القمر الاول
05-18-2011, 12:21 PM
http://www.watan.com/upload/Aya.jpg
الفتاة البتول "آية برادعية" ، ذات الـ21 ربيعا، طالبة جامعية، إختطفت و ُقتلت غدرا مع سبق الإصرار والترصد وبدم بارد على يد عمها"وصديقين له"، بدعوى أنها على علاقة بشاب تقدم رسميا لخطبتها! حيث ألقوها حيّة في بئر ماء بمنطقة "خلة أبوسليمان" النائية في الجهة الغربية من بلدتها صوريف الواقعه شمال غرب محافظة الخليل جنوب الضفة الغربية، ولم يتم العثور عليها إلا قبل أيام، على الرغم من فقدانها منذ13 شهرا.
قصة آية علمت بها بعد إنتصاف الليل منذ أيام، وذلك حين أُعلن عن إكتشاف لآثار وأشلاء آدمية في بئر قريب من القرية عن طريق الصدفه ، حيث استمر جمع وانتشال ما تبقى من جسدها المتحلل في البئر منذ فقدت ليومين كاملين!!، ففي اليوم الأول، وصل جسدها بشكل عظام متناثرة، أما في اليوم الثاني فوصل رأسها!!!!!. صورة المشهد المفجعة أصابتني بصدمة قوية!! حاولت بعدها بساعات أن أنام عبثا، ولكنني في النهاية نمت من الكمد والحرقة كما يبدو!.
في اليوم الثاني للقصة ، حاولت أن لا أتابع القصة مطلقا!! "رغم طبيعة عملي التي تقتضي ذلك" فيكفيني ما شعرت به من ضغوطات وآلام وحرقة نتيجة لمجرد الإستماع لبعض التفاصيل المرعبة والمزلزلة لكل نفس بشرية، وارتديت بتلقائية ملابسي السوداء، ليس حدادا على آية فحسب، وإنما حدادا على الإنسانية التي شُيعت في دواخلنا كما يبدو منذ الأزل!! ارتديت هذا اللون القاتم من الملابس لأنه يقربني لذاتي أكثر، ويجعلني أعرفني أكثر، وأتواضع أكثر،فلا أغتر، ولا يأخذني جمال الدنيا الزائف، وأملتُ أن هذا أكثر ما يمكن أن أجدني أفعله دون قصد مباشر مني!! لأنني أعرفني جيدا! فكم سهل علي أن أنهار لكل قصة إنسانية تزلزل الأركان وتهز المشاعر بعنف، وما أكثرها من قصص!! ولكن، صباح أمس لم أستطع إلا أن أتابع القضية وأن أهاتف "رامي"شقيق المغدورة رحمها الله!! حيث قررت ذاتي وفطريا أن أتعرف على تفاصيل أكثر ، رغم يقيني أنني سأتعب جدا!! لكوني كما أوضحت ضعيف جدا حدّ النخاع أمام كل ما هو إنسانيّ، خاصة لأنه يأتي في زمن اللا إنسانية!!.
عندما يبكي الرجال
بدأ "رامي " يروي قصة إلقاء شقيقته داخل البئر وهي حيّه!! وبين كل عبارة وأخرى"ورغم محاولاته لخنق صوته" كان يبكي بحرقة تارة، ويتقطع صوته المخنوق تاره!!"بإنسانية لا تفرق بين الرجل والمرأة في حق البكاء" وليته لم يفعل!! فقد شعرت بأن صوته المخنوق يخنقني!! وروحه المذبوحة تذبحني!! حتى قال " تخيل أن تتعرف على أخ أو أُخت لك من خلال صورة شخص آخر!!، حيث حين تعرفت وإخوتي ووالدي عليها في ثلاجة الموتى وجدناها"كوم واحد" عظام على طاولة الموتى!!! ولم نعرف من تكون سوى من خلال "حقيبة يد" وجدت في البئر الذي أُلقيت فيه، وكانت تحتوي على بعض صور إخواني!!، مع بعضالأوراق الثبوتيه"
قصة الغدر... قبروها حيّة..ثم هتفوا"الله اكبر..الله أكبر"!!!
في التفاصيل التي تكشفت خيوط بعضها بعد فقدانها لمدة 13 شهر، وبعد إعتقال الفاعل وأعوانه وعلى لسان رامي (تبين أن المغدورة خرجت صباح ذات يوم كعادتها لتتوجه إلى جامعتها، وأمام البيت وجدت عمها "عقاب برادعية"(38سنة) والذي يعمل على سيارة أجرة بإنتظارها!! لم تأخذ في الأمر شيئا فهو عمها!!حتى أنها فرحت به، وركبت معه دون أن تدري بأن إبتسامتها وفرحتها لوجوده هي آخر فرحة وإبتسامة لها في حياتها!! وأن من تتوقع أن يوصلها للجامعة، سيلقي بها في بئر لتموت فيه!!، وما أن ركبت معه حتى قام برشها بغاز مخدر أفقدها الوعي على الفور!!، وتوجه بها سريعا إلى منطقة كان قد خطط لها وعدد من أعوانه المجرمين، وما أن إلتقاهم حتى قاموا على الفور بتربيطها من الأقدام والأكتاف، وألقوها في الصندوق الخلفي لسيارة أخرى، تقوى على الوصول لموقع البئر المحدد سلفا لإرتكاب جريمتهم "خلة أبوسليمان"، حيث يقع البئر بمنطقة نائية جبلية وعره تبعد عن مركز القرية مسافة ربع ساعة بالسيارة، وما بين السيارة والبئر مسافة أخرى لا تصل فيها السيارة، مما إضطرهم لأن يحملوها، ويسيروا على الأقدام، وفي هذه اللحظة إستفاقت آيه من الإغماء!! فأخذت المسكينة ترجو عمها وتستحلفه بالله أن يرحمها ولا يظلمها وأخذت تقول حرفيا" عمي، عمي..أتركني لأجل الله، ولا تلقي بي داخل البئر..ماذا فعلت لتقتلني؟ عمي أرجوك ساعدني..لا تقتلني..لا تقتلني..لا تلقيني في البئر"، لكن أصحاب القلوب الميتة، بل أصحاب اللاقلوب، والذين لا يملكون من البشرية سوى إسمها، لم تشفع صرخات آية وتوسلاتها لهم ولعمها -الذي أُجزم أن جيناته شيطانية من قبل أن ُيّخلق- في منعهم من تنفيذ حكمهم المجنون فيها!!، حيث ألقوها في البئر حيّة وهي تصرخ!!! القوها فيه وهي وواعية تماما!! وتتنفس وتنبض بالحياة والحركة! وما أن سقطت فيه حتى أغلق المجرمون باب البئرعليها و رددوا الله أكبر.. الله أكبر!!!!!، ثم تركوا المكان رغم استمرار صرخاتها واستغاثتها واستنجادها بالله تعالى ثم بهم وهي في قعر البئر البارد المظلم الموحش!!).
كم إهتز وجداني وبدني بعنف لما قاله ، كم أذهلتني تلك التفاصيل الشنيعة!!! كم أشعرتني بغضب عارم إجتاح اوصالي!! فقد كبّر الوحوش بإسم الله، والله والإسلام بريء مما يفعلون!!! الله اكبر عليهم، الله أكبر عليهم!! أيذكرون إسم الله وهم يلقون بها في البئر دون رحمة!! أيذكرون إسم الله وكأنهم ينتصرون بذلك لدين الله!! لا والله إنها العقلية الظلامية المتخلفة لأنهم لا زالوا يعيشون في زمن الجاهلية الأولى، والتي إعتاد فيها الجاهلون والجاهليون على التجمع حول حفرة يلقون فيها الإناث ليدفنوا الخزي والعار الذي ألحقته بهم!!.
ياله من تخلف، لا بد أن جينات من قتلوا آيه شيطانية متأصلة في نفوسهم المريضة، لانهم أصحاب فكر ظلامي ، الامر الذي دفعهم لقتلها دون حتى الإستماع إليها، أو حتى توجيه تهمة لها!! فكانوا الحكّام والقضاة في آن معا!! أما هي فالشيء الوحيد الذي كان مسوحا لها هو أن تموت!! أغلقوا باب النور في وجه صرخاتها، تركوها تصرخ في فضاء لا يسمعها فيه أحد!! وعادوا ليمارسوا حياتهم بعد أن حرموها منها!!.
صوت "رامي" شقيق المغدورة ، ألهبني، و أشعرني بالغضب وبالحرقة والألم، لدرجة أنني بكيت!! أجل بكيت، وبحرقة أيضا!! وهل في ذلك عيب؟ أم أن العيب أن يكون بيننا شياطين ووحوش مشكلين بصورة البشر؟ هل بكاء الرجال عيب، أم أن العيب أن نسكت على ظلم الظالم؟.
كان القاتل لعنة الله عليه ، يبحث مع والدها وأبناء أخيه عنها ليل نهار، بحث عنها معهم دون كلل أو ملل13 شهرا ، ورغم المستوى التعليمي العالي لأفراد أسرة المغدورة، إلا أن الغريق يتعلق كما يقولون" بقشّة" فلجأوا للعرافيين والدجاليين والسحرة والسامريين، وكانوا كلما سمعوا أن أحدا قال بأن هناك من شاهدها في نابلس، في جنين، في طولكرم، كانوا يذهبون للبحث عنها، بحثا عن الأمل، وهي قربهم في البئر!!وما ضاعف في معاناتهم وقهرهم، شعورهم بأن الناس لا ترحم وفقط، وإنما تظلمهم أيضا، ليس فقط في نظراتهم المتسائلة المشككة، وإنما بتشويه صورتها ُظلما!! فبعض أشد النسوة قربا للعائلة حاولن إلصاق العار بها بقولهن "شكلها البنت كانت تتوحم!!" مما زاد وضاعف في كمد العائلة طوال فترة فقدانها. غدروها وظلموها ولم يرحموها حية أو ميته، دون أن يتأكدوا!!.
وكل ذلك ما دفع بوالد الشهيدة آية، والذي يحمل دم أخيه القاتل بين عروقه، أن يحاول خلال الـ13 شهرا التي مرت عليهم كأنها 13 سنة"كانوا فيها أجسادا بلا أرواح" وفي أكثر من مره، أن يحاول الإنتحار من خلال إبتلاع كمية كبيرة من الأدوية!! لأنه لم يعد قادرا على الإستماع للمزيد من الإشاعات والظنون التي كانت تفتك به وتقتله يوميا ألف مره!!، مع ذلك، وما أن تم التعرف على مكان أشلاء إبنته والإمساك بالقتلة"المتهمون بنظر القانون حتى تثبت إدانتهم " إلا بكى فرحا وحزنا في آن معا، لأنهم عرفوا القاتل، ولأنهم وجدوا آية، وإن كانت مجرد أشلاء وبقايا جسد بلا روح، وتحدث كيف أن العائلة ظُلمت كما ظُلمت آيه!!و كذلك الشاب الذي أحبها"ب" ، والذي كان قد تقدم لطلب الزواج منها رسميا على سنة الله ورسوله، حتى انه زج به في السجن لأكثر من شهرعلى ذمة التحقيق في ظروف إختفاء آيه!!".
وكانت إرادة الله أن يعرف "ب" (37سنة)بانه قد تم العثور عليها، في ذات اليوم الذي عقد قرانه فيه على أخرى!! يال الفاجعة بالنسبة إليه، فلم يكن منه إلا أن أجهش بالبكاء، و تحدث عن محاولاته اليائسة في التقدم لخطبتها، والتوسط لدى ذويها أكثر من مرة ،إلا أنهم رفضوا ذلك لظروف إجتماعية وفرق العمر وغيرها من الأمور.
المجرم عم آية"عقاب " والمجرم"أيمن" والمجرم"ناصر"، الذين إنعدمت عندهم الإنسانية، لا أعرف أين كان ضميرهم؟إن كانوا يملكون ضميرا أصلا!! و أين كانت إنسانيتهم؟ وعمها عقاب، أين كانت صلة العمومة المليئة بالعطف والحنان عندما سمع صوتها الرقيق الناعم الخائف المتوسل غير المصدق لما يجري؟ كيف أمكنه تجاهل صوتها؟ كيف؟ كيف؟؟ ألم ينظر في عيون آيه، ألم تشفع تربية أخاه له منذ كان عمره 6 سنوات ليعود عن فعلته؟ أيقبل بان يُلقي أحدهم إبنته البالغة من العمر12 سنة في ذات البئر، على ذات الخلفية؟ من هنا يجب أن لا نُطالب بإعدام القتلة!! إن في ذلك رحمة لهم لا يستحقونها!! إذ يجب أن يتم عقابهم بنفس الفعل الذي إقترفوه!!
وأن يُلقى بهم في ذات البئر ، ليذوقوا بعض ما ذاقته آية، ليشعروا بشيء من الرعب الذي عاشته لدقائق أو لساعات أو أيام قبل أن تفارق الحياة وهي في البئر، أريد مع سبق الإصرار والترصد أن يموتوا ميتة بطيئة جدا، وإن كنت أشك في أن ذلك يشفي غليلي، بل أجزم انه لا يشفي غليلي كإنسان أو كبشري!! كما لا يشفي غليل البريئة العفيفة الطاهرة التي كانت تصرخ من قعر البئر وتستحلفهم بالله أن يرحموها!! لكن الظلمة لم يرحموها!! ولم يرفّ لهم جفن وهم يلقونها حيّة داخل البئر!! لذا فالثأر منهم لا يكفي لأنه حتى وإن تم رميهم في البئر ليلقوا ذات المصير، فهم على الأقل يعرفون أن الناس تعرف أنهم فيه، أما آيه رحمها الله فكانت على يقين بأن لا أحد يعرف أنها دُفنت حيّة فيه!!وانها ستموت فيه دون أن يدري بها احد!! فالثأر منهم مرة أخرى لا يكفي ليضمد جراحا عميقة في دواخلنا لما إقترفوه وأفجعنا!! فالشعور بالظلم فجيعة، ومطالبتنا بأن نعامل حتى الشياطين بإنسانية،إمتهان لكرامتنا، واستهانة بحقوقنا، وحقوق المرأة المستباحة في كل شيء!! فدعونا ولو مرة أن لا نرحم من لا يرحمنا!!
وحتى ولو بالقول!!!وإن كانت البشرية والإنسانية عُذرية البشر، فإن الشيطان الرجيم أفقد البعض عُذريته!! ما أظلمنا، ما أقسى بني البشر، ليتني ما عرفت ولا سمعت هذه القصة، فيكفيني كل ما أسمع، وكل ما اعرف، في هذه الدنيا التي يقتات البعض فيها على ُظلمهم للآخرين، بسادية وسبق إصرار وترصد، وأقول لكل مؤسسات حقوق الإنسان العالمية التي تطالب كل منها دول العالم لإلغاء عقوبة الإعدام،في الدول التي تنفذ مثل هذه العقوبة، إن في الإعدام رادع لأصحاب النفوس المريضة، فكفاكم دفاعا عن القتلة.
الشريفة العفيفة الطاهره البتول" آية برادعية"، والتي شهد أصدقاء وأقرباء وزملاء لها بتفوقها ودينها وخلقها وبراءتها مما حاول القتلة إلصاق التهمة بها،"لمعرفتهم أن عقوبة القتل بدافع ما يسمى بالشرف،عقوبته حتى الآن بقانون العقوبات الفلسطيني مخففة" أو ربما لمنعها من كشف سر قد تكون قد عرفته عن عمها!! فقرروا دفنها ودفن السّر معها!! .
دم آيه الطاهر سيطارد عمها القاتل ومن معه، ويطارد من حاولوا تلفيق وإلصاق العار بها وبعائلتها!! مع ذلك فلو كان هناك شك بأفعال آية كما حاول القتلة الترويج له ببداية التحقيق معهم ليبرروا فعلتهم ، لماذا لم يتم عرضها على طبيب مختص؟ قبل أن يقوموا بفعلتهم التي أرفضها بكل الاحوال!
هل الإعدام لو تم يكفي؟؟
مصاب جلل أصاب عائلة الشهيدة، وأصاب قلوبنا جميعا، فهل السجن أو الإعدام للقتلة"إذا ما أكد التحقيقات الجارية للآن مع الجناه أن القتل جاء مع سبق الإصرار والترصد، وأنها أُلقيت في البئر حيّة، وإذا ما وافق الرئيس بعد ذلك على قرار الإعدام" يكفي؟ هل دموعنا وحدها تكفي؟هل يحتاج الأمر في كل مرة لان تُقتل الفتاة لتأخذ صك البراءة؟!؟ من يُبرد قلب أمها الذي يغلي؟من يوقف أنينها ليل نهار؟ والتي تمنت أكل قلب القتلة ليشفى غليلها!! والتي سألت رامي" لماذا لم تحضر أختك معك؟ فأجابها أنها عند ربها!!؟ هل بوفاتها فقط تصبح بنظرنا بريئة؟ أم أن موتها لا يكفي لنلعن الشيطان الذي يُعشش في نفوس المشككين والمريضين نفسيا؟ما أصعبها من مشاعر مختلطة!! رعشة صوت أمها تقتلني" قتلوها الوحوش، لا ضمير لهم، الأسلام بريء مهم".
ما أصابنا، وما إنتهت إليه رحلة آيه رحمها الله، يجب أن يقرع الجرس للمرة الألف ولعلها تكون الأخيرة، للمطالبة بتعطيل العمل بالمادتين 340 و 98 من قانون العقوبات الأردني رقم 16 لسنة 1960، المطبق في فلسطين، فهذه المواد تتيح لمرتكبي جرائم قتل النساء بدافع ما يسمى الشرف الإفلات من العقاب، الأمر الذي يُشجع ويُحرّض بصورة غير مباشره على القتل بما يسمى دافع الشرف"العذر المخفف في القانون" ، فطوال الأعوام الماضية تم قتل العشرات إن لم يكن المئات من الفتيات على ذات الخلفية، أو تم إجبارهن على الإنتحار!! ولكن السؤال الهام؟ كم شخصا ممن قتلوا هؤلاء لا زال في السجن؟و كم واحد منهم أو قريب له من العائلة تبين لاحقا أنه هو نفسه الفاعل"زنا المحارم"؟ و كم فتاة منهن تبين فعلا أنهن عذراوات وبالتالي قُتلن زورا وبهتانا؟هل أصبحنا في غابة؟ أم كنا ولا زلنا فيها على الدوام؟ إذن لا بد أن نكسر حاجز الصمت! وكم يؤلمني أن كسر هذا الحاجز إحتاج ويحتاج لقتل تلو آخر ليُدق الجرس من جديد!!! كم آيه نحتاج لنقف وقفة واحدة ضد المستغلين لثغرات القانون! أيعيد مرسوم الرئيس الذي إعتبرها شهيدة، أيعيدها إلينا؟ أتعيد شهادة التخرج التي ستستلمها عائلة آيه، صوت وروح آيه!! لا يعيد آيه إلا تعطيل للمواد المحرضه على القتل بالقانون، وإن كنت أرى بأن القانون ما هو إلا نتاج ثقافة مجتمعية، وبالتالي فإن الوصول إلى تعطيل بعض مواد القانون ذات الصلة، ربما تحتاج إلى تغيير في ثقافتنا المجتمعية أولا، ومن هنا يأتي دور المؤسسات.
أسئلة تُفزعني!!!
مسكية آيه، قُتلت ظلما وقهرا!! مسكينة أنت يا آية، مسكينة أنت!! فإن كان صعب على المرء أن يجد نفسه وحيدا، فكيف إن وجد المرء نفسه في بئر يعرف انه قبره لا محاله!!؟؟فهي ليست نبيا ألقاه إخوانه في البئر، إلى أن أخرجه المارون بأرادة الله، وليست نبيا أيضا لتصبر في بطن الحوت!! فقد شاءت إرادة الله أن تموت آية لتكون بين الناس آية!! لكن، ُترى! ماذا كانت تقول قبل أن تموت؟ أي خوف ورعشة عاشتها وهي تنظر لبئر ستُلقى فيه؟ أي فزع عاشته وهي تنتظر لحظة النهاية؟ كم دقيقة أو ساعة أو يوما بقيت صامدة عبثا في البئر قبل أن تُسلم روحها لله، وتترك جسدها ليلتهمه الماء!!!هل ماتت من الخوف قبل أن تموت من الغرق!!أي صرخات صرختها في بئر تعرف يقينا أن جدرانه تمنع وتعزل كل صوت؟ كم بكت آية وكم ذرفت من الدموع!! أغرق البئر في بحر من دموعها قبل أن يُغرقها ويبتلعها!!.
ملاحظة: وقع الرئيس الفلسطيني محمود عباس عقب هذه القضية على مرسوم عطّل فيه المادتين الواردتين في قانون العقوبات الفلسطيني، والخاصتين بقضايا الشرف...وهذا نصر للنساء المُستباحة حقوقهن...
الفتاة البتول "آية برادعية" ، ذات الـ21 ربيعا، طالبة جامعية، إختطفت و ُقتلت غدرا مع سبق الإصرار والترصد وبدم بارد على يد عمها"وصديقين له"، بدعوى أنها على علاقة بشاب تقدم رسميا لخطبتها! حيث ألقوها حيّة في بئر ماء بمنطقة "خلة أبوسليمان" النائية في الجهة الغربية من بلدتها صوريف الواقعه شمال غرب محافظة الخليل جنوب الضفة الغربية، ولم يتم العثور عليها إلا قبل أيام، على الرغم من فقدانها منذ13 شهرا.
قصة آية علمت بها بعد إنتصاف الليل منذ أيام، وذلك حين أُعلن عن إكتشاف لآثار وأشلاء آدمية في بئر قريب من القرية عن طريق الصدفه ، حيث استمر جمع وانتشال ما تبقى من جسدها المتحلل في البئر منذ فقدت ليومين كاملين!!، ففي اليوم الأول، وصل جسدها بشكل عظام متناثرة، أما في اليوم الثاني فوصل رأسها!!!!!. صورة المشهد المفجعة أصابتني بصدمة قوية!! حاولت بعدها بساعات أن أنام عبثا، ولكنني في النهاية نمت من الكمد والحرقة كما يبدو!.
في اليوم الثاني للقصة ، حاولت أن لا أتابع القصة مطلقا!! "رغم طبيعة عملي التي تقتضي ذلك" فيكفيني ما شعرت به من ضغوطات وآلام وحرقة نتيجة لمجرد الإستماع لبعض التفاصيل المرعبة والمزلزلة لكل نفس بشرية، وارتديت بتلقائية ملابسي السوداء، ليس حدادا على آية فحسب، وإنما حدادا على الإنسانية التي شُيعت في دواخلنا كما يبدو منذ الأزل!! ارتديت هذا اللون القاتم من الملابس لأنه يقربني لذاتي أكثر، ويجعلني أعرفني أكثر، وأتواضع أكثر،فلا أغتر، ولا يأخذني جمال الدنيا الزائف، وأملتُ أن هذا أكثر ما يمكن أن أجدني أفعله دون قصد مباشر مني!! لأنني أعرفني جيدا! فكم سهل علي أن أنهار لكل قصة إنسانية تزلزل الأركان وتهز المشاعر بعنف، وما أكثرها من قصص!! ولكن، صباح أمس لم أستطع إلا أن أتابع القضية وأن أهاتف "رامي"شقيق المغدورة رحمها الله!! حيث قررت ذاتي وفطريا أن أتعرف على تفاصيل أكثر ، رغم يقيني أنني سأتعب جدا!! لكوني كما أوضحت ضعيف جدا حدّ النخاع أمام كل ما هو إنسانيّ، خاصة لأنه يأتي في زمن اللا إنسانية!!.
عندما يبكي الرجال
بدأ "رامي " يروي قصة إلقاء شقيقته داخل البئر وهي حيّه!! وبين كل عبارة وأخرى"ورغم محاولاته لخنق صوته" كان يبكي بحرقة تارة، ويتقطع صوته المخنوق تاره!!"بإنسانية لا تفرق بين الرجل والمرأة في حق البكاء" وليته لم يفعل!! فقد شعرت بأن صوته المخنوق يخنقني!! وروحه المذبوحة تذبحني!! حتى قال " تخيل أن تتعرف على أخ أو أُخت لك من خلال صورة شخص آخر!!، حيث حين تعرفت وإخوتي ووالدي عليها في ثلاجة الموتى وجدناها"كوم واحد" عظام على طاولة الموتى!!! ولم نعرف من تكون سوى من خلال "حقيبة يد" وجدت في البئر الذي أُلقيت فيه، وكانت تحتوي على بعض صور إخواني!!، مع بعضالأوراق الثبوتيه"
قصة الغدر... قبروها حيّة..ثم هتفوا"الله اكبر..الله أكبر"!!!
في التفاصيل التي تكشفت خيوط بعضها بعد فقدانها لمدة 13 شهر، وبعد إعتقال الفاعل وأعوانه وعلى لسان رامي (تبين أن المغدورة خرجت صباح ذات يوم كعادتها لتتوجه إلى جامعتها، وأمام البيت وجدت عمها "عقاب برادعية"(38سنة) والذي يعمل على سيارة أجرة بإنتظارها!! لم تأخذ في الأمر شيئا فهو عمها!!حتى أنها فرحت به، وركبت معه دون أن تدري بأن إبتسامتها وفرحتها لوجوده هي آخر فرحة وإبتسامة لها في حياتها!! وأن من تتوقع أن يوصلها للجامعة، سيلقي بها في بئر لتموت فيه!!، وما أن ركبت معه حتى قام برشها بغاز مخدر أفقدها الوعي على الفور!!، وتوجه بها سريعا إلى منطقة كان قد خطط لها وعدد من أعوانه المجرمين، وما أن إلتقاهم حتى قاموا على الفور بتربيطها من الأقدام والأكتاف، وألقوها في الصندوق الخلفي لسيارة أخرى، تقوى على الوصول لموقع البئر المحدد سلفا لإرتكاب جريمتهم "خلة أبوسليمان"، حيث يقع البئر بمنطقة نائية جبلية وعره تبعد عن مركز القرية مسافة ربع ساعة بالسيارة، وما بين السيارة والبئر مسافة أخرى لا تصل فيها السيارة، مما إضطرهم لأن يحملوها، ويسيروا على الأقدام، وفي هذه اللحظة إستفاقت آيه من الإغماء!! فأخذت المسكينة ترجو عمها وتستحلفه بالله أن يرحمها ولا يظلمها وأخذت تقول حرفيا" عمي، عمي..أتركني لأجل الله، ولا تلقي بي داخل البئر..ماذا فعلت لتقتلني؟ عمي أرجوك ساعدني..لا تقتلني..لا تقتلني..لا تلقيني في البئر"، لكن أصحاب القلوب الميتة، بل أصحاب اللاقلوب، والذين لا يملكون من البشرية سوى إسمها، لم تشفع صرخات آية وتوسلاتها لهم ولعمها -الذي أُجزم أن جيناته شيطانية من قبل أن ُيّخلق- في منعهم من تنفيذ حكمهم المجنون فيها!!، حيث ألقوها في البئر حيّة وهي تصرخ!!! القوها فيه وهي وواعية تماما!! وتتنفس وتنبض بالحياة والحركة! وما أن سقطت فيه حتى أغلق المجرمون باب البئرعليها و رددوا الله أكبر.. الله أكبر!!!!!، ثم تركوا المكان رغم استمرار صرخاتها واستغاثتها واستنجادها بالله تعالى ثم بهم وهي في قعر البئر البارد المظلم الموحش!!).
كم إهتز وجداني وبدني بعنف لما قاله ، كم أذهلتني تلك التفاصيل الشنيعة!!! كم أشعرتني بغضب عارم إجتاح اوصالي!! فقد كبّر الوحوش بإسم الله، والله والإسلام بريء مما يفعلون!!! الله اكبر عليهم، الله أكبر عليهم!! أيذكرون إسم الله وهم يلقون بها في البئر دون رحمة!! أيذكرون إسم الله وكأنهم ينتصرون بذلك لدين الله!! لا والله إنها العقلية الظلامية المتخلفة لأنهم لا زالوا يعيشون في زمن الجاهلية الأولى، والتي إعتاد فيها الجاهلون والجاهليون على التجمع حول حفرة يلقون فيها الإناث ليدفنوا الخزي والعار الذي ألحقته بهم!!.
ياله من تخلف، لا بد أن جينات من قتلوا آيه شيطانية متأصلة في نفوسهم المريضة، لانهم أصحاب فكر ظلامي ، الامر الذي دفعهم لقتلها دون حتى الإستماع إليها، أو حتى توجيه تهمة لها!! فكانوا الحكّام والقضاة في آن معا!! أما هي فالشيء الوحيد الذي كان مسوحا لها هو أن تموت!! أغلقوا باب النور في وجه صرخاتها، تركوها تصرخ في فضاء لا يسمعها فيه أحد!! وعادوا ليمارسوا حياتهم بعد أن حرموها منها!!.
صوت "رامي" شقيق المغدورة ، ألهبني، و أشعرني بالغضب وبالحرقة والألم، لدرجة أنني بكيت!! أجل بكيت، وبحرقة أيضا!! وهل في ذلك عيب؟ أم أن العيب أن يكون بيننا شياطين ووحوش مشكلين بصورة البشر؟ هل بكاء الرجال عيب، أم أن العيب أن نسكت على ظلم الظالم؟.
كان القاتل لعنة الله عليه ، يبحث مع والدها وأبناء أخيه عنها ليل نهار، بحث عنها معهم دون كلل أو ملل13 شهرا ، ورغم المستوى التعليمي العالي لأفراد أسرة المغدورة، إلا أن الغريق يتعلق كما يقولون" بقشّة" فلجأوا للعرافيين والدجاليين والسحرة والسامريين، وكانوا كلما سمعوا أن أحدا قال بأن هناك من شاهدها في نابلس، في جنين، في طولكرم، كانوا يذهبون للبحث عنها، بحثا عن الأمل، وهي قربهم في البئر!!وما ضاعف في معاناتهم وقهرهم، شعورهم بأن الناس لا ترحم وفقط، وإنما تظلمهم أيضا، ليس فقط في نظراتهم المتسائلة المشككة، وإنما بتشويه صورتها ُظلما!! فبعض أشد النسوة قربا للعائلة حاولن إلصاق العار بها بقولهن "شكلها البنت كانت تتوحم!!" مما زاد وضاعف في كمد العائلة طوال فترة فقدانها. غدروها وظلموها ولم يرحموها حية أو ميته، دون أن يتأكدوا!!.
وكل ذلك ما دفع بوالد الشهيدة آية، والذي يحمل دم أخيه القاتل بين عروقه، أن يحاول خلال الـ13 شهرا التي مرت عليهم كأنها 13 سنة"كانوا فيها أجسادا بلا أرواح" وفي أكثر من مره، أن يحاول الإنتحار من خلال إبتلاع كمية كبيرة من الأدوية!! لأنه لم يعد قادرا على الإستماع للمزيد من الإشاعات والظنون التي كانت تفتك به وتقتله يوميا ألف مره!!، مع ذلك، وما أن تم التعرف على مكان أشلاء إبنته والإمساك بالقتلة"المتهمون بنظر القانون حتى تثبت إدانتهم " إلا بكى فرحا وحزنا في آن معا، لأنهم عرفوا القاتل، ولأنهم وجدوا آية، وإن كانت مجرد أشلاء وبقايا جسد بلا روح، وتحدث كيف أن العائلة ظُلمت كما ظُلمت آيه!!و كذلك الشاب الذي أحبها"ب" ، والذي كان قد تقدم لطلب الزواج منها رسميا على سنة الله ورسوله، حتى انه زج به في السجن لأكثر من شهرعلى ذمة التحقيق في ظروف إختفاء آيه!!".
وكانت إرادة الله أن يعرف "ب" (37سنة)بانه قد تم العثور عليها، في ذات اليوم الذي عقد قرانه فيه على أخرى!! يال الفاجعة بالنسبة إليه، فلم يكن منه إلا أن أجهش بالبكاء، و تحدث عن محاولاته اليائسة في التقدم لخطبتها، والتوسط لدى ذويها أكثر من مرة ،إلا أنهم رفضوا ذلك لظروف إجتماعية وفرق العمر وغيرها من الأمور.
المجرم عم آية"عقاب " والمجرم"أيمن" والمجرم"ناصر"، الذين إنعدمت عندهم الإنسانية، لا أعرف أين كان ضميرهم؟إن كانوا يملكون ضميرا أصلا!! و أين كانت إنسانيتهم؟ وعمها عقاب، أين كانت صلة العمومة المليئة بالعطف والحنان عندما سمع صوتها الرقيق الناعم الخائف المتوسل غير المصدق لما يجري؟ كيف أمكنه تجاهل صوتها؟ كيف؟ كيف؟؟ ألم ينظر في عيون آيه، ألم تشفع تربية أخاه له منذ كان عمره 6 سنوات ليعود عن فعلته؟ أيقبل بان يُلقي أحدهم إبنته البالغة من العمر12 سنة في ذات البئر، على ذات الخلفية؟ من هنا يجب أن لا نُطالب بإعدام القتلة!! إن في ذلك رحمة لهم لا يستحقونها!! إذ يجب أن يتم عقابهم بنفس الفعل الذي إقترفوه!!
وأن يُلقى بهم في ذات البئر ، ليذوقوا بعض ما ذاقته آية، ليشعروا بشيء من الرعب الذي عاشته لدقائق أو لساعات أو أيام قبل أن تفارق الحياة وهي في البئر، أريد مع سبق الإصرار والترصد أن يموتوا ميتة بطيئة جدا، وإن كنت أشك في أن ذلك يشفي غليلي، بل أجزم انه لا يشفي غليلي كإنسان أو كبشري!! كما لا يشفي غليل البريئة العفيفة الطاهرة التي كانت تصرخ من قعر البئر وتستحلفهم بالله أن يرحموها!! لكن الظلمة لم يرحموها!! ولم يرفّ لهم جفن وهم يلقونها حيّة داخل البئر!! لذا فالثأر منهم لا يكفي لأنه حتى وإن تم رميهم في البئر ليلقوا ذات المصير، فهم على الأقل يعرفون أن الناس تعرف أنهم فيه، أما آيه رحمها الله فكانت على يقين بأن لا أحد يعرف أنها دُفنت حيّة فيه!!وانها ستموت فيه دون أن يدري بها احد!! فالثأر منهم مرة أخرى لا يكفي ليضمد جراحا عميقة في دواخلنا لما إقترفوه وأفجعنا!! فالشعور بالظلم فجيعة، ومطالبتنا بأن نعامل حتى الشياطين بإنسانية،إمتهان لكرامتنا، واستهانة بحقوقنا، وحقوق المرأة المستباحة في كل شيء!! فدعونا ولو مرة أن لا نرحم من لا يرحمنا!!
وحتى ولو بالقول!!!وإن كانت البشرية والإنسانية عُذرية البشر، فإن الشيطان الرجيم أفقد البعض عُذريته!! ما أظلمنا، ما أقسى بني البشر، ليتني ما عرفت ولا سمعت هذه القصة، فيكفيني كل ما أسمع، وكل ما اعرف، في هذه الدنيا التي يقتات البعض فيها على ُظلمهم للآخرين، بسادية وسبق إصرار وترصد، وأقول لكل مؤسسات حقوق الإنسان العالمية التي تطالب كل منها دول العالم لإلغاء عقوبة الإعدام،في الدول التي تنفذ مثل هذه العقوبة، إن في الإعدام رادع لأصحاب النفوس المريضة، فكفاكم دفاعا عن القتلة.
الشريفة العفيفة الطاهره البتول" آية برادعية"، والتي شهد أصدقاء وأقرباء وزملاء لها بتفوقها ودينها وخلقها وبراءتها مما حاول القتلة إلصاق التهمة بها،"لمعرفتهم أن عقوبة القتل بدافع ما يسمى بالشرف،عقوبته حتى الآن بقانون العقوبات الفلسطيني مخففة" أو ربما لمنعها من كشف سر قد تكون قد عرفته عن عمها!! فقرروا دفنها ودفن السّر معها!! .
دم آيه الطاهر سيطارد عمها القاتل ومن معه، ويطارد من حاولوا تلفيق وإلصاق العار بها وبعائلتها!! مع ذلك فلو كان هناك شك بأفعال آية كما حاول القتلة الترويج له ببداية التحقيق معهم ليبرروا فعلتهم ، لماذا لم يتم عرضها على طبيب مختص؟ قبل أن يقوموا بفعلتهم التي أرفضها بكل الاحوال!
هل الإعدام لو تم يكفي؟؟
مصاب جلل أصاب عائلة الشهيدة، وأصاب قلوبنا جميعا، فهل السجن أو الإعدام للقتلة"إذا ما أكد التحقيقات الجارية للآن مع الجناه أن القتل جاء مع سبق الإصرار والترصد، وأنها أُلقيت في البئر حيّة، وإذا ما وافق الرئيس بعد ذلك على قرار الإعدام" يكفي؟ هل دموعنا وحدها تكفي؟هل يحتاج الأمر في كل مرة لان تُقتل الفتاة لتأخذ صك البراءة؟!؟ من يُبرد قلب أمها الذي يغلي؟من يوقف أنينها ليل نهار؟ والتي تمنت أكل قلب القتلة ليشفى غليلها!! والتي سألت رامي" لماذا لم تحضر أختك معك؟ فأجابها أنها عند ربها!!؟ هل بوفاتها فقط تصبح بنظرنا بريئة؟ أم أن موتها لا يكفي لنلعن الشيطان الذي يُعشش في نفوس المشككين والمريضين نفسيا؟ما أصعبها من مشاعر مختلطة!! رعشة صوت أمها تقتلني" قتلوها الوحوش، لا ضمير لهم، الأسلام بريء مهم".
ما أصابنا، وما إنتهت إليه رحلة آيه رحمها الله، يجب أن يقرع الجرس للمرة الألف ولعلها تكون الأخيرة، للمطالبة بتعطيل العمل بالمادتين 340 و 98 من قانون العقوبات الأردني رقم 16 لسنة 1960، المطبق في فلسطين، فهذه المواد تتيح لمرتكبي جرائم قتل النساء بدافع ما يسمى الشرف الإفلات من العقاب، الأمر الذي يُشجع ويُحرّض بصورة غير مباشره على القتل بما يسمى دافع الشرف"العذر المخفف في القانون" ، فطوال الأعوام الماضية تم قتل العشرات إن لم يكن المئات من الفتيات على ذات الخلفية، أو تم إجبارهن على الإنتحار!! ولكن السؤال الهام؟ كم شخصا ممن قتلوا هؤلاء لا زال في السجن؟و كم واحد منهم أو قريب له من العائلة تبين لاحقا أنه هو نفسه الفاعل"زنا المحارم"؟ و كم فتاة منهن تبين فعلا أنهن عذراوات وبالتالي قُتلن زورا وبهتانا؟هل أصبحنا في غابة؟ أم كنا ولا زلنا فيها على الدوام؟ إذن لا بد أن نكسر حاجز الصمت! وكم يؤلمني أن كسر هذا الحاجز إحتاج ويحتاج لقتل تلو آخر ليُدق الجرس من جديد!!! كم آيه نحتاج لنقف وقفة واحدة ضد المستغلين لثغرات القانون! أيعيد مرسوم الرئيس الذي إعتبرها شهيدة، أيعيدها إلينا؟ أتعيد شهادة التخرج التي ستستلمها عائلة آيه، صوت وروح آيه!! لا يعيد آيه إلا تعطيل للمواد المحرضه على القتل بالقانون، وإن كنت أرى بأن القانون ما هو إلا نتاج ثقافة مجتمعية، وبالتالي فإن الوصول إلى تعطيل بعض مواد القانون ذات الصلة، ربما تحتاج إلى تغيير في ثقافتنا المجتمعية أولا، ومن هنا يأتي دور المؤسسات.
أسئلة تُفزعني!!!
مسكية آيه، قُتلت ظلما وقهرا!! مسكينة أنت يا آية، مسكينة أنت!! فإن كان صعب على المرء أن يجد نفسه وحيدا، فكيف إن وجد المرء نفسه في بئر يعرف انه قبره لا محاله!!؟؟فهي ليست نبيا ألقاه إخوانه في البئر، إلى أن أخرجه المارون بأرادة الله، وليست نبيا أيضا لتصبر في بطن الحوت!! فقد شاءت إرادة الله أن تموت آية لتكون بين الناس آية!! لكن، ُترى! ماذا كانت تقول قبل أن تموت؟ أي خوف ورعشة عاشتها وهي تنظر لبئر ستُلقى فيه؟ أي فزع عاشته وهي تنتظر لحظة النهاية؟ كم دقيقة أو ساعة أو يوما بقيت صامدة عبثا في البئر قبل أن تُسلم روحها لله، وتترك جسدها ليلتهمه الماء!!!هل ماتت من الخوف قبل أن تموت من الغرق!!أي صرخات صرختها في بئر تعرف يقينا أن جدرانه تمنع وتعزل كل صوت؟ كم بكت آية وكم ذرفت من الدموع!! أغرق البئر في بحر من دموعها قبل أن يُغرقها ويبتلعها!!.
ملاحظة: وقع الرئيس الفلسطيني محمود عباس عقب هذه القضية على مرسوم عطّل فيه المادتين الواردتين في قانون العقوبات الفلسطيني، والخاصتين بقضايا الشرف...وهذا نصر للنساء المُستباحة حقوقهن...