جمال
06-02-2011, 12:59 AM
بوخمسين: شيخ حكيم شكل ظاهرة متميزة في الفكر الإسلامي
http://www.annaharkw.com/annahar/Resources/ArticlesPictures/2011/06/01/275409_5_mainNew.JPG
العم جواد بوخمسين بين الحضور
صباح الموسى
kt.sabah@hotmail.com
http://1.bp.blogspot.com/_bVuuYOAIRvI/SATzBoEMPNI/AAAAAAAAAWk/aRIKTkM1rMY/s320/00001.jpg
الشيخ الاوحد الاحسائي
واصل المؤتمر الأول عن سيرة وعطاءات الشيخ أحمد بن زين الدين الاحسائي فعالياته لليوم الثاني على التوالي تحت عنوان «سيرة وعطاء» والذي اقامته الحسينية الجعفرية.
في البداية قال سماحة العلامة السيد منير الخباز كلمة مصورة تحت عنوان «الأوحد في افق وإنصاف» استعرض فيها دور الإمام الراحل، بعدها ألقى سماحة الشيخ حسين بوخمسين كلمة في المؤتمر، تناولت لمحات سريعة عن الشيخ الأوحد الاحسائي، والقى سماحة الشيخ حسين المطوع شرحاً عن صفات المؤمنين في شرح الزيارة الجامعة الكبيرة.
بعدها بدأت فعاليات الجلسة العلمية الثانية والتي ترأسها رئيس اللجنة العليا سماحة الشيخ توفيق البوعلي حيث ألقيت العديد من البحوث لعدد من الاساتذة تناولت جوانب من ارث ونتاج الشيخ الاوحد الذي احتضنته الحسينية العامرة لمناقشة البحوث المطروحة، حيث تضمنت الجلسة مناقشة (6) بحوث تناولت جوانب من نتاجه ومسيرته.
وبدوره قال سماحة الشيخ حسين بوخمسين في مستهل بحثه ان دراسة اي شخصية مثل شخصية الحكيم الاحسائي الشيخ أحمد بن زين الدين لا تكون كافية في استيعاب ابعاده واتجاهاته التي تتميز بالعمق والشمولية ما لم تستوعب جوانب مهمة من حياته وفكره وتراثه، وذلك يفرض على الدارس لمثل هذه الشخصية أن يتعرف على ظروف النشأة ودراسة العوامل الاجتماعية والفكرية التي أثرت على الشخصية ودراسة اثارها النظرية والعملية في الفترة التي عاشتها، ثم تسلط الاضواء على نمو الشخصية وتطورها، كل ذلك يجب ان يتم في توازن فكري وعاطفي وبموضوعية عملية بحتة، الامر الذي لم يتحقق غالبا في تناول جوانب حياة وتراث «الشيخ أحمد بن زين الدين» فكما ان هناك مؤلفات مجحفة في نقدها لمدرسة شيخنا الحكيم الاحسائي الفكرية، ظالمة في بخسها حقه حيث انطلقت من وحي مواقف نفسية متشنجة من قبل اغلب خصومه، فكذلك يجب الا تتغلب العاطفة ومشاعر الحب والتقديس على الدراسة الموضوعية لفكره فان ذلك يعتم على العديد من العناصر المهمة التي يجب دراستها في شخصية الشيخ وأمثاله من العظماء، ولقد فرضت العاطفة جوها على بعض الكتابات حوله، وكانت تشكل عنصر توجيه لمسار البحث، ولا نشك انها قيدت الباحث وحالت بينه وبين التوغل بعمق في جنبات تراثه وتركته الفكرية.
وطالب بالا نقلل من قيمة الجهود العلمية التي قدمها كثير من الكتاب في معالجاتهم فلسفة او شخصية الشيخ الاوحد، لكننا ندعو الى التمييز بين اسلوب الاشادة واسلوب الاستيعاب، فما تحتاجه الامة هو استيعاب فكره في جميع مجالاته، لانه فكر رصين قادر على تقديم الحلول لكثير من جدليات الكلام الاسلامي، ولانه فكر مثل على طول مساره ظاهرة متطورة وممتدة مع الزمن.
http://www.annaharkw.com/annahar/Resources/ArticlesPictures/2011/06/01/a3cda856-5a17-4ef0-abe9-a715c3e19f50_rotatorNew.jpg
وأشار الى ان مدرسة الشيخ الاحسائي شكلت في القرون الثلاثة الاخيرة ظاهرة متميزة في عالم الفكر الاسلامي بما قدمته من عطاءات ثرية وبما اتصفت به تلك المدرسة من خصائص متفردة، ومن حق هذه المدرسة في ميزان التراكم العقلي البشري ثم من حق الأجيال علينا ان نمعن النظر ونصمم على الاكثار من البحث عن مكتسبات هذه المدرسة الغنية التي اثرت وبلاشك تراثنا العقائدي والتربوي، ولكن تجب مراعاة امرين مهمين عند العزم على القيام بمثل هذه البحوث.
http://www.annaharkw.com/annahar/Resources/ArticlesPictures/2011/06/01/b8716f05-2526-487f-a18c-a1f50acfa474_rotatorNew.jpg
وأوضح ان الامر الاول: هو ان شيخنا الحكيم الاحسائي اسس لمدرسة فكرية وفلسفية متميزة وترك لنا تراثا فكرياً مقارنا ومنهجا تربوياً عميقاً، وكان من اهم ادواته في تلك، اضافة الى ملكاته النفسية الفريدة في المجاهدة والسير والسلوك وبعد ضلوعه في استيعاب تعاليم الكتاب والسنة واعتماده على الكشف والشهود في استلهام تلك التعاليم: الغوص والتعمق في تراث المدارس الفلسفية المعاصرة بحيث استطاع ان يواجهها بالتحليل والنقد والتشريح، وان العزم على الابحار في خضم هذا التراث يتطلب من الباحث تخصصا في الكلام والفلسفة والعرفان يعينه على الوصول الى هدفه، ثم ان التخصص في نفس مدرسة الشيخ يتطلب احاطة تامة بجميع مبادئها التصورية والتصديقية، وبجميع نتائجها الفكرية، وفيما توافر بين يدي من الدراسات التي قدمت حول الحكيم الاحسائي وجدت ان اكثرها لم يقدم ما يدل على التخصص والهيمنة الفكرية والخبرة الكافية بجميع معالم مدرسة الحكيم الاحسائي، وأشار الى ان الشيخ حسن كوهر، وكذلك الميرزا موسى الاسكوئي قدس الله سره قدما بعض الدراسات المعمقة، ولكنها تبقى غير مستوعبة لكل جوانب تلك المدرسة.
http://www.annaharkw.com/annahar/Resources/ArticlesPictures/2011/06/01/32d4203a-7c1c-4028-812c-615d7b43467f_rotatorNew.jpg
وأضاف ان الامر الثاني: ان على الباحث ان يقيم مدرسة الشيخ تقييماً علمياً موضوعياً عادلا مجرداً من العواطف، وان يحاكم افكار الشيخ واطروحاته بالبرهان والدليل العلمي نقلياً كان او عقلياً، فليس الشيخ معصوماً ومصيباً في كل شيء حتى نكتفي بدور المتلقي دون دراسة وتمحيص، وايضا ليس مشتبهاً ومخلاً في كل شيء حتى نحكم على مدرسته بالعزل والاقصاء ونعتز لها اجحافاً بحقه وبحق انفسنا، بل نقبل ما وافق الدليل، ونطرح ما خالف الدليل، للفوز بمكتسبات هذه المدرسة.
وبين بوخمسين ان اكبر خدمة نقدمها لمدرسة الحكيم الاحسائي ليست من خلال ضرب ستار او حاجز يحول بين مدرسة الشيخ وبين النقد العلمي البناء، وانما يتم ذلك من خلال تقديم مدرسة الشيخ كغيرها من المدارس الفكرية القابلة للبحث والنظر والمحاكمة العلمية البحتة، ونحن في هذه الدراسة العاجلة لا ندعي هذه الموضوعية المطلقة ولسنا ايضاً من اهل التخصص وانما هي خلاصة استنتاجات لمطالعاتنا المتواضعة في بعض ما كتب من بحوث حول هذه المدرسة ومؤسسها عليه الرحمة سواء كان معها او على الضد منها.
http://www.annaharkw.com/annahar/Resources/ArticlesPictures/2011/06/01/80fa2f34-4731-4476-a7a4-7cc4018f6fd2_rotatorNew.jpg
ومن جانبه، تناول الشيخ عبدالمنعم العمران مصادر التشريع عند مدرسة الشيخ الأوحد الاحسائي مستشهدا بقول الامام الباقر عليه السلام: «أبلغ شيعتنا انه لا ينال ما عند الله الا بالعمل».
وأضاف العمران: ومع هذه المنزلة العالية والاهمية العظيمة يحتاج الانسان قبل العمل الى العلم، اذ العلم يعصم الانسان عن الوقوع في الاعمال السيئة، ولذا احتاج الانسان الى علم يبين له العمل الصحيح، والعمل السيئ ويبين له عمله مع الله تعالى ومع نفسه ومع الآخرين، وهذا العلم هو علم الفقه، فبعلم الفقه يعرف المكلف القوانين والموازين التي تبين له حلية عمله من حرمته، صحته من فساده.
ولهذه الاهمية قال أمير المؤمنين عليه السلام: «لا خير في عبادة ليس فيها تفقه»، وقال عن الامام الصادق عليه السلام: «عليكم بالتفقه في دين الله، ولا تكونوا أعراباً، فانه من ليتفقه في دين الله لم ينظر الله اليه يوم القيامة ولم يزك له عملاً».
وانطلاقا من هذه الاحاديث الشريفة تسارع العلماء الى تبيين الوظيفة الشرعية للمكلفين واعتمادا على آليات استنباط الحكم الشرعي التي أقرها لهم الشارع المقدس، لكن بسبب تعددها نتجت مدرستان كبيرتان سميت الاولى بالاصولية والثانية بالاخبارية اعتمد الاصوليون في مرحلة استنباط الاحكام الشرعية على أربعة أدلة هي: الكتاب والسنة والعقل والاجماع، وأما الاخباريون فقد اعتمدوا على الكتاب والسنة.
وما يثير العجب ان يكون ذلك احد أهم مصادر التهجم على الآخرين وتسقيطهم وانتهاك حرمة العلم والعلماء، بل وتنجيسهم والامر بقتلهم، وقد دخلت في ذلك الامور الدنيوية، فكل شخص يريد ان ينتقم من اخر يكفيه ان يقول في الآخر بأنه أصولي أو اخباري.
ولأجل ذلك قد رمي الشيخ الاوحد احمد بن زين الدين الاحسائي - قدس سره - بالاخبارية بل عد من متطرفيهم، وهذا يكفي في الاطاحة به دينيا واجتماعيا، بل قتله، خصوصا انه يعيش في الزمان الذي قتل فيه الميرزا محمد النيسابوري الأخباري (1232هـ) مع ابنه وأحد تلامذته على أيدي العوام، وفرار باقي عائلته وأحفاده من القتل.
ويا للعجب، هب ان الاب الميرزا الأخباري قد ارتكب ما يوجب القتل فهل تطبيق الحدود من شأن العوام؟ أم التمثيل به من شيم المسلمين؟ وما ذنب عائلته حتى تُقصد بالقتل؟
ومع كل ذلك، أكد جملة من العلماء على أن الاصوليين والاخباريين من الناجين، وان العمل بمقتضى استنباطهما مجزئ قال الشيخ محمد حسين الحائري الاصفهاني في الفصول: (الإجماع منعقد على أن من كان له ملكة معرفة الاحكام واستنباطها عن الادلة المقررة على وجه يعتد به في عرف الصناعة واستجمع لبقية الشرائط، مجتهد مطلق، يجب عليه العمل بمقتضى نظره، أصوليا كان أو أخباريا أو متوسط الطريقة، اذ عند التحقيق لا فرق بين هذه الفرق الثلاث الا من جهة الاختلاف في جملة من الطرق، فما ذكره من ان كل فرقة من الفرق الثلاث تخطئ لطريقة غيرها ان أراد أنها تخطئه لكن تقول بحجية نظره في حقه وحق مقلديه، فهذا لا ينافي كون الموضوع اجماعيا، وان أراد انها تمنع من حجية نظره في حقه وحق مقلديه، فهذا لا ينافي كون الموضوع اجماعيا وان أراد انها تمنع من حجية نظره في حقه وحق مقلديه فتمنع من الرجوع اليه فبطلانه غير خفي على العارف بالطريقة.
وما يثير الاستغراب ان جعل الشيخ الاوحد الاحسائي من الاخباريين ليس له أي صلة بالواقع، لانه من الأصوليين، وما عليك الا مراجعة كتبه في علم الفقه كصراط اليقين في شرح تبصرة المتعلمين والحيدرية وأصوله كفوائد في مباني الاصول والرسالة الاجماعية، حيث ستجد ان طريقته في الاستنباط هي طريقة الأصوليين.
وليس المقصود من نفي كون الاحسائي من الاخباريين التقليل من شأن الاخباريين او الطعن فيهم بل لبيان الحقيقة، وفي هذا يقول آية الله العظمى الميرزا عبدالرسول الحائري الاحقاقي قدس سره: «وعلى أي حال، فهم (أي الأخباريين) من الفرقة الحقة الإمامية، وهم اخواننا في الدين، لا عار ولا نقص لمن انتسب اليهم، فان قلنا ان الشيخية ليسوا باخبارية، فانما هو لبيان الواقع والحقيقة فقط، لا طعنا فيهم ولا قدحا، حاشا وكلا.
من ناحيته، أشار سماحة السيد معين الحيدري الى أن الشيخ الاوحد - أعلى الله مقامه - من عائلة علمية لها اطلاع على العلوم الدينية واهتمام واضح، خصوصا من قبل والده الشيخ المقدس زين الدين - قدس سره - موضحا ان سيرته الشخصية تدل على شخصية فريدة من نوعها من نواحي متعددة، علما وعملا وأخلاقا ومعاشرة في الحل وفي الحضر، متطرقا في كتابه الى أقوال أساطين العلماء وغيرهم تكذب وترد جميع الافتراءات التي قيلت لاجل التقليل من شأنه أعلى الله مقامه.
وأوضح ان عمر الشيخ الاوحد - أعلى الله مقامه - لا يتناسب مع انتاجه العلمي الديني والدنيوي ضمن اطار الظروف الطبيعية المعروفة في الحوزات العلمية الا اذا قلنا بتدخل العناية الالهية الخاصة، وهذا واضح وظاهر لكل من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
وبيّن ان الشيخ الاوحد ينهج منهج أهل الاصول لا الاخبار ان كانا من الفرقة المحقة، مضيفا: من المهم جدا ان نهتم باخراج وتحقيق وتجديد الكتب والرسائل التي ألفها الشيخ الاوحد وبكميات مناسبة، فان المسؤولية الاعلامية تقع على عاتق المستطيعين، خصوصا في طبع الكتب والرسائل وغيرها وذلك لان الشيخ الاوحد هو مثال لمدرسة محمد وآل محمد صلوات الله عليهم أجمعين.
http://www.annaharkw.com/annahar/Resources/ArticlesPictures/2011/06/01/275409_5_mainNew.JPG
العم جواد بوخمسين بين الحضور
صباح الموسى
kt.sabah@hotmail.com
http://1.bp.blogspot.com/_bVuuYOAIRvI/SATzBoEMPNI/AAAAAAAAAWk/aRIKTkM1rMY/s320/00001.jpg
الشيخ الاوحد الاحسائي
واصل المؤتمر الأول عن سيرة وعطاءات الشيخ أحمد بن زين الدين الاحسائي فعالياته لليوم الثاني على التوالي تحت عنوان «سيرة وعطاء» والذي اقامته الحسينية الجعفرية.
في البداية قال سماحة العلامة السيد منير الخباز كلمة مصورة تحت عنوان «الأوحد في افق وإنصاف» استعرض فيها دور الإمام الراحل، بعدها ألقى سماحة الشيخ حسين بوخمسين كلمة في المؤتمر، تناولت لمحات سريعة عن الشيخ الأوحد الاحسائي، والقى سماحة الشيخ حسين المطوع شرحاً عن صفات المؤمنين في شرح الزيارة الجامعة الكبيرة.
بعدها بدأت فعاليات الجلسة العلمية الثانية والتي ترأسها رئيس اللجنة العليا سماحة الشيخ توفيق البوعلي حيث ألقيت العديد من البحوث لعدد من الاساتذة تناولت جوانب من ارث ونتاج الشيخ الاوحد الذي احتضنته الحسينية العامرة لمناقشة البحوث المطروحة، حيث تضمنت الجلسة مناقشة (6) بحوث تناولت جوانب من نتاجه ومسيرته.
وبدوره قال سماحة الشيخ حسين بوخمسين في مستهل بحثه ان دراسة اي شخصية مثل شخصية الحكيم الاحسائي الشيخ أحمد بن زين الدين لا تكون كافية في استيعاب ابعاده واتجاهاته التي تتميز بالعمق والشمولية ما لم تستوعب جوانب مهمة من حياته وفكره وتراثه، وذلك يفرض على الدارس لمثل هذه الشخصية أن يتعرف على ظروف النشأة ودراسة العوامل الاجتماعية والفكرية التي أثرت على الشخصية ودراسة اثارها النظرية والعملية في الفترة التي عاشتها، ثم تسلط الاضواء على نمو الشخصية وتطورها، كل ذلك يجب ان يتم في توازن فكري وعاطفي وبموضوعية عملية بحتة، الامر الذي لم يتحقق غالبا في تناول جوانب حياة وتراث «الشيخ أحمد بن زين الدين» فكما ان هناك مؤلفات مجحفة في نقدها لمدرسة شيخنا الحكيم الاحسائي الفكرية، ظالمة في بخسها حقه حيث انطلقت من وحي مواقف نفسية متشنجة من قبل اغلب خصومه، فكذلك يجب الا تتغلب العاطفة ومشاعر الحب والتقديس على الدراسة الموضوعية لفكره فان ذلك يعتم على العديد من العناصر المهمة التي يجب دراستها في شخصية الشيخ وأمثاله من العظماء، ولقد فرضت العاطفة جوها على بعض الكتابات حوله، وكانت تشكل عنصر توجيه لمسار البحث، ولا نشك انها قيدت الباحث وحالت بينه وبين التوغل بعمق في جنبات تراثه وتركته الفكرية.
وطالب بالا نقلل من قيمة الجهود العلمية التي قدمها كثير من الكتاب في معالجاتهم فلسفة او شخصية الشيخ الاوحد، لكننا ندعو الى التمييز بين اسلوب الاشادة واسلوب الاستيعاب، فما تحتاجه الامة هو استيعاب فكره في جميع مجالاته، لانه فكر رصين قادر على تقديم الحلول لكثير من جدليات الكلام الاسلامي، ولانه فكر مثل على طول مساره ظاهرة متطورة وممتدة مع الزمن.
http://www.annaharkw.com/annahar/Resources/ArticlesPictures/2011/06/01/a3cda856-5a17-4ef0-abe9-a715c3e19f50_rotatorNew.jpg
وأشار الى ان مدرسة الشيخ الاحسائي شكلت في القرون الثلاثة الاخيرة ظاهرة متميزة في عالم الفكر الاسلامي بما قدمته من عطاءات ثرية وبما اتصفت به تلك المدرسة من خصائص متفردة، ومن حق هذه المدرسة في ميزان التراكم العقلي البشري ثم من حق الأجيال علينا ان نمعن النظر ونصمم على الاكثار من البحث عن مكتسبات هذه المدرسة الغنية التي اثرت وبلاشك تراثنا العقائدي والتربوي، ولكن تجب مراعاة امرين مهمين عند العزم على القيام بمثل هذه البحوث.
http://www.annaharkw.com/annahar/Resources/ArticlesPictures/2011/06/01/b8716f05-2526-487f-a18c-a1f50acfa474_rotatorNew.jpg
وأوضح ان الامر الاول: هو ان شيخنا الحكيم الاحسائي اسس لمدرسة فكرية وفلسفية متميزة وترك لنا تراثا فكرياً مقارنا ومنهجا تربوياً عميقاً، وكان من اهم ادواته في تلك، اضافة الى ملكاته النفسية الفريدة في المجاهدة والسير والسلوك وبعد ضلوعه في استيعاب تعاليم الكتاب والسنة واعتماده على الكشف والشهود في استلهام تلك التعاليم: الغوص والتعمق في تراث المدارس الفلسفية المعاصرة بحيث استطاع ان يواجهها بالتحليل والنقد والتشريح، وان العزم على الابحار في خضم هذا التراث يتطلب من الباحث تخصصا في الكلام والفلسفة والعرفان يعينه على الوصول الى هدفه، ثم ان التخصص في نفس مدرسة الشيخ يتطلب احاطة تامة بجميع مبادئها التصورية والتصديقية، وبجميع نتائجها الفكرية، وفيما توافر بين يدي من الدراسات التي قدمت حول الحكيم الاحسائي وجدت ان اكثرها لم يقدم ما يدل على التخصص والهيمنة الفكرية والخبرة الكافية بجميع معالم مدرسة الحكيم الاحسائي، وأشار الى ان الشيخ حسن كوهر، وكذلك الميرزا موسى الاسكوئي قدس الله سره قدما بعض الدراسات المعمقة، ولكنها تبقى غير مستوعبة لكل جوانب تلك المدرسة.
http://www.annaharkw.com/annahar/Resources/ArticlesPictures/2011/06/01/32d4203a-7c1c-4028-812c-615d7b43467f_rotatorNew.jpg
وأضاف ان الامر الثاني: ان على الباحث ان يقيم مدرسة الشيخ تقييماً علمياً موضوعياً عادلا مجرداً من العواطف، وان يحاكم افكار الشيخ واطروحاته بالبرهان والدليل العلمي نقلياً كان او عقلياً، فليس الشيخ معصوماً ومصيباً في كل شيء حتى نكتفي بدور المتلقي دون دراسة وتمحيص، وايضا ليس مشتبهاً ومخلاً في كل شيء حتى نحكم على مدرسته بالعزل والاقصاء ونعتز لها اجحافاً بحقه وبحق انفسنا، بل نقبل ما وافق الدليل، ونطرح ما خالف الدليل، للفوز بمكتسبات هذه المدرسة.
وبين بوخمسين ان اكبر خدمة نقدمها لمدرسة الحكيم الاحسائي ليست من خلال ضرب ستار او حاجز يحول بين مدرسة الشيخ وبين النقد العلمي البناء، وانما يتم ذلك من خلال تقديم مدرسة الشيخ كغيرها من المدارس الفكرية القابلة للبحث والنظر والمحاكمة العلمية البحتة، ونحن في هذه الدراسة العاجلة لا ندعي هذه الموضوعية المطلقة ولسنا ايضاً من اهل التخصص وانما هي خلاصة استنتاجات لمطالعاتنا المتواضعة في بعض ما كتب من بحوث حول هذه المدرسة ومؤسسها عليه الرحمة سواء كان معها او على الضد منها.
http://www.annaharkw.com/annahar/Resources/ArticlesPictures/2011/06/01/80fa2f34-4731-4476-a7a4-7cc4018f6fd2_rotatorNew.jpg
ومن جانبه، تناول الشيخ عبدالمنعم العمران مصادر التشريع عند مدرسة الشيخ الأوحد الاحسائي مستشهدا بقول الامام الباقر عليه السلام: «أبلغ شيعتنا انه لا ينال ما عند الله الا بالعمل».
وأضاف العمران: ومع هذه المنزلة العالية والاهمية العظيمة يحتاج الانسان قبل العمل الى العلم، اذ العلم يعصم الانسان عن الوقوع في الاعمال السيئة، ولذا احتاج الانسان الى علم يبين له العمل الصحيح، والعمل السيئ ويبين له عمله مع الله تعالى ومع نفسه ومع الآخرين، وهذا العلم هو علم الفقه، فبعلم الفقه يعرف المكلف القوانين والموازين التي تبين له حلية عمله من حرمته، صحته من فساده.
ولهذه الاهمية قال أمير المؤمنين عليه السلام: «لا خير في عبادة ليس فيها تفقه»، وقال عن الامام الصادق عليه السلام: «عليكم بالتفقه في دين الله، ولا تكونوا أعراباً، فانه من ليتفقه في دين الله لم ينظر الله اليه يوم القيامة ولم يزك له عملاً».
وانطلاقا من هذه الاحاديث الشريفة تسارع العلماء الى تبيين الوظيفة الشرعية للمكلفين واعتمادا على آليات استنباط الحكم الشرعي التي أقرها لهم الشارع المقدس، لكن بسبب تعددها نتجت مدرستان كبيرتان سميت الاولى بالاصولية والثانية بالاخبارية اعتمد الاصوليون في مرحلة استنباط الاحكام الشرعية على أربعة أدلة هي: الكتاب والسنة والعقل والاجماع، وأما الاخباريون فقد اعتمدوا على الكتاب والسنة.
وما يثير العجب ان يكون ذلك احد أهم مصادر التهجم على الآخرين وتسقيطهم وانتهاك حرمة العلم والعلماء، بل وتنجيسهم والامر بقتلهم، وقد دخلت في ذلك الامور الدنيوية، فكل شخص يريد ان ينتقم من اخر يكفيه ان يقول في الآخر بأنه أصولي أو اخباري.
ولأجل ذلك قد رمي الشيخ الاوحد احمد بن زين الدين الاحسائي - قدس سره - بالاخبارية بل عد من متطرفيهم، وهذا يكفي في الاطاحة به دينيا واجتماعيا، بل قتله، خصوصا انه يعيش في الزمان الذي قتل فيه الميرزا محمد النيسابوري الأخباري (1232هـ) مع ابنه وأحد تلامذته على أيدي العوام، وفرار باقي عائلته وأحفاده من القتل.
ويا للعجب، هب ان الاب الميرزا الأخباري قد ارتكب ما يوجب القتل فهل تطبيق الحدود من شأن العوام؟ أم التمثيل به من شيم المسلمين؟ وما ذنب عائلته حتى تُقصد بالقتل؟
ومع كل ذلك، أكد جملة من العلماء على أن الاصوليين والاخباريين من الناجين، وان العمل بمقتضى استنباطهما مجزئ قال الشيخ محمد حسين الحائري الاصفهاني في الفصول: (الإجماع منعقد على أن من كان له ملكة معرفة الاحكام واستنباطها عن الادلة المقررة على وجه يعتد به في عرف الصناعة واستجمع لبقية الشرائط، مجتهد مطلق، يجب عليه العمل بمقتضى نظره، أصوليا كان أو أخباريا أو متوسط الطريقة، اذ عند التحقيق لا فرق بين هذه الفرق الثلاث الا من جهة الاختلاف في جملة من الطرق، فما ذكره من ان كل فرقة من الفرق الثلاث تخطئ لطريقة غيرها ان أراد أنها تخطئه لكن تقول بحجية نظره في حقه وحق مقلديه، فهذا لا ينافي كون الموضوع اجماعيا، وان أراد انها تمنع من حجية نظره في حقه وحق مقلديه، فهذا لا ينافي كون الموضوع اجماعيا وان أراد انها تمنع من حجية نظره في حقه وحق مقلديه فتمنع من الرجوع اليه فبطلانه غير خفي على العارف بالطريقة.
وما يثير الاستغراب ان جعل الشيخ الاوحد الاحسائي من الاخباريين ليس له أي صلة بالواقع، لانه من الأصوليين، وما عليك الا مراجعة كتبه في علم الفقه كصراط اليقين في شرح تبصرة المتعلمين والحيدرية وأصوله كفوائد في مباني الاصول والرسالة الاجماعية، حيث ستجد ان طريقته في الاستنباط هي طريقة الأصوليين.
وليس المقصود من نفي كون الاحسائي من الاخباريين التقليل من شأن الاخباريين او الطعن فيهم بل لبيان الحقيقة، وفي هذا يقول آية الله العظمى الميرزا عبدالرسول الحائري الاحقاقي قدس سره: «وعلى أي حال، فهم (أي الأخباريين) من الفرقة الحقة الإمامية، وهم اخواننا في الدين، لا عار ولا نقص لمن انتسب اليهم، فان قلنا ان الشيخية ليسوا باخبارية، فانما هو لبيان الواقع والحقيقة فقط، لا طعنا فيهم ولا قدحا، حاشا وكلا.
من ناحيته، أشار سماحة السيد معين الحيدري الى أن الشيخ الاوحد - أعلى الله مقامه - من عائلة علمية لها اطلاع على العلوم الدينية واهتمام واضح، خصوصا من قبل والده الشيخ المقدس زين الدين - قدس سره - موضحا ان سيرته الشخصية تدل على شخصية فريدة من نوعها من نواحي متعددة، علما وعملا وأخلاقا ومعاشرة في الحل وفي الحضر، متطرقا في كتابه الى أقوال أساطين العلماء وغيرهم تكذب وترد جميع الافتراءات التي قيلت لاجل التقليل من شأنه أعلى الله مقامه.
وأوضح ان عمر الشيخ الاوحد - أعلى الله مقامه - لا يتناسب مع انتاجه العلمي الديني والدنيوي ضمن اطار الظروف الطبيعية المعروفة في الحوزات العلمية الا اذا قلنا بتدخل العناية الالهية الخاصة، وهذا واضح وظاهر لكل من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
وبيّن ان الشيخ الاوحد ينهج منهج أهل الاصول لا الاخبار ان كانا من الفرقة المحقة، مضيفا: من المهم جدا ان نهتم باخراج وتحقيق وتجديد الكتب والرسائل التي ألفها الشيخ الاوحد وبكميات مناسبة، فان المسؤولية الاعلامية تقع على عاتق المستطيعين، خصوصا في طبع الكتب والرسائل وغيرها وذلك لان الشيخ الاوحد هو مثال لمدرسة محمد وآل محمد صلوات الله عليهم أجمعين.