المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اخلعوا الفلوجة مثل ما تخلعون جواربكم المتسخة!!



جمال
11-03-2004, 08:01 AM
مالوم ابو رغيف - كتابات

يعتقد الكثيرون ان المشكلة الان هي الفلوجة ،وان حلها ،سلميا او عسكريا ،كفيل بانهاء اعمال القتل والتفجير التي يشهدها العراق يوميا.
اذا الحكومة استطاعت استعادة المدينة باي طريقة كانت عسكرية او سلمية فلن يغير هذا من الامر شيئا،فالمدينة قد اصيبت بالجذام والجرب ،المذهب السلفي اللعين والبعث الهمجي ولن ينفع معها اي علاج سوى علاج العزل التام كما يعزل الاجرب في مستعمرة الجذام.

ان استطاعت الحكومة ان تطهر المدينة من البهائم المفخخة فانها لن تستطيع القضاء كليا على الكلاب المسعورة التي تعض على حين غفلة ومن دون سابق انذار وتبقى خطرا كامنا لا يمكن التنبؤ به.وسنشهد حالة من الاغتيالات والتصفيات التي بدات تتصاعد منذرة بخطر قادم سيطول كل الاحزاب والمنظمات السياسية والمدنية والدينية والموظفين الحكوميين .

رغم ان هذه المدينة جدباء قاحلة حتى من الفكر ومن الثقافة والخيال الشعبي ،الا ان حالة اهلها المعيشية اعلى من حالة متوسطي الدخل لبقية العراقيين حسب ما يقول غازي عجيل الياور،ولن يرضى سكانها باقل من هذا المستوى من المعيشة بل يطمحون الحصول على امتيازات ثانوية ثمنا لابعاد اصابعهم النتنة عن زناد بنادقهم الغادرة ،مما يعني عملية ابتزاز لاي حكومة قادمة ترتأي ان الموارد والثروات يجب ان تتوزع حسب احتياجات المدن وحسب ما تنتجه من ثروات وما تدفعه من ضرائب،وان لم تفعل فستستمر هذه المدينة على غدرها ومكرها حتى تنال المراد اذا لم ينزع سلاحها بالكامل ربما حتى سكاكين مطابخها.

هذه الحالة تميز جميع مدن المثلث التي استأثرت بكامل موارد العراق الزراعية والمعدنية والسياحية دون ان تقدم شيئا حتى من ضريبة الدم الواجبة على كل عراقي في حالة الحروب،وتقاتل الان من اجل الهمينة والسيطرة دون مؤهلات لا عددية ولا ثروات ،كل ما تملكه هذه المدن هو عدد غفير من الجنرالات والضباظ الذين يتباكى عليهم بعض المغفليين ويعملون ما باستطاعتهم لارجاعهم الى وظائفهم. لقد كانت مدينة الفلوجة واخواتها الجاحدات فما مفتوحا يبتلع كل شيئ دون ان النطق حتى بكلمة امتنان واحدة .

الفلوجة بالنسبة للشعب العراقي ليست سوى مدينة منسية ليس لها اهمية لا في التاريخ القديم ولا في التاريخ الحديث ولم تلعب دورا يذكر في الاحداث السياسية العراقية الهامة اوغير الهامة.وليس لموقعها الجغرافي شيئ يميزه عن سواه ولا لسكانها على الصعيد الفني او الفلكلوري او الشعبي مساهمة متميزة...يستطيع العراقي ان يفصلها من ذاكرته بكل سهولة ويخلعها هي واهلها ومساجدها كما يخلع جورابه المتسخ .

الفلوجة لا تشكل تحدي للاغلبية العراقية عربا وكردا ومكونات اخرى لا في دينها السلفي المتخلف الذي اختارته لتكون كالعنزة المصابة بالجرب،ولا في انظمامها الطوعي لمعسكر البعث الهمجي...يستطيع العراقي ان يفرض عليها طوقا من العزلة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ،فلا ينتخب اي قائمة تتضمن فلوجي واحد ،يجعلها تموت في قيودها السلفية والوهابية ووقذارتها البعثية ،وان لا يسمح لاهلها الاختلاط ولا يبادلهم الكلام ولا يمنحهم الاعمال ولا يمر بطرقها الغادرة وان يحولها الى مسخرة وخزي ان اراد ذلك ...

يستطيع ان لا يمنح اي فلوجي ثقته ويخلعه من جيرته ومن دائرة افكاره ومن علاقاته..يستطيع العراقي ان يمسحها من ذاكرته ومن كتبه المدرسية ومن الخارطة الاجتماعية والسياسية دون ان تعتريه خلجة ندم بعد كل ما جرى وما يجري في دهاليزها الحاقدة ،وبعد مواقف شيوخ دينها الشاذين او بعثييها المجرميين..بل يستطيع اكثر من هذا ان يضع من يتعامل معها بقائمة سوداء تستوجب المقاطعة التامة.

هي تهم الحكومة العراقية فقط ،وتشكل تحدي لها ولهيبتها ،اما نحن فلم يعد يهمنا ما يحصل لاهلها ولا لبيوتها ولا لمجاهديها ولا لبعثييها فلقد سقطت هذه المدينة سقوطا مخزيا مجلجلا ،سقوطا اخلاقيا وانسانيا واختارت ان تكون داعرة عاهرة لا يشرف احد الانتساب اليها ولا ان تُنسب اليه او تحسب على مدنه او قراه ولا ان تكون جزء من تاريخه ،وستبقى ذاكرتنا مثقلة بسفالة المدينة ومنظر اهلها وهم يحملون صور المجرم صدام وعواء جوامعها التي تحولت الى سلخانات لذبح البشر وقطعانها وهم يسحلون الضحايا في الشوارع .

انها تهم الحكومة فقط ان هي قررت ان تستعيدها او تشكمها وتحكمها وتمنع اذاها عن الاخرين ،لكن المدينة واهلها يبقون موضع شك وريبة الى ازمان قد تكون ابدية فبغضنا لمن قتل الحسين لازال متأججا فكيف بمدينة ابعد ما يطمح اليه سكانها هو فنائنا .؟لا احد يستطيع ان يفرض على الناس ان يودوا من كان جزاء تضامنهم معها غدرا وخيانة وتقتيل ،فلقد ولى زمن الخوف والمجاملات ونكران الحقائق ...بل ان اول خطوة في الاصلاح هو قول الحقيقة وتحميل الفاعل وزر فعلته لا تبريرها له ..وحقيقة المدينة الجحود وصفة اهلها الغدر فعلام هذه المجاملات الفارغة.؟وهل يوجد بعد اليوم من يثق بفلوجي واحد بعد غدرها بالسائقين الستة من سكان مدينة الثورة.؟

هي ليست مخطوفة من قبل الارهابين كما يتوهم البعض ،بل دار ضيافة لهم ،فلم نسمع من اهلها كلمة نجدة لانقاذهم ولا ادانة لمن خطف مدينتهم ، ولا من رجال دينها من شذ عن شورة مجاهديها ، ولا من سياسيها من ادان ما يحصل وفضح ما يُخطط لقتل العراقيين ...لانهم كانوا بعيدين عن عذابات العراقيين وعن نكباتهم كانت المدينة تنعم بما يسرقه البعث من افواه الجياع ، مجرد مقارنة بسيطة بين خرائب الجنوب وبين بيوتها وفللها العامرة وشوارعها المرصوفة ستجدون الجواب..

مغفل من قال ان صادم كان عادل بظلمة متملق من قال هذا وكاذب دجال...لم يكن عادل حتى في ظلمه فلو كان عادل لرأينا مقبرة واحدة تضم بضعة انفار ولصادفنا في هروبنا الابدي مجاميع من اهل هذه المدن ...نعم صادفنا البعض وكان جلهم من الشيوعيين فقط ...وهم استثناء ولكونهم استثناء خرق القاعدة حكم عيهم بالموت او التشريد.. الاخوة والوطنية والعلاقات الانسانية تتجذر وتتقوى وقت المصائب والنكبات وتضعف وتزول ان لم يقف الانسان مع اخيه الانسان فما بالك من شارك ويشارك بذبحه ...