المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عن صراع خامنئي وأحمدي نجاد وانتهاء دور المرشد: الولاية والمهدويون



بهلول
05-08-2011, 11:20 PM
http://www.aljazeera.net/mritems/images/2009/7/23/1_929595_1_34.jpg


مشائي

http://www.shorouknews.com/uploadedImages/Sections/Politics/World/Heidar-Moselhi.jpg

حيدر مصيلحي


أزمة العلاقة بين مرشد الثورة والرئيس الإيراني أكبر من تحول أحمدي نجاد إلى حصان طروادة بعد أن كان الابن المدلل. إنه الإشارة الأكثر دلالة على صعود القومية الفارسية وهو الإعلان عن ولادة 'إسلام إيراني'.


ميدل ايست أونلاين - بقلم: أسعد حيدر


إنفجر الصراع الخفي الدائر داخل الغرف المغلقة لمراكز القرار والدوائر التي ترسم المسارات السياسية في إيران الى العلن بعد ان بقي لفترة طويلة في السر، وفي أحسن الاحوال مداورة أو تلميحا. بين ليلة وضحاها أصبح الرئيس أحمدي نجاد "حصان طروادة" بعد ان كان طوال أكثر من ست سنوات "الإبن المدلل" للمرشد آية الله علي خامنئي، الذي من أجله إتخذ قرارت صعبة وخاض معارك عديدة ابرزها ضد رفيق دربه الشيخ هاشمي رفسنجاني.

التنافس والتزاحم على السلطة ومواقع النفوذ ليس جديدا في الجمهورية الاسلامية في ايران. وقد شهدت الساحة السياسية الايرانية ضربات كثيرة تحت الزنار لكن كل ذلك كان يدور تحت عباءة الولي الفقيه. الجميع تعلم الدرس من اول رئيس للجمهورية ابو الحسن بني صدر الذي رغم انه كان فعلا لا قولا الابن المدلل للامام الخميني الا انه عندما حاول الخروج من تحت عباءته تم اسقاطه وهروبه الى باريس حيث ما زال يعيش في منفاه حتى الان. المشكلة الان اكبر من ذلك بكثير. احمدي نجاد يمثل حاليا خلافا ايدولوجيا له جذوره منذ حوالي عقد من الزمن او أكثر والاخطر من ذلك ان هذا الخلاف له جذوره الممتدة الى ما قبل الثورة ممثلا بتنظيم "الحجتية" والمعروف ان هذا التنظيم يعارض "المرشدية" وقيام الجمهورية وكان الامام الخميني قد حرمه وابعده عن السلطة منذ اليوم الاول لنجاح الثورة.

احمدي نجاد يمثل تيار "المهدوية" الذي ليس جديدا لكنه اخذ في الفترة الماضية يتبلور سياسيا وينشط. هذا التيار يقول انه يجب انتظار عودة الامام المهدي ولذلك لا يجب اقامة الجمهورية. وكان أحمدي نجاد قد بلور كل ذلك في مقابلة له مع صحيفية ايران الرسمية عندما رفض مبدأ فصل السلطات وقال مواربة ما لم يجسر احد ان يقوله وهو ما يشبه اقامة الامارة وليس الجمهورية حيث الولي الفقية هو امير المؤمنين اي تقريبا "نسخة شيعية" عن امارة الطالبان في افغانستان. بعد ذلك ظهرت موجه من الكتب والمنشورات وحتى انه جرى اخراج فيلم وثائقي حول عودة الامام المهدي اخرجه علي اصغر سبحاني. وقد وزعت اقراص هذا الفيلم في شوارع طهران والمدن الايرانية بالالاف مما ادى الى اصدار امر قضائي باحالة المخرج سبحاني الى المحكمة وسجنه، لانه حتى ولو كانت الدعوة لعودة الامام المهدي شرعية الا ان ذلك يجب ان يبقى من "باب اشاعة العدل".

طموحات احمدي نجاد كانت مقبولة في البداية لانها ضمن "البيت الواحد" للمحافظين، لكن منذ اكثر من عام تغيرت وجهة هذه الطروحات باتجاه تبلور تيار جديد يعرف بأسم "النجاديين". عامود هذا التيار اسفنديار رحيم مشائي رجل نجاد الاول الذي حوله الف سؤال حول افكاره وممارساته من قم ومراكز قرار عديدة في طهران ادت بعد حديثه المتكرر عن الاسلام الايراني الى اتهامه بالنزعة القومية المرفوضة في الجمهورية والى اتهامه بالفساد وأستغلال النفوذ الى حد الكشف عن انه انشآء شركة مع حميد بقائي رئيس ديوان الرئاسة تنشط في قطاع الفنادق والسياحة والمصارف رأسمالها الاولي 200 مليون دولار وهو مبلغ كبير، ارتفع مؤخرا الى 600 مليون دولار وهو مبلغ ضخم جدا بجميع المقاييس في ايران. وقد وصلت الامور الى حد القول ان تحالفا قد قام بين "المهدويين والحجتيين" وانصار "القومية الفارسية" الذي رأى علماء قم تبلوره في كلام مشائي عن "الإسلام الإيراني".

الهدف الاول لهذا التحالف كما تبلور في خطوات تنفيذية على الارض: حصوله بزعامة أحمدي نجاد وادارة مشائي على الاغلبية المطلقة وهي حوالي 150 نائبا في الانتخابات البرلمانية القادمة في حزيران/يونيو 2012، وذلك تمهيدا لترشيح وانتخاب مشائي رئيسا للجمهورية في حزيران 2013 بحيث يكون الجسر الذي يعبره نجاد دستوريا للعودة الى رئاسة الجمهورية وتحوله الى مركز قرار اساسي وفاعل في اجراء تحولات عميقة داخل السلطة وابرزها في اختيار الولي الفقيه القادم اذا لم يكن المرشد على خمانئي الاخير.

قضية وزير الاستخبارات حيدر مصلحي ليست سوى عود الثقاب الذي اشعل برميل الخلافات بين هذا التيار والولي الفقيه اية الله علي خامنئي وقد اقال أحمدي نجاد مصلحي ورفض خامنئي هذه الاقالة، فقام الاول بما يشبه الاعتكاف لمدة عشرة ايام. ويبدو ان حقيقة الخلاف بين أحمدي نجاد ومصلحي يعود الى ان الاخير طلب من مشائي لدى عودته من زيارة سرية الى نيورك تقديم تقرير عن اتصالاته بعد اتهامه بانه اجرى لقاءات سرية مع مسولين اميركين بهدف التمهيد لاعادة العلاقات الايرانية الاميركية لاحقا، كما ان مصلحي اجرى لقاء موسعا بالمسوؤلين في وزارته استمعوا خلاله الى تقرير موسع من مشائي و"نشاطاته" القومية.

المرشد السيد علي خامنئي" شجع" قيام ترويكا تضم كل من مستشاره علي ولايتي وزير الخارجية الاسبق وحداد عادل رئيس البرلمان السابق وممثل عن القوى المؤتلفة داخل تيار المحافظين المتشددين لمواجهة نجاد وانصاره. ومن الطبيعي ان يكون "اللاريجانيون" نسبة الى رئيس البرلمان الحالي علي لاريجاني ورئيس القضاء صادق لاريجاني داخل هذا التحالف خصوصا ان الاول يطمح لخلافة نجاد في رئاسة الجمهورية.

الاهم من كل ذلك ان الخلاف بين خامنئي ونجاد اكتسب توجها ايدلوجيا حيث تبلور فيه: سخرية مجتبى ذي النور ممثل المرشد في الحرس الثوري من قول أحمدي نجاد من ان علاقته مع خامنئي هي "مثل علاقة اب بأبنه" قائلا ان العلاقة مع المرشد يجب ان تكون علاقة بين قائد وتابع الاساس فيها الطاعة. اما النائب البارز علي مطخري فقد وضع النقاط على الحروف ربما لاول مرة فقال: ان معسكر الرئيس نجاد المومن بأن عودة الامام المهدي وشيكة يعتقد ان ايران لم تعد تحتاج الى المرشد. اخير لم يطل الامر حتى دخل قائد الحرس القوي الجنرال محمد علي جعفري على الخط قائلا: "في حكومة نجاد جنا وانسا وشياطين داخلية وان الشعب لن يتسامح مع اي تيار انحرافي مضيفا" على كل شخص ايا يكن منصبه او مكانته الاذعان لولاية الفقيه.

بعد انكشاف وتبلور حقيقة المواجهة بين الولي الفقيه والمحيطين به وتيار احمدي نجاد والمتحالفين معه في تصاريح حادة اتجه تيار الولاية القوي حاليا في السلطة الى اتخاذ اجراءات تؤدي الى حسم المعركة حيث ان ابرز اسلحتها اقالة احمدي نجاد من الرئاسة اذ ان، 90 نائبا وقعوا على طلبا لمساءلة نجاد علما ان توقيع 10 نواب يكفي لذلك وهذا الطلب يعني ضمنا فتح الباب نحو اقالة نجاد.

يبدو ان الرئيس احمدي نجاد قد فهم "الرسالة" فتراجع خطوة الى الوراء بانتظار ان يتقدم مستقبلا خطوتين الى الامام اما اذا كان قد فهم بانه اضعف من ان يواجه الولي الفقية خامنئي والحلقات والقوى المتمسكة به فانه سيضطر لاحقا الى ابعاد مشائي حتى لا يدفع هو الثمن.

أسعد حيدر