سيد مرحوم
11-09-2004, 07:25 PM
جلسة رمضانية في البيت العراقي بطهران!!
أرض السواد - نجاح محمد علي
تلقيتُ دعوة مشكورة من أخي وصديقي العتيد السيد محمد الشيخ (أبوحيدر الشيخ) للمشاركة في مأدبة افطار أقامها للعراقيين في ايران...فحضرتٌ ولبيتُ الدعوة بالرغم من أنني كنتُ مستاء جدا لطريقة أداء السفارة العراقية بطهران في عهدها الجديد، معي الأقل،ورفضها أو تعللها في منح ابنتي فاطمة بدل فاقد لجوازسفرها الذي فقدته في ظروف غامضة.
كنتُ أُوقفتُ في آب/ أغسطس الماضي عن العمل كمدير لمكتب قناة أبوظبي في طهران،لسبب لايتعلق بي حسبما فهمت لاحقا، وهاجرت هجرتي الثانية الى دولة الامارات العربية المتحدة التي آوتني بحفاوة وكرم وحسن ضيافة، وماتزال، وسبب عدم منح فاطمة جواز السفر مشكلات عديدة لها ولي شخصيا، وحُرمت من مواصلة دراستها الجامعية لهذا الفصل الدراسي.
وعدتُ الجمعة الماضية الى طهران بعد أن تلقيت رسائل وإشارات قوية من الرئيس المحبوب سيد محمد خاتمي،وطاقم حكومته ممن تربطني بهم أفضل العلاقات، بأهمية استئناف عملي في طهران،وها أنا أجري مفاوضات(صعبة) مع المسؤولين الايرانيين للخروج باتفاق، لايضع قرار الرئيس خاتمي على الأرض، ولا يخل بالتزاماتي مع قناة أبوظبي التي عينتي في العراق لتفعيل مكتبها هناك،وأعتقد أننا سنتفق على أن أبقى مديرا لمكتب قناة أبوظبي في طهران، وأشرف عليه بـ(الريموت كونترول) بعد أن أُعين مراسلا ثانيا يملأ الفراغ أثناء مهمتي التي لا أعرف متى تنتهي في العراق.
وفي (البيت العراقي) الذي أُطلق على مكان لقاء السفير أبو حيدر الشيخ بالجالية العراقية،لاحظت غياب شخصيتين كان ينبغي على السفارة توجيه الدعوة لهما ليكتمل العقد، وهما ياسر عبد الزهراء عثمان ومحمد العامري .
الأول هوابن الشهيد السعيد المفكر الاسلامي المعتدل الراحل عز الدين سليم(الحاج أبوياسين) وكان رئيسا للعراق قبل تشكيل الحكومة المؤقتة، والثاني نجل نائبه الذي اغتيل معه طالب قاسم(الحجامي العامري).
بعد الافطار كان لي حديث(عبر الهاتف) مع ياسر ومحمد، فهما آخر ماتبقى لي من عشقي الأزلي لوالديهما ورفيقي دربي الطويل، وقد شعرتُ بالمرارة التي خلفها تجاهلهما، ليس فقط من قبل السفارة، بل وحتى من جهات وشخصيات كانت يوما تقف صفا بانتظار مجرد لقاء مع أبوياسين أو العامري قبل رحيلهما الى الآخرة.
علمتُ من ياسر،ولم أره منذ هجرتي القسرية الثانية، أنه بادر الى تأسيس مؤسسة ثقافية حملت اسم الشهيد عز الدين سليم،لتوثيق تراثه الفكري الخلاق، فيما العامري يستعد لهجرة،أرجو أن تكون له ولأسرته خاصة أمه العظيمة الصابرة المنكوبة، فاتحة خير وعهدا جديدا، قد تجد فيه جزء من العزاء و الراحة التي افتقدتها طوال سنوات الهجرة الأولى الى ايران..الاسلام!.
لن أحدثكم الآن عن أم محمد العامري وصبرها ومجاهدتها ، وألمها الدفين، وكيف أنها أخفقت في نقل ولدها الثاني من جامعة البصرة الى إحدى جامعات ايران، وقد أصيب باكتئاب شديد بعد رحيل والده الحنون العطوف عنه(وعنا)، وعن الهواتف النقالة التي لاترد على اتصالات نجلها البكر محمد ليسألهم أين أصبحت وعودهم في نقل شقيقه؟ فلماذا يردون بعد أن رحل العامري الكبير؟.
نعم هذه العائلة المؤمنة الكريمة، لن أحدثكم الآن عن كرمها والبيت العامر الذي كان مفتوحا لنا جميعا،ولن أحدثكم عن (سرداب) بيت أبوياسين وموائد الطعام التي يحملها مفكر العراق الأوحد الى الشباب الذي كان منزله لهم مأوى وملاذا.
والله كنتُ أشاهده بنفسي وهو ينزل عدة طوابق من منزله المتواضع الى (السرداب) حيث ينام المجاهدون!ليوقظهم أما لصلاة الفجر، أو للافطار، في مشهد يتكرر مع كل فترة غذاء، بينما كان منزل الحاج عطاء الله(عافاه الله وسكن روحه) يضج بالزائرين الذين لن يُسمح لهم بالمغادرة الا بعد تناول وجبة شهية من يد المرحومة أم حسين، وبمعية بناتها الطاهرات وعلى رأسهن الحاجة أم محمد العامري التي تتميز بعشق خرافي للحج كل عام مع رفيقها
الراحل.
أذكر يوما أننا كنا في رحلة حج عامرية كهذه المرأة الصابرة، وكانت تريد بأي شكل أن يلتقط لها الشهيد أبو محمد صورة داخل المسجد الحرام، فكان قدس الله نفسه الزكية لايتمكن بسبب منع السعوديين للتصوير هناك. كنتُ معهم فأخذت منه الكاميرة والتقطت لها صورة وأنا جالس باتجاه القبلة الشريفة، وحين ظهر ضوء الكاميرة(الفلاش) ركض أحد أولئك الحراس باتجاهي فسجدتُ ومعي الكاميرة واعتقد الرجل أنني اصلي ...فذهب.
كان العامري يدعو الله كثيرا ويلح عليه بطلب الشهادة، وسمعته أم محمد فقالت له بعتب المحبين: لاتكن أنانيا فتذهب وحدك!!!.
أسجلُ بعض هذه الذكريات، وأنا أشاهد مكان العامري وابوياسين خاليا في (البيت العراقي)، علما أن ذكرهما لم يكف عن التبادل وقد تحدثنا كثيرا عنهما أثناء الافطار أنا وأخي الرائع الدكتور الفقيه وأبو الأيتام صاحب الحريري.
إنها مبادرة أكثر من رائعة قام بها السفير العراقي الجديد لجمع العراقيين وتبادل المشورة معهم،وأنا شخصيا لقيتُ منه ومن باقي طاقم سفارته كل الود والمحبة، وبالمناسبة فان أبوحيدر الشيخ كان يرتبط بي شخصيا وبالشهيدين بعلاقات مودة قوية، ولا أعتقد أن أحدا من العراقيين في ايران لايعرف أين يقطن أنجالهما، خصوصا وأن العامري محمد هو الآن مذيع مبدع ومقدم برامج رياضية من الطراز الأول في قناة العالم التي شاركني في تأسيسها والده الراحل الكبير..فلماذا هذا التجاهل وأنا واثق أنه لم يكن متعمدا.
أسجل هنا أن أخي الفاضل محمد سرافراز المشرف من وراء الستار على قناة العالم وأحد أهم مساعدي مدير عام مؤسسة الاذاعة والتلفزيون في الجمهورية الاسلامية، ربما يكون وحده من أنصف اسرة العامري الشهيد، وبقي على أصدقائه ورفاق دربه أن لاينسوها واسرة المفكر الاسلامي الشهيد عز الدين سليم
أرض السواد - نجاح محمد علي
تلقيتُ دعوة مشكورة من أخي وصديقي العتيد السيد محمد الشيخ (أبوحيدر الشيخ) للمشاركة في مأدبة افطار أقامها للعراقيين في ايران...فحضرتٌ ولبيتُ الدعوة بالرغم من أنني كنتُ مستاء جدا لطريقة أداء السفارة العراقية بطهران في عهدها الجديد، معي الأقل،ورفضها أو تعللها في منح ابنتي فاطمة بدل فاقد لجوازسفرها الذي فقدته في ظروف غامضة.
كنتُ أُوقفتُ في آب/ أغسطس الماضي عن العمل كمدير لمكتب قناة أبوظبي في طهران،لسبب لايتعلق بي حسبما فهمت لاحقا، وهاجرت هجرتي الثانية الى دولة الامارات العربية المتحدة التي آوتني بحفاوة وكرم وحسن ضيافة، وماتزال، وسبب عدم منح فاطمة جواز السفر مشكلات عديدة لها ولي شخصيا، وحُرمت من مواصلة دراستها الجامعية لهذا الفصل الدراسي.
وعدتُ الجمعة الماضية الى طهران بعد أن تلقيت رسائل وإشارات قوية من الرئيس المحبوب سيد محمد خاتمي،وطاقم حكومته ممن تربطني بهم أفضل العلاقات، بأهمية استئناف عملي في طهران،وها أنا أجري مفاوضات(صعبة) مع المسؤولين الايرانيين للخروج باتفاق، لايضع قرار الرئيس خاتمي على الأرض، ولا يخل بالتزاماتي مع قناة أبوظبي التي عينتي في العراق لتفعيل مكتبها هناك،وأعتقد أننا سنتفق على أن أبقى مديرا لمكتب قناة أبوظبي في طهران، وأشرف عليه بـ(الريموت كونترول) بعد أن أُعين مراسلا ثانيا يملأ الفراغ أثناء مهمتي التي لا أعرف متى تنتهي في العراق.
وفي (البيت العراقي) الذي أُطلق على مكان لقاء السفير أبو حيدر الشيخ بالجالية العراقية،لاحظت غياب شخصيتين كان ينبغي على السفارة توجيه الدعوة لهما ليكتمل العقد، وهما ياسر عبد الزهراء عثمان ومحمد العامري .
الأول هوابن الشهيد السعيد المفكر الاسلامي المعتدل الراحل عز الدين سليم(الحاج أبوياسين) وكان رئيسا للعراق قبل تشكيل الحكومة المؤقتة، والثاني نجل نائبه الذي اغتيل معه طالب قاسم(الحجامي العامري).
بعد الافطار كان لي حديث(عبر الهاتف) مع ياسر ومحمد، فهما آخر ماتبقى لي من عشقي الأزلي لوالديهما ورفيقي دربي الطويل، وقد شعرتُ بالمرارة التي خلفها تجاهلهما، ليس فقط من قبل السفارة، بل وحتى من جهات وشخصيات كانت يوما تقف صفا بانتظار مجرد لقاء مع أبوياسين أو العامري قبل رحيلهما الى الآخرة.
علمتُ من ياسر،ولم أره منذ هجرتي القسرية الثانية، أنه بادر الى تأسيس مؤسسة ثقافية حملت اسم الشهيد عز الدين سليم،لتوثيق تراثه الفكري الخلاق، فيما العامري يستعد لهجرة،أرجو أن تكون له ولأسرته خاصة أمه العظيمة الصابرة المنكوبة، فاتحة خير وعهدا جديدا، قد تجد فيه جزء من العزاء و الراحة التي افتقدتها طوال سنوات الهجرة الأولى الى ايران..الاسلام!.
لن أحدثكم الآن عن أم محمد العامري وصبرها ومجاهدتها ، وألمها الدفين، وكيف أنها أخفقت في نقل ولدها الثاني من جامعة البصرة الى إحدى جامعات ايران، وقد أصيب باكتئاب شديد بعد رحيل والده الحنون العطوف عنه(وعنا)، وعن الهواتف النقالة التي لاترد على اتصالات نجلها البكر محمد ليسألهم أين أصبحت وعودهم في نقل شقيقه؟ فلماذا يردون بعد أن رحل العامري الكبير؟.
نعم هذه العائلة المؤمنة الكريمة، لن أحدثكم الآن عن كرمها والبيت العامر الذي كان مفتوحا لنا جميعا،ولن أحدثكم عن (سرداب) بيت أبوياسين وموائد الطعام التي يحملها مفكر العراق الأوحد الى الشباب الذي كان منزله لهم مأوى وملاذا.
والله كنتُ أشاهده بنفسي وهو ينزل عدة طوابق من منزله المتواضع الى (السرداب) حيث ينام المجاهدون!ليوقظهم أما لصلاة الفجر، أو للافطار، في مشهد يتكرر مع كل فترة غذاء، بينما كان منزل الحاج عطاء الله(عافاه الله وسكن روحه) يضج بالزائرين الذين لن يُسمح لهم بالمغادرة الا بعد تناول وجبة شهية من يد المرحومة أم حسين، وبمعية بناتها الطاهرات وعلى رأسهن الحاجة أم محمد العامري التي تتميز بعشق خرافي للحج كل عام مع رفيقها
الراحل.
أذكر يوما أننا كنا في رحلة حج عامرية كهذه المرأة الصابرة، وكانت تريد بأي شكل أن يلتقط لها الشهيد أبو محمد صورة داخل المسجد الحرام، فكان قدس الله نفسه الزكية لايتمكن بسبب منع السعوديين للتصوير هناك. كنتُ معهم فأخذت منه الكاميرة والتقطت لها صورة وأنا جالس باتجاه القبلة الشريفة، وحين ظهر ضوء الكاميرة(الفلاش) ركض أحد أولئك الحراس باتجاهي فسجدتُ ومعي الكاميرة واعتقد الرجل أنني اصلي ...فذهب.
كان العامري يدعو الله كثيرا ويلح عليه بطلب الشهادة، وسمعته أم محمد فقالت له بعتب المحبين: لاتكن أنانيا فتذهب وحدك!!!.
أسجلُ بعض هذه الذكريات، وأنا أشاهد مكان العامري وابوياسين خاليا في (البيت العراقي)، علما أن ذكرهما لم يكف عن التبادل وقد تحدثنا كثيرا عنهما أثناء الافطار أنا وأخي الرائع الدكتور الفقيه وأبو الأيتام صاحب الحريري.
إنها مبادرة أكثر من رائعة قام بها السفير العراقي الجديد لجمع العراقيين وتبادل المشورة معهم،وأنا شخصيا لقيتُ منه ومن باقي طاقم سفارته كل الود والمحبة، وبالمناسبة فان أبوحيدر الشيخ كان يرتبط بي شخصيا وبالشهيدين بعلاقات مودة قوية، ولا أعتقد أن أحدا من العراقيين في ايران لايعرف أين يقطن أنجالهما، خصوصا وأن العامري محمد هو الآن مذيع مبدع ومقدم برامج رياضية من الطراز الأول في قناة العالم التي شاركني في تأسيسها والده الراحل الكبير..فلماذا هذا التجاهل وأنا واثق أنه لم يكن متعمدا.
أسجل هنا أن أخي الفاضل محمد سرافراز المشرف من وراء الستار على قناة العالم وأحد أهم مساعدي مدير عام مؤسسة الاذاعة والتلفزيون في الجمهورية الاسلامية، ربما يكون وحده من أنصف اسرة العامري الشهيد، وبقي على أصدقائه ورفاق دربه أن لاينسوها واسرة المفكر الاسلامي الشهيد عز الدين سليم