المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الصراع العربي الصهيوني



أبومرتضى
11-12-2004, 11:14 PM
تلخيص مادة الصراع العربي الصهيوني

المقدمة

*الصراع العربي الصهيوني ينحصر في السجل التاريخي بين الصدام الكامل وبين السلام، وليس بالضرورة أن يكون الصدام عسكري فهناك صدام تجاري اقتصادي وثقافي وغيره ، فمفهوم الصراع أشمل من مفهوم الحرب.

*الصراع العربي الصهيوني يتأثر بما يحدث من متغيرات دولية ومتغيرات داخل الاطراف المعنية بالصراع.

فالنظام الدولي بعد الحرب العالمية الثانية وحتى بداية التسعينيات كان ثنائية القطبية ، وعقب انهيار الاتحاد السوفيتي ظهر نظام أحادي القطبية ، وهذا المتغير الدولي أثر بشكل كبير في مجريات الصراع العربي الصهيوني يمكن ملاحظته عند تتبع تاريخ الصراع.

كذلك المتغيرات الداخلية لاطراف الصراع ، فمثلا فوز شارون بمنصب رئيس الوزراء يأخذ مجريات سياسية تختلف فيما لو فاز رئيس آخر بالمنصب ، كذلك أغتيال رابين مثلا أثر سلبا على عملية السلام ، ايضا الزعيم الفلسطيني الجديد أما ان يكون أكثر تشددا من عرفات او أقل ، وفي الحالتين سيكون له تأثير على مجريات الصراع.

*ان تفاعلات هذا الصراع لا يزال يتداعى حتى الآن.

* الدولة العربية المعنية بالصراع تنقسم الى قسمين ، دول لا تستطيع مواجهه إسرائيل ودول قادرة على المواجهه لكنها غير راغبة كمصر.

ورغم عدم تحقق السلام بشكل كامل الا انه لا توجد رغبة للدول المعنية –حاليا- في الحرب (حالة اللاسلام واللاحرب).



1) الخلفية التاريخية للصراع:

*التاريخ له أهمية كبيرة في مجال الدراسات السياسية والاستراتيجية ،فالعلاقة وثيقة جدا بين التاريخ والسياسة ويكمن سبب ذلك في ان التاريخ ما هو الا سياسة سابقة

*أصول الصهيونية : يربطون في أساطيرهم ومعتقداتهم كثيرا بينهم وبين أرض الميعاد وهي فلسطين ،وهذا الوعد تحقق مع قيام الكيان الصهيوني ، وقد سموا انفسهم بشعب الله المختار ،وكان لديهم تطلع دائم نحو القدس والتي تمثل لهم اهمية روحية ، اذ تعتبر عندهم مدينة السلام (اورشليم) عاصمة سليمان ع وفيه هيكله. وبسبب ذلك فان القدس تفسر بانها عقبة من العقبات الرئيسية لعملية السلام.

* منذ القرن السادس عشر كان بعض اليهود من كبار السن ينتقلون الى القدس رغبة في قضاء ما تبقى من عمرهم في ارض الميعاد ، وقد سمحت السلطات العثمانية آنذاك لهم بالاقامة في فلسطين ، وكان السبب الغالب في هجرة هؤلاء اليهود الى جانب السبب الروحي ، هو هربهم من الاضطهاد الاوربي وبخاصة الاسباني ، ليقيموا في القدس والجليل بشكل خاص ، وشكلوا آنذا 4% من سكان فلسطين.

*أسس اوائل المهاجرين من اليهود مؤسسة يهودية ذات طابع ديني تدعى (الياشوف) ، كانت تعتمد بشكل أساسي على المساعدات والتبرعات التي تأتيهم من يهود الشتات (اي اليهود الذين لا يسكنون في فلسطين) ، والفترة هذه –من الهجرات البداية حتى تأسيس الياشوف – لم يكن اليهود في فلسطين يعبرون عن أهداف سياسية ، إنما فقط روحية ودينية .

*بي القرن 17 و 18 ظهرت حركة يهودية ذات طابع سياسي في جول اوربا الشرقية والوسطى ، تنادي بالعودة الى فلسطين ، لكن هذه الحركة فشلت في تحقيق أهدافها بدليل ان قيادات تلك الحركة قد اعتنقوا ديانات أخرى.

*بدأ اليهود يتعرضون في النصف الثاني من القرن التاسع عشر لاعمال عنف وإضطهاد في أوربا.

* يمكن تفسير اسباب تلك العمليات الاضطهادية التي تعرض لها اليهود في أوربا بالعوامل التالية :

1) ميل اليهود للانعزال في المجتمعات المختلفة (عقيلة الجيتو) ، وهذا يثير أزمة هوية وإنتماء ، ولاتزال هذه العقلية قائمة لديهم.

2) حركة التحديث والتطوير التي شهدتها أوروبا –حركة العلمنه- بخاصة الثورة الفرنسية التي دعت وبشدة الى مبدئ الاخاء والحرية والمساواة لكل مواطني الدولة وان اختلفت دياناتهم ، وهذا يتعارض مع عقلية الجيتو ، وهذا يعني عدم تقبل الدولة القومية الحديثة في اوربا لفئة اليهود.

3) النزعة القومية المتطرفة لدى الاوربيين بخاصة التطرف النازي والذي تعامل مع فئة اليهود بسلبية حادة.

اذا الحركة الصهيونية ظهرت في أحد جوانبها كردة فعل على معاداة السامية ، وهذه الحركة –اي الصهيونية- حركة علمانية سياسية ليس لها طابع ديني.

*اليهودية ، الصهيونية ، الاسرائيلية مصطلحات مختلفة ، فالاولى ديانية والثانية حركة سياسية علمانية ، والثالثة جنسية.

التطورات التي مرت بها الصهيونية:

في 1896م حدثت دفعة هامة للحركة ، فقد صدر كتاب اسمه الدولة اليهودية لتيدور هرتزل ، يدور عنوانه حول كيفية انشاء دولة لليهود للتخلص من مشكلتهم في اوربا ، وأسس مؤلف الكتاب حركة سميت بالحركة اليهودية العالمية وعقد المؤتمر اليهودي الاول في بازل 1897م لتفعيل النظرية التي طرحها في كتابه ، فبدأت النظرية تأخذ مجرى واقعي.

*وفي هذا المؤتمر تم إقرار البرنامج الاول الصهيوني، وتم الاتفاق على وضع خطة إستراتيجية هدفها الحصول الشعب اليهودي على وطن معترف به ومصان دوليا في فلسطين خلال فترة لا تتجاوز 50 عاما.

ورأى المؤتمر ان من أهم الوسائل لتحقيق الهدف هو تشجيع مبدأ الاستيطان في فلسطين لدى المزارعين والحرفيين والعمال اليهود ، ايضا تدعيم الهوية والوعي القومي لدى اليهود ، والسعي للحصول على موافقة الحكومات الكبرى.

* اكتسب اليهود في عهدهم الاوربي صورة سلبية ، وحتى قبل قيام الدولة، فعملت الصهيونية على تغير ملامح هضه الصورة السلبية وحاولت إظهار الجوانب الايجابية في الصورة النمطية لليهود ، مثل ان اليهودي شخص يتسم بالقوة والقدرة على القتال وانه شخص دؤوب في العمل.

المجتمعات الاستيطانية كانت تمتاز بهذه الخصال ، وهذه الصورة الجديدة تختلف عن الصورة القديمة كليا .

* وعملت الحركة على احياء اللغة العبرية الميتة لكي تصبح لغة متداولة، ففرضت العبرية في الحركة ، واهمية ذلك هو ان اللغة بصفة عامة وسيطة الاتصال بالقومية وأحد دعائم القومية.

* جاءت الحرب العالمية الثانية (1914-1918م) لتعطي اليهود دفعة قوية لانشاء دولتهم ، وتمثل ذلك باصدار تصريح سياسي أطلق عليه (وعد بلفور) في 2 نوفمبر 1917م ، كان هذا التصريح يدور حول الرؤية المستقبلية لبريطانيا في مستقبل الاوضاع في فلسطين.

وأهم ما ورد في هذا التصريح هو (ان الحكومة جلالة الملك تنظر بعين الرضا والارتياح الى المشروع الذي يراد به إنشاء وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين ، وتبذل خير مساعيها لتحقيق هذا الهدف ، وليكن معلوما انه لا يسمح باجراء شيء يلحق الضرر بالحقوق المدنية والدينية للطوائف غير اليهودية الموجودة في فلسطين) . ونفهم من الطوائف غير اليهويدية ان اليهود أغلبية وليسوا اقلية وهذا عكس الحقيقة ، لان عدد اليهود وقتذاك لا يتجاوز ال 7%.

*وعد بلفور اعطى الحركة الصهيونية بقيادة (حاييم وايزمان)- الذي تولى القيادة بعد هرتزل- نوع من الاعتراف الدولية والشرعية الدولية.

بعد صدور هذا التصريح أعلن وايزمان بان الهدف الحالي للحركة هو ارسال عدد يتراوح من 60 الى 70 ألف يهودي الى فلسطين ،وإنشاء مدارس تدرس باللغة العبرية ، وبناء أمة يهودية تدريجيا وعندما يصبح لليهود أعداد كبيرة في فلسطين ستأتي اللحظة التي يتم فيها انشاء الدولة وإعلانها.

*ردة الفعل الفلسطينية كانت عبارة عن مؤتمرات وندوات منذ 1920م أكدوا فيها معارضتهم كاملة للمشروع الصهيوني ، وتسائلوا كيف يسمح لليهود الذين لا يشكلون أكثر من 7% من سكان فلسطين ولا يمتلكون أكثر من 1% من ارضها بان يشكلوا دولة على حساب الاغلبية؟ وحدثت مجابهات عنيفة مع بداية هذه المؤتمرات بين اليهود والفلسطينيين.

* كذلك منذ 1920م بدأت تتشكل المؤسسات الصهيونية ، وسميت الفترة التي تلي هذا العام حتى 1939م بـ(فترة ما بين الحربين) ، وقد تأسست في هذه الفترة المنظمة الصهيونية العالمية التي تركز على اليهود الشتات ، والوكالة اليهودية ومهمتها ادارة املاك اليهود في فلسطين وتمثيلهم أمام السلطات البريطانية. والاتحاد العام للعمال اليهود (الهستدورت) ولعب هذا الاتحاد دورا كبيرا في الاستثمارات والتجارة وكان يعتمد على العمالة اليهودية دون العربية.

*فبشكل عام امتاز الصهاينة بأنشاء مؤسساتهم قبل نشوء الدولة ، وهذا عكس المألوف اذ تنشأ الدولة ثم من بعدها المؤسسات.

كذلك نشأت عدد من الاحزاب السياسية لا تزال مستمرة لهذا اليوم،ومنذ الثلاثينات من القرن السابق -القرن العشرون- أصبحت الحركة الصهيونية حركة أساسية في العالم اليهودي وخصوصا بعد تزايد الاضطهاد الذي يتعرض له اليهود في أوربا الثلاثينات.

في عام 1929م حدثت الازمة الاقتصادية العالمية التي بدأت في نيويورك وانشرت في العالك اجمع (الكساد الكبير)، وهذه الازمة ساعدت على وصول حركة قومية متطرفة في رأس هرم السلطة في أوربا مثل النازية في ألمانيا والفاشية في إيطاليا، وبطبيعة هذه القوميات عاملت اليهود معاملة سيئة بشكل شديد ومتزايد.

ونتجية لهذه التطورات تزايدت موجات الهجرة اليهودية الى فلسطين، ولجأ اليهود المهاجرون الى تكوين جماعات يهودية تعتمد على العنف المنظم مثل (الهاغانا) و(شيترن) – والاخيرة كان يقودها اسحاق شامير وأغلب قيادات هذه المنظمات صاروا ذات مناصب مهمة بعد قيام الدولة- .

*عمل اليهود على زيادة أعدادهم في فلسطين منذ 1945م بصفة خاصة وبدأ أيضا زيادة ممتلكاتهم العقارية وخاصة في المناطق الاستراتيجية بسبب إقترابهم للموعد المحدد منذ 1897م.

*في فترة (1945 – 1947م) ، لعب العامل الدولي دورا مهما في القصية ، ففي 1945م بدأ الغرب (بريطانيا والولايات المتحدة) تهتم بالقضية بسبب نظرتهم للمنطقة من خلال عاملين: 1)الرغبة في الحفاظ على المصالح الغربية في المنطقة ويتمثل ذلك في ضمان تدفق النفط اليها، 2) طمئنة العرب بان مصالحهم لن تنتهك وانهم –الغرب- لن يعيدوا ترتيب أوراق المنطقة في غير صالح العرب. فأقترح الانجليز في يوليو 1946م خطة لتقسم فلسطين الى مقاطعات مستقلة ذاتيا بحيث تبقى المصالح الجماعية خاضعة لسلطات الانتداب.

في 4 أكتوبر 1946م اعلن الرئيس الامريكي (هاري ترومان) موافقته على تقسيم فلسطين بين اليهود والعرب –وكان وقتذاك لم يكن هنا لا دولة عربية ولا يهودية بخلاف فترة اعلان خارجة الطريق التي يوجد فيها دولة يهودية فقط-.

* تزايدت أعمال العنف المنظم زيادة كبيرة في هذه الفترة -1945 الى 1947م - ، واستخدم اليهود وسائل ضعط مثل البيع المضطر أو العنف ، مما جعل الامم المتحدة تتدخل في الموضوع لتشكل لجنة تحقيق مكونة من 11 ممثل ل11 دولة، مهمتها تقديم المقترحات لتسوية المسألة ، وحاولت الجامعة العربية ان تلعب دورا في الموضوع لتحقيق دولة فلسطينية موحدة.

الولايات المتحدة وبريطانيا كانتا متحفظتان ، لانه في نفس الفترة بدأت قوة دولية تنشأ وهي الاتحاد السوفيتي ، فكانت الوايات المتحدة لا ترغب في تتدخل الشوفيت بالمنطقة التي كانت مقتصرة على النفوذ الغربي.

أما اللجنة فاعلنت بانها تؤيد مبدأ إنهاء الانتداب واتفق ال 11 ممثل على ذلك ، ولكنهم اختلفوا في البديل ، 7 منهم ايدوا تقسيم فلسطين –لصالح اليهود- و 4 ايدوا انشاء دولة اتحادية فيدرالية. وأعلنت بريطانيا نتيجة لذلك اجلاء قواتها وتوصي جميع جميع اعضاء الامم المتحدة بالموافقة على قرار التقسيم والعمل على تنفيذه.

قرار التقسيم :

* تزايدت الاعمال الارهابية ضد الفلسطينين ، لاجبارهم على التخلي عن ارضهم ، واستطاعوا –اليهود- السيطرة على طبرية وحيفا وهي مناطق استراتيجة وهذا ما يدل على ان عملهم السابق كان مخططا.

إستمر عمل اليهود السابق ، وبلغ عدد المهاجرين الفلسطينيين الى الخارج ما بين 200- 300 ألف تحت انظار المجتمع الدولي ، والدول العربية آنذاك كانت لا تستطيع التدخل ، لان بريطانيا لم تعلن انهاء الاحتلال في فلسطين ، وذلك يعني ان تدخل الدول العربية في ظل السيرطة البريطانية تتدخلا ضد بريطانيا نفسها.

* في 15 مايو 1948م تم إنتهاء الوجود البريطاني لكن في نفس الوقت تفاجئ العرب بإعلان الدولة الاسرائيلية، وبسبب عدم وجود تنسيق في الاهداف بين الدول العربية ، فمصر وسوريا لا ترغب في ان تتوسع الاردن ،ففشل العرب في التدخل ، وأعلنت اسرائيل انها ستحتفظ بما ستكتسبه من الحرب. في 1948م لم تكن الضفة وغزة والقدس الشرقية خاضعة للسيطرة الاسرائيلية ، وهذا يعني عدم إلتزام اسرائيل بقرارات الامم المتحدة ، وانها واثقة من النصر العسكري

اما الدول العربية فرغم ذلك آثرت التدخل بسبب ضغط الرأي العام الشعبي ، بمعنى انها لم تكن مستعدة لدخول حرب مع إسرائيل ، وفي الجانب الاخر استطاعت اسرائيل ان تستحوذ على تأييد الغرب وعملت على استعمال النغمة التي طالما يستعملها اليهود ، وهي تذكير الغرب بالمجازر التي تعرض لها اليهود في الغرب وان الغرب حاليا – وقتذاك – دول ديموقراطية. كذلك ركزوا على نظرية (عبئ الرجل الابيض) أو المهمة الحضارية لاوربا ، وهي نظرية حاول الغرب من خلالها تفسير الاستعمار بانه خدمة للمستعمرات وليس للاستعمار فقط.

* الى جانب اوراق القوة لدى اسرائيل وعدم التسيق العربي، فقد كانت الدول العربية ضعيفة عسكريا وانهم لم تكن الثقة مترسخة فيما بينهم –العرب-.

* الامم المتحدة عينت وسيطا دوليا وهو (الكونت برنادوت) لأحلال السلام بين العرب واسرائيل ، واستطاع ان يصل الى اتفاقية هدنة في 11 يونيو 1948م – ومعنى الهدنة ايقاف مؤقت للحرب لاعطاء فرصة للسلام-.

اقترح برنادوت مشروع تقسيم فلسطين يتسم ببعض الواقعية –اي بنوع من التوازن النسبي مقابل قرار التقسيم الاول) ، وأحتوى المشروع على مايلي:

1) اعطاء الضفة الغربية للأردن مع اتحاد اقتصادي بين الاردن واسرائيل

2) اعطاء الجليل الغربي لاسرائيل

3) اعطاء النقب لعرب

4) القدس تصبح عربية ، وحيفا تكون ميناء دولي

وتلخص موقف الاطراف المعنية بالرفض ، الدول العربية رفضت لان هذا المشروع يعطي ميزة اقليمية للاردن ، واسرائيل رفضت لان برأيها ان القوة هي التي تحدد حدود الدولة الجديدة.

استطاعت اسرائيل في فترة الهدنة ان تتزود بمساعدات اقتصادية وعسكرية وبعد ان انتهت وقت الهدنة ، انتصرت اسرائيل على العرب ، وهذه الهزيمة عمل على زيادة اعداد الفلسطينيين الذين هاجروا من ارضهم ، وورد في تقرير الوسيط الدولي برنادوت المهتم بقضية اللاجئين ، السماح للمهاجرين (اللاجئيين) بالعودة الى اراضيهم في اقرب وقت ممكن والعيش بسلام مع جيرانهم –اليهود- ووجوب دفع تعويضات عن ممتلكات المتضررين والذين يقررون عدم العودة

فالوسيط الدولي يتبنى مطلبين مفروضين على اسرائيل، الاول عودة اللاجئين ، والثاني التعويض.

طبعا اسرائيل رفضت الامرين لان في منطقهم ان فلسطين ارض لهم ، وقد استعادوها ، وان القبول بعودة اللاجئين وتعويضهم اقرار من قبل اليهود بان الارض فلسطينية وهذا مردود في المنطق الاسرائيلي.

* قدر عدد اللاجئين الفلسطينيين في فترة 1944 الى 1948م 760 ألف لاجئ ، وعدد اليهود عند انشاء الدولة الدولة 650 ألف ، وبالتالي ظهرت مشكلة اللاجئين الفلسطينيين ، كأحد المشاكل المهمة التي تشغل العرب والامم المتحدة في قضية الصراع.

الهجرة اليهودية الى فلسطين (التحدي والمواجهة) :

* إسرائيل كيان إستيطاني غير طبيعي ، اعتمد على الهجرة كضرورة للبقاء والوجود ، اي انه لو لم تكن هناك هجرة الى فلسطين لم يمكن انشاء دولة تسمى اسرائيل ، فللهجرة اهمية محورية لليهود ، ولذلك ايضا تحتل الهجرة اهمية كبيرة في سياسة اسرائيل.

*تعتبر سياسة الاستيطان مهمة ايضا لانها اجمع بين عاملين ، الديموغرافي والجغرافي ، ولذلك تتناقض الصهيونية تناقضا جوهري مع وجود الفلسطينيين وهذه طبيعة المجتمعات الاستيطانية (تناقض بين المستوطنين والسكان الاصليين).

*تمتاز الهجرة اليهودية الى فلسطين عن الهجرات السابقة التي تمتاز بانها فردية ، بان الهجرة اليهودية هي عملية تهجير لنبية اجتماعية كاملة من موطنها الاصلي الى فلسطين.

مراحل الهجرة اليهودية :

1)المرحلة الاولى ( 1882م -1948م) :

*هذه المرحلة شهدت نموا تدريجيا في العدد، بداية هذه المرحلة كانوا 23ألف، ومع بداية الحرب العالمية الاولى 1914م وصل عددهم الى 85الف ، وشهدت طفرة في اعداد اليهود المهاجرية الى فلسطين ، بسبب النازية والضغوط الاوربية والازمة الاقتصادية.

في عام 1935م وحدها هاجر 62 ألف يهودي ، وهذا يدل على اقتراب الموعد المحدد لقيام الدولة.

*ايضا ارتفع الرأسمال اليهودي الذي جلبه المهاجرون معهم

*بلغ إجمالي اليهود في فلسطين عام 1935م 375 ألف وشكلوا نسبة 30% من إجمالي سكان فلسطين بعد أن كانوا 7% عام 1920م

هذه العملية ترتب عليها ردود فعل ، فبريطانيا أصدرت في عام 1939م قرارا يتعلق بتقيد الهجرة اليهودية الى فلسطين خلال وثيقة سياسية سميت بـ(الكتاب الابيض) –والمنع هو منع تام ، أم التقييد فيقصد به تحديد أعداد المهاجرين- ، وقيدوا الهجرة بحيث لا تتجاوز الاعداد 75 ألف لخمسة سنوات تالية ل1935م أي متوسط سنوي 15 ألف مهاجر.

الهدف من ذلك هو محاولة بريطانيا كسب العرب في الحرب العالمية الثانية. عارضت الحركة اليهودية ومؤسساتها هذه القرارات ، ولجأت الى انتقاد هذه السياسات والضغط على بريطانيا، وقامت بتهريب المهاجرين اليهود الى فلسطين.

بريطانيا تراجعت في 1946م عن قرار التقيد ، وبالتالي سمح هذا التراجع بتدفق موجات الهجرة الى فلسطين ،وبلغ عدد المهاجرين منذ قيام الدولة الى 650 ألف.

*اليهود من خلال حرب 1948م استطاعوا أخذ 77% بعد ان حصلوا على النسبة التي حددتها الامم المتحدة وهي 56.5 % عام 1947م، بينما لم تكن حركة الاستيطان تمتلك أكثر من 6% قبل 1946م.

2)المرحلة الثانية (1948م -1967م):

*لم يكن قيام الدولة نهاية لموجات الهجرة اليهودية ، بل استمرت بعد قيام الدولة وباكثر سهولة ، ولذلك قامت المؤسسات اليهودية بزيادة جهودها من اجل تشجيع اعداد كبيرة من اليهود ليهاجروا الى فلسطين.

*اسرائيل أصدرت بعض القوانين الهامة التي كان من شئنها ان تجعل الهجرة اكثر سهولة ، مثل قانون العودة وقانون الجنسية.

*قانون العودة: من حق اي يهودي في العالم ان يهاجر الى اسرائيل.

*قانون الجنسية: اي يهودي ياتي الى اسرائيل يكتسب الجنسية الاسرائيلية.

*الهجرة في هذه المرحلة إتسمت بغلبة عنصر اليهود الشرقيين (السفرديم)، بينما الهجرات التي سبقت قيام الدولة فكان العنصر الغربي (يهود الشكيناز) هو الغالب.

*كذلك جاء الكثير من يهود الشرق الاوسط في هذه الفترة الى فلسطين،فهاجر من العراق 24 الف يهودي عراقي ، من اليمن 45 ألف يهودي في 1949م، وكان اجمالي اليهود الذين هاجروا الى اسرائيل 239 ألف في 1949م، وإجمالي عدد المهاجرين من 1948 الى 1967 قد تجاوز المليون مهاجر –اي خلال عشرين عام- زيادة على عدد المواليد الجديدة في اسرائيل.

3)المرحلة الثالثة (1967م- الآن):

*في هذه المرحلة استطاع الصهاينة من السيطرة على اجمالي مساحة فلسطين ،إضافة الى أجزاء من دول عربية أخرى ،سيناء من مصر والجولان من سوريا. وبطبيعة الحال نتوقع زيادة عدد المهاجرين الجدد بزيادة المساحة.

*فلذلك بدأت اسرائيل سياسة استيطانية مكثفة بعد حرب 1967م التي خرجت منها منتصرة ، وبدأت ايضا بتشجيع اليهود الخارج باعلانها انها محتاجة الى ما لا يقل عن 100 الف يهودي كل عام.

*بلغ عدد اليهود المهاجرين في خلال ثلاثة عقود ونصف أعقاب قيام الدولة (من 1948 –1983م) مليون و700 ألف يهودي ، وعملت اسرائيل ايضا على تهجير نوعيات جديدة من اليهود في السبعينات خاصة يهود الاتحاد السوفيتي والسبب في ذلك يتلخص في عاملين :1)عامل الكم ، فيهود الاتحاد السوفيتي السابق عددهم كان قرابة 2 مليون ، ولذلك بذلت اسرائيل جهودا كبيرة بهذا الخصوص وقد تمكنت حتى الان من تهجير مليون يهودي، 2)عامل الكيف ، فاغلبهم متعلمين و متخصصين في تخصصات نادرة وهامة ، فنسبة كبيرة منهم من العلماء والمهندسين والاطباء ، ونسبة كبيرة منهم شباب . وهم حاليا يشكلون 16% من إجمالي مهندسين اسرائيل والمتخصصين في علوم التكنولوجية المتطورة وذوي التخصصات النادرة ، و20% من اطباء اسرائيل ، و10% من الممرضات.

* في مقابل ذلك اتبعت اسرائيل سياسة سكانية مضادة اتجاه فلسطين ، وبالتالي يتحقق التفوق السكاني لصالح اليهود (تفوق ديموغرافي)

*أصبحت ارض فلسطين مقسمة الى ثلاثة اقسام رئيسية بعد 1948م:1)الارض التي أحتلتها اسرائيل عقب قيامها وتشمل 77% من المساحة الاجمالية لفلسطين. 2)الاراضي التي تقع تحت الادارة الاردنية وتبلغ 21.7% 3)قطاع غزة 1.3% ويقع تحت الادارة المصرية.

*ذهب أغلب الفلسطينيين الى المنطقتين اللتين تقعا تحت الادارة العربية –المصرية والاردنية- ، فاستقبلت الضفة الغربية 280 ألف فلسطيني من الذين تم تهجيرهم من المناطق التي احتلتها اسرائيل، وتعادل 38% من نسبة المهاجرين المطرودين. ووصل العدد في 1949م الى 774 ألف في الضفة ، هذه الزيادة المفاجئة ترتب عليها زيادة الاعباء وكثافة سكانية عالية (137 في كل كلم3). وبسبب ذلك نتوقع الى زيادة الضغوط الاقتصادية هجرة أخرى من جانب الفلسطينيين لخارج الضفة.

*بالنسبة لقطاع غزة فقد مرت بنفس التطورات السابقة ، ووصل عدد السكان الى 270 الف في 1949م ثم هجرة ثانية .

*تكررت مأساة في 1948م ففي 1967م تم احتلال كل فلسطين ، وكانت فجائية وقصيرة الزمن ، وهذا ادى الى زيادة كمية المهاجرين بالنسبة ل1948م.

* اتبعت اسرائيل سياستين ديموغرافية :1) تكاثرية لليهود 2)تحديدية للفلسطينيين. ولتفعيل هذه السياستين عملت على تهجير الفلسطينيين (سياسة التهجير) في وقت الحرب والسلم ، وهذه السياسة بهذه المعنى سوف يشهدنا تقلص في عدد الفلسطينيين، كذلك استخدمت سياسة التمييز الاقتصادي ضد الفلسطينيين، وقد تمثل ذلك بالسماح للعرب بالعمل في الوظائف الهامشية اقتصادية ، والتمييز في مجال الاجور وظروف العمل ، كذلك التمييز في الصحة والمرافق والخدمات والتعليم. كذلك استخمدت سياسة الاستعمار الاستيطاني عن طريق مصادرة املاك الفلسطينيين بحجج مختلفة.

أبومرتضى
11-12-2004, 11:22 PM
(غياب . يوم السبت 11-10)



العوامل المؤثرة في الهجرة:

* التسرب اليهودي في فينا:

تعتبر فيينا مقر تجمع المهاجرين اليهود قبل ان يهاجروا الى فلسطين ، ونسبة من هؤلاء اليهود يقررون البقاء في فييا وهذا ما يسمى ب(التساقط اليهودي).

*عامل البريسترويكا:

وهي لفظة روسية أطلقت على السياسة الجديدة التي انتهجها الرئيس غورباتشوف في روسيا ، وهي تعني اعادة البناء ، وارتبطت بهذه السياسة سياسة أخرى وهي (الغلاسنوست) وهي المكاشفة والمصارحة ، وهدف كل من السياستين هو ان تصبح روسيا اكثر انفتاحا وأكثر ديموقراطية، وهذا ما يساعد على عدم تصعيب الهجرة اليهودية وبالتالي زيادتها.

* عجز الانظمة الانظمة الاشتراكية مجاراة الرأسمالية في العديد من المجالات:

خصوصا في مجالات الاقتصاد والمال والتكنولوجيا ، والمواطن السوفيتي شعر بفجوة في معيشته وما يتمنى ان يعيشه بسبب المشاكل الداخلية للسوفيت ،فشجع السوفيت اليهود على الهجرة لتقليل العبئ الاقتصادي.

*الخوف من المجهول :

سيطر هاجس الخوف من المجهول على اليهود في الاتحاد السوفيتي السابق ، لان الاخيرة كانت تعاني من توترات داخلية واحتمال حدوث انقسامات ، وكان اليهود يخافون من ان يكونوا كبش فداء لتلك العمليات.

*سياسة الترهيب والترغيب:

فالترغيب في الجنة في ارض الميعاد ، والترهيب في معادات اليهود يؤديان الى نفس الهدف وهو التشجيع على الهجرة الى فلسطين ، وقد نجد بعض المنظمات اليهودية افتعلت حوادث بين اليهود انفسهم مموهين بان حكوماتهم الاوربية من ارتكبت تلك الحوادث.

*حالة الاحباط والتمزق العربي:

كان هدف اسرائيل بعد قيام الدولة هو ان تصل الى مرحلة يمكن فيها استقبال 100ألف يهودي مهاجر .

في عام 1993م هاجر الى اسرائيل 200 ألف يما معنى ضعف الهدف المنشود، وهذه ليست مصادفة مع معاهدة اوسلو. وكان اغلبية هؤلاء ال200 ألف من السوفيت(93%).

ويلاحظ ايضا ان الارتباط بالايدولوجية الصهيونية في هجرة الموجات اليهودية الاخيرة أقل نسبيا مما قبلها.

اذا انه نتيجة لهذه الهجرة الواسعة لليهود والتي تعني تزايد العامل الديموغرافي يترتب عليه حاجة جغرافية ، فعلى الارجح ان تتوسع إسرائيل على حساب الدول المجاورة وبخاصة المناطق التي تحتوي على مياه وافرة.

مرحلة الصراع بين العرب وإسرائيل:

حرب يونيو 1967م:

وهي نوع من الاعتداء الاسرائيلي على ثلاث دول عربية ، وكانت فجائية سريعة -6 أيام- ، ركزت اسرائيل في هذه الضربة على مصر بهدف ضرب التنمية الناصرية.

تحملت الدول العربية خسائر عسكرية، القوات الاردنية تراجعت عن الضفة والقدس حتى الاردن لتدافع عن العاصمة ، والجيش السوري تراجع ايضا للدفاع هو الاخر عن عاصمته. وأحتلت غزة وسيناء كاملة ، وانسحبت القوات المصرية حتى الضفة الغربية لسيناء ، وكانت القوات الاسرائيلية تبعد عن القاهرة مسافة 101كم.

ولذلك أعلنت اسرائيل استغلالا للانتصار مايلي:

1)دمج القدس العربية بالقدس اليهودية.

2)التحلل من اتفاقية رورس (اتفاقية الهدنة عام 1948م)

3)رفضت الاعتراف بالسيادة الاردنية على الضفة الغربية ، واعلنت بان الضفة كانت محتلة من قبل الاردن وان ما حدث هو تحريرا لها.

مواقف الاطراف المختلفة:

*إسرائيل : تتجنب إسرائيل المفاوضات مع العرب ككتلة واحدة ، إنما تريد أن تتفاوض مع كل دولة على حدة كحركة سياسية.

أعلنت اسرائيل بان تسوية النزاع العربي الاسرائيلي يكمن في الاعتراف بالامر الواقع –منطق القوة - ، وأعلنت ايضا بانه لا بد من تطبيع العلاقات العربية الاسرائيلية. وهذا يعبر عن ان اسرائيل تريد الاستفادة من نصر 1967م.

*السوفيت: يتلخص في ادانة الاحتلال وانسحاب اسرائيل من كافة الاراضي المحتلة، وقطعت العلاقات مع اسرائيل واقنع السوفيت من يقبع تحت نفوذهم على نفس الاجراء.

*فرنسا: كان يتسم بالتوازن والاعتدال ، لانها أعلنت قبل الحرب بانها لن تكون مع الطرف البادئ ، فأدانت الكيان الصهيوني لاحتلاله الاراضي العربية، وطالبت بالانسحاب من تلك الاراضي ، وطالبت ايضا بالاعتراف بحق اسرائيل في الوجود، لانه برأيها ان العرب بالغوا كثيرا في قوة العرض العسكري ، وان الهزيمة العربية كانت مفاجئة ولكي يتخطى العرب عنصر المفاجئة ناشدت الدول العربية بالاعتراف.

*الولايات المتحدة: إستخدمت اسرائيل اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة لتحقيق مزايا لصالحها ، زيادة على التلاقي المصلحة الامريكية مع المصلحة الاسرائيلية.

وانطلاقا بمبدأ المباراة ذات الحصيلة الصفرية ، لم ترغب الولايات المتحدة الامريكية بتغلغل السوفيت في هذه المنطقة على حسابها ، هذه العوامل الثلاثة بررت الموقف الامريكي من القضية.

وتمثل الموقف الامريكيفي اتهامها للعرب بانهم هم المسؤولين عن الحرب بسبب إغلاقعم خليج العقبة (اغلق قبل 5 يونيو) ومنعهم للملاحة الاسرائيلية.

وترى السياسة الامريكية ايضا بانها لن تضغط على إسرائيل للإنسحاب إلا في إطار تسوية شاملة.

وأهم مبادئ هذه التسوية الشاملة ما يلي:

1)الاعتراف بجميع الامم بالوجود.

2)تطبيق حل عادل لمشكلة اللاجئين.

3)حرية الملاحة عبر الممرات الدولية.

4)تحديد سباق التسلح (اي الحفاظ على التفوق العسكري الاسرائيلي).

5)صيانة الاراضي الاقليمية للأطراف

*مصر: حاولت تدويل النزاع ، واضفاء الصفة الدولية لها ، لان الرئيس عبدالناصر أدرك بان في غياب الضغوط الامريكية على اسرائيل فان اسرائيل ستظل متشددة في موقفها ، كذلك إن المجابهه الثنائية بين مصر واسرائيل لن تكون في مصلحة مصر.

ولذلك حاول تدويل النزاع لتحفيف التشدد الاسرائيلي ، والى دفع الولايات المتحدة الامريكية بان تهتم بتسوية النزاع.

واتبع الرئيس عبدالناصر عدة خطوات لتدويل النزاع وهي :-

1) زيادة الاعتماد على المساعدات العسكرية السوفيتية لتعويض الخسائر العسكرية وزيادة المقدرة بعد هزيمة 67 فضلا عن هدف تدويل الصراع.

2) زيادة التواجد السوفيتي في المنطقة والذي يعطي للروس أملا في حقيق حلمهم القديم وهو الوصول الى المياه الدافئة.

3) الاستعانة بالخبراء والمستشارين العسكريين السوفيت (وقد وصل عدد الخبراء السوفيت الى 20 ألف تقريبا). وقد زاد هذا الجراء قلق الولايات المتحدة الامريكية.

4) تهيء تسهيلات عديدة للاسطول السوفيتي.

كل هذه الاجراءات اعطت السياسة المصرية قدرة تساومية مع الولايات المتحدة ، ولذلك طلبت مصر من الاتحاد السوفيتي السابق ان يمثلها في أية مفاوضات مع الولايات المتحدة من أجل حل النزاع .

وهذا كله يعني قد تم تدويل النزاع بنجاح ، وتحول النزاع الاقليمي الى نزاع دولي من خلال توريط القوتين العظمتين.



الموقف العربي:

* يقسم العرب الى دول المواجهه مع العدو ، ودول الدعم للدول المواجهة ، ودول لا داعمة ولا مواجهة.

والمنطق هنا دعم الدول النفطية دول المواجهه العسكرية ، وفي هذا الاطار –اطار التنسيق المتبادل- قرر وزراء العرب عن حظر شحنات البترول للدول المؤيدة لإسرائيل (الولايات المتحدة وبريطانيا) . في المقابل كان الرئيس عبدالناصر يريد الحصول على المزيد من الدعم من دول الدعم ، وذلك لسببين هما: 1) حرب 67 ادت الى اغلاق قناة السويس الذي كان يعتبر مصدرا للعملة الصعبة لمصر، 2) لتعويض الخسائر وتطوير الترسانة العسكرية.

ومن هنا حدث التناقض ، فالدول النفطية اظهرت عدم قدراتها في زيادة دعم مصر بسبب قطع موردها الاساسي الذي يأتي من بيع النفط.

ولذلك عقد في 29-8-1967م مؤتمر القمة العربية في الخرطوم والذي من اهم قراراته:

1) إلتزام مصر بانسحابها من اليمن (لان مصر كانت متورطة في دعم النظام الجمهوري الذي يقف ضد مصالح الدولة السعودية ،وهذا ما أدى الى توتر العلاقات بين مصر والسعودية ، ومصر بعد 67 بحاجة الى دعم سعودية النفطية ، ومعنى ذلك انه يجب عليها تحسين العلاقاتها مع السعودية من خلال انسحابها من اليمن).

2) رفع الحظر النفطي مقابل تخصيص 20% من عوائد النفط كدعم للدول المواجهه.

3) ضرورة تجميع الجهود لإزالة آثار العدوان، لان الارض المحتلة في 67 ارض عربية وجب على جميع العرب استرجاعها وان ذلك مسؤولية جماعية للعرب.

فتم الاتفاق على توحيد الهود في المجال الدولي والمجال الدبلماسي لازالة اثار العدوان. وتم استخدام السلاح التفطي استخداما ايجابيا.



الموقف الدولي:

عبرت المحافل الدولية عن رأيها في قرار 242(22 نوفمبر 1967م) كالتالي:

اعتبرت بان هذا القرار يعتبر من القرارت الهامة في الشرعية الدولية، وطلب الامين العام للأمم المتحدة ايجاد وسيط دولي يهدف الى حل النزاع. وقد قبل الرئيس جمال عبدالناصر بفكرة الوساطة ولكن بشروط وهي:

1) عدم العترافي باسرائيل الا بعد تسوية نهائية تتضمن استرجاع مصر لجميع أراضيها.

2) عرض قضية خليج العقبة على محكمة العدل الدولية.

3) ربط حرية المرور في قناة السويس مع حالة تطبيع وتسوية عادلة لمشكلة اللاجئين.

*وجاء موقف دول العالم الثالث داعما للمطالب المصرية وتنادي بالانسحاب الفوري من قبل إسرائيل من الاراضي المحتلة ، وتحذر من خطورة احتلال اراضي الغير بالقوة للا يمثل ذلك سابقة تؤدي الى فوضى سياسية تالية.



مشروع قرار 242 :

وقد قدم الاتحاد السوفيتي قبله مشروعا لمجلس الامن لكنه رفض ، ثم قدمت بريطانيا مشروع آخر وافق المجلس عليه ، وسمي هذا القرار بقرار 242 وفيه:

الديباجة:

· مجلس الامن يعلن عن قلقه المتواصصل حيال المنطقة وإذ يؤكد عدم الاستيلاء على الارض بواسطة الحرب ، والحاجة الى العمل من أجل سلام عادل ودائم تستطيع كل منطقة أن تعيش بالامن.

· ويؤكد بان كل دول الاعضاء في الامم المتحدة يطبق مادة 2 من الميثاق بقبوله هذا القرار



وأولا : ان تحقيق مبادئ الميثاق يتطلب إقامة سلام عادل ودائم في الشرق الاوسط ويستوجب ذلك تطبيق مبدأين هما:

1) سحب القوات المسلحة الاسرائيلية من اراضي (الاراضي) التي احتلتها في النزاع.

2) جميع الادعاءات أو حالات الحرب ، واعتراف بسيادة ووحدة اراضي كل دولة في المنطقة واستقلالها السياسي وحقها في العيش بسلام ضمن حدود آمنة وحرة من التهديد او اعمال العنف.

ثانيا: يؤكد ضمانة حرية الملاحة في الممرات المائية الدولية ، وايضا تحقيق تسوية عادلة لمشكلة اللاجئين وضمان الاستقلال السياسي لكل دول المنطقة.

ثالثا: يتم تعيين ممثل خاص من قبل الامين العام للاتصال مع الدول المعنية لتحقيق تسوية سلمية وفقا لمبادئ ونصوص القرار. (آلية لتنفيذ القرار)



ملاحظات على اقرار:

· إنه يتضمن توفيق ماهرة بين المصالح المتعارضة حيث وضع درجة الانسحاب مع نفس الدرجة والاهمية في العيش بسلام ، والانسحاب لصالح العرب والسلام لصالح الصهاينة. كذلك تظهر المهارة في مسألة حرية الملاحة التي وضعت بنفس الاهمية لمشكلة اللاجئين.

· يتضح أيضا مدى خداع الصياغة البريطانية التي قالت .. (اراضي) بعكس (الاراضي) التي تعني الانسحاب من جميع الاراضي العربية، وقد استخدم صيغة الاراضي في جميع اللغات بالاخص الفرنسية.



المواقف:

*مصر والاردن ولبنان قبلت القرار ، اما الفلسطينيين و السوريين فقد رفضوا، والاسرائيليون وافقوا على الصياغة البريطانية.

*إسرائيل أعطت تفسير لهذا القرار وهو ان سيناء ليست مصرية! والجولان ليست ملكا لسوريا ، وفلسطين تحت الانتداب لهاوضعية قانونية خاصة ، والهدف من ذلك كله هو عدم التعارض مع ميثاق الامم المتحدة الذي لا يجيز احتلال اراضي الغير بالحرب.

* الدول العربية رأت بانه من الصعب ان يعقد اي اتفاق مع اسرائيل دون انسحاب الاخيرة من الاراضي العربية التي احتلتها عان 67 ،وهذا الموقف العربي يبدوا عليه انه اعطى الاولوية للمصلحة العربية على المصلحة الفلسطينية، ومن هنا بدأ يحد لأول مرة تناقض بين المصلحة العربية والفلسطينية ، وهذا ما سبب اطلاق المقاومة الفلسطينية سواء في الاراضي التي احتلت في 67 أو في الدول العربية التي احتضنت المخيمات الفلسطينية مثل الاردن ولبنان.



المقاومة الفلسطينية :

*إنطقلت المقاومة الفلسطينية بعد حدوث تناقض بين المصلحة العربية والمصلحة الفلسطينية ، وصيرورة العلاقة بين المصلحتين علاقة عكسية.

*تعددت المنظمات المقاومة لعدة عوامل اهمها : 1)الاختلافات الايدولوجية. 2) المنافسة بين الدول العربية التي تحتضن المنظمات.

أشهر المنظمات وأقدمها هي منظمة فتح، وكانت تعتبر ممثلة للقومةي الفلسطينية، وكانت تعبر عن اتجاه قومي فلسطيني ، ووفقا لوجهة نظر هذه المنظفة فان تحرير فلسطين اولى من وحدة العرب.

*هناك منظمة فدائية أخرى وهي الجبهه الشهبية لتحرير فلسطين، والتي بدأت في 11 ديسمبر 1967م وكانت تعبر عن اتجاه ماركسي تحاول الارتباط بين النضال من أجل تحرير فلسطين وبين النضال العالمي ضد الامبريالية، فنضال الاول هو جزء من النضال الثاني في رأيها، وكانت تتبنى منهج الماركسية العلمية (تتوافق مع بكين وموسكو).

حدثت انشقاقات في هذه المنظمة فظهرت منها الجبهه الشعبية لتحرير فلسطين بقيادة (أحمد جبريل)، والجبهه الديموقراطية لتحرير فلسطين بقيادة (نايف حواتمة).

* وهناك مقاومة أخرى كانت تدعى بمنظمة الصاعقة وهي ترى بأن الثورة الفلسطينية هي جزء من الثورة العربية من الثورة العربية الاشمل، وإن مصير فلسطين هو في إطار (سوريا الكبرى) –فكانت تؤيدها سوريا-.

*جبه التحرير العربية وكانت تؤيد البعث العراقي ، ومنظمة الانصار وهي متأثرة بالتيار الشيوعي.

*هذه المنظمات اعتبرت بان النضال المسلح هو الوسيلة الوحيدة لتحرير فلسطين، تأثر هذا المبدأ بالتجربتين الجزائرية والفيتنامية.

*هذه المنظمات الفلسطينية أدت الى نوع من التخوف في النظام العربي من القيام باعمال غير مسؤولة التي يمكن ان تقوم بها هذه المنظمات.

*يلاحظ بان هزيمة 1967م أثرت تأثيرا سلبيا على مصداقية منظمة التحرير الفلسطينية التي كان يتزعمها (أحمد الشقيري) –وكان يطلق على هذه المنظمة منظمة التحرير الاولى- بسبب اعتمادها على الكلام المتطرف، فقامت المنظمة بتعديل ميثاق 1964م واعطت الاولوية للنضال المسلح، واهم المواد التي أضيفت هي:

مادة 9: الكفاح المسلح هو الطريق الوحيد لتحرير فلسطين.

مادة 21: الشعب الفلسطيني والمنظمة يرفضان كل الحلول البديلة عن تحيري فلسطين تحريرا كاملا.

مادة 22: الحركة الصهيونية عنصرية استيطانية فاشية.

وهذه المواد التي عدلت والتي اعطت الاولوية لتحرير فلسطين حذفت بعد توجه الفلسطينيين نحو السلام!

* من المشاكل التي واجهتها فتح هو التردد من اختيار منظمة واحدة ذات توجه واحد وإلغاء كافة المنظمات الاخرى ولو باستخدام القوة، أو بالتعددية؟ وتم اختيار الخيار الاخير لان المنظمات الفدائية ليست مجرد أحزاب سياسية بل هي تعبر عن تنظيمات مسلحة شبه نظامية، فلو حدث أي اختلاف مسلح فسيؤدي ذلك الى حرب أهلية وهذا لا تريده المنظمات كلها.

*أصبح (ياسر عرفات) رئيسا للمنظمة الثانية منذ عام 1969م وقام بخدمات مدنية مثل تأسيس الهلال الاحمر الفلسطيني ،مركز الدراسات الفلسطينية ، مكاتب سياسية وغيرها من المؤسسات التابعة للمنظمة لتصبح الاخيرة شبه دولة وهذا ما يعيد للأذهان إسلوب اليهود المتميز في تأسيس المؤسسات قبل قيام الدولة.

وقد كان مصادر التمويل التبرعات التي يقدمها فلسطينيو الشتات.

أعلنت المنظمة في يناير 1969م رفضها القاطع لقرار مجلس الامن رقم 242 الذي يتجاهل الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وأعلنت بان هدفها هو اقامة دولة فلسطينية مستقلة وديموقراطية.

*إسرائيل في تلك الفترة كانت ترفض وجود الشعب الفلسطيني، أما على الجاتب الاخبر فكانت هناك جهودا دولية تمثلت في إصدار الجمعية العامة في ديسمبر 1969م لأول مرة اعترافا بالحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني ، وحل بذلك مصطلح الشعب الفلسطيني بعد ان كان يطلق عليهم في الجحافل الدولية باللاجئيين الفلسطينيين.

*عدد الفدائيين الفلسطينيين وصل الى حوالي 20ألف في نهاية 1968م، وأصبحت المخيمات الفلسطينية وفي الاردن بشكل خاص مركزا للعمليات الفلسطينية، مما أدى الى وقوع مصادمات بين تلك المنظمات وبين السلطات الاردنية ، وهذه المصادمات كانت تقوم على مبدأ السيادة.

* وجهت إسرائيل اتهامات الى الاردن بالتواطؤ مع الفدائيين الفلسطينيين عام 1968م ، وكانت تضرب الاردن عدة مرات كنوع من الضغط ، فقامت التنظيمات الفلسطينية بعمليات مضادة تمثلت في خطف الطائرات الاسرائيلية في أوربا ، وهاجموا بعض الطائرات المدنية الامريكية ، وكان الهدف من ذلك هو الضغط على الاطراف حتى يتم أخذهم في الاعتبار كأحد الاطراف الهامة.



المواقف:

الموقف المصري : كان الرئيس عبدالناصر مدركا في ان حل الصراع لن يتحقق في اعمال العنف إنما بالحرب النظامية ، لكن يمكن الاستفادة من عمليات العنف كأداة ضغط سياسية ، لذلك أوضح الرئيس للقيادات الفلسطينية إنه لا يوجد تناقض بين مصلحة مصر وفلسطين. ولذلك يحق للفلسطينيين من وجهة نظر الرئيس عدم قبول اي قرار لا يتوافق مع مصلحتهم والتحرك وفقا ما يحققه لمصلحتهم. وقد سألهم : لماذا لا تكونوا اللامسؤولين بيننا؟.

فوجهة نظر الرئيس هو ان تكون المقاومة الفلسطينية أداة جديدة -بعد التورط السوفيتي و تمويل الدول النفطية لدول المواجهه -الى القوة العرية لمساعدتها في الضغط السياسي على اسرائيل لايجاد تسوية.

الموقف السوري: كان يتميز بنوع من الازدواجية، فكانت هناك تفرقة بين موقف سوريا من المقاومة الفلسطينية في الداخل وبين المقاومة في الخارج ، فكانت تشجع المقاومة الخارجية سواء في لبنان اوالاردن او غيرها ، لكنها لا تريد ان تكون المقاومة داخل سوريا.

الموقف اللبناني –والذي هو اكثر الدول المتأثرة بظروف الصراع سلبيا -، فقد طلب رئيس الوزراء اللبناني (رشيد كرامي) ان يدخل لبنان الحرب، لكن قيادات الجيش اللبناني رفض ذلك ،وكانت الاستخبارات اللبنانية تراقب المخيمات الفلسطينية ، في وقت كان مسلمو لبنان يتعاطفون مع الفلسطينيين والعرب ، وقد قامت تظاهرات ضخمة في أواخر الستينات تأييدا للفلسطينيين.

* قامت اسرائيل بتوجيه ضربة انتقامية للبنان في اواخر عام 1968م ، فدمرت الاسطول اللبناني الجوي ، مما اثارت التناقضات الداخلية في لبنان.

*الجيش اللبناني حاول التحكم بعمليات الفلسطينيين وحدث توتر كبير في لبنان ، وقد تدخل الرئيس جمال عبدالناصر لوقف هذه الازمة وتم التوقيع على اتفاقية القاهرة 1968م واهم بنوده كان اضفاء الشرعية للتواجد الفلسطيني وسمحوا لهم باعمال الفدائية في الجولان وليس في الارض التي احتلت في عام 1948م.

*عينت الامم المتحدة وسيطا لها بين اطراف النزاع الشرق اوسطي وهو (جونار يرن) –سويدي الجنسية- ، والهدف من عمله هو تطبيق قرار 242، لكن مهمته فشلت.

*انتهزت مصر الهدوء النسبي للاشهر الاولى لعام 1969م في جبهة سيناء، فعملت على اعادة بناء قوتها العسكرية بدعم من الاتحاد السوفيتي، وكان يعد من ذلك لعمل عسكري وهذا العمل العسكري اذا حدث يرغم الجهات الدولية للتدخل في النزاع ، اي تدويل النزاع.

*اسرائيل بدأت ترد بغارات على الاهداف المدنية لمصر ، وقامت بإنشاء خط دفاعي حصين على الضفة التي تسيطر عليها من السويس، وأطلقت عليها خط (بارليف) ، وقد قل عنه بانه لا يمكن ازالته الا بالسلاح النووي ، الا ان المصريين استطاعوا تحطيمه بخراطيم المياه في حرب 1973م.

* أعلن (نيكسون) بعد توليه المنصب الرئاسي باسبوع عن قلقه أزاء خطر انفجار الاوضاع في الشرق الاوسط (وهذا ما يهدد بانفجار مواجهه بين القوتيين العظميتين) ، وهذا دليل على نجاح خطة تدويل النزاع.

كان الرئيس نيكسون يحاول ان يصل الى ابرام خطة تمنع السوفيت من السيطرة على المنطقة ، وكان وزير خارجيته (روجرز) يرى ضرورة حل هذا الصراع بعكس مستشار الامن القومي (هنري كيسنجر) الذي رأى بان ترك الصراع بلا حل مصلحة للولايات المتحدة الامريكية ، ليظهر للعرب بان الحليف السوفيتي فاشل مما يؤدي الى توجهه العرب الى الولايات المتحدة.





حسين علي العباسي الدشتي


http://members.lycos.co.uk/drdashti/t_sra3_arbi_sehyoni.htm