المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : في ذکری وفاته .... سیرة آیة الله العظمی محمد حسين فضل الله (رحمه الله)



نجم سهيل
07-29-2011, 12:39 PM
تاریخ: 2011/07/03

المصدر: بینات


http://www.alfadhli.org/uploads/1279612345.jpg


كان كل أقران آیة الله العظمی فضل الله يشهدون له بالمكانة العلمية والتحصيل، حتى افتقدته الساحة الإسلامية في العراق عندما عاد إلى لبنان في العام1966م، وهذا ما عبّر عنه السيد محمد باقر الصدر حين قال: "كل من خرج من النجف خسر النجف إلاّ السيد فضل الله، فعندما خرج من النجف خسره النجف".


الولادة والنشأة


ولد سماحة العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله في النجف الأشرف/العـراق في19/شعبان/1354هـ، حيث كان والده آية الله السيد عبد الرؤوف فضل الله قد هاجر إليها لتلقّي العلوم الدينية، وأمضى مع أسرته فترات طويلة في الدرس والتدريس، ضمن الحاضرة العلمية الأبرز في العالم آنذاك.


عقليَّة الوعي والانفتاح


ثم انطلق سماحة السيِّد وهو في مقتبل صباه، ينوِّع في نشاطاته، فاتَّجه ليمارس هواية الإعلام في عالم الأدب والفكر، فأصدر بالتَّعاون مع ابن خالته الشَّهيد السيِّد مهدي الحكيم، مجلّةً باسم "الأدب"، كانا يحرّرانها خطيّاً، فيكتبان الأعداد بعدد المشتركين، حتّى إذا ما زاد واحد اضطرّا إلى كتابة عددٍ إضافيّ.


وخلافاً للتَّقليد الّذي كان معتمداً في الأوساط العلميَّة، انفتح السيّد على الأجواء الأدبيّة والعلميّة والثّقافيّة المعاصرة، فكان يرتاد المكتبات ليطالع الصّحف المصريّة واللّبنانيّة والعراقيّة، حتّى حصل على مخزونٍ معرفيٍّ استطاع من خلاله أن يواجه متحديّاً كلّ التيّارات الفكريّة والقوميّة واليساريّة والاشتراكيّة في حواراتٍ ماراتونية مع أتباع هذه التيارات.. وبالمناسبة، فإنّ هذا الانفتاح الواسع على العصر بكلّ مجالاته، جعله موضعاً للنّقد، على أساس أنَّ هذه الثّقافة العصريّة تخفّف من هيبة رجل الدّين وروحانيّته، وبذلك شَكوه إلى والده، وشكا هو هذا الأمر إلى عمّه المرحوم المقدس السيِّد محمّد سعيد فضل الله، والّذي كان من أقطاب الحوزة العلميّة في النّجف آنذاك.


الدراسة العلمية

ترعرع السيد فضل الله في أحضان الحوزة العلمية الكبرى في النجف الأشرف، وبدأ دراسته للعلوم الدينية في سنّ مبكرة جداً.. ففي حوالي التاسعة من عمره، بدأ بالدراسة على والده، وتدرّج حتى انخرط في دروس الخارج في سنّ السادسة عشرة تقريباً، فحضر على كبار أساتذة الحوزة آنذاك، أمثال: المرجع الديني السيد أبو القاسم الخوئي ، والمرجع الديني السيد محسن الحكيم ، والسيد محمود الشاهرودي، والشيخ حسين الحلي (قدّهم)، وحضر درس الأسفار عند الملاّ صدرا البادكوبي.

وقد كان سماحة السيد فضل الله من الطلاب البارزين في تحصيلهم العلمي في تلك المرحلة، ويُذكر في هذا المجال أن السيد الشهيد محمد باقر الصدر (ره) قد أخذ تقريرات بحث السيد فضل الله إلى السيد الخوئي لكي يُطلعه على مدى الفضل الذي كان يتمتع به سماحته، هذا الأمر الذي انعكس فيما بعد ثقة كبيرة من المرجع الخوئي تجاه السيد فضل الله، فكانت وكالته المطلقة له في الأمور التي تناط بالمجتهد العالم.

وقد أثر عن سماحة السيد فضل الله أنه كان من الأوائل البارزين في جلسات المذاكرة، حتى برز من بين أقرانه ممن حضروا معه، فتوجّهت إليه شرائح مختلفة من طلاب العلم في النجف آنذاك، فبدأ عطاءه العلمي أستاذاً للفقه والأصول.


النشاطات الاجتماعية


رعاية الأيتام:


أولى سماحة السيّد اهتماماً بالغاً بالأيتام، كونهم يمثّلون الشريحة الضعيفة في المجتمع، والتي تحتاج إلى الكفالة والرعاية، حتى لا تضيع في مهبّ العواصف الاجتماعية، وقد رعى سماحته مشروع حماية اليتيم وكفالته عبر مشروعين:


مبرّات الأيتام


أسّس سماحته جمعيّة المبرات الخيرية التي شيّدت صرحها الأول للأيتام تحت اسم "مبرّة الإمام الخوئي"، والتي أمّنت المسكن الكريم للأيتام الذين كادت الحرب اللبنانية أن تتركهم لأيدٍ غير أمينة على دينهم وأخلاقهم وحياتهم.

ثمّ ضاعفت الجمعيّة جهودها في مجال رعاية الأيتام تحت ضغط الحاجة الاجتماعية التي تحرّكت في مناطق مختلفة من لبنان، فأسّست جمعيّة المبرات ـ تحت توجيهات سماحته ورعايته ودعمه ـ عدّة مبرّات للأيتام توزّعت على مناطق متعدّدة من لبنان


الفقراء والمساكين والمعوّقون

يتوفّر مكتب الخدمات الاجتماعية التابع للمؤسّسة على دراسة الحالات الاجتماعية التي تتقدّم بطلب إلى المكتب، أو التي يُشار إليها من العائلات المستورة، أو العائلات التي أقعد العجز والإعاقة معيلها عن العمل وتأمين حاجاته وحاجات أسرته.


المكفوفون والصُمّ والبُكم

كان الواقع الإسلامي يعاني نقصاً كبيراً، بل انعداماً في المؤسّسات التي ترعى ذوي الاحتياجات الخاصّة ممّن فقدوا حاسّة البصر أو السمع، أو تعثّرت معهم القدرة على النطق، ولذلك كان اهتمام سماحة السيّد (دام ظله) بالغاً بتهيئة الأرضيّة لإنشاء مؤسّسة متكاملة، بدأت صغيرة في البداية، ثمّ تطوّرت تحت اسم "معهد الهادي للإعاقة السمعيّة والبصرية"، والذي يُعدُّ ـ بشهادة الكثيرين ـ من المعاهد الأولى في الشرق الأوسط، وليس في لبنان فحسب.

وقد حوى في أحضانه ثلاث مدارس:


مدرسة النور للمكفوفين.


مدرسة الرجاء للصمّ.


مدرسة النطق واللغة.



العطاء العلمي


حضر عند سماحته في النجف الكثير من طلاب العلم، من اللبنانيين والعراقيين والسوريّين، ممّا يسمّى بالمقدمات وحتى السطوح، حتى درّس عدة دورات في كتابي "المكاسب" و"الرسائل" للشيخ مرتضى الأنصاري، وكتاب "كفاية الأصول" لللآخوند الخراساني.


وقد كان كل أقرانه يشهدون له بالمكانة العلمية والتحصيل، حتى افتقدته الساحة الإسلامية في العراق عندما عاد إلى لبنان في العام1966م، وهذا ما عبّر عنه السيد محمد باقر الصدر حين قال: "كل من خرج من النجف خسر النجف إلاّ السيد فضل الله، فعندما خرج من النجف خسره النجف".


وكما اهتمّ سماحته بالدراسة الدينية الحوزوية، اهتمّ بالنشاط الثقافي في النجف، فانتُخب عضواً في المجمع الثقافي لمنتدى النشر.


وقد أصدر مع بعض زملائه، ومنهم السيد محمد مهدي الحكيم ، نجل المرجع السيد محسن الحكيم ، مجلة خطّية باسم "الأدب".


وعندما أصدرت جماعة العلماء في النجف الأشرف مجلة (الأضواء) سنة1380هـ، وهي مجلة ثقافية إسلامية ملتزمة، كان سماحته أحد المشرفين عليها مع السيد الشهيد محمد باقر الصدر والشيخ محمد مهدي شمس الدين..

وعندما عاد سماحة السيد فضل الله إلى لبنان في العام1966م، على إثر دعوة وجّهها إليه مجموعة من المؤمنين الذين أسسوا جمعية أسرة التآخي التي تهتم بالعمل الثقافي الإسلامي الملتزم، من خلال شعورهم بمدى حاجة الساحة الإسلامية اللبنانية إلى سماحته، لم ينقطع عن العطاء العلمي، فأسس حوزة "المعهد الشرعي الإسلامي"، وشكّل بذلك نقطة البداية لكثير من طلاب العلوم الدينية، وقد تخرج على يديه كثير من العلماء البارزين في الوسط اللبناني، وما يزال المعهد قائماً حتى وقتنا الراهن.

شرع سماحته بإلقاء "دروس الخارج" في الفقه والأصول على طلاّب العلم منذ ما يزيد عن العشرين عاماً، ويحضر درسه في بيروت ما يزيد عن المائة طالب من اللبنانيين والعراقيين وغيرهم، وقد درس على يديه العديد من أهل العلم والفضل وأساتذة الحوزة، وقد صدرت تقريرات لبعض أبحاثه في النكاح والرضاع والوصية والمواريث والقضاء، وغيرها، بالإضافة إلى مئات أشرطة التسجيل الصوتي في الأبواب الفقهية والأصولية المتنوعة.

وبالإضافة إلى درس الخارج في بيروت، شرع سماحته بتدريس الخارج في حوزة المرتضى في دمشق/سوريا، في يومي السبت والأحد من كل أسبوع، يحضره العديد من طلاب العلم وأساتذة الحوزة، من العراقيين والخليجيين بشكل خاص، ممن هاجروا إلى الشام وأقاموا في جوار السيدة زينب(ع) وقد درّس سماحته في أبواب مختلفة من الفقه، وطبع من تقريراته كتاب "فقه الإجارة"، وفقه الشركة ، ويتابع حالياً التدريس في فقه مناسك الحج.

المنهج الفقهي الأصولي


تميّز سماحة السيّد (دام ظلّه) بتجربة فقهية وأصولية متميّزة جعلت منه مجدّداً في هذا العالم، متابعاً لمسيرة السلف الصالح من الفقهاء، وممهّداً الطريق نحو اجتهاد أصيل في فهم الكتاب والسنّة، وقد ساعده على ذلك فهمه العميق للقرآن الكريم، انطلاقاً من تفسيره "من وحي القرآن"، وذوقه الرفيع في اللغة العربية وآدابها، والذي يُعتبر الركن الأساس في فهم النصّ، ويمكن لنا أن نذكر عدّة مميّزات في هذا المجال.

اعتماد سماحته على الرؤية القرآنية كأساس في الاجتهاد والاستنباط بوصفه الأساس التشريعي والدستوري الأول في سلّم مصادر التشريع، وقد مكّنه ذلك من الوصول إ لى معطيات فقهية جديدة تمثّل فهماً قرآنياً أصيلاً.

ما قیل حوله (رحمة الله علیه)


آية الله السيّد علي الخامنئي(مرشد الجمهورية الإسلامية الإيرانية)


"صلّوا خلف هذا الفيض الإلهيّ الكبير، السيّد فضل الله، فهو علمٌ من أعلام المذهب الشيعيّ".



الرّئيس نبيه برّي(رئيس مجلس النواب اللبناني)

" المرجع الرّوحي السيّد محمد حسين فضل الله، جزء أساسيّ من أنشودة المقاومة على أرض لبنان، وفي شتّى المراحل وأبواب الجهاد".

المطران الياس عودة (متربوليت بيروت وتوابعها للرّوم الأرثوذكس)

"...إنّه رجل التّأليف والائتلاف، يدعو إلى التّمييز حيث يترصّد النّاس جنوحٌ إلى التشويش أو الخلط، وإلى الانسجام حيث تتهددهم نزعة إلى التبعثر أو ميل إلى الاختزال. روحيّة الحوار عند العلامة فضل الله تخاطب القلب، لأنّها تجيء من السّماحة التي ما برح يستلهمها وقد دعي بحقّ صاحبها".


الدّكتور جورج سعادة (رئيس حزب الكتائب اللّبنانية)، وزير في الحكومة اللّبنانيّة لعدة مرات، ونائب في البرلمان اللّبنانيّ لعدة مرات


"لا أدري إذا كانت هذه الصّفحات القليلة، تكفي للحديث عن العلّامة السيّد محمّد حسين فضل الله، إذا أردت أن تحيط بهذا الإنسان، أو تشير إلى أفكاره ومدى صدقيّته مع نفسه قبل صدقيّته مع النّاس.


عن أيّ وجهٍ يمكن أن تتحدّث عن العلّامة فضل الله؛ عن رجل الدّين، عن المفكّر، عن المتعمّق في شؤون البشريّة، عن المحاور في كلّ المواضيع، عن الواثق من ثقافته والمحيط بالجوانب الإنسانيّة والسياسيّة والدينيّة والحياتيّة!


لا يمكن إلا وأن تلتقي مع السيّد العلامة في كلّ ما يقوله ويدعو إليه، تحت شعار الحريّة في الانتماء إلى روح الله ومبادئ الإنسانيّة".


الأستاذ جوزف الهاشم (سياسيّ لبناني بارز، عمل وزيراً في الحكومة اللّبنانية عدّة مرات)


"السيّد محمّد حسين فضل الله سيّدٌ... وكفى.


سيّد الموقف والوقفة اللافتة.


سيّد الكلمة المجنّحة، في أبعادها الفكريّة والفقهيّة والسياسيّة.


سيّد... وكفى... وسامعه لا يحتاج إلى السّؤال".


السيّد حسن محسن الأمين (صاحب دائرة المعارف الإسلاميّة الشيعيّة، ومستدركات أعيان الشّيعة)


"أوّل ما عرفته في أوائل الخمسينات، شاعراً مجيداً، وسمعته يلقي قصيدةً رثائيّةً مؤثّرةً، تجلّت فيها منذ ذلك الوقت، شاعريّته المتفوّقة، ثم تابعت بعد ذلك شعره المنثور، فكان الشّاعر المبدع، الّذي تلذّ للقارئ قراءته، وللسّامع إنشاده".


الوزير كرم كرم (وزير الصحة اللبناني السابق)


"من يلتقِ السيّد فضل الله، يستنر منه علماً وثقافةً وحكمةً ورأياً سديداً، وما أحوجنا اليوم أكثر من أيّ وقتٍ مضى على مستوى الأمّة والوطن، إلى العقل والفكر الثّاقب والأخلاق العالية".


الكاتب والمفكّر محمّد حسنين هيكل


"السيّد فضل الله إنسان لا تستطيع أن تختلف معه، وهو مظلومٌ أن يبقى في لبنان، لأنّه مرجعيّة إسلاميّة كبرى".


"السيّد محمد حسين فضل الله، لديه عقلٌ يضاهي عقل لينين في قدرته على التّخطيط، وإنّني عندما زرت لبنان، استفاد الجميع مني، ولكن أنا لم أستفِد إلا من المرجع السيّد محمّد حسين فضل الله".

الفتى الذهبي
07-29-2011, 08:00 PM
رحم الله سماحة السيد فضل الله

واللعن الدائم ابدا على اعدائه أجمعين