المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : محمد حسين فضل الله لـ"السياسة": الموساد يتحرك في العراق



سيد مرحوم
11-09-2004, 01:20 AM
محمد حسين فضل الله لـ"السياسة": الموساد يتحرك في العراق..



* كيف تنظرون إلى ما يجري في العراق، وما هي رؤيتكم لمستقبل هذا البلد في ظل الحديث عن اتجاه لتقسيمه وتفتيته؟

ـ بالنسبة إلى الصورة العامة للموضوع في العراق، فإننا نتصور أنه ما دامت القوات الأميركية وحلفاؤها في العراق، فمن الصعب أن يحصل هناك أي أمن مستقر في هذا البلد، على الرغم من كل هذه العمليات الهجومية الساحقة كما يحدث في الفلوجة أو غيرها، لسبب بسيط، وهو ما صرح به بعض المحللين الأميركيين وغيرهم، وآخرهم كان رئيس فريق المفتشين الدوليين التابعين للأمم المتحدة سابقاً "بليكس"، أنّ حرب العراق هي التي أدّت إلى تطور الإرهاب، حتى إن المسؤولين الأميركيين صرحوا بأن العراق أصبح ساحةً للإرهاب، لأن كل أعداء أميركا في العالم بدأوا يتجمعون في العراق ويستفيدون من الحدود المفتوحة التي تحيط به من خلال الدول المجاورة له، ولذلك فإن الأمن في العراق لن يتحقق إلا من خلال هزيمة أميركا وخروجها وتسلم الشعب العراقي مصيره بيده، أو من خلال انتصار أميركا على المقاومة العراقية، وهذا لن يحصل.

وقد حدّثني أحد الصحافيين البريطانيين الكبار عند زيارته للعراق، بأنه خرج بنتيجة حاسمة، وهي أن أميركا لن تستطيع البقاء طويلاً في هذا البلد، ونحن نتصوّر أن الدعم المطلق الذي تمنحه أميركا لحركة الإرهاب الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، في المجازر اليومية التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي يزيد من نقمة الشعوب ضد أمريكا، وكذلك ضد إسرائيل.

من هنا، فإنّ السياسة الأميركية في المنطقة، ولا سيما في أزمة الشرق الأوسط، وطريقتها في إدارة احتلال العراق، وفي ضغوطها على دول المنطقة من الناحية السياسية والاقتصادية، وتهديدها بالضربات الأمنية المقبلة، سوف يخلق مناخاً متحرّكاً متطوّراً لمحاربة أميركا في المنطقة. حتى إننا نلاحظ أن الدول الحليفة للولايات المتحدة تقف في حالة قلق وترقّب للمستقبل الذي سوف تتحرك فيه أميركا ضدهاً، لأن هذه الأخيرة لا صديق لها وخصوصاً الإدارة الحالية التي يسيطر عليها اللوبي اليهودي والمحافظون الجدد الذين يتحركون على أساس العداء للعالمين العربي والإسلامي.

لهذا، فمن الصعب جداً أن يستقرَّ الوضع في العراق، قد يستقر في منطقة ولكنه يهتز في منطقة أخرى، حتى إننا نلاحظ أنّ الحرب ضد الاحتلال تطورت إلى حرب ضد العراقيين، فهم يقتلون رجال الأمن والحرس الوطني والذين يتعاونون مع أميركا، حتى في الأمور المدنية مثلاً، وقد وصل الأمر إلى قتل أساتذة الجامعات والعلماء، لأن المسألة في هذا البلد تحولت إلى حرب بالدرجة التي دخلت فيها إسرائيل على الخط، باعتبار أن الموساد الإسرائيلي يتحرك من أجل إسقاط كل قوة في العراق، حتى لا ينشأ هناك عراق جديد يمكن أن يحمل شعار محاربة إسرائيل.

أما قضية تقسيم العراق، فإننا نتصور أنه من الصعب جداً تقسيم العراق بالشكل الذي يثيره الإعلام، لأنه ليس هناك عقلية تقسيمية، على الأقل في الفريقين الكبيرين في العراق السنة والشيعة. ولذلك فإنه ليس هناك أي ذهنية لدى المسلمين العرب في العراق تتحدث عن دولة سنيّة أو دولة شيعية، كما أنه ليس هناك واقعية في هذا التقسيم، وهناك أيضاً أقليات في العراق، كالتركمان والآشوريين وغيرهم لا يفكرون بذلك.

لكن قد تبرز مشكلة التقسيم بالنسبة إلى المسألة الكردية، لأن الأكراد يتحدثون عن الفيدرالية التي ليس لها واقعية إلا في كردستان فقط، لتكون الفيدرالية مقدمة لانفصال الأكراد عن العراق عندما تأتي الظروف المناسبة، وبالتالي ربما تنطلق المشكلة الكردية في جوار العراق وتركيا وإيران وسورية، لأن للأكراد طموحهم القومي الذي يتحدث عن القومية الكردية في نطاق الدولة الموحّدة، كما يتحدث العرب عن القومية العربية.

كما وأن تقسيم الدول ينطلق من مصالح الدول الكبرى، ونحن لا نجد أي مصلحة لأميركا أو لأوروبا التي لا تملك لنفسها شيئاً أمام الولايات المتحدة، في تقسيم العراق، أضف إلى ذلك، أنه إذا أردت أن تقسم دولة في منطقةٍ، فلا بد أن يكون ذلك من خلال خطّةٍ تقسيمية، فإذا تحدث المتحدثون عن تقسيم العراق، فقد يتحدثون عن تقسيم العروبة، وربما عن تقسيم تركيا أو إيران، وهذا ليس واقعياً في المستقبل المنظور.

* ما هو موقفكم من عمليات القتل والذبح التي يتعرض لها الأجانب في العراق؟ وهل صحيح أن إسرائيل تقف وراء هذه العمليات عبر عملائها؟

ـ هناك نقطة لا بد أن نبحثها بموضوعية، وهي أن الذين يخطفون الرهائن لا ينطلقون من عمل فردي، بل إن بعضهم يتحرك من خلال تنظيمات معينة تعتبر أن خطف الرهائن وذبحهم يمثِّل وسيلة من وسائل الضغط على دولهم ليسحبوا قواتهم من العراق، أو للضغط على الشركات لتمتنع عن مساعدة الاحتلال في تنظيم أمور العراق تحت إشرافه وبتخطيطه، أو ملاحقة الجواسيس الأميركيين.

والذين يقومون بهذه الأعمال يتصوّرون أنها مهما كانت وحشيّتها، فهي جزء من وسائل مقاومة المحتل، لأن مقاومة هذا المحتل قد تكون بشكل مباشر، وقد تكون بالضغط عليه لتجريده من كلِّ مواقع القوة بطريقة وبأخرى.

ولكننا نعتقد أن ما يقوم به هؤلاء قد يسيء إلى المقاومة ـ إن كانت هناك مقاومة حقيقية ـ أكثر مما ينفعها، لأنه يفقدها تعاطف شعوب العالم التي وقفت مع الشعب العراقي ضد الحرب، كما في إيطاليا وفرنسا وغيرهما من الدول، ويتيح لأميركا أن تعمل على تشويه صورة هذه المقاومة، كما أن المسألة ليست إنسانية ولا إسلامية، وهم يضعون الإسلام واجهة، فلا يجوز لإنسان أن يخطف صحافياً أو عاملاً في مؤسسة إنسانية، سواء كان أجنبياً أو عربياً.

ونقول إن هذا الأمر ليس شرعياً، وقد أفتينا بحرمته واستنكرناه، لأن القاعدة الإسلامية تقول في القرآن الكريم: {ولا تزر وازرة وزر أخرى}. كما وإننا أفتينا بأنه لا يجوز مساعدة الجيش الأميركي بأيِّ شيء يقوِّي موقعه واحتلاله للعراق.

* هل ترى أن العراق يشكِّل بدايةً لمرحلة تغييرات في أنظمة الدول العربية المجاورة؟

ـ إننا نعتقد أن العالم العربي بشكل عام، وربما حتى العالم الإسلامي، بحاجة كبيرة إلى الإصلاح، نتيجة أن الأنظمة التي تحكم هذه الدول ليست أنظمة شعبية، بل هي أنظمة أقرب إلى الأنظمة الاستبدادية المفروضة على الشعوب.

كما إن طبيعة القوانين التي تحكم وقضية توزيع الثّروة وتنظيم العمل، كلّها أثقلت الواقع الشعبي وجعلته كما يقول بعض الشعراء:

كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ والماء فوق ظهورها محمول

هناك فرق بين أن تقوم الشعوب مع القائمين على شؤونها بإصلاح أمورهم بما يتّفق مع التقاليد والعادات والذهنية، وبين أن يأتي الإصلاح من الخارج، ونحن نعرف أن أميركا عندما تتحدث عن الديمقراطية كنظام لشعوب المنطقة والعالم الثالث، فإنها تتحدث عن ديمقراطية تخدم مصالحها ولا تريد ديمقراطيةً لا تلتقي مع مصالحها.