المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : صهر بن لادن: أختي تحمل دكتوراه... وتختلف مع زوجها أسامة فكرياً



بو شلاخ
05-24-2011, 10:54 AM
صهر بن لادن: أختي تحمل دكتوراه... وتختلف مع زوجها أسامة فكرياً (3 - 3)

الخبر الجزائرية

2011 الثلائاء 24 مايو

جدة - مصطفى الأنصاري


http://www.myelaph.com/elaphweb/Resources/images/NewsPapers/2011/5/week3/888ww.jpg


 قال الدكتور سعد الشريف أن إحدى زوجات أسامة بن لادن المعتقلات في باكستان، هي شقيقته سهام التي كان هو من زوج بها بن لادن بعد الثمانينات من القرن العشرين. وأوضح أنه على رغم معارضة زوجها استطاعت أن تجبره على إتمام دراساتها العليا في إعراب القرآن، لأنها اشترطت على أسامة تمكينها من إتمام دراساتها قبل أن توافق عليه، إذ تزوجها وهي معيدة في فرع جامعة الملك عبدالعزيز في المدينة المنورة.

وأعلن الشريف أنه رغب في استعادتها إلى أرض الوطن بعد تحوله فكرياً، إلا أن الظروف لم تساعد على ذلك، لأنها جاءت من السودان ولم يسمح لها زوجها باصطحاب جميع أطفالها، وهو ما أجبرها على العودة إليه كُرهاً!

وكشف أن جهود أسرته هذه الأيام كلها تسير في اتجاه استعادة ابنتها من باكستان بعد كل المرارات التي تجرعتها، مبدياً ثقته بان السلطات الرسمية في بلاده لن تدخر جهداً من أجل ذلك.

في ما يأتي الجزء الثالث والأخير من الحوار مع الشريف:


> موضوعنا في هذه الحلقة سيتركز على الخطوات التي اتخذتموها أو التي ستتخذونها لاستعادة أختكم التي توفي عنها أسامة بن لادن... فما معلوماتكم حتى الآن عنها بعد رحيل زوجها؟

- لا تزال المعلومات المستقاة عبر وسائل الإعلام فقط، وثمة محاولات للاتصال مع الجهات المعنية للاستفسار أولاً هل هي موجودة معه أم لا، لكن لقرينة ابنها خالد، فمقتل ابنها الأكبر في الموقع الذي قتل فيه أبوه يجعلنا نزداد ثقة بوجودها هنالك، لمعرفتنا المسبقة بمدى تعلقها به، وأنه لا يمكن أن يفرقهما شيء إلا الموت، فالقضية بالنسبة إلينا، والوضع هكذا أصبحت قضية إنسانية في المقام الأول.

> وهل أنتم متأكدون أنها على قيد الحياة، ولم تمت من قبل، ولا سيما أن بن لادن قبل مقتله غاب فترة طويلة مصحوباً بقصص كثيرة، ليست أختكم إلا واحدة منها؟

- بما أننا لم نسمع خبراً عن موتها فالأصل بقاء الأمور على ما هي عليه، وكما يقول الانكليز «لا أخبار، يعني أن الأخبار جيدة»، فنحن الغالب على ظننا أنها بخير وعلى قيد الحياة، وبين أيدي الباكستانيين كما فهمنا، حتى الآن.

> ما الذي يدفعك إلى هذا اليقين؟

- الاتصال منقطع تماماً منذ وقت طويل من قبل أحداث 11 سبتمبر، إلا أن مصائب مثل الوفاة لا تلبث أن تظهر حتى وإن تأخر العلم بها بعض الشيء، فابنتها التي ماتت قبل نحو سنتين بسبب «الولادة» سمعنا بوفاتها، وهذا ما يجعلنا نطمئن. وهي زوجة شخص من أهل المدينة في أفغانستان اسمه عبدالله أبو الخير، فلو كانت توفيت هي الأخرى لعلمنا.

أختنا في باكستان

> وهل هنالك أسباب إضافية لاعتقادكم بأنها موجودة؟

- حدثتك قبل التسجيل، بأنها لم تكن امرأة عادية بالنسبة إلى زوجها أسامة، فهو متمسك بها إلى أبعد حدّ، وكان صمودها معه في ظروف مضت ربما أشعره بأنها ليست ممن يمكن أن تتخلى عنه. والسبب في نظري وراء ذلك ليس أسامة لذاته وإنما تعلقها الكبير بأبنائها. ونحن علمنا أن زوجته خيرية صابر موجودة في إيران، والزوجة الثانية كانت في سورية والآن أصبحت في قطر، فلم يبق إلا هي والزوجة الحديثة اليمنية. وما زلت أؤكد أن أهم القرائن هي مقتل ابنها خالد في المكان نفسه، لأن أبناءها أحد نقاط ضعفها الكبرى لشدة تعلقها بهم، فلن تقبل أن يكون خالد بعيداً عنها، فهي ضحت في هذا السبيل أكثر مما يتصور في وقت سابق.

> أراك تركز كثيراً على أبنائها، كأنك تقول بأن دخولها في هذا المعترك مع أسامة ليس من أجل شيء غير أبنائها، ولماذا لا يكون من أجل زوجها الذي أحبته أيضاً؟

- هذا لا شك فيه، لكن عنصر الأبناء عنصر أساسي وليس العكس، وعادة نحن في ثقافتنا الحجازية أن المرأة تصحب زوجها حيثما كان. لكن عنصر أبنائها ضاغط بشكل مختلف لمعرفتي الشخصية والدقيقة بها، فأنا أعرف الناس بها وبظروف حياتها مع أسامة.

> وهل هنالك تجارب سابقة لك معها في هذا الصدد لترويها لنا؟

- ثمة مواقف ومشاهد كثيرة أنا قريب منها، يصح أن تكون برهاناً على ذلك، ولكن دعني أخبرك بواحد فقط، هو أنه عندما ألحّ والدي - رحمه الله - على أن تزوره في المدينة قبيل ترك أسامة للسودان، جاءت إلينا على أمل أن تبقى معنا إلى الأبد بسبب ما تبين من توجهات أسامة للغياب الدائم عن المملكة، فما كان من بن لادن إلا أن أمسك بأطفالها ولم يبعث معها إلا الرضيع من أبنائها لمعرفته أنها لن تمكث بعيداً عن البقية، وهذا ما تحقق له إذ لم تكمل عشرة أيام حتى بدأت تبكي في الليل وفي النهار تتوسل إلينا «أولادي أولادي» حتى أعدناها إليه رغماً عنها وعنا، مع أنها جاءت لنا بجواز من «سفرة واحدة»، لأن المأمول هو أن تمكث مع أهلها ولا ترجع. فلما رأى والدي ما حل بها من الكرب، لجأ إلى السلطات الأمنية التي سهلت مشكورة عودتها إلى أبنائها، فكانت تلك زيارتها الأخيرة، وبعدها توفي الوالد ثم الوالدة، رحمهما الله. ولم تستطع أن ترجع، لأن جذبنا جميعاً كإخوة ووالدين لها، تفوق عليه جذب أبنائها له.

> وهل أسامة علم بنواياكم تلك حتى اتخذ من أبنائها عنصر ضغط عليها؟

- هذا صحيح، وهو يدرك هذه النقطة، وبالتالي استطاع أن يرجعها ويقيدها بأبنائها، لمعرفته بمدى تعلقها بصغارها، وأنا أعرف نساء كثيرات من أقاربي ومعارفي ولكن مثل أختي سهام في التعلق بأبنائها لا أعرف. هل تعلم أنها عندما كتبت رسالتها في الدكتوراه لم تهدها لزوجها ولا لإخوتها، وإنما أهدتها في رسالة بليغة إلى والديها في سطر عابر، ثم أوقفتها على أبنائها بالكلية بأسمائهم فرداً فرداً، لست أبالغ إن قلت لك هي تتنفس بعيون أبنائها.

> بصراحة قل لي... هل بيتم «نية» خلعها من أسامة؟

- لا نقول «خلع»، وإنما الوالد رحمه الله أراد أن تبقى الى جانبه، حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً، ونحن نتحدث هنا عن عام 1995 قبل أن ييأس الكل من عودة أسامة إلى أهله وبلاده.

> سنعود إلى قصة زواج أسامة من شقيقتكم، ودورك الشخصي في ذلك، ولكن من حيث الأفكار... هل كانت أم خالد مجرد زوجة تابعة لابن لادن أم أنها أيضاً كانت مؤمنة بمشروعه الجهادي؟

- لا شك أن زواج أختي بأسامة في بداية الأمر كان الباعث عليه هو إيمانها في ذلك الوقت بأنه شخص بذل ماله ونفسه وجهده في سبيل إعلاء كلمة الله في أوائل مرحلة أفغانستان، فكان هذا أهم سبب جعلها تقتنع بالزواج به على رغم زوجاته السابقات، فنظراً لخصوصية العائلة والمنع المطبق من جانب الوالدين وكل العائلة لهذا الزواج، لم يكن هناك ما يبرر موافقتها سوى ما تسمع عن أسامة في ذلك الوقت من فضل.

> ولماذا لا يكون السبب الحقيقي، هو كما ذكرت في لقاء سابق، أنك غزوت عقلها وأقنعتها بالأمر؟

- نعم صحيح، لا أنكر أنني بذلت جهوداً مضنية لإقناعها، لكن الذي ساعدني على ذلك هو ما كان أسامة يتمتع به من سمعة طيبة يومئذ، والدليل على ذلك أنها حين قررت الموافقة بعد سنة من المحاولات معها، برهنت على أنها لم ترد في أسامة غير صورته التي ذكرنا، فتبرعت بمهرها وذهبها كاملاً للجهاد في ذلك الوقت بمجرد أن سُلمت من جانب أسامة، وهو تصرف مثالي في تلك السنوات، كان الجميع يشجع عليه ويحرض.

> هذا في المرحلة الأولى، ولكن في مرحلة أسامة التالية، التي انحرف فيها عن مساره الذي عرف به أولاً... هل ظلت شريكة له في مشروع تنظيم القاعدة، الذي أصبح النساء فيه طرفاً في السنوات الأخيرة؟

- لا أتصور هذا أبداً، لأنها حاصلة على الدكتوراه واطلاعها جيد، وفسّرت جزءاً من القرآن في رسالتها لنيل شهادة الدكتوراه، وكان أملها في مقدمة تلك الرسالة أن تتم تفسيره، وأنت تعلم أن القرآن بإذن الله يعصم حامله، العالم بأسراره، من الزلل، يضاف إلى ذلك ما أعرف من سمات شخصيتها الميالة إلى الاعتدال والهدوء، وهي فوق ذلك امرأة محصنة شرعياً قبل أن ترتبط بأسامة فعندما تزوجها كانت معيدة في الجامعة، ثم حصلت على الماجستير في المدينة المنورة قبل أن تكمل الدكتوراه في السودان في التخصص نفسه، وهو ما يشير إلى أنها لم تتحول عن منهجها الفكري مثل أسامة، ولكن أسباب بقائها معه في تقديري هي مثلما ذكرت لك سابقاً.

> وما موقف أسامة بالمناسبة من إقحام النساء في العمل الجهادي؟

- ما أعرفه عن أسامة أنه لم يكن يتعامل مع نسائه إلا كزوجات، وما كان يدخلهن في أمر من شؤون نشاطه الجهادي الأول، ولا كانت أختي التي كنت جلست معها أنا وأسامة كثيراً تشاركنا في أي حديث ولا أي هم ميداني. وكان أسامة فاصلاً بين حياته العامة، وبين حياته الخاصة في بيته وأسرته عندما كنت قريباً منه.

أسامة ضد جهاد النساء

> هل نفهم من هذا أن ما كان تنظيم القاعدة يدعو إليه نساء المسلمين، لم يكن أسامة يرضاه لنسائه؟

- أنا لا أستطيع أن أفتي بما لا أعلم، ولكني أتكلم عن مرحلة سابقة، وما أعتبره دليلاً على أن أسامة بقي على رأيه في هذا الجانب كما عهدته، هو أنني لم أسمع في وسيلة إعلامية ولم أقرأ أن لإحدى نسائه أو بناته أي دور أو نشاط في هذا المجال. وهذا دلالة واضحة على الفصل بين المحيط العائلي والنشاط العام، الذي سخّر أسامة نفسه له.

> ولكن ما النتيجة؟ هل إقحام النساء في العمل الإرهابي، كان من دون رضا أسامة؟

- أنا في تصوري أن الذي تم من إشراك النساء، اجتهاد من عناصر أخرى في التنظيم، للاعتبارات التي ذكرتها لك، وهي التي ظل أسامة مؤمناً سنوات كنا فيها سوياً، ولم أعرف يوماً أن له اهتماماً بهذا الجانب، لأن النظرة الذكورية في الجهاد هي الأساس في تصوري عنه ومعرفتي به، بل كان يرى أن الجهاد فرض من أجل حماية النساء والأعراض، وبالتالي ما كان يقحمهن في ذلك. ونظرة أسامة عموماً للأنثى هي أنها تربي وترعى الزوج والأبناء، وبالتالي يمنع بناته من أن يدرسن في المدارس، حتى أحوج ذلك أختي أم خالد إلى اختراع «نظام المنازل» في ذلك الوقت قبل أن يعمل به في المملكة، فاستطاعت أن تعلم بناتها في الدار، بحيث تأخذ المناهج الدراسية سنة بسنة من الابتدائية حتى أوصلت بناتها للمرحلة الثانوية، فكان هذا أحد المؤشرات المهمة على توجه أسامة في هذا الباب.

> وكيف استطاعت هي أن تحقق درجة علمية متقدمة، وزوجها بهذا التزمُّت؟

- إذا لاحظت ذلك فإن أسامة تزوجها وهي معيدة، في طريقها لإكمال الماجستير، ثم اشترطت عليه قبل موافقتها على الزواج أن تكمل دراساتها العليا، ومع ذلك حاول أن لا يسمح لها بذلك عندما أتيحت لها الفرصة في السودان، فلم يوافق إلا بعد ضغوط شديدة، وهذا من أحد أسباب اختلافهما. ولذلك لم تشر إليه في إهداء الرسالة، على رغم أنها كان بوسعها أن تفعل. ولشدة ما كان أسامة يتشدد في أمر النساء كنا نناقشه ونختلف معه، ونرى أن التعليم حق للنساء مثلما هو للرجال.

> وماذا ترى أنت، ألم تكن شريكاً له في هذا التفكير عندما كنتما سوية على الأقل؟

- أبداً لم أتوجه لهذا حتى في ذلك الوقت، بل كنت أعارضه بشدة، فالنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «النساء شقائق الرجال». ودور المرأة أساس في المجتمع، لأنه متى ما صلحت المرأة صلح المجتمع لأنها الأم المربية والزوجة الحانية والبنت الودودة المظلة لوالديها، ودور المرأة تستطيع أن تبصره جلياً في تاريخنا الإسلامي.

> هل أفهم من هذا أنك مع عمل المرأة، لأنك حتى لو لم توافق تنظيم القاعدة في أفكاره بعد طلاقك لرموزه، إلا أنك لم تزل من التيار المحافظ في السعودية الذي يرى معظمه أن عمل المرأة ينبغي أن لا يتجاوز حدوداً معينة، فهل مثلاً ترى مشاركة النساء في الانتخابات البلدية مثلاً؟

- لا أرى ما يمنع شرعياً المرأة المحتشمة من العمل، لأن المرأة في الإسلام كانت عاملة وملتزمة بقيمها، وأحاديث نبوية كثيرة تؤصل هذا الجانب وليس هذا محل سردها، ويكفينا من ذلك حديث خالة أبي سعيد الخدري، التي سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - في القيام بأمر نخلها بعد موت زوجها وهي في العدة، فأذن لها النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك، وهي في حالة عدة، فكيف إذا كانت في وضع طبيعي. وكل ذلك ضمن قواعد وضوابط وأطر معلومة نظمها الشرع. تبعاً لذلك فإن الانتخاب «رأي»، والمرأة في الإسلام ذات رأي كما في حديث قصة الحديبية عندما استشار النبي - صلى الله عليه وسلم - زوجه أم سلمة، فكان رأيها محل تقدير من النبي والصحابة، فلم يحجز رأي المرأة والحال هكذا؟ لست أدري.

لست مع منع المرأة من الانتخاب

> إذاً أنت ترى أن منع المرأة من الانتخاب مصادرة لرأيها؟

- لا شك، وما هو أبعد من مصادرة رأيها، هو أننا محتاجون إلى رأيها في مثل هذا المجال لأنها شريك، وليست أداة أو آلة تستخدم، بل هي شقيقة الرجل، ولكن من غير تفريط في التعليمات الشرعية المنظمة، والأعراف الاجتماعية المعتبرة أيضاً.

> بالعودة إلى أصل الموضوع، أنتم الآن ستسعون لاستعادة أختكم فهي مواطنة سعودية... فما خطواتكم التالية، وكيف تتعاملون مع من لا يزال ينظر إليها على أنها زوجة أسامة «الإرهابي»؟

- لا شك أن القضية ينظر إليها من ناحية إنسانية في المقام الأول، وزوجها أفضى إلى ما تقدم، وبقيت هي، وبالتالي من واجبنا نحن كإخوتها أن نستعيدها، في وقت لم نأل جهداً في ذلك حتى من قبل إلا أن العوائق التي كانت تحول دون ذلك قد زالت، كما أنها بصفتها مواطنة أيضاً نتوقع من الجهات المعنية أن تساعدنا في تحصيل هذه الغاية، ونهيب بها أن تمدّ لها ولنا يـد الــعـون لتعود إلى أحــضــــان أسرتها، فهي الآن باتت أحوج ما تكون إلينا جميعاً وطناً وعائلة وأهلاً، فتعامل ولاة الأمر حتى مع أولئك الذين ضلوا الطريق وسفكوا الدماء من أبناء الوطن، يجعل أملنا كبيراً في تعجيل اتخاذ الجهات المعنية بالخطوات اللازمة لاستعادتها، فنحن واثقون بأنها لم تكن شريكة بأي صورة من الصور في أي عمل إجرامي، وهي في النهاية امرأة نحن والدولة مسؤولون عن حمايتها وحفظها وصيانتها، طالما غدا ذلك ممكناً.

> وهل بلغكم شيء عن حالتها الإنسانية؟

- نحن علمنا أنها ليست الزوجة التي أصيبت، ولا بد من أن تكون بيد السلطات الباكستانية، ولكن يا أخي هذه المرأة قصتها مع المعاناة طويلة، الله يعلم وحده كم صبرت منذ الأيام الأولى لوجودها في السودان حتى الآن، ولكن أبناءها كانوا نقطة ضعف لها كبلتها، ونستطيع تصور كم ستكون معاناتها اليوم مرّة وقد فقدت ابنتها البكر قبل عام وابنها خالد أخيراً مع أبيه، وهذا الابن كان بالنسبة إليها «فتنة» لا تكاد تتصور الحياة والعيش من دونه، فهي مع تلك المصائب في أمسّ الحاجة إلى تدخل ينهي معاناتها أو يخففها، فإن يكن من عقاب فإن ما مرّ بها أكبر من أي عقاب، وهذا افتراض، وإلا فإننا لا نتوقع هذا القول من أحد في قلبه مثقال حبة من رحمة. (يسكت سعد ويتأوه. كان فيما فهمت يكتم عبراته، وقد كان في أحاديثه الجانبية يلمح إلى أنها عانت ظلماً وقهراً لا يشاء الخوض فيه، حفظاً لحرمة العلاقة العائلية، ولكن آهاته تتحدث عن أهوال وأشياء)!

> هل تريد أن تقول إنها ليست طرفاً في قضية أسامة المعلومة؟

- نعم هي ليست طرفاً، وأنا أؤكد ذلك من خلال معرفتي بها وصحبتي إياها على مر السنين وتعلقها بي. وحتى لو افترضنا غير ذلك، فحتى المذنبون تستقبلهم أوطانهم وتستصلحهم، كما هو شأن معتقلي «غونتانامو» وغيرهم من المطلوبين الذين ما زالوا يسلمون أنفسهم، مرة بعد أخرى. ونحن واثقون من أنها ستجد ما تستحقه من العناية من جانب ولاة أمرنا.

> ما الخطوات التي قمتم بها حتى الآن لاستعادتها، أم أنكم واثقون بأن الجهات المسؤولة في الحكومة ستقوم بواجبها من غير أن تتدخلوا؟

- هذا جانب حقيقي، يضاف إليه أيضاً أننا ما زلنا نتثبت ونزداد تأكداً من وجودها، وصغنا برقية قررنا توجيهها إلى الجهات المسؤولة في الدولة، لإشعارهم بتطلعاتنا واستعدادنا للتعاون معهم في أي أمر يرونه، لأننا كما تعلم في مجتمع محافظ، وحتى الدولة تشجع الأسر على النهوض بواجباتها نحو من يقع تحت رعايتها من أهل وولد.

> ولكن هي امرأة فقدت كل شيء هنالك، وهي الآن في خريف عمرها... فهل أنتم جازمون بأنها راغبة في العودة؟

- هذا سؤال افتراضي تعود إجابته إليها، لكني بحسب معرفتي الشخصية بها أستطيع الجزم بأنها ليست فقط راغبة في العودة، بل تتمنى ذلك وتترقبه بشوق، فبعد زوال الموانع التي كــــانت تقـــيدها من قبل لا بد من أنها ستكون أسعد الناس بالعودة إلى عائلتها ووطنها الذي أحبته، فأهل المدينة من أشد خلق الله تعلـــــقاً بــــبلادهم، ولا سيما عائلتنا لأسباب فضل المكان ومجاورة النبي - عليه الصلاة والسلام-، فالمسلمون جميعاً يهفون إلى هذه البقاع فكيف بإنسانة عاشت أجمل أيام حياتها بين أحبتها هاهنا. وأتذكر عندما كان أسامة في السودان يخوفني من العودة إلى السعودية، ويقول لي سوف يفعل بك ويفعل أقول له: السجن في المدينة أحب إلي مما أنت فيه!

أملنا في الحكومة كبير

> في ما سبق رأينا أن الحكومة السعودية تعاملت مع أبنائها المطلوبين، بمنطق «عفا الله عما سلف»، وأختك ترى أنه حتى الخطأ لم تكن شريكة فيه... هل تتوقع أن يساعد ذلك على سرعة استعادتها رسمياً؟

- هذا الأمل، والله سبحانه وتعالى يقول: «ولا تزر وازرة وزر أخرى». ونرجو أن ينظر لها من هذه الحيثية.

> هذا عن أختكم... فماذا عن أبنائها؟ وهل بقي لها أحد؟

- بقي لها ابنتان، ولا أدري هل هما متزوجتان أم لا.

> لا تخف، «تنظيم القاعدة لا يترك أحداً.

- (ضاحكاً)، نحن نرى أنه لا ينبغي أن تفصل أم عن أبنائها، وهذا أمر تستوعبه الجهات المختصة، فالمملكة لم تعتد أخذ أحد من أبنائها بجريرة آخر، فأبناء أسامة وإخوانه يعيشون بعافية وأمن واستقرار، وأبناؤه من أختنا أحق بذلك من غيرهم. ولكن الخوف من أن يكن متزوجات، وهذا ما لا ينبغي أن يعوقنا عن مواصلة جهودنا.

> وهل هنالك تنسيق بينكم وبين عائلة بن لادن في استعادتهم بقية أبنائه؟

- لا يوجد هذا النوع من التنسيق، بهذا المعنى، لحساسية الأمر بالنسبة لعائلة ابن لادن، وبالتالي لم يبحث معهم، ولم نتطرق إلى الموضوع مطلقاً. وتلك حساسية نالني منها أنا شخصياً ما لم ينل غيري، وقد يكون الأمر مبحوثاً من جانب أطراف أخرى، لكن من ناحيتي أنا لم أفاتح أحداً فيه لعلمي بموقف العائلة المسبق.

> علمنا من مصادرنا، أن أطرافاً من عائلة ابن لادن تعتبر علاقتها بابنها ومن ترك، علاقة قطعت وانتهت... فهل يؤثر هذا في تقديرك على موقفكم أنتم؟

- لا أعتقد بأنه سيؤثر، لأن هذا خيارهم الشخصي ولا علاقة لنا به. نحن نتكلم عن أختنا التي تنتمي إلينا، وليس عن أحد آخر، وبالتالي من واجبنا شرعاً وعرفاً ووطنياً أن نستعيدها.

زوجة بن لادن لاتتقن استخدام السلاح

> عائلتكم مشغولة هذه الأيام فقط باستعادة أم خالد، فكأن موت ابن لادن أحيا الأمل في ابنتهم مجدداً... فهل يمكن أن تستثمروا علاقات المملكة المميزة مع الباكستانيين في هذا الشأن؟

- هذا من العناصر المشجعة لنا، وهي من ضمن ما خاطبنا به الجهات الرسمية، ونتمنى أن تستثمر هذه الجزئية، والإسلام علمنا أن نرحم الضعفاء، ونجبر المنكسرين، ولا سيما إذا كنا نتحدث عن امرأة مثل أم خالد لا تجيد حتى استخدام السلاح!

> هل يعقل أن زوجة أسامة لا تتقن استخدام السلاح؟

- بحسب علمي، نعم لا تعلم كيف تستخدم أي سلاح أبداً، وهذا يعود إلى النظرية السابقة التي ذكرتها لك عن رؤيته لدور المرأة.

> بالعودة إلى تعدد الزوجات عند أسامة، فإن الناس عندما قتل الرجل وبدأت وسائل الإعلام تتحدث عن أبنائه، هالهم كثرتهن والرجل كان مجاهداً ثم أصبح بعد أن تبنى الفكر الإرهابي مطارداً، وفي كل تلك المراحل لم يكن لديه فيما يعتقد الناس وقت، فما هي فلسفته في قصة الزيجات وأنت أعلم الناس به؟

- (ضاحكاً بشدة)، هو جهاده كان على جبهتين. فالتعدد بالنسبة إليه أم القضايا، وإقناع الناس به، وبالتالي كان معظم زوجات من يعرفوه يحرصن على أن لا يلتقي أزواجهن به، لأن لديه فلسفة خاصة في هذا الأمر. وكان مما يردده دائماً حديث «تناكحوا تكاثروا فإني مكاثر بكم الأمم»، وهذا ما جعله يكون ساخناً على الجبهتين.

> ولماذا لم يقنعك أنت بالتعدد وأنت صهره وقريب منه، أم أن زوجتك (خالها بن لادن) حذّرته من الاقتراب منك؟

- (ضاحكاً)، ربما يكون هذا، ولكن هي قناعات.

> بصراحة أريد أن تجيبني عن هذا السؤال، وهو أن أناساً كانوا يصفون أسامة بالشخص الرومانسي والجذاب في أيامه الأولى.. فهل كان يُخطَب من جانب النساء، ولا سيما أن هذا من الخطوات المسموح بها شرعياً في الخطاب الديني السعودي؟

- طبعاً دائماً إذا وصل المرء إلى مرحلة النجومية، تتحسن حظوظه في أشياء كثيرة ومن بينها النساء، لكني أصدقك القول أسامة كان يتعب في الحصول على زوجة، لأن معظم النساء لا يرغبن في التعدد، إلى جانب الأسباب التي تخص كل امرأة بمفردها. كان يتعب في البحث.

> بهذا... ألا يؤنبك ضميرك بأنك صاحب الفضل والوزر في تزويج أختك بأسامة، حتى جعلت تراجعها في ذلك نحو عام كما علمنا؟

- أنا ضد الدخول في محاسبة نفسي على شيء قد تم ولم يعد بوسعي إصلاح شيء منه، ولا سيما أنني عندما سعيت في الأمر كان الرجل سوياً «ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير». ولو كنت زوجتها به في هذه المرحلة نعم لكنت ندمت ولمت نفسي، لكني قمت بما أراه مناسباً في ذلك الوقت، وما حدث من تغير فيما بعد لم يكن بوسعي أن أتنبأ به.

> ولكننا في ما علمنا من مصادر أخرى، فإن والدك أنبك شخصياً عندما تغير أسامة، واتهمك بأنك من أغواها به؟

- هذا صحيح، والحق أنه إغواء مزدوج فبريق أسامة في أيام الجهاد الأفغاني أغواني وأنا مع الوقت استطعت أن أغوي أختي معي، وقصة زواجها بأسامة ذات شجون طويلة ولن نوفيها حقها هاهنا، فبين ما يجعلها ذات حظوة عند والدي - رحمه الله - أنها كانت أديبة وشاعرة بعض الشيء، لأن تخصصها العام «لغة عربية»، وكانت تسافر معه وتقرأ له الأشعار وتؤنسه، فكان يحبها ويتعلق بها، فكان هذا سبب لومه لي قبل الزواج وبعده، وكان هروبي هو بأنها «رغبت» وهذا قضاء وقدر.

والدي كان رافضاً

> ولكن الوالد فيما تخبرنا المصادر، اعتبر دخول أسامة للعائلة عنصراً غير مريح يحمّلك مسؤوليته حتى قبل أن يتغير، فهو اختطف الابنة ثم هرب بك إلى أفغانستان من دون إذنه، ثم حرمه من ابنته بعد ذلك ما جلب له العديد من المتاعب... مع كل هذا لا تقرّ أنت بالذنب؟

- ما من شك في أن الوالد - رحمه الله - ينظر للقضية من هذا الجانب، لكن في المقابل في تصوري أنه كان يعذر أسامة من الداخل أيام جهاد الأفغان، وإن كان يلومه ظاهراً. مع أنه - رحمه الله - كان يقول لأسامة هؤلاء الذين تساعدونهم سينتهون من الروس ويقتتلون في ما بينهم.

> أنا سمعت أنه كان يعلنها بصراحة في وجهه «وخّر عن أولادي»؟

- بلا شك، لأنـه كأب يـشعر أن ابـنـه وابنته أُخِذا منه، وكان يخشى على البقية أن تنتقل إليهم العدوى، وهذا غير مستغرب من الأب.

> بما أن أختك كانت أديبة... هل هي من كان يكتب لأسامة قصائده التي أشغل بها العالم؟

- أسامة يحب شعر الحماسة والفخر بشدة، وكان يحفظ القليل منه، وهذه الإمكانات لدى أم خالد، جعلته يتمسك بها أكثر، وكانت أستاذته في هذا الجانب، فكان عندما يكتب شيئاً يعرضه عليها، فتراجعه له لغة ووزناً، أما هي فليست شاعرة بكل ما للكلمة من معنى ولكن تكتب الشعر ولديها ذوق أدبي رفيع، وتخصصها في النحو والصرف جعلها أكثر قدرة على وضع لمساتها المهمة في هذه الناحية.

بو شلاخ
05-26-2011, 12:14 AM
صهر ابن لادن : أسامة اتهمني بأنني عميل للاستخبارات السعودية (2)

الحياة اللندنية


2011 الإثنين 23 مايو




جدة - مصطفى الأنصاري


في هذه الحلقة يكمل سعد الشريف الذي يحمل شهادة الدكتوراه في أصول الفقه، ما بدأه في حلقة أمس، واستبعد أن يكون أسامة بن لادن استسلم للموت في اللحظات الأخيرة بعد أن تم القبض عليه، وهو أعزل من أي سلاح. ورأى أن الأميركيين أرادوا في طريقة إخراجهم لموت ابن لادن أن يُذهِبوا احترامه في نفوس مؤيديه بزعم أنه جبن عن المواجهة واستسلم للموت. لكن الشريف في حلقة أمس استبعد أن لا يقاوم أسامة حتى لو كان مجرداً من أي سلاح.

وأكد أن المشهد الدرامي الذي أخرجت به أميركا موت بن لادن لا يساعد على موت الرجل في نفوس مؤيديه، على رغم أنه قبل تصفيته مات جماهيرياً.

ولدى سؤاله عما إذا كان يعتقد بأن بن لادن سيكون مثل عزام والزرقاوي وخطاب وآخرين ممن كانوا مؤثرين، إلا أنهم بعد أن ماتوا طويت صفحتهم، قال: «الأشخاص يختلفون، فعبدالله عزام على سبيل المثال طويت صفحته في الجهاد الأفغاني، لكن هناك من يقول انه الباعث على المقاومة في فلسطين، وأقرب الروايات تقول إنه صفي على يد الموساد الإسرائيلي، أسامة يختلف عن الباقين لأنه مؤسس لشيء معين، ويمثل قدوة في أنه كان من الممكن أن يعيش شخصاً مترفاً، وفي هذا جانب من الأسطورة له أثره، ولكن هل هم في حال تُمكنهم من التراص والقوة أم من الترهل والضعف بالغة. هذا ما ستظهره لك الأيام، ولا شك في أن أسامة كشخصية تربعت على عرش العالم عشر سنوات، ليصبح أهم مطلوب في العالم كله، يصعب نسيانه».

لكنه يستدرك بأن بقاء تأثيره سيواجه عقبة كبيرة، بسبب أخطائه الكبرى، بعد انحرافه الفكري، وإفتائه بقتل المدنيين في العراق وباكستان وفي أنحاء عدة من العالم.

وفي شق آخر، أبدى الشريف أسفه لما حلّ به من ضيم جراء تصنيفه على قائمة الأمم المتحدة للداعمين للإرهاب، على رغم تركه أسامة منذ كان في السودان، بعد تغير فكره من الاعتدال إلى التكفير. واعتبر أن السلوك الأميركي نحوه ليس إلا ابتلاء وامتحاناً لعزيمته، ولكنه صابر ومحتسب، مع أن المرء لا يعجزه شيء إذا أراد، كما قال. ورأى أن أخذ الأبرياء بذنوب لم يرتكبوها أحد الأسباب التي دفعت كثيرين إلى التطرف. وتمنى أن ينهي مقتل ابن لادن معاناته على هذا الصعيد. في ما يأتي نص الحوار.

> لماذا تستبعد فرضية أن يكون أسامة تغير بالفعل واستسلم، ورأى أن لا جدوى من المقاومة، وجبن عن مواجهة الموت بعزم؟

- لو كان الأمر كذلك لأعلن هذا، لكني لا أعتقد هذا أبداً، بدليل آخر تسجيل له قبل سبعة أو ثمانية أشهر والتسجيل الذي سيذاع.

> بحكم معرفتك بأسامة... هل تعتقد بأن الأميركيين، حققوا له غايته في أن يموت على يد أعدائه؟

- كل إنسان يتمنى الانتصار ومن يسلك هذا الطريق لا شك في أنه يتمنى أن يكون هو المنتصر، وقد تعرض أسامة للموت أو القتل مرات عدة كنا فيها سوياً، وهذا هو المحفز الأساسي له ولمن معه فإما أن يعيشوا بما يرون من أهداف أو يموتون في سبيلها.

> على طريقة الثوار حين يموتون... هل تعتقد بأن أسامة من حيث علم الأميركون أو لم يعلموا، مات كما لو كان هو من أخرج مشهد موته؟

- لا شك في أن الأميركيين حققوا لأسامة غاية مراده في أن يموت على أيديهم، وبهذه الطريقة وبهذا الشكل فالقتل أهون عنده من الأسر.

> لو خيّره الأميركيون بين القتل أو الأسر... فماذا كان سيختار؟

- بلا شك القتل.

> الطريقة التي قتل فيها أسامة والمشهد الدرامي هذا... هل يساعدان على موت أسامة في نفوس مريديه؟

- على العكس تماماً، والرواية الأميركية عن كونه أعزلَ ولم يبد مقاومة، فيها رسالة إلى أتباعه ومؤيديه على انه جبن واستسلم فقتل، وهو نوع من الزهو الذي يريدون به إضعاف معنويات أتباعه.

> تاريخ الجهاد، والإرهاب في ما بعد أيضاً حافل بأسماء كثيرة، مثل عبدالله عزام وخطاب، والزرقاوي والمقرن، وآخرين كانوا ملء الدنيا ويشغلون الناس، وبمجرد موتهم تقلب الصفحة... فهل سيكون أسامة مثلهم بعد مقتله أيضاً؟

- الأشخاص يختلفون فعبدالله عزام على سبيل المثال طويت صفحته في الجهاد الأفغاني، لكن هناك من يقول إنه الباعث على المقاومة في فلسطين، وأقرب الروايات تقول إنه صفي على يد الموساد الإسرائيلي. أسامة يختلف عن الباقين لأنه مؤسس لشيء معين، ويمثل قدوة في أنه كان من الممكن أن يعيش شخصاً مترفاً، وفي هذا جانب من الأسطورة له أثره، ولكن هل هم في حال تُمكنهم من التراص والقوة أم من الترهل والضعف بالغة. هذا ما ستظهره لك الأيام ولا شك أن أسامة بصفته شخصية تربعت على عرش العالم عشر سنوات، ليصبح أهم مطلوب في العالم كله، يصعب نسيانه.

> لكن أسامة نسيه الناس قبل أن يقتل، وعلى سبيل المثال في الثورات العربية لم يرفع أحد صورته؟

- المرحلة التي كان يطرح فيها أسامة مناوئته للأميركين أوجدت تعاطفاً كبيراً معه، لكن عندما تجاوزت هذه الأفعال إلى قتل وسفك دماء الناس والمدنيين أدى ذلك إلى خفوت هذا الجانب كثيراً، ولكن مما يعتقد أسامة بأنه حققه قبل موته، هو إقناع الناس بأن القوة المهيمنة التي لا تقهر أكثر هشاشة مما تبدو، ويمكن أن تقاوم بأبسط الأشياء مع وجود الإرادة، وهذا ما كان أسامة يشير إليه دائماً ويسرُّ به إلي، ويضرب المثل في السابق بالاتحاد السوفياتي الذي كان على قوته وجبروته وسطوته، استطعنا أن نقاومه لأن الإرادة كانت أقوى، وهذا هو التصور الذي كان أسامة يسعى إلى نشره ونجح فيه قليلاً. ولكن في هذه الفترة فقد أسامة الكثير من التعاطف لوجود طريقة أخرى يمكن أن يحدث بها التغيير غير القوة وهي ثورة الشعوب، ولا شك في أن توقيت قتله، كان ذكياً جداً من خصومه، حتى ينساه الناس.

> في رأيك... ما الذنب الأكبر الذي ارتكبه أسامة سوى ذنوبه المعلومة سلفاً، حتى تزعزعت مكانته مجاهداً في نفوس الناس في السنوات الأخيرة، إلى أن تمت تصفيته وقد تراجعت شعبيته إلى حد كبير حتى كادت تنحسر؟

- الأفعال التي ارتكبت من تفجير وقتل، وتبنيها أضعفا هذا التعاطف من جانب، ومن جانب آخر ضعف أداء تنظيم القاعدة في الفترة الأخيرة، فبدلاً من أن كان يلحق أصبح هو يلاحق، وهذا عنصر مؤثر جداً، لأن الشعوب تحب المنتصر دائماً وان كان على خطأ.

> الثورات العربية أحدثت نتيجة أثبتت نجاحها على الأرض، وكان هذا رهانك... هل ترى أن هذا يمكن أن يهوي بنموذج «القاعدة» كقاعدة والتغيير بالعنف؟

- بلا شك، وقد تجاوزنا هذه القضية من ثورة تونس ومصر.

> هل ترى مستقبلاً للقاعدة بعد أسامة والمعطى الجديد، ولا سيما أن احد المحللين المحايدين قال إن أسامة لا يعوض؟

- أتصور أن أسامة كان أكبر من «القاعدة»، وفي تصوري أنها بعده ستضمحل تدريجياً إن لم تخترق ويستفاد منها لتبرير الوجود هنا وهناك.

> أعلن اليوم أن أيمن الظواهري سيكون خلفاً لأسامة في «القاعدة»... حدثنا عن أيمن الظواهري وقد التقيته مرات عدة.

- أنا لا أعرف أيمن الظواهري جيداً، فهو عندما أتى إلينا كان طبيباً ولم نكن نعرفه في الجبهات ومن معلوماتنا انه كان طبيباً في بيشاور ومن جماعة الجهاد في مصر فلا أعرفه معرفة شخصية.

> ولكنك تحدثت لي سابقاً عنه، بشيء من الاستخفاف فلا ترى انه الرجل المناسب، ولا سيما أنه ليس له ماض جهادي معروف، فكيف يرضى به أناس في الميدان قد يكونون أكفأ منه؟

- أنا لا أعرفه في تاريخ الجهاد الافغاني، كان طبيباً في مرحلة ما وله هدفه وتصوره. فقد كان ينأى بالشباب عن الاشتراك في بعض العمليات ليختزن الطاقات لمشروعه ومنطقته الخاصة التي يؤمن بها.

> إذاً... هل شخصية مثل ايمن يمكن أن تخدم «القاعدة»، وتسد فراغ أسامة؟

- هذا مستحيل، ولكن هذا لا يعني نسيان مواهب الظواهري، فهو شخص شرس ذكي، لا يتكلم إلا نادراً، وسبب كرهي له أنني سمعت يوماً شخصاً يكفر الشعراوي والغزالي عنده ولم ينكر عليه، ومنذ ذلك اليوم كرهته، وهو يحاول التقرب مني وأنا أتجنبه!

> كثير من الناس الذين كانوا بعيدين عن أسامة مثل الشيخ سلمان العودة قبل 3 سنوات حاولوا استغلال وجود أسامة واستماعه إلى ما يحدث في الشارع من أحداث، فوجهوا له رسالة، بعد أن ذهب أسامة... ألم تسأل نفسك لماذا لم تحاول أن تستغل الود الذي بينكما في ان توجه إليه رسالة إعلامية أو خاصة لمحاولة أن تؤدي ما عليك لوطنك الذي كان أسامة الأخير يستهدفه؟

- في الحقيقة بُذل الجهد واستُفرغ الوسع في خلال مفاصلة طويلة بيني وبينه، ووصلنا من النقاش حداً جعلنا نتماسك بالأيدي ذات مرة، ولا سيما عندما اتهمني حينما ألححت عليه في العودة إلى صوابه بأنني عميل للاستخبارات السعودية، ودليله أنني دعوت السفير السعودي لمناقشة رسالتي عن الدكتوراه في السودان، وأهديت السفارة نسخة منها، فأصبحت بذلك في نظره عميل. ومع هذا كنت أحاول بشكل او بآخر اذا قابلت أحداً يمكن ان يراه او يعرفه إلا ان أحرضه على ان يفتح معه هذا الامر ويراجعه لعله ينتهي، فما كان من أحد أولئك الأشخاص إلا أن وشى بي عنده، وقال له: لماذا تبقي هذا الشخص بجوارك، وكان أسامة من أخبرني بذلك محاولة منه لاستعطافي لأبقى معه، فرددت عليه قائلاً: أنا في السودان ولست تحت عباءتك، ونصحت لكم ولكن لا تحبون الناصحين. ولا يعني هذا ان اسامة كان يخطط لكل ما حدث او يعلم ما سيكون، إلا أن قراءتي له جعلتني أشعر بأن طريقة تفكيره ستوصله حتماً إلى ما حدث بعد ذلك، فلم أترك شيئاً لم أقله لأسامة حتى أقوله بعد ذلك وأبعث به إليه.

> هل أفهم من هذا أن الذين أرسلوا له رسائل ونصائح، ولا سيما في السنوات الأخيرة، كانت غائبة عنهم هذه الخلفية، بمعنى أنه حتى لو آمن بكلامهم غير قادر على التراجع؟

- ربما يكونون لم يعرفوه، وربما تكون لهم مآرب أخرى، والأعمال بالنيات، ولكل قصده وطريقته. وأنا من طبعي لا أحب الحكم على الناس.

> من غير المستحب استثمار موت أحد مهما كان، ولكن بعيداً عن هذه المثالية... هل تؤمل أن ينهي موت أسامة معاناتك الشخصية أنت أيضاً مثلما ترجو أن تطوى معه معاناة أختك، لأنك موضوع في القارورة نفسها؟

- قال: هذا أمل كبير جداً، لأن قضيتي ليست مبنية على أي أساس، فلا توجد أي تهمة ضدي ولا أي علاقة لي بما تسبب في تصنيفي على قائمة الداعمين للإرهاب عالمياً، وهو ما ترتب عليه فصلي من عملي تعسفاً، ومنعي من السفر، وغلق حساباتي، وأن أمنع حتى من عمل أي شيء ذي بال. بل حتى الشركات التي كنت شريكاً فيها تم إيقاف سجلاتها حتى خرجت منها، وكان ذلك ظلم وقع عليّ لا يعلم مداه إلا الله سبحانه وتعالى، فخلال عشر سنوات أنا شبه محاصر، كما لو كنت أقضي عقوبة ذنب لم أرتكبه.

> للتصحيح فقط حتى يفهم القراء، أنت ذكرت لي في لقاء سابق أن السلطات السعودية لم تكن هي حاملة وزر هذا الظلم، وإنما وضعك على قائمة الأمم المتحدة كان عقاباً أميركياً بوشاية سودانية، والمملكة بحكم عضويتها في الأمم المتحدة مجبرة على الخطوات التي اتخذتها... أليس كذلك؟

- نعم صحيح، ولكن كنت أتمنى أن تصحح المملكة هذا الخطأ عبر اتصالها بالجهات الأممية، لأن الذي زج بي في هذه القوائم، بالتأكيد يجهل من أنا، فحساسية علاقتي السابقة بأسامة جعلت اسمي يتردد باستمرار معه كلما ذكر حتى بعد أن فارقته وأعلنت معارضتي له، وهو لم يزل في السودان. هذه الخلفية لا يبدو أن الإدارة الأميركية والأممية لديها علم بها. والأمل أن تتسارع الخطى لكي لا يظل الأبرياء يدفعون ثمن أفعال وأخطاء لم يكونوا فيها شركاء أو طرفاً.

> وهل هذا يعني أنك أيضاً ستحرك ملفك؟

- ملفي لم أتوقف عن تحريكه حتى من قبل، لأنني صبرت طويلاً. حاولت أن أتفهم الهجمة التي تتعرض لها بلادنا بعد أحداث 11 سبتمبر، حاولت أن أتعايش مع الظروف التي كانت تمر بها البلاد من الإرهاب والهجمات الانتحارية، ثم بعد ذلك بدأت في الاستفسار والبحث عن مخرج، فكان الجواب دائماً أن هذا قرار ملزم من الأمم المتحدة التي نحن عضو فيها، فكنت أتفهم ذلك وأطلب بصفتي مواطناً تعرض للظلم أن يدافع عني، طالما لم تكن هناك أي تهمة أو دليل أو بينة أو حتى قرينة، فملفات بعض الذين كانوا في «غونتانامو» حلت وانتهت وأنا لم أزل على حالي، ولكن الأمل لم ينقطع، والتعاطي مع مشكلتي إيجابي من الجهات الرسمية، لكن المعاناة حتى هذه اللحظة مستمرة.

> هل أفهم من هذا أنك كنت تتمنى أن لم تكن انفصلت عن تنظيم «القاعدة»؟

- لا أبداً، لم أفكر في هذا أبداً، فالقضية بالنسبة إلي قضية مبادئ، بغض النظر عما يلحق بي من ضرر. وإنما اعتبرت ما حل بي ابتلاء وامتحان.

> يعني أنت ما خرجت لتؤثر السلامة؟

- بطبيعة الحال، لم تكن السلامة ما أنشده، بقدر الانتصار لمبادئي المنطلقة من خلفيتي الشرعية، وإلا فإن المرء لا يعجزه شيء إذا أراد، وأنا مررت بالموت مرات كثيرة، فما أنا بالشخص الذي يهاب الموت في سبيل قناعاته ومبادئه، والحق أحق أن يتبع، وأنا اعتبرت الأمر بلوى صبرت عليها، وسأبقى صابراً آخذاً بكل الأسباب وطارقاً لكل الأبواب المشروعة، حتى يأتي الله بالفرج، وأغدو مثل أي إنسان في هذه البلاد يتمتع بكل حقوقه وحريته.

> قصتك بين آلاف القصص حول معالجة الإرهاب بظلم الأبرياء... ماذا يمكن أن يقال للأميركيين على هذا الصعيد؟

- أنا أعتقد بأن أخذ الأبرياء بذنب المخطئين، أحد أهم روافد تطرف الفكر، فعندما تلبس الأبرياء بأخطاء لم يرتكبوها فأنت بذلك تحرضهم على التهور، فالعنف والشدة يولدان الشدة، ولا سيما إذا لم يكن المرء محصناً شرعاً وعقلاً وذا تجارب، يصبح عرضة للانجراف نحو المزلق الخطأ.

> بهذا... ألا نعتبر مثلما قالت الحكومة السعودية في تعليقها على مقتل ابن لادن، أن مقتله ينبغي أن يكون مساعداً على مراجعة أنواع الظلم التي تجري تحت غطاء مطاردته ومن ذلك ما حل بك أنت شخصياً؟

- هذا شيء أساسي، وإن كان ينبغي أن يكون من قبل والآن من باب أولى، لأن كل المعطيات التي توصلوا إليها، بما فيها حتى أدق خصوصيات الرجل، وعرين رأس القاعدة، ينبغي أن يكون مغنياً لهم، فلا يحتاجون إلى أخذ الناس بذنوب غير ذنوبهم.

> على ذكر أميركا، نفيت في ما سبق من أحاديث جانبية أن تكون لك مشكلة مع أميركا وقد كنت فيها سائحاً قبل أن تمنع من السفر؟

- نعم في عام 1996 كنت في أميركا في رحلة سياحية مع العائلة، ومكثت في بوسطن شهراً ونصف الشهر، أدرس هنالك اللغة الانكليزية إلى جانب قضائي العطلة مع أسرتي، وما زلت أعتز بتلك التجربة وأحتفظ بصوري عنها.

> إلى أي شيء إذاً تعيد موقفهم منكم، طالما أن سيرتك الذاتية كلها تشير إلى أنك لست بالشخص الذي يستهدفون أمثاله؟

- السياسة الأميركية السابقة في إدارة بوش هي أخذ الجميع بالذنب عشوائياً، حتى إنهم لو وجدوا حمار أحد المجاهدين السابقين لاعتقلوه، وحصل أن اعتقلوا خدماً عند بعض المطلوبين. هذا واضح، وهم بأنفسهم اكتشفوا أنهم ظلموا خلقاً كثيراً وحكموا ببراءة عدد منهم. ولكن ما يؤسف هو المكابرة عن مراجعة تلك الأخطاء، وإعادة الحق إلى نصابه.