فاتن
09-16-2011, 10:49 AM
القبس في قصر البحيرة بالبصرة
http://www.alqabas.com.kw/Temp/Pictures/2011/09/16/ba3877a6-5f9c-47a3-85f2-5aa278d1197d.jpg
البوابة الرئيسية لأكبر قصر رئاسي في جنوب العراق
البصرة - طالب عبدالعزيز
في غفلة من زمانهم، صحا فلاحو قرية «فريج الصخر» مطلع الثمانينات من القرن الماضي، القرية الصغيرة التي لا يتجاوز عدد سكانها 500 شخص، والتي تغفو على خاصرة شط العرب الغربية منذ مئات السنين، ويمسك طريق أبي الخصيب خاصرتها الجنوبية على زمجرة مدرعات جند القائد، مع حشد من مهندسين وسائقي شفلات وقاشطات، وما أن انتصف النهار حتى أتت القوة العسكرية ــ الهندسية هذه على نخيل وأنهار وبساتين وبيوت القرية باجمعها.
لقد اتصل الشط بشارع أبي الخصيب العام، وصارت لبيوت وأسر مثل بيت الأغوات وبيت حجي منصور، بيت إبراهيم الرمان، بيت سلمان السويف، بيت أبو طريفة، بيت الشيتي، بيت فاضل مبارك، بيت ملا عبود، بيوت وبيوت وبساتين لا حصر لأهلها، ونخيل لا عدَّ لأنواعها.. صارت خبرا في فم الزمان، وبذلك انتهى حلم الناس الأخضر الطري ليحل محله التهجير والمحو والإلغاء، لا لشيء، ولكن لكي يبني الرئيس قصراً وثانياً وثالثاً ورابعاً يسكن فيه أبطال «ميثاق العمل الوطني» آنذاك ــــ الملك الحسين بن طلال، حسني مبارك، علي عبدالله صالح.
ثقوب وهمية
وبعد ثلاث سنوات لم يملك أهل القرية سوى النظر لبيوتهم ومساكنهم التي مسحت من ثقوب وهمية يحدثونها في أسوار القصور الثلاثة، فقد أحيطت القصور (الفريج) بثلاثة أسوار من الإسمنت الأسود، ثم زوّدت بدعامات ضخمة، توزعت عليها مراصد عالية ومزاغل للرمي، تشرف على القرى البعيدة، أو تطل على السورين الداخليين وبقية مرافق القصور، حتى لتبدو من الخارج وكأنها أعمدة وصروح وأبنية روما القديمة.
قصر السباع والورود
وضمن ما أجهزت عليه القصور، وأحد أجمل قصور البصرة القديمة التي بنيت نهاية القرن الثامن عشر، وهو القصر المسمى إلى اليوم بقصر «آغا جعفر»، وثمة من يسميه «قصر الورود» أو «قصر السباع»، الذي بناه المرحوم عبد الوهاب القرطاس لقرينته من ارثها الآيل لها من والدها المرحوم قاسم باشا الزهير، بناه على ضفة شط العرب عند مدخل نهر السراجي، ويُعدّ في ذلك الزمان واحدا من أجمل قصور الشرق، حيث جرت فيه وقائع كثيرة وزاره العديد من الوزراء والسفراء وكبار رجالات ذلك الزمان.
لكن سكان قرية الفريج علموا في ما بعد بأن صدام حسين لم يهدم «قصر آغا جعفر»، بل بنى حوله ثلاثة قصور أخرى، بينها قصر البحيرة، الذي اتخذت منه القوات البريطانية مقرا لها، ثم حولته إلى قنصلية لها بعد خروجها من منطقة القصور إلى المطار في صيف 2007.
سجادة وعربة وحصان
لم يتمكن أحد (باستثناء العاملين فيه) من سكان البصرة دخول القصور إلا في عام 1991، أي بعد سقوط الحكومة المحلية بيد المنتفضين، حيث تدفق الآلاف داخله وسرقوا محتوياته كلها، بل أن أحدهم وفي انتقام واضح، جرجر سجادة ثمينة جدا من داخل أحد القصور ثم باعها واشترى بثمنها حصانا وعربة راح ينقل بها ما استطاعت أن تنوشه يده من الغرفات المفتحة والمباحة آنذاك.
سيطرة الجيش البريطاني
وحين أعيد تأثيث القصور ثانية بعد سيطرة الجيش على مقاليد المدينة واقتياد المتظاهرين للسجون، أغلقت القصور التي لم يزرها صدام حسين ثانية، وباقتحام الجيش البريطاني البصرة في ربيع 2003 دخل الناس القصور مرة ثانية وأخذوا منها كل شيء أعيد لها وأثث بها، عدا الغرف التي سيطر عليها الجيش البريطاني، والتي اتخذ منها مراكز دفاعية قبل سيطرته الكاملة على المدينة.
«ماكدونالد» والـ«بي بي»
وبعد أن أمرت الحكومة المحلية بفتحها للزائرين، لم تسمح القوات الأمنية الحارسة للمنطقة بزيارة أكثر الأماكن، فقد منعت التصوير بالقرب من ثكناتها، فيما يأمل كثيرون بتفعيل قضية المتحف الذي وضع الحجر الأساس له بحضور القنصل البريطاني وممثلين عن شركتي «ماكدونالد»، التي أجرت مسحا فنيا لقصر البحيرة، وشركة «بي بي» التي أبدت دعمها للمشروع. في ما سبق أن أكدت رئيس لجنة السياحة والآثار في مجلس المحافظة أزهار البجاري، دعم المتحف البريطاني للمشروع من خلال منحة مالية كبيرة.
القصر المغلق والمفتوح
القصر الجميل، والقصور المحيطة به، التي أنفقت على بنائها الملايين من الدولارات آنذاك، فتحتها للزائرين حكومة البصرة المحلية، من ضمنها قصر البحيرة، الذي بناه صدام حسين بالقرب من قصر «آغا جعفر»، سليل أحد باشوات المدينة، على نهر السراجي، القصر الذي ظل مغلقا لسنين طوال بوجه أهل البصرة لا لشيء إلا لأنه «قصر الريّس»، المكان الذي نسجت حوله الحكايات والقصص، فتحه الجيش البريطاني للناس قبل أن يتحول إلى قنصلية بريطانية وأميركية، وحتى بعد أن قررت حكومة المدينة تحويله متحفا بمساعدة البريطانيين.
«الثكنة» التي شرعت أبوابها
وكما هو معروف لسكان المدينة، فإنه وفي الثالث من سبتمبر 2007، سُلمت القصور الرئاسية إلى العهدة العراقية، لكن رغم الوعود والمشروعات والأفكار، التي طرحتها الحكومات المتعاقبة لم يُحرَّك في ملفها ساكنا، لتظل «ثكنة» متوارثة، حتى ساعة أن شُرع.ت أبوابها للناس، فكأن الأمر لا يعدو أكثر من «نزهة» يقوم بها سكان محليون في موقع عسكري محصن.
أحلام المسؤولين وحقائق المكان
ومما يتأسف له الجميع، ممن يدخلون القصور الرئاسية اليوم، حجم الإهمال الذي يتعرض له واحد من أشهر المباني في المدينة، ليت الحكومة تعاقدت مع الشركة الكندية التي قالت انها ستحولها إلى منتجع سياحي أو وعود المتحف البريطاني كما ذكرت زهرة البجاري عضو مجلس المحافظة، رئيس لجنة السياحة والآثار، بتحويله إلى متحف.
الحلفاء والأعشاب تغطي ممرات ومماشي الطرق داخله، وتعفن ماء البحيرات، وماتت الأسماك فيها، وليس فيها سوى الضفادع والسلاحف الصغيرة وقناني الماء البلاستيكية الفارغة.
يقول قائد شرطة البصرة العميد فيصل العبادي ان القصور هذه، التي تقع على ضفاف شط العرب، بنيت على مساحة بطول 2 كلم + 4 كلم، وهي عبارة عن سلسلة من القصور الواسعة عددها 5 بنيت في الفترة بين عامي 1988 و1993.
أوقات الزيارة
وبحسب أمر الحكومة، فقد فتحت القصور الرئاسية، لمدة ساعتين فقط يومي الخميس والجمعة من كل أسبوع.
لكن ما أن تخطت السابعة، حتى حل الظلام، ولم يبق معنى للمكان ولا للتواجد فيه، فالموقع غرق في ظلام دامس، عدا القواطع الأمنية، وجنود الحمايات القابعين وراء الجدران الكونكريتية. ليس هناك من أحد، لقد فر السياح إلى سياراتهم وغادروا.
في التقاطعات الكثيرة داخل القصور لا أماكن للجلوس، ولا حدائق معشبة، الأسلاك الشائكة تحاصر المكان من الشط إلى الشط حتى البحيرات التي تحاصرها الظلمة والأعشاب والحلفاء. لا مشاريع استثمارية، القصور لا منتجع ولا هم يحزنون، وما أعلن عنه على لسان المسؤولين لا وجود له، هكذا يقول موسى عبود ــ من أهالي قرية البراضعية ــ الذي يزور القصر لأول مرة منذ سقوط النظام.
الأمن داخل القصور
قال العميد فيصل العبادي، الذي كان يتجول صحبة قوة أمنية كبيرة: إن «القوة الأمنية المتواجدة في القصور الرئاسية ليست لتأمينها فحسب، بل وجدت لخدمة المواطن، نحن أمام منطقة زراعية تحد موقع القصور من الجنوب، ومنفذ مائي يمتد على طول الموقع، فلا بد من وجود قوة لتأمين هذه المنطقة التي نتواجد وتتواجدون داخلها».
لكن ماذا يعني أن تفتح مكانا تاريخيا لا حياة فيه، فلا أكشاك للطعام والشراب ولا أماكن للاستراحة، لا أزهار ولا ورود.
وتستثمر القبس فرصة اللقاء بقائد الشرطة لتسأله عن مدى جاهزية قيادة الشرطة لسد الفراغ بعد الانسحاب الأميركي، فيشدد على أن «الأمن المتحقق الآن لم يكن بجهود القوات الأميركية أو الدول الأخرى، هناك فرص قد يحتاجها البلد، وهذه تترك للسياسيين».
وعود وتصريحات
تصريحات كثيرة أطلقها مسؤولون بصريون قبل سنة من فتح القصور للزائرين: فقد أعلنت شركة كندية أنها ستقوم بإعادة أعمار قصر البحيرة لمصلحة الحكومة المحلية في البصرة لاستعماله كمتحف، إضافة إلى أنها ستحوّل الأرض المحيطة به إلى منتجع سياحي. وقتذاك تعهد القنصل البريطاني العام في البصرة ورئيس المتحف البريطاني لشؤون الشرق الأوسط، والذي يملك عددا كبيرا من الآثار العربية والإسلامية، بعرض عدد من القطع الأثرية العراقية في القصر عند الانتهاء من اعمال الأعمار.
تقول زهرة البجاري، رئيسة لجنة السياحة والآثار في مجلس المحافظة: من المهم جدا أن نولي المشاريع السياحية الدعم الذي تحتاجه لأن البصرة مقبلة على فعاليات كبيرة، إضافة إلى أنها الآن تشهد افتتاح مشاريع سياحية للقطاع الخاص، كمدن الألعاب والأسواق التجارية الكبيرة.
وعن المتحف ذاته، قال حيدر علي فاضل، رئيس هيئة استثمار البصرة: إنّ الهيئة ستقوم بطرح عدد من المشاريع الجديدة للاستثمار في المحافظة، منها إقامة فنادق خمس نجوم ومولات تجارية ضخمة ومسارح مكشوفة وقاعات سينما ومتنزه وشقق سكنية وقاعات للبولينغ ومطاعم ومكاتب إدارية.
صدام ما زال حاضراً
صدام ما زال باقياً، عبر التماثيل والجداريات والنصب، والتذكارات العسكرية التي تخلد وقائعه ايام الحرب مع إيران، فيقرأ الزائرون على البوابة الرئيسية، أسماء المعارك والحملات العسكرية، «توكلنا على الله»، «رمضان مبارك»، «قادسية صدام»، ويتلمسون سواعد وأذرع الجنود على الحيطان... الخ.
http://www.alqabas.com.kw/Temp/Pictures/2011/09/16/e4ad0013-2888-4fe5-b888-572254451f72_maincategory.jpg
احد البساتين المطلة على القصر
http://www.alqabas.com.kw/Temp/Pictures/2011/09/16/c4ab8843-c036-483c-9a0c-1150e5e54ade_maincategory.jpg
في السابق كان ممنوعاً على هؤلاء الصيادين الاقتراب الى القصر
http://www.alqabas.com.kw/Temp/Pictures/2011/09/16/2be57f07-7150-469c-8e0e-2b1a5ccf3ab5_maincategory.jpg
عائلة تتجول في القصر
http://www.alqabas.com.kw/Temp/Pictures/2011/09/16/ba3877a6-5f9c-47a3-85f2-5aa278d1197d.jpg
البوابة الرئيسية لأكبر قصر رئاسي في جنوب العراق
البصرة - طالب عبدالعزيز
في غفلة من زمانهم، صحا فلاحو قرية «فريج الصخر» مطلع الثمانينات من القرن الماضي، القرية الصغيرة التي لا يتجاوز عدد سكانها 500 شخص، والتي تغفو على خاصرة شط العرب الغربية منذ مئات السنين، ويمسك طريق أبي الخصيب خاصرتها الجنوبية على زمجرة مدرعات جند القائد، مع حشد من مهندسين وسائقي شفلات وقاشطات، وما أن انتصف النهار حتى أتت القوة العسكرية ــ الهندسية هذه على نخيل وأنهار وبساتين وبيوت القرية باجمعها.
لقد اتصل الشط بشارع أبي الخصيب العام، وصارت لبيوت وأسر مثل بيت الأغوات وبيت حجي منصور، بيت إبراهيم الرمان، بيت سلمان السويف، بيت أبو طريفة، بيت الشيتي، بيت فاضل مبارك، بيت ملا عبود، بيوت وبيوت وبساتين لا حصر لأهلها، ونخيل لا عدَّ لأنواعها.. صارت خبرا في فم الزمان، وبذلك انتهى حلم الناس الأخضر الطري ليحل محله التهجير والمحو والإلغاء، لا لشيء، ولكن لكي يبني الرئيس قصراً وثانياً وثالثاً ورابعاً يسكن فيه أبطال «ميثاق العمل الوطني» آنذاك ــــ الملك الحسين بن طلال، حسني مبارك، علي عبدالله صالح.
ثقوب وهمية
وبعد ثلاث سنوات لم يملك أهل القرية سوى النظر لبيوتهم ومساكنهم التي مسحت من ثقوب وهمية يحدثونها في أسوار القصور الثلاثة، فقد أحيطت القصور (الفريج) بثلاثة أسوار من الإسمنت الأسود، ثم زوّدت بدعامات ضخمة، توزعت عليها مراصد عالية ومزاغل للرمي، تشرف على القرى البعيدة، أو تطل على السورين الداخليين وبقية مرافق القصور، حتى لتبدو من الخارج وكأنها أعمدة وصروح وأبنية روما القديمة.
قصر السباع والورود
وضمن ما أجهزت عليه القصور، وأحد أجمل قصور البصرة القديمة التي بنيت نهاية القرن الثامن عشر، وهو القصر المسمى إلى اليوم بقصر «آغا جعفر»، وثمة من يسميه «قصر الورود» أو «قصر السباع»، الذي بناه المرحوم عبد الوهاب القرطاس لقرينته من ارثها الآيل لها من والدها المرحوم قاسم باشا الزهير، بناه على ضفة شط العرب عند مدخل نهر السراجي، ويُعدّ في ذلك الزمان واحدا من أجمل قصور الشرق، حيث جرت فيه وقائع كثيرة وزاره العديد من الوزراء والسفراء وكبار رجالات ذلك الزمان.
لكن سكان قرية الفريج علموا في ما بعد بأن صدام حسين لم يهدم «قصر آغا جعفر»، بل بنى حوله ثلاثة قصور أخرى، بينها قصر البحيرة، الذي اتخذت منه القوات البريطانية مقرا لها، ثم حولته إلى قنصلية لها بعد خروجها من منطقة القصور إلى المطار في صيف 2007.
سجادة وعربة وحصان
لم يتمكن أحد (باستثناء العاملين فيه) من سكان البصرة دخول القصور إلا في عام 1991، أي بعد سقوط الحكومة المحلية بيد المنتفضين، حيث تدفق الآلاف داخله وسرقوا محتوياته كلها، بل أن أحدهم وفي انتقام واضح، جرجر سجادة ثمينة جدا من داخل أحد القصور ثم باعها واشترى بثمنها حصانا وعربة راح ينقل بها ما استطاعت أن تنوشه يده من الغرفات المفتحة والمباحة آنذاك.
سيطرة الجيش البريطاني
وحين أعيد تأثيث القصور ثانية بعد سيطرة الجيش على مقاليد المدينة واقتياد المتظاهرين للسجون، أغلقت القصور التي لم يزرها صدام حسين ثانية، وباقتحام الجيش البريطاني البصرة في ربيع 2003 دخل الناس القصور مرة ثانية وأخذوا منها كل شيء أعيد لها وأثث بها، عدا الغرف التي سيطر عليها الجيش البريطاني، والتي اتخذ منها مراكز دفاعية قبل سيطرته الكاملة على المدينة.
«ماكدونالد» والـ«بي بي»
وبعد أن أمرت الحكومة المحلية بفتحها للزائرين، لم تسمح القوات الأمنية الحارسة للمنطقة بزيارة أكثر الأماكن، فقد منعت التصوير بالقرب من ثكناتها، فيما يأمل كثيرون بتفعيل قضية المتحف الذي وضع الحجر الأساس له بحضور القنصل البريطاني وممثلين عن شركتي «ماكدونالد»، التي أجرت مسحا فنيا لقصر البحيرة، وشركة «بي بي» التي أبدت دعمها للمشروع. في ما سبق أن أكدت رئيس لجنة السياحة والآثار في مجلس المحافظة أزهار البجاري، دعم المتحف البريطاني للمشروع من خلال منحة مالية كبيرة.
القصر المغلق والمفتوح
القصر الجميل، والقصور المحيطة به، التي أنفقت على بنائها الملايين من الدولارات آنذاك، فتحتها للزائرين حكومة البصرة المحلية، من ضمنها قصر البحيرة، الذي بناه صدام حسين بالقرب من قصر «آغا جعفر»، سليل أحد باشوات المدينة، على نهر السراجي، القصر الذي ظل مغلقا لسنين طوال بوجه أهل البصرة لا لشيء إلا لأنه «قصر الريّس»، المكان الذي نسجت حوله الحكايات والقصص، فتحه الجيش البريطاني للناس قبل أن يتحول إلى قنصلية بريطانية وأميركية، وحتى بعد أن قررت حكومة المدينة تحويله متحفا بمساعدة البريطانيين.
«الثكنة» التي شرعت أبوابها
وكما هو معروف لسكان المدينة، فإنه وفي الثالث من سبتمبر 2007، سُلمت القصور الرئاسية إلى العهدة العراقية، لكن رغم الوعود والمشروعات والأفكار، التي طرحتها الحكومات المتعاقبة لم يُحرَّك في ملفها ساكنا، لتظل «ثكنة» متوارثة، حتى ساعة أن شُرع.ت أبوابها للناس، فكأن الأمر لا يعدو أكثر من «نزهة» يقوم بها سكان محليون في موقع عسكري محصن.
أحلام المسؤولين وحقائق المكان
ومما يتأسف له الجميع، ممن يدخلون القصور الرئاسية اليوم، حجم الإهمال الذي يتعرض له واحد من أشهر المباني في المدينة، ليت الحكومة تعاقدت مع الشركة الكندية التي قالت انها ستحولها إلى منتجع سياحي أو وعود المتحف البريطاني كما ذكرت زهرة البجاري عضو مجلس المحافظة، رئيس لجنة السياحة والآثار، بتحويله إلى متحف.
الحلفاء والأعشاب تغطي ممرات ومماشي الطرق داخله، وتعفن ماء البحيرات، وماتت الأسماك فيها، وليس فيها سوى الضفادع والسلاحف الصغيرة وقناني الماء البلاستيكية الفارغة.
يقول قائد شرطة البصرة العميد فيصل العبادي ان القصور هذه، التي تقع على ضفاف شط العرب، بنيت على مساحة بطول 2 كلم + 4 كلم، وهي عبارة عن سلسلة من القصور الواسعة عددها 5 بنيت في الفترة بين عامي 1988 و1993.
أوقات الزيارة
وبحسب أمر الحكومة، فقد فتحت القصور الرئاسية، لمدة ساعتين فقط يومي الخميس والجمعة من كل أسبوع.
لكن ما أن تخطت السابعة، حتى حل الظلام، ولم يبق معنى للمكان ولا للتواجد فيه، فالموقع غرق في ظلام دامس، عدا القواطع الأمنية، وجنود الحمايات القابعين وراء الجدران الكونكريتية. ليس هناك من أحد، لقد فر السياح إلى سياراتهم وغادروا.
في التقاطعات الكثيرة داخل القصور لا أماكن للجلوس، ولا حدائق معشبة، الأسلاك الشائكة تحاصر المكان من الشط إلى الشط حتى البحيرات التي تحاصرها الظلمة والأعشاب والحلفاء. لا مشاريع استثمارية، القصور لا منتجع ولا هم يحزنون، وما أعلن عنه على لسان المسؤولين لا وجود له، هكذا يقول موسى عبود ــ من أهالي قرية البراضعية ــ الذي يزور القصر لأول مرة منذ سقوط النظام.
الأمن داخل القصور
قال العميد فيصل العبادي، الذي كان يتجول صحبة قوة أمنية كبيرة: إن «القوة الأمنية المتواجدة في القصور الرئاسية ليست لتأمينها فحسب، بل وجدت لخدمة المواطن، نحن أمام منطقة زراعية تحد موقع القصور من الجنوب، ومنفذ مائي يمتد على طول الموقع، فلا بد من وجود قوة لتأمين هذه المنطقة التي نتواجد وتتواجدون داخلها».
لكن ماذا يعني أن تفتح مكانا تاريخيا لا حياة فيه، فلا أكشاك للطعام والشراب ولا أماكن للاستراحة، لا أزهار ولا ورود.
وتستثمر القبس فرصة اللقاء بقائد الشرطة لتسأله عن مدى جاهزية قيادة الشرطة لسد الفراغ بعد الانسحاب الأميركي، فيشدد على أن «الأمن المتحقق الآن لم يكن بجهود القوات الأميركية أو الدول الأخرى، هناك فرص قد يحتاجها البلد، وهذه تترك للسياسيين».
وعود وتصريحات
تصريحات كثيرة أطلقها مسؤولون بصريون قبل سنة من فتح القصور للزائرين: فقد أعلنت شركة كندية أنها ستقوم بإعادة أعمار قصر البحيرة لمصلحة الحكومة المحلية في البصرة لاستعماله كمتحف، إضافة إلى أنها ستحوّل الأرض المحيطة به إلى منتجع سياحي. وقتذاك تعهد القنصل البريطاني العام في البصرة ورئيس المتحف البريطاني لشؤون الشرق الأوسط، والذي يملك عددا كبيرا من الآثار العربية والإسلامية، بعرض عدد من القطع الأثرية العراقية في القصر عند الانتهاء من اعمال الأعمار.
تقول زهرة البجاري، رئيسة لجنة السياحة والآثار في مجلس المحافظة: من المهم جدا أن نولي المشاريع السياحية الدعم الذي تحتاجه لأن البصرة مقبلة على فعاليات كبيرة، إضافة إلى أنها الآن تشهد افتتاح مشاريع سياحية للقطاع الخاص، كمدن الألعاب والأسواق التجارية الكبيرة.
وعن المتحف ذاته، قال حيدر علي فاضل، رئيس هيئة استثمار البصرة: إنّ الهيئة ستقوم بطرح عدد من المشاريع الجديدة للاستثمار في المحافظة، منها إقامة فنادق خمس نجوم ومولات تجارية ضخمة ومسارح مكشوفة وقاعات سينما ومتنزه وشقق سكنية وقاعات للبولينغ ومطاعم ومكاتب إدارية.
صدام ما زال حاضراً
صدام ما زال باقياً، عبر التماثيل والجداريات والنصب، والتذكارات العسكرية التي تخلد وقائعه ايام الحرب مع إيران، فيقرأ الزائرون على البوابة الرئيسية، أسماء المعارك والحملات العسكرية، «توكلنا على الله»، «رمضان مبارك»، «قادسية صدام»، ويتلمسون سواعد وأذرع الجنود على الحيطان... الخ.
http://www.alqabas.com.kw/Temp/Pictures/2011/09/16/e4ad0013-2888-4fe5-b888-572254451f72_maincategory.jpg
احد البساتين المطلة على القصر
http://www.alqabas.com.kw/Temp/Pictures/2011/09/16/c4ab8843-c036-483c-9a0c-1150e5e54ade_maincategory.jpg
في السابق كان ممنوعاً على هؤلاء الصيادين الاقتراب الى القصر
http://www.alqabas.com.kw/Temp/Pictures/2011/09/16/2be57f07-7150-469c-8e0e-2b1a5ccf3ab5_maincategory.jpg
عائلة تتجول في القصر