المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المهم شهادة جامعية



سياسى
11-15-2004, 09:22 PM
د. سامي الرباع

samialrabaa@excite.com

حمد طالب في إحدى الجامعات الخاصة في الكويت، أنهى الثانوية العامة زحفا على كوعيه وركبتيه، أي أنه حصل على معدل ضعيف لم يؤهله للتسجيل في جامعة الكويت فاضطر والده لتسجيله في جامعة خاصة ودفع أربعة آلاف دينار سنويا لتعليمه· حمد يتغيب كثيرا عن حضور المحاضرات، وإذا حضر فغالبا ما يحضر بسيارته الفاخرة متأخرا يحمل بيديه الهاتف النقال لاغير، يجلس في المحاضرة شارد الذهن وبين حين وآخر يلعب بالهاتف النقال· جاء وقت الامتحان، وكان الامتحان حول كتابة نص باللغة الإنجليزية·

كتب حمد نصا بلغة ركيكة وأفكار مشتتة نال عليه درجة الصفر وذلك طبقا لمعايير التصحيح السائدة في الجامعة الأمريكية التي تتعاون معها هذه الجامعة الخاصة في الكويت، غضب حمد وقال: "صفر يادكتور، افا!" وذهب إلى مدير الجامعة مباشرة للشكوى، استدعاني المدير وألقى علي محاضرة في التربية وقال: "يا دكتور نحن قبل كل شيء مربون قبل أن نكون مدرسين، إن المسكين حمد صدم حين رأى تلك الدرجة، صفر؟ هذا غير معقول· "فشرحت للسيد المدير المعايير المتبعة في تصحيح الكتابة" فقاطعني طالبا مني أن أعطي الطالب أية أسئلة تقوم على الاختيار· "وهنا أدركت أن مديرنا ليس لديه أية فكرة حول تدريس الكتابة· فقلت له: "الكتابة يا سيدي مهارة لا تقوم على اختيار الإجابة الصحيحة بل هي نتاج خطوات محددة يتعلمها الطالب وعلى أساسها ينتج نصا مترابط الأفكار وخال من العيوب اللغوية"·

خلاصة القول: أولا تعاطف المدير مع حمد وأمثاله ليس في مصلحة الطالب بل على العكس من ذلك، إذ إن هذا النوع من "العطف" هو الأمر الذي يعزز في الطالب المزيد من الكسل والتقصير في الدراسة والتحصيل، وأن سلوك المدير وغيره من المسؤولين عن العملية التعليمية هو الذي يساهم في تدمير مستقبل حمد وزملائه ويجعلهم فاشلين في الدراسة وفي العمل الوظيفي مستقبلا، إضافة إلى ذلك أن طلابا على شاكلة حمد لا يصلحون أصلا للدراسة في الجامعة وهم ليس "قدها"، والأجدر بأهل هؤلاء الطلبة أن يوفروا على أنفسهم تكاليف التعليم الخاص الباهظة وأن يعلموهم حرفة أو مهنة تتناسب مع قدراتهم وإمكاناتهم··

ثانيا يجب أن ندرك، ومن خلال تجربتنا مع إحدى الجامعات الخاصة، بأن الهدف الأعلى لبعض الجامعات الخاصة في الكويت هو الكسب المادي بالدرجة الأولى واستقطاب أكبر عدد من الطلبة ولا يهمهم كثيرا التحصيل العلمي ونوعية التعليم، وفي ضوء ذلك يسعى المدير إلى تلميع صورته بين الطلبة وشدهم للبقاء في جامعته، أما بالنسبة لبعض الطلبة من الذين لا يصلحون للتعليم الجامعي وبالنسبة لبعض أولياء الأمور فالمهم هو الشهادة الجامعية مهما عظم الخواء في صاحبها، لاسيما وأنهم يدركون بأن هناك جهات عديدة في سوق العمل الكويتي لا تزال تسأل عن الشهادة الجامعية أولا وقبل كل شيء بغض النظر عن قدرات حاملها، و"بالواسطة" كل شيء ممكن، ومن هنا فإن التشدق بأن الجامعات الخاصة جاءت لتلبي احتياجات سوق العمالة الكويتي هو حتى الآن وفي ظل واقع بعض هذه الجامعات ما هو إلا هدف دعائي وحبر على ورق·