لمياء
04-27-2011, 10:09 AM
أحمد صابر, حسين الدرازي - الاخبار
الثلاثاء, 26 أبريل 2011
خارج السرب
http://www.watan.com/upload/610x(5).jpg
نظام «أبارتيد» عربي يتكوّن سريعاً في البحرين. نظام عنصري جديد قديم يُقسّم الشعب إلى معسكرين، الأول موال والآخر خائن. والخونة هم المعارضون، شيعة وسُنّة. البحرين مملكة العقاب. لا حرمة فيها لشيء. لا لطفل ولا لامرأة، ولا لمؤسسة تعليمية ولا لدور العبادة. وبالطبع لا حرمة فيها للرأي الآخر.
ربما بعد التجاوزات بحق النساء وسجنهن وتعذيبهن، فإن أكثر ما يؤلم البحرينيين هو هدم المساجد والتعدّي على الحسينيات التي يمتد عمر بعضها إلى نحو ألف سنة مضت. وتشير الإحصاءات إلى أنّ الجيش، مدعوماً بالقوات الخليجية، هدم حتى يوم الجمعة الماضي ٢٧ مسجداً، بعضها مكتمل البناء، وبعضها عبارة عن كبائن مؤقتة، انتظاراً لاستكمال بنائها ريثما تحصل الموافقة الرسمية على إنشاء مساجد عليها.
واستُهدفت المساجد بحجة أنها غير مرخّصة. بعضها أُقيم في مدينة حمد المكوّنة من 22 دواراً، ويقطنها نحو 70 في المئة من الشيعة، وليس فيها فيها إلا مسجد واحد للشيعة، فيما مساجد الطائفة السنّية متعدّدة. وجرت مخاطبة السلطات بين فترة وأخرى، حتى تقرّر إنشاء مساجد على أراض مملوكة لبعض أبناء الطائفة الشيعية، لكن من دون الحصول على رخصة. وكان الأمر مقبلاً على تسوية لأوضاع المساجد غير المرخصة، لكن ما حصل هو أن النظام قرّر تسوية هذه المساجد بالأرض.
هي «حملة لإزالة أي مظهر شيعي»، يقول أحد رجال الدين، قبل أن يضيف «هذه فضيحة برسم العالم الإسلامي ومنظمته التي لم تنبس ببنت شفة حتى الآن».
الحملة العنصرية الطائفية، كما يسميها بحرينيون كثر، امتدت لتشمل حرق نسخ من القرآن الكريم كانت موجودة في هذه المساجد، غالبيتها طباعة سعودية، ما يمنع أي حديث عن كونها محرّفة. لكن لا خوف على رجال الدين المتطرّفين، إذ استطاعوا أن يجدوا حجة لحرق القرآن، فقال الشيخ الموالي للنظام عبد اللطيف المحمود إن «الصحابة أحرقوا القرآن»، مستشهداً بحادثة تاريخية لا تنطبق بتاتاً على ما يحصل من تدنيس للمساجد والقرآن في البحرين.
لكن أحد أعضاء الهيئة المركزية في المجلس العلمائي في البحرين يتساءل في حديث لـ«الأخبار»: «كيف يمكن العالم الإسلامي أن ينقلب من أقصاه إلى أقصاه على قسٍّ أراد حرق مصحف واحد، بينما يصمت هذا العالم حين يحرق ويمزّق أكثر من 45 مصحفاً؟».
عدد كبير من الحسينيات الشيعية تعرّضت للاقتحام والتكسير. وتتفاوت الأرقام بشأن عدد الحسينيات التي تعرضت للاعتداء. فبينما تقول جهات إنها سبع، تتحدث جمعيات، تقوم بعملية دقيقة لرصد هذه الانتهاكات، عن اعتداءات على 412 حسينية، فيما تشير الأرقام نفسها إلى تدمير أكثر من 35 مسجداً. وتضيف أن عدد محال ضيافة وإطعام زوار الحسينيات المدمرة تجاوز 1070، وأنّ عدد نسخ القرآن التي أُحرقت ودُنّست تزيد على 83 نسخة و1012 كتاباً جامعاً للأدعية والزيارات.
والمثير للصدمة أن بعض عناصر القوات الأمنية المتطرفين أرادوا أن يتركوا ذكرى لإخوانهم، ليزيدوا عمق الشرخ الطائفي، تعكس أمراضهم القبلية ولا تمتّ إلى الدين بصلة، فكتبوا فوق جدران الحسينيات وداخلها عبارات شأن «أبناء المتعة»، وأخرى ذات دلالات معينة مثل «نحن أحفاد عمر».
ويبدو أن هدم المساجد لم يشف بعد غليل شيوخ السلطة، فطالبوا بالمزيد، إذ دعا الشيخ السلفي جاسم السعيدي، المقرّب من الديوان الملكي، إلى هدم أحد أبرز مساجد الشيعة، وهو مسجد الشيخ عزيز في منطقة السهلة، وقال: «بمسجد الشيخ عزيز اعتقد بوجود كلب ميت وهم يتبرّكون ويشركون».
تكتيك وهّابي
عمليات هدم المساجد والحسينيات، وتضييق الخناق على الممارسات الدينية، وتكفير المذاهب الإسلامية، وغيرها من الإجراءات المذهبية السالفة الذكر، مرتبطة على نحو وثيق بفكر وهّابي أُدخل على أيدي جنود «درع الجزيرة» منذ الثامن عشر من آذار الماضي. وقد يظنّ من يعيش خارج البحرين أن تطبيق الوهّابية في المملكة أمرٌ مبالغ فيه تتحدث عنه المعارضة لتخويف الناس، لكن المتتبّع بهدوء لتصرفات القوى الأمنية يكتشف أن الإجراءات التي استهدفت الشيعة تنبع من فكر وهّابي لم يدخل دفعةً واحدة، بل بالتدريج.
تبدأ الحكاية الوهّابية مع الحملة الأولى التي شنّتها القوى الأمنية على المضائف الحسينية. وهذه عبارة عن مضائف من خشب أو ألومنيوم توضع على جوانب الشوارع في القرى الشيعية ومدينة المنامة، تُقدّم فيها الأطعمة والمشروبات مجاناً في المناسبات الدينية الخاصة بالشيعة، وهي قانوناً غير مرخّصة، إلا أنها تدخل في إطار حرية المعتقد. وكانت الدولة غير مكترثة بها، إذ إنها تقع في الشوارع الفرعية داخل القرى الشيعية، ولم يُبلّغ ضدّها على أنها مصدر إزعاج. لكن هذه المرّة اختلف الوضع، إذ ظهر فجأة أنها بدعة ومبالغات في الممارسات الدينية.
بدأت السلطات بهدم المضائف وتمزيق الرايات والأعلام السوداء التي تحمل عبارات دينية من وحي عاشوراء، بطريقة تكشف عن عقيدة وهّابية لم يألفها البحرينيون منذ دخول آل خليفة إلى البحرين أواخر القرن الثامن عشر، ثم توسّعت الحلقة لتشمل المساجد. وبدأت هذ العقيدة الوهّابية بالتمظهر أكثر مع دهم البيوت، حيث مُزّقت صور رجال الدين الشيعة المعلّقة في غالبية بيوت الطائفة الشيعية، وجرى تكسير التُرب الحسينية التي يصلي عليها الشيعة، إضافة إلى تمزيق كتب الأدعية وحرق القرآن.
النقلة الأهم تمثّلت في استهداف بعض المساجد التي دُفن فيها علماء للطائفة الشيعية، هذه المساجد لم تكن غير مرخّصة، بل هي مسجّلة في الأوقاف الجعفرية، ولا سبب لهدمها، إلا لكونها شيعية. هذا فضلاً عن إزالة الأضرحة، وهو ما تعدّه الوهابية بدعاً لا شأن لها بالدين.
ووصل الأمر إلى منع المواكب العزائية التي جاءت في وقت يُصادف وفاة فاطمة الزهراء بنت النبي محمد. يومها خرج شباب في مواكب رمزية تعبّر عن رفضهم لقرار السلطات، لكن جرى قمع هذه المواكب وتفريق المشاركين عبر إطلاق الرصاص المطاطي والقنابل الصوتية والقنابل المسيلة للدموع.
يقول أحد أعضاء الهيئة المركزية في المجلس العلمائي «الآن فقط عرفنا أن الطائفية في البحرين بلغت حدّاً غير مسبوق، والآن فقط عرفنا جزءاً من نتائج الفكر الوهّابي الذي ظلّ عاملاً على تكفير المسلمين حتى صار المسلم لا يثور لأخيه المسلم حينما يتعرض القرآن للحرق والتمزيق، فقط لأن أخيه ينتمي إلى طائفة أخرى، مع أنّ القرآن هو واحد ومن مطبعةٍ واحدة أيضاً».
اللعب بنار الفتنة
ما يجري من انتهاك حرمات المساجد، دفع بأكثر رجال الدين المتصالحين مع النظام إلى رفع صرختهم. ولدى ابتعاث الملك لنجله الشيخ ناصر بن حمد للتعزية بوفاة العلامة السيد علوي الغريفي، التقى هناك بأحد كبار العلماء السيد عبد الله الغريفي الذي حمّله رسالة شفوية واضحة لأبيه «بخصوص ما يحصل من تعدٍّ غير مسبوق في تاريخ البحرين من هدم لبعض المساجد ودور العبادة والتخريب الذي يطال الحسينيات»، مؤكّداً أنّ بلداً مثل البحرين «لا تقبل عاداته وتقاليده اعتقال النساء».
ولم يكتف الغريفي بالحديث البيني، فقد وجّه خطاباً في مسجد عن العنصرية التي يتعامل بها النظام، قائلاً إنّ «هدم المساجد ودور العبادة والاعتداء على حرمة الحسينيّات سابقةٌ خطيرة في تاريخ البحرين. فما قرأنا طيلة هذا التاريخ، وحتّى في أعقد الأزمات، أنه جرى الاعتداء على المساجد والحسينيّات والشعائر. فما نتمناه أن تُزال هذه النقطة السوداء من تاريخ هذا البلد».
وتساءل «إنّنا لا نفهم هدم المساجد والاعتداء على الحسينيّات في سياقات الأمن والاستقرار. إنّنا لا نفهم السؤال عن الهويّة المذهبيّة في نقاط التفتيش في سياقات الأمن والاستقرار».
في المقابل، أطلق الأمين العام لجمعية «الوفاق» الوطنية الإسلامية، الشيخ علي سلمان، تحذيراً شديد اللهجة من نار الفتنة التي يلعب بها النظام من أن تمتد إليه، وقال «لمن يريد، يمكننا القول إن ما يحاول رموز الطائفة الشيعية (الدينيون والسياسيون) قوله للنظام، إننا نمسك بالشارع اليوم ونجنّبكم الكأس المرّة، لكن استمراركم سيدفع بنا إلى رفع أيدينا عن الشباب ونجعلهم يواجهونكم بالطرق التي يرونها مناسبة».
وأخيراً ليس ثمة شك في أنّ كل الحملات التي تستهدف البحرين، تمثّل على نحو غير بطيء ملامح نظام عنصري ينطلق من تحت عباءة الولايات المتحدة الأميركية التي لا تكف عن اعتبار حكومة المنامة شريكاً استراتيجياً، وترى أن الاجتياح الخليجي لهذا البلد، بقيادة السعودية الوهّابية، أمر مشروع.
الثلاثاء, 26 أبريل 2011
خارج السرب
http://www.watan.com/upload/610x(5).jpg
نظام «أبارتيد» عربي يتكوّن سريعاً في البحرين. نظام عنصري جديد قديم يُقسّم الشعب إلى معسكرين، الأول موال والآخر خائن. والخونة هم المعارضون، شيعة وسُنّة. البحرين مملكة العقاب. لا حرمة فيها لشيء. لا لطفل ولا لامرأة، ولا لمؤسسة تعليمية ولا لدور العبادة. وبالطبع لا حرمة فيها للرأي الآخر.
ربما بعد التجاوزات بحق النساء وسجنهن وتعذيبهن، فإن أكثر ما يؤلم البحرينيين هو هدم المساجد والتعدّي على الحسينيات التي يمتد عمر بعضها إلى نحو ألف سنة مضت. وتشير الإحصاءات إلى أنّ الجيش، مدعوماً بالقوات الخليجية، هدم حتى يوم الجمعة الماضي ٢٧ مسجداً، بعضها مكتمل البناء، وبعضها عبارة عن كبائن مؤقتة، انتظاراً لاستكمال بنائها ريثما تحصل الموافقة الرسمية على إنشاء مساجد عليها.
واستُهدفت المساجد بحجة أنها غير مرخّصة. بعضها أُقيم في مدينة حمد المكوّنة من 22 دواراً، ويقطنها نحو 70 في المئة من الشيعة، وليس فيها فيها إلا مسجد واحد للشيعة، فيما مساجد الطائفة السنّية متعدّدة. وجرت مخاطبة السلطات بين فترة وأخرى، حتى تقرّر إنشاء مساجد على أراض مملوكة لبعض أبناء الطائفة الشيعية، لكن من دون الحصول على رخصة. وكان الأمر مقبلاً على تسوية لأوضاع المساجد غير المرخصة، لكن ما حصل هو أن النظام قرّر تسوية هذه المساجد بالأرض.
هي «حملة لإزالة أي مظهر شيعي»، يقول أحد رجال الدين، قبل أن يضيف «هذه فضيحة برسم العالم الإسلامي ومنظمته التي لم تنبس ببنت شفة حتى الآن».
الحملة العنصرية الطائفية، كما يسميها بحرينيون كثر، امتدت لتشمل حرق نسخ من القرآن الكريم كانت موجودة في هذه المساجد، غالبيتها طباعة سعودية، ما يمنع أي حديث عن كونها محرّفة. لكن لا خوف على رجال الدين المتطرّفين، إذ استطاعوا أن يجدوا حجة لحرق القرآن، فقال الشيخ الموالي للنظام عبد اللطيف المحمود إن «الصحابة أحرقوا القرآن»، مستشهداً بحادثة تاريخية لا تنطبق بتاتاً على ما يحصل من تدنيس للمساجد والقرآن في البحرين.
لكن أحد أعضاء الهيئة المركزية في المجلس العلمائي في البحرين يتساءل في حديث لـ«الأخبار»: «كيف يمكن العالم الإسلامي أن ينقلب من أقصاه إلى أقصاه على قسٍّ أراد حرق مصحف واحد، بينما يصمت هذا العالم حين يحرق ويمزّق أكثر من 45 مصحفاً؟».
عدد كبير من الحسينيات الشيعية تعرّضت للاقتحام والتكسير. وتتفاوت الأرقام بشأن عدد الحسينيات التي تعرضت للاعتداء. فبينما تقول جهات إنها سبع، تتحدث جمعيات، تقوم بعملية دقيقة لرصد هذه الانتهاكات، عن اعتداءات على 412 حسينية، فيما تشير الأرقام نفسها إلى تدمير أكثر من 35 مسجداً. وتضيف أن عدد محال ضيافة وإطعام زوار الحسينيات المدمرة تجاوز 1070، وأنّ عدد نسخ القرآن التي أُحرقت ودُنّست تزيد على 83 نسخة و1012 كتاباً جامعاً للأدعية والزيارات.
والمثير للصدمة أن بعض عناصر القوات الأمنية المتطرفين أرادوا أن يتركوا ذكرى لإخوانهم، ليزيدوا عمق الشرخ الطائفي، تعكس أمراضهم القبلية ولا تمتّ إلى الدين بصلة، فكتبوا فوق جدران الحسينيات وداخلها عبارات شأن «أبناء المتعة»، وأخرى ذات دلالات معينة مثل «نحن أحفاد عمر».
ويبدو أن هدم المساجد لم يشف بعد غليل شيوخ السلطة، فطالبوا بالمزيد، إذ دعا الشيخ السلفي جاسم السعيدي، المقرّب من الديوان الملكي، إلى هدم أحد أبرز مساجد الشيعة، وهو مسجد الشيخ عزيز في منطقة السهلة، وقال: «بمسجد الشيخ عزيز اعتقد بوجود كلب ميت وهم يتبرّكون ويشركون».
تكتيك وهّابي
عمليات هدم المساجد والحسينيات، وتضييق الخناق على الممارسات الدينية، وتكفير المذاهب الإسلامية، وغيرها من الإجراءات المذهبية السالفة الذكر، مرتبطة على نحو وثيق بفكر وهّابي أُدخل على أيدي جنود «درع الجزيرة» منذ الثامن عشر من آذار الماضي. وقد يظنّ من يعيش خارج البحرين أن تطبيق الوهّابية في المملكة أمرٌ مبالغ فيه تتحدث عنه المعارضة لتخويف الناس، لكن المتتبّع بهدوء لتصرفات القوى الأمنية يكتشف أن الإجراءات التي استهدفت الشيعة تنبع من فكر وهّابي لم يدخل دفعةً واحدة، بل بالتدريج.
تبدأ الحكاية الوهّابية مع الحملة الأولى التي شنّتها القوى الأمنية على المضائف الحسينية. وهذه عبارة عن مضائف من خشب أو ألومنيوم توضع على جوانب الشوارع في القرى الشيعية ومدينة المنامة، تُقدّم فيها الأطعمة والمشروبات مجاناً في المناسبات الدينية الخاصة بالشيعة، وهي قانوناً غير مرخّصة، إلا أنها تدخل في إطار حرية المعتقد. وكانت الدولة غير مكترثة بها، إذ إنها تقع في الشوارع الفرعية داخل القرى الشيعية، ولم يُبلّغ ضدّها على أنها مصدر إزعاج. لكن هذه المرّة اختلف الوضع، إذ ظهر فجأة أنها بدعة ومبالغات في الممارسات الدينية.
بدأت السلطات بهدم المضائف وتمزيق الرايات والأعلام السوداء التي تحمل عبارات دينية من وحي عاشوراء، بطريقة تكشف عن عقيدة وهّابية لم يألفها البحرينيون منذ دخول آل خليفة إلى البحرين أواخر القرن الثامن عشر، ثم توسّعت الحلقة لتشمل المساجد. وبدأت هذ العقيدة الوهّابية بالتمظهر أكثر مع دهم البيوت، حيث مُزّقت صور رجال الدين الشيعة المعلّقة في غالبية بيوت الطائفة الشيعية، وجرى تكسير التُرب الحسينية التي يصلي عليها الشيعة، إضافة إلى تمزيق كتب الأدعية وحرق القرآن.
النقلة الأهم تمثّلت في استهداف بعض المساجد التي دُفن فيها علماء للطائفة الشيعية، هذه المساجد لم تكن غير مرخّصة، بل هي مسجّلة في الأوقاف الجعفرية، ولا سبب لهدمها، إلا لكونها شيعية. هذا فضلاً عن إزالة الأضرحة، وهو ما تعدّه الوهابية بدعاً لا شأن لها بالدين.
ووصل الأمر إلى منع المواكب العزائية التي جاءت في وقت يُصادف وفاة فاطمة الزهراء بنت النبي محمد. يومها خرج شباب في مواكب رمزية تعبّر عن رفضهم لقرار السلطات، لكن جرى قمع هذه المواكب وتفريق المشاركين عبر إطلاق الرصاص المطاطي والقنابل الصوتية والقنابل المسيلة للدموع.
يقول أحد أعضاء الهيئة المركزية في المجلس العلمائي «الآن فقط عرفنا أن الطائفية في البحرين بلغت حدّاً غير مسبوق، والآن فقط عرفنا جزءاً من نتائج الفكر الوهّابي الذي ظلّ عاملاً على تكفير المسلمين حتى صار المسلم لا يثور لأخيه المسلم حينما يتعرض القرآن للحرق والتمزيق، فقط لأن أخيه ينتمي إلى طائفة أخرى، مع أنّ القرآن هو واحد ومن مطبعةٍ واحدة أيضاً».
اللعب بنار الفتنة
ما يجري من انتهاك حرمات المساجد، دفع بأكثر رجال الدين المتصالحين مع النظام إلى رفع صرختهم. ولدى ابتعاث الملك لنجله الشيخ ناصر بن حمد للتعزية بوفاة العلامة السيد علوي الغريفي، التقى هناك بأحد كبار العلماء السيد عبد الله الغريفي الذي حمّله رسالة شفوية واضحة لأبيه «بخصوص ما يحصل من تعدٍّ غير مسبوق في تاريخ البحرين من هدم لبعض المساجد ودور العبادة والتخريب الذي يطال الحسينيات»، مؤكّداً أنّ بلداً مثل البحرين «لا تقبل عاداته وتقاليده اعتقال النساء».
ولم يكتف الغريفي بالحديث البيني، فقد وجّه خطاباً في مسجد عن العنصرية التي يتعامل بها النظام، قائلاً إنّ «هدم المساجد ودور العبادة والاعتداء على حرمة الحسينيّات سابقةٌ خطيرة في تاريخ البحرين. فما قرأنا طيلة هذا التاريخ، وحتّى في أعقد الأزمات، أنه جرى الاعتداء على المساجد والحسينيّات والشعائر. فما نتمناه أن تُزال هذه النقطة السوداء من تاريخ هذا البلد».
وتساءل «إنّنا لا نفهم هدم المساجد والاعتداء على الحسينيّات في سياقات الأمن والاستقرار. إنّنا لا نفهم السؤال عن الهويّة المذهبيّة في نقاط التفتيش في سياقات الأمن والاستقرار».
في المقابل، أطلق الأمين العام لجمعية «الوفاق» الوطنية الإسلامية، الشيخ علي سلمان، تحذيراً شديد اللهجة من نار الفتنة التي يلعب بها النظام من أن تمتد إليه، وقال «لمن يريد، يمكننا القول إن ما يحاول رموز الطائفة الشيعية (الدينيون والسياسيون) قوله للنظام، إننا نمسك بالشارع اليوم ونجنّبكم الكأس المرّة، لكن استمراركم سيدفع بنا إلى رفع أيدينا عن الشباب ونجعلهم يواجهونكم بالطرق التي يرونها مناسبة».
وأخيراً ليس ثمة شك في أنّ كل الحملات التي تستهدف البحرين، تمثّل على نحو غير بطيء ملامح نظام عنصري ينطلق من تحت عباءة الولايات المتحدة الأميركية التي لا تكف عن اعتبار حكومة المنامة شريكاً استراتيجياً، وترى أن الاجتياح الخليجي لهذا البلد، بقيادة السعودية الوهّابية، أمر مشروع.