هادي الموسوي
04-30-2011, 12:57 AM
خطب الجمعة :آية الله السيد عبد الله الغريفي
لا أحد يدعو إلى إقامة حكومة ولاية الفقيه في البحرين - لا زال اعتقال النساء مستمرًا - كلمة حول هدم المساجد - أحكام الإعدام:
تاريخ: 2011-04-28 م
بسم الله الرّحمن الرّحيم
الحمد لله ربِّ العالمين وأفضل الصلوات على سيد الأنبياء والمرسلين محمدٍ وعلى آله الهداة الميامين.
نتناول بعض عناوين :
لا أحد يدعو إلى إقامة حكومة ولاية الفقيه في البحرين:
من المقولات التي يُروَّج لها هذه الأيام، ولا أساس لها من الصحة مقولة تحاول أن تنسب للبعض (الدعوة إلى إقامة حكومة ولاية الفقيه في البحرين) وهذا افتراءٌ محض، والذين يُروِّجون له ينطلقون من أحد دافعين:
الدافع الأول:
الكيد للطائفة أو لبعض رموزها أو لحراكها السّياسي من خلال تلبيسها بتهمة الدعوة إلى حكومة ولاية الفقيه في البحرين، إنّ أسلوب التهم والإشاعات الكاذبة من أخطر الأساليب التي تمارس في الواقع السّياسي من أجل الإسقاط والمحاصرة والإلغاء والمصادرة، وهذا ما تزدحم به كلّ المعتركات الدينية والثقافية والاجتماعية والسّياسية..
وتحاول هذه الأكذوبة أن تركّز الاتهام ضدّ بعض الرموز الدينية الشاخصة المتصدّية للشأن الديني والسّياسي، بهدف ضربها وإفشال أدوارها المدافعة عن مصالح هذا الشعب...
إنّني أتحدّى وبقوّة أن يأتي أصحابُ هذه الشائعات الكاذبة بنصٍ واحدٍ لرمزٍ ديني من رموزنا البارزين يحمل دعوة صريحة أو مُبطَّنة لإقامة حكومة ولاية الفقيه في البحرين، إنّه مِن الغباء السّياسي أن نفكّر بهذا التفكير في بلدٍ مكوّناته المذهبية لا تسمح بذلك، فأيّ مبرّر عقلي أو شرعي أو سياسي يسوّغ لنا أن نطرح هذا الخيار، فضلًا أن نسعى لتحقيقه وفرضه على الواقع.
الدافع الثاني:
الجهل الفاضح من خلال الخلط بين مسألتين:
- مسألة المعالجة الفقهيّة والفكرية لنظرية ولاية الفقيه.
- مسألة الدعوة لإقامة حكومة ولاية الفقيه.
فالفارق بين المسألتين كبيرٌ جدًا، ولكلّ واحدةٍ شروطها الخاصة، والخلط بينهما يعبّر عن جهلٍ فاضح أو وراءه هدفٌ سيِّئ كما ذكرنا في الدافع الأول.
ولكي أكون أكثر وضوحًا أتناول المسألتين بشكلٍ موجز:
المسألة الأولى:
المعالجة الفقهيّة لنظرية ولاية الفقيه:
عالج الفقه الشيعي هذه المسألة منذ زمنٍ طويل، وقد تعدّدت الرؤى الاجتهادية حولها، حتّى تمركزت في المرحلة المعاصرة ضمن ثلاث نظريات فقهية:
1) النظريّة الأولى:
لا ولاية للفقهاء إلّا في دائرة الأمور الحسبيّة فقط في أمثال:
- المرافعات وفصل الخصومات.
- الوقوفات التي لا متولّي لها.
- حفظ أموال اليتامى والغائبين مع عدم وجود المتصدّي لحفظها..
2) النظريّة الثانية:
للفقهاء ولاية على شؤون الحكم، ولكن ليس بشكلٍ مطلق، وإنّما في حدود ما يتوقّف عليه حفظ النظام.
3) النظريّة الثالثة:
للفقهاء ولاية شرعية عامّة تتّسع لتشمل جميع الشؤون الاجتماعية والتربوية والاقتصادية والسّياسية والتنظيمية، والحياتية بشكلٍ عام...
هذه ثلاث نظريات تتحرّك في أجواء الدراسات الفقهيّة المعاصرة لدى فقهاء الشيعة، ولكلٍّ أدلته التي يعتمدها في إثبات رأيه.. وحرية البحث العلمي تسمح لكلِّ فقيه أو عالمٍ أو دارسٍ أن يمارس اختياره ما دام يملك القدرة على الممارسة الفقهيّة الاستنباطيّة.
ولا يعني الخوض الفقهي في مسألة ولاية الفقيه والدفاع عنها هو الدعوة إلى إقامة حكومة ولاية الفقيه، كما سنوضِّح ذلك في المسألة التالية.
المسألة الثانية:
الدعوة إلى إقامة حكومة ولاية الفقيه:
وكما قلنا لا ملازمة بين المعالجة الفقهيّة لمسألة ولاية الفقيه، والدعوة إلى ممارستها تطبيقًا وعملًا، وحتّى الذين يتحمّسون لهذه النظريّة ويتبنّونها فقهيًا بقوة ليس بالضرورة يمارسون الدعوة إلى إقامة حكومة ولاية الفقيه لعدم توافر الشروط الموضوعيّة التي تسمح بالممارسة والتطبيق...
دعوني أسوق لكم هذين الشاهدين المعاصرين:
الشاهد الأول:
عدد من كبار فقهاء الحوزة في النجف الأشرف وعلى رأسهم مرجع الطائفة الكبير آية الله العظمى السَّيد السيستاني، يتبنّون فقهيًا نظرية ولاية الفقيه (على خلافٍ في مساحة هذه الولاية) إلّا أنّنا لم نسمع طيلة هذا التاريخ أنّ أحدًا من هؤلاء الفقهاء العظام دعا إلى إقامة حكومة ولاية الفقيه في العراق، لأنّ هذه الدعوة لا تملك مبرّراتِها الموضوعيّة، فمكوّنات الشعب العراقي وتعدّدياته الطائفيّة والمذهبيّة والقوميّة لا تسمح بذلك، إلّا أنّ هذا لا يمنع أن تتحرّك البحوث الفقهيّة في حوزة النجف الأشرف قبولًا ورفضًا، وإبرامًا ونقضًا حول مسألة ولاية الفقيه، وما سمعنا في العراق ولا في غير العراق من يتّهم علماء وفقهاء النجف بأنّهم يدعون ويخطّطون لإقامة حكومة ولاية الفقيه في العراق، كما نسمع ذلك من مهرّجين كثر في بلدنا البحرين.. لمجرّد أنّ عالمًا تحدّث عن ولاية الفقيه أو دافع عنها، وفق قناعة علمية أو فكرية قد تكون صائبة أو خاطئة..
الشاهد الثاني:
وإذا اتّجهنا إلى لبنان فإنّنا نجد مرجعًا كبيرًا كآية الله العظمى السيّد محمد حسين فضل الله يؤمن بولاية الفقيه (وإن كان وِفق النظريّة الثانية) ويدافع عنها بقوّة في بحوثه العلمية، وفي محاضراته، وندواته، ومقابلاته، وفي كتاباته ومؤلّفاته، إلّا أنّه لم يَدْعُ في يومٍ من الأيام إلى إقامة حكومة ولاية الفقيه في لبنان، بل لم يَدْعُ إلى حكومة دينيّة؛ كون لبنان مُعَقَّد التكوين والتركيب، بتعدّداته الطائفية، ومكوّناته الدينيّة، ممّا لا يسمح بقيام حكومةٍ دينيّة، فضلًا عن حكومة ولاية الفقيه..
وهكذا في البحرين:
ما المشكلة أن يتحدّث فقيه أو عالم أو خطيب أو مفكّر أو مثقّف عن ولاية الفقيه، كما هو الحديث عن أيّ نظريةٍ من نظريات الدين والثقافة والاجتماع والسّياسة، أليس هذا جزءٌ من حرّية التعبير، فلماذا يُصادر هذا الحق، وتُصادر هذه الحرية، من حقّ الآخرين أن يُمارسوا النقد ومن حقّ الآخرين أن يُمارسوا الرفض المطلق لنظرية ولاية الفقيه، ولكن ليس من حقّ نظامٍ حاكمٍ أو أيّ موقعٍ آخر أن يصادر حقي وحريّتي في الحديث عن أيّ قناعة فقهية أو ثقافية أو سياسية ما دامت لا تُسيئ إلى الآخر، وما دامت لا تُصادر حرية الآخر..
وأكرّر القول أنّنا حينما نتحدّث عن ولاية الفقيه، أو حينما يدافع بعضنا عن هذه النظرية، فلا يعني ذلك إطلاقًا الدعوة إلى إقامة حكومة ولاية الفقيه في هذا البلد المتعدّد المكوّنات والمذاهب، ولا نقول هذا مداهنة أو مجاملةً أو إرضاءً لحكم أو لأيّ طرفٍ آخر، إنّما هي القناعة التي تشكّلت لدينا من خلال قراءةٍ موضوعيّة محسوبة النتائج..
أنا واثقٌ أنّ هذا الكلام سوف تواجهه أصواتٌ مصرّة كلّ الإصرار على القذف والإساءة والاتهام لأنّها غير مستعدّة أن تتعامل بعقلانية وشفافية مع الآخر الذي يختلف معها.
إنّ وراء هذا الإصرار على الإساءة والاتهام أحيانًا أغراض سياسية، تحاول أن تخلط الأوراق، وأن تربك الحراك الشعبي في المطالبة بالحقوق والدعوة إلى الإصلاح...
وربّما يكون وراءها – كما تقدّم القول – جهلٌ فاضح في عدم التفريق بين طرح الرؤية الفقهية والفكرية وبين الدعوة إلى الممارسة والتطبيق، فليس كلّ من تحدّث عن ولاية الفقيه أو دافع عنها هو بالضرورة يدعو إلى إقامة حكومة ولاية الفقيه في هذا البلد أو في ذلك البلد، وقد ذكرنا شواهد على ذلك، وأتمنّى أن يستوعب العقلاء هذا الكلام، لكي لا ندفع في اتجاه مزيدٍ من الشّحن والتحريض والقذف الأمر الذي يضرّ بوحدة هذا الوطن، وبأمنه واستقراره، وحتّى لا نصنِّف مساحة كبيرة من أبناء هذا البلد ضمن قائمة الأعداء والمناوئين، وما أسهل على البعض حتّى وإن اتّهم نصف الشعب بالخيانة والعمالة للخارج، ما دام ذلك يُرضى نوازعه المشحونة بالحقد، والضغينة، والكراهية...
لا زال اعتقال النساء مستمرًا:
إنّ استمرار عمليات الاعتقال في صفوف النساء أمرٌ يبعث على القلق الشديد، وقد طال هذا الاعتقال طبيباتٍ، وممرّضاتٍ، ومديراتٍ، ومعلّماتٍ، وطالباتٍ، ومواقع أخرى...
إنّ اعتقال النساء، وبطريقةٍ قاسية، أمرٌ مضرٌّ جدًا بسمعةِ هذا البلد، فتاريخه لم يشهد هذا النمط من السلوك، وأعرافه وتقاليده لا تقرّ هذا اللون من الممارسات، وقيمه الدينية تحذّر من التعدّي على الحرمات والأعراض، مهما كان المبرّرات، خاصة أنّنا لا نفهم أسبابًا واضحةً سوى المشاركة في مسيرة أو اعتصام أو إضراب، وهذه حقوق مشروعة بحسب الميثاق والدستور ما دامت في الأطر السلمية..
وإذا صحَّ ما يُشاع من تعرّض هؤلاء النسوة إلى إهاناتٍ، وضغوطات نفسية وجسدية في داخل المعتقلات فهذا أمرٌ في غاية السوء...
إنّنا ومن أجل مصلحة هذا الوطن، وحماية لسمعته نطالب بإيقاف الملاحقات والاعتقالات في صفوف النساء، كما نطالب بالإطلاق الفوري لسراح النساء السجينات..
إنّ استمرار هذا الخيار قد خلق موجاتٍ شديدة من الاستياء والغليان، الأمر الذي لا يُساهم في تعزيز الأمن والاستقرار، فإذا كان هناك رغبة جادّة في الدفع بهذا البلد في اتّجاه الانفراج والهدوء والاستقرار، فلا شكّ أنّ إنهاء هذا الملف، وغيره من ملفات كثيرة يؤسّس لهذا الانفراج والاستقرار.
و إذا كان قانون السلامة الوطنيّة، أو قانون الأحكام العرفيّة يفرض استثناءاتٍ أمنيّة، فهذا لا يعني تجاوز المألوف الديني والقيمي والعرفي، بما يتنافى مع أهداف أمن وسلامة الوطن، وأمن وسلامة المواطنين...
كلمة حول هدم المساجد:
يُحاول الخطاب الرسمي أن يبرّر ما حدث للمساجد والحسينيّات بأنّه تصحيح لأوضاعٍ غير قانونيّة، فما تمَّ إزالته ليس إلّا كابينات ومبانٍ ومنشآت غير مرخّصة، وربّما تجاوزت على أملاك الغير، ثمّ إنّ ما تمّ إزالته لا يخصّ مذهبًا معيّنًا...
ولنا بعض ملاحظات لا نهدف من ورائها تشويه وجه الوطن أو إثارة فتنة أبناء الدين الواحد:
أولًا:
أكّد الخطاب الرسمي أنّ ما تمّ إزالته لا يخصّ مذهبًا معيّنًا، إلّا أنّه لم يتّضح لنا بعد أسماء مساجد هدمت لغير الشيعة، وإذا ثبت وجود ذلك فلا أظنّه يتجاوز بضع كبائن في مقابل ما تجاوز ثلاثين مسجدًا شيعيًا...
ثانيًا:
بعض المساجد التي هدّمت تملك تاريخًا طويلًا جدًا، وقد بنيت قبل أن تتشكّل خرائط التخطيط في البحرين كما هو الحال بالنسبة لمسجد محمد البربغي، ومساجد أخرى، ثمّ إنّ كلّ المساجد التي بنيت قبل مرحلة التخطيط لا تتوفّر على إجازات بناء، فهل يجب هدم جميع مساجد البحرين..
ثالثًا:
وفق المعلومات التي توفّرت لدينا فإنّ أغلب المساجد التي تمَّ هدمها وإزالتها لا تحمل مخالفات قانونيّة – ونترك الأمر لتأكيدات إدارة الأوقاف الجعفريّة - ، ويمكن تصنيفها على النحو التالي:
1) مساجد تاريخيّة قديمة أسّست قبل وجود خرائط التخطيط كما هو الحال بالنسبة لمسجد الشيخ محمد البربغي..
2) مساجد تملك وثائق رسميّة كمسجد الإمام عليّ في مدينة زايد، ومسجد الزّهراء في مدينة حمد، ومسجد الوطية في الماحوز، ومساجد أخرى...
3) مساجد تملك شهادات مسح رسميّة كمسجد السّيدة زينب في مدينة حمد، ومسجد الإمام العسكري في مدينة حمد، ومسجد الإمام الصّادق في النويدرات، ومساجد أخرى.
4) مساجد تملك مخطّطات رسميّة كمسجد الإمام الهادي في النويدرات، ومسجد أبي طالب في مدينة حمد ومساجد أخرى...
5) مساجد تملك طلبات تخصيص من إدارة الأوقاف كمسجد السّيدة زينب في مدينة حمد، ومسجد سلمان المحمدي في مدينة حمد...
6) مساجد تملك مراجعات مع إدارة التخطيط، كما هو الحال بالنسبة لمسجد العابد، حيث تمّ استحداث شارع للمسجد، مع توفير مواقف للسيارات.
7) مساجد تمتلك وثيقة ملكيّة من الديوان الملكي، كما هو الحال بالنسبة لمسجد الإمام علي، ومسجد الإمام الهادي، ومسجد الإمام العسكري في مدينة حمد.
فهل بعد هذا يُقال أنّ ما تمّ هدمه وإزالته مجرّد كابينات ومنشآت ومبانٍ غير قانونيّة!
رابعًا:
وإذا سلّمنا بوجود مخالفات قانونية في بناء بعض دور العبادة، فهل الأسلوب الذي تمّ من خلاله التعامل مع هذه المواقع التي تحمل عنوان المساجد هو تعبير يتناسب مع أماكن أعدّت للعبادة والصلاة وذكر الله تعالى، أما كان هناك أسلوبٌ آخر يعتمد التفاهم مع إدارة الأوقاف الجعفرية لتصحيح الأوضاع إن ثبت وجود مخالفات قانونيّة.
خامسًا:
ما وُجد في الخطاب الرسمي تبريرًا لبعض عمليات الهدم، أنّ هناك تجاوزات على أملاك الغير، غير أنّ هذا الكلام لم نتوفّر له على أيّ مصداقية تثبت ذلك..
ولو سُلّم هذا الأمر، فطريقة المعالجة أن يتمّ التفاهم مع إدارة الأوقاف الجعفرية أو مع القائمين على شؤون هذه المواقع، وليس بالطريقة التي تمّت.
سادسًا:
هناك مساجد تمّ الاعتداء عليها، وكُسّرت جميع محتوياتها، وعبث بممتلكاتها، فهل يمكن أن نفهم تبريرًا لذلك؟
سابعًا:
ثمّ ما تفسير الاعتداء على عددٍ كبير من الحسينيات في الكثير من المناطق، وممارسة التكسير، والتخريب، والعبث بالمحتويات؟
وما تفسير إزالة المظلاّت التابعة لبعض الحسينيّات ولا تشكّل أيّ إعاقةٍ للمرور، بل هي لمصلحة الناس، وإذا كانت في حاجةٍ إلى تعديل أوضاعها القانونية، فيمكن أن يتمّ ذلك بغير ذلك..
وكذلك الأمر بالنسبة لمضايف الحسينيّة...
و أخيرًا:
ما نتمنّاه أن يُعاد بناء المساجد التيّ تمّ هدمها وإزالتها، وأن تعوّض كلّ الخسائر التي أصابت الحسينيات وملحقاتها... وفي هذا تأكيدٌ لحسن النوايا وتخفيف من موجات السخط والاستياء، ودفع الأمور في اتّجاه التصحيح، والمعالجات الحكيمة...
أحكام الإعدام:
بقلقٍ كبير، وألمٍ شديد تلقّينا خبر أحكام الإعدام الصادرة في حقّ مجموعة من الشباب، وسوف نترك الآن الحديث عن مسار التحقيقات، ومسار المحاكمات رغم وجود الكثير من التساؤلاتِ الكبيرة، ونترك ذلك للمنظمات الحقوقية، ما نريد أن نؤكّده هنا أنّ هذا النوع من الأحكام لن يقود البلد في اتّجاه الانفراج، بقدر ما يدفع نحو مزيدٍ من التأزّم والتوتر والاحتقان والغليان، خاصّة والبلد يمرّ بأوضاعٍ في غاية التعقيد، فصدور أحكام إعدامٍ في مثل هذه الظروف المشحونة بالحساسيّات والانفعالات سوف يكون مصدر شحنٍ وتأجيج..
إنّنا نطالب – وحرصًا على أمن هذا الوطن – بإعادة النظر في هذه الأحكام أو بإيقاف التنفيذ، خشية أن يكون الإقدام على ذلك سببًا في حدوث تداعيات ضارّة بمصلحة هذا الوطن، إنّ مزيدًا من الدماء سوف يخلق مزيدًا من معاناة هذا الشعب ومزيدًا من أزماته وتعقيداته، ومزيدًا من انفعالاته وتشنّجاته وتوتّراته..
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين..
لا أحد يدعو إلى إقامة حكومة ولاية الفقيه في البحرين - لا زال اعتقال النساء مستمرًا - كلمة حول هدم المساجد - أحكام الإعدام:
تاريخ: 2011-04-28 م
بسم الله الرّحمن الرّحيم
الحمد لله ربِّ العالمين وأفضل الصلوات على سيد الأنبياء والمرسلين محمدٍ وعلى آله الهداة الميامين.
نتناول بعض عناوين :
لا أحد يدعو إلى إقامة حكومة ولاية الفقيه في البحرين:
من المقولات التي يُروَّج لها هذه الأيام، ولا أساس لها من الصحة مقولة تحاول أن تنسب للبعض (الدعوة إلى إقامة حكومة ولاية الفقيه في البحرين) وهذا افتراءٌ محض، والذين يُروِّجون له ينطلقون من أحد دافعين:
الدافع الأول:
الكيد للطائفة أو لبعض رموزها أو لحراكها السّياسي من خلال تلبيسها بتهمة الدعوة إلى حكومة ولاية الفقيه في البحرين، إنّ أسلوب التهم والإشاعات الكاذبة من أخطر الأساليب التي تمارس في الواقع السّياسي من أجل الإسقاط والمحاصرة والإلغاء والمصادرة، وهذا ما تزدحم به كلّ المعتركات الدينية والثقافية والاجتماعية والسّياسية..
وتحاول هذه الأكذوبة أن تركّز الاتهام ضدّ بعض الرموز الدينية الشاخصة المتصدّية للشأن الديني والسّياسي، بهدف ضربها وإفشال أدوارها المدافعة عن مصالح هذا الشعب...
إنّني أتحدّى وبقوّة أن يأتي أصحابُ هذه الشائعات الكاذبة بنصٍ واحدٍ لرمزٍ ديني من رموزنا البارزين يحمل دعوة صريحة أو مُبطَّنة لإقامة حكومة ولاية الفقيه في البحرين، إنّه مِن الغباء السّياسي أن نفكّر بهذا التفكير في بلدٍ مكوّناته المذهبية لا تسمح بذلك، فأيّ مبرّر عقلي أو شرعي أو سياسي يسوّغ لنا أن نطرح هذا الخيار، فضلًا أن نسعى لتحقيقه وفرضه على الواقع.
الدافع الثاني:
الجهل الفاضح من خلال الخلط بين مسألتين:
- مسألة المعالجة الفقهيّة والفكرية لنظرية ولاية الفقيه.
- مسألة الدعوة لإقامة حكومة ولاية الفقيه.
فالفارق بين المسألتين كبيرٌ جدًا، ولكلّ واحدةٍ شروطها الخاصة، والخلط بينهما يعبّر عن جهلٍ فاضح أو وراءه هدفٌ سيِّئ كما ذكرنا في الدافع الأول.
ولكي أكون أكثر وضوحًا أتناول المسألتين بشكلٍ موجز:
المسألة الأولى:
المعالجة الفقهيّة لنظرية ولاية الفقيه:
عالج الفقه الشيعي هذه المسألة منذ زمنٍ طويل، وقد تعدّدت الرؤى الاجتهادية حولها، حتّى تمركزت في المرحلة المعاصرة ضمن ثلاث نظريات فقهية:
1) النظريّة الأولى:
لا ولاية للفقهاء إلّا في دائرة الأمور الحسبيّة فقط في أمثال:
- المرافعات وفصل الخصومات.
- الوقوفات التي لا متولّي لها.
- حفظ أموال اليتامى والغائبين مع عدم وجود المتصدّي لحفظها..
2) النظريّة الثانية:
للفقهاء ولاية على شؤون الحكم، ولكن ليس بشكلٍ مطلق، وإنّما في حدود ما يتوقّف عليه حفظ النظام.
3) النظريّة الثالثة:
للفقهاء ولاية شرعية عامّة تتّسع لتشمل جميع الشؤون الاجتماعية والتربوية والاقتصادية والسّياسية والتنظيمية، والحياتية بشكلٍ عام...
هذه ثلاث نظريات تتحرّك في أجواء الدراسات الفقهيّة المعاصرة لدى فقهاء الشيعة، ولكلٍّ أدلته التي يعتمدها في إثبات رأيه.. وحرية البحث العلمي تسمح لكلِّ فقيه أو عالمٍ أو دارسٍ أن يمارس اختياره ما دام يملك القدرة على الممارسة الفقهيّة الاستنباطيّة.
ولا يعني الخوض الفقهي في مسألة ولاية الفقيه والدفاع عنها هو الدعوة إلى إقامة حكومة ولاية الفقيه، كما سنوضِّح ذلك في المسألة التالية.
المسألة الثانية:
الدعوة إلى إقامة حكومة ولاية الفقيه:
وكما قلنا لا ملازمة بين المعالجة الفقهيّة لمسألة ولاية الفقيه، والدعوة إلى ممارستها تطبيقًا وعملًا، وحتّى الذين يتحمّسون لهذه النظريّة ويتبنّونها فقهيًا بقوة ليس بالضرورة يمارسون الدعوة إلى إقامة حكومة ولاية الفقيه لعدم توافر الشروط الموضوعيّة التي تسمح بالممارسة والتطبيق...
دعوني أسوق لكم هذين الشاهدين المعاصرين:
الشاهد الأول:
عدد من كبار فقهاء الحوزة في النجف الأشرف وعلى رأسهم مرجع الطائفة الكبير آية الله العظمى السَّيد السيستاني، يتبنّون فقهيًا نظرية ولاية الفقيه (على خلافٍ في مساحة هذه الولاية) إلّا أنّنا لم نسمع طيلة هذا التاريخ أنّ أحدًا من هؤلاء الفقهاء العظام دعا إلى إقامة حكومة ولاية الفقيه في العراق، لأنّ هذه الدعوة لا تملك مبرّراتِها الموضوعيّة، فمكوّنات الشعب العراقي وتعدّدياته الطائفيّة والمذهبيّة والقوميّة لا تسمح بذلك، إلّا أنّ هذا لا يمنع أن تتحرّك البحوث الفقهيّة في حوزة النجف الأشرف قبولًا ورفضًا، وإبرامًا ونقضًا حول مسألة ولاية الفقيه، وما سمعنا في العراق ولا في غير العراق من يتّهم علماء وفقهاء النجف بأنّهم يدعون ويخطّطون لإقامة حكومة ولاية الفقيه في العراق، كما نسمع ذلك من مهرّجين كثر في بلدنا البحرين.. لمجرّد أنّ عالمًا تحدّث عن ولاية الفقيه أو دافع عنها، وفق قناعة علمية أو فكرية قد تكون صائبة أو خاطئة..
الشاهد الثاني:
وإذا اتّجهنا إلى لبنان فإنّنا نجد مرجعًا كبيرًا كآية الله العظمى السيّد محمد حسين فضل الله يؤمن بولاية الفقيه (وإن كان وِفق النظريّة الثانية) ويدافع عنها بقوّة في بحوثه العلمية، وفي محاضراته، وندواته، ومقابلاته، وفي كتاباته ومؤلّفاته، إلّا أنّه لم يَدْعُ في يومٍ من الأيام إلى إقامة حكومة ولاية الفقيه في لبنان، بل لم يَدْعُ إلى حكومة دينيّة؛ كون لبنان مُعَقَّد التكوين والتركيب، بتعدّداته الطائفية، ومكوّناته الدينيّة، ممّا لا يسمح بقيام حكومةٍ دينيّة، فضلًا عن حكومة ولاية الفقيه..
وهكذا في البحرين:
ما المشكلة أن يتحدّث فقيه أو عالم أو خطيب أو مفكّر أو مثقّف عن ولاية الفقيه، كما هو الحديث عن أيّ نظريةٍ من نظريات الدين والثقافة والاجتماع والسّياسة، أليس هذا جزءٌ من حرّية التعبير، فلماذا يُصادر هذا الحق، وتُصادر هذه الحرية، من حقّ الآخرين أن يُمارسوا النقد ومن حقّ الآخرين أن يُمارسوا الرفض المطلق لنظرية ولاية الفقيه، ولكن ليس من حقّ نظامٍ حاكمٍ أو أيّ موقعٍ آخر أن يصادر حقي وحريّتي في الحديث عن أيّ قناعة فقهية أو ثقافية أو سياسية ما دامت لا تُسيئ إلى الآخر، وما دامت لا تُصادر حرية الآخر..
وأكرّر القول أنّنا حينما نتحدّث عن ولاية الفقيه، أو حينما يدافع بعضنا عن هذه النظرية، فلا يعني ذلك إطلاقًا الدعوة إلى إقامة حكومة ولاية الفقيه في هذا البلد المتعدّد المكوّنات والمذاهب، ولا نقول هذا مداهنة أو مجاملةً أو إرضاءً لحكم أو لأيّ طرفٍ آخر، إنّما هي القناعة التي تشكّلت لدينا من خلال قراءةٍ موضوعيّة محسوبة النتائج..
أنا واثقٌ أنّ هذا الكلام سوف تواجهه أصواتٌ مصرّة كلّ الإصرار على القذف والإساءة والاتهام لأنّها غير مستعدّة أن تتعامل بعقلانية وشفافية مع الآخر الذي يختلف معها.
إنّ وراء هذا الإصرار على الإساءة والاتهام أحيانًا أغراض سياسية، تحاول أن تخلط الأوراق، وأن تربك الحراك الشعبي في المطالبة بالحقوق والدعوة إلى الإصلاح...
وربّما يكون وراءها – كما تقدّم القول – جهلٌ فاضح في عدم التفريق بين طرح الرؤية الفقهية والفكرية وبين الدعوة إلى الممارسة والتطبيق، فليس كلّ من تحدّث عن ولاية الفقيه أو دافع عنها هو بالضرورة يدعو إلى إقامة حكومة ولاية الفقيه في هذا البلد أو في ذلك البلد، وقد ذكرنا شواهد على ذلك، وأتمنّى أن يستوعب العقلاء هذا الكلام، لكي لا ندفع في اتجاه مزيدٍ من الشّحن والتحريض والقذف الأمر الذي يضرّ بوحدة هذا الوطن، وبأمنه واستقراره، وحتّى لا نصنِّف مساحة كبيرة من أبناء هذا البلد ضمن قائمة الأعداء والمناوئين، وما أسهل على البعض حتّى وإن اتّهم نصف الشعب بالخيانة والعمالة للخارج، ما دام ذلك يُرضى نوازعه المشحونة بالحقد، والضغينة، والكراهية...
لا زال اعتقال النساء مستمرًا:
إنّ استمرار عمليات الاعتقال في صفوف النساء أمرٌ يبعث على القلق الشديد، وقد طال هذا الاعتقال طبيباتٍ، وممرّضاتٍ، ومديراتٍ، ومعلّماتٍ، وطالباتٍ، ومواقع أخرى...
إنّ اعتقال النساء، وبطريقةٍ قاسية، أمرٌ مضرٌّ جدًا بسمعةِ هذا البلد، فتاريخه لم يشهد هذا النمط من السلوك، وأعرافه وتقاليده لا تقرّ هذا اللون من الممارسات، وقيمه الدينية تحذّر من التعدّي على الحرمات والأعراض، مهما كان المبرّرات، خاصة أنّنا لا نفهم أسبابًا واضحةً سوى المشاركة في مسيرة أو اعتصام أو إضراب، وهذه حقوق مشروعة بحسب الميثاق والدستور ما دامت في الأطر السلمية..
وإذا صحَّ ما يُشاع من تعرّض هؤلاء النسوة إلى إهاناتٍ، وضغوطات نفسية وجسدية في داخل المعتقلات فهذا أمرٌ في غاية السوء...
إنّنا ومن أجل مصلحة هذا الوطن، وحماية لسمعته نطالب بإيقاف الملاحقات والاعتقالات في صفوف النساء، كما نطالب بالإطلاق الفوري لسراح النساء السجينات..
إنّ استمرار هذا الخيار قد خلق موجاتٍ شديدة من الاستياء والغليان، الأمر الذي لا يُساهم في تعزيز الأمن والاستقرار، فإذا كان هناك رغبة جادّة في الدفع بهذا البلد في اتّجاه الانفراج والهدوء والاستقرار، فلا شكّ أنّ إنهاء هذا الملف، وغيره من ملفات كثيرة يؤسّس لهذا الانفراج والاستقرار.
و إذا كان قانون السلامة الوطنيّة، أو قانون الأحكام العرفيّة يفرض استثناءاتٍ أمنيّة، فهذا لا يعني تجاوز المألوف الديني والقيمي والعرفي، بما يتنافى مع أهداف أمن وسلامة الوطن، وأمن وسلامة المواطنين...
كلمة حول هدم المساجد:
يُحاول الخطاب الرسمي أن يبرّر ما حدث للمساجد والحسينيّات بأنّه تصحيح لأوضاعٍ غير قانونيّة، فما تمَّ إزالته ليس إلّا كابينات ومبانٍ ومنشآت غير مرخّصة، وربّما تجاوزت على أملاك الغير، ثمّ إنّ ما تمّ إزالته لا يخصّ مذهبًا معيّنًا...
ولنا بعض ملاحظات لا نهدف من ورائها تشويه وجه الوطن أو إثارة فتنة أبناء الدين الواحد:
أولًا:
أكّد الخطاب الرسمي أنّ ما تمّ إزالته لا يخصّ مذهبًا معيّنًا، إلّا أنّه لم يتّضح لنا بعد أسماء مساجد هدمت لغير الشيعة، وإذا ثبت وجود ذلك فلا أظنّه يتجاوز بضع كبائن في مقابل ما تجاوز ثلاثين مسجدًا شيعيًا...
ثانيًا:
بعض المساجد التي هدّمت تملك تاريخًا طويلًا جدًا، وقد بنيت قبل أن تتشكّل خرائط التخطيط في البحرين كما هو الحال بالنسبة لمسجد محمد البربغي، ومساجد أخرى، ثمّ إنّ كلّ المساجد التي بنيت قبل مرحلة التخطيط لا تتوفّر على إجازات بناء، فهل يجب هدم جميع مساجد البحرين..
ثالثًا:
وفق المعلومات التي توفّرت لدينا فإنّ أغلب المساجد التي تمَّ هدمها وإزالتها لا تحمل مخالفات قانونيّة – ونترك الأمر لتأكيدات إدارة الأوقاف الجعفريّة - ، ويمكن تصنيفها على النحو التالي:
1) مساجد تاريخيّة قديمة أسّست قبل وجود خرائط التخطيط كما هو الحال بالنسبة لمسجد الشيخ محمد البربغي..
2) مساجد تملك وثائق رسميّة كمسجد الإمام عليّ في مدينة زايد، ومسجد الزّهراء في مدينة حمد، ومسجد الوطية في الماحوز، ومساجد أخرى...
3) مساجد تملك شهادات مسح رسميّة كمسجد السّيدة زينب في مدينة حمد، ومسجد الإمام العسكري في مدينة حمد، ومسجد الإمام الصّادق في النويدرات، ومساجد أخرى.
4) مساجد تملك مخطّطات رسميّة كمسجد الإمام الهادي في النويدرات، ومسجد أبي طالب في مدينة حمد ومساجد أخرى...
5) مساجد تملك طلبات تخصيص من إدارة الأوقاف كمسجد السّيدة زينب في مدينة حمد، ومسجد سلمان المحمدي في مدينة حمد...
6) مساجد تملك مراجعات مع إدارة التخطيط، كما هو الحال بالنسبة لمسجد العابد، حيث تمّ استحداث شارع للمسجد، مع توفير مواقف للسيارات.
7) مساجد تمتلك وثيقة ملكيّة من الديوان الملكي، كما هو الحال بالنسبة لمسجد الإمام علي، ومسجد الإمام الهادي، ومسجد الإمام العسكري في مدينة حمد.
فهل بعد هذا يُقال أنّ ما تمّ هدمه وإزالته مجرّد كابينات ومنشآت ومبانٍ غير قانونيّة!
رابعًا:
وإذا سلّمنا بوجود مخالفات قانونية في بناء بعض دور العبادة، فهل الأسلوب الذي تمّ من خلاله التعامل مع هذه المواقع التي تحمل عنوان المساجد هو تعبير يتناسب مع أماكن أعدّت للعبادة والصلاة وذكر الله تعالى، أما كان هناك أسلوبٌ آخر يعتمد التفاهم مع إدارة الأوقاف الجعفرية لتصحيح الأوضاع إن ثبت وجود مخالفات قانونيّة.
خامسًا:
ما وُجد في الخطاب الرسمي تبريرًا لبعض عمليات الهدم، أنّ هناك تجاوزات على أملاك الغير، غير أنّ هذا الكلام لم نتوفّر له على أيّ مصداقية تثبت ذلك..
ولو سُلّم هذا الأمر، فطريقة المعالجة أن يتمّ التفاهم مع إدارة الأوقاف الجعفرية أو مع القائمين على شؤون هذه المواقع، وليس بالطريقة التي تمّت.
سادسًا:
هناك مساجد تمّ الاعتداء عليها، وكُسّرت جميع محتوياتها، وعبث بممتلكاتها، فهل يمكن أن نفهم تبريرًا لذلك؟
سابعًا:
ثمّ ما تفسير الاعتداء على عددٍ كبير من الحسينيات في الكثير من المناطق، وممارسة التكسير، والتخريب، والعبث بالمحتويات؟
وما تفسير إزالة المظلاّت التابعة لبعض الحسينيّات ولا تشكّل أيّ إعاقةٍ للمرور، بل هي لمصلحة الناس، وإذا كانت في حاجةٍ إلى تعديل أوضاعها القانونية، فيمكن أن يتمّ ذلك بغير ذلك..
وكذلك الأمر بالنسبة لمضايف الحسينيّة...
و أخيرًا:
ما نتمنّاه أن يُعاد بناء المساجد التيّ تمّ هدمها وإزالتها، وأن تعوّض كلّ الخسائر التي أصابت الحسينيات وملحقاتها... وفي هذا تأكيدٌ لحسن النوايا وتخفيف من موجات السخط والاستياء، ودفع الأمور في اتّجاه التصحيح، والمعالجات الحكيمة...
أحكام الإعدام:
بقلقٍ كبير، وألمٍ شديد تلقّينا خبر أحكام الإعدام الصادرة في حقّ مجموعة من الشباب، وسوف نترك الآن الحديث عن مسار التحقيقات، ومسار المحاكمات رغم وجود الكثير من التساؤلاتِ الكبيرة، ونترك ذلك للمنظمات الحقوقية، ما نريد أن نؤكّده هنا أنّ هذا النوع من الأحكام لن يقود البلد في اتّجاه الانفراج، بقدر ما يدفع نحو مزيدٍ من التأزّم والتوتر والاحتقان والغليان، خاصّة والبلد يمرّ بأوضاعٍ في غاية التعقيد، فصدور أحكام إعدامٍ في مثل هذه الظروف المشحونة بالحساسيّات والانفعالات سوف يكون مصدر شحنٍ وتأجيج..
إنّنا نطالب – وحرصًا على أمن هذا الوطن – بإعادة النظر في هذه الأحكام أو بإيقاف التنفيذ، خشية أن يكون الإقدام على ذلك سببًا في حدوث تداعيات ضارّة بمصلحة هذا الوطن، إنّ مزيدًا من الدماء سوف يخلق مزيدًا من معاناة هذا الشعب ومزيدًا من أزماته وتعقيداته، ومزيدًا من انفعالاته وتشنّجاته وتوتّراته..
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين..