المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لماذا لم يصدق بعض الشيعة هذا الخبر؟



د. حامد العطية
05-07-2011, 09:44 PM
لماذا لم يصدق بعض الشيعة هذا الخبر؟
د. حامد العطية
لم يصدق بعض القراء الشيعة خبراً نشرته في آخر مقال لي عن تعرض نسوة شيعيات للاغتصاب في المسجد الحرام، وطلب احدهم حذفه، فاستجاب له أحد المواقع، ولا بد من وقفة مع رد الفعل ومحاولة فهم دوافعه.
لقد ترددت طويلاً في نشر المقال لنفس السبب الذي دعى البعض للتعليق عليه بالرفض أو الاستنكار، فقد يكون أهون علينا أحياناً رفض الحقيقة المرة أو طمسها من المجاهرة بها، لما لها أحياناً من تأثيرات نفسية سيئة علينا، وبالذات للذين ينظرون للموضوع من زاوية عاطفية أو من منظور القيم والأعراف القبلية، ولكن الحقيقة يجب أن تقال ولو كانت مرة، ولنأخذ على سبيل المثال حادثة كسر ضلع السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام، والمكذبون لهذه الرواية أو المشككون بصحتها يؤسسون حجتهم على مبدأ استحالة سكوت الإمام علي بن طالب عليه السلام على ذلك، أي على رد الفعل المتوقع، أو خصائص الظرف الزمني والمكاني بدلاً من مناقشة صحة الخبر وأدلته.
إن صدق المخبر مهم، ولابد من تمحيص الخبر للتأكد من صحته، كما أمرنا الله وتفرضه علينا قواعد الموضوعية، وقد بينت في مقالتي الأسباب والمبررات الذاتية والظرفية التي جعلتني أصدق ما نقله المخبر من تعرض نسوة شيعيات، وبالتحديد من الجنسية الإيرانية، للاغتصاب في أماكن من المسجد الحرام، والمتكون من عدة طوابق، تغطي مساحة شاسعة، وفي غفلة من الرقيب، ومن أهم هذه الأسباب الذاتية المساندة لصحة الخبر ما يلي:
- المخبر موظف مسؤول في أمانة اللجنة المكلفة بتنظيم الجهاز الحكومي السعودي، التي يرؤسها الأمير سلطان ولي العهد حالياً، ويكلف بدراسة تنظيمات الوزارات والمؤسسات الحكومية في المملكة، وهوموضع ثقة من رؤساءه، وقد زاملته في العمل في الثمانينات، وعرفته مهنياً ومنصفاً وموضوعياً.
- لم يبادر المخبر بطرح المعلومة من تلقاء نفسه، وإنما نقلها جواباً على سؤال من رئيسه السابق الذي دار الحديث في مكتبه، والسؤال على وجه التحديد استفسار عن نتائج دراسته لأوضاع الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي ووزارة الشؤون الإسلامية، والرئاسة كما هو معروف مشرفة على أمور الحرمين الشريفين وملمة بما يحدث فيهما من مخالفات، بما في ذلك نوع المخالفة وهوية وجنسيات المعتدى عليهم.
- كنت حاضراً الاجتماع بصفتي آنذاك رئيساً لفريق استشاري لدراسة إعادة تنظيم وزارة الحج، وكان الاستاذ اياد مدني وقتهاً وزيراً للحج، واختصاصات الحج والشؤون الاسلامية وشؤون الحرمين الشريفين مترابطة، لذا كان حضوري الاجتماع ضرورياً.
- ورد ذكر الخبر عرضاً، كشاهد ومثال على سوء الأحوال التنظيمية والإدارية والرقابية في الرئاسة العامة، وليس من باب التعرض بالسوء للشيعة والانتقاص من نساءهم، كما ظن البعض رجماً بالغيب،.
- إن هذا الخبر لا يسيء للنسوة اللواتي تعرضن للإعتداء لأنهن ضحايا بريئات،ولكنه بالتأكيد وصمة عار على حكام السعودية، الذين نصبوا أنفسهم حماة لقدسية الحرمين، وتعهدوا بحفظ أمن الحجاج والمعتمرين، ولا يمكن أن أتصور وهابياً، مهما بلغ حقده على الشيعة، أن يفضح اقتراف جماعته لهذا الفعل الشنيع.

كما هنالك أسباب ظرفية ترجح صحة الخبر، وهي في مجملها تدل على وجود انحلال قيمي وأخلاقي جسيم في المجتمع السعودي، أسبابه متعددة، ولسنا بحاجة للتطرق إليها هنا، ولكن الأدلة عليها كثيرة، لذا تعمد السلطات السعودية إلى اتخاذ اجراءات رادعة لمنع وقوعها ومن أهمها العقوبات الصارمة والرقابة الشديدة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومن مظاهر هذا التفسخ الأخلاقي الواسع ما يلي:

- كثرة حوادث تعرض النسوة السعوديات في الأماكن العامة لمحاولات الاختطاف والتحرش الجنسي.
- امتناع النسوة السعوديات من ركوب سيارات الأجرة التي يقودها سعوديون، وهو أحد الأسباب الرئيسية لفشل محاولات سعودة وظائف سياقة سيارات الأجرة أكثر من مرة.
- ما نشر من رفض السلطات السعودية منح تأشيرات العمرة لفتيات مغربيات، يردن مرافقة ذويهن بدعوى أن لهن "مقاصد آخرى"، وهذا دليل على أن السعوديين يشكون بعفة هؤلاء الفتيات وشرف ذويهن، فهل يعقل أن يبيع هؤلاء الاباء والأمهات بناتهم للسعوديين؟ وأغلب الظن أن العلة في نفوس بعض السعوديين وعقولهم المريضة.
(http://www.hespress.com/?browser=view&EgyxpID=22779)
- النزعة العنصرية والاستعلائية للسعوديين الوهابيين تجاه الأجانب من العرب وغيرهم، وهو ما انتقده بشدة الشاعر والوزير السعودي الراحل الدكتور غازي القصيبي
(http://arabic.myvivvo.com/cat/misc_news/1473.html)
- هل سمعتم بأغوات الحرمين؟ هم المسترقون، ذوو الأصل الأفريقي المكلفون بخدمة زوار الحرمين الشريفين منذ عهد الأموي يزيد بن معاوية وحتى أيام الملك السعودي فهد، وهم مخصيون، والسؤال لماذا اقتنع "حماة الحرمين" وعلى مدى ثلاثة عشر قرناً بالحاجة إلى اخصاء خدم المسجد الحرام – مع أن استعبادهم من دون قتال وخصيهم واستثناءهم من أحكام الإرث الإسلامية حيث لا يورثون مخالفات جسيمة للشريعة السمحاء ؟ فإذا كانت تقوى الله كافية فلم يخصون القائمين على خدمة الحرمين الشريفين؟ أليس الدافع من وراء ذلك الخوف منهم على أعراض المسلمات الحاجات والمعتمرات؟
ولا يفوتنا هنا الاشارة إلى الشكاوى المتكررة لحكومة الجمهورية الإسلامية في إيران من "المضايقات" التي يتعرض لها المعتمرون، ما حدا بأحد المسؤولين الإيرانيين مؤخراً إلى الدعوة لإيقاف عمرة الإيرانيين.
اما التاريخ فهو أيضاً حافل بالممارسات التي لم ترعى قدسية الحرمين الشريقين، فلم يمض وقت طويل على نهاية عصر الجاهلية وزوال صنمي نائلة وأساف من جوار الكعبة، وهما للتذكير اقترفا الزنا في الكعبة، فقدسهما وعبدهما الأعراب، حتى حدثت واقعة الحرة المعروفة في المدينة المنورة.
ومن المعروف بإن الوهابيين يكفرون الشيعة، وبالتالي يحلون قتلهم وسلب أموالهم وسبي نسائهم، بل هم يكفرون كل مخالفيهم، أو من لم يواليهم، وقد ذكرتني مظاهرات درعا السورية مؤخراً بواقعة غارة الوهابيين في القرن التاسع عشر على منطقة حوران السورية والتي تقع فيها مدينة درعا، وتذكر مصادر التاريخ بأن جيش الوهابيين هاجم "حوران سنة 1225هـ /1810م فأحرقوا ونهبوا وسبوا بعد أن قتلوا حتى الأطفال ناهيك عن الكبار، وهدموا البيوت، وعاثوا فيها فسادا". (http://www.alwahabiya.20m.com/main6.html).

اعترض أحد القراء على مقالي لأن وقائعه منقولة عن رواة، وطالب بحذفه، فاستجاب له الموقع، ولو حذا الجميع حذوهم لحذف كل تراث العرب، بما فيه الكتب والمصادر التاريخية والمؤلفات الدينية من كتب الحديث وغيرها، لأنها كلها مستندة إلى "حدثنا" و"ثنا" و"عن" و"نا"، أي على سلاسل من الرواة.
لم يصدق قاريء آخر الرواية، لأن الشيعيات حذرات ولا يتركن فرصة لأحد للإعتداء عليهن، كما يقول، ومع احترامي للقاريء فيبدو لي بأن جذور هذا الاعتراض قبلية، إذ تضع المسئولية عن تعرض المرأة للاعتداء عليها، ونلاحظ في المجتمعات القبلية، في العراق وغيره، بأنهم يحملون المرأة جريرة اغتصابها، وغالباً ما تقتل غسلاً للعار، وهذا جرم عظيم، ومقترفه كمن قتل الناس جميعاً، ونحن هنا أمام خيار: أما أن نكون مسلمين شيعة مؤمنين ملتزمين أو أن نكون قبليين، عندما نخير بين تطبيق شرع وعدالة الله وبين أعراف القبيلة نميل إلى أعرافنا، ولا نكون بذلك أفضل من الوهابية التي هي امتداد لقبلية الجاهلية تحت قشور دينية.
واقعنا مرير، ما جرى في العراق بالأمس من ذبح للشيعي على الهوية وتهجير جماعي وتفجير لمراقد الأئمة من أهل البيت، وما يحدث في البحرين اليوم وعلى مرآى ومسمع من العالم من قتل وظلم واضطهاد وتدنيس للحرمات وهدم مساجد ونبش قبور لا يصدقه العقل، فهل يشك أحد بأن ما يجري في الخفاء أعظم؟ لا يكون التغيير والاصلاح بالسكوت والطمس بل بالكشف والإعلان، وإن ميل بعض الشيعة - وأتمنى أن لا يكونوا كثرة - إلى التغاضي والتغافل عن بعض حقائق أوضاعهم ومصارحة الذات بنواقصهم وعيوبهم ومن اهمها انقسامهم ونزعتهم القبلية هو بتقديري السبب الرئيسي لتخاذلهم أمام أعدائهم واستمرار اضطهادهم وضياع حقوقهم وامتهان كرامتهم، هنالك رمال كافية في الصحراء العربية لكي ندفن فيها رؤوسنا، أو ليدفننا أعداؤنا فيها، أما المتخاذلون فليعملوا بحكمة المنافقين الإنكليز: إن لم تقدر عليهم انضم لهم!
6 نيسان 2011م

هادي
05-11-2011, 04:16 PM
هذا الكلام اقرب الى الاشاعات منه للحقيقة..وليس كل ما يكتب صحيح..