط) لقاء مع الرادود باسم الكربلائي لمعرفة المزيد عن حياته وتجربته بطرح شتى الأسئلة والتي كان من بينها بعض الأسئلة الحساسة أجاب عنها الملا برحابة صدر. وفي ما يلي نص الحوار:
* المنبر: في البداية هلاّ أعطيتمونا نبذة عن سيرتكم الذاتية؟
- اسمي باسم بن إسماعيل بن محمد الكربلائي - وولادتي في عام 1967 في كربلاء المقدسة. وترعرعت في كربلاء حتى سنة 1980 وفي تلك الفترة كنت ملتزما في المشاركة بالمواكب الحسينية، وكنت أحب أن أسمع إلى الرادود حمزة الصغير (قدس سره). وانتبهت وأنا أستمع إليه حيث كان عمري سبع سنوات إلى أن صوته كان في إلقاء القصيدة عاليا، فقلت في نفسي: (إذا أصبحت رادودا حسينيا إن شاء الله فسوف ألقي قصيدة بصوت هاد منخفض بعض الشيء) ومنذ صغري كنت أشعر بأن لدي أذنا تتذوق اللحن والمقامات الصوتية.
في عام 1980 كنت في محل والدي بكربلاء المقدسة وكان عمري 13 سنة فجاء رجال النظام وهددوني وأخوتي لإجبارنا على الخروج من العراق بدعوى أصلنا من الفرس، حيث مسقط راس جدي في منطقة أصفهان، وفي ليلة ذلك اليوم بتنا في زنزانة بكربلاء مع الأخوة ثم هجرنا إلى إيران، وعند الوصول إلى الحدود الإيرانية دخلنا إلى إيران وسكنا في أصفهان حيث مسقط رأس جدي.
وبدأت في أصفهان بخدمة الإمام الحسين عليه الصلاة والسلام. فأول ما ابتدأت فيه هو تعلم تلاوة القرآن وقراءته، واستمررت على ذلك لمدة خمس سنوات، وكان لذلك فائدة كبيرة في تحسين صوتي وتليين حنجرتي.
وبعد شهر من التدريب، المكثف على تلاوة القرآن استحسن الأخوة صوتي في التلاوة وشجعوني على أن أصبح رادوداً حسينيا، وكان أخوالي قد أخذوني إلى الأستاذ ملا تقي الكربلائي حتى يعلمني كيف أكون رادودا حسينيا. وبعد ما نشأت تحت ظله وتعليمه المميز، طلبت منه قصيدتين في بادئ الأمر، فقال: لماذا تريد قصيدتين أتريد أن تكون رادودا؟! فقلت: نعم أحب أن أخدم أهل البيت عليهم الصلاة والسلام، وبعدها اختار لي قصيدتين، الأولى (حماتي الدخل يا حسين) وقد قرأتها بطور (بحر الطويل) على عزاء الزنجيل وأما القصيدة الأخرى فكانت: (مر على الشاطئ، يحادي إرجابنه) وتدربت عليهما وقرأتهما في قم المقدسة على عزاء الزنجيل وكنت أرتجف أمام هذه الحشود المتجمعة ولكنهم قابلوني بالترحيب وشجعوني كثيرا وقالوا لي: ذكرتنا بقصائد وزمان الرادود الحسيني حمزة الصغير.
بدأت في عزاء الزنجيل وبعد العزاء عدنا إلى أصفهان لإحياء ذكرى وفاة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم). وقرأت القصيدة الأخرى إلى أن جاء شهر رمضان المبارك وحينها صعدت المنبر وهو أول صعودي في أصفهان.. والقصيدة كانت للشاعر كاظم منظور الكربلائي.
بدأت أقرأ البيت الأول والبيت الثاني مع وجود أخطاء في الأداء، ولكن أستاذي ملا تقي تدارك الموقف وشد من عزيمتي وعند البيت الثالث قرأت من دود أخطاء وكانت القصيدة (تاج السعادة لليوالي حيدر).
نشأت في أحضان أسرة أنغرس فيها حب خدمة الإمام الحسين وأهل البيت عليهم الصلاة والسلام، وبعد نشأتي الأولى استقبلت الطريق الذي رسمه لي أخوالي في خدمة الإمام الحسين روحي فداه فوجدت نفسي مرتقيا المنبر وأنا ابن الثالثة عشرة من عمري وذلك عام 1980 بعد هجرتي.
* المنبر: بصراحة.. كيف كنت في مرحلة الشباب، ما هي الصعوبات والتحديات والأزمات التي واجهتك فيتلك السنة الحرجة التي تكون بمثابة مفترق الطرق؟ بمعنى آخر: كيف توجهت إلى الاتجاه الديني ولم لم تتجه إلى اللاتدين مثلا؟.
- ترعرعت والحمد لله في أجواء دينية، فنشأت في أجواء الدعاء والمجالس الحسينية، والقرآن، والزيارات لمراقد الأئمة والأولياء، وكنا كل ليلة جمعة نحييها بالطم على الحسين وإقامة مجلس حسيني وقراءة دعاء كميل، وكل يوم جمعة صباحا بعد صلاة الفجر نقرأ دعاء الندبة وأتذكر كنت أجلس من النوم فجراً للصلاة والدعاء.
كنا نسافر دائما في المناسبات لمواليد ووفيات المعصومين عليهم الصلاة والسلام مرة إلى قم للتشرف بتقبيل أعتاب السيدة المعصومة عليها الصلاة والسلام، ولزيارة المرجع الديني الأعلى السيد محمد مهدي الشيرازي حفظه الله ورعاه.
وعند ذكرى وفاة الإمام جعفر الصادق صلوات الله وسلامه عليه كنا نسافر إلى قم المقدسة أيضا وعند أربعين الإمام الحسين عليه الصلاة والسلام كنا نسافر إلى طهران، وعند ثالث الإمام الحسين عليه الصلاة والسلام كنا نسافر إلى يزد، وفي مناسبة وفاة الإمام الرضا عليه الصلاة والسلام كنا نسافر إلى مشهد، فما كانت هناك أوقات فراغ إلا ونقضيها في أجواء دينية وذكر أهل البيت عليهم الصلاة والسلام.
بصراحة واجهت كثيراً من الإغراءات وأتذكر يوم كنت في إحدى الاستوديوهات جاءني أحد الملحنين وكنت حينها أسجل قصيدة القدس. وعرض علي عقدا لمدة خمس سنوات وعلى أن لا أشارك في عزاء الحسين أو أي نشاط آخر تفرغا لمشروعه، فقلت له أنا عندي عقد مبرم مع 14 معصوم عليهم الصلاة والسلام وأنا ملتزم به.
وجاءني ملحن آخر مشهور وقال لي: أريد فتوى من مرجعك يجيز فيه الضرب على أي آلة، وبعدها سأقلب العالم بصوتك.
فقلت: أنا لم أعوّد جمهوري على آله موسيقية، والحمد لله وصلنا إلى قلوب الناس والعالم من دون آلة، وهذا ببركة ورعاية مولاي الإمام الحسين عليه الصلاة والسلام.
كما عرضت علي إذاعة طهران عبر مدير الفن العربي أن أشترك مع أخي الشاعر جابر الكاظمي حفظه الله في أداء أعمال موسيقية ولكنني رفضت رفضا قاطعا. وكان ذلك قبل 11 سنة.
http://www.14masom.com/menbar/15/images/23.jpg
والحمد لله فإني في جميع ما قدمت وكسبت من شهرة لم أصرف فلسا واحدا لأجل ذلك، ويعود الفضل في ذلك كله للإمام الحسين عليه الصلاة والسلام حيث أصبحت شهرتي بفضلهم أكبر من شهرة بعض التجار مثلا، وأذكر لكم ذلك لا للفخر الذاتي وإنما لتوضيح أن من يسعى إلى الشهرة لمجرد الشهرة فإنه لا ينالها.
* المنبر: ألم تراودك فكرة أن تستغل صوتك الحسن في الغناء بدلا من العزاء الحسيني؟
- معاذ الله أن أكون كذلك، وكيف يكون ذلك وأنا عاهدت مولاي الإمام الحسين عليه الصلاة والسلام على أن لا يصدح صوتي إلا بمدح أو رثاء للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته الطيبين الطاهرين؟!
* المنبر: هل تعتبر نفسك قد حققت ذاتك من خلال هذا الطريق؟
- أنا أسعى دائما أن أقدم الأفضل والأحسن لإيصال ثورة الحسين عليه الصلاة والسلام ومظلوميته، ومظلومية أهل البيت عليهم الصلاة والسلام، حيث منهلهم العذب الصافي الذي لا ينضب بأسلوب جديد وعصري، فعند كل تجدد لذكراهم تتجدد القصائد والمراثي، فلم أحقق ذاتي أمام عظمة سيدي مولاي الإمام الحسين عليه الصلاة والسلام.
* المنبر: من من الرواديد السابقين والحاليين تجده قريبا من نفسك؟ وكذلك بالنسبة للشعراء؟
- مع احترامي الشديد لجميع الشعراء والرواديد فأنا متأثر كثيرا بصوت الرادود الحسيني المفوّة حمزة الصغير (قدس سره) وبأشعاره وكذلك الشيخ كاظم منظور الكربلائي وشاعري المفضّل جابر الكاظمي، والله يوفق شعراء أهل البيت عليهم الصلاة والسلام جميعا في خدمة الإمام الحسين عليه الصلاة والسلام.
* المنبر: معنويا و نفسيا.. ما الذي يستفيده الشاب عندما يصبح رادوداً حسينيا؟
- يكفيه فخراً أن يخدم الإمام الحسين عليه الصلاة والسلام والناس بذلك يرفعونه على رؤوسهم إذ هو يختلف عن الشباب الآخرين، فهو قريب إلى الله إلى منهج وسيرة أهل البيت عليهم الصلاة والسلام، ثم يكون أكثر التزاما متحليا بالأخلاق الفاضلة، مما ينال نزاهة وعفة ورفعة وعزة.
* المنبر: هل وقعت في الحب؟
- نعم وقعت في حب الحسين روحي فداه فحبه قد أجنني، وماذا عندنا غير الإمام الحسين عليه الصلاة والسلام؟ إن كل حب ينتهي إلا حب الإمام الحسين عليه الصلاة والسلام ثابت لا ينتهي.
* المنبر: ما هي أهمية عنصر الشباب في نهضة الإمام الحسين عليه الصلاة والسلام؟
- إنها في تكملة نهضة الإمام الحسين عليه الصلاة والسلام وذلك بالمشاركة في عزائه ومجالسه ونشر أهدافه وأفكاره وسيرته والسير على خطاه واستغلال كل الفرص لإحياء ذكرى عاشوراء، كما للشباب الدور الفعال في استمرارية هذه النهضة المباركة.
ولأهمية عنصر الشباب في النهضة الحسينية، طلب مني سماحة آية الله السيد محمد رضا الشيرازي حفظه الله ورعاه أن أقوم بتشكيل لجنة لتخريج جيل جديد من الرواديد يخدم النهضة الحسينية، وطلب مني أن أدعو 100 شاب فبدأنا بعشرة وأسمينا الفرقة (شباب الثقلين) بمساعدة الأخوة في هيئة محمد الأمين (صلى الله عليه وآله وسلم) ثم وصل العدد إلى 80 شخصا.
ومن تجاربنا في ذلك؛ أحضرنا شابا عادياً لتعليمه كيف يصبح رادوداً وفي غضون خمس سنوات أصبح ملحنا ماهرا للقصائد والمراثي الحسينية، وكنت أستعين بألحانه وكان يشير علي باستخدام هذا المقام أو هذا الطور أو هذا اللحن. وهذا أعتبره إنجازا.
هناك مجموعة من الشباب لديهم كفاءات واستعدادات بحاجة إلى توجيهها نحو رسالة عاشوراء.
ومن جمع يبلغ عدد أفراده 80 شابا تخرج 20 شابا رادوداً وملحنا يشاركون في إحياء عزاء أبي عبد الله عليه الصلاة والسلام، ولهم تجربة في شريط عاشوراء الذي حاز على إعجاب الكثير.
وقد سمع بهذا الإنجاز السيد محمد رضا الشيرازي حفظه الله ورعاه فشكرنا على هذا الإنجاز، كما أنه رأى بعض البرامج والإعداد، فالتفت إلي قائلا: هذا كبداية ونريد في الواقع ألف شخص على الأقل من أمثالكم!
كما أمرني سماحته بتأليف كتاب أجمع فيه كل القصائد والأشعار التي قرأتها على المنبر منذ البداية والتي تتحدث عن أبطال فاجعة الطف.
وإن شاء الله سوف يصدر لي كتاب من جزئين تحت عنوان (هذا ما قرأته). الأول يحتوي على الأشعار المكتوبة باللغة العربية الفصحى وعدد صفحاته ما بين 350 - 400 صفحة، والجزء الثاني شعبي فقط والحمد لله عندنا القدرة بفضل ورعاية أهل البيت صلوات الله عليهم أجمعين في تقديم المزيد.
* المنبر: هل تعتقد بأن المشاركة في إحياء الشعائر الحسينية له أثر في حل مشاكل الشباب النفسية؟ وكيف تسهم الشعائر في تربية الشباب؟
- حتما لها الأثر الكبير لأن قدوتنا الإمام الحسين عليه الصلاة والسلام، ولكل شاب قدوة من شباب الطف أمثال علي الأكبر، والقاسم عليهما السلام.
والمشاركة في إحياء هذه الشعائر تبعث الطمأنينة في نفس الشباب وتنظم مسيرة حياته إلى الطريق الأصوب. أما الشعائر الحسينية فإنها تسهم في تربية الشاب فتجعله نبيلا في مجتمعه ومع نفسه وأسرته.
* المنبر: ما هي المواقف الصعبة التي تعرضت لها في حياتك كرادود؟
- الصعوبات التي أواجهها هي الالتزام بمواعيد القراءة وفي اختيار الطور المناسب وخاصة عند صعودي المنبر أحاول جاهدا أن لا أخطئ في إلقاء القصائد، وأشد صعوبة أواجهها تكمن في قيام شخص بمقاطعتي أثناء القراءة مثلا، ومن الصعوبات اختيار القصيدة التي تناسب ذوق الجمهور، ودائما أكون حذراً في إيصال الصوت إلى مسامعهم دون ارتفاع شديد أو انخفاض شديد.
ومن الأدوار التي أجد فيها الصعوبة هو أن أقدم للشاعر مجموعة من الأبيات مع التلحين واختيار الطور المناسب، والتي على ضوئها الشاعر يخرج الأبيات المتناغمة مع ما قدمت حتى ينظم قصيدته، كما يطلب مني الشاعر طول الكلمة وقياسها وتحت أي عنوان من أبطال الطف (القاسم أو الأكبر أو...).
والحمد لله لم أجد في طريقة أسلوبي عند إلقاء القصائد مع التنوع أية مشاحنات أو مضايقات.
ومهمتي الآن التدرب على قصيدة ابن العرندس وهي شبيهة بما سبقها من قصيدتي (الجواهري - القدس)، وهدفي في ذلك أن أنمي الأسلوب عن طريق الأناشيد، وبدأت من (وافاطمتاه)، ومن ذلك اليوم وأنا أسعى بطرح الجديد وإن شاء الله جميع القصائد التي أقدمها لاحقا سوف تكون تحت مظلة أهل البيت صلوات الله عليهم أجمعين.
وعندنا فكرة جديدة في تقديم القصائد الأخلاقية المنتقاة من كتب الأخلاق التي تناسب الأطفال.
وأذكر أني قد وجدت صعوبة في قصيدة كان مستهلها (يا صاحب الرأس الذي فوق القنا مرفوع) لمدة أسبوع وأنا أصارع نفسي حتى استخرجت الطور والتلحين المناسب. ومن الصعوبات التي أواجهها في أعمالي الإنتاجية الجديدة بعض الضغوطات من الأهل والوالدين ولكن تعدينا هذه المرحلة بعد تفهم زوجتي لطبيعة عملي الذي يوجب علي في بعض الأحيان السهر إلى الفجر، وقد لاقيت منها التشجيع والمشاركة في تلحين القصائد واختيار الأطوار خاصة حين أستشيرها وأطلب رأيها.
* المنبر: موقفك كرادود تمثل مدرسة جديدة في الأداء الحسيني، ألم يجلب لك بعض المشاحنات؟
- نعم مشاحناتي مع الطرف الآخر المتمثل بأهل الغناء والفجور، وشغلي الشاغل الآن هو أن أبذل ما بوسعي للسيطرة على ساحتهم ولجذب الشباب إلى الفن الحسيني الرفيع الممزوج بالقيم والمبادئ وإبعادهم عن ما يغضب الله عز وجل.
* المنبر: موقفك من التطبير وتلك اللطمية المعروفة (حيدر، حيدر... ها لصرخة تهز الأكوان) ما هي أسبابه ودواعيه، ألم يخلق لك المشاكل مع فقه لا يزال يعتبر هذه الشعيرة المقدسة نوعا من التخلف حسب زعمها؟
- أنا أتبع مرجعي في ما يفتي، وبما يخص الشعائر الحسينية، فكل شيء فيه إعلام للإمام الحسين ورسالته الخالدة أنا أوافقه، وكل شخص ومرجعه الذي يقلده دون اعتداء، فلا أبالي لفئة تحرم التطبير.
إن الناس تنقسم في حب الإمام الحسين إلى درجات، فقسم يجلس ويسمع العزاء والخطبة فقط، والآخر يسمع ويلطم، وآخر يسمع ويلطم ويوزع الماء والشاي وينظف، وقسم يفعل كل ذلك مع التطبير. وكل حسب درجة حبه للإمام الحسين عليه الصلاة والسلام وأنا أعتقد بأي شيء فيه ذكر أو إعلان لمظلومية الإمام أقوم به من لطم أو بكاء أو لبس سواد أو تطبير أو المشي على الفحم وما أشبه.
*ما هو الشعور الذي يراودك في العشر الأوائل من محرم؟ وهل تشعر بحضور الإمام الحسين عليه الصلاة والسلام في نفسك؟
- أصعب أيام حياتي هي العشرة الأولى من محرم، وذلك من ناحية التلحين، واختيار الطور، وتقديم الأفضل والجديد، كما تأتيني دعوات من جميع البلدان المشهورة كلبنان، وإيران، والإمارات، ولندن، ودمشق وعمان وغيرها.
كما إن الناس تنتظر هذه الأيام بفارغ الصبر حتى تسمع جديد ملا باسم الكربلائي وهذا كله يشكل ضغطا نفسيا وعصبيا علي، إلى درجة أنني أحيانا أجوع ولا أتمكن من تناول الطعام.
وإنني أشعر بحضور مولاي الإمام الحسين عليه الصلاة والسلام، وأذكر في ليلة العاشر من المحرم عام 1419 هـ وبالضبط في قصيدة (زلم وخيول حاطتنه) انتابتني حالة من الانهيار عاقتني عن إكمال قراءة القصيدة، فأجلسني بعض الأخوة بجانب المنبر، وكأنني قد كشف عني الحجاب فرأيت الإمام الحسين عليه الصلاة والسلام نصب عيني وكأنه راكبا على فرسه وهو يلف عمامته فخاطبته بخطاب وهو يرد علي بالإيماء.
* المنبر: هل تعتبر أن مدرسة العزاء الكربلائي متفوقة عن نظرائها من المدارس الأخرى كالبحرينية والفارسية وغيرها؟
كما يعلم الجميع فأنا التزم بأطوار المدرسة الكربلائية، والدليل على تفوق هذه المدرسة هو أن أكثر الدول التي أحضرها وألقي القصائد فيها يقول أهلها لي: أنت مميز والدليل على ذلك مبيع الأشرطة الخاصة في محلات التسجيلات في جميع البلاد التي ذكرتها وهي أكثر مبيعا ورواجا دون غيرها مع احترامي لجميع الرواديد. وهذا من فضل ربي ومن بركات سيد الشهداء (عليه السلام).
في لبنان يشتري قاطنوها كل أشرطتي في العشرة الأولى من محرم في كل سنة وعندما سألتهم: لماذا أشرطتي دون غيري؟
أجابوا: أنت تمتلك صوتا مميزاً وأداء أفضل وفق طور خاص يختلف عنهم جميعا.
والحمد لله لقد رأى صديق لي في رؤيا صادقة مولاتي فاطمة الزهراء عليها الصلاة والسلام وبلغته رسالة لي مفادها: قل لملا باسم الكربلائي كثر، كثر.
وذات يوم جاءني هاتف من منطقة الإحساء، وإذا بأحد الأخوة يقول لي: إن أختي رأت في المنام بعد أن سألت نفسها عن أحسن القصائد، الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف، أن أفضل بيت هو من قصيدة للشاعر جابر الكاظمي وأحسن أداء كان لملا باسم الكربلائي والبيت هو: (كل قطرة دم بشرياني نهتف باسمك يا حسين) والقصيدة كلها حازت على إعجاب مولاي صاحب الزمان عليه الصلاة والسلام.
وفي إحدى الأيام احترت في اختيار أي قصيدة من ثلاث إحداها لابن العرندس وقد كانت متعلقة بالإمام المهدي عليه الصلاة والسلام، والثانية لشاعرنا الكبير الحلي والأخرى لدعبل الخزاعي، فقررت أنني إذا رأيت مناما يدلني على أحدها فسوف أتدرب عليها وألقيها، وفعلا رأيت في المنام السيد المرجع الأعلى السيد محمد مهدي الشيرازي حفظه الله ورعاه ونحن ضيوف في بيته في قم المقدسة وكأننا في مناسبة عيد، فضيفنا سماحته أنا وأهلي ووالدي على الغداء وبعدها نصحنا ثم خرجنا، وفي الأثناء استيقظت من النوم وفهمت فحوى قصة هذا المنام واخترت من القصائد الخالدات قصيدة ابن العرندس بعدما طابقتها على اسم المرجع السيد محمد مهدي الشيرازي حفظه الله ورعاه.
* المنبر: كيف يمكن استقطاب الشباب إلى المجلس الحسيني؟
- بالأفكار الحديثة والأطوار الجديدة، والأداء الجميل نستقطب الشباب فنحن نقدم كل ما يتذوق به الشباب من الألحان والأذواق كبديل عن الموسيقى والغناء.
* المنبر: ما هي أقرب لطمية أو مرثية من مراثيك على وجدانك؟
- أغلبها أحبها وقريبة من وجداني وأصرف طاقات كبيرة لكل قصيدة أو لطمية حتى أشعر عند إلقائها كمودع.
* المنبر: أي لطمية من لطمياتك حازت على النصيب الأكبر من بكائك وتأثرت بها... ولماذا؟
- التي تشتمل على الحوار بين مولاي أبي الفضل العباس عليه الصلاة والسلام ومولاتي الطاهرة زينب عليها الصلاة والسلام.
* المنبر: هل تؤيد إضفاء تعديلات على النمط السائد من المراثي واللطميات؟ فما هو معروف عنك خاصة بعد أدائك في (عينية الجواهري)، و(شريط القدس) إنك تجنح نحو مزج أطوار جديدة مع الطور الحسيني السائد، فهل لذلك فائدة ترجى؟ وما تقول لمن يرى أن ذلك لا يتناسب مع الإنشاد الديني؟
- دائما أفكر بالأفضل، لذا أضفت على الإبداع المنبري إبداعا آخر لا يخرج عن محور أهل البيت عليهم الصلاة والسلام، وذلك بانتقائي لأجود القصائد وأسميتها (سلسلة القصائد الخالدة) مبتدئا بعينية الجواهري وتلتها (دالية ورائية جابر الكاظمي) وبعدها سأقدم (رائية ابن العرندس) وتتلوها قصائد أخرى.
وأما شريط القدس فهو مجال آخر ليس له علاقة بقصائد المنبر أو (سلسلة القصائد الخالدة) واخترت هذا النوع من القصائد لاستقطاب الشباب نحو قضية فلسطين المحتلة والتي تعبر عن قضية أمة. كما أنني أسعى أن أوسع من الإطار في رثاء الإمام الحسين عليه الصلاة والسلام أسلوبا وتلحينا.
* المنبر: من تقول في من يعتبر أن الشعائر الحسينية ومنها اللطميات صورة من صور التخلف والرجعية؟
- لا تهمنا أقوالهم ونحن ماضون على نهج أئمتنا الأطهار عليهم الصلاة والسلام وبإقامتنا لهذه الشعائر نحاول تجسيد قول الإمام الصادق عليه الصلاة والسلام (شيعتنا خلقوا من فاضل طينتنا يفرحون لفرحنا ويحزنون لحزننا).
وأقول إن كان التقدم بترك الشعائر الحسينية فأنا لا أقبل هذا التقدم، وأنا لم أرى أي تخلف أو رجعية أو استهزاء من الغرب، فإذا استجبت لاستهزاء الغرب فإن أول ما ينبغي أن أتركه هو قضية الإمام الحسين وأهل بيته الطاهرين عليهم الصلاة والسلام، معاذ الله.
* المنبر: بصراحة.. هل هناك من يحاربك؟!
- كل مخلوق له أضداد والناس أعداء النجاح.
* المنبر: ماذا تقول للذين لجأوا إلى استخدام أصواتهم في الغناء والمنكر؟
- أنصحهم أن يجربوها في رثاء الإمام الحسين والأناشيد الإسلامية وتلاوة القرآن ثم يروا ثمرة هذا العمل، وإن أصروا في استخدام أصواتهم في الغناء والمنكر فلهم سوء العاقبة في الآخرة والخزي في الدنيا.
* المنبر: كيف يمكن تعميم فن الرثاء ليتذوقه العالم أجمع؟
- نحن نسعى إلى ذلك ولكن بحاجة إلى تمويل مادي حتى نشترك في التلفزيون والراديو والفضائيات، وأذكر أن إذاعة طهران أذاعت لي بعض اللطميات، كما أن قناة المنار سوف تنقل اللطميات التي ألقيتها في 11، 12، 13 محرم في لبنان لهذه السنة 1422 هـ.
* المنبر: من قدوتك في هذه الحياة؟
- الإمام الحسين روحي فداه.
* المنبر: أنت متهم بأنك تعمل إلى جلب ألحال الأغاني واستخدامها في أطوراك.. ما قولك؟!
- معاذ الله. الأطوار التي أستخدمها كلها تقع تحت عالم مقامات وأوزان فالمقامات تصدق على كل صوت، سواء على الأغاني أو اللطميات أو تلاوة القرآن.
ولربما أختار مقاماً للطمية أو رثاء وقد اختاره الملحن أو المطرب بالمقام نفسه وهذا ليس معناه أنني أخذت من الملحن أو قلدت المطرب. أما الأوزان التي يستخدمها الشاعر في ترتيب الأحرف واختيارها فهي من الشاعر.
وبالرغم من تنقلي الدائم بين الدول وقراءتي بين شتى المجالات لم يسبق أن اتُهمت بهذا الاتهام من قبل، ولم أسمعه إلا منك.
* المنبر: أنت متهم ببيع بعض الأفلام التي تحتوي على موسيقى تصويرية في تسجيلات الثقلين التي تملكها، رغم علمك بأن المرجعية العليا أفتت بعدم جواز ذلك.. ما قولك؟
- لم أكن أدري بأنها تشتمل على ما هو غير جائز، والحمد لله لم يدخل في جيبي شيء من إنتاج هذه الأفلام أو تسويقها.
* المنبر: أنت متهم بالتعرض لبعض مراجع الدين في بعض لطمياتك.. ما قولك؟
- هذا الاتهام غير صحيح. وأتحدى أن يأتي أحدهم لي بدليل واحد.
* المنبر: كيف تفسر أسباب حظر بيع أشرطتك في بعض التسجيلات الإسلامية التابعة لتيار سياسي انطوائي؟
- أنا لا أهتم لذلك لأنني في غنى عنهم ولله الحمد.
والحمد لله دعيت من خلال هيئة محمد الأمين (صلى الله عليه وآله وسلم) لتشكيل وفد إلى لبنان استجابة لدعوة السيد حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله وذلك لإلقاء اللطميات في أيام 11، 12، 13 من محرم وقد حضر في الليلة الأولى 25 ألف نسمة وفي الليلة الثانية 35 ألف نسمة وكذلك في الليلة الثالثة وقد قوبلت بالحفاوة والترحاب واللقاء الساخن وإن البنانيين في الجنوب جميعهم يشترون أشرطي في العشرة الأولى من محرم وأغلبهم يحفظون قصائدي، وأشرطتي أكثر مبيعا ورواجا في تسجيلاتهم ومحلاتهم وهذا دليل على أن هذا التيار السياسي لا يقاطع إنتاجاتي، ولكن بعضهم هنا يعاني من عقد معينة.
*المنبر: ما هي رسالتك في الحياة؟
- الدفاع عن المظلومين وبالدرجة الأولى مظلومية 14 معصوما صلوات الله عليهم أجمعين.
* المنبر: برأيك.. كيف يمكن للشباب أن يتخلصوا من إغراءات هذه الدنيا ويعزفوا عنها؟
- يتخلصون منها بحضورهم الدائم إلى مجالس الحسين صلوات الله وسلامه عليه ومعايشة أجوائها بمشاعرهم وحواسهم وقلوبهم والسير على خطاهم. وأخيراً أرجو من السميع العليم التوفيق للجميع لخدمة الإمام الحسين والناس كافة.
* المنبر: ما هي كلمتك، التي توجهها إلى عموم الشباب؟
- أن يخدموا أهل البيت عليهم الصلاة والسلام في تجارة لن تبور
أجرى الحوار: صلاح عباس
من لا يعرف باسم الكربلائي؟ إنه غني عن التعريف فهو من أشهر رواديد المنبر الحسيني بما يمتلك من صوت شجي محبوب وأداء مميز يتفوق بهما على سائر الرواديد، فكان محط أنظار كل الجماهير والمحبين الشيعة من كل بقعة في العالم يتواجد فيها عزاء أبي الأحرار الإمام الحسين عليه الصلاة والسلام.
والمحب المنصف ينتظر بشغف قصائده في العشرة الأولى من محرم في كل سنة هجرية لتفانيه في أداء العقيدة وبما يقدم من جديد.
وبقصائده ومراثيه ملأ مساحة كبيرة من الإعلام الحسيني، كما أنه أعد جيلا جديدا صاعدا من رواديد المنبر الحسيني حتى يدعم نهضة الإمام الحسين عليه الصلاة والسلام، وهو الآن يعكف على تأليف كتاب من جزئين لقصائده وإعداد أشرطة أخلاقية للأطفال.
ولذلك كان (للشباب فقط) لقاء مع الرادود باسم الكربلائي لمعرفة المزيد عن حياته وتجربته بطرح شتى الأسئلة والتي كان من بينها بعض الأسئلة الحساسة أجاب عنها الملا برحابة صدر. وفي ما يلي نص الحوار:
* المنبر: في البداية هلاّ أعطيتمونا نبذة عن سيرتكم الذاتية؟
- اسمي باسم بن إسماعيل بن محمد الكربلائي - وولادتي في عام 1967 في كربلاء المقدسة. وترعرعت في كربلاء حتى سنة 1980 وفي تلك الفترة كنت ملتزما في المشاركة بالمواكب الحسينية، وكنت أحب أن أسمع إلى الرادود حمزة الصغير (قدس سره). وانتبهت وأنا أستمع إليه حيث كان عمري سبع سنوات إلى أن صوته كان في إلقاء القصيدة عاليا، فقلت في نفسي: (إذا أصبحت رادودا حسينيا إن شاء الله فسوف ألقي قصيدة بصوت هاد منخفض بعض الشيء) ومنذ صغري كنت أشعر بأن لدي أذنا تتذوق اللحن والمقامات الصوتية.
في عام 1980 كنت في محل والدي بكربلاء المقدسة وكان عمري 13 سنة فجاء رجال النظام وهددوني وأخوتي لإجبارنا على الخروج من العراق بدعوى أصلنا من الفرس، حيث مسقط راس جدي في منطقة أصفهان، وفي ليلة ذلك اليوم بتنا في زنزانة بكربلاء مع الأخوة ثم هجرنا إلى إيران، وعند الوصول إلى الحدود الإيرانية دخلنا إلى إيران وسكنا في أصفهان حيث مسقط رأس جدي.
وبدأت في أصفهان بخدمة الإمام الحسين عليه الصلاة والسلام. فأول ما ابتدأت فيه هو تعلم تلاوة القرآن وقراءته، واستمررت على ذلك لمدة خمس سنوات، وكان لذلك فائدة كبيرة في تحسين صوتي وتليين حنجرتي.
وبعد شهر من التدريب، المكثف على تلاوة القرآن استحسن الأخوة صوتي في التلاوة وشجعوني على أن أصبح رادوداً حسينيا، وكان أخوالي قد أخذوني إلى الأستاذ ملا تقي الكربلائي حتى يعلمني كيف أكون رادودا حسينيا. وبعد ما نشأت تحت ظله وتعليمه المميز، طلبت منه قصيدتين في بادئ الأمر، فقال: لماذا تريد قصيدتين أتريد أن تكون رادودا؟! فقلت: نعم أحب أن أخدم أهل البيت عليهم الصلاة والسلام، وبعدها اختار لي قصيدتين، الأولى (حماتي الدخل يا حسين) وقد قرأتها بطور (بحر الطويل) على عزاء الزنجيل وأما القصيدة الأخرى فكانت: (مر على الشاطئ، يحادي إرجابنه) وتدربت عليهما وقرأتهما في قم المقدسة على عزاء الزنجيل وكنت أرتجف أمام هذه الحشود المتجمعة ولكنهم قابلوني بالترحيب وشجعوني كثيرا وقالوا لي: ذكرتنا بقصائد وزمان الرادود الحسيني حمزة الصغير.
بدأت في عزاء الزنجيل وبعد العزاء عدنا إلى أصفهان لإحياء ذكرى وفاة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم). وقرأت القصيدة الأخرى إلى أن جاء شهر رمضان المبارك وحينها صعدت المنبر وهو أول صعودي في أصفهان.. والقصيدة كانت للشاعر كاظم منظور الكربلائي.
بدأت أقرأ البيت الأول والبيت الثاني مع وجود أخطاء في الأداء، ولكن أستاذي ملا تقي تدارك الموقف وشد من عزيمتي وعند البيت الثالث قرأت من دود أخطاء وكانت القصيدة (تاج السعادة لليوالي حيدر).
نشأت في أحضان أسرة أنغرس فيها حب خدمة الإمام الحسين وأهل البيت عليهم الصلاة والسلام، وبعد نشأتي الأولى استقبلت الطريق الذي رسمه لي أخوالي في خدمة الإمام الحسين روحي فداه فوجدت نفسي مرتقيا المنبر وأنا ابن الثالثة عشرة من عمري وذلك عام 1980 بعد هجرتي.
* المنبر: بصراحة.. كيف كنت في مرحلة الشباب، ما هي الصعوبات والتحديات والأزمات التي واجهتك فيتلك السنة الحرجة التي تكون بمثابة مفترق الطرق؟ بمعنى آخر: كيف توجهت إلى الاتجاه الديني ولم لم تتجه إلى اللاتدين مثلا؟.
- ترعرعت والحمد لله في أجواء دينية، فنشأت في أجواء الدعاء والمجالس الحسينية، والقرآن، والزيارات لمراقد الأئمة والأولياء، وكنا كل ليلة جمعة نحييها بالطم على الحسين وإقامة مجلس حسيني وقراءة دعاء كميل، وكل يوم جمعة صباحا بعد صلاة الفجر نقرأ دعاء الندبة وأتذكر كنت أجلس من النوم فجراً للصلاة والدعاء.
كنا نسافر دائما في المناسبات لمواليد ووفيات المعصومين عليهم الصلاة والسلام مرة إلى قم للتشرف بتقبيل أعتاب السيدة المعصومة عليها الصلاة والسلام، ولزيارة المرجع الديني الأعلى السيد محمد مهدي الشيرازي حفظه الله ورعاه.
وعند ذكرى وفاة الإمام جعفر الصادق صلوات الله وسلامه عليه كنا نسافر إلى قم المقدسة أيضا وعند أربعين الإمام الحسين عليه الصلاة والسلام كنا نسافر إلى طهران، وعند ثالث الإمام الحسين عليه الصلاة والسلام كنا نسافر إلى يزد، وفي مناسبة وفاة الإمام الرضا عليه الصلاة والسلام كنا نسافر إلى مشهد، فما كانت هناك أوقات فراغ إلا ونقضيها في أجواء دينية وذكر أهل البيت عليهم الصلاة والسلام.
بصراحة واجهت كثيراً من الإغراءات وأتذكر يوم كنت في إحدى الاستوديوهات جاءني أحد الملحنين وكنت حينها أسجل قصيدة القدس. وعرض علي عقدا لمدة خمس سنوات وعلى أن لا أشارك في عزاء الحسين أو أي نشاط آخر تفرغا لمشروعه، فقلت له أنا عندي عقد مبرم مع 14 معصوم عليهم الصلاة والسلام وأنا ملتزم به.
وجاءني ملحن آخر مشهور وقال لي: أريد فتوى من مرجعك يجيز فيه الضرب على أي آلة، وبعدها سأقلب العالم بصوتك.
فقلت: أنا لم أعوّد جمهوري على آله موسيقية، والحمد لله وصلنا إلى قلوب الناس والعالم من دون آلة، وهذا ببركة ورعاية مولاي الإمام الحسين عليه الصلاة والسلام.
كما عرضت علي إذاعة طهران عبر مدير الفن العربي أن أشترك مع أخي الشاعر جابر الكاظمي حفظه الله في أداء أعمال موسيقية ولكنني رفضت رفضا قاطعا. وكان ذلك قبل 11 سنة.
http://www.14masom.com/menbar/15/images/23.jpg
والحمد لله فإني في جميع ما قدمت وكسبت من شهرة لم أصرف فلسا واحدا لأجل ذلك، ويعود الفضل في ذلك كله للإمام الحسين عليه الصلاة والسلام حيث أصبحت شهرتي بفضلهم أكبر من شهرة بعض التجار مثلا، وأذكر لكم ذلك لا للفخر الذاتي وإنما لتوضيح أن من يسعى إلى الشهرة لمجرد الشهرة فإنه لا ينالها.
* المنبر: ألم تراودك فكرة أن تستغل صوتك الحسن في الغناء بدلا من العزاء الحسيني؟
- معاذ الله أن أكون كذلك، وكيف يكون ذلك وأنا عاهدت مولاي الإمام الحسين عليه الصلاة والسلام على أن لا يصدح صوتي إلا بمدح أو رثاء للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته الطيبين الطاهرين؟!
* المنبر: هل تعتبر نفسك قد حققت ذاتك من خلال هذا الطريق؟
- أنا أسعى دائما أن أقدم الأفضل والأحسن لإيصال ثورة الحسين عليه الصلاة والسلام ومظلوميته، ومظلومية أهل البيت عليهم الصلاة والسلام، حيث منهلهم العذب الصافي الذي لا ينضب بأسلوب جديد وعصري، فعند كل تجدد لذكراهم تتجدد القصائد والمراثي، فلم أحقق ذاتي أمام عظمة سيدي مولاي الإمام الحسين عليه الصلاة والسلام.
* المنبر: من من الرواديد السابقين والحاليين تجده قريبا من نفسك؟ وكذلك بالنسبة للشعراء؟
- مع احترامي الشديد لجميع الشعراء والرواديد فأنا متأثر كثيرا بصوت الرادود الحسيني المفوّة حمزة الصغير (قدس سره) وبأشعاره وكذلك الشيخ كاظم منظور الكربلائي وشاعري المفضّل جابر الكاظمي، والله يوفق شعراء أهل البيت عليهم الصلاة والسلام جميعا في خدمة الإمام الحسين عليه الصلاة والسلام.
* المنبر: معنويا و نفسيا.. ما الذي يستفيده الشاب عندما يصبح رادوداً حسينيا؟
- يكفيه فخراً أن يخدم الإمام الحسين عليه الصلاة والسلام والناس بذلك يرفعونه على رؤوسهم إذ هو يختلف عن الشباب الآخرين، فهو قريب إلى الله إلى منهج وسيرة أهل البيت عليهم الصلاة والسلام، ثم يكون أكثر التزاما متحليا بالأخلاق الفاضلة، مما ينال نزاهة وعفة ورفعة وعزة.
* المنبر: هل وقعت في الحب؟
- نعم وقعت في حب الحسين روحي فداه فحبه قد أجنني، وماذا عندنا غير الإمام الحسين عليه الصلاة والسلام؟ إن كل حب ينتهي إلا حب الإمام الحسين عليه الصلاة والسلام ثابت لا ينتهي.
* المنبر: ما هي أهمية عنصر الشباب في نهضة الإمام الحسين عليه الصلاة والسلام؟
- إنها في تكملة نهضة الإمام الحسين عليه الصلاة والسلام وذلك بالمشاركة في عزائه ومجالسه ونشر أهدافه وأفكاره وسيرته والسير على خطاه واستغلال كل الفرص لإحياء ذكرى عاشوراء، كما للشباب الدور الفعال في استمرارية هذه النهضة المباركة.
ولأهمية عنصر الشباب في النهضة الحسينية، طلب مني سماحة آية الله السيد محمد رضا الشيرازي حفظه الله ورعاه أن أقوم بتشكيل لجنة لتخريج جيل جديد من الرواديد يخدم النهضة الحسينية، وطلب مني أن أدعو 100 شاب فبدأنا بعشرة وأسمينا الفرقة (شباب الثقلين) بمساعدة الأخوة في هيئة محمد الأمين (صلى الله عليه وآله وسلم) ثم وصل العدد إلى 80 شخصا.
ومن تجاربنا في ذلك؛ أحضرنا شابا عادياً لتعليمه كيف يصبح رادوداً وفي غضون خمس سنوات أصبح ملحنا ماهرا للقصائد والمراثي الحسينية، وكنت أستعين بألحانه وكان يشير علي باستخدام هذا المقام أو هذا الطور أو هذا اللحن. وهذا أعتبره إنجازا.
هناك مجموعة من الشباب لديهم كفاءات واستعدادات بحاجة إلى توجيهها نحو رسالة عاشوراء.
ومن جمع يبلغ عدد أفراده 80 شابا تخرج 20 شابا رادوداً وملحنا يشاركون في إحياء عزاء أبي عبد الله عليه الصلاة والسلام، ولهم تجربة في شريط عاشوراء الذي حاز على إعجاب الكثير.
وقد سمع بهذا الإنجاز السيد محمد رضا الشيرازي حفظه الله ورعاه فشكرنا على هذا الإنجاز، كما أنه رأى بعض البرامج والإعداد، فالتفت إلي قائلا: هذا كبداية ونريد في الواقع ألف شخص على الأقل من أمثالكم!
كما أمرني سماحته بتأليف كتاب أجمع فيه كل القصائد والأشعار التي قرأتها على المنبر منذ البداية والتي تتحدث عن أبطال فاجعة الطف.
وإن شاء الله سوف يصدر لي كتاب من جزئين تحت عنوان (هذا ما قرأته). الأول يحتوي على الأشعار المكتوبة باللغة العربية الفصحى وعدد صفحاته ما بين 350 - 400 صفحة، والجزء الثاني شعبي فقط والحمد لله عندنا القدرة بفضل ورعاية أهل البيت صلوات الله عليهم أجمعين في تقديم المزيد.
* المنبر: هل تعتقد بأن المشاركة في إحياء الشعائر الحسينية له أثر في حل مشاكل الشباب النفسية؟ وكيف تسهم الشعائر في تربية الشباب؟
- حتما لها الأثر الكبير لأن قدوتنا الإمام الحسين عليه الصلاة والسلام، ولكل شاب قدوة من شباب الطف أمثال علي الأكبر، والقاسم عليهما السلام.
والمشاركة في إحياء هذه الشعائر تبعث الطمأنينة في نفس الشباب وتنظم مسيرة حياته إلى الطريق الأصوب. أما الشعائر الحسينية فإنها تسهم في تربية الشاب فتجعله نبيلا في مجتمعه ومع نفسه وأسرته.
* المنبر: ما هي المواقف الصعبة التي تعرضت لها في حياتك كرادود؟
- الصعوبات التي أواجهها هي الالتزام بمواعيد القراءة وفي اختيار الطور المناسب وخاصة عند صعودي المنبر أحاول جاهدا أن لا أخطئ في إلقاء القصائد، وأشد صعوبة أواجهها تكمن في قيام شخص بمقاطعتي أثناء القراءة مثلا، ومن الصعوبات اختيار القصيدة التي تناسب ذوق الجمهور، ودائما أكون حذراً في إيصال الصوت إلى مسامعهم دون ارتفاع شديد أو انخفاض شديد.
ومن الأدوار التي أجد فيها الصعوبة هو أن أقدم للشاعر مجموعة من الأبيات مع التلحين واختيار الطور المناسب، والتي على ضوئها الشاعر يخرج الأبيات المتناغمة مع ما قدمت حتى ينظم قصيدته، كما يطلب مني الشاعر طول الكلمة وقياسها وتحت أي عنوان من أبطال الطف (القاسم أو الأكبر أو...).
والحمد لله لم أجد في طريقة أسلوبي عند إلقاء القصائد مع التنوع أية مشاحنات أو مضايقات.
ومهمتي الآن التدرب على قصيدة ابن العرندس وهي شبيهة بما سبقها من قصيدتي (الجواهري - القدس)، وهدفي في ذلك أن أنمي الأسلوب عن طريق الأناشيد، وبدأت من (وافاطمتاه)، ومن ذلك اليوم وأنا أسعى بطرح الجديد وإن شاء الله جميع القصائد التي أقدمها لاحقا سوف تكون تحت مظلة أهل البيت صلوات الله عليهم أجمعين.
وعندنا فكرة جديدة في تقديم القصائد الأخلاقية المنتقاة من كتب الأخلاق التي تناسب الأطفال.
وأذكر أني قد وجدت صعوبة في قصيدة كان مستهلها (يا صاحب الرأس الذي فوق القنا مرفوع) لمدة أسبوع وأنا أصارع نفسي حتى استخرجت الطور والتلحين المناسب. ومن الصعوبات التي أواجهها في أعمالي الإنتاجية الجديدة بعض الضغوطات من الأهل والوالدين ولكن تعدينا هذه المرحلة بعد تفهم زوجتي لطبيعة عملي الذي يوجب علي في بعض الأحيان السهر إلى الفجر، وقد لاقيت منها التشجيع والمشاركة في تلحين القصائد واختيار الأطوار خاصة حين أستشيرها وأطلب رأيها.
* المنبر: موقفك كرادود تمثل مدرسة جديدة في الأداء الحسيني، ألم يجلب لك بعض المشاحنات؟
- نعم مشاحناتي مع الطرف الآخر المتمثل بأهل الغناء والفجور، وشغلي الشاغل الآن هو أن أبذل ما بوسعي للسيطرة على ساحتهم ولجذب الشباب إلى الفن الحسيني الرفيع الممزوج بالقيم والمبادئ وإبعادهم عن ما يغضب الله عز وجل.
* المنبر: موقفك من التطبير وتلك اللطمية المعروفة (حيدر، حيدر... ها لصرخة تهز الأكوان) ما هي أسبابه ودواعيه، ألم يخلق لك المشاكل مع فقه لا يزال يعتبر هذه الشعيرة المقدسة نوعا من التخلف حسب زعمها؟
- أنا أتبع مرجعي في ما يفتي، وبما يخص الشعائر الحسينية، فكل شيء فيه إعلام للإمام الحسين ورسالته الخالدة أنا أوافقه، وكل شخص ومرجعه الذي يقلده دون اعتداء، فلا أبالي لفئة تحرم التطبير.
إن الناس تنقسم في حب الإمام الحسين إلى درجات، فقسم يجلس ويسمع العزاء والخطبة فقط، والآخر يسمع ويلطم، وآخر يسمع ويلطم ويوزع الماء والشاي وينظف، وقسم يفعل كل ذلك مع التطبير. وكل حسب درجة حبه للإمام الحسين عليه الصلاة والسلام وأنا أعتقد بأي شيء فيه ذكر أو إعلان لمظلومية الإمام أقوم به من لطم أو بكاء أو لبس سواد أو تطبير أو المشي على الفحم وما أشبه.
*ما هو الشعور الذي يراودك في العشر الأوائل من محرم؟ وهل تشعر بحضور الإمام الحسين عليه الصلاة والسلام في نفسك؟
- أصعب أيام حياتي هي العشرة الأولى من محرم، وذلك من ناحية التلحين، واختيار الطور، وتقديم الأفضل والجديد، كما تأتيني دعوات من جميع البلدان المشهورة كلبنان، وإيران، والإمارات، ولندن، ودمشق وعمان وغيرها.
كما إن الناس تنتظر هذه الأيام بفارغ الصبر حتى تسمع جديد ملا باسم الكربلائي وهذا كله يشكل ضغطا نفسيا وعصبيا علي، إلى درجة أنني أحيانا أجوع ولا أتمكن من تناول الطعام.
وإنني أشعر بحضور مولاي الإمام الحسين عليه الصلاة والسلام، وأذكر في ليلة العاشر من المحرم عام 1419 هـ وبالضبط في قصيدة (زلم وخيول حاطتنه) انتابتني حالة من الانهيار عاقتني عن إكمال قراءة القصيدة، فأجلسني بعض الأخوة بجانب المنبر، وكأنني قد كشف عني الحجاب فرأيت الإمام الحسين عليه الصلاة والسلام نصب عيني وكأنه راكبا على فرسه وهو يلف عمامته فخاطبته بخطاب وهو يرد علي بالإيماء.
* المنبر: هل تعتبر أن مدرسة العزاء الكربلائي متفوقة عن نظرائها من المدارس الأخرى كالبحرينية والفارسية وغيرها؟
كما يعلم الجميع فأنا التزم بأطوار المدرسة الكربلائية، والدليل على تفوق هذه المدرسة هو أن أكثر الدول التي أحضرها وألقي القصائد فيها يقول أهلها لي: أنت مميز والدليل على ذلك مبيع الأشرطة الخاصة في محلات التسجيلات في جميع البلاد التي ذكرتها وهي أكثر مبيعا ورواجا دون غيرها مع احترامي لجميع الرواديد. وهذا من فضل ربي ومن بركات سيد الشهداء (عليه السلام).
في لبنان يشتري قاطنوها كل أشرطتي في العشرة الأولى من محرم في كل سنة وعندما سألتهم: لماذا أشرطتي دون غيري؟
أجابوا: أنت تمتلك صوتا مميزاً وأداء أفضل وفق طور خاص يختلف عنهم جميعا.
والحمد لله لقد رأى صديق لي في رؤيا صادقة مولاتي فاطمة الزهراء عليها الصلاة والسلام وبلغته رسالة لي مفادها: قل لملا باسم الكربلائي كثر، كثر.
وذات يوم جاءني هاتف من منطقة الإحساء، وإذا بأحد الأخوة يقول لي: إن أختي رأت في المنام بعد أن سألت نفسها عن أحسن القصائد، الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف، أن أفضل بيت هو من قصيدة للشاعر جابر الكاظمي وأحسن أداء كان لملا باسم الكربلائي والبيت هو: (كل قطرة دم بشرياني نهتف باسمك يا حسين) والقصيدة كلها حازت على إعجاب مولاي صاحب الزمان عليه الصلاة والسلام.
وفي إحدى الأيام احترت في اختيار أي قصيدة من ثلاث إحداها لابن العرندس وقد كانت متعلقة بالإمام المهدي عليه الصلاة والسلام، والثانية لشاعرنا الكبير الحلي والأخرى لدعبل الخزاعي، فقررت أنني إذا رأيت مناما يدلني على أحدها فسوف أتدرب عليها وألقيها، وفعلا رأيت في المنام السيد المرجع الأعلى السيد محمد مهدي الشيرازي حفظه الله ورعاه ونحن ضيوف في بيته في قم المقدسة وكأننا في مناسبة عيد، فضيفنا سماحته أنا وأهلي ووالدي على الغداء وبعدها نصحنا ثم خرجنا، وفي الأثناء استيقظت من النوم وفهمت فحوى قصة هذا المنام واخترت من القصائد الخالدات قصيدة ابن العرندس بعدما طابقتها على اسم المرجع السيد محمد مهدي الشيرازي حفظه الله ورعاه.
* المنبر: كيف يمكن استقطاب الشباب إلى المجلس الحسيني؟
- بالأفكار الحديثة والأطوار الجديدة، والأداء الجميل نستقطب الشباب فنحن نقدم كل ما يتذوق به الشباب من الألحان والأذواق كبديل عن الموسيقى والغناء.
* المنبر: ما هي أقرب لطمية أو مرثية من مراثيك على وجدانك؟
- أغلبها أحبها وقريبة من وجداني وأصرف طاقات كبيرة لكل قصيدة أو لطمية حتى أشعر عند إلقائها كمودع.
* المنبر: أي لطمية من لطمياتك حازت على النصيب الأكبر من بكائك وتأثرت بها... ولماذا؟
- التي تشتمل على الحوار بين مولاي أبي الفضل العباس عليه الصلاة والسلام ومولاتي الطاهرة زينب عليها الصلاة والسلام.
* المنبر: هل تؤيد إضفاء تعديلات على النمط السائد من المراثي واللطميات؟ فما هو معروف عنك خاصة بعد أدائك في (عينية الجواهري)، و(شريط القدس) إنك تجنح نحو مزج أطوار جديدة مع الطور الحسيني السائد، فهل لذلك فائدة ترجى؟ وما تقول لمن يرى أن ذلك لا يتناسب مع الإنشاد الديني؟
- دائما أفكر بالأفضل، لذا أضفت على الإبداع المنبري إبداعا آخر لا يخرج عن محور أهل البيت عليهم الصلاة والسلام، وذلك بانتقائي لأجود القصائد وأسميتها (سلسلة القصائد الخالدة) مبتدئا بعينية الجواهري وتلتها (دالية ورائية جابر الكاظمي) وبعدها سأقدم (رائية ابن العرندس) وتتلوها قصائد أخرى.
وأما شريط القدس فهو مجال آخر ليس له علاقة بقصائد المنبر أو (سلسلة القصائد الخالدة) واخترت هذا النوع من القصائد لاستقطاب الشباب نحو قضية فلسطين المحتلة والتي تعبر عن قضية أمة. كما أنني أسعى أن أوسع من الإطار في رثاء الإمام الحسين عليه الصلاة والسلام أسلوبا وتلحينا.
* المنبر: من تقول في من يعتبر أن الشعائر الحسينية ومنها اللطميات صورة من صور التخلف والرجعية؟
- لا تهمنا أقوالهم ونحن ماضون على نهج أئمتنا الأطهار عليهم الصلاة والسلام وبإقامتنا لهذه الشعائر نحاول تجسيد قول الإمام الصادق عليه الصلاة والسلام (شيعتنا خلقوا من فاضل طينتنا يفرحون لفرحنا ويحزنون لحزننا).
وأقول إن كان التقدم بترك الشعائر الحسينية فأنا لا أقبل هذا التقدم، وأنا لم أرى أي تخلف أو رجعية أو استهزاء من الغرب، فإذا استجبت لاستهزاء الغرب فإن أول ما ينبغي أن أتركه هو قضية الإمام الحسين وأهل بيته الطاهرين عليهم الصلاة والسلام، معاذ الله.
* المنبر: بصراحة.. هل هناك من يحاربك؟!
- كل مخلوق له أضداد والناس أعداء النجاح.
* المنبر: ماذا تقول للذين لجأوا إلى استخدام أصواتهم في الغناء والمنكر؟
- أنصحهم أن يجربوها في رثاء الإمام الحسين والأناشيد الإسلامية وتلاوة القرآن ثم يروا ثمرة هذا العمل، وإن أصروا في استخدام أصواتهم في الغناء والمنكر فلهم سوء العاقبة في الآخرة والخزي في الدنيا.
* المنبر: كيف يمكن تعميم فن الرثاء ليتذوقه العالم أجمع؟
- نحن نسعى إلى ذلك ولكن بحاجة إلى تمويل مادي حتى نشترك في التلفزيون والراديو والفضائيات، وأذكر أن إذاعة طهران أذاعت لي بعض اللطميات، كما أن قناة المنار سوف تنقل اللطميات التي ألقيتها في 11، 12، 13 محرم في لبنان لهذه السنة 1422 هـ.
* المنبر: من قدوتك في هذه الحياة؟
- الإمام الحسين روحي فداه.
* المنبر: أنت متهم بأنك تعمل إلى جلب ألحال الأغاني واستخدامها في أطوراك.. ما قولك؟!
- معاذ الله. الأطوار التي أستخدمها كلها تقع تحت عالم مقامات وأوزان فالمقامات تصدق على كل صوت، سواء على الأغاني أو اللطميات أو تلاوة القرآن.
ولربما أختار مقاماً للطمية أو رثاء وقد اختاره الملحن أو المطرب بالمقام نفسه وهذا ليس معناه أنني أخذت من الملحن أو قلدت المطرب. أما الأوزان التي يستخدمها الشاعر في ترتيب الأحرف واختيارها فهي من الشاعر.
وبالرغم من تنقلي الدائم بين الدول وقراءتي بين شتى المجالات لم يسبق أن اتُهمت بهذا الاتهام من قبل، ولم أسمعه إلا منك.
* المنبر: أنت متهم ببيع بعض الأفلام التي تحتوي على موسيقى تصويرية في تسجيلات الثقلين التي تملكها، رغم علمك بأن المرجعية العليا أفتت بعدم جواز ذلك.. ما قولك؟
- لم أكن أدري بأنها تشتمل على ما هو غير جائز، والحمد لله لم يدخل في جيبي شيء من إنتاج هذه الأفلام أو تسويقها.
* المنبر: أنت متهم بالتعرض لبعض مراجع الدين في بعض لطمياتك.. ما قولك؟
- هذا الاتهام غير صحيح. وأتحدى أن يأتي أحدهم لي بدليل واحد.
* المنبر: كيف تفسر أسباب حظر بيع أشرطتك في بعض التسجيلات الإسلامية التابعة لتيار سياسي انطوائي؟
- أنا لا أهتم لذلك لأنني في غنى عنهم ولله الحمد.
والحمد لله دعيت من خلال هيئة محمد الأمين (صلى الله عليه وآله وسلم) لتشكيل وفد إلى لبنان استجابة لدعوة السيد حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله وذلك لإلقاء اللطميات في أيام 11، 12، 13 من محرم وقد حضر في الليلة الأولى 25 ألف نسمة وفي الليلة الثانية 35 ألف نسمة وكذلك في الليلة الثالثة وقد قوبلت بالحفاوة والترحاب واللقاء الساخن وإن البنانيين في الجنوب جميعهم يشترون أشرطي في العشرة الأولى من محرم وأغلبهم يحفظون قصائدي، وأشرطتي أكثر مبيعا ورواجا في تسجيلاتهم ومحلاتهم وهذا دليل على أن هذا التيار السياسي لا يقاطع إنتاجاتي، ولكن بعضهم هنا يعاني من عقد معينة.
*المنبر: ما هي رسالتك في الحياة؟
- الدفاع عن المظلومين وبالدرجة الأولى مظلومية 14 معصوما صلوات الله عليهم أجمعين.
* المنبر: برأيك.. كيف يمكن للشباب أن يتخلصوا من إغراءات هذه الدنيا ويعزفوا عنها؟
- يتخلصون منها بحضورهم الدائم إلى مجالس الحسين صلوات الله وسلامه عليه ومعايشة أجوائها بمشاعرهم وحواسهم وقلوبهم والسير على خطاهم. وأخيراً أرجو من السميع العليم التوفيق للجميع لخدمة الإمام الحسين والناس كافة.
* المنبر: ما هي كلمتك، التي توجهها إلى عموم الشباب؟
- أن يخدموا أهل البيت عليهم الصلاة والسلام في تجارة لن تبور