د. حامد العطية
08-25-2011, 03:59 AM
السلفيون الوهابيون يقتلون أطفال الصومال جوعاً
د. حامد العطية
قبل سنوات سجل أحد المصورين مشهداً مفجعاً في القرن الأفريقي، صورة لطفل ذوى جسمه، حتى ترى هيكله العظمي تحت جلده، يزحف باتجاه مخيم للاجئين، املاً بلقمة تنقذه من الهلاك، لم يسعف المصور الطفل الجائع، ويقال إنه انتحر بعد ذلك بزمن قصير.
عادت المجاعة إلى القرن الأفريقي، وكل يوم تطالعنا صور لأطفال يتضورون جوعاً، والعالم مثل ذلك المصور لا يفعل الكثير من أجل وقف الكارثة، التي تحصد يومياً أرواح العشرات وربما المئات من الأطفال.
اثناء زيارة رئيس الوزراء التركي للصومال صرح بأن المجاعة امتحان كوني، وقد اصاب واخطأ في ذلك.
هو مصيب لأن العالم كله يتحمل مسئولية إنسانية واخلاقية لإنقاذ سكان القرن الأفريقي من المجاعة، والمسئولية مضاعفة على الدول الغنية، وبالأخص الدول الغربية التي نهبت وما تزال ثروات أفريقيا، وعبثت بنظمها السياسية، وزرعت الفرقة بين شعوبها وقبائلها، وأججت الخلافات بين فئاتها الدينية والطائفية، وأي عون تقدمه الدول الغربية لشعوب القرن الأفريقي ليس إلا نقطة من بحر ما نهبته من أفريقيا على مدى قرون وتعويض متأخر وقليل غير مجز عن استعبادها الملايين من سكان هذه القارة المنكوبة.
لم يقل التركي أردوغان الحقيقة كلها عندما أهمل دور السلفية الوهابية في التسبب بهذه المجاعة، والمجاعة في الصومال اليوم نتاج سني سلفي وهابي، ولو تتبعنا نشوء الحركات السلفية التكفيرية في الصومال منذ سبعينات القرن الماضي لقادتنا إلى مسقط رأس الوهابية أي السعودية، وبالتحديد التنظيمات السعودية الهادفة إلى نشر العقائد الوهابية، وأهمها رابطة العالم الإسلامي ودار الإفتاء، اللتان تولتا انشاء المعاهد الوهابية وارسال الدعاة والمبشرين بمذهب محمد بن عبد الوهاب، ومنها معهد التضامن الإسلامي في مقاديشو.
كان لزاماً على أردوغان وهو المتصدي لزعامة المسلمين، من دون جدارة، وبدعم أمريكي وأوروبي، أن ينصح الحركات السلفية في الصومال، وأولها حركة الشباب السلفية التكفيرية، بالكف عن الصراع والتناحر، الذي راح ضحيته عشرات الألاف، واحرقت نيرانه أخضر ويابس هذا البلد الفقير، وهدمت نتيجته العديد من المساجد والمزارات الدينية للمسلمين الصوماليين، وبالاخص أتباع الطرق الصوفية، ولم يسلم منه حتى السلفيين أنفسهم، الذين تقاتلوا حول توزيع مناطق السيطرة والنفوذ والأتباع، وما زال الصراع مستعراً بينهم، وجدير بالذكر أن حركة الشباب مرتبطة بتنظيم القاعدة الإرهابي، إن لم يكن هيكلياً ففي الفكر والعاطفة.
الحقيقة التي لا نقرأها ولا نسمعها في تصريحات أردوغان وغيره من رؤساء وساسة الدول الإسلامية هي أن السلفيين الصوماليين، وبالذات حركة الشباب، لم يكتفوا بالمشاركة في التسبب بالمجاعة، والاكتفاء بالتفرج عليها، بل منعوا وصول المساعدات إلى ضحاياها.
ليس من قبيل الصدفة أن تساء معاملة الصوماليين في موطن الوهابية السلفية، لأن الوهابيين يقولون ما لا يفعلون، ويدعون إلى الإسلام ولا يلتزمون بقيمه وأخلاقه، ففي السعودية يضام الصوماليون، ويتعرضون لسوء المعاملة، وبالأخص النسوة اللواتي اضطرهن شظف العيش للعمل في خدمة المنازل، وقبل أشهر لم تصغي حكومة السعودية لاحتجاجات الهيئات الدولية ومنها منظمة العفو الدولية فأقدمت على ترحيل المئات منهم بصورة جماعية إلى الصومال خلافاً للمواثيق الدولية التي تحظر إعادة اللاجئين قسراً إلى بلادهم المضطربة أمنياً.
إن كل بلد انتشرت فيه دعوة السلفية الوهابية حل به الخراب والدمار، والأدلة على ذلك كثيرة، في أفغانستان والباكستان والعراق وسورية، وفي الصومال بالطبع، ومعظم الدول الإسلامية والعربية بالذات مرشحة لكي تضاف لهذه القائمة.
في ضوء كل هذه الحقائق نسأل السلفيين لم تقتلون أطفال الصومال؟ وهل المصور الغربي الذي انتحر لأنه لم يسعف طفلاً جائعاً أكثر إنسانية منكم؟ نحن لا نتمنى لكم الانتحار وإنما العودة للإسلام الحق، دين العدل والرحمة والمساواة.
24 آب 2011م
د. حامد العطية
قبل سنوات سجل أحد المصورين مشهداً مفجعاً في القرن الأفريقي، صورة لطفل ذوى جسمه، حتى ترى هيكله العظمي تحت جلده، يزحف باتجاه مخيم للاجئين، املاً بلقمة تنقذه من الهلاك، لم يسعف المصور الطفل الجائع، ويقال إنه انتحر بعد ذلك بزمن قصير.
عادت المجاعة إلى القرن الأفريقي، وكل يوم تطالعنا صور لأطفال يتضورون جوعاً، والعالم مثل ذلك المصور لا يفعل الكثير من أجل وقف الكارثة، التي تحصد يومياً أرواح العشرات وربما المئات من الأطفال.
اثناء زيارة رئيس الوزراء التركي للصومال صرح بأن المجاعة امتحان كوني، وقد اصاب واخطأ في ذلك.
هو مصيب لأن العالم كله يتحمل مسئولية إنسانية واخلاقية لإنقاذ سكان القرن الأفريقي من المجاعة، والمسئولية مضاعفة على الدول الغنية، وبالأخص الدول الغربية التي نهبت وما تزال ثروات أفريقيا، وعبثت بنظمها السياسية، وزرعت الفرقة بين شعوبها وقبائلها، وأججت الخلافات بين فئاتها الدينية والطائفية، وأي عون تقدمه الدول الغربية لشعوب القرن الأفريقي ليس إلا نقطة من بحر ما نهبته من أفريقيا على مدى قرون وتعويض متأخر وقليل غير مجز عن استعبادها الملايين من سكان هذه القارة المنكوبة.
لم يقل التركي أردوغان الحقيقة كلها عندما أهمل دور السلفية الوهابية في التسبب بهذه المجاعة، والمجاعة في الصومال اليوم نتاج سني سلفي وهابي، ولو تتبعنا نشوء الحركات السلفية التكفيرية في الصومال منذ سبعينات القرن الماضي لقادتنا إلى مسقط رأس الوهابية أي السعودية، وبالتحديد التنظيمات السعودية الهادفة إلى نشر العقائد الوهابية، وأهمها رابطة العالم الإسلامي ودار الإفتاء، اللتان تولتا انشاء المعاهد الوهابية وارسال الدعاة والمبشرين بمذهب محمد بن عبد الوهاب، ومنها معهد التضامن الإسلامي في مقاديشو.
كان لزاماً على أردوغان وهو المتصدي لزعامة المسلمين، من دون جدارة، وبدعم أمريكي وأوروبي، أن ينصح الحركات السلفية في الصومال، وأولها حركة الشباب السلفية التكفيرية، بالكف عن الصراع والتناحر، الذي راح ضحيته عشرات الألاف، واحرقت نيرانه أخضر ويابس هذا البلد الفقير، وهدمت نتيجته العديد من المساجد والمزارات الدينية للمسلمين الصوماليين، وبالاخص أتباع الطرق الصوفية، ولم يسلم منه حتى السلفيين أنفسهم، الذين تقاتلوا حول توزيع مناطق السيطرة والنفوذ والأتباع، وما زال الصراع مستعراً بينهم، وجدير بالذكر أن حركة الشباب مرتبطة بتنظيم القاعدة الإرهابي، إن لم يكن هيكلياً ففي الفكر والعاطفة.
الحقيقة التي لا نقرأها ولا نسمعها في تصريحات أردوغان وغيره من رؤساء وساسة الدول الإسلامية هي أن السلفيين الصوماليين، وبالذات حركة الشباب، لم يكتفوا بالمشاركة في التسبب بالمجاعة، والاكتفاء بالتفرج عليها، بل منعوا وصول المساعدات إلى ضحاياها.
ليس من قبيل الصدفة أن تساء معاملة الصوماليين في موطن الوهابية السلفية، لأن الوهابيين يقولون ما لا يفعلون، ويدعون إلى الإسلام ولا يلتزمون بقيمه وأخلاقه، ففي السعودية يضام الصوماليون، ويتعرضون لسوء المعاملة، وبالأخص النسوة اللواتي اضطرهن شظف العيش للعمل في خدمة المنازل، وقبل أشهر لم تصغي حكومة السعودية لاحتجاجات الهيئات الدولية ومنها منظمة العفو الدولية فأقدمت على ترحيل المئات منهم بصورة جماعية إلى الصومال خلافاً للمواثيق الدولية التي تحظر إعادة اللاجئين قسراً إلى بلادهم المضطربة أمنياً.
إن كل بلد انتشرت فيه دعوة السلفية الوهابية حل به الخراب والدمار، والأدلة على ذلك كثيرة، في أفغانستان والباكستان والعراق وسورية، وفي الصومال بالطبع، ومعظم الدول الإسلامية والعربية بالذات مرشحة لكي تضاف لهذه القائمة.
في ضوء كل هذه الحقائق نسأل السلفيين لم تقتلون أطفال الصومال؟ وهل المصور الغربي الذي انتحر لأنه لم يسعف طفلاً جائعاً أكثر إنسانية منكم؟ نحن لا نتمنى لكم الانتحار وإنما العودة للإسلام الحق، دين العدل والرحمة والمساواة.
24 آب 2011م