على
11-13-2004, 08:43 AM
عندما كنت صغيرا، كنت احب شيئا اسمه ابو عمار. لم اكن اعرف ماذا يفعل هذا الرجل، ولكننا كنا نعرف انه زعيمنا، وكنا نحبه. وكنت احب التواجد في مكتبه واللعب هناك ومراقبة الآخرين. وكان والدي يعمل مع عرفات. كان مرافقا له وحارسه الشخصي. كان يقول :دماء ابو عمار تمر في عروقي. قتل والدي عندما هاجم الاسرائيليون منزل ابو عمار في تونس عام 1985.
وفي عام 1988 بدأت اعمل محل والدي. وسافرت مع ابو عمار، ونمت في غرفة قريبة من غرفته. وكنت آكل معه واستخدم دورة المياه الخاصة به. وكان يثق بي في كل شيء. ولم يسمح لأي شخص بمساعدته على ارتداء ملابسه باستثنائي. ولم يسمح لأي شخص بمساعدته في ربط شريط حذائه. ولكني كنت مختلفا، كنت مثل ولده. ولم يعش احد منا نحن الفلسطينيين حياة تضحية مماثلة. كان الدافع الوحيد في حياته هو فلسطين، طوال 24 ساعة يوميا.
كانت زوجته وابنته في المقام الثاني. لم يأخذ ابنته أبدا في رحلة ولا زوجته. ولم اشهد في حياتي شخصا متقشفا مثله. كان يؤمن بعلاج نفسه عندما يمرض جدا فقط. وكان يرتدي نفس السترة لمدة 4 اسابيع متتالية. وكان يريد منا ان نكون مثله. لم يكن يشجع المبالغات، وكانت غرفته الخاصة تتكون من سرير وخزانة صغيرة. وفي يوم من الايام عاد في الساعة الثانية والنصف صباحا وذهب الى حجرته. وكان يعيش في الطابق الاول، في غرفة بها خزانة لملابسه وادراج العقاقير الطبية التي يتناولها والملابس الداخلية والجوارب.
وشاهد خزانة جديدة، فقلنا له: مدام سهى بعثت بهذه الخزانة الجديدة لك. فاصابته نوبة غضب وأخذ يصيح فينا. وذهب للطابق العلوي للقاء سهى وقال لها: هذا الطابق الذي يعيش فيه البرجوازيون من امثالك. بقيتنا يعيشون مثلي في الطابق الارضي اذا لم يعجبك الامر فهذه مشكلتك. لقد عشت معه في كامب ديفيد خلال الفترة التي فشلت أثناءها مفاوضات السلام في يوليو (تموز) 2000.
وحينما كان مع كلينتون لم يكن هناك سوى المترجم جمال وأنا. بدأ الرئيس كلينتون بالحديث حول القدس، فقال أبو عمار لكلينتون إنه يريد تأجيل مسألة القدس ولا يريد حسمها فى قضايا المرحلة الانتقالية. وتابع «أنا أريد تأجيل قضية القدس خمس سنوات أو عشر سنوات». وقال إن المفاوضات حول القدس إذا لم تجر أثناء حياته فذلك أمر مقبول، لأنه لم يكن يريد أن يتفاوض حول القدس بالشروط الاسرائيلية والاميركية. وقال لكلينتون «إذا وقعت على التخلي عن القدس فإن أقرب الناس إلي سيطلقون النار علي ثم تستطيع أن تحضر جنازتي».
في الوقت الذي كان كلينتون على وشك السفر إلى اليابان كان هناك الكثير من الضغط على أبو عمار للاستسلام والتوقيع. لذلك أصدر كلينتون تصريحا يعني بالدرجة الأولى أنك إما أن توقع أو تخسر. ثم اعلن كلينتون إنه سيسافر إلى اليابان، لذلك قال أبو عمار: حسنا نحن أيضا سنغادر. وكانت تلك آخر اتفاقية طلب من أبو عمار أن يوقع عليها. لكنه رفض ذلك لأنها لم تكن اتفاقية مناسبة. وتعرض لضغوط كبيرة للتوقيع لكنه رفض التنازل. حينما يكون الأمر متعلقا بسلامته لم أشعر يوما بأنه كان خائفا. وحينما رجعنا إلى وطننا في فلسطين (من تونس عام 1994) كانت هناك معلومات استخباراتية تقول إن هناك من يريد اغتياله. لذلك طلبنا منه أن يرتدي سترة واقية. نظر صوبنا وكأننا أشخاص مجانين، وقال «سأفقد نفسي مع ذلك الشيء». حينما كانت الطائرات الإسرائيلية تهاجم مجمعه فى رام الله قال لي «مم أنت خائف؟». كان يؤمن بالقدر لذلك لم يكن خائفا أبدا. بل هو كان يجعلني أشعر بالأمان لا العكس.
كان شخصا ذا مزاج سمح. لكنه حينما يكون الأمر متعلقا بالمفاوضات مع الإسرائيليين يصبح حادا، فطالما صرخ بنتنياهو وباراك. وذات مرة كنت معه لإجراء لقاء في بيت السفير الأميركي في باريس. كان أبو عمار مع باراك ومادلين أولبرايت وعدد من أعضاء الحكومة الفلسطينية. وفجأة وبلا مقدمات شاهدته يتجه نحو الباب. ونظر الي وقال «احضر السيارة وبسرعة».
واتجهنا نحو السيارة وفتحت بابها له. وفجأة شاهدت مادلين اولبرايت تخرج من المبنى وهي تجري وتصيح «اغلق باب السيارة» تقصد لا تتركه يغادر. وجرت نحوه وحاولت التحدث معه. ولكن ابو عمار رفض انزال زجاج نافذة السيارة او النظر اليها، وجرت للناحية الأخرى، وفتحت الباب وجلست الى جواره. وقضت بضع دقائق تتحدث اليه وفي النهاية اقنعته بالعودة. وسمعته يقول لها «لن اقبل ذلك».كنت معه عندما التقى بالبابا والملوك والرؤساء. كان متواضعا في وجودهم، وفي وجود الشخص الفقير الذي يطلب المساعدة. كان يحب الناس ويحب الحياة. ولم يكن يضحك كثيرا.
وفي عام 1988 بدأت اعمل محل والدي. وسافرت مع ابو عمار، ونمت في غرفة قريبة من غرفته. وكنت آكل معه واستخدم دورة المياه الخاصة به. وكان يثق بي في كل شيء. ولم يسمح لأي شخص بمساعدته على ارتداء ملابسه باستثنائي. ولم يسمح لأي شخص بمساعدته في ربط شريط حذائه. ولكني كنت مختلفا، كنت مثل ولده. ولم يعش احد منا نحن الفلسطينيين حياة تضحية مماثلة. كان الدافع الوحيد في حياته هو فلسطين، طوال 24 ساعة يوميا.
كانت زوجته وابنته في المقام الثاني. لم يأخذ ابنته أبدا في رحلة ولا زوجته. ولم اشهد في حياتي شخصا متقشفا مثله. كان يؤمن بعلاج نفسه عندما يمرض جدا فقط. وكان يرتدي نفس السترة لمدة 4 اسابيع متتالية. وكان يريد منا ان نكون مثله. لم يكن يشجع المبالغات، وكانت غرفته الخاصة تتكون من سرير وخزانة صغيرة. وفي يوم من الايام عاد في الساعة الثانية والنصف صباحا وذهب الى حجرته. وكان يعيش في الطابق الاول، في غرفة بها خزانة لملابسه وادراج العقاقير الطبية التي يتناولها والملابس الداخلية والجوارب.
وشاهد خزانة جديدة، فقلنا له: مدام سهى بعثت بهذه الخزانة الجديدة لك. فاصابته نوبة غضب وأخذ يصيح فينا. وذهب للطابق العلوي للقاء سهى وقال لها: هذا الطابق الذي يعيش فيه البرجوازيون من امثالك. بقيتنا يعيشون مثلي في الطابق الارضي اذا لم يعجبك الامر فهذه مشكلتك. لقد عشت معه في كامب ديفيد خلال الفترة التي فشلت أثناءها مفاوضات السلام في يوليو (تموز) 2000.
وحينما كان مع كلينتون لم يكن هناك سوى المترجم جمال وأنا. بدأ الرئيس كلينتون بالحديث حول القدس، فقال أبو عمار لكلينتون إنه يريد تأجيل مسألة القدس ولا يريد حسمها فى قضايا المرحلة الانتقالية. وتابع «أنا أريد تأجيل قضية القدس خمس سنوات أو عشر سنوات». وقال إن المفاوضات حول القدس إذا لم تجر أثناء حياته فذلك أمر مقبول، لأنه لم يكن يريد أن يتفاوض حول القدس بالشروط الاسرائيلية والاميركية. وقال لكلينتون «إذا وقعت على التخلي عن القدس فإن أقرب الناس إلي سيطلقون النار علي ثم تستطيع أن تحضر جنازتي».
في الوقت الذي كان كلينتون على وشك السفر إلى اليابان كان هناك الكثير من الضغط على أبو عمار للاستسلام والتوقيع. لذلك أصدر كلينتون تصريحا يعني بالدرجة الأولى أنك إما أن توقع أو تخسر. ثم اعلن كلينتون إنه سيسافر إلى اليابان، لذلك قال أبو عمار: حسنا نحن أيضا سنغادر. وكانت تلك آخر اتفاقية طلب من أبو عمار أن يوقع عليها. لكنه رفض ذلك لأنها لم تكن اتفاقية مناسبة. وتعرض لضغوط كبيرة للتوقيع لكنه رفض التنازل. حينما يكون الأمر متعلقا بسلامته لم أشعر يوما بأنه كان خائفا. وحينما رجعنا إلى وطننا في فلسطين (من تونس عام 1994) كانت هناك معلومات استخباراتية تقول إن هناك من يريد اغتياله. لذلك طلبنا منه أن يرتدي سترة واقية. نظر صوبنا وكأننا أشخاص مجانين، وقال «سأفقد نفسي مع ذلك الشيء». حينما كانت الطائرات الإسرائيلية تهاجم مجمعه فى رام الله قال لي «مم أنت خائف؟». كان يؤمن بالقدر لذلك لم يكن خائفا أبدا. بل هو كان يجعلني أشعر بالأمان لا العكس.
كان شخصا ذا مزاج سمح. لكنه حينما يكون الأمر متعلقا بالمفاوضات مع الإسرائيليين يصبح حادا، فطالما صرخ بنتنياهو وباراك. وذات مرة كنت معه لإجراء لقاء في بيت السفير الأميركي في باريس. كان أبو عمار مع باراك ومادلين أولبرايت وعدد من أعضاء الحكومة الفلسطينية. وفجأة وبلا مقدمات شاهدته يتجه نحو الباب. ونظر الي وقال «احضر السيارة وبسرعة».
واتجهنا نحو السيارة وفتحت بابها له. وفجأة شاهدت مادلين اولبرايت تخرج من المبنى وهي تجري وتصيح «اغلق باب السيارة» تقصد لا تتركه يغادر. وجرت نحوه وحاولت التحدث معه. ولكن ابو عمار رفض انزال زجاج نافذة السيارة او النظر اليها، وجرت للناحية الأخرى، وفتحت الباب وجلست الى جواره. وقضت بضع دقائق تتحدث اليه وفي النهاية اقنعته بالعودة. وسمعته يقول لها «لن اقبل ذلك».كنت معه عندما التقى بالبابا والملوك والرؤساء. كان متواضعا في وجودهم، وفي وجود الشخص الفقير الذي يطلب المساعدة. كان يحب الناس ويحب الحياة. ولم يكن يضحك كثيرا.