المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عندما يلبس مخلب القط .........عمامة(مقال مهم للدكتور موسي الحسيني)



الدكتور عادل رضا
11-12-2004, 02:49 AM
د. موسى الحسيني

لم يتوقف السيد السيستاني عند حد اعتبار حق التواجد الاميركي في العراق يساوي نفس حق المقاومين من ابناء الشعب العراقي لتواجدهم في العراق ، بل تمادى ولمرات عديدة ليغلب حق القوات الاميركية في التواجد على حق المقاومين العراقيين ، عندما دعى الى خروج ما اسماهم بالمسلحين من النجف لابطال حجة الاميركان في مواجهة هؤلاء السكان بسبب تواجدهم في مساكنهم ومدنهم . لكي تدخل جزمات تحالف الصهيونية العالمية مع اليمين المتطرف بسلام للارض المقدسة بسلام .

***
النص التالي ماخوذ من البيان التاسيسي للمجلس الأعلى للثورة الاسلامية في العراق ، الصادر في 1983 ، والذي وقع عليه في حينها جميع الاحزاب والحركات الاسلامية ، مثل المجلس بتركيبته الحالية – انصار الحكيم - ، حزب الدعوة باطرافه المختلفة ، منظمة العمل الاسلامي ، جند الاسلام وغيرهم من الاطراف والشخصيات التي تشارك جميعها او تنتظر دورها للمشاركة في الادارات المحلية التي شكلتها سلطة الاحتلال ، سواء ما عرف منها بمجلس الحكم ، او الحكومة المؤقته . وتحت عنوان فرعي في البيان التأسيسي " الخطوط العملية العامة للتحرك " وبعد مناقشت الفرق بين العمل السياسي والعمل الجهادي وتأكيد البيان لرفض العمل السياسي ، يقول البيان معرفا العمل السياسي اولاً : " ولايعني العمل السياسي الا التفاهم المطلق مع الاستكبار العالمي ، والمستكبرون ليسوا أناس مغفلين او ضعفاء العقول يمكننا تحقيق أهدافنا عن طريقهم ونحتفظ بوجودنا وأستقلالنا ، فالأستكبار العالمي يرى نفسه ( الرب الأعلى ) الذي بيده زمام الأمور ، والتفاهم معه يعني الأستسلام المطلق له .
ونقول للبعض ممن يفكر بهذا الشكل ، أن الأستكبار اذا أراد التفاهم فأنه لايتفاهم مع الطيبين من أبناء الاسلام ، لأنه لايحبهم ولا يراهم مؤهلين لهذا التفاهم ، وهناك أناس أقرب الى ذوقه وفهمه وتفكيره وأخلاقياته يراهم وؤهلينلذلك ، ويمكنهم ان يتحولوا الى أتباع ، ونحن لايمكن ان نتحول الى اتباع ، وأقول لهؤلاء المسلمين الذين لديهم رغبة في ذلك حيث نلاحظ مع الأسف هذه الظاهرة عند بعض الاشخاص ممن كان يطرح الشعارات الاسلامية ويتحدث بالاسلام ينحدر تدريجيا بهذا المنحدر ويتحول بالتدريج الى تابع وعميل للاستكبار لحل مشاكله ، ونحن نقول لهم ان الأ ستكبار مع ذلك لايقبل بكم ويختار غيركم ويستخدمكم مخلب قط لايذاء اخوانكم."

والسؤال ونحن نرى المساهمات النشطة لهذه الاحزاب في اعانة الاستكبار ( ولايحتاج المصطلح للتعريف ، فالمقصود به الاستعمار ) ، ليس فقط في احتلال البلد بل ومؤازرته للاستمرار في تثبيت الاحتلال وديمومته وبقاءه لاطول فترة ممكنة ، والى حد المساهمة في ايجاد التبريرات لضرب قوى المقاومة ليس تلك التي اتهمت زورا بانها اجنبية ، وارهابية ، بل حتى التيار الشيعي منها ، والى حد الوقوف موقف المتفرج ، والداعم احيانا لقوى الاحتلال وهي تدنس المدن المقدسة الشيعية . وتذبح الشيعة بدون حساب وتجرح قباب الائمة ، مع ذلك فهي لاتحرك ساكن ، تحرك بعضها بعد تصاعد حدة الاستنكار الشعبي والعالمي ليستنكر ، ويدعو للعقلانية . ومن الواضح ان استنكارها هذا يندرج تحت باب رد العتب والمناورة لانهم يمثلون جزءً من هذه السلطة التي تمارس كل هذه الممارسات الشريرة ضد المسلمين في العراق ، والشيعة ومدنهم المقدسة خاصة .
عندما نقول جزء من السلطة لانعني به ذلك الجزء الذي يمكن ان يشبه راس القط او بدنه بقدر ما هم ليسوا الا بموقع المخالب التي يستخدمها الاستكبار لايذاء شعبهم وطائفتهم .ما الذي تغير هل لبس القط لبوس الاسلام فامنوا به الاه جديد أم انهم هم الذين تبرعوا للعب دور القط مقابل عظمة رماها لهم الأستكبار ، فأنستهم دينهم وطائفتهم ومثلهم ، بل وأطروحاتهم عن الادوار العميلة لمخالب القط . ( سنناقش مواقف هذه الحركات في الجزء الثاني من هذا الباب ) .

اذا كانت هذه الاحزاب ، وكما شخصت هي في برامجها ، تحولت للعبة الشيطان – السياسة – " لاهداف مشبوهة او بسبب الأنحراف في التفكير والترف السياسي والتعامل مع قضايا الأمة بروح اللامبالاة " . لكن السؤال المحير ما بال المرجعية الدينية التي يفترض ان تكون بموقع البوصلة التي تحدد الاتجاهات السليمة ليس للاحزاب التي كانت تدعي الحرص على حقوق الطائفة ، بل لعموم الطائفة والمسلمين جميعا ، فمهما يتقول الموظفيين لترويج الطائفية ، تكشف الحقائق التأريخية تمسك سنة العراق بالمرجعيات الشيعية اوقات الشدات والمحن ، ويتناسى الجميع انهم شيعة او سنة ، او حتى مسلمين وغير مسلمين ، تجلى ذلك بوضوح في موقف الشيخ ضاري يوم رفض التعاون مع الحاكم العسكري البريطاني متمسكا بموقف المراجع في النجف . كما هو الحال في موقف اهالي تكريت وسامراء والموصل الذين عرضوا استعدادهم للوقوف المطلق بالمال والسلاح مع الشيخ الخالصي وعلماء النجف للتصدي للعبات سلطات الاحتلال البريطاني التي دفعت عصابات الاخوان لمهاجمة المدن الشيعية وقتل ابنائها ونهب مواشيهم واموالهم . فالموقف الوطني السني لم ينعزل يوما او يتحرج في السير تحت قيادة المراجع الشيعة عندما تكون رمزا للالتزامات الوطنية الطامحة لتحقيق الاستقلال ، وتاكيد السيادة الوطنية .

ولا نستغرب اليوم ان يقدم الوطنيون من السنة تايدهم للسيد القائد مقتدى الصدر ، كرمز وطني معبر عن اماني وطموحات غالبية الشعب العراقي الا من ارتضى لنفسه ان يتخذ دور مخلب القط .

نعود للقول اذا كانت هذه الاحزاب قد ارتضت للاسباب التي شخصتها هي ان تكون في موقع دور المخلب لقوى الاحتلال ، وتتامر وتحث قوى الاستكبار العالمي على القضاء على ظاهرة السيد مقتدى الصدر بعد ان تعودة على رفاهية العيش بدور المعارضة في الخارج متمتعة بكل الامتيازات التي قدمتها لها قوى الاستكبار العالمي ، فما بال المرجعية التي يفترض انها محكومة بشروط الاجتهاد ، كالتقوى ومغالبة الهوى والورع والزهد .
يسلط هذا الجزء الضوء على دور المرجعية الذي وضعها في موقع مخلب القط ، هي الاخرى .

سيبتعد الكاتب جهد الامكان عن تكرار ما تم الحديث عنه من شؤون المرجعية كمعناها ، ومراحل تطورها وواجباتها مما سبق مناقشته في القسم الاول من هذه الدراسة ، والذي لازال تحت يد من يرغب الاطلاع علية في ارشيف جريدة القدس والكثير من شبكات الانترنت (1) . سنقتصر في هذا الجزء على بعض الاستنتاجات التي يمكن الوصول لها من القسم الاول ، لنعتمدها في محاكمة سلوك المرجعية الدينية المتمثلة بمرجعية السيد السستاني حيال ما يجري الان في العراق والتي تكللت بهروبه الاخير من الساحة في لحظة يعيشها الشيعة والمسلمون ، هم فيها احوج ما يكونوا للمساهمة الفاعلة للمرجعية .

دور المرجعية في خدمة الاحتلال

ان مصطلح المرجعية يشير لاكتساب خبرات معرفية في العلوم الفقهية ، بمستوى يستطيع معه المرجع ان يستنبط الحكم الشرعي الاقرب للصحة من وجهة نظر دينية . فهو كاي خبير في شتى حقول المعرفة ، يكتسب احترامه ومنزلته من اجادته لصنعته كما يعني الاجتهاد المعرفة الدقيقة بالقيم الاخلاقية التي هي بالاساس معايير سلوكية حددتها الاديان المختلفة ، والاسلام خاصة ، باعتبارها المعايير التي تمثل ارادة الخالق التي يريد من خلقه اعتمادها لضبط جميع سلوكياتهم مع وجود الرقيب او بغيابه ، ما دامت الغاية مرضاة الله الموجود مع العبد في خلوته واجتماعه . لذلك يتوقع الناس من المرجع ان يكون مثالا للخلق الكريمة ، وهذا ما يفسر معنى استخدام المراجع الاوائل لألقاب الدالة على التواضع بعكس مرجعيات عصر ا لحداثة والعولمة .
كان لقب الحقير ، او الفقير لله هو الشائع في الدلالة على مستوى الاعلمية التي وصلها المرجع ، وظل هذا سائدا حتى اواخر الخمسينات وبداية الستينات . ولم تعرف هذه الالقاب الغريبة التي يستعملها مجتهدي عصر العولمة كآية الله العظمى ، وحجة الله على ارضه ، وغيرها من الالقاب التي توحي بالقدسية ، وكان المجتهد ارتقى او سما فوق مستوى البشر . لكنها باعدت بالحقيقة بين المرجعية والسماء لتغدو وكانها وظيفة دنيوية الغاية منها احراز افضل المراكز الاجتماعية وضمان العيش الرغيد للمرجع وابنائه واحفاده من بعده . لقد اصبحت اقرب لحالة الاقطاعية في العصور الوسطى ، فما على العبد الا السمع والطاعة ، ويقف السيد المرجع – الاقطاعي موقف المتفرج على عبيده وهم يقتلون ظلما ، مادامت حياته واملاكه واطيانه بعيدة عن الخطر ، ويعطي الحق لنفسه للتلاعب بالشريعة بحجة انه وحده الذي يمتلك الخبرة التي تمكنه من التعبير عن ارادة الله ، ويلغي باسم الله كل الشروط المطلوب توافرها بالفقيه ليكون في موقع يؤهله للافتاء .
ويتستر بعض المراجع وراء الكثير من الاحاديث المختلقة ، ليعيث وابنائه من بعده استهانة بحقوق المسلمين والطائفة ، ما دام محتميا بتلك الاحاديث التي تجعل من مرضاته بمستوى مرضاة الله ورسوله وائمته ، والقول بعكس ما يقوله يقع في حد الشرك حتى لو كان سلوكه يمثل خروجا على تعاليم الائمة ، والرسول الاعظم ، والخالق . فهو ابن الله – المرجع – اية الله العظمى ‘ وما اليه ، ان السستاني باعتباره من مقلدي الخوئي _ كما سياتي ذكر ذلك - يخرج بما يضفيه من حق لنفسه على تعاليم مرجعه ، حيث يؤكد السيد الخوئي ان جميع الاحاديث التي تقال عن تعظيم دور المجتهد هي اما مختلقة او انها قليلة السند – اي مشكوك فيها - .
تمادي فقهاء الولاية الخاصة التشبث بمفاهيم لاعلاقة لها لاباساسيات المذهب ولا الدين ، مثل التقية التي هي ليست الا تكتيكا بمفاهيم عصرنا ، جوز بعض الفقهاء العمل به لحماية الذات - ونركز هنا على مصطلح الذات - عندما يكون الانسان في موقف من لايستطيع حماية نفسه من خطر يمكن ان يتعرض له بسبب الاعلان عن عقيدته ، الا ان هذا السلوك او التكتيك لايُجوز الاخلال بالعقائد الاساسية ، بل يرتبط بالمظهرية والانية من العبادات ، اما ما يجري من تضخيم للمفهوم لاعطاءه صفة الوجوب والالزام فليس الا تعبير عن التطلع للهروب من تحمل المسؤولية عند بعض الفقهاء مع اعطاء هذا التهرب صبغة القدسية وكانه يمثل ايضا ارادة الله .
وبقدر ما يمثل مبدا الولاية الخاصة موقفا اكثر عقلانية للتعايش مع الواقع ، وفهم دور الفقيه على انه يظل بشرا غير معصوم لايجوز له تحمل المسؤوليات الاساسية للامام ، الا ما يحقق خدمة الناس منها ،مثل تعريف الناس بالاحكام الشرعية ، واعتماد ه كوسيط مؤتمن على استلام الحقوق الشرعية لوضعها في مكانها السليم من خلال توزيعها على فقراء المسلمين . وهو غير معني بالتالي بمسالة الحكم والسياسة ، باعتبارها من مسؤوليات الامام .

الا ان هناك فارقا كبيرا بين السياسة ، كلعبة من لعب الشيطان – كما كان يوصفها بعض المتاسلمين - ، وبين التحرك للدفاع عن الدين امام خطرحقيقي يهدف للقضاء عليه، او الدفاع عن ارواح المسلمين عندما تزهق بدون حق من قبل اعداء الاسلام والمسلمين . والعدوان الحاصل والمستمر على العراق ليس سياسة من تلك التي عناها فقهاء المذهب الاوائل واباءه ، ولا تندرج تحت مفهوم التقيه التي يراد بها حفظ الذات . وسواء اكان ما صرح به بوش علانية بعد 11 ايلول – سبتمبر – من انه سيعلنها حربا صليبية ، هفوة لسان او سوء استخدام غير مقصود للمصطلح ، او حتى لو كان مجرد استخدام للمصطلح بمعنى مرادف اخر لاعلاقة له بالمعنى العدائي ، فان ما يجري على الارض هو حرب صليبية واقعية وحقيقية ، وان لم تكن لصالح المسيحية هذه المرة بل لصالح الصهيونية العالمية وتنفيذا لمخطط اسرائيل الاستراتيجي في الثمانينات من القرن الماضي الذي تأخر العمل به الى ان تهيأت في اميركا الادارة المستعدة لتنفيذه ، وارتقاء صاحب المخطط شارون لسدة الرئاسة في الكيان الصهيوني . أي أنه اصبح بموقع صاحب القرار الذي يمكنه من المباشرة في التنفيذ .

اذا كان فقهائنا لايعرفون معنى ما يجري لحد الان فهم اعجز من ان يكونوا مراجعا قادرة على استنباط الحكم السليم على الامور عامة ، اما اذا كانوا يعرفون ويدركون معنى ما يجري ، ومع ذلك يلوذوا بالصمت بحجة التقية او الالتزام بعدم التدخل بالسياسة ، سيصل الانسان في مثل هذا الحالة لاحكام قاسية عليهم ، فالموقف السليم من الاحتلال والمجازر التي يرتكبها بحق العراقيين ، ليس فقط واجبا دينيا او وطنيا بل هو موقف تفرضه الخصائص والقيم الانسانية الاخلاقية التي علمنا عليها نبينا وآل بيته . بعد ان حصل في العراق كل ما يستفز المشاعر الانسانية ، من نهب للبلد – وتلك اموال عامة للمسلمين - ، اعتداء على مقدساته ، دوس لكرامة الانسان المسلم ، اغتصاب لنساء المسلمين واعتداءات جنسية على رجالهم . واخرها انتهاك المدن المقدسة ، كل ذلك والمرجع السستاني يهدد بانه سوف لن يسكت اذا تجاوزت قوات الاحتلال الخطوط الحمر . انتهك الاميركان كل الحرمات في المدينة المقدسة النجف كما في كربلاء ، ولا نريد ان نتكلم عن سامراء التي الغت التقية وغياب العدل ومغالبة الهوى قدسيتها . ان قدسية كربلاء او النجف لم تات من اقامة المرجع كما هي الفاتيكان بل من خلال وجود مراقد الائمة فيها ، ونفس المعيار ينطبق على سامراء ، وسكانها مسلمون ايضا وان اختلفوا بالمذهب . وتتميز سامراء كما هي الكاظمية بان فيها مرقدين وليس واحدا ، اضافة لاخر مسكن اقام به الامام الثاني عشر ، وسجل غيابه ، وهو عند الشيعة يساوي في قدسيته مراقد الائمة . مع ذلك ظلت كل هذه المقدسات المنتهكة دون حد الخطوط الحمر ، التي تفهم على انها منزل السستاني واموله الخاصة التي يبدو انها اقدس ما لديه في الدنيا . نحن هنا امام حالة مرضية من " الانا المضخمة " التي تختزل كل القيم الاخلاقية والدينية من خلال رغبات الذات المبتلاة باناها المريضة .

ان التدقيق في سلوكيات المرجع السستاني تشير بوضوح او بمعانيها السياسية ، والكاتب مختص بالسياسة كما السستاني مختص بالفقه ، انه لم يلتزم فعلا بمبدا البعد عن السياسة ، بل تدخل كثيرا ولكن تدخلاته تصب جميعها في المحصلة النهائية لصالح قوات الاحتلال وفي خدمتها :

1: بدءًا بدعوته للانتخابات التي الغاها بنفس الديباجة التي طرحها للمطالبة بأجرائها عندما ربطها بارادة الامم المتحدة وليس بارادته كمرجع ولا بارادة الشعب وغالبيته من المسلمين . وكما ذكرنا في الجزء الاول اصبح المطلب اداة بيد قوى الاحتلال لتبرر به هروبها من الخضوع لمطالبة الشعب باجراء الانتخابات ، وعملت مناورة السيد هذه على امتصاص النقمة الشعبية ضد تهرب سلطة الاحتلال من العمل على اجراء الانتخابات . تكررت اللعبة نفسها في الموقف من ما عرف بـ " قانون الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية " فبدلا من ان يتخذ السيد السستاني موقف الفقيه ويفتي ببطلان القانون الذي كشف عن معارضته له ، اكتفى بارسال برقية استنكار وشكوى للامين العام للامم المتحدة يطالب بعدم تاييد القانون والامتناع عن تشريع القرارات التي تثيت العمل به . وكان السيد لايعرف ان ادوار الامم المتحدة تحولت من منظمة دولية للتحكيم بين الدول وضبط سلوك الدول تجاه بعضها من خلال الطرق السلمية وبالخضوع للقوانين والاعراف الدولية الى مجرد منظمة لتبرير وشرعنة الهيمنة الاميركية على العالم ، أولم يعرف السيد ان نفس مجلس الامن الذي رفض العدوان على العراق شرعن هذا العدوان باقرار الاحتلال ، وان استعمال مصطلح الاحتلال كان التفافا على القوانين الدولية التي تحرم الاستعمار ، فتم التلاعب بالمصطلحات لشرعنة استعمار همجي . ومع ذلك تم اقرار القانون وعمل به ، وبدا اعتراض السيد وكان الغاية منه امتصاص النقمة . تحاشى السستاني ، هنا ، دور الفقيه حيال القانون واعتمد دور السياسي المناور الطامح لكسب رضى جميع الفرقاء على اختلاف توجهاتهم ومواقفهم .فهو يظهر امام الشعب بمظهر المدافع عن حقه الرافض للظلم الواقع عليه ، وهو يرضي سلطة الاحتلال لانه يعرض رأياً ولا يرفض ، او يحرم ، وهو بالتالي يعرض انضباطاً ينقله للتعايش لعصر العولمة بعد ان ظل الاخرين يتشبثون بقيم ما قبل الحداثة والعولمة . أي أنه مارس بذلك حقه وفقا للقيم الديمقراطية لا الدينية التي تفرضها واجبات المرجعية ، وهو يكسب ايضا جميع المتأسلمين المشاركين بما يسمى بمجلس الحكم ممن يظهرون له الولاء ، الذين كان يمكن ومن خلال الفتوى ان يجبروا على الاستقالة او ان يصروا على فرض رايهم بتغير القانون الذي اقر السيد عبد العزيز الحكيم – عضو مجلس الحكم – كما هو الجلبي ايضا ، بأنه فُرض عليهم فرضا وانهم استلموه صيغة جاهزة وردتهم من اميركا دون ان يكون لعراقي دور في كتابته او اقتراح بعض من فقراته .
انه ، بلا بما لايقبل الشك ، موقف سياسي مناور متآمر وليس فقيه يحسب حسابات تقوى الله والخوف منه ، فيغالب هواه ..!؟

لانعتقد ان ذاكرة السستاني ضعيفة او ضيقة الحدود بهذا الشكل . كان بامكانه ان لم يجد في رسالة الخوئي _ وهو كما قلنا كان مقلداً له واجتهاده كان يتوقف اساساً على شهادة الخوئي له بالاجتهاد - يمكنه ان يتذكر موقف الميرزا محمد حسن الشيرازي من قضية التنباك ، الذي لم يتدخل بالسياسة ويحرم الاتفاقية بل حرم تدخين التنباك ، ليسقط بذلك اتفاقية اعطاء امتياز زراعة التنباك وتوزيعه لشركة بريطانية . او موقف فقهاء ومراجع النجف من موضوع المشروطة ، ولغتهم الصريحة في تاييد قوانين مجلس الشورى . ولانعتقد ان السستاني لايدرك ، وهو يدعي القدرة على استنباطالاحكام الشرعية ، ان دوره ووظيفته او التكليف الشرعي المناط به ، هو ان يفتي بتحريم التعامل مع حكومة او ادارة تتعامل بهذا القانون ، وذلك يكفي لعزل سلطة الاحتلال ويحرج المتعاملين معها .، اما الشكوى للامم المتحدة فهذا من مهمات السياسين وليس الفقهاء ..

.
2: بعد التفجيرات الاجرامية التي حصلت في 10 عاشوراء في كل من كربلاء والكاظمية ، ورغم وضوح بصمات قوات الاحتلال وعملاء الصهيونية عليها ، التي حاولت ان تغطي جريمتها بنسبتها لشخصية وهمية قادمة من خارج العراق ، تلك الشخصية التي اذا كانت موجودة فعلا لابد انها تعمل بالتنسيق والاتفاق الكلي مع الصهيونية والاحتلال ، مع ذلك يسارع السيد لتبرئة الفاعل الحقيقي ويصدر فتوى بتحريم الدخول غير الشرعي للعراق من المنافذ التي لاتخضع لسيطرة قوات الاحتلال ، مرددا بذلك ما تقوله وسائل الاعلام الغربية وقوى الاحتلال وعملاؤها ، واعطاء قوات الاحتلال شرعية مسك الحدود العراقية لمنع المقاتلين العرب من المجئ للوقوف بجانب اخوانهم العراقيين .

3 :افتعلت قوات الاحتلال الاعذار لتصعيد المعركة مع التيار الصدري ، أغلقت جريدة الحوزة ، وتطلق النار على المظاهرات السلمية التي انطلقت من مدينة الصدر ، وحالما أعلن السيد مقتدى الصدر تاييده لحماس وحزب الله فاجأت سلطة الاحتلال العالم في ظهر اليوم التالي لتعلن صدور قرار اتهام باطل بحق السيد مقتدى الصدر وتطالبه بتسليم نفسه او المبادرة بقتله بحجة مساعدة القضاء العراقي على تطبيق القانون ، والامر صادر من نفس القاضي الذي تتهمه سلطة الاحتلال الان بالقتل واستغلال موقعه لتحقيق ارباح تجارية واقتصادية . وهاجمت القوات الاميركية مدينة النجف وتتعرض احدى منائر حضرة الامام لاطلاق النار ، والسيد ساكت يهدد بعدم تجاوز الخطوط الحمراء ، ثم يفاجئ العالم بمطلبه الغريب بدعوة المقاتلين للخروج من المدينة ، اي انه يريد من ابناء المدينة ان يتركوا منازلهم ليدخلها المحتل بامان وسلام . بحجة الحفاظ على حرمة المدينة .

لايدري الانسان ما الذي بقي من الخطوط الحمر ما لم تدوسه جزمات تحالف الصهيونية العالمية مع اليمين المتطرف ، سوى منزل السيد السستاني نفسه . كما لايدري الانسان هل هذه العدالة والتقوى المفروض توفرها في المرجع ، ان يختزل كل الحرمات بمنزله هو وبوجوده هو ..!؟

4 : صمت السيد السستاني عن المطالبة باقامة الحد على مرتكبي جرائم ابو غريب ، مع انها وقعت على ارض اسلامية ضد نساء ورجال من المسلمين بدون حق او جريمة تذكر بدليل اطلاق سراح المعتدى عليهم . والصمت بالنسبة لمن هو بموقع السيد السستاني يعني اما القبول او الاستهانة بالامر ، وفي كلتا الحالتين يمثل ذلك مساسا بدور المرجعية ، ووظيفة الفقيه .

يبرر أحد عناصر حاشية السستاني ، الذي كتب تحت اسم ابو ولاء مقالا على شبكة اخبار النجف الاشرف تحت عنوان" فتوى الاجتهاد " ، يوضح بها الاسباب التي تمنع السيد السستاني من الافتاء بالجهاد ضد الاحتلال ، وهو يدرك جيدا ان جريمة ابو غريب وحدها كافية لان تدفع الفقيه الملتزم بخط الائمة المعصومين لان ينتفض ويثور ، ولا يكتفي بالافتاء فقط . لذلك يضطر الكاتب التلاعب بالعبارات ليبرر للاميركان ممارستهم التعذيب في سجن ابو غريب ، ليصل بالتالي لايجاد المخارج لهذا الصمت الذي تتعمده المرجعية ، ننقل هنا بعض الاجزاء المطولة لهذه التبريرات ، ليكتشف القارئ كيف ان مرجعية عصر العولمة تحسب حساباتها على اسس لادخل لها بالشرع والشريعة التي يسميها الكاتب " عناصر غيبية " حيث يقول مبررا امتناع السستاني عن الجهاد " بعيداً عن العناصر الغيبية بل أنطلاقاً من الواقع الميدانية ، القائد يجب ان ينظر بواقع ميداني لابعنصر غيبي "

ثم يناقش الكاتب مساؤي الاحتلال ، ومأساة ابو غريب منها فيقول : " وأقول لكم ما يعرفه العراقيون في الداخل ان الصورة التي تنقلها وسائل الاعلام العربية عن صورة الحال داخل العراق ووضع الشعب في ظل الاحتلال هي خلاف الصورة الواقعية ، وهذا لا يعني ان المحتل لم يمارس التعذيب المستنكر والمستهجن في حق المعتقلين في سجن ابو غريب بل مارس ومرفوض ولايمكن تقبله باي صورة من الصور ولكن ان تقدم الصورة الى العالم على ان ممارسات المحتل الاميركي هي ابشع من الممارسات الصدامية فهذا مرفوض تماما ولايقبل به كل من سالتهم من الاهل والاصدقاء من ابناء الشعب العراقي ...

الدكتور عادل رضا
11-12-2004, 02:53 AM
...
واسال سؤال واحد اتمنى ان اجد الاجابة عليه :
هل يستطيع احد صادق ان يقسم ان ما جرى في سجن ابو غريب من ممارسات لاتجري في الدول العربية او الشرق اوسطية بل الاسلامية بشكل متكرر . "
وهكذا يتم تزييف الحقائق لكي تقترب المرجعية في تقاعسها عن اداء دورها مقتربةً مما اعتبره الكاتب " الواقع الميداني " ، هروبا من الاحكام الشرعية التي اصبحت عند مرجعيات عصر العولمة تمثل " العناصر الغيبية " ، وفات اية الله ابو ولاء وسيده السستاني ان يشير الى شرط الاجماع كأحد مصادر التشريع عند الشيعة ، وشيوع التعذيب في الدول العربية والاسلامية والشرق اوسطيه يحقق هذا الشرط ، ويبرر للفقيه ان يجوزه من خلال السكوت عليه . اما تقديم الكاتب لشرط القول بان ما جرى من الممارسات الصدامية هو ابشع من الممارسات الاميركية كي تقر المرجعية ببشاعة ممارسات قوة الاحتلال . ولايدري الانسان لماذا لم تتصدى المرجعية لممارسات صدام ولماذا لزمت الصمت ، اليس في هذا ما يدينها على التقاعس عن اداء دورها مرتين ، مرة في زمن الدكتاتورية واخرى في زمن الاحتلال ، اي انها مرجعية فاشلة في اداء ادوارها في كل العصور والعهود ، ولاتجيد الا جباية الاموال ، تحقيقا لزينتي الحياة الدنيا " المال والبنون "
اين شرائط المرجع العادل ، المغالب لهواه ، الحريص على مرضاة مولاه ؟ ونذكره ان المولى المقصود هنا هو الله عز وجل ، وليس قوى الاحتلال .

5 : اعلن السيد تاييده لما عرف بالحكومة المؤقته وهي حكومة منصبة من قبل رئيس سلطة الاحتلال الذي لاجدال في انه لن يختار من هو خبير ، او وطني حريص على المصلحة الوطنية العراقية بل من يبدي استعدادا اكثر لخدمة سلطة الاحتلال . والسيد هنا اما انه لايعرف الفرق بين الادارة المحلية ، التي تستخدم فيها سلطة الاحتلال وجوها محلية من عملائها لتسير بعض الشؤون الادارية بهدف التقليل من خسائرها وتهدئة قطاعات واسعة من الشعب وابعادهم عن الانضواء والالتحاق بالمقاومة ، وبين الحكومة الوطنية الممثلة للشعب ، والعاملة باتجاه خدمة مصالحه الوطنية . ولايدري الانسان كيف يمكن لسلطة محلية معينة من قبل سلطات الاحتلال ان تتحرك "لاستحصال قرار من مجلس الامن باستعادة السيادة على بلدهم كاملة غير منقوصة " كما اشترط السيد على ما سمي بالحكومة الوطنية .

هل تمتلك هذه السلطة الجديدة القدرة على المطالبة بما هو ضد قناعات من اوصلها ونصبها في المواقع التي هي بها . ان اعلان السيد يوم 3 / 6 / 2004 تاييده للسلطة المنُصبة من قبل بريمر، كان نفس اليوم الذي شارك فيه هوشيار الزيباري في جلسة مجلس الامن للمطالبة ببقاء القوات الاميركية في العراق وللجم المطالبة الروسية – الفرنسية بانسحاب القوات الاميركية من العراق . وقبل اعلان السيد تاييده للسلطة المؤقته بيومين كان الزيباري في طريقه لنيويورك لهذا الغرض ، معلنا اسباب سفره بشكل مكشوف كمندوب عن الحكومة الجديدة لايصال الرسالة للمجلس ليغدو الاحتلال وكأنه مطلب عراقي ، الا يستطيع السيد استنباط الرأي الذي يقول ان بقاء قوات الاحتلال حتى اذا افترضنا انها سوف لن تتدخل في الشؤون الداخلية ، يشكل حالة مساس بمطالبته " باستعادة السيادة كاملة غير منقوصة " . وبالعودة لما قدمه ابو ولاء الوارد ذكره في تعريفه للاسباب التي منعت السستاني عن الافتاء بالجهاد ضد الاحتلال ، وبعد ان يستعرض مساؤي الجهاد يقول : " طيب ما السئ في الخيار السياسي ؟

اشد ما فيه من سوء هو ان الوطن يكون تحت الاحتلال وتواجد العدد الكبير من القوات داخل العراق وهذا الاحتلال رغم سوئه الا انه سوف ينتهي بقرار من الامم المتحدة وامريكا نفسها وتسلم السلطة الى حكومة عراقية ، والعدد الكبير من القوات سوف يتم ممارسة الضغوط السياسية الواحدة تلو الاخرى في سبيل اخراجها بعد بناء جيش عراقي وطني يمكن الاعتماد عليه في ضبط الامن والحدود العراقية "

لسنا بصدد مناقشة مثل هذه الافكار السطحية التي لاتقنع حتى الرجل البسيط قليل الخبرة . الا اننا نود ان نذكر بان الحديث يجري عن الاسباب التي تمنع المرجع من الافتاء بالجهاد ، ولكي نقتنع باقوال السيد ابو ولاء ،ونتاكد من صحة ما قلناه عن تطوع السستاني لخدمة قوى الاحتلال املا في ان يحقق من خلالها اشباع الرغبة بالانتقام من السيد محمد صادق الصدر ممثلا بابنه ، نسال الاخوة القراء هل سيثير هذا القول اية غرابة لو نسبناه لبريمر او كولن باول او اي من عملائهم ..!؟ ،

العناصر الغيبية ، التي يعني بها السيد ابو ولاء شروط المرجعية وخلق ومثل الائمة المعصومين اختفت هنا ، وارتقت المرجعية لعصر العولمة ، فالحل ليس بالافتاء بالفرائض ، ولا باحكام الشرع ، بل بانتظار قرارات الامم المتحدة ، وقناعة اميركا بضرورة الانسحاب ، وغفل او تغافل الكاتب ، لماذا جاءت اميركا حتى تنسحب .. ! ؟ ذلك ما لايعلمه الا ابو ولاء ومرجعه والغارقون بالعلم
.
لايدري الانسان هل ان مطالبة الزيباري تشكل استهانة مقصودة او غير مقصودة بمطالبة السيد ، او انها حالة او شكل من اشكال تبادل الادوار لتهدئة الشعب واقناعه بالقبول الخانع لسلطات الاحتلال .

على كل حال أُستُخدم تاييده للحكومة الجديدة ، كنوع من الدعاية لها وشرعنة وجودها واضفاء صفة الوطنية عليها ، ولم يأخذ احدا بالشروط التي طرحها . مما يؤكد رجحان الفرضية الثانية ، كون السيد بدأ يلعب لعبة تبادل الادوار ليشرعن الاحتلال ويوحي باستفلالية وشرعية الادارة الجديدة ، والدليل ان السيد سكت ولم يستنكر مطالبة الادارة المحلية المنصبة من قبل قوات الاحتلال ، بديمومة الاحتلال وبقائه ، ليبدو وكانه مطلب وطني عراقي . كما لم يطالب بتنفيذ شروطه ، وهو بهذه المناورة الجديدة كسب ايضا رضى الاطراف المختلفة ، أيد الحكومة ، ودغدغ عواطف المطالبين بالاستقلال ، ولم يزعج او يغضب احدا الا ابناء الشعب العراقي الذين اصابتهم الخيبة من مثل هذه المواقف التي لايمكن ان توصف حتى بالوسطية .

ان كل هذه المواقف التي قدمت للاحتلال خدمات ما كان يحلم بها ، تقدم التفسير الحقيقي لسفره المفاجئ الى لندن تحت غطاء العلاج ، ولا يستبعد الانسان حصول امراض مفاجئة لرجل بعمر السستاني ، لكن ان يحصل هذا بنفس التوقيت مع الهجمة العدوانية لقوات الاحتلال على مدينة النجف وسامراء وانتهاك قدسية المدينتين – او ما يسميه السستاني بالخطوط الحمراء – يغدو هروبا منظم ومقصودا ومنسجما مع عموم سلوكياته ، ويمارس السيد اسلوب المناورة هذا الذي يبدو كأنه غير مقصود للتخلي عن دوره كفقيه ، وحتى كرجل مسلم مطالب باتخاذ موقفاً محدداً من هذا العدوان ، كشيعي تنتهك مقدساته .مع ان السيد يحرم هذا النوع من الهجرات في مايعرف ب " المسائل المنتخبة " ، يقول في " المسائلة 24 : من اهم المحرمات في الشريعة الاسلامية : " ويورد تحت بند 3 من 43 من المحرمات ما يلي : " 3- التغرب بعد الهجرة ، والمقصود به الانتقال الى بلد ينتقص فيه الدين اي يضعف فيه ايمان المسلم بالعقائد الحقة او لايستطيع ان يؤدي فيه ما وجب عليه في الشريعة المقدسة او يتجنب ما حرم عليه فيها "
ولايدري الانسان قليل الخبرة في الفقه مثل الكاتب ، الا ينطبق الشرط الثاني "لايستطيع ان يؤدي ما وجب عليه في الشريعة المقدسة " على سفر السستاني نفسه .

اعرف ان منافقا ما سينبري ليقول : ان الوجوب هنا يعني اداء العبادات والفرائض . وهذا صحيح لاي انسان اخر الا ان وضع السستاني يختلف عن بقية المسلمين كفقيه ، او زعيم روحي لطائفة دينية ، من الفرائض المطلوبة منه ان يقف مع ابناء طائفته يمنع عنهم عمليات القتل والابادة ، وهو يستطيع اداء مثل هذا الدور ، كقوة ضغط على سلطة الاحتلال والسلطة المحلية التابعة لها . خاصة وان التقارير الطبية تقول انه لايحتاج لعمل جراحي ، اي مجرد مجموعة من الفحوصات ، التي كان بالامكان استدعاء نفس الاطباء لاجرائها له وهو في منزله او اي مستشفى عراقي ، كما كان يمكن اجراؤها في بيروت ليومين او ثلاث ثم العودة للبلد الذي يتعرض لعدوان ظالم ، واول ما يقع هذا الظلم على ابناء طائفته ، الا اذا كان السستاني يعتقد ان المسلمين والشيعة هم فقط مقلديه اما الاخرون فهم كفرة لايعنيه امرهم . وهذا خروج على شرط العدالة المطلوب توفره في الفقيه ، لانه حتى في مثل هذا الموقف ، يدرك السستاني ان ليس هناك من مناطق عازلة تحمي مقلديه وتبعدهم عن القصف بالقنابل العنقودية والمدفعية الثقيلة اذا افترضنا ان الاسلحة الخفيفة يمكن السيطرة عليها او تغذية عقولها الالكترونية وتوصيتها بتجاوز من هو من مقلدي السستاني ، والتوجه نحو الاخرين فقط .

ان احد التفسيرات التي يمكن ان تتبادر للذهن ان السيد لم يستطيع ان يتخلى عن حقده على الشهيد المرحوم السيد محمد صادق الصدر ، ذلك الحقد الذي امتد على ابنه من بعده ، نحن هنا امام شحنة من الحقد تنكرها الاخلاق لو برزت عند اي انسان اخر من عامة الناس ، فكيف عندما تاتي ممن يعتقد ان مرضاة الله – رب الرحمة والخير والتسامح – تتوقف على رضاه وارادته ، وهو حقد ليس له ما يبرره من الاسباب غير المنافسة التي حصلت على مكانة المرجعية بينه وبين الشهيد الصدر ، ويسجل عليه سابقاً عدم مبالاته بقضية اغتيال الشهيد الصدر ورفضه الصلاة على جنازته ، قد ينسجم هذا مع مبدأ التقية ، هذا المبدأ الذي ابتدعه بعض الفقهاء ، واسندوه بروايات واحاديث نبويه او منقولة عن الائمة ليبرروا به على ما يبدو بعض سلوكياتهم غير المقنعه ، او تلك الشبيهة بما يقفه السستاني وغيره من المراجع ورجال الدين من السيد مقتدى ، بسبب الحسد الذي تشكل في نفوس لم تنقيها العمامة او المرتبة الدينية التي ينسبونها لانفسهم .

تضمن التقية لاولئك المتعلقين بملذات الدنيا او الذين اتخذوا من الدين مهنة السلامة من الاذى من خلال تهدئة الحاكم وتطمينه على انهم سيساعدوه على لجم الناس وكبت استيائهم على الظلم والقمع ، ما دام هذا الكبت اصبح شكل اخر من اشكال العبادة .والملاحظ ان السستاني لجأ ، طيلة الثمان اشهر التالية للاحتلال ، للصمت المطلق ولم يسمع منه صوتا ، واول تقرب له ، والشعب في عز الصراع مع قوات الاحتلال ، دفع السستاني بانصاره لافتعال بعض الحوادث غير المنطقية مع جماعات الصدريين ، ومواجهتهم بالسلاح لاثبات احقية المرجعية في ادارة العتبات المقدسة .كأنه اراد بذلك ان يقدم كشف براءة لسلطات الاحتلال من مطالبة السيد مقتدى الصدر بانسحابها .كما يمكن ان تحسب سياسيا بحسابات من يريد ان يقول ها انا جاهز استطيع ان اخدم وأُؤدي دورا مفيدا للجم ومشاغلة بعض اطراف المقاومة .

يورد السستاني في مسائله المنتخبة ، وتحت عنوان المحرمات ، مايلي : "43- كتمان الشهادة ممن اشهد على امر ثم طلب منه اداؤها بل وان شهده من غير اشهاد اذا ميز المظلوم من الظالم فانه يحرم عليه حجب شهادته في نصرة المظلوم "
فهل تقع هذه الحرمة على سائر المسلمين ويعفى منها الفقهاء ..!؟

ام ان السيد لم يتوصل بعد لتشخيص من هو الظالم ، ومن هو المظلوم فيما يجري من قتل وذبح لمئات الشيعة يوميا في العراق ، واذا كان يتعسر عليه فهم الامر الى هذا الحد ، ورغم كل مظاهر اللعبة المكشوفة التي تلعبها سلطة الاحتلال وتوابعها من الاداريين المحليين ، فكيف يتحمل مسؤولية ان يقف في صف الفقاهة العادلة ليحدد للناس ما هو صحيح وما هو خطأ من سلوكيات دينية ..!؟

ان الملاحظ من تدخلات السستاني ، التي اقتصرت على مجرد دعوة الاطراف المتنازعة على التخلي من ممارسة العنف واللجوء للحلول السلمية ، وهو يساوي في هذه الدعوات بين ابن البلد الذي يقاوم الاحتلال ، وقوة الاحتلال ، وكانهما يمتلكان نفس الحق في التواجد على ارض العراق . ففي نداءاته تختفي صورة الظالم والمظلوم ، وتتساوى اطراف النزاع . ولا يدري الانسان كيف يمكن ان يغفل المرجع ، وهو يمتلك ادوات المعرفة التي تمكنه من استنباط الاحكام السليمة التي تمكنه من الاقتراب من الحكم العقلاني ، او الموضوعي في مختلف مناحي المعرفة وفي مختلف الشؤون الدنيوية . كيف اذا يعجز عن ادراك من هو الظالم ومن هو المظلوم في الصراع الدائر بين مختلف قطاعات الشعب وقوى الاحتلال في العراق . انه لاشك موقف مقصود ، ومدرك تماما من قبله .

لم يتوقف السيد عند حد اعتبار حق التواجد الاميركي في العراق يساوي نفس حق المقاومين من ابناء الشعب العراقي لتواجدهم في العراق ، بل تمادى ولمرات عديدة ليغلب حق القوات الاميركية في التواجد على حق المقاومين العراقيين ، عندما دعى الى خروج ما اسماهم بالمسلحين من النجف لابطال حجة الاميركان في مواجهة هؤلاء السكان بسبب تواجدهم في مساكنهم ومدنهم . لكي تدخل جزمات تحالف الصهيونية العالمية مع اليمين المتطرف بسلام للارض المقدسة بسلام ودون ان تخدش مسامعها اصوات الاستنكار التي يمكن ان يطلقها اهل المدينة . ما الذي يمنع السستاني من ان يتعلق بالنجف ويحبها بنفس مستوى حب ابنائها لها ، ذاك الحب العظيم الذي يدفعهم للتضحية بدمائهم من اجل ان يحافظوا على طهارة المدينة وقدسيتها . هذا لايعني صحة الرأى القائل بان اصول السستاني ، وهو كما يقال من الاكراد الايرانيين هي السبب وراء موقفه .فموقف السيد محمد تقي الشيرازي بطل ثورة العشرين ، يعكس حالة من الالتصاق بالارض العراقية وحرية الشعب العراقي ما لانجده الان عند البعض من ابناء البلد الاصليين . كان محمد رضا ابن السيد محمد تقي الدين الشيرازي من اوائل من انتبه لاهمية المحيط العربي للعراق ، ومن اوائل الرواد الذين دعوا للوحدة العربية . فالولاء لايتوقف على الرس في النظرية القومية العربية بقدر ما انه يعكس فهما موضوعيا واعيا للانسان لادراك معنى التفاعل بين الانسان والارض والثقافة ، كما عبر عن ذلك الرائد العربي الاول النبي محمد (ص ).، عنما قال : ليس العربية منكم باب او ام ، العربي من تكلم اللغة العربية . ان عدم ادراك وفهم الانسان لمعنى العلاقة بين الانسان والارض ، وما يفترضه من ولاء والتزامات يعكس حالة خلل في الادراك الشخصي اكثر من اي شئ اخر .

يفسر البعض الاخر من الاخوة هذه السلوكيات ، بانها محصلة حتمية لممارسات الحاشية المحيطة بالمرجع ( سبق الحديث عن هذا الموضوع في القسم الاول من هذه الدراسة ) ، الا ان مثل هذا الاعتقاد لايستند للمنطق ، فالحاشية بامكانها ان تخفي على المرجع بعض المعلومات البسيطة عن شخص او قضية ، لكن ما يجري من مظالم في العراق تجري بشكل مكشوف امام عدسات وسائل الاعلام وهدير الدبابات والمدفعية والطاتئرات التي تسمع الاصم .

كذلك الحال ما يخص سقوط الحجج الواهنة التي أستخدمتها الادارة الاميركية لتبرير حربها العدوانية المستمرة على العراق والعراقيين ، وظهور حقيقة دوافعها . وبما لايستطيع احدا اخفاءه .. واذا افترضنا ان حاشيته تمتلك كل هذه القدرات لحجب الحقيقة عنه وعزله كليا عن الواقع .. ترى من المسؤول على تجميع هكذا حواشي فاسدة ..!؟

والسؤال الذي يفرض نفسه عند الحديث بصراحة عن مثل هذه الامور التي تمس كيان ووجود شعب مسلم ودولة مسلمة ، اذا كان الفقيه لايستطيع ان يكسر حاجز حاشيته ليصل للحقيقة في موضوع مكشوف كهذا ، كيف يرتضي تحمل مسؤولية زعامة طائفة ..!؟ وتحمل مسؤولية الزام المسلمين بمواقف تعكس مصالح الحاشية ولاتتماشى مع الشريعة وسلوكيات النبي والائمة المعصومين ..

ان مثل هذا الحديث يعني بقية المراجع ، كما يعني السيد السستاني ، فمن الغريب ان يكتشف الانسان انهم غادروا العراق جميعا بصمت وهدوء ، مستحسنين السلامة في البعد ، والغريب ان الوعكات الصحية التي اصابت السستاني في نفس توقيت بدء الهجوم الاميركي على النجف وتكثيف الحملات العسكرية على المدن الاخرى ، امتدت عدواها لتصيب السيد ابراهيم الجعفري الذي سافر الى لندن للعلاج . بما يعكس انها من نوع الاوبئة الجماعية .

ما فائدة زعيم او زعماء جماعة او طائفة يفضلون السلامة بالهروب من تحمل مسؤولياتهم في ازمات هي من اشد ما تعرض لها الشعب العراقي خلال المئة سنة الماضية ، ليعودوا في اوقات الهدوء والاستقرارليعلمونا : " المسألة 1169 : الحيوان وحشيا كان ام اهليا ... اذا ذكي بالذبح على الترتيب الاتي في هذا الكتاب وخرجت روحه يحل اكله ، هذا في غير الابل والسمك والجراد ، اما هذه الثلاثة فتذكى بغير الذبح على ما سيتضح في المسائل الاتية ." او " المسالة 1173 : الحيوان المحرم اكله اذالم تكن له نفس سائلة – كالحية – لا اثر لذبحه او صيده لان ميتته طاهرة " ، وغيرها من تلك المسائل التي وصفها السيد محسن الامين العاملي في انها ليست الا من " قفبيل تضييع العمر بلا فائدة " ، لم يدرك السيد محسن الامين التطورات التي خطتها المرجعية كي تتوافق مع عصر العولمة ليدرك ان هذه المسائل ليست بلا فائدة ، فهي بقدر ما تشاغل الناس بما لانفع فيه تدر بالوقت نفسه مئات الملايين التي تضمن للمرجع مستقبل ابناءه من بعده ليموت قرير العين مطمئناً . وليذهب ابناء جميع الشيعة والمسلمين للجحيم . فالدين اصبح على مايبدو شطارة كما هي التجارة . ومن لايرضى فتهمة الزندقة والخروج على الطائفة اوالاتهام بالتامر مع الطوائف الاخرى جاهزة ، فاللمرجعية اسليبها القمعية الكفيلة بحماية دكتاتوريتها ، وتفردها برضى الله .
ما حاجة الانسان المسلم في العراق لان يتعرف الاحكام الشرعية في كيفية اكل الجرادة او الحية ، وهو يتعرض للذبح اليومي مهددا بماله وعرضه وروحه ودينه . وما فائدة ان يكون الفقيه رحيما كريما عطوفا على الحيوانات ويفتي بحرمة ذبحها امام حيوان من جنسها - المسالة ، ولا يحرم الذبح اليومي للانسان العراقي ، امام انظار البشر ، واغتصاب النساء امام عيون الرجال وكاميرات المصوريين ، ولايقول شيئا ، بل يساوي بين الضحية والقاتل ، بحجة التقيه ، ولا يحسب حساب لتقوى الله ..!؟


لذلك لانستغرب ان نجد كتاب المسائل المنتخبة للسيد السستاني المؤلف من 600 صفحة ، و1452 مسالة ،ليس من بينها واحدة تتناول موضوعة الجهاد ، وكأن السيد لايحسبه فريضة من الفرائض الخمسة ، مع انها وباتفاق علماء المسلمين – والشيعة من ضمنهم – يمثل الركن الخامس من اركان الدين ، اي العبادات الخمسة ، الصلاة والصوم ، الزكاة ، الحج ، الجهاد ، الا ان السستاني يلغي الجهاد ويتجاهل ذكره ويضيف الخمس كركن خامس بدلا منه ، وكان المطلوب من الشيعي على راي السيد ان يلغي هذه الفريضة التي امر بها الله . فهل يحق للفقيه ان يلغي غدا الصوم او الصلاة والحج مثلا ، لماذا الجهاد بالذات وبأي حق ..!؟ ليس هناك من تفسير غير ان الغاء الجهاد يضمن السلامة ويحقق للانسان المتعة بالامتيازات التي يحققها الدين ، دين عصر العولمة ..!
مع ان الكتاب يخصص 19 مسالة في الذباحة ، و23 مسالة في الصيد ، و32 مسألة في الخمس ، مع ان قضية الخمس ، ضلت تثير الكثير من الجدل حتى عند بعض علماء الشيعة .

المعروف عن السستاني ، انه واحد من المجتهدين المقلدين ، ولم يكن مجددا ، على شاكلة الشهيدين الصدريين ، والسيد فضل الله ، ويتضح ذلك بوضوح حتى من خلال رسالة الاجتهاد التي عادة ما يكتبها الفقيه للدلالة على قدرة استباط الاحكام الشرعية ، لذلك لجأ لتبني رسالة الاجتهاد للسيد محسن الحكيم والتي سبق ان تبناها السيد الخوئي من قبله ، مع " تغيير مواضع الخلاف منها مما يؤدي اليه نظري ، مع بعض الحذف والتبديل والاضافة والتوضيح لكي تكون اقرب الى الاستفادة والانتفاع " كما عبر هو عن ذلك ، ويستمد عادة السستاني فتاويه من احكامها ، فهو مقلد اكثر منه مجتهد ، لذلك يعيب عليه اتباع الشهيد السيد محمد صادق الصدر هروبه من المناظرة مع السيد الصدر ، ويعتقدون انه غير مؤهل للمرجعية ، وان مكانته استمدها من القدرة الاعلامية والاقتصادية لابناء المراجع السابقين الذين لهم مصالح اقتصادية اوسياسية لظهور مرجع بمثل شخصية السستاني ، كما سياتي ذكره .
الا ان السيد الخوئي لم يغفل او يغيب فريضة الجهاد ، الذي قسمه الى جهاد ابتدائي : اي غزو المسلمين لبلاد غيرهم بهدف نشر الاسلام ، وتلك من وظائف الامام المعصوم ، والجهاد الدفاعي ويعني مواجهة غزو خارجي يقع على بلاد المسلمين من قبل دولة غير مسلمة ، ويلزم الخوئي المجتهد للمبادرة بالافتاء ضد مثل هذا الغزو . ويبدو السستاني هنا حتى كمقلد فاشل خارج على فتاوى وتشريعات المجتهد الذي اختار هو بنفسه رسالته كمرجع لفتاويه .

افتى السستاني بالجهاد لمواجهة الغزو الاميركي قبل بدأ الحرب بشهر او اكثر وظهر على شاشة تلفزيون بغداد جالسا ومجموعة من العلماء خلف السيد عدنان البكاء الذي كان يقرأ الفتوى . وعندما اشاع بعض مؤيديه في الخارج بان الفتوى غير صحيحة او انها أُخذت بالقوة ، عاد مكتب السستاني في النجف ليرد عليهم بتاكيد صحة الفتوى وانها كانت طوعية دون اكراه من احد . والسؤال من يتحمل ازر من قتل من ابناء الطائفة ممن قاوم الغزو خلال الحرب وقتل استجابة للفتوى .

ثم ما هو الموقف الشرعي السليم مقاومة الاحتلال وهو عدوان مستمر ، كما افتى السستاني من قبل بذلك ، ام التعايش معه وقبوله كامر واقع . ثم ما معنى الصمت والسكوت الذي مارسه السيد في الاشهر الثماني الاولى ، ثم فجأة يتحرك لقدم لسلطة الاحتلال المبررات الشرعية على كامل تصرفاتها كما ذكرنا في اعلاه .

المرجعية في عصر العولمة

رغم كل هذه الالقاب التي استخدمت لرفع مكانة المجتهد لمستوى من القدسية ، الا ان حقيقة الامر ليس هناك من نص او تشريع الهي او حديث نبوي ما يسند هذه القدسية ( سبق ان ناقشنا هذه المسالة في الجزء الاول من هذه الدراسة ) الا تطلع المستفيدين للتمتع بالحياة من خلال رفع منزلة المجتهد لمستوى الائمة المعصومين والانبياء ، واضفاء ما لا يقبله الائمة لانفسهم من الصفات والسمات – كما ذكرنا في الجزء الاول من هذه الدراسة ، فقد اضحت المرجعية سوق رائجة ، لها مؤسساتها المالية والاعلامية ومراكزها الخاصة ، والاعداد الهائلة من الموظفين والمستفدين دون ان يكون لهم من فائدة تذكر سوى جمع الاموال و تنفير الناس من الاسلام والمرجعية بما يمارسونه من سلوكيات غير مقبولة ( نستنكف عن ذكرها لما فيها من قصص يشيب لها الطفل ) ، يستخدم المستفيدون منها اسم المجتهد لجني الارباح الطائلة يتساوى في ذلك ابناء المجتهدين وعائلته او حاشيته وبعض وكلائه ،مستثمرين الحالة النفسية القلقة للانسان المسلم وحالة اختلال التوازن التي تعاني منها الامة ليقدموا انفسهم من خلال المجتهد وكانهم يمتلكون الخلاص الذي سينقذ الانسان مما يعاني منه من خوف وضياع وشعور حاد بفقدان الامن ، فحاولوا تصوير المجتهد كوسيط بين العبد وربه وهم وسطاؤه بالتبعية ، يبيعون الوعود والخرافات . وظيفتهم جني الارباح وبيع الاوهام .

لذلك بدأت المرجعية تميل لان تصبح قريبة من الملكيات الوراثية ،لايكتفي فيها الابناء وراثة اموال المسلمين التي بعهدة المرجع وكانها حق خاص ، بل تضخيم مكانة المرجع وادواره ليحتفظوا بعد مماته بنفس الامتيازات التي يتطلع الابناء وبعض الاتباع لاستمرار في وراثتها بل وتوريثها لابنائهم من بعدهم . من هنا وجدنا ان بعض ابناء المراجع ومن اجل الاحتفاظ بامتيازات المرجعية يتدخل لتحديد المرجعية الجديدة من خلال ما يملكه من امكانات مادية واعلامية ، ليفرض عليها عدم المطالبة باستعادة اموال المرجعية السابقة وامتيازاتها التي يريد حيازتها لنفسه مع انها اموال عامة ، تعود ملكيتها لفقراء المسلمين ويفترض ان تنتقل للمرجع الجديد ، كما حصل مع مرجعية السستاني التي ما كان لها ان تتحقق لولا تدخل ابناء المراجع السابقين ، ابناء السيد الخوئي لرغبتهم بالاحتفلظ بامتيازات واموال المرجعية ، واولاد السيد المرجع محسن الحكيم بسبب تطلعاتهم السياسية التي هددها بروز السيد محمد صادق الصدر كمرجع وكزعيم سياسي ، فادلوا بدلوهم في التشكيك بعلميته ، بل حتى بعقله ونزاهنه ، واتهموه بالعمالة للنظام . فكان لهذه الحملة اثرها في اضعاف مرجعية السيد الشهيد محمد صادق الصدر ، وترجيح كفة السيد السستاني . فكانت مرجعية الاخير اقرب لولادة قيصرية خدمها بشكل كبير استشهاد السيد محمد صادق الصدر بوقت مبكر . ، مما اخلى الساحة من منافس شديد ، لذلك يمكن ان يقال ان بعض مرجعيات عصر العولمة محكومة بزينتي الحياة – الاموال والبنون – اكثر مما هي محكومة بالورع والتقوى .

btinternet.com[/email]

الدكتور عادل رضا
11-12-2004, 02:55 AM
يسجل للسيد الخميني مبادرته لمنع اولاده او احفادة للعب مثل هذه الادوار فابعدهم عن المركز التي تمكنهم من استغلال اسمه بل اعتقل حفيده عندما حاول ان يستغل قرابته للسيد كي يتدخل بشؤون المرجعية والدولة في ايران .
كما لايمكن النظر لبروز السيد القائد مقتدى الصدر بنفس المنظار، فلم يعرف عنه انه تلاعب او ورث شيئا من املاك المرجعية ، كما ان بروزه لم يكن بفعل هذه الظاهرة الشاذة للمرجعية الوراثية بقدر ما ان الرجل برز كقائد معبر عن ارادة الملايين للخلاص من الاحتلال وتحقيق السيادة الوطنية ، قد تكون اصوله خدمته كثيرا في بروزه بسرعة وتجميع الانصار والمؤيدين من خلفه لكنه يمتلك ايضا القدرات الخاصة ليتجاوز دور ابن المرجع الى دور الزعيم السياسي صاحب الموقف الخاص ، وهو لم ينافس احدا على مرجعيته او امواله بقدر ما انه اتخذ دوره كمواطن قادر على فهم واستيعاب هموم ابناء وطنه . واذا كان لدور ابن المرجع من اثر عليه فهو قدرة المرجع السيد محمد صادق الصدر على نقل قيم الفضيلة والشجاعة والزهد والتمسك بالقيم الدينية والروحية الى حد الاستعداد المطلق للاستشهاد ، وليس كامتياز للتمتع بالحياة الدنيا . ويمثل ابناء الخالصي نموذجا اخر لهذه النزعة في وراثة قيم الفضيلة من المرجعية لااموالها او مكانتها الاجتماعية لاستخدامها كاساس لبناء زعامة سياسية او التحول لمركز تجاري لدعم النزعات الفردية الشاذة في تاكيد الذات ولو على حساب اموال المسلمين ودمائهم .

ان هذه القدسية التي يحاول ان يعطيها البعض للمجتهد تتناقض كليا مع اساسيات المذهب ، حيث عرف الشيعة بالمخطئة ، اي ان مؤسسي المذهب واباءه الاوائل يرون ان المجتهد بشر يمكن ان يخطأ ويصيب . فهو ليس معصوم من الخطأ ، الا ان جميع المجتهدين وعلماء المذهب يتفقون على ان من اهم صفات المرجع ان يكون على درجة من التقوى والورع اللتان تمكنانه من مغالبة هواه ، وكما عبر عن ذلك السيد الشهيد محمد باقر الصدر : " وبقدر عظمة المسؤولية التي اناطتها الشريعة بالعلماء شددت عليهم وتوقعت منهم سلوكا عامرا بالتقوى والايمان والنزاهة نقيا من كل الوان الاستغلال للعلم لكي يكونوا ورثة الانبياء .

فقد جاء عن الامام العسكري عليه السلام في هذا السياق قوله فاما من كان من الفقهاء صائنا لنفسه حافظا لدينه مخالفا لهواه مطيعا لامر مولاه فاللوام ان يقلدوه ."
اما ان يقف السيد السستاني مع قوات الاحتلال ، ويدعمها بمناورات ظاهرها محاولة ضبط سلوك سلطة الاحتلال ، الا انها تخدم بالمحصلة النهائية وجود واستمرار الاحتلال ، وتضبط سلوك قطاعات كبيرة من الشعب وفقا لمعايير الخنوع والاستسلام بالطريقة التي تريدها هذه السلطة، كل هذا من اجل اشباع رغبة الاانتقام من الشهيد الصدر من خلال ابنه السيد مقتدى الصدر ، وجماعات الصدريين الذين على ما يبدو انه اخرجهم من قائمة المسلمين ، يحلل قتلهم ، فهو وان لم يفتي بذلك الا ان السكوت دلالة على الرضا. مع ان الآيات والاحاديث التي تحرم دم المسلم ليست بعيدة ، فأية شريعة هذه التي يستند لها السستاني في سكوته .

قد يقول جاهل ومنافق ، ان هذه الاستنتاجات لاتمثل موقف السيد السستاني ، وانه لابد اتخذ موقفه هذا على اساس سند شرعي . والسؤال اي شرع هذا يمكن ان يرتضي سكوت من يكون في موقع المرجع الاول للطائفة ويرى ابنائها يقتلون ظلما وهو ساكت فرح بالطائرة الخاصة التي هيئتها له قوات الاحتلال للسفر بها من اجل اجراء فحوصات في الخارج . ويخطىء السستاني اذا اعتقد ان القتل سيطال جماعات الصدريين فقط فليس هناك من مناطق سكنية تعزل الشيعة من مقلدي الصدر عن غيرهم ، اي ان القتل سيطال ايضا مقلدي السستاني ومقلدي المراجع الاخرين ، وحتى انصار الاحزاب المتاسلمة الاخرى السائرة في فلك الاحتلال فرحة بمنصب وزاري او اكثر ، تعتقد انه حقق لها انتصارها في تحقيق اهدافها في ان تتموضع في موقع مخلب القط ضد شعبه ومواطنيه . فمن المسؤول غدا عن هذه الدماء ، وهل سيبقى للورع والتقوى ومغالبة الهوى من وجود ، يمكن ان يلزم المسلم لتقليد مثل هذه المراجع والاحزاب التي تتامر على الطائفة . ومع من .. مع الشيطان الاكبر ، الذي كان جميع مراجع الطائفة العظام ، وحتى من يدعون تمثيلها سياسيا ان التعاون معه سيحول المتعاون الى مخلب قط لايذاء اخوانه ، وتابع وعميل للاستكبار .

يطمح السستاني على مايبدو ان تحقق له قوى الاحتلال ، ما لم تحققه له الشريعة او الاعلمية التي يدعيها ، التخلص بالقتل والقمع من انصار وكوادر التيار الصدري اولئك الذين خذلوه ورفضوا ادعاءاته بالاعلمية ، ويضمن بذلك وحدانية وجوده على الساحة ويضمن ايضا عودة اموال الخمس والحقوق له ، وله وحده . مما سيحقق له ميتة قرير العين المطمئن على مستقبل اولاده من نكبات الدهر ، فما سيخلفه يكفي لان يهرب ابناؤه او احدهم الى اي من عواصم العالم ليبني مركزا اسلاميا يضمن له تلقي المزيد من التبرعات والتهرب من الضرائب تحت غطاء ما يعرف بالمؤسسات الخيرية او الدينية والثقافية ، ويعيش عيشا هنيأً تحت غطاء خدمة آل البيت ونشر مبادئهم ومذهبهم ، مع ان احدا من آل البيت لم يترك من ارث لاولاده واحفاده ، ولم يترك احدا دار الاسلام ليهاجر بعيدا متمتعا بمبادئ حقوق الانسان والديمقراطية. وهذا الامام علي الذي يدعون الاقتداء به ،يغضب ويبكي ابنته زينب في ليلة العيد عندما يكتشف انها استعارت عقدا من بيت المال تتزين به ، ويؤنب صاحب بيت المال لسماحه لها بذلك .. وعندما جاءه ابنه الحسن في الليلة الثانية من جرحه الذي مات بسببه بطبق فيه رغيف من الخبر واناء من اللبن ، يساله بني حسن أأطعمت اسيرك ، ويجيب الحسن بالنفي ويبرر ذلك بان ليس هناك من طعام في البيت غير هذا الذي الطبق ، ويصر عليه السلام ان يتقاسم الرغيف واناء اللبن مع عبد الرحمن ابن ملجم . فاين هو تراث اهل البيت الذي يدعون نشر ثقافته ، مقابل هذه الامبراطوريات المالية التي يهربون بها للخارج ، وملايين الشيعة من العراقيين يتضورون جوعا ، ويعانون من شظف العيش ، محرومون من الكثير من الاساسيات الضرورية للعيش بكرامة .
وهل يحق لاي مرجع ان يتجاوز هذه القيم بحجة القدرة على استنباط الحكم الشرعي ، ويتغافل عن ما اوجبه الخالق من فرائض باسم آل البيت ..!؟

حدود صلاحية المجتهد


ان الاجتهاد مسؤولية وليس امتياز ، فتفرغ رجل ما لاكتساب المعارف الدينية ، لايعطيه اي حق في للتحكم في مصائر البشر ، او القدرة على تزكيتهم او ادانتهم ، تكفيرهم او الشهادة في حسن اسلامهم . فذلك حق لم يمنحه الله حتى للانبياء ( ما انت عليهم بوكيل ) ، والاجتهاد كمبدأ الغاية منه متابعة تطورات الحياة وتغيراتها ، ونبذ الجمود واستعمال العقل في التمييز بين ما له علاقة بمصالح الامة الاسلامية ، وما هو ضار من الامور الدنيوية ، مما لم يرد به حكم صريح في القرآن والسنة ، ولا يحق للمجتهد ان يخرس من اجل ان يضمن سلامته عن الافتاء بالاحكام الصريحة ، لان ذلك يضعه في خانت الشيطان الاخرس ويسقط عنه سمات المرجعية والاجتهاد التي تؤكد على العدالة ومغالبة الهوى وطاعة المولى ( نذكر دائما ان المقصود به هو الله عز وجل وليس السيد بريمر او اتباعه من الاجراء المحليين ) .

والتقية ، وان ادعى البعض بانها واجبة ، الا ان وجوبها محدود بما هو مظهري وانيفي اداء العبادات ، الا انها لاتلغي باية صورة من الصور هذه العبادات ، او بعض من احكام الخالق وحدوده ، لانها تتحول عند ذلك الى حالة من حالات النفاق ، الذي ينقل المؤمن الى حالة اخرى نهى عنها الخالق ووصفها بالاعمال الشيطانية . .والمجتهد يمتلك الحق في استنباط الحكم الشرعي في فروع الدين ، ولايحق له ذلك بما يتعلق في الاصول ، كما يعتقد المرحوم الشهيد السيد محمد باقر الصدر حيث يرى " وفي الوقت الذي اوجبت به الشريعة التقليد بالمعنى الذي ذكرناه في فروع الدين من الحلال والحرام حرمته في اصول الدين ، فلم تسمح للمكلف بان يقلد في العقائد الدينية الاساسية ، وذلك لان المطلوب شرعا في اصول الدين ان يحصل العلم واليقين للمكلف بربه ونبيه ومعاده ودينه وامامه ودعت الشريعةكل انسان الى ان يتحمل بنفسه مسؤولية عقائده الدينية الاساسية بدلا عن ان يقلد فيها ويحمل غيره مسؤوليتها "

ويرى الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء ان العبادات الخمسة هي من اصول الدين وليس فروعه ، والجهاد هو الفريضة الخامسة من هذه العبادات ، وهي اهم على ما نعتقد من صيد الجراد او الحيات وغيرها من الامور التي لايمكن ان تفهم الا انها مضيعة للوقت ، في وقت تتكالب فيه قوى الشر والعدوان لذبح العراقيين كالخراف ، قبل ان يتوفر لهم الوقت الكافي لمعرفة ما اذا كان الواجب اكل الجرادة بالذبح او بدونه . فقد سمم اليورانيوم المخضب حتى الجراد والحيات .

والمجتهد مسؤول لتنبيه الامة عما لم تنتبه اليه من المخاطر التي تهدد مصيرها ووجودها ، او ما هو على علاقة مباشرة بمستقبلها . انتهى عصر صيد الجراد والحيات ، ونحن الان احوج ما نكون لدين يعلمنا كيف نتعامل مع الصواريخ التي تتساقط على رؤوسنا دون ذنب ، او جريرة .
وعلى مفكرينا وعلمائنا ان يخرجوا من صمتهم لاعادة صياغة مفهوم الاجتهاد وشروطة ، ليعود كمبدأ لخدمة الانسان وتعريفه بما يجهل من امور دينه ودنياه ، لا مجرد منصب مقدس لجمع الضرائب والاموال التي يهدر الكثير منها في غير مرضاة الله . ولايسعني هنا الا ان انصح بقراءة كتب المفكر المجدد الاستاذ عادل رؤوف الذي اطلعت على كتابه القيم "عراق بلا قيادة " بعد الانتهاء من كتابة مقالتي هذه ، رغم ان سماحة الشيخ الجليل محمد مهدي الخالصي كان قد اهداني نسخة منه في العام الماضي وضعته بين مجموعات الكتب الجديدة بانتظار قرائته ، فاستعاره احد الاصدقاء الذي اراد على ما يبدو ان يثبت انه الاذكى فلم يعيده لي لحد الان ، الا ان صديقا اخر احضر لي نسخة جديدة بعد ان اطلع على مسودة مقالتي هذه . وبقراءة بعض الفصول اكتشفت انه يناقش الكثير من الموضوعات الواردة في هذا الجزء وما سيليه من الاجزاء ، بتوسع اكثر ، وحجم كبير من الوثائق والمصادر ، اضافة الى ان الرجل يمتلك اطلاع على الامور الفقهية اكثر بكثير من كاتب هذه المقالة . وبالقراءة السريعة لبعض فصوله انصح كل مسلم على مذهب اهل البيت قراءته ليكتشف كيف ان الدين اصبح لعب وتجارة بيد بعض ممن يدعون التصدي لحمايته .
كما انبه وانصح بقراءة المفكر الاسلامي المجدد الدكتور علي شريعتي شريعتي ، خاصة كتابه " التشيع العلوي والتشيع الصفوي " . والدكتور شريعتي من المتبحرين بالفقه وعلومه ما يعطي كتاباته نكهة خاصة .
سيناقش الجزء الاخير من هذه الدراسة موقف الحركات السياسية الاسلامية من المحنة العراقية والانتفاضة الصدرية ، والذي تعمدنا تاجيل نشره الى حين الانتهاء من القراءة المركزة لكتاب الاستاذ عادل رؤوف . mzalhussaini@btinternet.com

الدكتور عادل رضا
08-22-2009, 01:22 PM
للرفع
مع محبتي