بهلول
04-28-2011, 07:24 AM
ناصر العبدلي - القدس العربي
2011-04-27
http://www.alquds.co.uk/today/27qpt696.jpg
قبل أيام دار حوار في ديوانية زعيم المعارضة الكويتية النائب في البرلمان أحمد السعدون حول 'ماهية' الثورات العربية وفيما إذا كانت تحمل أبعادا فكرية أو فلسفية يمكن إستخدامها ضمن التراكم التاريخي أم أنها مجرد ردود أفعال ستنطفئ جذوتها بعد فترة ويلتفت كل منا بعد ذلك إلى همومه الخاصة ليس إلا وقد تفاوتت الآراء فهناك من يتبنى الفهم الأول ويتمسك به وله مبرراته كما أن هناك من يتبنى الفهم الثاني ويحمل أيضا من المبررات ما يمكن أن يقنعك بها.
مايلفت الإنتباه في مثل ذلك الحوار أن طرفيه يعتقدان أن الكويت إستثناء مما يدور حولها من إنتفاضات على إعتبار أنها بلد ديمقراطي من ستينيات القرن الماضي وفيها أدوات رقابية فاعلة مثل البرلمان وديوان المحاسبة ومؤسسات المجتمع المدني بالإضافة إلى المهتمين بالشأن العام لكنهما لم يتمكنا من طرح المبررات التي يمكن أن تسوق إعتقادهما ذلك، بل لجآ إلى العاطفة مذيلة في بعض الأحيان بشعارات مثل 'الله لايغير علينا' أو 'نحن أحسن من غيرنا' وهي شعارات يبدو أن ما يجري تجاوزها.
الكويت عند مقارنتها بالأجواء السائدة في بلدان مثل تونس ومصر وليبيا وربما سورية واليمن في عهد الأنظمة الديكتاتورية ستجد بينهما الكثير من العناصر المشتركة أبرزها حجم الفساد المنتشر في القطاعات الحكومية، وشراء ذمم المواطنين إن عن طريق ترغيبهم أو ترهيبهم لدفعهم لإتجاه معين في الإنتخابات البرلمانية أو من خلال شراء المؤسسات الإعلامية وتكميمها أو خلق مؤسسات شبيهة بها للتخريب عليها وإرباكها.
أيضا يمكن تسجيل نقاط تشابه فيما بين الأنظمة الديكتاتورية والكويت من خلال الإصرار على الرأي الواحد وإقصاء الشركاء الدستوريين عند الحديث عن المناصب الرئيسية في الدولة كمنصب رئيس الحكومة رغم أن النصوص الدستورية تضع كثيرا من القيود على عملية الإختيار تلك وتربطها بالمزاج العام من خلال الإستئناس بآراء رؤساء الوزراء والبرلمانات السابقين ورؤساء الجماعات السياسية، وهذا الأمر ينطبق بحذافيره على منصب رئيس مجلس الأمة.
هناك تشابه ثالث يتمثل في آلية ضرب الوحدة الوطنية وتحريض العوائل والطوائف والقبائل على بعضها البعض، ولعل في حادثة تفجير الكنيسة المصرية المتهم بها وزير الداخلية المصري الحبيب العادلي تفهم في هذا الإطار، فقد دارت الشكوك حول دور حكومي لم تستطع الحكومة نفيه في الدفع ببعض من يشبهون إلى حد كبير 'بلطجية' اليمن ومصر و'شبيحة' سورية إلى الواجهة الإعلامية من أجل 'شتم' أبناء القبائل في الكويت، والتطاول على الطائفة الشيعية، والتشكيك بقطاعات واسعة من المجتمع الكويتي من أن أصول بعضهم عراقية واخرين من أصول إيرانية وربما سورية وهندية وغيرها.
أدبيات الحكومة ولغتها تشبه إلى حد كبير أنظمة تونس ومصر واليمن وليبيا وسورية لكن الفرق أن لديها محفظة كبيرة من الفوائض المالية بسبب إرتفاع أسعار النفط مما يسمح لها بتغطية كل عيوبها والظهور بمظهر البريء من كل ما يجري لكنها في حقيقة الأمر لا تختلف كثيرا عن الأنظمة الديكتاتورية، المبررات المطروحة في إطار المقارنة بين النظام الكويتي والأنظمة في تونس ومصر وليبيا وسورية واليمن مقنعة إلى حد كبير لرواد ديوانية النائب أحمد السعدون حتى أن من كان يعارض 'تشبيه' الحالة الكويتية بغيرها من الأنظمة المتخلفة شرع في التثاؤب رغم أن الحوار لايزال في بدايته.
ديكتاتورية النظام الكويتي لم تتوقف عند حد ضرب الوحدة الوطنية لكنها سلكت طريقا يستعصي على الفهم تمثل في التطاول على أحد أجنحة الاسرة الحاكمة في الكويت رغم أن ذلك الجناح وهم 'آل المالك الصباح' تميزوا في أوساط الشعب الكويتي بالتواضع وإحترام الذات وتقدير الرموز الوطنية دون النظر في إنتماءاتها الفكرية ومنطلقاتها الثقافية وتكويناتها الإجتماعية من خلال 'تسليط' بعض 'بلطجية' أو 'شبيحة' السلطة عليهم بالسباب والشتائم في إحدى قضايا التطاول والتشكيك التي تميزت بها حكومات رئيس الحكومة الحالي الشيخ ناصر محمد الأحمد، ولولا تحرك بعض من اهل الحكمة لإيقاف ما يجري لكنا دخلنا في أجواء 'ثورة' داخل القصر كما يقال عندما تنشب مشكلة بين أطراف الحكم في بلد ما.
الوضع السائد في الكويت بحاجة إلى تغيير ولا يعني أن يكون ذلك التغيير بنفس الدرجة التي كان عليها في بلدان مثل تونس ومصر واليمن وسورية، بل يعني أن يكون على درجة التغيير في المملكة المغربية التي يبدو أن نظامها الأكثر تعقلا في المنظومة العربية حتى الآن إن لم تلتحق بها المملكة الأردنية وإن لم يحدث في الكويت ما نتمناه فاننا سنبقى أسرى لمرحلة من مراحل الديكتاتورية القائمة على تكميم الأفواه والإقصاء للصوت الحر من خلال تكريس المال السياسي طرفا وحيدا للحوار وإبقاء المحاكم والقضايا والملاحقة السياسية بديلا في حال رفض الخيار الأول.
2011-04-27
http://www.alquds.co.uk/today/27qpt696.jpg
قبل أيام دار حوار في ديوانية زعيم المعارضة الكويتية النائب في البرلمان أحمد السعدون حول 'ماهية' الثورات العربية وفيما إذا كانت تحمل أبعادا فكرية أو فلسفية يمكن إستخدامها ضمن التراكم التاريخي أم أنها مجرد ردود أفعال ستنطفئ جذوتها بعد فترة ويلتفت كل منا بعد ذلك إلى همومه الخاصة ليس إلا وقد تفاوتت الآراء فهناك من يتبنى الفهم الأول ويتمسك به وله مبرراته كما أن هناك من يتبنى الفهم الثاني ويحمل أيضا من المبررات ما يمكن أن يقنعك بها.
مايلفت الإنتباه في مثل ذلك الحوار أن طرفيه يعتقدان أن الكويت إستثناء مما يدور حولها من إنتفاضات على إعتبار أنها بلد ديمقراطي من ستينيات القرن الماضي وفيها أدوات رقابية فاعلة مثل البرلمان وديوان المحاسبة ومؤسسات المجتمع المدني بالإضافة إلى المهتمين بالشأن العام لكنهما لم يتمكنا من طرح المبررات التي يمكن أن تسوق إعتقادهما ذلك، بل لجآ إلى العاطفة مذيلة في بعض الأحيان بشعارات مثل 'الله لايغير علينا' أو 'نحن أحسن من غيرنا' وهي شعارات يبدو أن ما يجري تجاوزها.
الكويت عند مقارنتها بالأجواء السائدة في بلدان مثل تونس ومصر وليبيا وربما سورية واليمن في عهد الأنظمة الديكتاتورية ستجد بينهما الكثير من العناصر المشتركة أبرزها حجم الفساد المنتشر في القطاعات الحكومية، وشراء ذمم المواطنين إن عن طريق ترغيبهم أو ترهيبهم لدفعهم لإتجاه معين في الإنتخابات البرلمانية أو من خلال شراء المؤسسات الإعلامية وتكميمها أو خلق مؤسسات شبيهة بها للتخريب عليها وإرباكها.
أيضا يمكن تسجيل نقاط تشابه فيما بين الأنظمة الديكتاتورية والكويت من خلال الإصرار على الرأي الواحد وإقصاء الشركاء الدستوريين عند الحديث عن المناصب الرئيسية في الدولة كمنصب رئيس الحكومة رغم أن النصوص الدستورية تضع كثيرا من القيود على عملية الإختيار تلك وتربطها بالمزاج العام من خلال الإستئناس بآراء رؤساء الوزراء والبرلمانات السابقين ورؤساء الجماعات السياسية، وهذا الأمر ينطبق بحذافيره على منصب رئيس مجلس الأمة.
هناك تشابه ثالث يتمثل في آلية ضرب الوحدة الوطنية وتحريض العوائل والطوائف والقبائل على بعضها البعض، ولعل في حادثة تفجير الكنيسة المصرية المتهم بها وزير الداخلية المصري الحبيب العادلي تفهم في هذا الإطار، فقد دارت الشكوك حول دور حكومي لم تستطع الحكومة نفيه في الدفع ببعض من يشبهون إلى حد كبير 'بلطجية' اليمن ومصر و'شبيحة' سورية إلى الواجهة الإعلامية من أجل 'شتم' أبناء القبائل في الكويت، والتطاول على الطائفة الشيعية، والتشكيك بقطاعات واسعة من المجتمع الكويتي من أن أصول بعضهم عراقية واخرين من أصول إيرانية وربما سورية وهندية وغيرها.
أدبيات الحكومة ولغتها تشبه إلى حد كبير أنظمة تونس ومصر واليمن وليبيا وسورية لكن الفرق أن لديها محفظة كبيرة من الفوائض المالية بسبب إرتفاع أسعار النفط مما يسمح لها بتغطية كل عيوبها والظهور بمظهر البريء من كل ما يجري لكنها في حقيقة الأمر لا تختلف كثيرا عن الأنظمة الديكتاتورية، المبررات المطروحة في إطار المقارنة بين النظام الكويتي والأنظمة في تونس ومصر وليبيا وسورية واليمن مقنعة إلى حد كبير لرواد ديوانية النائب أحمد السعدون حتى أن من كان يعارض 'تشبيه' الحالة الكويتية بغيرها من الأنظمة المتخلفة شرع في التثاؤب رغم أن الحوار لايزال في بدايته.
ديكتاتورية النظام الكويتي لم تتوقف عند حد ضرب الوحدة الوطنية لكنها سلكت طريقا يستعصي على الفهم تمثل في التطاول على أحد أجنحة الاسرة الحاكمة في الكويت رغم أن ذلك الجناح وهم 'آل المالك الصباح' تميزوا في أوساط الشعب الكويتي بالتواضع وإحترام الذات وتقدير الرموز الوطنية دون النظر في إنتماءاتها الفكرية ومنطلقاتها الثقافية وتكويناتها الإجتماعية من خلال 'تسليط' بعض 'بلطجية' أو 'شبيحة' السلطة عليهم بالسباب والشتائم في إحدى قضايا التطاول والتشكيك التي تميزت بها حكومات رئيس الحكومة الحالي الشيخ ناصر محمد الأحمد، ولولا تحرك بعض من اهل الحكمة لإيقاف ما يجري لكنا دخلنا في أجواء 'ثورة' داخل القصر كما يقال عندما تنشب مشكلة بين أطراف الحكم في بلد ما.
الوضع السائد في الكويت بحاجة إلى تغيير ولا يعني أن يكون ذلك التغيير بنفس الدرجة التي كان عليها في بلدان مثل تونس ومصر واليمن وسورية، بل يعني أن يكون على درجة التغيير في المملكة المغربية التي يبدو أن نظامها الأكثر تعقلا في المنظومة العربية حتى الآن إن لم تلتحق بها المملكة الأردنية وإن لم يحدث في الكويت ما نتمناه فاننا سنبقى أسرى لمرحلة من مراحل الديكتاتورية القائمة على تكميم الأفواه والإقصاء للصوت الحر من خلال تكريس المال السياسي طرفا وحيدا للحوار وإبقاء المحاكم والقضايا والملاحقة السياسية بديلا في حال رفض الخيار الأول.