المراسل
08-18-2011, 02:47 PM
أحمد علي - الوطن القطريه
18-8-2011
من دواعي الأسف أن«الجزيرة» صارت هي الأساس والمقياس للعلاقات القطرية ـ البحرينية
«صراخ في البحرين».. إلى متى.. وإلى أين؟
اسمحوا لي أن يكون مدخلي لهذا المقال واضحًا، فربما يكــون ضروريًا أن أؤكد قبل كتابة السطر الأول أن قطر هي توأم البحرين، وما يؤلم المنامة، يوجع الدوحة، وإذا كانت هناك قضية واحدة ينبغي ألا يختلف عليها أحد في البحرين فهي أننا في قطر نقف معهم في خندق واحد، لمواجهة كل ما يهددهم في الداخل أو الخارج.
.. وإذا كان البعض يتناسى هذه الحقيقة في الإعلام البحريني فيسعى لوضع اسم قطر على لائحة الشبهات و الاتهامات، فإننا مطالبون في هذا الظرف الدقيق بأن نوقظه من سباته العميق.
.. ومن دواعي الأسف أن من يتابع المشهد الراهــن في الإعلام البحريني يصاب بحالة من الذهول، من حجم الكلام غير المسؤول والخطاب غير المقبول، الذي توجهه بعض الأقلام ضد قطر، في إطار حفلة «الصراخ البحريني» المنفعل والمفتعل والمليء بالإسفاف المبتذل !
لقد اختصر الأشقاء علاقاتهم الأخوية معنا، واختزلوا روابطهم التاريخية مع دولتنا عبر قناة «الجزيرة»، فصارت هذه الفضائية التليفزيونية هي الأساس في قاموسهم، وصارت هي المقياس للعلاقات القطرية ــ البحرينية الضاربة في جذور التاريخ، رغم أن المنطق العاقل في تلك «الجزيرة» يقتضي التعامل مع ما تطرحه «الجزيرة» في برامجها على أنه فعل إعلامي، أو عمل دعائي لا يمثل وجهة النظر القطرية سواء كانت رسمية أو شعبية.
في إطار هذا الخلط الخاطئ تابعنا طوال الأيام الماضية ــ وما زلنا نتابع ــ الحملات المستمرة من هؤلاء الذين جرفتهم سفاسف الأمور وسطحيتها، والمحاولات المتواصلة التي يبذلها أولئك الذين يحــاولون أن يخلقوا مناخًا عدائيًا في «مملكتهم» ضد قطر، عبر استغلال قيام «الجزيرة» بعرض فيلمـهـا الوثائقي «صراخ في الظلام» لضرب العلاقات بين البلدين الشقيقين، ولتصوير عرض ذلك الفيلم على أنه «مؤامرة قطرية»، تستهدف البحرين حكمًا وشعبًا عبر إثارة وتفجير فتنة داخلية في المملكة !
.. ونحن هنا لا نتناول قضية فيلم الجزيرة الوثائقي باعتباره يمثل حالة خاصة في الإعلام الحر، كما لا أتناولها بهدف إدانة الجزيرة أو تبرئتها، فقد كنت أكثر الصحفيين القطريين الذين وجهوا انتقاداتهم لهذه القناة الفضائية، ولكنني أطرحها باعتبارها تمثل مثالاً واضحًا على حالة الاستعداء أو الاستعداد المتحفز في البحرين للإساءة إلى قطر.
ولعل الشيء اللافت الذي يثير الدهشة في إطار تلك الحفلة أو الحملة البحرينية الصاخبة ضد قطر، الدعوة التي أطلقها أحدهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي طالبًا من مواطنيه البحرينيين عدم تشجيع نادي «برشلونة»، لأن قمصانه تحمل عبارة «قطر فاونديشن » مما يعكس إلى أي مدى وصل التحريض في البحرين ضد قطر ليطال الفريق «الكاتالوني» !
ووسط ذلك «الصراخ البحريني» الصاخب ليس لنا في الدوحة سوى أن نقول «أبكي على البمبرة وأبكي على التينة، وأبكي على من ذبح قلبي بسكينة» !
.. فالمؤسف أن نجد معسكرًا في الإعلام الرسمي البحريني يزرع بذور الكراهية المريضة ضد قطر، دون أن نجد مسؤولاً واحدًا يكبح جماح تلك الذئاب الإعلامية الضالة، فيؤكد على عمق روابط الدم والأخوة والمصاهرة التي تجمع بيننا وبينهم.
ولعلي لا أبالغ إذا قلت إننا صرنا نرصد يوميًا أقلامًا في قلوبها مرض، تسعى بشكل لافت ومركز لضرب العلاقات الأخوية بين البلدين الشقيقين والتشويش عليها، وإثارة الضجيج الصاخب حولها !
.. ولم يكتف بعضهم بذلك، بل حاولوا إضفاء بُعد تاريخي على الأزمة المفتعلة الراهنة عبر الغمز من قناة الخلاف القطري ــ البحريني القديم الذي طويناه حول المناطق المتنازع عليها، متناسين أن قطر هي التي سعت وأصرت على حل هذا الخلاف المزمن بطريقة حضارية، في أروقة محكمة العدل الدولية، باعتبارها الوسيلة الأمثل لحل النزاعات الدولية.
وإذا كانت المحكمة قد أعطت «حوار» للبحرين، فإنها رسخت حقوق قطر السيادية على «فشت الديبل» و«قطعة جرادة» بكل ثرواتها وخيراتها، مما يعني أن حكم المحكمة الدولية كان انتصارًا للطرفين، ولم يكن فوزًا للبحرين أو «صفعة» إلى قطر كما يكتبون ويكذبون !
والمؤسف أيضًا أن تلك المحاولات الخاطئة، والحملات المشبوهة بلغت مبلغًا لافتًا، حيث وصل التحريض على قطر إلى درجة قيام بعضهم مؤخرا بإحراق علمنا العنابي، بهدف إشاعة جو من التوتر والاحتقان بين الدوحة والمنامة !
.. ولأنني أعرف باليقين أن قامة وكرامة قطر الدولة والشعب أعلى وأكبر كثيرًا من أن تطولها حماقة بعض الحمقى أو بذاءاتهم، أو تؤثر فيها سفاهة بعض السفهاء في الإعلام البحريني، فإنني أدرك بما لا يدع مجالا للشك أن قطر كلها بجميع مستوياتها الرسمية والشعبية عاتبة، ولن أقول غاضبة ــ ولها الحق أن تغضب ــ عندما يتم إحراق علمها في المنامة، أو الإساءة إليها أو التطاول عليها لمجرد قيام قناة تليفزيونية تبث برامجها من الدوحة، ببث برنامج وثائقي يتناول الأزمة البحرينية.
لقد وصلت حملات التحريض البحريني ضد قطر إلى مستويات غير مسبوقة، فوجدنا نوابًا في البرلمان يوقعون «رسالة استنكار» موجهة لسفيرنا احتجاجًا على ما أسموه «عدائية الجزيرة التي تحركها أياد صهيونية، هدفها تمزيق الوحدة العربية» إلى آخر هذا الخطاب الذي عفا عليه الزمن، ورغم ذلك مازال «يعشعش» في رؤوس المروجين لنظرية «المؤامرة» !
لقد بلغت بهم السذاجة والسطحية في تناول القضية إلى درجة اتهام قطر بأنها «لا تريد استقرار الأوضاع في البحرين»، وأنها تسعى «لخلخلة» الأمور، وإعادتها إلى سابق عهدها من التوتر والاضطراب عبر تفكيك الجبهة الداخلية، وتفتيت اللحمة الوطنية !
وإذا كان كل هذا يمكن أن تحققه
«قناة الجزيرة» فإن هذا يعني أن البحرين دولة كرتونية تهتز أركانها وترتعد فرائصها وتتساقط جدرانها وتتهاوى قواعدها لمجرد سرد وقائع يتضمنها فيلم وثائقي على الشاشة الفضائية !
ومشكلتنا مع أهلنا في البحرين أن بعضهم يريدون أن يكونوا ملكيين أكثر من الملك، وقبل أن يشغلوا أنفسهم وأقلامهم وألسنتهم بالهجوم على قطر، كان حريًا بهم توجيه انتقاداتهم إلى «هيئة شؤون الإعلام»، التي يرأسها الشيخ فواز بن محمد آل خليفة لتقصيرها في التعامل الواعي مع متطلبات المرحلة الدقيقة التي تشهدها الساحة البحرينية.
لقد كان الأجدر بهذه الهيئة الإعلامية ومسؤوليها التواصل مع قناة «الجزيرة» وإيصال صوت البحرين بشقيه الرسمي والشعبي عبر فضائها الواسع، والاستفادة من انتشارها على امتداد الكرة الأرضية، بدلاً من إغلاق الأبواب و«الدرايش» في وجهها !
وما من شك في أن مقاطعة الجزيرة، كما فعل «الشيخ فواز» أو إغلاق مكتبها أو اتهامها بالانحياز وعدم الموضوعية، هي مجرد ردود فعل انفعالية وغير عملية، لأنها تساهم في زيادة الرواج والانتشار والشعبية لهذه القناة الإخبارية.
ومشكلة المسؤولين عن الإعلام الرسمي البحريني أنهم يريدون تحويل البحرين إلى جزيرة معزولة أو منعزلة عن وسائل الإعلام العالمية.
كما يريدون من تلك الوسائل الإعلامية أن تتحول إلى قنوات بحرينية خالصة، تستهل برامجها بعزف «السلام الملكي» البحريني، وهذا ليس مقبولاً في عالم الإعلام الحر المعاصر.
وإذا كانت الحكومة البحرينية وكتابها وأقلامها يعتبرون قناة «الجزيرة» بأنها غير محايدة، وأنها ليست موضوعية في متابعتها للشأن البحريني، وأن فيلمها الوثائقي يرتكز على وجهة نظر واحدة، وأن شعب البحرين تم تقديمه في ذلك الفيلم من خلال عدد من الأفراد المعارضين الذين لا يمثلون المجتمع البحريني، بجميع أطيافه وشرائحه، وأن «الجزيرة» أرادت أن تدفع المشاهدين إلى النظر للمشهد البحريني الراهن بعين واحدة، وتشكيل مواقفهم من خلال الارتكاز على زاوية واحدة.
.. إذا كان كل ذلك صحيحًا، فقد كنا نتمنى لو أن الشيخ فواز بن محمد آل خليفة تولى شخصيًا فضح أهداف قناة الجزيرة «المشبوهة»، من خلال مشاركته الإيجابية في ذلك الفيلم عبر تفنيد ما جاء فيه، وتوضيح موقف حكومته وشعبه، وتنوير الرأي العام العالمي بحقيقة وأسباب ومسببات ذلك «الصراخ» المتصاعد في المملكة.
لكن الشيخ البحريني ارتدى «بشته» وآثر الجلوس في مكتبه وكأنه يجلس في منصة أحد الملاعب يتابع مباراة مثيرة في كرة القدم بين فريقي «المحرق» و«الرفاع» !
.. ولعل ما زاد الطين بلة، أن ذلك المسؤول البحريني تابع فيلم الجزيرة الوثائقي، وكأنه يشاهد سباقًا لسيارات «الفورمولا» يقوده «شوماخر» في حلبة المنامة، ولا يستطيع «الشيخ فواز» إيقافه أو مجاراته أو المشاركة فيه، فوقف مبهورًا أمام سرعة إيقاعه وتسلسل وقائعه !
لقد أخطأ رئيس «هيئة شؤون الإعلام» في البحرين في معالجة تداعيات فيلم «الجزيرة» الوثائقي، وأخطأ في تعامله السلبي مع تلك القناة الفضائية، وأخطأ في رفضه الظهور على شاشتها لعرض وجهة نظر بلاده في القضية المطروحة.
فإذا كان «الشيخ فواز» يؤمن بالحرية الإعلامية، ويفهم قواعدها ومبادئها، فكان الأجدر به أن يرسخها عبر ظهوره على شاشة «الجزيرة» بدلاً من توجيه الأقلام الشاردة لتهاجم وتشتم قطر.
ولكل هذا وفي إطار المصارحة والشفافية التي ينبغي أن يتحلى بها كل إعلامي في ظل الظروف الدقيقة التي تمر بها المنطقة، يصبح من الضروري القول بوضوح إن الشيخ البحريني إذا كان قد حقق نجاحا عندما كان رئيسًا للمؤسسة العامة للشباب والرياضة، فليس بالضرورة أن يكون ناجحًا في رئاسته لهيئة شؤون الإعلام في البحرين.
وما من شك في أن المسؤول ــ أي مسؤول ــ يجب أن يكون أكبر من منصبه لا أصغر منه، فهو يشرف المنصب بكفاءته والعكس ليس صحيحًا !
.. ويبقى أن أتوقف أخيرًا عند ما كتبته إحدى الكاتبات الشاردات، ولا أريد أن أكتب اسمها حتى لا أكون سببًا في شهرتها.
فهذه الكاتبة وصل بها طرحها الساذج في إطار حفلة «الصراخ البحريني» المتصاعد ضد قطر، إلى درجة أنها كتبت مقالاً في صحيفة «البلاد»، يثير حفيظة العباد لأنها تزعم من خلاله وجود دور لإسرائيل ساهم في فوز قطر باستضافة مونديال «2022»!
لقد أطلقت هذه الكاتبة العنان لقلمها لتخوض في مسألة لا تفقه فيها شيئًا، ويبدو أنها لم «تتسحر» جيدًا عندما كتبت مقالها، لأن إسرائيل لو كانت تستطيع التأثير على «الفيفا» إلى هذه الدرجة لقامت بتنظيم «المونديال» في الدولة العبرية، لتنال شرف استضافة البطولة الأهم والأعظم في العالم.
فإذا كانت إسرائيل تملك القدرة على توجيه قرارات الاتحاد الدولي لكرة القدم لنجحت في العودة للمشاركة في بطولات القارة الآسيوية التي تنتمي إليها، بعد طردها منها عام «1974» وإجبارها على خوض المباريات الدولية في إطار منافسات البطولات الأوروبية.
لقد وصلت تخاريف الكاتبة المضحكة إلى درجة زعمها وجود أحد ضباط «المارينز» الأميركي يتولى الإشراف على إدارة الجزيرة، ولا أدري هل تقصد «جميل عازار» أم غيره !
.. ومما سبق يتضح سذاجة الكاتبة البحرينية التي حاولت أن تخلط الأمور في الصحافة، مثلما تخلط «المرقدوش» في «استكانة الشاي» !
لقد فجّرت الكاتبة أحقادها على قطر، فانفجرت كلماتها على السطور مثل فقاعات الدمامل، وإذا كان كيل التهم إلى ملف مونديال قطر «2022» متوقعا من المنافسين الغرباء، فإن ما يحز في النفس فعلاً أن تتورط أقلام بحرينية في الخوض في هذه الأراجيف لتعبر عن أفقها الضيق، عبر الترويج لوجود شبهات في الملف القطري، والإيهام بوجود علاقة مشبوهة بين قطر وإسرائيل ساهمت في إنجاز الاستضافة القطرية والتركيز على ذلك باعتباره قضية قائمة وحالة موجودة !
.. وليست الخطورة هنا في الاستهداف المسيء لتشويه ملف مونديال قطر، لكن الأخطر من ذلك ما يدل عليه ذلك «الصراخ» البحريني المتصاعد من تصاعد حالة التربص الدائم والتحفز المستمر، لتحريك العواطف وإثارة العواصف، حول ما يتصل بالاستضافة القطرية للمونديال.
أما ما يتعلق بغمزها الخبيث في قناة الأموال التي صرفتها قطر و«النفقات المعلنة وغير المعلنة ــ على حد قولها ــ التي ضحت بها من أجل شرف رمزي ــ تقصد شرف استضافة كأس العالم ــ لتحقيق انتصار معنوي ــ على حد زعمها ــ لا يساوي هذه النفقات التي تم تبديدها من ثروات القطريين»، فإننا نتمنى من الكاتبة الحريصة على أموال قطر، أن تفتح عيونها على الداخل البحريني، وتبادر بكل جرأة وشجاعة إلى فتح ملف النفقات المعلنة وغير المعلنة التي صرفت، بل أهدرت، من رصيد الشعب البحريني لتحويل البحرين من إمارة إلى مملكة !
وهل تم ذلك لتحقيق مصلحة شخصية، أم مصالحة وطنية؟
فنحن نريد أن نعرف ماذا استفاد البحرينيون على مدى السنوات الماضية من تحويل إمارتهم الصغيرة إلى (م.م.ل.ك.ة) طااااااااااااال عمرك؟!
أحمد علي
http://www.al-watan.com/viewnews.asp...10818&writer=1
18-8-2011
من دواعي الأسف أن«الجزيرة» صارت هي الأساس والمقياس للعلاقات القطرية ـ البحرينية
«صراخ في البحرين».. إلى متى.. وإلى أين؟
اسمحوا لي أن يكون مدخلي لهذا المقال واضحًا، فربما يكــون ضروريًا أن أؤكد قبل كتابة السطر الأول أن قطر هي توأم البحرين، وما يؤلم المنامة، يوجع الدوحة، وإذا كانت هناك قضية واحدة ينبغي ألا يختلف عليها أحد في البحرين فهي أننا في قطر نقف معهم في خندق واحد، لمواجهة كل ما يهددهم في الداخل أو الخارج.
.. وإذا كان البعض يتناسى هذه الحقيقة في الإعلام البحريني فيسعى لوضع اسم قطر على لائحة الشبهات و الاتهامات، فإننا مطالبون في هذا الظرف الدقيق بأن نوقظه من سباته العميق.
.. ومن دواعي الأسف أن من يتابع المشهد الراهــن في الإعلام البحريني يصاب بحالة من الذهول، من حجم الكلام غير المسؤول والخطاب غير المقبول، الذي توجهه بعض الأقلام ضد قطر، في إطار حفلة «الصراخ البحريني» المنفعل والمفتعل والمليء بالإسفاف المبتذل !
لقد اختصر الأشقاء علاقاتهم الأخوية معنا، واختزلوا روابطهم التاريخية مع دولتنا عبر قناة «الجزيرة»، فصارت هذه الفضائية التليفزيونية هي الأساس في قاموسهم، وصارت هي المقياس للعلاقات القطرية ــ البحرينية الضاربة في جذور التاريخ، رغم أن المنطق العاقل في تلك «الجزيرة» يقتضي التعامل مع ما تطرحه «الجزيرة» في برامجها على أنه فعل إعلامي، أو عمل دعائي لا يمثل وجهة النظر القطرية سواء كانت رسمية أو شعبية.
في إطار هذا الخلط الخاطئ تابعنا طوال الأيام الماضية ــ وما زلنا نتابع ــ الحملات المستمرة من هؤلاء الذين جرفتهم سفاسف الأمور وسطحيتها، والمحاولات المتواصلة التي يبذلها أولئك الذين يحــاولون أن يخلقوا مناخًا عدائيًا في «مملكتهم» ضد قطر، عبر استغلال قيام «الجزيرة» بعرض فيلمـهـا الوثائقي «صراخ في الظلام» لضرب العلاقات بين البلدين الشقيقين، ولتصوير عرض ذلك الفيلم على أنه «مؤامرة قطرية»، تستهدف البحرين حكمًا وشعبًا عبر إثارة وتفجير فتنة داخلية في المملكة !
.. ونحن هنا لا نتناول قضية فيلم الجزيرة الوثائقي باعتباره يمثل حالة خاصة في الإعلام الحر، كما لا أتناولها بهدف إدانة الجزيرة أو تبرئتها، فقد كنت أكثر الصحفيين القطريين الذين وجهوا انتقاداتهم لهذه القناة الفضائية، ولكنني أطرحها باعتبارها تمثل مثالاً واضحًا على حالة الاستعداء أو الاستعداد المتحفز في البحرين للإساءة إلى قطر.
ولعل الشيء اللافت الذي يثير الدهشة في إطار تلك الحفلة أو الحملة البحرينية الصاخبة ضد قطر، الدعوة التي أطلقها أحدهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي طالبًا من مواطنيه البحرينيين عدم تشجيع نادي «برشلونة»، لأن قمصانه تحمل عبارة «قطر فاونديشن » مما يعكس إلى أي مدى وصل التحريض في البحرين ضد قطر ليطال الفريق «الكاتالوني» !
ووسط ذلك «الصراخ البحريني» الصاخب ليس لنا في الدوحة سوى أن نقول «أبكي على البمبرة وأبكي على التينة، وأبكي على من ذبح قلبي بسكينة» !
.. فالمؤسف أن نجد معسكرًا في الإعلام الرسمي البحريني يزرع بذور الكراهية المريضة ضد قطر، دون أن نجد مسؤولاً واحدًا يكبح جماح تلك الذئاب الإعلامية الضالة، فيؤكد على عمق روابط الدم والأخوة والمصاهرة التي تجمع بيننا وبينهم.
ولعلي لا أبالغ إذا قلت إننا صرنا نرصد يوميًا أقلامًا في قلوبها مرض، تسعى بشكل لافت ومركز لضرب العلاقات الأخوية بين البلدين الشقيقين والتشويش عليها، وإثارة الضجيج الصاخب حولها !
.. ولم يكتف بعضهم بذلك، بل حاولوا إضفاء بُعد تاريخي على الأزمة المفتعلة الراهنة عبر الغمز من قناة الخلاف القطري ــ البحريني القديم الذي طويناه حول المناطق المتنازع عليها، متناسين أن قطر هي التي سعت وأصرت على حل هذا الخلاف المزمن بطريقة حضارية، في أروقة محكمة العدل الدولية، باعتبارها الوسيلة الأمثل لحل النزاعات الدولية.
وإذا كانت المحكمة قد أعطت «حوار» للبحرين، فإنها رسخت حقوق قطر السيادية على «فشت الديبل» و«قطعة جرادة» بكل ثرواتها وخيراتها، مما يعني أن حكم المحكمة الدولية كان انتصارًا للطرفين، ولم يكن فوزًا للبحرين أو «صفعة» إلى قطر كما يكتبون ويكذبون !
والمؤسف أيضًا أن تلك المحاولات الخاطئة، والحملات المشبوهة بلغت مبلغًا لافتًا، حيث وصل التحريض على قطر إلى درجة قيام بعضهم مؤخرا بإحراق علمنا العنابي، بهدف إشاعة جو من التوتر والاحتقان بين الدوحة والمنامة !
.. ولأنني أعرف باليقين أن قامة وكرامة قطر الدولة والشعب أعلى وأكبر كثيرًا من أن تطولها حماقة بعض الحمقى أو بذاءاتهم، أو تؤثر فيها سفاهة بعض السفهاء في الإعلام البحريني، فإنني أدرك بما لا يدع مجالا للشك أن قطر كلها بجميع مستوياتها الرسمية والشعبية عاتبة، ولن أقول غاضبة ــ ولها الحق أن تغضب ــ عندما يتم إحراق علمها في المنامة، أو الإساءة إليها أو التطاول عليها لمجرد قيام قناة تليفزيونية تبث برامجها من الدوحة، ببث برنامج وثائقي يتناول الأزمة البحرينية.
لقد وصلت حملات التحريض البحريني ضد قطر إلى مستويات غير مسبوقة، فوجدنا نوابًا في البرلمان يوقعون «رسالة استنكار» موجهة لسفيرنا احتجاجًا على ما أسموه «عدائية الجزيرة التي تحركها أياد صهيونية، هدفها تمزيق الوحدة العربية» إلى آخر هذا الخطاب الذي عفا عليه الزمن، ورغم ذلك مازال «يعشعش» في رؤوس المروجين لنظرية «المؤامرة» !
لقد بلغت بهم السذاجة والسطحية في تناول القضية إلى درجة اتهام قطر بأنها «لا تريد استقرار الأوضاع في البحرين»، وأنها تسعى «لخلخلة» الأمور، وإعادتها إلى سابق عهدها من التوتر والاضطراب عبر تفكيك الجبهة الداخلية، وتفتيت اللحمة الوطنية !
وإذا كان كل هذا يمكن أن تحققه
«قناة الجزيرة» فإن هذا يعني أن البحرين دولة كرتونية تهتز أركانها وترتعد فرائصها وتتساقط جدرانها وتتهاوى قواعدها لمجرد سرد وقائع يتضمنها فيلم وثائقي على الشاشة الفضائية !
ومشكلتنا مع أهلنا في البحرين أن بعضهم يريدون أن يكونوا ملكيين أكثر من الملك، وقبل أن يشغلوا أنفسهم وأقلامهم وألسنتهم بالهجوم على قطر، كان حريًا بهم توجيه انتقاداتهم إلى «هيئة شؤون الإعلام»، التي يرأسها الشيخ فواز بن محمد آل خليفة لتقصيرها في التعامل الواعي مع متطلبات المرحلة الدقيقة التي تشهدها الساحة البحرينية.
لقد كان الأجدر بهذه الهيئة الإعلامية ومسؤوليها التواصل مع قناة «الجزيرة» وإيصال صوت البحرين بشقيه الرسمي والشعبي عبر فضائها الواسع، والاستفادة من انتشارها على امتداد الكرة الأرضية، بدلاً من إغلاق الأبواب و«الدرايش» في وجهها !
وما من شك في أن مقاطعة الجزيرة، كما فعل «الشيخ فواز» أو إغلاق مكتبها أو اتهامها بالانحياز وعدم الموضوعية، هي مجرد ردود فعل انفعالية وغير عملية، لأنها تساهم في زيادة الرواج والانتشار والشعبية لهذه القناة الإخبارية.
ومشكلة المسؤولين عن الإعلام الرسمي البحريني أنهم يريدون تحويل البحرين إلى جزيرة معزولة أو منعزلة عن وسائل الإعلام العالمية.
كما يريدون من تلك الوسائل الإعلامية أن تتحول إلى قنوات بحرينية خالصة، تستهل برامجها بعزف «السلام الملكي» البحريني، وهذا ليس مقبولاً في عالم الإعلام الحر المعاصر.
وإذا كانت الحكومة البحرينية وكتابها وأقلامها يعتبرون قناة «الجزيرة» بأنها غير محايدة، وأنها ليست موضوعية في متابعتها للشأن البحريني، وأن فيلمها الوثائقي يرتكز على وجهة نظر واحدة، وأن شعب البحرين تم تقديمه في ذلك الفيلم من خلال عدد من الأفراد المعارضين الذين لا يمثلون المجتمع البحريني، بجميع أطيافه وشرائحه، وأن «الجزيرة» أرادت أن تدفع المشاهدين إلى النظر للمشهد البحريني الراهن بعين واحدة، وتشكيل مواقفهم من خلال الارتكاز على زاوية واحدة.
.. إذا كان كل ذلك صحيحًا، فقد كنا نتمنى لو أن الشيخ فواز بن محمد آل خليفة تولى شخصيًا فضح أهداف قناة الجزيرة «المشبوهة»، من خلال مشاركته الإيجابية في ذلك الفيلم عبر تفنيد ما جاء فيه، وتوضيح موقف حكومته وشعبه، وتنوير الرأي العام العالمي بحقيقة وأسباب ومسببات ذلك «الصراخ» المتصاعد في المملكة.
لكن الشيخ البحريني ارتدى «بشته» وآثر الجلوس في مكتبه وكأنه يجلس في منصة أحد الملاعب يتابع مباراة مثيرة في كرة القدم بين فريقي «المحرق» و«الرفاع» !
.. ولعل ما زاد الطين بلة، أن ذلك المسؤول البحريني تابع فيلم الجزيرة الوثائقي، وكأنه يشاهد سباقًا لسيارات «الفورمولا» يقوده «شوماخر» في حلبة المنامة، ولا يستطيع «الشيخ فواز» إيقافه أو مجاراته أو المشاركة فيه، فوقف مبهورًا أمام سرعة إيقاعه وتسلسل وقائعه !
لقد أخطأ رئيس «هيئة شؤون الإعلام» في البحرين في معالجة تداعيات فيلم «الجزيرة» الوثائقي، وأخطأ في تعامله السلبي مع تلك القناة الفضائية، وأخطأ في رفضه الظهور على شاشتها لعرض وجهة نظر بلاده في القضية المطروحة.
فإذا كان «الشيخ فواز» يؤمن بالحرية الإعلامية، ويفهم قواعدها ومبادئها، فكان الأجدر به أن يرسخها عبر ظهوره على شاشة «الجزيرة» بدلاً من توجيه الأقلام الشاردة لتهاجم وتشتم قطر.
ولكل هذا وفي إطار المصارحة والشفافية التي ينبغي أن يتحلى بها كل إعلامي في ظل الظروف الدقيقة التي تمر بها المنطقة، يصبح من الضروري القول بوضوح إن الشيخ البحريني إذا كان قد حقق نجاحا عندما كان رئيسًا للمؤسسة العامة للشباب والرياضة، فليس بالضرورة أن يكون ناجحًا في رئاسته لهيئة شؤون الإعلام في البحرين.
وما من شك في أن المسؤول ــ أي مسؤول ــ يجب أن يكون أكبر من منصبه لا أصغر منه، فهو يشرف المنصب بكفاءته والعكس ليس صحيحًا !
.. ويبقى أن أتوقف أخيرًا عند ما كتبته إحدى الكاتبات الشاردات، ولا أريد أن أكتب اسمها حتى لا أكون سببًا في شهرتها.
فهذه الكاتبة وصل بها طرحها الساذج في إطار حفلة «الصراخ البحريني» المتصاعد ضد قطر، إلى درجة أنها كتبت مقالاً في صحيفة «البلاد»، يثير حفيظة العباد لأنها تزعم من خلاله وجود دور لإسرائيل ساهم في فوز قطر باستضافة مونديال «2022»!
لقد أطلقت هذه الكاتبة العنان لقلمها لتخوض في مسألة لا تفقه فيها شيئًا، ويبدو أنها لم «تتسحر» جيدًا عندما كتبت مقالها، لأن إسرائيل لو كانت تستطيع التأثير على «الفيفا» إلى هذه الدرجة لقامت بتنظيم «المونديال» في الدولة العبرية، لتنال شرف استضافة البطولة الأهم والأعظم في العالم.
فإذا كانت إسرائيل تملك القدرة على توجيه قرارات الاتحاد الدولي لكرة القدم لنجحت في العودة للمشاركة في بطولات القارة الآسيوية التي تنتمي إليها، بعد طردها منها عام «1974» وإجبارها على خوض المباريات الدولية في إطار منافسات البطولات الأوروبية.
لقد وصلت تخاريف الكاتبة المضحكة إلى درجة زعمها وجود أحد ضباط «المارينز» الأميركي يتولى الإشراف على إدارة الجزيرة، ولا أدري هل تقصد «جميل عازار» أم غيره !
.. ومما سبق يتضح سذاجة الكاتبة البحرينية التي حاولت أن تخلط الأمور في الصحافة، مثلما تخلط «المرقدوش» في «استكانة الشاي» !
لقد فجّرت الكاتبة أحقادها على قطر، فانفجرت كلماتها على السطور مثل فقاعات الدمامل، وإذا كان كيل التهم إلى ملف مونديال قطر «2022» متوقعا من المنافسين الغرباء، فإن ما يحز في النفس فعلاً أن تتورط أقلام بحرينية في الخوض في هذه الأراجيف لتعبر عن أفقها الضيق، عبر الترويج لوجود شبهات في الملف القطري، والإيهام بوجود علاقة مشبوهة بين قطر وإسرائيل ساهمت في إنجاز الاستضافة القطرية والتركيز على ذلك باعتباره قضية قائمة وحالة موجودة !
.. وليست الخطورة هنا في الاستهداف المسيء لتشويه ملف مونديال قطر، لكن الأخطر من ذلك ما يدل عليه ذلك «الصراخ» البحريني المتصاعد من تصاعد حالة التربص الدائم والتحفز المستمر، لتحريك العواطف وإثارة العواصف، حول ما يتصل بالاستضافة القطرية للمونديال.
أما ما يتعلق بغمزها الخبيث في قناة الأموال التي صرفتها قطر و«النفقات المعلنة وغير المعلنة ــ على حد قولها ــ التي ضحت بها من أجل شرف رمزي ــ تقصد شرف استضافة كأس العالم ــ لتحقيق انتصار معنوي ــ على حد زعمها ــ لا يساوي هذه النفقات التي تم تبديدها من ثروات القطريين»، فإننا نتمنى من الكاتبة الحريصة على أموال قطر، أن تفتح عيونها على الداخل البحريني، وتبادر بكل جرأة وشجاعة إلى فتح ملف النفقات المعلنة وغير المعلنة التي صرفت، بل أهدرت، من رصيد الشعب البحريني لتحويل البحرين من إمارة إلى مملكة !
وهل تم ذلك لتحقيق مصلحة شخصية، أم مصالحة وطنية؟
فنحن نريد أن نعرف ماذا استفاد البحرينيون على مدى السنوات الماضية من تحويل إمارتهم الصغيرة إلى (م.م.ل.ك.ة) طااااااااااااال عمرك؟!
أحمد علي
http://www.al-watan.com/viewnews.asp...10818&writer=1